أثار الحكم الذي أصدره المستشار شريف
إسماعيل رئيس محكمة جنح مستأنف الدقي ردود فعل واسعة بين المتعاملين
بـ”التوكيلات” التجارية في البيع والشراء, وحرصا علي إزالة أي لبس في تفسير
مفهوم هذا الحكم الذي يعد مبدأ قانونيا تم تفعيله ويمكن الإستناد إليه في
أي من الدعاوي المماثلة التي يمكن أن تنظر مستقبلا, تنشر “بر مصر” حيثياته
كاملة, لتوضيحه امام قراء الجريدة.
بدأ الحكم بسرد تفاصيل الدعوي التي بدأت ببلاغ من شخص ضد
أخر يتهمه فيه بسرقة سيارة كان قد إشتراها منه المبلغ وبعد شهرين من الشراء
إكتشف المبلغ (المجني عليه) أن المبلغ ضده (المتهم) إستولي علي السيارة
دون علمه, وإتصل به هاتفيا وطلب مبالغ مالية أخري رغم قيام المجني عليه
بسداد ثمن السيارة بالكامل.
وقدم المجني عليه لمحكمة أول درجة صورة رسمية من التوكيل
الذي إشتري بموجبه السيارة, والذي به يحق له بيعها لنفسه او لغيره. وتأكدت
هذه المحكمة من صحة هذا التوكيل فأصدرت حكما علي المتهم بالحبس 3 سنوات مع
الشغل والنفاذ عن تهمة السرقة, وألزمته بدفع تعويض مدني مؤقت للمجني عليه
قدره 10001 جنيه.
إستانف المتهم الحكم خلال المدة المحددة قانونا, لتنتهي محكمة المستانف بإلغاء هذا الحكم والقضاء مجددا ببراءته.
وأوضحت المحكمة في أسباب حكمها أنه وبعد مطالعتها لأوراق
الدعوي, والإلمام بكافة تفاصيلها ومستنداتها التي قدمها كلا الطرفين, فقد
رجحت المحكمة إنتفاء ركني الجريمة المادي والمعنوي, حيث إستخلصت أن السيارة
محل الإتهام حال ووقت إرتكاب الواقعة كانت لاتزال مملوكة للمتهم بالرغم من
سند الوكالة “التوكيل” الذي أصدره المتهم لصالح المجني عليه ببيع السيارة
لنفسه أو لغيره, وذلك لكون المجني عليه لم يستعمل هذا التوكيل في نقل ملكية
السيارة لنفسه او لغيره- وهو ما أكده بنفسه في شهادته بالأوراق- لتخرج من
ملكية المالك الحقيقي لها وهو المتهم, ولم يكن- المجني عليه- ممسكا بعقد
بيع يرتب أي إلتزامات علي الطرفين سابق علي تاريخ الواقعة, فتكون هنا
الحالة الحقيقية في منظور القانون المدني هو إستمرار ملكية المتهم للسيارة,
لوجود حالات نص عليها القانون المدني في مادته 715/2 تحول دون سريان
التوكيل منها تصرف الأصيل في الشئ محل الوكالة أو وفاة الأصيل قبل توثيقه.
ونظرا لعدم إستعمال المجني عليه للتوكيل من تاريخ صدوره في أبريل 2008 حتي
يونيو من العام ذاته, وما قرره المجني عليه نفسه من أن المتهم إتصل به
هاتفيا وأبلغه بأنه تحصل علي السيارة بما يؤكد إنتفاء القصد الجنائي لدي
المتهم, وهو ركن لازم لتحقق جريمة السرقة, فضلا عن ثبوت الملكية للمتهم في
تاريخ الواقعة مما تنتفي معه جميع أركان جريمة السرقة, ويتعين علي المحكمة
القضاء مجددا ببراءة المتهم.
وأهابت المحكمة في نهاية حكمها كل من صدر له توكيلا بالبيع
لأي أصل من الأصول سدد كامل قيمتها أو حتي جزء منها بناء علي إتفاق بينه
وبين الطرف الأخر سرعة تسجيل وتوثيق هذا التوكيل حفاظا وضمانا لحقه في
إمتلاك ذلك الأصل, وحرصا من المحكمة علي عدم ضياع الحقوق في هذا المجتمع..
وقال مصدر قضائي أن حكم المستأنف هو تطبيق لنص قانوني صريح
حواه القانون المدني, إلا أن الحكم سلط الضوء عليه ليدق به ناقوس أمام
المتعاملين بالتوكيلات في أي من المعاملات التجارية بالبيع والشراء.. حيث
يؤكد الحكم أن التوكيل هو إجراء من إجراءات المعاملة التجارية لكنه محاط
بعدة قيود أرساها هذا الحكم, وهي ضرورة تسجيل التوكيل أو توثيقه, بمعني
إثبات نقل ملكية الشئ محل التوكيل أو المعاملة التجارية سواء للشخص الموكل
أو لغيره وفقا لما ينص عليه التوكيل من بيع للنفس أو الغير.
ويشير المصدر إلي أن الحكم يعد من الحكام ذات الطابع
التجاري لأنه يخص المعاملات التجارية لكنه مستند لنصوص القانون المدني, ومن
المتوقع أن تشهد مكاتب التوثيق إقبالا غير مسبوق بعد هذا الحكم وما أكده
من مبادئ قانونية, لم تكن مفعلة طوال سنوات.