أعرف أن هناك ما يعرف بالشرعية الثورية , وبالتالى فنحن مطالبون وفوراً أن
نحدد أى مرحلة تلك التى نحياها الآن , خاصة وأنه قد أعلن , أنه لا يوجد ما
يشير فى الجريدة الرسمية إلى أن الرئيس السابق قد تنازل عن منصب رئيس
الجمهورية , وبالتالى فنحن بصدد ثغرة دستورية , حيث أقتصر الأمر على البيان
الذى ألقاه السيد عمر سليمان نائب الرئيس آنذاك وأعلن فين أن الرئيس
السابق قد كلف المجلس الأعلى للقوات بإدارة شئون البلاد , وبالتالى فإن من
كلف يمكنه أن يعود فى تكليفه !! ويعود إلى ممارسة صلاحياته , خاصة ً وأنه
حتى هذه اللحظة لازال رئيساً للحزب الوطنى الديموقراطى , والذى لا زال
قائماً حتى لحظة كتابتى هذه .
أنا شخصياً أثق فيما أعلنه المجلس الأعلى للقوات المسلحة , إلا أننا هنا
بصدد جوانب شكلية تتعلق بالنواحى الدستورية . اللهم إلا إن كانت التعديلات
الدستورية ستضع حداً لتلك الإشكاليات التى كان يجب أن أنبه إليها لتكون
أمام المجلس الأعلى للقوات المسلحة تحسباً لأى متغيرات قد يسعى البعض
لفرضها خلال الأيام القادمة , وهنا أؤكد اننى مستوعب تماماً لكل البيانات
والإفصاحات التى صدرت عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة , ولكن يبقى من حقى
كمواطن أن أطمئن على غدى . وأعتقد أن جميع المواطنين يشاركوننى هذا الحق
ومن حقهم أن يطمئنوا . حتى لا تضيع ماء شهدائنا من شباب مصر الطاهر الذى
أحتشد فى ميدان التحرير والتى صنعت أنشودة الحرية للأجيال القادمة من أبناء
مصر المحروسة .
إننى أطالب بمحاكمة كل من أفسد فى هذا البلد الآمن الطيب , وأهدر المال
العام ونهب ثروات الشعب وأراضيه وممتلكاته , وأضاع قيمة ( وعلى عينك يا
تاجر ) , فلم يعد هناك ( تابوهات ) ممنوع الإقتراب منها , أفتحوا الملفات
المغلقة والمغلق عليها داخل صناديق الأسرار , أخرجوا أى فاسد من أى مكان ,
نرجوكم لا تتركوا الفساد يتحرك بحرية , ويتلاعب بالمستندات التى تدين
أصحابه وينقلها أو يخفيها , تعقبوه لا تضيعوا الوقت والفرصة , كسروا أنيابه
واجتثوا جذوره , أهدموا بنيانه فما زالت أساساته قائمة رغم تقويض أركانه
وتعقب أذياله وفتح القليل من ملفاته , ولكنها ليست كل الملفات فما زال هناك
الكثير , والخوف كل الخوف أن تضيع المعالم , وتتوه الحقيقة فى الأماكن ,
التى تركت فيها الأوراق نهباً لأصابع خفية كأنها خفافيش الظلام .
أرجوكم حاسبوا الفساد الذى توغل وتوحش وبات يفترس حياتنا بدءاً من رغيف
الخبز وإنتهاءاً ببيع مصر .. صدقونى أحداث يناير أفاقت الشعب من غيبوبته
فسقطت الأقنعة وبات علينا إسقاط الهيئة العامة للفساد , وليس بعض رموزها
فقط .. وهنا أنبه وسأظل أنبه , أناشدكم ألا ننساق إلى نفق تصفية الحسابات ,
لأننى قد أوافق على أن يفلت متهماً من العقاب , على أن يظلم برئ .
هنا أتوجه بسؤال للرئيس الأمريكى , وقعتم أمراً تنفيذياً بالتحفظ على أى
ممتلكات للعقيد القذافى وأسرته ولم توقعوا ذات الأمر بالنسبة للرئيس
المصرى السابق وأسرته !! وبعد هذا تتساءلون لماذا يكره الشعب المصرى
الولايات المتحدة الأمريكية ؟ هذا لا يعنى أننى أرفض التحفظ على ممتلكات
العقيد القذافى وأسرته , ولكنى أرفض ألا يكون هناك قراراً مماثلاً بالنسبة
للرئيس المصرى السابق وأسرته . نقطة كانت قد إستوقفتنى وأنا أكتب كلماتى
تلك .
لماذا أطالب بالقضاء على الفساد ؟ لأننى أراه سبباً مباشراً وأصيلاً لعجز
الحكومات المتعاقبة عن تحقيق أى تنمية فى مصر المحروسة , وأكتفينا بتدليل
رجال الأعمال فقط , وأنا هنا أضع حدوداً فاصلة بين رجال الأعمال ورجال
الصناعة , الذين يعانون , رغم كونهم يمثلون قاطرة التنمية الحقيقية ويمثلون
قيمة مضافة للإقتصاد القومى .
الذين تولوا زمام الأمور فى الفترة الماضية كانوا يرون أن التجارة هى بوابة
التشغيل !! لذا قرروا أن تكون هناك إستراتيجية للتجارة , تقوم على التوسع
فى إستحداث كيانات تجارية كبيرة ( مولات ) بالمحافظات , قرروا توفير مساحات
كبيرة من الأراضى لتلك الكيانات , حتى ولو كانت على حساب الرقعة الزراعية
!! أذكر أننى كنت واحداً من الذين إعترضوا وقتها على هدر الأراضى الزراعية ,
وذكرت أن هذا التصرف الحكومى الغير مسئول لابد وأن يشجع المواطنين على
التعدى على الأرض الزراعية , لكن الآذان كانت مغلقة , لأن هناك هيئة عامة
تقود الفساد على أرض مصر المحروسة , عموماً سعدت كثيراً أن التحقيقات
الحالية ستمتد لذلك .
وهنا أذكر أن واحداً من الوزراء الذين أرتبط أسمهم ببيع مصر تدخل لإنهاء
صفقة بيع أرض تخص شقيقاً لواحداً من الوزراء السابقين , وأن محافظاً قد
أشرف على تسويتها وتجريفها بعد أن كانت حدائق فاكهة مثمرة !! وأعتقد , بل
وأثق أن الغوص فى تفاصيل هذه الصفقة سيتطلب فتح ملفات أخرى تزكم الأنوف لما
تحتويه من وقائع فساد وإهدار للمال العام , أثق أنها ستوجب على السيد
المستشار النائب العام أن يطلب إلقاء القبض على الوزيرين !!
أعود لأكرر , رجال الصناعة عانوا خلال السنوات السابقة , رغم أننا أطلقنا
شعار المناطق الصناعية التى خصصت للعديد من الجنسيات ولم نسعى لتوفير
الحماية لصناعاتنا الوطنية , بل إتجهنا لأولاد العم ووقعنا إتفاق ( الكويز )
الذى أعتبر بمثابة كلمة السر لإنسياب الصادرات النسيجية وتحديداً
للولايات المتحدة الأمريكية , هنا أشير إلى واحداً من هؤلاء المستفيدين
حصل على دعم صادرات يفوق فى قيمته قيمة الضرائب المستحقة عليه !! هذا الذى
أستعرضه هنا كان واحداً من إنجازات حكومة ( الفكر الجديد ) !!
رجال الصناعة الحقيقيين فوجئوا منذ فترة ليست طويلة بأن هيئة ( تعويق )
الصناعة المنوط بها تشجيع الصناعة ترفع سعر متر الأرض المخصصة للأغراض
الصناعية إلى 300 جنية شريطة أن يتم السداد هذا مقدماً ونقداً , ناهيك عن
تكاليف توصيل المرافق ومصادر الطاقة .. كل هذا وبرنامج ( تحديث الصناعة
) فى واد آخر , وإنجازه الوحيد ولابد أن نعترف به , أنه أتاح عدداً من فرص
التشغيل للمحظوظين من أبناء مصر المحروسة برواتب خيالية !! هذا الإنجاز
لابد وأن نقر ونعترف به ليضاف لإنجازات حكومة ( الفكر الجديد ) !!
فى إعتقادى أننا مطالبون اليوم بدعم رجال الصناعة وهذا يقتضى أول ما يقتضى
فى الفترة القادمة أن تكون هناك تعليمات واضحة وصريحة للبنوك لتذلل أى عقبة
عند طلب فتح الإعتمادات المستندية لإستيراد مستلزمات الإنتاج ولابد من
إعادة النظر فى أسعار الأراضى المخصصة للأغراض الصناعية وتكاليف تجهيزات
الطاقة اللازمة للتشغيل . و أطالب الدولة بأن تكون لاعباً أساسياً فى السوق
من خلال تحديدها هامش ربح يتفق عليه ولا يتم تجاوزه , بمعنى أدق مقولة أن
السعر سيتوازن داخل السوق دونما تدخل لابد وأن تطوى لأننا نعلم مسبقاً أن
توازن الأسعار يتطلب أموراً لا تتوافر فى السوق المصرى .
مصر المحروسة التى أريدها لابد أن تحقق العدالة الإجتماعية , التى يستفيد
منها الكبار قبل المواطن العادى , وأعتقد أن الأحداث التى شهدتها البلاد
تؤكد أهمية العدالة الإجتماعية ( الغائبة ) والتى ضربت البلاد فى مقتل
وجعلت فى مصر رئيساً سابقاً !!
إننى أطالب كما طالبت من قبل بأهمية أن يكون هناك ( عقد إجتماعى ) يضم بنى
وطنى على أسس مختلفة تماماً عن تلك التى كانت سائدة ما قبل 25 يناير .
معتصم راشد