عملية الفرز السياسي تعيد تشكيل مجلس الشعب ما بين أسماء صاعدة لوجوه جديدة وأخري تتم مكافأتها علي مشوار سياسي وبرلماني وخدمي ومنها من يذبل وينسحب الكرسي النبيل من تحته لأنها لم تقدره حق تقديره.
الانتخابات البرلمانية موسم سياسي للتصفيات فيها تكون المحاسبة عسيرة أمام الجماهير.. صعودا وهبوطا.. سقوطا مدويا أو نجاحا ساحقا.
توابع «زلزال الأحد» الذي أطاح برءوس قيادات تاريخية ورموز سياسية تآكلت شعبيتها واهتزت مكانتها لدي الجماهير، والمؤكد أنهم يتحملون وزر هذا السقوط المدوي لأسماء رنانة، تصورت خطأ أن الكرسي أبدي، قابل للالتصاق، دون جهد يبذل منهم، واحترام وتقدير لقيمة تمثيل الشعب، وتواصل مع المستجدات سواء سياسية أو اجتماعية أو حتي تكنولوجية .. فمن المستحيل اللعب علي مشاعر الجماهير ودغدغتها للأبد وعندها فقط يكون العقاب فوريا في صناديق الاقتراع
وأسماء حافظت علي تألقها وعلي مكانتها وشعبيتها قدرت الجماهير فبادلوها تقديرا بتقدير .. لم يتهاونوا أو يتساهلوا.. دائما في حالة صعود مستمر .. يمتلكون ملكات سياسية وسمات شخصية تجعلهم دائما في حالة خلق لدوافع جديدة وشحذ للهمم وتطور من أدائهم.
وآخرون بزغوا كوجوه جديدة تجرب حظها بعد سنوات من العمل العام وحان وقت قطاف ثمرة هذا الجهد وبوصولها لمقعد البرلمان يكون فصل البداية وليس نهاية المشوار.
«زلزال الأحد» المدوي أعاد تشكيل الخريطة السياسية التي نرصد أهم أسمائها من وجهة نظرنا وفقا لنتيجة الجولة الأولي ونقدم صورة قلمية لقصص الصعود والهبوط السياسي، والأسباب التي أدت لذلك .. علها تكون عبرة.
مثال من بعض هذه الاحداث :
قبل شهور قليلة من بدء عملية الاقتراع علي انتخابات «الأحد الماضي» التي غيرت وجه الخريطة السياسية في مصر، لم يدر بخلد مصطفي بكري نائب «15 مايو» السابق أنه سوف يقف مقبضًا كفيه، ضاغطًا علي نواجذه، ساخطًا علي وضع وضع نفسه فيه طواعية! ففي الوقت الذي اعتمد خلاله بكري في دعايته أمام الوزير سيد مشعل «منافسه غير التقليدي»، علي أنه محارب الفساد الأول- بحسب تعبير هذه الدعاية- محاولاً التشكيك في جدوي ما قدمه «مشعل» لأهالي حلوان.. كان أن وجد مصطفي نفسه مدينًا بتفسير.. لم يجد له جوابات عما طالته أيدي أبناء الدائرة من اعترافات «موثقة» يؤكد خلالها أن منافسه الجديد هو الذي مد له يد العون خلال الدورات الانتخابية السابقة!!
وأن دعم مشعل له في دائرة «مايو- الصف» كان سببًا رئيسيًا في احتفاظه بالكرسي حتي الآن، قبل أن تنضم «مايو» إلي دائرة حلوان وتضع كلاً من «الصحفي» و«الوزير» في مواجهة غير متوقعة بالمرة.
بكري الذي ولد في العام 1956 بمحافظة قنا، أراد أن يستخدم كارتًا خاصًا مع خصمه، تصور أنه سوف يختصر له الجهد فقال إن «مشعل» سوف يستعين بعمال المصانع الحربية لدعمه في المعركة الانتخابية.
وكان رد «مشعل» قاطعًا، وعنيفًا عندما قرر أنه لن يسمح لأحد بالاقتراب من الإنتاج الحربي.. وأنه خط أحمر لا يجوز المساس به، أو وضعه هدفًا للشائعات.. وحلوان سوف تقول كلمتها.
وإلي جانب أزمة مواقف بكري «الموثقة» من الوزير «مشعل»، كانت هناك واقعتان أخريان خصمتا من رصيده بين الأهالي.. الأولي: عندما وجدوا أنفسهم أمام وضع غامض لا يعرفون له مخرجًا.. فنائبهم السابق سبق وأعلن أنه سوف يترشح في مسقط رأسه بعد أن تغيرت التركيبة الانتخابية بالدائرة، هربًا من مواجهة الوزير.
وعندما عاد بعد ذلك ليخوض الانتخابات علي الدائرة «في ثوبها الجديد»، كان أن أصبحت الصورة الذهنية التي رسمها أهالي حلوان لبكري قد اختلفت بعض الشيء، وإن لم تكن قد اختلفت كليًا عند عدد منهم.
والثانية: هي أن بكري عندما عاد وأعلن أنه لن يغير الدائرة التي خاض عليها الانتخابات في 2005، بدا «مضطربًا» كثيرًا وغير واثق من شعبيته، إذ لجأ إلي أسلوب صبياني نوعًا ما مقررًا الاعتصام لإعادة الدائرة إلي سابق عهدها الأول. خسارة بكري أمام مشعل أدخلته في حالة صحية متردية، هي الرابعة هذا العام، إذ وجد نفسه- فجأة- محاطًا بكم هائل من المنشورات التي تتبع بداياته بشكل فج.
وقد حملت المنشورات عنوانًا لافتًا هو «بيان لأهالي حلوان من الصحفيين الشرفاء» إذ تطرق المنشور إلي ثروات بكري، وكيف تضخمت علي حد وصفه، وعلاقاته بأطراف عربية عدة، فضلاً عن اتهامات وبلاغات مختلفة كان هو محور الأحداث بها.