«كوتة المرأة آلية لزيادة نسبة تمثيل المرأة فى البرلمان» كان موضوع الندوة التى نظمتها جمعية نهوض وتنمية المرأة تحت رعاية ورئاسة الدكتور على الدين هلال وأدارت الندوة الدكتورة إيمان بيبرس رئيسة الجمعية، وقد طرح د. على الدين هلال الكثير من الإجابات على الأسئلة التى تناولت فكرة «الكوتة» وضرورتها للحياة السياسية فى مصر مدافعا عن اعتماد «التمييز الإيجابى» مؤكدا أن بعض أساتذة القانون يتحدثون وفقا لمعتقدات سياسية وليس إعمالا للدستور.
بدأ الدكتور على الدين حديثه قائلاً: «أنا سعيد جدًا لوجودى بدعوة من جمعية نهوض وتنمية المرأة، فهى مناسبة عزيزة ومهمة تتعلق بكوتة المرأة، وأعتقد أنى كنت ممن دافعوا عن هذه الفكرة منذ أكثر من 15سنة، فقد عملت من أجل هذه الفكرة وسوف أستمر فى العمل من أجلها وأذكر وأنا عميد لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية أننا نظمنا دورات لتدريب المرشحات لمجلس الشعب، ومنذ بداية التسعينيات بدأنا مناقشات ومداولات فى اللجنة القومية للمرأة الموجودة قبل المجلس القومى للمرأة، وكان لى شرف عضويتها ومازلت أذكر مشاركتى بأول مؤتمر قومى للمرأة الذى عقد فى قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة سنة 1994. تاريخ طويل ليس لى فقط وإنما لعشرات الرجال والنساء تكلموا عن موضوع المرأة وهناك دعوات حزبية من أغلب الأحزاب المصرية ترفض ممارسة التمييز الإيجابى لصالح المرأة لذلك يندهش الإنسان جدًا حينما يجد إلى الآن من يشكك فى حق أو جدوى أو كفاءة المرأة لهذا العمل».
يكمل الدكتور على الدين هلال حديثه قائلاً: «من فيكم قرأ بالأمس فى جريدة الدستور تصريحاً لأحد الشيوخ وهو الشيخ يوسف البدرى بأن المشاركة فى انتخابات الكوتة حرام ومن يوليها فهو آثم، وتوسع فى هذا وحرم المرأة ناخبة أو مرشحة وقال إن ذلك حرام شرعًا لأنه تخل من المرأة عن وظيفتها التى خلقها الله لها مما يؤدى لإفسادها!!
عندما قرأت ذلك قلت أرى من يعارض ورجعت لمحاضر مجلس الشعب عندما نوقش هذا الموضوع، وهذا القانون، فوجدت مقالات نُشرت لمعارضين قالت هذا لن نستمر فى حمايته، وهناك قوى ترفضه وتؤثمه سياسيًا ودينياً ما لم يقف المدافعون عن المواطنة والمدافعون عن المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة، قالوا: «هذا نظام يتعارض مع الدستور وغير دستورى ويخل بالمواطنة ووصلت الشجاعة بالبعض ليقول أن هذا النظام فيه تمييز ضد الرجل، ويضع قيدًا على حرية الناخب فى اختيار من يمثله، وسيدة قالت من غير النواب أن هذا إعطاء للمرأة حقًا لا تستحقه دون تعب من جانبها، وقيل لا توجد كفاءات تمكنهن من التجاوب مع الحياة البرلمانية، وأن المرأة ليست لها تجارب سابقة فى المجالس النيابية وأنها غير جديرة، وإخلال بالدستور وإخلال بالمواطنة.
وكنا نتصور أو الكثير منا يتصور أن هذه الآراء ليس لها وجود فى مجتمعنا، وأنا أدحض بالدستور وبالبرهان كل هذه الأقاويل فليس لها أى أساس فى الدين ولا الشرع ولا القانون. وفى كلمتى القصيرة أقول ما هو النظام الذى تم تشريعه: أنتم تذكرون موضوع الدعوة لكوتة المرأة ليس جديدًا بل له 15 أو 16 سنة وكانت هناك دعوات من المجتمع المدنى ومن عدد من المفكرين ثم تبناها المجلس القومى لحقوق الإنسان والمجلس القومى للمرأة ونُظمت مؤتمرات من قبلهم ومؤتمرات عن كيفية زيادة تمثيل المرأة فى البرلمان والتمثيل البرلمانى لها فى المجالس التشريعية.
وما وصلنا إليه وشرع قانونًا هو: تخصيص عدد 64 مقعداً موزعًا على 32 دائرة * 2 ويخصص لكل محافظة مقعدان (29 محافظة * 2) 58 وقسمت المحافظات الكبيرة (3 محافظات) مثل محافظة القاهرة على دائرتين وليس معنى هذا أن الحد الأقصى لتمثيل المرأة هو 64 مقعدًا فمسموح للأحزاب السياسية ترشيح نساء على المقاعد، فهناك عدد من السيدات فى الحزب الوطنى اللاتى يقدن العملية التنافسية الداخلية وأعتقد أن عددًا منهن مرشح فى الحزب الوطنى فى الانتخابات العامة إضافة إلى 64 فتخصيص 64 مقعداً لا يخل بحق الأحزاب فى ترشيح النساء فى الدوائر العادية إذا كان هناك أى حزب يشعر أن عنده سيدة تستطيع خوض الانتخابات فلا يخل بحقها فى ترشيح نساء على المقاعد الفردية وتفوز بها.
اعتراض
يضيف الدكتور على الدين قائلاً: «لماذا هذا النظام؟» هذا النظام اسمه تمييز إيجابى بمعنى إصدار قانون تمييز لصالح فئة مستضعفة حتى تحصل على حقوقها، ففى الولايات المتحدة الأمريكية مجموعة من القوانين كانت فى فترة من الفترات لصالح الملونين «السود» وهناك نص صريح فى الاتفاقية العامة لمناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة فى الدول التى تمنع تمثيل المرأة واستخدام حقها يحض الدول على استخدام التمييز الإيجابى وإصدار ما يضمن لها حقها من قوانين، إذا ممارسة التمييز الإيجابى ليست عدوانًا على المواطنة وإنما ضمان لتحقيقها لأن المواطنة تؤدى إلى ضمان حق نصف عدد السكان.
ففى أبريل سنة 2010 عدد النساء فى مصر 9,37 مليون وعدد الرجال 7,39 مليون بمعنى 2 مليون فقط فرق بينهما، إذا المواطنة ليس من شأنها عدم السماح بتمثيلهن فى البرلمان بـ5 أو 6 عضوات فقط؟! هذا انتهاك لحقوق المواطنة وعندما يتدخل المشرع بقوة التشريع لضمان تمثيلهن يتدخل لتحقيق العدل بقوة التشريع.
وتذكروا فى عهد الرئيس السادات عندما حدث اعتراض دستورى على هذه التجربة لذلك يجب أن نحميها فى التعديلات الدستورية التى نُص عليها. سنة 2007 تغير النص المتعلق بنظام الانتخابات لكى نحمى شكل النظام الانتخابى الذى يعطى ضمانًا لحصة معينة للمرأة.
وكل ما نسمعه عنه أن هذا كلام غير دستورى يجب أن نرد عليه بكل أدب واحترام وحشمة ونقول له تقدم للمحكمة الدستورية العليا.. وهو يعلم أن ما يفعله مجرد شوشرة ولا أساس لكلامه من الصحة، وللأسف فإن بعض أساتذة القانون كان ينبغى أن يعرفوا أكثر قبل أن يقولوا هذا الكلام، ولكنهم يقولونه لمعتقدات سياسية وليس إعمالاً للدستور، فهذه المادة تغيرت فى الدستور لتعطى الحماية الدستورية وبناء على هذا صدر القانون بناءً على الوعد الرئاسى فى برنامج الرئاسة سنة 2005 فهو حق محمى ومكفول دستوريًا.. ويتساءل: هل صدور الكوتة أمر حتمى؟ أعتقد أنه أصبح موقف مصر من التمثيل البرلمانى للمرأة بها غير مبرر أبدًا، لقد كتبت فى يناير مقالاً بالأهرام تحت عنوان «نظرة جديدة نحو تمثيل المرأة فى المجالس النيابية» وضعت أرقامًا من التقرير الذى وضعه الاتحاد الدولى للبرلمانات ولن أتكلم عن الدول المتقدمة مثل فرنسا وألمانيا، وإنما يكفى أن نقول إن 28 برلمانًا فى العالم ترأسه امرأة وفى باكستان فإن نسبة تمثيل المرأة بالبرلمان 3,21%، أندونسيا 3,11% ورواندا 48% والسودان 25% بعد أن وضعت قانونًا وتونس 8,22% وموريتانيا 9,17% وفلسطين 8,12% وسوريا 12% ومصر فقط 2% يأتى بعدها 5 دول فجميع الدول العربية فاقت مصر بسبب عدم وجود نظام للكوتة لذلك وضعناه، وهناك قانون يطبق فى 97 دولة تبعًا للاتفاقية الدولية العامة لمكافحة صور التمييز ضد المرأة تحض الدول على ممارسة التمييز الإيجابى لصالح المرأة ويخصص عدداً من المقاعد للمرأة فى البرلمان، ويأتى سؤال لماذا الكوتة لفترة محدودة؟ أنت تريد أن تعطى المرأة الفرصة لتعبر عن نفسها وتفرز قيادات جديدة وتظهر كمواطنة وأن تثبت وجودها بكفاءتها، القانون أعطى 10 سنوات يطبق نسبة خاصة للمرأة وبعدها لا أحد يعرف ماذا سيحدث هل يجتمع البرلمان ويمده أم يلغيه، لأى مدى الأحزاب السياسية يمكن أن ترى المرأة نائبة كفؤاً لدوائر معينة.
سؤال آخر: لماذا 2 فى كل محافظة؟ نص الدستور أن جميع المجالس النيابية فيها 50% عمال وفلاحين ومن ثم المفترض أن كل محافظة ينطبق عليها نفس النص الدستورى أحدها مخصص للمرأة عمال وفلاحين وأحدها فئات.
وأخيرًا فإن التحدى الموجود عندنا هو إنجاح التجربة وعندنا أسباب تعوق هذا النجاح منها معتقدات دينية خاطئة وإمكانيات مجتمعية وثقافية خاصة بالذكور، يقول لماذا «نبهدل» المرأة وهذا ليس دورها.. وأرى أن هذه المناقشة الآن غير مجدية لأن لدينا انتخابات يوم 27.
إذاً التحدى هو كيف تنجح هذه التجربة أكبر درجة ممكنة، ولكن ماذا سينجحها، والحل كما يراه الدكتور على الدين «كل الأحزاب تأخذ الموضوع بجدية وتضع قواعد وشروطاً لمن ترشح نفسها، فليس كل رجل أو امرأة يستطيع خوض الانتخابات فلا يجب أن يترشح من ليس عنده القدرة أو التاريخ أو الكفاءة فى كل من الرجل والمرأة، لأنه سيسىء للمظهر الذى سيستخدمه المتربصون وسنجد من يقول منهم: «مش قولنا خليها قاعدة فى البيت» «قلنا خروجها إفساد للمجتمع» «مابتعرفش تتكلم كلمتين على بعض»، لذا يجىء دورنا كلنا كمجتمع مدنى وإعلام وصحافة وإذاعة وأحزاب سياسية لتكون المرشحات نماذج مشرفة للإنسان المصرى فهى عندما ترشح نفسها ليست ممثلة للمرأة بل نائبة عن الأمة والشعب بأسره، فكل مرشحة لا تقف لتناقش قضايا المرأة وحقوقها، بل يجب أن تقنع المجتمع بأن لها دوراً لا يقتصر على عمل الخير والمسنين واليتامى وإنما يمتد لدور برلمانى شأنها شأن الرجل وشأن المرأة الباكستانية أو أى جنسية أخرى.. وتؤكد أنها من الكوادر السياسية المحترمة تشارك فى كل القضايا ولها رأى بنفس القدرة والقوة على عمل الخير، والانتخابات فرصة لتطوير مهارات القيادة للكوادر النسائية وفرض المرأة المصرية وتنمية الوعى السياسى لدى الناخبات.
وللأحزاب السياسية دور بحكم الدوائر الواسعة وصعوبة ترشح المرشح بمفرده، إذاً وجود تنظيم حزبى مؤازر ووجود هياكل حزبية تدعم المرأة المرشحة فى أى حزب له أهميته وحيثياته. أما المرأة المستقلة - ومع أنى أؤيد كل السيدات - إلا أنى أنحاز للمستقلات أكثر فالمرشح ينزل ببرنامج حزبه ويتكفل به الحزب فكل إنسان له موارده وهنا يأتى دور المجتمع المدنى للمرأة المستقلة فلو تؤيد الجمعية الأهلية 100 مرشح يكون «أهلاً وسهلاً» لأن المستقلة ليس لها أحد.
ويأتى دور الإعلام بجانب الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدنى فأعتقد أن دوره إعادة رسم صورة المرأة لدى مخيلة المجتمع فالمجتمع رسم صورة للمرأة متعلقة بعمل الخير أو الاعتناء بالمسنين، ولم يتعود على المرأة كسياسية بالقدر الكافى تتكلم عن معاهدة السلام مع إسرائيل أو عن الأحداث فى تركيا أو الأسعار أو مشاكل الصرف أو الانتخابات فبغض النظر عمن سينجح فإن هناك عملية تعليمية ستغير المجتمع ويبدأ المجتمع متمثلاً فى الزوج والابن والأخ والجاهل الأمى والمتعلم، حضر وريف يرى المرأة تتكلم فى قضايا كانت حكراً على الرجل فالإعلام له دور فى التركيز على ذلك دون محاضرات وطرق مباشرة».
تأتى النقطة الأخيرة والمهمة وهى حث المرأة على الخروج والتصويت فمن يخرج للتصويت هى المرأة الريفية وللأسف فهى أكثر من المرأة المتعلمة من بنات الطبقة المتوسطة بالقاهرة والإسكندرية وغيرهما من عواصم الحضر، وما حدث فى انتخابات سنة 2000، 2005 إن أغلب السيدات اللاتى تنافسن مع الرجال كن من سوهاج وقنا والمنيا ولم تفعل ذلك الأحسن حالة معيشية فالأولى معها العزوة والعصبية فى المحافظات الأقل تعليماً ونجحت فى انتخاب المرأة.
وفى رأيى أنه كلما زاد عدد الطالبات الناشطات والمواطنات العاديات اللاتى يخرجن للانتخاب زادت فرصة المرأة فى الدوائر التى تنافس فيها مع الرجال وستزداد وأنا متفائل بالتجربة وبالمرأة المصرية لأنها ستخرج الكثير من النماذج التى أرجو أن تكون من شأنها إثبات كفاءة المرأة كسياسية وكبرلمانية تدخل لجان تعليمية ولجنة الصحة والمرافق واللجنة الاقتصادية وتتحدث كخبيرة ممثلة الشعب وتقدم إضافة جديدة للعمل السياسى.
وفى حوار مفتوح مع العديد من السيدات المرشحات أجاب عن بعض التساؤلات أهمها المعايير التى يختار على أساسها الحزب المرشحات فقال عن الحزب الوطنى ستظهر عند استقصاءات الرأى العام عن الشخص أو السيدة التى تحظى بسمعة فى محافظتها.
وسيكون يوم الأربعاء القادم الساعة السادسة سرادقات فى أماكن مفتوحة فى المحافظات مثل ملعب كرة قدم فى الجيزة كمكان آمن له سور وتتباعد فيه المقاعد سيسمح لكل مرشحة بالتكلم عن نفسها فى 3 دقائق لتمتحن قدرتها على التكلم بشكل مقنع ومحترم وسيطلب من أعضاء المجمع الانتخابى آراؤهم بناء على كلام كل مرشح.
وعن التجربة يقول الدكتور على الدين: «رأيى أن التجربة مثالية فنجد سيدات يترشحن أمام شخصيات مهمة جداً تعطى انطباعاً بأنها ستفوز ومع ذلك لا تنسحب هذه السيدة فالسياسة توجد فى الدم وهناك مرشحة قالت: تركت قلمى كصحفية أهوى السياسة والوصول للناس إلى هذه التجربة فلو نجحت أكملت وإذا لم أوفق سأتجه للكتابة أو لممارسة السياسة فى جمعية أهلية وهذه هى السياسة، فالسياسة ليست منصباً كالوزير الذى نعرفه فى فترة عمله فقط وإنما السياسة سلوك وتجرى فى دم الإنسان.
وحول سؤال عن الإجراءات التى تتعلق بانتخابات الكوتة يقول الدكتور على الدين: «المواطن سينتخب عندما يذهب فى ورقتين منفصلتين ورقة للمقعدين العاديين بالدائرة وورقة للمرأة الأولى فرزها على مستوى الدائرة والثانية على مستوى المحافظة.. والأصل فى الأمور عندما يأتى أحد ويدخل يصوت ويرفض الإدلاء بصوته على الورقة الثانية فهو حقه. واختتم الدكتور على الدين هلال حديثه مع السيدات فى الندوة قائلاً: «مصر ولادة وغير عقيمة وتفرز قيادات من سيدات ورجال يعرفون قدر بلدهم ويتصرفون من هذا المنطلق».
بدأ الدكتور على الدين حديثه قائلاً: «أنا سعيد جدًا لوجودى بدعوة من جمعية نهوض وتنمية المرأة، فهى مناسبة عزيزة ومهمة تتعلق بكوتة المرأة، وأعتقد أنى كنت ممن دافعوا عن هذه الفكرة منذ أكثر من 15سنة، فقد عملت من أجل هذه الفكرة وسوف أستمر فى العمل من أجلها وأذكر وأنا عميد لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية أننا نظمنا دورات لتدريب المرشحات لمجلس الشعب، ومنذ بداية التسعينيات بدأنا مناقشات ومداولات فى اللجنة القومية للمرأة الموجودة قبل المجلس القومى للمرأة، وكان لى شرف عضويتها ومازلت أذكر مشاركتى بأول مؤتمر قومى للمرأة الذى عقد فى قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة سنة 1994. تاريخ طويل ليس لى فقط وإنما لعشرات الرجال والنساء تكلموا عن موضوع المرأة وهناك دعوات حزبية من أغلب الأحزاب المصرية ترفض ممارسة التمييز الإيجابى لصالح المرأة لذلك يندهش الإنسان جدًا حينما يجد إلى الآن من يشكك فى حق أو جدوى أو كفاءة المرأة لهذا العمل».
يكمل الدكتور على الدين هلال حديثه قائلاً: «من فيكم قرأ بالأمس فى جريدة الدستور تصريحاً لأحد الشيوخ وهو الشيخ يوسف البدرى بأن المشاركة فى انتخابات الكوتة حرام ومن يوليها فهو آثم، وتوسع فى هذا وحرم المرأة ناخبة أو مرشحة وقال إن ذلك حرام شرعًا لأنه تخل من المرأة عن وظيفتها التى خلقها الله لها مما يؤدى لإفسادها!!
عندما قرأت ذلك قلت أرى من يعارض ورجعت لمحاضر مجلس الشعب عندما نوقش هذا الموضوع، وهذا القانون، فوجدت مقالات نُشرت لمعارضين قالت هذا لن نستمر فى حمايته، وهناك قوى ترفضه وتؤثمه سياسيًا ودينياً ما لم يقف المدافعون عن المواطنة والمدافعون عن المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة، قالوا: «هذا نظام يتعارض مع الدستور وغير دستورى ويخل بالمواطنة ووصلت الشجاعة بالبعض ليقول أن هذا النظام فيه تمييز ضد الرجل، ويضع قيدًا على حرية الناخب فى اختيار من يمثله، وسيدة قالت من غير النواب أن هذا إعطاء للمرأة حقًا لا تستحقه دون تعب من جانبها، وقيل لا توجد كفاءات تمكنهن من التجاوب مع الحياة البرلمانية، وأن المرأة ليست لها تجارب سابقة فى المجالس النيابية وأنها غير جديرة، وإخلال بالدستور وإخلال بالمواطنة.
وكنا نتصور أو الكثير منا يتصور أن هذه الآراء ليس لها وجود فى مجتمعنا، وأنا أدحض بالدستور وبالبرهان كل هذه الأقاويل فليس لها أى أساس فى الدين ولا الشرع ولا القانون. وفى كلمتى القصيرة أقول ما هو النظام الذى تم تشريعه: أنتم تذكرون موضوع الدعوة لكوتة المرأة ليس جديدًا بل له 15 أو 16 سنة وكانت هناك دعوات من المجتمع المدنى ومن عدد من المفكرين ثم تبناها المجلس القومى لحقوق الإنسان والمجلس القومى للمرأة ونُظمت مؤتمرات من قبلهم ومؤتمرات عن كيفية زيادة تمثيل المرأة فى البرلمان والتمثيل البرلمانى لها فى المجالس التشريعية.
وما وصلنا إليه وشرع قانونًا هو: تخصيص عدد 64 مقعداً موزعًا على 32 دائرة * 2 ويخصص لكل محافظة مقعدان (29 محافظة * 2) 58 وقسمت المحافظات الكبيرة (3 محافظات) مثل محافظة القاهرة على دائرتين وليس معنى هذا أن الحد الأقصى لتمثيل المرأة هو 64 مقعدًا فمسموح للأحزاب السياسية ترشيح نساء على المقاعد، فهناك عدد من السيدات فى الحزب الوطنى اللاتى يقدن العملية التنافسية الداخلية وأعتقد أن عددًا منهن مرشح فى الحزب الوطنى فى الانتخابات العامة إضافة إلى 64 فتخصيص 64 مقعداً لا يخل بحق الأحزاب فى ترشيح النساء فى الدوائر العادية إذا كان هناك أى حزب يشعر أن عنده سيدة تستطيع خوض الانتخابات فلا يخل بحقها فى ترشيح نساء على المقاعد الفردية وتفوز بها.
اعتراض
يضيف الدكتور على الدين قائلاً: «لماذا هذا النظام؟» هذا النظام اسمه تمييز إيجابى بمعنى إصدار قانون تمييز لصالح فئة مستضعفة حتى تحصل على حقوقها، ففى الولايات المتحدة الأمريكية مجموعة من القوانين كانت فى فترة من الفترات لصالح الملونين «السود» وهناك نص صريح فى الاتفاقية العامة لمناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة فى الدول التى تمنع تمثيل المرأة واستخدام حقها يحض الدول على استخدام التمييز الإيجابى وإصدار ما يضمن لها حقها من قوانين، إذا ممارسة التمييز الإيجابى ليست عدوانًا على المواطنة وإنما ضمان لتحقيقها لأن المواطنة تؤدى إلى ضمان حق نصف عدد السكان.
ففى أبريل سنة 2010 عدد النساء فى مصر 9,37 مليون وعدد الرجال 7,39 مليون بمعنى 2 مليون فقط فرق بينهما، إذا المواطنة ليس من شأنها عدم السماح بتمثيلهن فى البرلمان بـ5 أو 6 عضوات فقط؟! هذا انتهاك لحقوق المواطنة وعندما يتدخل المشرع بقوة التشريع لضمان تمثيلهن يتدخل لتحقيق العدل بقوة التشريع.
وتذكروا فى عهد الرئيس السادات عندما حدث اعتراض دستورى على هذه التجربة لذلك يجب أن نحميها فى التعديلات الدستورية التى نُص عليها. سنة 2007 تغير النص المتعلق بنظام الانتخابات لكى نحمى شكل النظام الانتخابى الذى يعطى ضمانًا لحصة معينة للمرأة.
وكل ما نسمعه عنه أن هذا كلام غير دستورى يجب أن نرد عليه بكل أدب واحترام وحشمة ونقول له تقدم للمحكمة الدستورية العليا.. وهو يعلم أن ما يفعله مجرد شوشرة ولا أساس لكلامه من الصحة، وللأسف فإن بعض أساتذة القانون كان ينبغى أن يعرفوا أكثر قبل أن يقولوا هذا الكلام، ولكنهم يقولونه لمعتقدات سياسية وليس إعمالاً للدستور، فهذه المادة تغيرت فى الدستور لتعطى الحماية الدستورية وبناء على هذا صدر القانون بناءً على الوعد الرئاسى فى برنامج الرئاسة سنة 2005 فهو حق محمى ومكفول دستوريًا.. ويتساءل: هل صدور الكوتة أمر حتمى؟ أعتقد أنه أصبح موقف مصر من التمثيل البرلمانى للمرأة بها غير مبرر أبدًا، لقد كتبت فى يناير مقالاً بالأهرام تحت عنوان «نظرة جديدة نحو تمثيل المرأة فى المجالس النيابية» وضعت أرقامًا من التقرير الذى وضعه الاتحاد الدولى للبرلمانات ولن أتكلم عن الدول المتقدمة مثل فرنسا وألمانيا، وإنما يكفى أن نقول إن 28 برلمانًا فى العالم ترأسه امرأة وفى باكستان فإن نسبة تمثيل المرأة بالبرلمان 3,21%، أندونسيا 3,11% ورواندا 48% والسودان 25% بعد أن وضعت قانونًا وتونس 8,22% وموريتانيا 9,17% وفلسطين 8,12% وسوريا 12% ومصر فقط 2% يأتى بعدها 5 دول فجميع الدول العربية فاقت مصر بسبب عدم وجود نظام للكوتة لذلك وضعناه، وهناك قانون يطبق فى 97 دولة تبعًا للاتفاقية الدولية العامة لمكافحة صور التمييز ضد المرأة تحض الدول على ممارسة التمييز الإيجابى لصالح المرأة ويخصص عدداً من المقاعد للمرأة فى البرلمان، ويأتى سؤال لماذا الكوتة لفترة محدودة؟ أنت تريد أن تعطى المرأة الفرصة لتعبر عن نفسها وتفرز قيادات جديدة وتظهر كمواطنة وأن تثبت وجودها بكفاءتها، القانون أعطى 10 سنوات يطبق نسبة خاصة للمرأة وبعدها لا أحد يعرف ماذا سيحدث هل يجتمع البرلمان ويمده أم يلغيه، لأى مدى الأحزاب السياسية يمكن أن ترى المرأة نائبة كفؤاً لدوائر معينة.
سؤال آخر: لماذا 2 فى كل محافظة؟ نص الدستور أن جميع المجالس النيابية فيها 50% عمال وفلاحين ومن ثم المفترض أن كل محافظة ينطبق عليها نفس النص الدستورى أحدها مخصص للمرأة عمال وفلاحين وأحدها فئات.
وأخيرًا فإن التحدى الموجود عندنا هو إنجاح التجربة وعندنا أسباب تعوق هذا النجاح منها معتقدات دينية خاطئة وإمكانيات مجتمعية وثقافية خاصة بالذكور، يقول لماذا «نبهدل» المرأة وهذا ليس دورها.. وأرى أن هذه المناقشة الآن غير مجدية لأن لدينا انتخابات يوم 27.
إذاً التحدى هو كيف تنجح هذه التجربة أكبر درجة ممكنة، ولكن ماذا سينجحها، والحل كما يراه الدكتور على الدين «كل الأحزاب تأخذ الموضوع بجدية وتضع قواعد وشروطاً لمن ترشح نفسها، فليس كل رجل أو امرأة يستطيع خوض الانتخابات فلا يجب أن يترشح من ليس عنده القدرة أو التاريخ أو الكفاءة فى كل من الرجل والمرأة، لأنه سيسىء للمظهر الذى سيستخدمه المتربصون وسنجد من يقول منهم: «مش قولنا خليها قاعدة فى البيت» «قلنا خروجها إفساد للمجتمع» «مابتعرفش تتكلم كلمتين على بعض»، لذا يجىء دورنا كلنا كمجتمع مدنى وإعلام وصحافة وإذاعة وأحزاب سياسية لتكون المرشحات نماذج مشرفة للإنسان المصرى فهى عندما ترشح نفسها ليست ممثلة للمرأة بل نائبة عن الأمة والشعب بأسره، فكل مرشحة لا تقف لتناقش قضايا المرأة وحقوقها، بل يجب أن تقنع المجتمع بأن لها دوراً لا يقتصر على عمل الخير والمسنين واليتامى وإنما يمتد لدور برلمانى شأنها شأن الرجل وشأن المرأة الباكستانية أو أى جنسية أخرى.. وتؤكد أنها من الكوادر السياسية المحترمة تشارك فى كل القضايا ولها رأى بنفس القدرة والقوة على عمل الخير، والانتخابات فرصة لتطوير مهارات القيادة للكوادر النسائية وفرض المرأة المصرية وتنمية الوعى السياسى لدى الناخبات.
وللأحزاب السياسية دور بحكم الدوائر الواسعة وصعوبة ترشح المرشح بمفرده، إذاً وجود تنظيم حزبى مؤازر ووجود هياكل حزبية تدعم المرأة المرشحة فى أى حزب له أهميته وحيثياته. أما المرأة المستقلة - ومع أنى أؤيد كل السيدات - إلا أنى أنحاز للمستقلات أكثر فالمرشح ينزل ببرنامج حزبه ويتكفل به الحزب فكل إنسان له موارده وهنا يأتى دور المجتمع المدنى للمرأة المستقلة فلو تؤيد الجمعية الأهلية 100 مرشح يكون «أهلاً وسهلاً» لأن المستقلة ليس لها أحد.
ويأتى دور الإعلام بجانب الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدنى فأعتقد أن دوره إعادة رسم صورة المرأة لدى مخيلة المجتمع فالمجتمع رسم صورة للمرأة متعلقة بعمل الخير أو الاعتناء بالمسنين، ولم يتعود على المرأة كسياسية بالقدر الكافى تتكلم عن معاهدة السلام مع إسرائيل أو عن الأحداث فى تركيا أو الأسعار أو مشاكل الصرف أو الانتخابات فبغض النظر عمن سينجح فإن هناك عملية تعليمية ستغير المجتمع ويبدأ المجتمع متمثلاً فى الزوج والابن والأخ والجاهل الأمى والمتعلم، حضر وريف يرى المرأة تتكلم فى قضايا كانت حكراً على الرجل فالإعلام له دور فى التركيز على ذلك دون محاضرات وطرق مباشرة».
تأتى النقطة الأخيرة والمهمة وهى حث المرأة على الخروج والتصويت فمن يخرج للتصويت هى المرأة الريفية وللأسف فهى أكثر من المرأة المتعلمة من بنات الطبقة المتوسطة بالقاهرة والإسكندرية وغيرهما من عواصم الحضر، وما حدث فى انتخابات سنة 2000، 2005 إن أغلب السيدات اللاتى تنافسن مع الرجال كن من سوهاج وقنا والمنيا ولم تفعل ذلك الأحسن حالة معيشية فالأولى معها العزوة والعصبية فى المحافظات الأقل تعليماً ونجحت فى انتخاب المرأة.
وفى رأيى أنه كلما زاد عدد الطالبات الناشطات والمواطنات العاديات اللاتى يخرجن للانتخاب زادت فرصة المرأة فى الدوائر التى تنافس فيها مع الرجال وستزداد وأنا متفائل بالتجربة وبالمرأة المصرية لأنها ستخرج الكثير من النماذج التى أرجو أن تكون من شأنها إثبات كفاءة المرأة كسياسية وكبرلمانية تدخل لجان تعليمية ولجنة الصحة والمرافق واللجنة الاقتصادية وتتحدث كخبيرة ممثلة الشعب وتقدم إضافة جديدة للعمل السياسى.
وفى حوار مفتوح مع العديد من السيدات المرشحات أجاب عن بعض التساؤلات أهمها المعايير التى يختار على أساسها الحزب المرشحات فقال عن الحزب الوطنى ستظهر عند استقصاءات الرأى العام عن الشخص أو السيدة التى تحظى بسمعة فى محافظتها.
وسيكون يوم الأربعاء القادم الساعة السادسة سرادقات فى أماكن مفتوحة فى المحافظات مثل ملعب كرة قدم فى الجيزة كمكان آمن له سور وتتباعد فيه المقاعد سيسمح لكل مرشحة بالتكلم عن نفسها فى 3 دقائق لتمتحن قدرتها على التكلم بشكل مقنع ومحترم وسيطلب من أعضاء المجمع الانتخابى آراؤهم بناء على كلام كل مرشح.
وعن التجربة يقول الدكتور على الدين: «رأيى أن التجربة مثالية فنجد سيدات يترشحن أمام شخصيات مهمة جداً تعطى انطباعاً بأنها ستفوز ومع ذلك لا تنسحب هذه السيدة فالسياسة توجد فى الدم وهناك مرشحة قالت: تركت قلمى كصحفية أهوى السياسة والوصول للناس إلى هذه التجربة فلو نجحت أكملت وإذا لم أوفق سأتجه للكتابة أو لممارسة السياسة فى جمعية أهلية وهذه هى السياسة، فالسياسة ليست منصباً كالوزير الذى نعرفه فى فترة عمله فقط وإنما السياسة سلوك وتجرى فى دم الإنسان.
وحول سؤال عن الإجراءات التى تتعلق بانتخابات الكوتة يقول الدكتور على الدين: «المواطن سينتخب عندما يذهب فى ورقتين منفصلتين ورقة للمقعدين العاديين بالدائرة وورقة للمرأة الأولى فرزها على مستوى الدائرة والثانية على مستوى المحافظة.. والأصل فى الأمور عندما يأتى أحد ويدخل يصوت ويرفض الإدلاء بصوته على الورقة الثانية فهو حقه. واختتم الدكتور على الدين هلال حديثه مع السيدات فى الندوة قائلاً: «مصر ولادة وغير عقيمة وتفرز قيادات من سيدات ورجال يعرفون قدر بلدهم ويتصرفون من هذا المنطلق».