قضت المحكمة الدستورية العليا في جلستها المنعقدة الأحد
برئاسة المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة بعدم دستورية نص المادة الثانية
من القانون رقم 105 لسنة 1985 بشأن الحد الأعلى للأجور، وما في حكمها، في
الحكومة ووحدات الحكم المحلي والهيئات والمؤسسات العامة والشركات
والجمعيات، وسقوط قراررئيس مجلس الوزراء رقم 615 لسنة 1986 .
وكان مقيم الدعوى، والذي عمل سكرتيرا عاما مساعدا بإحدى
المحافظات - قد أسند إليه الإشراف على بعض المشروعات الخاصة بصندوق خدمات
المحافظة مقابل مكافآت معينة، وإذ وردت مناقضة من الجهاز المركزي للمحاسبات
تسجل تقاضيه ما يزيد على الحد الأقصى للمبالغ المقرر صرفها طبقا لقرار
رئيس مجلس الوزراء رقم 615 لسنة 1986 ، فقد أصدر المحافظ الذي يتبعه المدعي قرارا بوقف صرف أية مبالغ له وتجنيبها بالحسابات الدائنة بديوان المحافظة .
ولجأ المدعي إلى محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة
طالباالحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الأخير، وأثناء نظر دعواه دفع بعدم
دستورية كل من القانون رقم 105 لسنة 1985 وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم
615 لسنة 1986 المشار إليهما، وبعد تصريح القضاء الإداري له أقام دعواه
الدستورية . وتنص المادة الثانية من القانون المطعون عليه بأن "يضع مجلس
الوزراء الحد الأعلى لمجموع ما يتقاضاه العاملون في الحكومة أو وحدات الحكم
المحلي أو الهيئات أو المؤسسات العامة أو الشركات أو الجمعيات في صورة
مرتبات أو بدلات أو مكافآت أو حوافز أو صورة أخرى" .
كما تنص المادة الأولى من قراررئيس مجلس الوزراء رقم
615 لسنة 1986 على انه "لايجوز أن يزيد على 54 ألف جنيه سنويا مجموع ما
يتقاضاه أي شخص يعمل في الحكومة أو وحدات الإدارة المحلية أو الهيئات أو
المؤسسات العامة أو بنوك القطاع العام أو هيئات القطاع العام وشركاته،
بصفته عاملا أو مستشارا، أو بأي صفة أخرى، سواء صرفت إليه المبالغ بصفة
مرتبات أو مكافآت أو بدلات أو حوافز أو بأي صورة أخرى" .
و قالت المحكمة في أسباب حكمها إنه من المقرر في قضائها ان
الدستور عهد بنص المادة 122 إلى المشرع بتعيين القواعد التي تتقرر بموجبها
على خزانة الدولة المرتبات والمعاشات والتعويضات والإعانات والمكافآت، ونظم
حالات الاستثناء منها، والجهات التي تتولى تطبيقها.
وأشارت إلى أن مقتضى ما سبق ذكره أن الدستور لم يعقد للسلطة
التنفيذية اختصاصا ما بوضع تلك القواعد التي يتعين أن تتولاها السلطة
التشريعية بما تصدره من قوانين ولا يجوز لها أن تتسلب من اختصاصها وتحيل
الأمر برمته إلى السلطة التنفيذية دون أن تقيدها في ذلك بضوابط عامة وأسس
رئيسية تلتزم بالعمل في إطارها، فإذا ما خرج المشرع على ذلك وناط بالسلطة
التنفيذية تنظيم حق من أساسه، كان متخليا عن اختصاصه الأصيل المقرر بالمادة
86 من الدستور.
وأوضحت المحكمة ان نص المادة الثانية من القانون المطعون
عليه قد فوض مجلس الوزراء في وضع الحد الأعلى لمجموع ما يتقاضاه العاملون
في الحكومة وسائر الجهات التي أوردتها المادة المذكورة، بما مؤداه أن
المشرع قد تنصل من وضع الضوابط العامة أو الأسس الرئيسية التي تنظم موضوع
الحد الأعلى لما يتقاضاه العاملون من مرتبات وما في حكمها مما سلف ذكره،
على الرغم من انها تمثل عبئا ماليا على خزانة الدولة، ويكون مسلكه في هذا
الشأن يخالف نص المادة 122 من الدستور.
وأضافت المحكمة أن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم
615 لسنة 1986 المطعون عليه قد وضع الحد الأعلى للأجور وما في حكمها لمن
حددته المادة الأولى منه، ونظم أحكامه، مستندا في ذلك إلى السلطة المخولة
بالمادة الثانية من القانون رقم 105 لسنة 1985 السالف الذكر، ومن ثم فإن
القضاء بعدم دستورية النص الأخير يترتب عليه لزوما سقوط ذلك القرار .