محكمة القضاء العسكري
المحكمة المركزية
دائرة (المدعى العام)
مذكرة بدفاع
احمد حسن بسيونى ابو زيد
متــــــــــــــــــهم
في القضية رقم 4405لسنة 2010 جنح ع غرب والمحدد لنظرها جلسة يوم (السبت) الموافق 20/11/2010
الوقائع
… اتهمت النيابة العسكرية المتهم احمد حسن
بسيونى بانه فى غضون عام 2009 ,2010 اذاع عبر الانترنت سرا من اسرار الدفاع
عن البلاد وهى اخبار ومعلومات متعلقة بالقوات المسلحة وذلك بان انشاء موقع
باسم ادارة التجنيد والتعبئة جمهورية مصر العربية وقام بالرد على
الاستفسارات التجنيدية لشباب التجنيد ولم يكن قد صدر اذن كتابى من القيادة
العامة للقوات المسلحة بنشره او اذاعته ولم يخول له ذلك وطلبت النيابة
العسكرية عقابه بالمواد ارقام 80 أ فقرة 2 , 85 فقرة 3 , من قانون العقوبات
المصرى والمادة 5 فقرة ب من قانون القضاء العسكرى .
الدفـــــــــــــــاع
مقدمة لابد منها
.. أن القاضي الجنائي أتيح له الفرصة أن يدرس الخلق الانسانى من ناحية الشر
وما يستوجبه الشر من وسائل الزجر مدركين تمام الإدراك أن غاية الغايات من
كل نظام جنائي ليس مجرد العقاب لان العقوبة فى ذاتها شر لمعالجة شر أعظم
منه بل الغاية المثلى هى النفع فوق ما فى العقاب من ردع بحيث ينتفع المجتمع
و الجاني نفسه فلا تجنى العقوبة فى دورها على الجاني كما جني هو على
المجني عليه.
نعم يجب أن لاتجرى العقوبة على الجاني فتميت فيه كل شعور انسانى بدلا من أن تحييه وتهدمه بدلا أن تبنيه .
بهذا وبهذا وحده تكون العقوبة مصدر حياة للناس .
لذلك سيدي الرئيس :-
لم أجد خيرا من كلمات الراحل مكرم عبيد لشرحه الحكمة من العقوبة وفراسة
القاضي وحكمته في التفريق بين المجرم وغير المجرم لاسيما وأننا أمام متهم
حثه الوطنى وغيرته على بلده هى التى قاضته الى تلك المحاكمة العسكرية !!!!!
فعلا الوطنية وحبه لبلده هى التى بعثته الى المحاكمة العسكرية فيجب أن لا
نقصيه من المجتمع فلا نهدمه هو ومستقبله ووطنيته حتى لانميت كل انتماء فى
شبابنا ونكون قد خسرنا اهم شىء فى مصرنا العزيزة وهى الانتماء وحب الوطن
وهذه مابقيت لنا فى محبوبتنا مصر .
لذلك الحاضر طلب البراءة تأسيسا على .
أولا: عدم اختصاص القضاء العسكري بنظر الجنحة الماثلة.
ثانيا: عدم انطباق مواد الاتهام على الواقعة محل التجريم.
ثالثا: انتفاء أركان جريمة الحصول اذاعة سر من أسرار الدفاع (مادي ومعنوي)
أولا: عدم اختصاص القضاء العسكري بنظر الجنحة الماثلة.
..سيدي الرئيس
نحن ندفع هذا الدفع ونعلم تمام العلم بنص المادة 48 من قانون الأحكام
العسكرية التي توضح وتبين أن المحكمة العسكرية هي وحدها التي تقرر ما أذا
كان الجرم داخلا في اختصاصها أم لا لكننا نود أن نوضح أمام الهيئة الموقرة
ونحن نعلم أنها ملمة بجوانب القضية أن المتهم احمد حسن بسيونى هو شخص مدني
وليس عسكري وإذا تم إحالته بنصوص القانون وخضوعه له طبقا لأمر الإحالة
فأننا نجد هنا أننا أمام قانون يحتاج إلى تفسير لوجود مواد حددت اختصاص
القضاء العسكري بالنسبة للأشخاص وهى المادة 4 من قانون الأحكام العسكرية
والتي نصت على .
يخضع لأحكام هذا القانون الأشخاص ألأتون بعد:
1- ضباط القوات المسلحة الرئيسية والفرعية والإضافية.
2- ضباط الصف وجنود القوات المسلحة عموما.
3- طلبة المدارس ومراكز التدريب المهني والمعاهد والكليات العسكرية.
4- اسري الحرب
5- اى قوات عسكرية تشكل بأمر من رئيس الجمهورية لتأدية خدمة عامة أو خاصة أو وقتية.
6- - عسكريو القوات الحليفة أو الملحقون بهم إذا كانوا يقيمون في ارض
الجمهورية العربية المتحدة إلا إذا كانت هناك معاهدات أو اتفاقيات خاصة أو
دولية تقضي بخلاف ذلك .
7- – الملحقون بالعسكريين أثناء خدمة الميدان وهم كل مدني يعمل في وزارة الحربية أو خدمة القوات المسلحة علي أي وجه كان
كما حددت المادة” 5 ” من ذات القانون
اختصاص المحكمة بالنسبة للجرائم حيث نصت علي أن “تسري أحكام هذا القانون
علي كلا من يرتكب أحدي الجرائم الآتية :-
أ – الجرائم التي تقع في المعسكرات أو الثكنات أو المؤسسات أو المصانع أو
السفن أو الطائرات أو المركبات أو المحلات التي يشغلها العسكريون لصالح
القوات المسلحة أينما وجدت .
ب – الجرائم التي تقع علي معدات ومهمات وأسلحة وذخائر ووثائق وأسرار القوات المسلحة وكافة متعلقاتها .
( ولنا رد سوف يأتي لاحقا علي عدم انطباق هذه المادة علي فعل المتهم )
فالمحاكم العسكرية طبقا لنص هذين المادتين تختص بنظر جرائم معينة بالذات أو بمحاكمة أشخاص معنيين دون غيرهم .
وقد ذهب الدكتور رءوف عبيد إلي
فإذا كانت التهمة المسندة إلي المتهم ليست من الجرائم المنصوص عليها في
المادة الخامسة ولم تقع منه بسبب تأدية أعمال وظيفته فان الاختصاص بمحاكمته
ينعقد للقضاء العادي .
( مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري د/ رءوف عبيد ص 557 ، 558 )
وتنازع الاختصاص بين القضاء العسكري والقضاء
العادي في كل صورة ينبغي أن يرفع الأمر إلي المحكمة العليا طبقا للمادة 4
من قانونها رقم 1981 لسنة 1969 ولا يرفع إلي محكمة النقض وقد حلت المحكمة
الدستورية محل المحكمة العليا بالقانون 48 لسنة 1979
( نقض 1/10 / 1973 أحكام النقض س 24 رقم 167 ص 804 )
وذهبت أيضا محكمة النقض
اعتبرت محكمة النقض قواعد الاختصاص الجنائي من حيث أشخاص المتهمين من النظام العام .
( نقض 15 / 12/ 1969 أحكام النقض س 20 رقم 294 ص 1426 )
وذهب أيضا الدكتور محمود محمود مصطفي إلي أن :-
الأشخاص المخاطبون بالقانون ينبغي عدم الخلط بين تطبيق القانون علي الأشخاص
وبين تكييف الجريمة العسكرية وبين تحديد اختصاص المحاكم العسكرية ،
والمسألتان الأولي والثانية تتعلقان بقانون العقوبات وتدخل الأخيرة في
الموضوعات الشكلية ومن الناحية العملية كان يجب أن ترتبط هذه المسائل
ارتباطا حتميا بمعني أن المحكمة العسكرية لا تنظر إلا في جريمة عسكرية وان
هذه الجريمة لا يكون إلا احد العسكريين وهذا هو الاتجاه الحديث في القانون .
( الجرائم العسكرية في القانون المقارن الجزء الأول قانون العقوبات العسكري د/ محمود محمود مصطفي الطبعة الأولي 1971 ص 39 ، 40 )
… ونعود فنردد القول أن الأحكام العسكرية
استثناءات من القواعد العامة اقتضتها ظروف خاصة بالعسكريين فيجب قصرها
عليهم وإذا جاز التوسع في اختصاص القضاء العسكري في مناسبات تبرره فلا يجوز
أطلاقا أن يسري قانون العقوبات العسكري علي غير العسكريين إلا أن يكون
هناك شريك مدني فعندئذ يكون تابعا في مسئوليته للفاعل طبقا للقواعد العامة
لذلك نصت المادة الرابعة من القانون سالف الذكر علي من يخضعون لهذا القانون
علي سبيل الحصر .
… والصفة العسكرية شرط في الجريمة العسكرية
ومن ثم يلزم توافرها وقت ارتكاب الجريمة طبقا للقواعد العامة لا عبرة
بقيامها قبل أو بعد ذلك ومجرد الاستدعاء للخدمة العسكرية لا يصبغ علي
المطلوب هذه الصفة فلابد من الانخراط في الخدمة بالفعل ولا يخضع للقانون
العسكري الأشخاص الذين يقومون بأعمال الدفاع المدني
( نفس المرجع السابق للدكتور محمود محمود مصطفي ص 46 ، 48 )
وأوضح الدكتور مأمون سلامة الطوائف المختلفة لقانون الأحكام العسكرية أن :-
الصفة الخاصة لقانون العقوبات العسكري تثبت له نظريا لتحديد نطاق تطبيقه
علي أفراد لهم صفة خاصة وعلي وقائع من نوع خاص ، فبينما نجد أن قانون
العقوبات العام يسري في مواجهة الكافة ونجد أن قانون العقوبات العسكري يسري
فقط في مواجهة طائفة معينه من الأفراد
وإذا تأملنا نصوص قانون العقوبات العسكري نجد انه قد استعان في تحديد نطاق
تطبيقه بالنسبة للأشخاص بموضوع الجريمة المرتكبة وكما انه قد استعان بصفة
الفاعل في تحديد نطاق تطبيقه من حيث الوقائع .
( التنظيم القضائي في قانون الأحكام العسكرية د / مأمون محمد سلامة طبعة 2002 ، 2003 ص 6 )
… فالجريمة العسكرية قبل أن نعرفها أجمع الفقهاء القانونين علي انه يجب أن
تكون الجريمة واقعة من شخص عسكري كما حصرتها المادة 4 من قانون الأحكام
العسكرية .
… ونود أن نلفت النظر إلي ملاحظة أخيرة علي
الطوائف السابقة الواردة بالمادة الرابعة من قانون الأحكام العسكرية أن
الصفة العسكرية في مفهوم المادة الرابعة كما تثبت للشخص أو للمعهد أو
المدرسة أو القواد لمجرد الخضوع لنظام له صبغة عسكرية وإنما تثبت تلك الصفة
لاتصال الموصوف بوظيفة القوات المسلحة في الدفاع عن كيان الدولة .
( د / مأمون محمد سلامة – مرجع سابق ص 7 )
لذلك سيدي الرئيس
إذا تم انتفاء التهمة المؤثمة بالمادة الخامسة فقرة ب من قانون الأحكام
العسكرية سيكون الاختصاص منعقد للقضاء العادي وهو القضاء الطبيعي للمتهم
المدني لذلك سوف يأتي لاحقا انتفاء هذه التهمة حتى يؤول الاختصاص لطبيعته
وليس للاستثناء .
أما رأي الدكتور مأمون سلامة في نص المادة
48 من قانون الأحكام العسكرية التي أعطت الحق للقضاء العسكري في تقرير ما
إذا كان الجرم داخلا في اختصاصها من عدمه فيقول :-
… يلاحظ أن نص المادة 48 من قانون الأحكام العسكرية معيب وإذا كان له ما
يبرره في حالة تقرير عدم الاختصاص من القضاء العسكري باعتباره قضاء خاصا
ولا ينبغي اختصاص المحاكم العادية بجرائم القانون العام فإنه جاوز حد
التبرير في الفروض التي يقرر فيها اختصاصه ذلك أن القضاء العادي هو المختص
أصلا بتلك الجرائم وما اختصاص القضاء العسكري بها إلا من قبيل الاستثناء
الذي أملته اعتبارات النظام العسكري .
ولذلك كان يتعين تطبيق القواعد الخاصة بتنازع الاختصاص بين المحاكم العادية
والمحاكم الاستثنائية ولذي تختص بها المحكمة الدستورية العليا .
بل أننا نري أن نص المادة 48 من قانون الأحكام العسكرية يعتبر مفسوخا
بالمادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا والتي أسندت إلي تلك المحكمة
الفصل في أحوال التنازع الايجابي أو السلبي بين جهات القضاء المختلفة .
( التنظيم القضائي في قانون الأحكام العسكرية د/ مأمون سلامة طبعة 2002 ، 2003 ص 128 )
… وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض :-
بأن القضاء العادي هو الأصل وان المحاكم العادية هي المختصة بالنظر في جميع
الدعاوي الناشئة عن أفعال مكونة لجريمة وفقا لقانون العقوبات العام أيا
كان شخص مرتكبها علي حين أن المحاكم العسكرية ليست إلا محاكم خاصة ذات
اختصاص استثنائي مناطه إما خصوصية الجرائم التي تنظرها وإما شخص مرتكبها
علي أساس صفة معينة توافرت فيه وانه وان جاز قانون الأحكام العسكرية رقم 25
لسنة 1966 وقانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 اختصاص القضاء العسكري
بنظر جرائم من نوع معين ومحاكمة فئة خاصة من المتهمين إلا انه ليس في هذين
القانونين ولا في أي تشريع أخر نصا علي انفراد ذلك القضاء بالاختصاص علي
مستوي كافة مراحل الدعوي ابتداء من تحقيقاتها حتى الفصل فيها ولما كانت
الجريمة التي أسندت إلي الطاعن معاقب عليها بالمادتين 126 ، 234/1 ، من
قانون العقوبات وكانت النيابة العامة قد قدمته إلي المحكمة العادية ولم
يقرر القضاء العسكري اختصاصه بمحاكمته فان الاختصاص بذلك ينعقد للقضاء
الجنائي العادي وما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله
( نقض 13 / 11 / 1980 – س 31 – ص 979 )
وذهب أيضا الدكتور محمود محمود مصطفي في نقد المادة 48 من قانون الأحكام العسكرية إلي :-
… ينفرد القانون المصري بنص لا يتفق وأصول المحاكمات فالمادة 48 تنص علي أن
” السلطات القضائية العسكرية هي وحدها التي تقرر ما إذا كان الجرم داخلا
في اختصاصها أم لا ” وجاء من هذا النص في المذكرة الإيضاحية ما يلي : نصت
المادة 48 علي مبدأ هام يتماشي مع الحكمة من إفراد تشريع عسكري روعيت فيه
اعتبارات خاصة سواء بالنسبة للأفراد أو بالنسبة للجرائم وعقوبتها الأمر
الذي أصبح معه حق السلطات العسكرية في تقدير ما إذا كانت الجريمة داخلة في
اختصاص التشريع العسكري أو واضحة وضوحا يتماشي مع الهدف من القانون العسكري
وباعتبار هذه السلطات أقدر من غيرها علي تفهم مقتضيات النظم العسكرية
وتصرفات أفراد القوات المسلحة سواء في الحرب أو السلم وغني عن البيان أن
هذا الحق قرره القانون للسلطات القضائية العسكرية وذلك علي مستوي كافة
مراحل الدعوي تبريرا لانفرادها بالفصل فيما إذا كانت الجريمة تدخل في
اختصاصها أم لا .
( مرجع سابق محمود محمود مصطفي – 52 ، 53 )
… فلا علاقة بين مقتضيات النظام العسكري وتصرفات أفراد القوات المسلحة وبين
انعقاد الاختصاص لجهة قضائية معينه فقواعد الاختصاص قواعد شكلية وليست من
المسائل الموضوعية التي يكون لمقتضيات النظام العسكري شأن فيها أو ملائمات
معينه يتفهمها القضاء العسكري أكثر من القضاء العادي ، فإذا ثار البحث حول
مسالة الاختصاص فأن الأمر يتعلق بمسألة قانونية أولية يجب أن يكون البت
فيها ليس فقط لجهة قضائية يتوافر لها التكوين القانوني بل لجهة عليا على
غرار الحاصل في القانون العادي.
لذلك سيدي الرئيس:
المتهم احمد حسن بسيونى”المدني” قد أحالته النيابة بحفنة من المواد وإذا
أخذنا المادة الخاصة بقانون ألأحكام العسكرية وهى المادة 5 فقرة ب نجد أنها
نصت على تسرى أحكام هذا القانون على كل من يرتكب أحدى الجرائم الآتية:
أ-…………………………
ب- الجرائم التي تقع على معدات ومهمات وأسلحة وذخائر ووثائق وأسرار القوات وكافة متعلقاتها .
… وإذا أخذنا هذه الفقرة بنوع من الشرح والتركيز نجد أنها لاتنطبق على
حالتنا فلا يوجد جريمة واقعة على معدات أو وثائق أو كافة متعلقاتها وقد
أوضحت المذكرة الإيضاحية ماهى كافة متعلقاتها الواردة في هذه المادة لان
التطبيق العملى في بعض القضايا اظهر جدلا حول ما إذا كانت بعض المواد
المستخدمة في القوات المسلحة كالوقود وغيره تدخل في مدلول عبارة المهمات
بالرغم من شمول تلك العبارة بمعناها العام لمثل هذا النوع من المواد لذلك
رؤى إضافة عبارة”أو متعلقاتها” كي يكون النص شاملا لجميع الجرائم التي تقع
على أموال ومواد ومعدات ومهمات وأسلحة وذخائر ووثائق وكافة متعلقات القوات
المسلحة.
… فالمتهم تم اتهامه بهذه المادة وهى مادة
الغرض منها عقاب من يقوم بالاعتداء على معدات القوات المسلحة أو مهماتها أو
وثائقه وأسرار القوات المسلحة وهذا لم يحدث فلا يوجد ثمة أوراق أو دلائل
أو أحراز تؤيد الاعتداء على تلك المهمات أو الذخائر أو حتى وثائق وأسرار
القوات المسلحة .
لا سيما وان كتيب الارشادات المحرز فى قضيتنا تلك لا توجد به سرية ولا يحتوى على اسرار بل تم تعديله .
وتطبيقا لذلك وقضت المحكمة الدستورية العليا
.. بان لا يجوز أن يكون أمر التجريم فرطاء وهو ما يتحقق في كل حال يكون فيه
النص العقابي محملا بأكثر من معنى ,مرهقا بأغلال تعدد تأويلاته مرنا
متراميا على ضوء الصيغة التي افرغ فيها ,فضلا عن أن ذلك يعنى انفلات النص
من ضوابطه فلا تكون الأفعال التي منعها المشرع أو طلبها محددة بصورة يقينية
بل شباكا أو شراكا يلقيها المشرع متصيدا من يقيعون تحتها أو يخطئون في
مواقعها
(دستورية عليا 22فبراير 1997 القضية رقم 48لسنة 17قضائية دستورية الجريدة
الرسمية العدد10,6-مارس سنة 1997ص 612,دستورية عليا 5يوليو سنة1997القضية
رقم 58لسنة18 قضائية دستورية الجريدة الرسمية العدد29 ,19 يوليو سنة 1997)
وقد ذهب الدكتور أحمد فتحي سرور في تفسير المادة 48من قانون الأحكام العسكرية:
كيف يتأتى أن يكون القضاء العسكري طرفا في التنازع بين الاختصاص من غيره من
جهات القضاء ثم يكون القضاء العسكري وحده هو الحكم في هذا التنازع ؟
أن المناط الوحيد لضمان تقيد القضاء بالمواد 5,6,7 من قانون الأحكام
العسكرية هو وجود جهة قضائية محايدة تختص بتطبيق هذه المواد عند حدوث تنازع
بينهم أما جعل الكلمة النهائية للقضاء للفصل في الاختصاص وهو أمر من
اختصاص السلطة التشريعية وحدها لتعلقه بالحريات وهو مالا يجوز لمخالفته
للدستور.
(الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية د/ أحمد فتحي سرور الجزء الأول ص 91,92)
… وحيث أن ما تم نشره المتهم لا يمس لا من
قريب ولا من بعيد لما ورد بالمواد 4 ، 5 من قانون الأحكام العسكرية وبذلك
لا يخضع المتهم الماثل أمامكم للمحاكمة العسكرية .
… وتم توضيح هذا الدفع طبقا لأحكام النقض وأراء الفقهاء وبعد ما دللنا على
الواقعة الماثلة أمام عدلكم باتهام شخص مدني لا ينطبق عليه قانون الأحكام
العسكرية .
لذلك
فإذا ما ذكرنا أمام عدلكم وأمام القضاء العسكري بعدم اختصاص القضاء العسكري
بنظر هذه الجنحة وأن القضاء العادي الطبيعي هو صاحب الولاية على هذه
الجنحة فهذا لا ينال من قضاته وإنما يكون ذلك دفاعا عن احكام القانون.
المحكمة المركزية
دائرة (المدعى العام)
مذكرة بدفاع
احمد حسن بسيونى ابو زيد
متــــــــــــــــــهم
في القضية رقم 4405لسنة 2010 جنح ع غرب والمحدد لنظرها جلسة يوم (السبت) الموافق 20/11/2010
الوقائع
… اتهمت النيابة العسكرية المتهم احمد حسن
بسيونى بانه فى غضون عام 2009 ,2010 اذاع عبر الانترنت سرا من اسرار الدفاع
عن البلاد وهى اخبار ومعلومات متعلقة بالقوات المسلحة وذلك بان انشاء موقع
باسم ادارة التجنيد والتعبئة جمهورية مصر العربية وقام بالرد على
الاستفسارات التجنيدية لشباب التجنيد ولم يكن قد صدر اذن كتابى من القيادة
العامة للقوات المسلحة بنشره او اذاعته ولم يخول له ذلك وطلبت النيابة
العسكرية عقابه بالمواد ارقام 80 أ فقرة 2 , 85 فقرة 3 , من قانون العقوبات
المصرى والمادة 5 فقرة ب من قانون القضاء العسكرى .
الدفـــــــــــــــاع
مقدمة لابد منها
.. أن القاضي الجنائي أتيح له الفرصة أن يدرس الخلق الانسانى من ناحية الشر
وما يستوجبه الشر من وسائل الزجر مدركين تمام الإدراك أن غاية الغايات من
كل نظام جنائي ليس مجرد العقاب لان العقوبة فى ذاتها شر لمعالجة شر أعظم
منه بل الغاية المثلى هى النفع فوق ما فى العقاب من ردع بحيث ينتفع المجتمع
و الجاني نفسه فلا تجنى العقوبة فى دورها على الجاني كما جني هو على
المجني عليه.
نعم يجب أن لاتجرى العقوبة على الجاني فتميت فيه كل شعور انسانى بدلا من أن تحييه وتهدمه بدلا أن تبنيه .
بهذا وبهذا وحده تكون العقوبة مصدر حياة للناس .
لذلك سيدي الرئيس :-
لم أجد خيرا من كلمات الراحل مكرم عبيد لشرحه الحكمة من العقوبة وفراسة
القاضي وحكمته في التفريق بين المجرم وغير المجرم لاسيما وأننا أمام متهم
حثه الوطنى وغيرته على بلده هى التى قاضته الى تلك المحاكمة العسكرية !!!!!
فعلا الوطنية وحبه لبلده هى التى بعثته الى المحاكمة العسكرية فيجب أن لا
نقصيه من المجتمع فلا نهدمه هو ومستقبله ووطنيته حتى لانميت كل انتماء فى
شبابنا ونكون قد خسرنا اهم شىء فى مصرنا العزيزة وهى الانتماء وحب الوطن
وهذه مابقيت لنا فى محبوبتنا مصر .
لذلك الحاضر طلب البراءة تأسيسا على .
أولا: عدم اختصاص القضاء العسكري بنظر الجنحة الماثلة.
ثانيا: عدم انطباق مواد الاتهام على الواقعة محل التجريم.
ثالثا: انتفاء أركان جريمة الحصول اذاعة سر من أسرار الدفاع (مادي ومعنوي)
أولا: عدم اختصاص القضاء العسكري بنظر الجنحة الماثلة.
..سيدي الرئيس
نحن ندفع هذا الدفع ونعلم تمام العلم بنص المادة 48 من قانون الأحكام
العسكرية التي توضح وتبين أن المحكمة العسكرية هي وحدها التي تقرر ما أذا
كان الجرم داخلا في اختصاصها أم لا لكننا نود أن نوضح أمام الهيئة الموقرة
ونحن نعلم أنها ملمة بجوانب القضية أن المتهم احمد حسن بسيونى هو شخص مدني
وليس عسكري وإذا تم إحالته بنصوص القانون وخضوعه له طبقا لأمر الإحالة
فأننا نجد هنا أننا أمام قانون يحتاج إلى تفسير لوجود مواد حددت اختصاص
القضاء العسكري بالنسبة للأشخاص وهى المادة 4 من قانون الأحكام العسكرية
والتي نصت على .
يخضع لأحكام هذا القانون الأشخاص ألأتون بعد:
1- ضباط القوات المسلحة الرئيسية والفرعية والإضافية.
2- ضباط الصف وجنود القوات المسلحة عموما.
3- طلبة المدارس ومراكز التدريب المهني والمعاهد والكليات العسكرية.
4- اسري الحرب
5- اى قوات عسكرية تشكل بأمر من رئيس الجمهورية لتأدية خدمة عامة أو خاصة أو وقتية.
6- - عسكريو القوات الحليفة أو الملحقون بهم إذا كانوا يقيمون في ارض
الجمهورية العربية المتحدة إلا إذا كانت هناك معاهدات أو اتفاقيات خاصة أو
دولية تقضي بخلاف ذلك .
7- – الملحقون بالعسكريين أثناء خدمة الميدان وهم كل مدني يعمل في وزارة الحربية أو خدمة القوات المسلحة علي أي وجه كان
كما حددت المادة” 5 ” من ذات القانون
اختصاص المحكمة بالنسبة للجرائم حيث نصت علي أن “تسري أحكام هذا القانون
علي كلا من يرتكب أحدي الجرائم الآتية :-
أ – الجرائم التي تقع في المعسكرات أو الثكنات أو المؤسسات أو المصانع أو
السفن أو الطائرات أو المركبات أو المحلات التي يشغلها العسكريون لصالح
القوات المسلحة أينما وجدت .
ب – الجرائم التي تقع علي معدات ومهمات وأسلحة وذخائر ووثائق وأسرار القوات المسلحة وكافة متعلقاتها .
( ولنا رد سوف يأتي لاحقا علي عدم انطباق هذه المادة علي فعل المتهم )
فالمحاكم العسكرية طبقا لنص هذين المادتين تختص بنظر جرائم معينة بالذات أو بمحاكمة أشخاص معنيين دون غيرهم .
وقد ذهب الدكتور رءوف عبيد إلي
فإذا كانت التهمة المسندة إلي المتهم ليست من الجرائم المنصوص عليها في
المادة الخامسة ولم تقع منه بسبب تأدية أعمال وظيفته فان الاختصاص بمحاكمته
ينعقد للقضاء العادي .
( مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري د/ رءوف عبيد ص 557 ، 558 )
وتنازع الاختصاص بين القضاء العسكري والقضاء
العادي في كل صورة ينبغي أن يرفع الأمر إلي المحكمة العليا طبقا للمادة 4
من قانونها رقم 1981 لسنة 1969 ولا يرفع إلي محكمة النقض وقد حلت المحكمة
الدستورية محل المحكمة العليا بالقانون 48 لسنة 1979
( نقض 1/10 / 1973 أحكام النقض س 24 رقم 167 ص 804 )
وذهبت أيضا محكمة النقض
اعتبرت محكمة النقض قواعد الاختصاص الجنائي من حيث أشخاص المتهمين من النظام العام .
( نقض 15 / 12/ 1969 أحكام النقض س 20 رقم 294 ص 1426 )
وذهب أيضا الدكتور محمود محمود مصطفي إلي أن :-
الأشخاص المخاطبون بالقانون ينبغي عدم الخلط بين تطبيق القانون علي الأشخاص
وبين تكييف الجريمة العسكرية وبين تحديد اختصاص المحاكم العسكرية ،
والمسألتان الأولي والثانية تتعلقان بقانون العقوبات وتدخل الأخيرة في
الموضوعات الشكلية ومن الناحية العملية كان يجب أن ترتبط هذه المسائل
ارتباطا حتميا بمعني أن المحكمة العسكرية لا تنظر إلا في جريمة عسكرية وان
هذه الجريمة لا يكون إلا احد العسكريين وهذا هو الاتجاه الحديث في القانون .
( الجرائم العسكرية في القانون المقارن الجزء الأول قانون العقوبات العسكري د/ محمود محمود مصطفي الطبعة الأولي 1971 ص 39 ، 40 )
… ونعود فنردد القول أن الأحكام العسكرية
استثناءات من القواعد العامة اقتضتها ظروف خاصة بالعسكريين فيجب قصرها
عليهم وإذا جاز التوسع في اختصاص القضاء العسكري في مناسبات تبرره فلا يجوز
أطلاقا أن يسري قانون العقوبات العسكري علي غير العسكريين إلا أن يكون
هناك شريك مدني فعندئذ يكون تابعا في مسئوليته للفاعل طبقا للقواعد العامة
لذلك نصت المادة الرابعة من القانون سالف الذكر علي من يخضعون لهذا القانون
علي سبيل الحصر .
… والصفة العسكرية شرط في الجريمة العسكرية
ومن ثم يلزم توافرها وقت ارتكاب الجريمة طبقا للقواعد العامة لا عبرة
بقيامها قبل أو بعد ذلك ومجرد الاستدعاء للخدمة العسكرية لا يصبغ علي
المطلوب هذه الصفة فلابد من الانخراط في الخدمة بالفعل ولا يخضع للقانون
العسكري الأشخاص الذين يقومون بأعمال الدفاع المدني
( نفس المرجع السابق للدكتور محمود محمود مصطفي ص 46 ، 48 )
وأوضح الدكتور مأمون سلامة الطوائف المختلفة لقانون الأحكام العسكرية أن :-
الصفة الخاصة لقانون العقوبات العسكري تثبت له نظريا لتحديد نطاق تطبيقه
علي أفراد لهم صفة خاصة وعلي وقائع من نوع خاص ، فبينما نجد أن قانون
العقوبات العام يسري في مواجهة الكافة ونجد أن قانون العقوبات العسكري يسري
فقط في مواجهة طائفة معينه من الأفراد
وإذا تأملنا نصوص قانون العقوبات العسكري نجد انه قد استعان في تحديد نطاق
تطبيقه بالنسبة للأشخاص بموضوع الجريمة المرتكبة وكما انه قد استعان بصفة
الفاعل في تحديد نطاق تطبيقه من حيث الوقائع .
( التنظيم القضائي في قانون الأحكام العسكرية د / مأمون محمد سلامة طبعة 2002 ، 2003 ص 6 )
… فالجريمة العسكرية قبل أن نعرفها أجمع الفقهاء القانونين علي انه يجب أن
تكون الجريمة واقعة من شخص عسكري كما حصرتها المادة 4 من قانون الأحكام
العسكرية .
… ونود أن نلفت النظر إلي ملاحظة أخيرة علي
الطوائف السابقة الواردة بالمادة الرابعة من قانون الأحكام العسكرية أن
الصفة العسكرية في مفهوم المادة الرابعة كما تثبت للشخص أو للمعهد أو
المدرسة أو القواد لمجرد الخضوع لنظام له صبغة عسكرية وإنما تثبت تلك الصفة
لاتصال الموصوف بوظيفة القوات المسلحة في الدفاع عن كيان الدولة .
( د / مأمون محمد سلامة – مرجع سابق ص 7 )
لذلك سيدي الرئيس
إذا تم انتفاء التهمة المؤثمة بالمادة الخامسة فقرة ب من قانون الأحكام
العسكرية سيكون الاختصاص منعقد للقضاء العادي وهو القضاء الطبيعي للمتهم
المدني لذلك سوف يأتي لاحقا انتفاء هذه التهمة حتى يؤول الاختصاص لطبيعته
وليس للاستثناء .
أما رأي الدكتور مأمون سلامة في نص المادة
48 من قانون الأحكام العسكرية التي أعطت الحق للقضاء العسكري في تقرير ما
إذا كان الجرم داخلا في اختصاصها من عدمه فيقول :-
… يلاحظ أن نص المادة 48 من قانون الأحكام العسكرية معيب وإذا كان له ما
يبرره في حالة تقرير عدم الاختصاص من القضاء العسكري باعتباره قضاء خاصا
ولا ينبغي اختصاص المحاكم العادية بجرائم القانون العام فإنه جاوز حد
التبرير في الفروض التي يقرر فيها اختصاصه ذلك أن القضاء العادي هو المختص
أصلا بتلك الجرائم وما اختصاص القضاء العسكري بها إلا من قبيل الاستثناء
الذي أملته اعتبارات النظام العسكري .
ولذلك كان يتعين تطبيق القواعد الخاصة بتنازع الاختصاص بين المحاكم العادية
والمحاكم الاستثنائية ولذي تختص بها المحكمة الدستورية العليا .
بل أننا نري أن نص المادة 48 من قانون الأحكام العسكرية يعتبر مفسوخا
بالمادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا والتي أسندت إلي تلك المحكمة
الفصل في أحوال التنازع الايجابي أو السلبي بين جهات القضاء المختلفة .
( التنظيم القضائي في قانون الأحكام العسكرية د/ مأمون سلامة طبعة 2002 ، 2003 ص 128 )
… وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض :-
بأن القضاء العادي هو الأصل وان المحاكم العادية هي المختصة بالنظر في جميع
الدعاوي الناشئة عن أفعال مكونة لجريمة وفقا لقانون العقوبات العام أيا
كان شخص مرتكبها علي حين أن المحاكم العسكرية ليست إلا محاكم خاصة ذات
اختصاص استثنائي مناطه إما خصوصية الجرائم التي تنظرها وإما شخص مرتكبها
علي أساس صفة معينة توافرت فيه وانه وان جاز قانون الأحكام العسكرية رقم 25
لسنة 1966 وقانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 اختصاص القضاء العسكري
بنظر جرائم من نوع معين ومحاكمة فئة خاصة من المتهمين إلا انه ليس في هذين
القانونين ولا في أي تشريع أخر نصا علي انفراد ذلك القضاء بالاختصاص علي
مستوي كافة مراحل الدعوي ابتداء من تحقيقاتها حتى الفصل فيها ولما كانت
الجريمة التي أسندت إلي الطاعن معاقب عليها بالمادتين 126 ، 234/1 ، من
قانون العقوبات وكانت النيابة العامة قد قدمته إلي المحكمة العادية ولم
يقرر القضاء العسكري اختصاصه بمحاكمته فان الاختصاص بذلك ينعقد للقضاء
الجنائي العادي وما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله
( نقض 13 / 11 / 1980 – س 31 – ص 979 )
وذهب أيضا الدكتور محمود محمود مصطفي في نقد المادة 48 من قانون الأحكام العسكرية إلي :-
… ينفرد القانون المصري بنص لا يتفق وأصول المحاكمات فالمادة 48 تنص علي أن
” السلطات القضائية العسكرية هي وحدها التي تقرر ما إذا كان الجرم داخلا
في اختصاصها أم لا ” وجاء من هذا النص في المذكرة الإيضاحية ما يلي : نصت
المادة 48 علي مبدأ هام يتماشي مع الحكمة من إفراد تشريع عسكري روعيت فيه
اعتبارات خاصة سواء بالنسبة للأفراد أو بالنسبة للجرائم وعقوبتها الأمر
الذي أصبح معه حق السلطات العسكرية في تقدير ما إذا كانت الجريمة داخلة في
اختصاص التشريع العسكري أو واضحة وضوحا يتماشي مع الهدف من القانون العسكري
وباعتبار هذه السلطات أقدر من غيرها علي تفهم مقتضيات النظم العسكرية
وتصرفات أفراد القوات المسلحة سواء في الحرب أو السلم وغني عن البيان أن
هذا الحق قرره القانون للسلطات القضائية العسكرية وذلك علي مستوي كافة
مراحل الدعوي تبريرا لانفرادها بالفصل فيما إذا كانت الجريمة تدخل في
اختصاصها أم لا .
( مرجع سابق محمود محمود مصطفي – 52 ، 53 )
… فلا علاقة بين مقتضيات النظام العسكري وتصرفات أفراد القوات المسلحة وبين
انعقاد الاختصاص لجهة قضائية معينه فقواعد الاختصاص قواعد شكلية وليست من
المسائل الموضوعية التي يكون لمقتضيات النظام العسكري شأن فيها أو ملائمات
معينه يتفهمها القضاء العسكري أكثر من القضاء العادي ، فإذا ثار البحث حول
مسالة الاختصاص فأن الأمر يتعلق بمسألة قانونية أولية يجب أن يكون البت
فيها ليس فقط لجهة قضائية يتوافر لها التكوين القانوني بل لجهة عليا على
غرار الحاصل في القانون العادي.
لذلك سيدي الرئيس:
المتهم احمد حسن بسيونى”المدني” قد أحالته النيابة بحفنة من المواد وإذا
أخذنا المادة الخاصة بقانون ألأحكام العسكرية وهى المادة 5 فقرة ب نجد أنها
نصت على تسرى أحكام هذا القانون على كل من يرتكب أحدى الجرائم الآتية:
أ-…………………………
ب- الجرائم التي تقع على معدات ومهمات وأسلحة وذخائر ووثائق وأسرار القوات وكافة متعلقاتها .
… وإذا أخذنا هذه الفقرة بنوع من الشرح والتركيز نجد أنها لاتنطبق على
حالتنا فلا يوجد جريمة واقعة على معدات أو وثائق أو كافة متعلقاتها وقد
أوضحت المذكرة الإيضاحية ماهى كافة متعلقاتها الواردة في هذه المادة لان
التطبيق العملى في بعض القضايا اظهر جدلا حول ما إذا كانت بعض المواد
المستخدمة في القوات المسلحة كالوقود وغيره تدخل في مدلول عبارة المهمات
بالرغم من شمول تلك العبارة بمعناها العام لمثل هذا النوع من المواد لذلك
رؤى إضافة عبارة”أو متعلقاتها” كي يكون النص شاملا لجميع الجرائم التي تقع
على أموال ومواد ومعدات ومهمات وأسلحة وذخائر ووثائق وكافة متعلقات القوات
المسلحة.
… فالمتهم تم اتهامه بهذه المادة وهى مادة
الغرض منها عقاب من يقوم بالاعتداء على معدات القوات المسلحة أو مهماتها أو
وثائقه وأسرار القوات المسلحة وهذا لم يحدث فلا يوجد ثمة أوراق أو دلائل
أو أحراز تؤيد الاعتداء على تلك المهمات أو الذخائر أو حتى وثائق وأسرار
القوات المسلحة .
لا سيما وان كتيب الارشادات المحرز فى قضيتنا تلك لا توجد به سرية ولا يحتوى على اسرار بل تم تعديله .
وتطبيقا لذلك وقضت المحكمة الدستورية العليا
.. بان لا يجوز أن يكون أمر التجريم فرطاء وهو ما يتحقق في كل حال يكون فيه
النص العقابي محملا بأكثر من معنى ,مرهقا بأغلال تعدد تأويلاته مرنا
متراميا على ضوء الصيغة التي افرغ فيها ,فضلا عن أن ذلك يعنى انفلات النص
من ضوابطه فلا تكون الأفعال التي منعها المشرع أو طلبها محددة بصورة يقينية
بل شباكا أو شراكا يلقيها المشرع متصيدا من يقيعون تحتها أو يخطئون في
مواقعها
(دستورية عليا 22فبراير 1997 القضية رقم 48لسنة 17قضائية دستورية الجريدة
الرسمية العدد10,6-مارس سنة 1997ص 612,دستورية عليا 5يوليو سنة1997القضية
رقم 58لسنة18 قضائية دستورية الجريدة الرسمية العدد29 ,19 يوليو سنة 1997)
وقد ذهب الدكتور أحمد فتحي سرور في تفسير المادة 48من قانون الأحكام العسكرية:
كيف يتأتى أن يكون القضاء العسكري طرفا في التنازع بين الاختصاص من غيره من
جهات القضاء ثم يكون القضاء العسكري وحده هو الحكم في هذا التنازع ؟
أن المناط الوحيد لضمان تقيد القضاء بالمواد 5,6,7 من قانون الأحكام
العسكرية هو وجود جهة قضائية محايدة تختص بتطبيق هذه المواد عند حدوث تنازع
بينهم أما جعل الكلمة النهائية للقضاء للفصل في الاختصاص وهو أمر من
اختصاص السلطة التشريعية وحدها لتعلقه بالحريات وهو مالا يجوز لمخالفته
للدستور.
(الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية د/ أحمد فتحي سرور الجزء الأول ص 91,92)
… وحيث أن ما تم نشره المتهم لا يمس لا من
قريب ولا من بعيد لما ورد بالمواد 4 ، 5 من قانون الأحكام العسكرية وبذلك
لا يخضع المتهم الماثل أمامكم للمحاكمة العسكرية .
… وتم توضيح هذا الدفع طبقا لأحكام النقض وأراء الفقهاء وبعد ما دللنا على
الواقعة الماثلة أمام عدلكم باتهام شخص مدني لا ينطبق عليه قانون الأحكام
العسكرية .
لذلك
فإذا ما ذكرنا أمام عدلكم وأمام القضاء العسكري بعدم اختصاص القضاء العسكري
بنظر هذه الجنحة وأن القضاء العادي الطبيعي هو صاحب الولاية على هذه
الجنحة فهذا لا ينال من قضاته وإنما يكون ذلك دفاعا عن احكام القانون.