قراقوش معناه( النسر الأسود) وهو لفظ تركي مكون من كلمتين "قره"بمعني الأسود و"قوش" بمعنى طائر وارتبط اسم قراقوش في مصر والشرق بالظلم والبلة والتحكم والغفلة ورويت عنه نوادر كثيرة تدل علي الخبل والجنون حتى شاعت بين الناس عبارة "حكم قراقوش" ويقصدون بها التحكيم الأعمى ولكن هل هذه حقيقة قراقوش وهل كان ظالما متجبرا مستبدا؟ وهل كان يتسم بالبله والغفلة والجنون؟ حسبما جاء في كتاب محمد رضوان طرائف العرب ونوادرهم.
فقرقوش هو أبو سعيد بن عبد الله الاسدي الملقب ببهاء الدين قراقوش وكان وزيرا لصلاح الدين الأيوبي ,ولان عصر صلاح الدين كان عصرا يحفل بالاضطرابات والمنازعات الداخلية والخارجية فقد فوّض وزيره قرقوش بأقوى السلطات و أعظمها مما جعل قراقوش نموذجا لهذا المستبد الذي يقاس الناس باستبداده فينتقمون منه بالضحك عليه والسخرية منه, وقد ألفت عن قراقوش كتب كثيرة منها "الفاشوش في حكم قراقوش" لابن الحماقي و"الفاشوش في أحكام قراقوش" لجلال الدين السيوطي , وأيضا "الطراز المنقوش في حكم السلطان قراقوش"
وقد ذكر هؤلاء حكايات عن قراقوش تصفه بالظلم والاستبداد والغفلة والبله والغباء فقد جاء في كتاب ابن حماقي أن امرأة أتته بولدها فقالت له يا سيدي إن ولدي يشتمني فأمر بحبسه سنة فلم يأخذ أمه تلك الليلة نوم فلما أصبحت راحت للسجانين فقالوا لها اذهبي للأمير وقولي له أنا امرأة حبست لي ولدي سنة وقد انقضت تلك السنة فاخرج لي ولدي فاتت المرأة قراقوش وقالت له ذلك فقال بقي له من السنة سبعة أيام "ولم يكن إلا أمس وغدا" فمضت المرأة و أخبرت السجانين فقالوا لها اذهبي إليه غدا وقولي له قد انقضت السبعة أيام فأصبحت المرأة وجاءته فلما نظر إليها قال يا امرأة انتظري حتى تغرب الشمس و أطلق ولدها من الحبس.
وذكر أيضا انه سابق رجلا بفرس له فسبقه الرجل بفرسه فحلف انه لا يعلفه ثلاثة أيام فقال له السابق يا مولاي يموت فقال له قراقوش احلف انك إذا علفته يا هذا لا تعلمه إنني دريت بذلك .
بهاء الدين قراقوش هو أحد القادة البارزين زمن صلاح الدين الأيوبي، وأحد مساعديه، وأحد الذين خاضوا الحروب ضد الصليبيين الغزاة، كما أنه قدم خدمات جليلة لمدينة القاهرة عمرانياً من خلال إقامة الأسوار والقلاع والقناطر وكان له الجهود الكبيرة في القضاء على الدولة الفاطمية الشيعية، وإعادة مصر إلى مذهب أهل السنة... ومع ذلك يرتبط اسمه ـ زوراً ـ بالظلم والقسوة والأحكام الغريبة، وتحيط به الافتراءات، وتنسج حوله النوادر والحكايات.
وفي هذه السطور نعرض شيئاً من حياة هذا الأمير القائد، وأعماله جهاده، وحملة الافتراء والتشويه التي تعرض لها، كمثال على ما تتعرض له الشخصيات القوية من ظلم وتشويه.
وبهاء الدين قراقوش([1]) تركي، كان في بادئ أمره، خادماً عند أسد الدين شيركوه ـ عم صلاح الدين ـ ثم اتصل بخدمة صلاح الدين بعد موت عمه، فأعتقه، وقربه إليه، وبدأ يوكل إليه المهمات.
ومن أولى المهمات الجسيمة التي أوكلها صلاح الدين إلى قراقوش، تعيينه متوليّاً على القصر الفاطمي، عندما قام صلاح الدين بإنهاء الدولة العبيدية الفاطمية، سنة 567هـ (1171م)، وأعاد مصر إلى مذهب أهل السنة، وإلى دولة الخلافة العباسية، كما كانت عليه قبل قدوم العبيديين إلى مصر.
واستطاع قراقوش التعامل بحكمة وحزم مع المؤامرات التي كان يحيكها بقايا الفاطميين في مصر، بعد سقوط دولتهم، وموت آخر خلفائهم "العاضد" فازدادت ثقة صلاح الدين بقراقوش، ومن المهمات الكبرى التي أوكلها إليه، أن ولاّه مدينة عكا لمّا فتحها صلاح الدين ، وطلب منه تحصينها بأسوار تمنع عودة الصليبيين إليها، لكنّ عكا سقطت بعد حصار دام سنتين، ووقع قراقوش في الأسر، ففداه صلاح الدين من الأسر بعشرة آلاف دينار، وفرح بعودته فرحاً شديداً، مقدراً الخدمات التي قدّمها للسلطان والإسلام والمسلمين.
وقد شارك قراقوش صلاح الدين في حروبه ضد الصليبيين، كما شارك في الفتوحات التي انطلقت تجاه المغرب العربي، وحقق فيها المسلمون انتصارات مهمة، وغنموا أموالاً كثيرة.
وقد أجمع المؤرخون على شجاعة قراقوش، وبسالته وهمته، إذ يقول ابن خلكان: "... ولما استقل صلاح الدين بالديار المصرية، جعله زمام القصر، ثم ناب عنه مدة بالديار المصرية، وفوّض أمورها إليه، واعتمد في تدبير أحوالها عليه، وكان رجلاً مسعوداً وصاحب همة عالية"([2]).
ويقول الإمام ابن كثير: "الأمير بهاء الدين قراقوش، الفحل الخصي أحد كبار كتاب أمراء الدولة الصلاحية، كان شهماً شجاعاً فاتكاً، تسلم القصر لما مات العاضد، وعمّر سور القاهرة"([3]).
وإضافة إلى قدراته العسكرية والسياسية، فقد كان لقراقوش منجزات معمارية هامّة، ما يزال بعضها حاضراً إلى اليوم في مصر، إذ أمر صلاح الدين وهو في غمرة قتاله مع الصليبيين بتحصين مصر، والقاهرة على وجه الخصوص بالقلاع والأسوار، وولّى على هذه المهمة، قراقوش، الذي أبدع في بناء سور القاهرة، وقلعة المقطم، كما أنشأ الجسور والقناطر والترع، مستفيداً من أساليب الفرنج في هندستها، ويروي الإمام ابن كثير في حوادث سنة 573هـ أن فيها، "أمر الملك الناصر (صلاح الدين) ببناء قلعة الجبل، وإحاطة السور على القاهرة ومصر فعمر قلعة للملك لم يكن في الديار المصرية مثلها ولا على شكلها، وولّى عمارة ذلك الأمير بهاء الدين قراقوش"([4]).
وبعد وفاة صلاح الدين سنة 589هـ حمل قراقوش جزءاً من العبء والمسؤولية، وعني بأبنائه وإصلاح ذات بينهم، وظل على ذلك إلى أن توفي سنة 597هـ "وكانت وفاته في مستهل رجب سنة سبع وتسعين وخمسمائة بالقاهرة، ودفن في تربته المعروفة به بسفح المقطم بقرب البئر والحوض اللذين أنشأهما على شفير الخندق رحمه الله تعالى"([5]).
وبالرغم مما قدمه قراقوش من خدمات للإسلام والمسلمين، إلاّ أن سيرته تعرضت للتشويه والافتراء، ، فألّف الوزير الأسعد بن حماقي (ت سنة 606هـ ـ 1209م) كتاباً أسماه "الفاشوش في أحكام قراقوش"، نسب فيه إلى قراقوش أحكاماً قضائية عجيبة "أقرب إلى الجور والظلم والتعجل في إصدار الحكم، منها إلى المنطق والعدل والتأني في البحث عن الحق"
وقد شكك العلماء والمؤرخون بالأحكام التي نسبها ابن حماقي لقراقوش، فقد قال ابن العماد الحنبلي: "الأمير الكبير الخادم بهاء الدين الأبيض فتى الملك أسد الدين شيركوه، وقد وضعوا عليه خرافات لا تصح، ولولا وثوق صلاح الدين بعقله لمّا سلّم إليه عكا وغيرها، وكانت له رغبة في الخير وآثار حسنة" ويقول ابن خلكان عن كتاب الفاشوش: وفيه أشياء يبعد وقوع مثلها منه والظاهر أنها موضوعة، فإن صلاح الدين كان معتمداً في أحوال المملكة عليه، ولولا وثوقه بمعرفته وكفايته، ما فوضها إليه" .
فقرقوش هو أبو سعيد بن عبد الله الاسدي الملقب ببهاء الدين قراقوش وكان وزيرا لصلاح الدين الأيوبي ,ولان عصر صلاح الدين كان عصرا يحفل بالاضطرابات والمنازعات الداخلية والخارجية فقد فوّض وزيره قرقوش بأقوى السلطات و أعظمها مما جعل قراقوش نموذجا لهذا المستبد الذي يقاس الناس باستبداده فينتقمون منه بالضحك عليه والسخرية منه, وقد ألفت عن قراقوش كتب كثيرة منها "الفاشوش في حكم قراقوش" لابن الحماقي و"الفاشوش في أحكام قراقوش" لجلال الدين السيوطي , وأيضا "الطراز المنقوش في حكم السلطان قراقوش"
وقد ذكر هؤلاء حكايات عن قراقوش تصفه بالظلم والاستبداد والغفلة والبله والغباء فقد جاء في كتاب ابن حماقي أن امرأة أتته بولدها فقالت له يا سيدي إن ولدي يشتمني فأمر بحبسه سنة فلم يأخذ أمه تلك الليلة نوم فلما أصبحت راحت للسجانين فقالوا لها اذهبي للأمير وقولي له أنا امرأة حبست لي ولدي سنة وقد انقضت تلك السنة فاخرج لي ولدي فاتت المرأة قراقوش وقالت له ذلك فقال بقي له من السنة سبعة أيام "ولم يكن إلا أمس وغدا" فمضت المرأة و أخبرت السجانين فقالوا لها اذهبي إليه غدا وقولي له قد انقضت السبعة أيام فأصبحت المرأة وجاءته فلما نظر إليها قال يا امرأة انتظري حتى تغرب الشمس و أطلق ولدها من الحبس.
وذكر أيضا انه سابق رجلا بفرس له فسبقه الرجل بفرسه فحلف انه لا يعلفه ثلاثة أيام فقال له السابق يا مولاي يموت فقال له قراقوش احلف انك إذا علفته يا هذا لا تعلمه إنني دريت بذلك .
بهاء الدين قراقوش هو أحد القادة البارزين زمن صلاح الدين الأيوبي، وأحد مساعديه، وأحد الذين خاضوا الحروب ضد الصليبيين الغزاة، كما أنه قدم خدمات جليلة لمدينة القاهرة عمرانياً من خلال إقامة الأسوار والقلاع والقناطر وكان له الجهود الكبيرة في القضاء على الدولة الفاطمية الشيعية، وإعادة مصر إلى مذهب أهل السنة... ومع ذلك يرتبط اسمه ـ زوراً ـ بالظلم والقسوة والأحكام الغريبة، وتحيط به الافتراءات، وتنسج حوله النوادر والحكايات.
وفي هذه السطور نعرض شيئاً من حياة هذا الأمير القائد، وأعماله جهاده، وحملة الافتراء والتشويه التي تعرض لها، كمثال على ما تتعرض له الشخصيات القوية من ظلم وتشويه.
وبهاء الدين قراقوش([1]) تركي، كان في بادئ أمره، خادماً عند أسد الدين شيركوه ـ عم صلاح الدين ـ ثم اتصل بخدمة صلاح الدين بعد موت عمه، فأعتقه، وقربه إليه، وبدأ يوكل إليه المهمات.
ومن أولى المهمات الجسيمة التي أوكلها صلاح الدين إلى قراقوش، تعيينه متوليّاً على القصر الفاطمي، عندما قام صلاح الدين بإنهاء الدولة العبيدية الفاطمية، سنة 567هـ (1171م)، وأعاد مصر إلى مذهب أهل السنة، وإلى دولة الخلافة العباسية، كما كانت عليه قبل قدوم العبيديين إلى مصر.
واستطاع قراقوش التعامل بحكمة وحزم مع المؤامرات التي كان يحيكها بقايا الفاطميين في مصر، بعد سقوط دولتهم، وموت آخر خلفائهم "العاضد" فازدادت ثقة صلاح الدين بقراقوش، ومن المهمات الكبرى التي أوكلها إليه، أن ولاّه مدينة عكا لمّا فتحها صلاح الدين ، وطلب منه تحصينها بأسوار تمنع عودة الصليبيين إليها، لكنّ عكا سقطت بعد حصار دام سنتين، ووقع قراقوش في الأسر، ففداه صلاح الدين من الأسر بعشرة آلاف دينار، وفرح بعودته فرحاً شديداً، مقدراً الخدمات التي قدّمها للسلطان والإسلام والمسلمين.
وقد شارك قراقوش صلاح الدين في حروبه ضد الصليبيين، كما شارك في الفتوحات التي انطلقت تجاه المغرب العربي، وحقق فيها المسلمون انتصارات مهمة، وغنموا أموالاً كثيرة.
وقد أجمع المؤرخون على شجاعة قراقوش، وبسالته وهمته، إذ يقول ابن خلكان: "... ولما استقل صلاح الدين بالديار المصرية، جعله زمام القصر، ثم ناب عنه مدة بالديار المصرية، وفوّض أمورها إليه، واعتمد في تدبير أحوالها عليه، وكان رجلاً مسعوداً وصاحب همة عالية"([2]).
ويقول الإمام ابن كثير: "الأمير بهاء الدين قراقوش، الفحل الخصي أحد كبار كتاب أمراء الدولة الصلاحية، كان شهماً شجاعاً فاتكاً، تسلم القصر لما مات العاضد، وعمّر سور القاهرة"([3]).
وإضافة إلى قدراته العسكرية والسياسية، فقد كان لقراقوش منجزات معمارية هامّة، ما يزال بعضها حاضراً إلى اليوم في مصر، إذ أمر صلاح الدين وهو في غمرة قتاله مع الصليبيين بتحصين مصر، والقاهرة على وجه الخصوص بالقلاع والأسوار، وولّى على هذه المهمة، قراقوش، الذي أبدع في بناء سور القاهرة، وقلعة المقطم، كما أنشأ الجسور والقناطر والترع، مستفيداً من أساليب الفرنج في هندستها، ويروي الإمام ابن كثير في حوادث سنة 573هـ أن فيها، "أمر الملك الناصر (صلاح الدين) ببناء قلعة الجبل، وإحاطة السور على القاهرة ومصر فعمر قلعة للملك لم يكن في الديار المصرية مثلها ولا على شكلها، وولّى عمارة ذلك الأمير بهاء الدين قراقوش"([4]).
وبعد وفاة صلاح الدين سنة 589هـ حمل قراقوش جزءاً من العبء والمسؤولية، وعني بأبنائه وإصلاح ذات بينهم، وظل على ذلك إلى أن توفي سنة 597هـ "وكانت وفاته في مستهل رجب سنة سبع وتسعين وخمسمائة بالقاهرة، ودفن في تربته المعروفة به بسفح المقطم بقرب البئر والحوض اللذين أنشأهما على شفير الخندق رحمه الله تعالى"([5]).
وبالرغم مما قدمه قراقوش من خدمات للإسلام والمسلمين، إلاّ أن سيرته تعرضت للتشويه والافتراء، ، فألّف الوزير الأسعد بن حماقي (ت سنة 606هـ ـ 1209م) كتاباً أسماه "الفاشوش في أحكام قراقوش"، نسب فيه إلى قراقوش أحكاماً قضائية عجيبة "أقرب إلى الجور والظلم والتعجل في إصدار الحكم، منها إلى المنطق والعدل والتأني في البحث عن الحق"
وقد شكك العلماء والمؤرخون بالأحكام التي نسبها ابن حماقي لقراقوش، فقد قال ابن العماد الحنبلي: "الأمير الكبير الخادم بهاء الدين الأبيض فتى الملك أسد الدين شيركوه، وقد وضعوا عليه خرافات لا تصح، ولولا وثوق صلاح الدين بعقله لمّا سلّم إليه عكا وغيرها، وكانت له رغبة في الخير وآثار حسنة" ويقول ابن خلكان عن كتاب الفاشوش: وفيه أشياء يبعد وقوع مثلها منه والظاهر أنها موضوعة، فإن صلاح الدين كان معتمداً في أحوال المملكة عليه، ولولا وثوقه بمعرفته وكفايته، ما فوضها إليه" .