روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    نقابة المحامين .. تاريخ مالم يذكره التاريخ ثروت الخرباوي

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

      نقابة المحامين .. تاريخ مالم يذكره التاريخ       	 ثروت الخرباوي Empty نقابة المحامين .. تاريخ مالم يذكره التاريخ ثروت الخرباوي

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود السبت يناير 08, 2011 12:49 pm

    هذه صفحات من كتاب ـ مازال تحت الطبع ـ كنت كتبته عن نقابة المحامين وبمناسبة الأحداث الجارية اقتطعت جزءا منه كي أضعه بين أيديكم

    سفر التكوين





    لم يكن الأستاذ عمر التلمساني رحمه الله يتصور أنه عندما أطلق شرارة بدأ الحركة الإسلامية في نقابة المحامين أن يؤول الأمر إلى ماوصل إليه الآن .. كان ذلك في شتاء عام 1983 وكان الأستاذ عمر التلمساني قد دعى عددا من أبناء الحركة الإسلامية من العاملين بالمحاماه كي يستأنس برأيهم في شأن وضع حجر الأساس للحركة الإسلامية بعمومها في نقابة المحامين .. جلس الأستاذ عمر في مقر الدعوة ( الإخوان ) بالتوفيقية يستمع إلى الشباب والشيوخ .. ويقرأ تصوراتهم الحركية في الشأن الذي دعاهم إليه إلا أنه أعرض بامتعاض عن كل مااستمع إليه إذ كان المتكلمون يتحدثون وكأنهم من أهل الكهف لا يدرون عن واقعهم شيئا .. وعندما انتهى الجميع قام من آخر الصف شاب يطلب الكلمة وعندما أذن له المرشد تكلم واحتد وشرح كل مافي عقله وكانت كلماته تحمل قدرا من اللوم على جيل فشل في وضع أقدام الحركة الإسلامية في نقابة المحامين حتى أصبحت هذه النقابة قلعة من قلاع الأيدولوجيات الليبرالية واليسارية التي تقف في موقع المنافسة مع ما أطلق عليه الباحثون ( الإسلام السياسي ) ... أثار كلام هذا الشاب سخط الكبار وإعجاب الشباب حتى أن المرشد التلمساني انتهره وطلب منه الجلوس إلا أنه عند انصراف الجميع همس المرشد في أذن الشاب مختار نوح قائلا : مُر عليّ في الغد .. وفي اليوم التالي كان التلمساني يستمع من مختار نوح إلى تصور حركي واستراتيجي كامل يسمح للحركة الإسلامية بعمومها ( وليس الإخوان فحسب ) بالولوج إلى نقابة المحامين تلك النقابة التي كانت الحلم للحركة الإسلامية .. مما لاشك فيه أن المرشد وقتها تنفس الصعداء ثم قال لنوح : أنت الآن مسئول عن تنفيذ تصوراتك وأفكارك وسأساعدك ماوسعني الجهد واعلم أنه ستقابلك العديد من المشاكل والصعوبات الجمة ، لن تكون الصعوبات أو المشاكل من المنافسين الذين ينتمون لتوجهات سياسية منافسة ولكن ستقوم عليك الحروب من أبناء جلدتك الفكرية .. أبناء مرجعيتك فاحذر منهم وإذا أردت أن تسلك طريقا في الحركة ووجدت معارضة هدفها توقيفك وإحباطك فقل لمن يعارضك : إنما أفعل ما أمرني به التلمساني ... كانت هذه هي البداية وبعدها جمع مختار نوح من جيله عددا من المحامين الذين يحملون عاطفة دينية ... لم يكن منهم من ينتمي إلى الإخوان المسلمين إلا ثلاثة ورابعهم طالب في كلية الحقوق وبهذا العدد بدأ مختار نوح في تأسيس الصف الإسلامي حيث قام بالطواف في المحافظات والقرى كي يجمع أنصارا من المحامين يعرض عليهم فكرته وتصوراته .. وبدأ العدد في التكاثر من حوله ـ رغم المعوقات العديدة التي وضعها أمامه من أشار عليهم التلمساني ـ إذ كانت مصر وقتها في حالة شعورية فريدة من التدين والإقبال على الحركة الإسلامية التي اكتسبت ثقة الشارع بسبب زعامة وحكمة وحصافة التلمساني وبسبب العلماء والدعاة الذين انتشروا في مصر يصنعون مساحة تأثير غير مسبوقة فكان الشعراوي والغزالي والقرضاوي وكان الشيخ كشك والمحلاوي وحافظ سلامة وكان الزخم الذي صنعته جماعة التبليغ والدعوة في الشارع وبين بسطاء الناس .. لكل هذا ولتلك الكاريزما التي حباها الله لمختار نوح ولملكاته الزعامية وقدراته السياسية والتفاوضية تكونت في نقابة المحامين مجموعة من المحامين يحملون خليطا فكريا وحركيا متناثرا إلا أنه تجمعهم مرجعية واحدة وعاطفة دينية مشبوبة إنتمي بعضهم إلى الإخوان المسلمين عن طريق نوح وظل البعض الآخر بغير انتماء تنظيمي .. وكانت المشكلة الأساسية التي واجهت نوح ومجموعته هي تحت أي غطاء نقابي يعملون ؟ إذ لم يكن التلمساني يحبذ لهم العمل في النقابة تحت راية الإخوان .. كما أنهم يذكرون تلك الليلة التي اجتمعوا فيها مع القطب الإخواني الشهير الاستاذ فريد عبد الخالق الذي قال لهم بكلمات واضحة رقراقة : ينبغي وأنتم تمارسون عملكم النقابي أن تقطعوا الحبل الصُري بينكم وبين الإخوان بل وينبغي أن تنتهي فترة فطامكم الإخواني.. أنتم من المحامين وينبغي أن يكون عملكم لمصلحة المحامين قبل أي مصلحة أخرى ... وبنفس العبارات تقريبا نصحهم المفكر الإسلامي والقانوني العملاق الدكتور توفيق الشاوي ... لذلك كانت حيرتهم .. تحت أي مظلة في نقابة المحامين نعمل ؟.. هل تحت مظلة لجنة الحريات أم تحت مظلة لجنة الشئون العربية أم أم أم ؟





    خريف الغضب





    كان محمد حسنين هيكل في منتهى الدقة والعلمية عندما وصف الحقبة الساداتية الأخيرة بخريف الغضب .. وكان الغضب الساداتي قد طال من ضمن ما طال نقابة المحامين التي وقفت عقبة كؤود ضد سياسات السادات الداخلية والخارجية ، وكانت مؤتمرات النقابة الرامية إلى تثوير الجماهير ضد اتفاقية كامب ديفيد وضد المساعي التي كانت تهدف إلى توصيل مياه النيل إلى إسرائيل هي أحد أهم وأقوى المواجهات التي أقضت مضجع السادات وأطارت النوم من عينيه .. يستطيع المنصف القول بأن نقابة المحامين وقتها كانت هي بيت الشعب الذي تلجأ إليه الجماهير لكي تستنصر بالمحامين حتى كتبت صحيفة يسارية وقتها عنوانا صحفيا براقا مازلت أذكره يجسد هذا المعنى هو ( وامحاماه ) .. أما عن التركيبة الداخلية لمجلس النقابة وقتها فقد كانت تركيبة فريدة حيث كان التواءم على أفضل مايكون بين اليمين واليسار فنصف المجلس أو يزيد ينتمي إلى حزب الوفد بما فيهم النقيب المرحوم أحمد الخواجة أما النصف الآخر أو انقص منه قليلا فينتمي إلى اليسار بتشكيلاته المتعددة ورغم ذلك كان المجلس كله في حركة واحدة يقودهم نقيب داهية محنك يعرف كيف يعارض وكيف يؤلم خصمه .. وطالما أن الرئيس السادات طاله الألم فقد كان من الطبيعي أن تذوق نقابة المحامين بعضا من هذا الألم فسرعان ما أصدر السادات عام 1981 قانون بقرار يتضمن حل مجلس نقابة المحامين وتعيين مجلس للنقابة على أن يكون نقيبه المرحوم جمال العطيفي .. وغادر الخواجة ومجلسه نقابة المحامين حتى حين إلا أن جموع شباب المحامين ظلوا على دأبهم وإصرارهم على المعارضة الشرسة .. قبيل هذه الغضبة الخريفية وقبل اغتيال السادات كانت قد تشكلت أسرة نقابية من الأسر المهتمة بالشأن النقابي والوطني هي أسرة شباب المحامين وقد تشكلت من جمهرة من الشباب الذي ينتمي إلى اليسار وكان على رأس هذه الأسرة سامح عاشور وصابر عمار وعبد الله خليل وأحمد عبد الحفيظ وعصام الإسلامبولي وغيرهم كثير إلا أنه لم يكن من بينهم من ينتمي إلى التيار الإسلامي ، وكانت هذه المجموعة قد تشكلت على عين الخواجة وتحت رعايته ودعمه .. ظلت هذه المجموعة تناوىء السادات وتساهم في تنظيم المؤتمرات الجماهيرية وتقود غضبة المحامين حتى صدرت إعتقالات سبتمبر التي طالت معظم أعضاء مجلس نقابة المحامين من الوفديين واليساريين كما طالت أحد زعماء أسرة شباب المحامين وهو سامح عاشور .. حين دخل سامح عاشور إلى سجنه وجد هناك من سبقه إليه .. وجد مختار نوح المحامي الإسلامي الذي لم يكن قد توطدت أواصر إخوانيته بعد .. كانت جامعة الأسكندرية قد جمعتهما في سنة واحدة قبل أن ينتقلا سويا إلى جامعة القاهرة ثم جمعتهما نقابة المحامين ثم توالى تلاقيهما وأصبحا صديقين لدودين .



    بعد اغتيال السادات خرج سامح عاشور من سجنه وكان هذا الفتى محظوظا إذ إلتقاه الرئيس مبارك مع من التقى بهم من المفرج عنهم فنال سامح مساحة إعلامية لم تكن لتتاح له لولا حبسه وخروجه من محبسه بالصورة التي خرج عليها .. وكان الخواجة قد أقام دعوى أمام المحكمة الدستورية يطالب فيها بعدم دستورية القانون الصادر بحل مجلس النقابة ومن تصاريف القدر أن المستشار فاروق سيف النصر الذي كان رئيسا للمحكمة الدستورية العليا وقتها ـ ووزيرا للعدل بعدها ـ هو الذي أصدر الحكم بعدم دستورية هذا القانون .. ومن بعده قام المرحوم رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب بتمرير قانون جديد للمحاماه إذ استحدث فيه تشكيلا مختلفا لمجلس النقابة وكان هذا التشكيل ينص على أن يكون من بين أعضاء مجلس النقابة عضوين من الشباب لا يزيد سنهما على خمسة وثلاثين عاما ولا تتجاوز مدة عملهما في المحاماه عشر سنوات .. وكان هذا التعديل ينطبق بالحرف على الإبن الروحي للخواجة وهو سامح عاشور الذي كان مقصودا بهذا التعديل كما كان ينطبق ايضا على صابر عمار .. وأذكر أن الخواجة قال لي يوما ما بالحرف الواحد ( أنا عملت قانون علشان سامح وصابر طلع لي في البخت مختار .. فلم أكن أحسب حسابه )



    وأجريت الإنتخابات عام 1985 حيث فاز الخواجة بمقعد النقيب في مواجهة ناعمة أمام أحمد شنن وكمال خالد في حين حصل محمد فهيم أمين عضو المجلس الذي ينتمي إلى الوفد على أعلى الأصوات وفاز مختار نوح بالمقعد الأول للشباب مزاحما الكبار في عدد الاصوات ومتفوقا بثلاثة أضعاف على سامح عاشور الذي فاز بالمقعد الثاني ... ورسب صابر عمار الإبن الروحي الثاني للخواجة ..



    وبدخول مختار نوح للمجلس بدأت حقبة جديدة في نقابة المحامين وظهرت أمام نوح مظلة شرعية يعمل هو ومجموعته تحتها ومن خلالها هي مظلة لجنة الشريعة الإسلامية وهي إحدى لجان العمل النقابي في نقابة المحامين كان من ضمن أهدافها الرئيسية التي أنشأت من أجلها تقنين الشريعة الإسلامية وعمل أبحاث شرعية وقانونية لهذا الغرض إلا أن المجلس بأكمله رفض إعطاء رئاسة هذه اللجنة أو حتى عضويتها لمختار نوح .. وبدأت المواجهة بين تيار الليبرالية المصرية الذي يضم تحت معطفه كل التيارات السياسية .. والتيار الإسلامي الذي رفع شعار نعم نريدها إسلامية ... وشعار من أجل نقابة يمنحها الإسلام صدق الوعود وتعيش بالإسلام ثبات الموقف .. صراع من أجل مساحة يبتغيها التيار الإسلامي ومحاولة عنيدة من القوى الليبرالية بإغلاق الباب أمامهم وإقصاءهم .. إلا أن الرياح أتت بما لم تشته به السفن






    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

      نقابة المحامين .. تاريخ مالم يذكره التاريخ       	 ثروت الخرباوي Empty رد: نقابة المحامين .. تاريخ مالم يذكره التاريخ ثروت الخرباوي

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود السبت يناير 08, 2011 12:51 pm

    الحلقة الثانية





    الإخوان وحصان طروادة في نقابة المحامين





    صراع الوفد من المهد إلى اللحد









    المواجهة





    كانت فترة الإنتخابات لمجلس 1985 كافية ليتعرف كل طرف على الآخر .. كافية ليدرك إمكانيات خصمه وحدوده في المواجهة ، وكان أحمد الخواجة هو أول من أدرك في نقابة المحامين خطورة مختار نوح وملكاته وطاقاته الزعامية والنقابية ، ففي أواخر شتاء هذا العام ـ عام المواجهة ـ توفي الأستاذ محمد المسماري المحامي وعضو مجلس نقابة المحامين المنصرم والذي ينتسب بصلة تماس ـ وليس انتساب ـ لجماعة الإخوان المسلمين فضلا عن أنه كان من المقربين للنقيب الداهية أحمد الخواجة ، وفي سرادق العزاء تقابل أحمد الخواجة مع مختار نوح وانتحى به جانبا ونصحه بتغيير منهجه الإنتخابي حيث قال له : أنت شاب رائع وسيكون لك مستقبلا إلا أنك تحفر نهايتك بنفسك إعلم ياولدي أن الشعار الذي رفعته والذي تقول فيه نعم نريدها إسلامية من شأنه أن يسقطك في الإنتخابات فنقابة المحامين نقابة علمانية وسوف يقف ضدك الناصريون والشيوعيون والمسيحيون والوفديون .. سيقف ضدك الجميع وسوف يكون هذا كفيلا بإسقاطك .. إلا أن مختار نوح أجابه بثقة واقتضاب : أعلم هذا يامعالي النقيب ولكن لاتقلق فسوف أنجح نجاحا غير مسبوق .. وقد كان !!.. لذلك عمد النقيب أحمد الخواجة في دورة مجلس 1985 إلى دعم سامح عاشور بكل مايملك من قوة كما أطلق يده على كافة لجان النقابة في الوقت الذي أبعد فيه مختار نوح عن كل لجان النقابة بما فيها لجنة الشباب !! وكان من الطبيعي أن يضع مختار نوح نصب عينيه أن يحصل على لجنة الشريعة الإسلامية ولكن النقيب بل والمجلس بأكمله وقفوا ضد رغبة مختار نوح ، وعندما قرر نوح أن يضع المجلس أمام الأمر الواقع وضع في حجرات المحامين بالمحاكم إعلانات عن أنشطة متنوعة للجنة الشريعة وأشار في الإعلانات إلى إسمه كمقرر لهذه اللجنة فما كان من أحمد الخواجة إلا أن وضع نوح في موقف حرج ذلك أن نوح كان قد تتلمذ في بدايات عمله بالمحاماه على يد محمد علوان أمين صندوق النقابة ـ أمد الله في عمره ـ وكان الحل الذي ارتآه الخواجة هو إسناد هذه اللجنة لمحمد علوان الأمر الذي من شأنه أن يحد من حركة نوح في المواجهة إذ سيكون نوح في غاية الحرج إذا حاول الوقوف ضد أستاذه .. وبالرغم من ذلك استمر نوح في نشاطه كمقرر للجنة الشريعة بوضع اليد في الوقت الذي امتنع المجلس بأكمله عن دعم أنشطة مختار نوح ويذكر التاريخ أن أحمد عودة الوفدي كان عضوا في هذا المجلس وقد حاول الخواجة رحمه الله الاستفادة من قدرات عودة في المناورة وملكاته الخطابية للزج به في حلبة الصراع كي يكون العميل المزدوج حيث كان عليه أن يوهم شباب لجنة الشريعة بجذوره الإخوانية على أمل أن يستولي على لجنة الشريعة ، ولكنه بالطبع لم يستطع التحرك خطوة واحدة في الاتجاه الذي يصبو إليه .. وعندما فشل الخواجة ـ أو بالأحرى عودة ـ في تحقيق هذا المطلب حاول فرض أمرا واقعا على الجميع وهو تعيين عودة ـ بعد أن تنحى علوان ـ رئيسا لهذه اللجنة التي كانت في حقيقة الأمر حصان طروادة ذلك الحصان الذي اكتشف الخواجة خطورته وأمسك نوح لجامه مثل فرسان القرون الوسطى .. وبصبر يحسد عليه أصر نوح على التحكم والسيطرة على لجنة الشريعة حتى ولو كان ذلك بالمجهود الذاتي ، فما كان منه إلا أن اتجه إلى كبار المحامين ليحصل منهم على تبرعات مالية تمكنه من القيام بأنشطته ، والمذهل أن الخواجة الداهية كان أول المتبرعين من ماله الخاص لأنشطة مختار نوح والتي كان أهمها على الإطلاق المعسكر الإسلامي الذي كان ينعقد في رأس البر ـ ثم رأس سدر فيما بعد ـ والذي كان حجر الأساس الذي ساهم في نمو لجنة الشريعة وامتداد فروعها في كافة المحافظات ، وكان النشاط الثاني هو مجلة صحفية تعبرعن لجنة الشريعة وتنشر أخبارها .. ثم النشاط الثالث وهو إفطار سنوي يتم الدعوة له في أحد أيام رمضان حيث كان يقام في فندق أمان بالجيزة فضلا عن تفاني نوح في العمل النقابي الخدمي وانقطاعه له بشكل أثار انتباه الجميع .. وما أن مرت شهور من عمر المجلس حتى أصبح نوح هو المقرر الفعلي للجنة الشريعة بغض النظر عن المقرر الرسمي لها وأصبحت لجنة الشريعة حقيقة واقعة تعبر عن لسان حال الإخوان المسلمين بنقابة المحامين بل وأصبحت هذه اللجنة مفرخة للإخوان إذ من خلالها دخل إلى الأخوان المسلمين مايربو من ألف من المحامين أو يزيد ..!! فضلا عن أنها أصبحت ناطقة بلسان الإخوان المسلمين حتى أن ياسر عرفات عندما زار نقابة المحامين في ظل مجلس 85 خرج منه بصحبة نوح حيث قاما بزيارة المرشد وقتها الأستاذ التلمساني في مقر الإخوان بشارع سوق التوفيقية .. والحقيقة أن هذا هو الخطأ الأول الذي ارتكبه نوح رغم أنفه ذلك أنه ومعه مجموعته لم يقطعوا الحبل الصُري بينهم وبين الإخوان المسلمين .. فالقيود التنظيمية وصرامة التنظيم وحالة الصعود حالت بينهم وبين ذلك الإنفصال ..





    طفل الخواجة



    أما على الناحية الأخرى فقد كانت الأمور تسير على قدم وساق لترسيخ أقدام الألفة سامح عاشور وجيل التلاميذ على طريق العمل النقابي ، ومن ذلك أن قام الخواجة بإنشاء مجلة نقابية دعائية لسامح عاشور حيث كان سامح هو رئيس مجلس إدارتها وصابر عمار هو رئيس التحرير فيها وكان الغرض منها هو الدعاية لهذا الجيل الجديد الذي آن له أن يرث هذا الإرث الضارب بجذوره في التاريخ .. كما دعم الخواجة تلميذه سامح في عقد مؤتمر سنوي للشباب يتم عقده في إحدى المدن الساحلية على غرار المعسكر الإسلامي ليس على غراره فحسب بل كان يعتبر مؤتمر المواجهة فإذا كان نوح له معسكر سنوي يحصد من خلاله الأنصار فليكن المؤتمر لسامح.. والحق أن سامح بشخصيته الكاريزمية ونشاطه الحيوي ومرونته الفائقة وقدرته على المناورة استطاع الإستفادة من دعم الخواجة له وصنع لنفسه دائرة من الأنصار إلا أن أنصاره تحلقوا حوله من باب المصلحة ونجح هو في تعلم درس إخضاع الأنصار من خلال الإعانات الشهرية فضلا عن أن كثيرا من هؤلاء الأنصار ينتمي إلى التيار اليساري على وجه العموم والتيار الناصري على وجه الخصوص إلا أن آفة هذين التيارين هو سرعة الإنقسام والتشرزم ـ على عكس الإخوان وقتها الذين كانوا يتميزون بالإنضباط والحب ـ لذلك علا نجم مختار وذاع صيته إلى حد أن أصبح عضوا لامعا بالبرلمان في الوقت الذي كان سامح فيه يحاول أن يلحق به في سباق إلى المستقبل





    نهاية جيل



    ما إن بدأت الخلافات في معسكر الخواجة حتى تنبأ المراقبون بقرب نهاية هذا الجيل .. فقد اشتد الصراع بين رجال حزب الوفد في مجلس 85 حيث أدار الصراع من الخارج الدكتور نعمان جمعة الذي كان يحلم بميراث رئاسة الوفد ـ وقد ورثه بالفعل ثم أضاع الميراث ـ وكان أخشى ما يخشاه هو النقيب الداهية أحمد الخواجة الذي كان هو المؤهل الحقيقي لوراثة الباشا سراج الدين الذي كان لا يزال جالسا على كرسي العرش .. عرش الحزب .. لذلك كان هذا الصراع هو الصراع الأعلى والأشد ضراوة في نقابة المحامين حيث وقف الوفديان أحمد ناصر ومحمد فهيم أمين وغيرهما في جانب ـ إستعانوا بالدكتور محمد عصفور ـ ووقف أحمد الخواجة وحامد الأزهري ومحمد رزق وأحمد عودة في الجانب الآخر واستطاع أحمد الخواجة بعقليته التكتيكية إجتذاب كل أعضاء المجلس لصفه بما فيهم الشاب الحركي سامح عاشور إلا أن نوح وقف في بداية الأمر يترقب الأحداث ويراقب الموقف عن كثب غير بعيد دون أن ينحاز لطرف على حساب الطرف الآخر إذ أدرك أن الإنحياز لأي من الطرفين فيه خسارة لا محالة .. وفي عام 88 عقد محمد فهيم ومن معه جمعية عمومية لسحب الثقة من النقيب والمجلس وانتهت مراسم الجمعية بسحب الثقة .. وكانت مهازل تاريخية حيث دخل السلاح الابيض إلى نقابة المحامين ودخلت الطلقات النارية التي أزعجت المجتمع المدني بأسره .. بل والأدهى أنه تم الإعتداء على أحمد الخواجة من مجموعات متفرقة من شباب المحامين وقتها لم يستطع سامح عاشور وجيله حماية مُعلمهم الخواجة بل غاب عنه معظمهم وتركوه يخط السطر قبل الأخير في تاريخه ... ورغم العوار الذي أصاب هذه الجمعية من حيث العدد وطريقة عقدها إلا أن الخواجة فقد قدرا من دهائه حيث رفض أن يطعن على قرارات هذه الجمعية معتبرا أنها والعدم سواء .. لم يكن عدم طعن الخواجة على قرارات الجمعية من بنات أفكاره هو إذ كان يفضل أن يقيم الطعن إلا أن مشاورات أهل ثقته ومنهم الألفة سامح عاشور أشارت عليه بتجاهل هذه الجمعية وكأنها لم تنعقد !! واستمرارا منه في تجاهل هذه الجمعية العمومية دعى الخواجة عام 89 إلى عقد انتخابات لمجلس النقابة العامة للمحامين وفي هذه الإنتخابات نجح الخواجة كنقيب ونجح الألفة سامح عاشور ومعه صابر عمار في عضوية مجلس النقابة عن دائرة إستئناف القاهرة في انتخابات شهد الجميع بالتزوير الفادح الذي تم فيها إلا أن الحاسة الإنتخابية والنقابية لمختار نوح قادتة هو ولجنة الشريعة إلى الإنسحاب من هذه الإنتخابات ليكسب ويغنم من الإنسحاب مغانم جماهيرية ودعوية لم يحلم بها أحد من الإخوان في يوم من الأيام .. واستمر مجلس 89 ثلاث سنوات عجاف .. مجلس أطلق عليه المحامون مجلس البلطجية حيث قام بتعيين عدد من الفتوات كحراس أمن على النقابة ـ ومن أسف كان أحمد عودة الوفدي أهم من استجلب البلطجية للنقابة ـ.. كان هذا المجلس مجلس الأسوار حيث أقام أسوارا عالية حول نقابة المحامين .. مجلس أبدع أيما إبداع في تغييب النقابة عن دورها الوطني والخدمي والنقابي والاجتماعي .



    أما الخطأ التاريخي الذي وضع الحبل حول عنق النقابة ـ أو عنق صاحبه ـ فهو الطريقة الغير شرعية التي واجه به الداهية ـ الخواجة ـ خصومه .. ذلك أن الدكتور محمد عصفور وآخرين قد أقاموا طعنا على شرعية انتخابات مجلس 89 وردا على هذا الطعن قام مجلس الخواجة باستخدام سلاح ارتد إليهم فيما بعد فقد قاموا بشطب الدكتور عصفور من جداول المحامين ومعه المجموعة المعارضة !! وشهدت قاعة محكمة القضاء الإداري عضو المجلس إبراهيم فارس أحد رجال الخواجة ومعه الأعضاء حامد الأزهري وأحمد عودة وهم يقومون بجذب الدكتور عصفور من روب المحاماه لخلعه منه أمام المحكمة لأنه في ظنهم ليس محاميا !! ورغم موافقة سامح عاشور على قرار شطب المجموعة المعارضة ـ بل كان هو صاحب الإقتراح ـ إلا أن حاسته النقابية قادته إلى عدم التوقيع على محضر جلسة المجلس الذي صدر فيه قرار الشطب حتى لا يكون سبة في جبين حركته النقابية .



    وجاء خريف 1992 ليصدر حكم محكمة النقض ببطلان مجلس الخواجة وكان هذا الحكم بمثابة إسدال الستار على جيل قدّم للمحاماه ثم شغلته خلافاته فآن له أن يرحل ..كما كان حجر عثرة أمام سامح عاشور إذ أنه محسوب على جيل الخلافات .. بيد أن هذا الحكم كان صفارة الإنطلاق لمختار نوح ولجنة الشريعة فهل يستثمرها نوح ؟





    سنعرف في الحلقة الثالثة

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 6:24 am