قال الرئيس الامريكي السابق جورج بوش، ان «كل الادلة» في عملية اغتيال رئيس حكومة لبنان السابق رفيق الحريري «اشارت الى مؤامرة وسورية»، واعتبر، من ناحية ثانية، ان «حزب الله حزب سياسي شرعي، و(لديه) جناح ارهابي تقوم ايران بتسليحه وتمويله وتقوم سورية بدعمه».
وكشف بوش في كتابه، الصادر امس، والذي حمل عنوان «نقاط قرار» وتحدث فيه عن تجربته في الحكم، ان وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس عارضت قضاء اسرائيل على «حزب الله» اثناء الحرب بين الاثنين في يوليو العام 2006.
وكتب بوش انه اثناء اجتماع عقده مجلس الامن القومي للبحث في تطورات الحرب، قال نائبه ديك تشيني: «علينا ان نترك اسرائيل تنهي حزب الله». هنا تدخلت «كوندي» وردت على تشيني بالقول: «اذا ما فعلت ذلك... سوف تموت اميركا في الشرق الاوسط».
وكتب بوش ان الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، هو الذي بادر الى اثارة موضوع الديموقراطية في لبنان. وتابع: «جاك شيراك وانا لم نتفق على الكثير، فالرئيس الفرنسي عارض اطاحة صدام (حسين)، ووصف ياسر عرفات برجل صاحب شجاعة، وفي احد الاجتماعات قال لي، ان اوكرانيا هي جزء من روسيا».
واضاف: «لذا، كان هناك وقع المفاجأة علي عندما وجدنا، جاك وانا، مساحة للاتفاق في اجتماعنا في باريس في اوائل يونيو 2004... اثار شيراك موضوع الديموقراطية في الشرق الاوسط، واستعديت انا لمحاضرة اخرى، لكن (شيراك) تابع (بالقول انه) في هذه المنطقة ديموقراطيتان فقط، واحدة قوية في اسرائيل واخرى ضعيفة في لبنان».
واضاف بوش: «وصف (شيراك) معاناة لبنان تحت الاحتلال السوري، والذي كان يملك عشرات الالاف من الجنود في البلاد، واختلس الاموال من الاقتصاد (اللبناني)، وقضى على محاولات تطوير الديموقراطية (اللبنانية)».
ونقل الرئيس الامريكى السابق عن نظيره الفرنسي السابق، اقتراحه ان يعمل بلديهما على «منع الهيمنة السورية في لبنان... وانا وافقت على الفور، واتفقنا على ان ننتظر الفرصة لتقديم قرار في مجلس الامن». وتابع بوش: في اغسطس 2005، اتاح لنا الرئيس اللبناني اميل لحود، وهو دمية سورية، الفرصة، (عندما) اعلن تمديد ولايته، وهو تجاوز للدستور اللبناني».
وروى بوش ان واشنطن وباريس رعتا اقرار القرار 1559، في 2 سبتمبر 2004، والقاضي بانسحاب الجيش السوري من لبنان ونزع سلاح جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية. «لمدة ستة اشهر، ردت سورية (على القرار) بالتحدي، وفي 14 فبراير 2005، دمرت سيارة مفخخة ضخمة موكب رفيق الحريري، رئيس حكومة لبنان السابق، والمؤيد للاستقلال».
وكتب بوش: «كل الدلائل اشارت الى مؤامرة سورية، فاستدعينا سفيرتنا في دمشق، ودعمنا تحقيقا دوليا».
وقال انه التقى شيراك بعد اسبوع من عملية الاغتيال، واصدرا بيانا مشتركا دانا فيه «العمل الارهابي»، وانهما حضا الدول العربية على ممارسة الضغط على دمشق. كذلك تحدث عن تظاهرة 14 مارس، 2005، التي «شارك فيها ما يقارب المليون لبناني»، ليستخلص انه في وسط الضغط الدولي والشعبي، «وصلت الرسالة الى السوريين» فسحبوا جنودهم من لبنان مع حلول ابريل، وفازت «حركة 14 مارس» باكثرية المقاعد في البرلمان.
ووصف «ثورة الارز» بانها «واحدة من ابرز نجاحات اجندة الحرية». وقال: «انتصار الديموقراطية في لبنان، جاء بعد شهرين من الانتخابات الحرة في العراق، وانتخاب الرئيس (محمود) عباس في الاراضي الفلسطينية».
واضاف: «لم يسبق لثلاثة مجتمعات عربية ان اظهرت هذا الكم من التقدم في اتجاه الديموقراطية، لبنان والعراق وفلسطين، كان لديها المقومات في ان تكون اساس منطقة حرة تعيش بسلام».
واقتبس بوش في هذا السياق، تصريحا للنائب اللبناني وليد جنبلاط، سبق ان اورده مستشاره كارل روف في كتابه، وقال فيه جنبلاط: «من الغريب قول ذلك، لكن عملية التغيير هذه بدأت بسبب الاجتياح الاميركي للعراق... كنت مشككا بالعراق، ولكني عندما رأيت الشعب العراقي يقترع قبل ثلاثة اسابيع، ثمانية ملايين منهم، كان موعد بدء عالم عربي جديد، الشعب السوري والشعب المصري، الجميع يقول ان شيئا ما يتغير، لقد انهار جدار برلين، وبامكاننا ان نرى ذلك».
وكتب الرئيس السابق: «المد الديموقراطي العالي في الشرق الاوسط في 2005 هز المتطرفين. في 2006، ردوا».
كذلك روى بوش الاحداث التي ادت الى اندلاع حرب يوليو 2006 عندما بادر «حزب الله» الى خطف جنديين اسرائيليين، وقال: «سنحت للاسرائيليين فرصة توجيه ضربة قاسية الى حزب الله وراعيه في ايران وسورية، ولكن لسوء الحظ، اساء (الاسرائيليون) التعاطي مع هذه الفرصة».
واضاف: «ولتعقيد الامور، اعلن رئيس الحكومة (ايهود) اولمرت انه لن يتم استهداف سورية... انا اعتقد ان ذلك كان خطأ، اذ ان استبعاد ضرب سورية شجع السوريين على الاستمرار في دعم حزب الله».
وتحدث بوش مطولا عن ايران، وعبر عن ندمه لانتهاء رئاسته «من دون حل للمسألة الايرانية»، معتبرا ان «الولايات المتحدة يجب الا تسمح لايران بتهديد العالم بقنبلة نووية».
فى سياق متصل عاد الرئيس الامريكي السابق جورج بوش، الذي توارى عن الانظار منذ انتهاء ولايته الرئاسية قبل عامين تقريبا، الى الاضواء، امس، مع نشر مذكراته «نقاط قرار» التي يدافع فيها عن «الحرب على الارهاب» وغزو العراق.
وسيحفل جدول اعمال بوش، الذي تفادى اي مقابلات منذ تسليمه مفاتيح البيت الابيض الى باراك اوباما في يناير 2009، بالمواعيد والمقابلات مع وسائل الاعلام للترويج لكتابه الذي طبعت منه 1،5 ملايين نسخة.
وكتب بوش في 500 صفحة عن اخطائه في الحملة قبل غزو العراق وعدم العثور على اسلحة دمار شامل بعد ان كانت تقارير استخبارية اكدت ان صدام حسين كان يملكها.
وقال بوش في مقتطف من الكتاب، نشره تلفزيون «ان بي سي» خلال مقابلة مع الرئيس السابق (وكالات)، «كنت اكثر من اصيب بالصدمة والغضب عندما لم نعثر على الاسلحة. انتابني شعور مقزز كلما فكرت بالامر. ولا ازال».
ولدى سؤاله من قبل «ان بي سي» عما اذا كان ينوي الاعتذار عن اخطائه، اجاب بالنفي. وقال: «الاعتذار معناه ان القرار كان خاطئا».
واصر على ان «العالم افضل من دون صدام حسين في السلطة لان ذلك معناه ان 25 مليون شخص يعيشون في حرية».
وقال بوش من ناحية ثانية، أن استخدام المحققين الأميركيين التغطيس في الماء أثناء تعذيب المعتقلين ساعد في إنقاذ أرواح عدد كبير من البريطانيين وتجنيبهم ويلات كانت ستحدثها مخططات إرهابية أفشلت من ضمنها مهاجمة مطار هيثرو وناطحة سحاب كاناري ورف في لندن إلى جانب عدد من الأهداف الأخرى في الولايات المتحدة.
وأكد بوش أن وسيلة التعذيب هذه استخدمت مع ثلاثة إرهابيين، بينهم خالد الشيخ محمد أبو زبيدة.
وتبارت الصحف البريطانية أمس، في نشر فصول ومقاطع من مذكرات بوش، أبرزها كان الفصل الذي تحدث فيه عن الدقائق الأولى بعد سماعه نبأ اصطدام طائرة في البرج الأول لمركز التجارة العالمي في نيويورك، أثناء زيارته لمدرسة للأطفال في ولاية فلوريدا.
وكانت الطريقة التي تصرف بها بوش لدى سماعه النبأ أثارت لغطاً واسعاً في وسائل الإعلام، وانتقلت إلى الأفلام الوثائقية والسينمائية التي تناولت هجمات 9/11، بل هناك من اعتبر رد فعل بوش على أنه دليل على معرفته المسبقة بوقوع الهجمات.
في سياق آخر، ذكر بوش أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، كان مستعداً للإعلان عن دعم اقتراح سلام طرحه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت، قبل أن يؤدي إقصاء الأخير عن رئاسة الوزراء إلى القضاء على الصفقة.
ويكشف بوش في مذكراته أن والدته وصفته بأنه «أول رئيس يهودي»، بعد خطابه الشهير عام 2002 الذي دعا فيه لإقامة دولة فلسطينية ديمقراطية في ظل قيادة جديدة غير قيادة الرئيس الراحل ياسر عرفات.
وقال: «بعيد الخطاب اتصلت أمي وسألت «كيف حال أول رئيس يهودي؟ انتابني شعور مضحك بأنها لا تؤيد سياستي. وهذا يعني أن والدي (الرئيس السابق جورج هيربرت بوش) ربما أيضاً يشاطرها الرأي ذاته».
إلاّ انه يقول انه ضحك لملاحظتها البارعة رغم علمه ان موقفه يلقى معارضة من نائبه ووزيري الدفاع والخارجية.