- عمرو الشوبكي : مايحدث نتيجة لتخلي مصر عن دورها في إفريقيا
- هاني رسلان : انفصال الجنوب السوداني يهدد منابع النيل وأمن البحر الاحمر
- جمال شقرة : السودان سيشهد فوضى أمنية ستهدد الحدود المصرية
انفصل
جنوب السودان عن شماله وانقسم اكبر بلد عربي إفريقي على نفسه وتحول إلى
دولة مسيحية في الجنوب وأخرى مسلمة في الشمال ويتزامن انقسام السودان مع
مطالبة مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان العراق بإعطاء كردستان العراق حق
تقرير المصير في البقاء ضمن الدولة العراقية الفيدرالية أم الاستقلال
الكامل عنها .
ومن
قراءة هذين الحدثين الهامين واللذان يتزامنا مع حوادث التفجيرات التي
استهدفت كنيسة القديسين بالاسكندرية نجد أن الكثير من المحللين اعتبروا أن
إسرائيل وحلفائها هم من وراء هذه الأحداث مجتمعة وان إسرائيل منذ قيامها
ووجدت نفسها وسط بحيرة من الكراهية العربية ففكرت كيف تخترق هذه الدولة
فوجدت ملاذها في اللعب على ورقة الأقليات لتفتيت الوطن العربي الذي يدعو
الى الوحدة وما يدل على ذلك كتاب " موشي فوجي " العميد السابق بالموساد حيث
يقول بالنص في كتابه الذى يحمل اسم "إسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان"
أن "
قادة الحركة الصهيونية رأت أن الأقليات فى العالم العربى تمثل حليفا
طبيعيا لها ومن ثم خططت لمد الجسور معها. فتواصل رجالها مع الأكراد فى
العراق وسكان جنوب السودان. والموارنة فى لبنان. والأكراد فى سوريا
والعراق. والأقباط فى مصر. واعتمدت فى مخططها على مبدأ فرق تسد حيث اعتبرت
أن تلك هى الوسيلة الأفضل لتفتيت الوطن العربى من خلال خلق كيانات انفصالية
فى داخله. واستهدفت بذلك إعادة توزيع القوى فى المنطقة. على نحو يجعل منها
مجموعة من الدول الهامشية المفتقدة لوحدتها وسيادتها. مما يسهل على
إسرائيل، وبالتعاون مع دول الجوار غير العربية، مهمة السيطرة عليها الواحدة
تلو الأخرى فيما بعد "
ويؤكد
هذا الكلام ازدياد التوتر الطائفي في هذه البلدان كلما ضعفت هذه الدول أو
عقدت سلاما مع إسرائيل حيث نرى أن الملف القبطي لم ينشط في مصر إلا في فترة
السبعينيات وهي الفترة التي بدأت مصر فيها اتخاذ خطوات نحو السلام
والتفاهم مع إسرائيل انتهت هذه الخطوات بعقد اتفاقية كامب ديفيد وحدث هذا
أيضا مع السودان حينما انفصلت عن مصر عام 1956 وبدأت السودان تشاهد ضعفا
كبيرا .. وأيضا لا يخفى علينا الاستثمارات الإسرائيلية الكبيرة في شمال
العراق بعد الإطاحة بالرئيس صدام حسين عام 2003 ولبنان غالبا منقسم على
نفسه ومتناحر وهو ما أعطى فرصة لإسرائيل منذ السبعينات لعمل علاقات مع
طوائف لبنانية تجلت في تجنيد العميل اللبناني "أنطوان لحد" الذي كون جيشا
لمساندة إسرائيل في لبنان وضرب المقاومة اللبنانية أما البلد الوحيد الذي
لازال يشهد تماسكا نسبيا فهو سوريا والتي لم تعقد أي علاقات مع إسرائيل إلى
الآن والنظام فيها يحكم قبضته على الوضع الداخلي بشكل قوي .
أما
السودان الذي انفصل جنوبه بالفعل فيروي "افي ديحتر" وزير الأمن الداخلي
الإسرائيلي السابق قصة إسرائيل معه في محاضرة شهيرة له أمام معهد أبحاث
الأمن القومي الإسرائيلي فيقول : كانت هناك تقديرات إسرائيلية منذ استقلال
السودان فى منتصف الخمسينيات أنه لا يجب أن يسمح لهذا البلد رغم بعده عنا
بأن يصبح قوة مضافة إلى قوة العالم العربى لأن موارده إذا ما استمرت فى ظل
أوضاع مستقرة ستجعل منه قوة يحسب لها ألف حساب ويضيف انه فى
ضوء هذه التقديرات كان على إسرائيل بمختلف أجهزتها وأذرعها أن تتجه إلى
الساحة السودانية لكى تفاقم من أزماتها وتسهم فى إنتاج أزمات جديدة بحيث
يكون حاصل تلك الأزمات معضلة يصعب معالجتها فيما بعد . لأن السودان يشكل
عمقا استراتيجيا بمصر. وهو عنصر تجلى بعد حرب عام 1967 حين تحول السودان
ومعه ليبيا إلى قواعد تدريب وإيواء سلاح الجو المصرى والقوات البرية. علما
بأن السودان أرسل قوات إلى منطقة القناة أثناء حرب الاستنزاف التى شنتها
مصر بين عامى 1968 و1970.
ويضيف
ديحتر انه لهذين السببين كان لابد أن تعمل إسرائيل على إضعاف السودان
وانتزاع المبادرة منه لعدم تمكينه من بناء دولة قوية موحدة. وهذا المنظور
الاستراتيجي يشكل أحد ضرورات دعم وتنظيم الأمن القومى الإسرائيلي .
مما
سبق نستطيع أن نقرأ جيدا كيف انفصل جنوب السودان وندرك ماهو مستقبل الأمن
القومي المصري بعد وجود دولة مسيحية لها علاقات متينة مع اسرائيل وتسيطر
هذه الدولة على جزء مهم جدا من منابع النيل الذي يعتبر شريان الحياة لمصر
ويرى عمرو الشوبكي الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية إن إسرائيل تلعب بالفعل دورا كبيراً في انفصال جنوب
السودان وانفصال شمال العراق وتلعب دورا كبيراً في إثارة النعرات الطائفية
في مصر أيضا ويحدث هذا ضمن إستراتيجية إسرائيلية لتفكيك العالم العربي إلى
كانتونات صغيرة يسهل السيطرة عليها وما كلام "عاموس يادلين"
مدير المخابرات العسكرية السابق عن نجاح المخابرات الاسرائيلية في إثارة
العديد من النزاعات الطائفية في مصر إلا دليلا على ذلك
وأضاف
" الشوبكي " أن النظام المصري هو الذي يلام في ذلك لأنه ومنذ السبعينات قد
تخلى عن دوره في إفريقيا والسودان تحديداً والتي كانت دائما عمقاً
استراتجياً لمصر وتركها " لقمة سائغة " لأجهزة المخابرات الإسرائيلية لكي
تعبث بها .
ويرى
الشوبكي إن هذا ينذر بخطر كبير يهدد أمن مصر القومي نتيجة وجود دولة
مسيحية متطرفة لها علاقات قوية مع إسرائيل تسيطر على منابع النيل وخصوصا في
ظل وجود أطماع إسرائيلية قديمة في مياه النيل .
اما هاني رسلان مدير وحدة السودان بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية يرى إن إسرائيل دعمت الانفصال بشتى
الوسائل، وقدمت للجنوبيين دعماً مخابراتياً موضحاً
أن السودان يمتلك ثروات طبيعية هائلة من الممكن أن تساعد العالم العربي
كله على إحداث تنمية كبيرة وخصوصاً مصر ولذلك إسرائيل منذ أن قامت وهي تسعى
لان تقوض أي تنمية تحدث هناك لان ذلك سيكون دعما لمصر اكبر دولة عربية
والتي تعتبر دولة المواجهة الأولى مع إسرائيل .
وأضاف
رسلان إن الانفصال سيكون له آثار سلبية على منطقة القرن الإفريقي وعلى
منطقة البحيرات ومنطقة المنابع الاستوائية للنيل والتي ستتأثر سلباً
بالانفصال ، بالنسبة لمصر التي تواجه منذ فترة محاولات من دول حوض النيل
بزعامة أثيوبيا صاحبة العلاقات المتميزة مع إسرائيل لتقليل حصة مصر من مياه
النيل وبناء سدود للمياه هناك بالإضافة إلى قلق مصر من تعرض أمن البحر
الاحمر للخطر وهو الذي يشهد منذ فترة محاولات من القراصنة الصوماليين في
فرض سيطرتهم على سفن النقل والصيد التي تمر من هناك .
كما
أضاف ان إضعاف السودان سيكون له تأثير أيضاً على أهل النوبة هناك والذين
تربطهم بنوبيي مصر علاقات قرابة قوية مما سيكون له أثر على زعزعة الاستقرار
في جنوب مصرالدكتور جمال معوض شقرة مدير مركز بحوث الشرق الأوسط والدراسات المستقبلية يرى أن انفصال جنوب السودان جزء من مخطط
تآمري كبير رسمته إسرائيل والولايات المتحدة منذ أكثر من خمسين عاما وبدأت
تحصد ثماره الآن في انفصال الجنوب .. موضحا إن ذلك الانفصال سيكون له
آثاره الكبيرة على أمن مصر القومي وذلك لإمكانية حدوث حروب أهلية بين
الشمال والجنوب السوداني حتى لو انفصل الجنوب لوجود ملفات شائكة كثيرة بين
الجانبين سيصعب حلها بعد الانفصال مثل منطقة ابيي الغنية بالثروات الطبيعية
والبترول والمتنازع عليها بين الشمال والجنوب وأيضاً مشكلة وجود أقليات
مسلمة في الجنوب من الممكن أن تتعرض لاضطهاد مسيحي والعكس في الشمال من
وجود أقليات زنجية مسيحية من الممكن أن تتعرض لاضطهاد ديني بعدما المح
البشير لإمكانية قيام دولة إسلامية في الشمال إذا انفصل الجنوب .
كما
أوضح أن هذا سيكون له انعكاساته على مصر إذ أن السودان سيشهد ثغرات أمنية
من الممكن إن يستغلها الإرهابيين في تهريب السلاح إلى مصر ومن الممكن أن
تكون صحراء الجنوب الغربي أو الشرقي لمصر مأوى لجماعات متطرفة نازحة من
السودان ومن المؤكد أيضا أن تنظيم القاعدة سيجد في السودان ملعباً جديداً يمارس فيه أنشطته مما سيجعل القاعدة على الحدود المصرية .
وأضاف
" شقرة " انه على الرغم من وجود مؤامرة صهيونية وراء ذلك الانفصال الا أن
ذلك لا يعفي النظام المصري من المسئولية التي تخلى عنها منذ السبعينات الى
الآن تجاه أفريقيا .