يشهد العالم اليوم ظاهرة عالمية تعكس تزايد انخراط النساء في العمل السياسي وتوليهن مواقع قيادية.. ففي الأشهر الأولى من عام 2006 فقط تم انتخاب وتعيين 4 رئيسات دول وحكومات و4 نائبات لرؤساء دول و6 وزيرات خارجية و4 وزيرات دفاع و11 وزيرة مالية و6 رئيسات برلمانات و3 رئيسات لمنظمات دولية حيوية بالإضافة إلى عشرات السفيرات وقائدتين للشرطة والأمن العام في مختلف قارات العالم..ويبدو أن الأمر بات يسير في الاتجاه الذي يدعم العديد من التقارير العالمية التي تقول أنه بحلول عام 2020 ستغلب الوجوه الأنثوية على الخريطة السياسية للعالم.
وفي السنوات الخمس الأخيرة ظهرت عشرات الكتب في الغرب التي تنقل أفكارا وتناقش أطروحات وتقدم تجارب وتفسر نظريات تدور كلها حول فرص النساء الجيدة في قيادة العالم.
وانتقلت 'الصرعة'في السنوات الثلاث الأخيرة إلى المنطقة العربية فأصبحت هناك عشرات المقالات العربية التي تدعم حقوق المرأة البرلمانية وتحث على تلبية مطالبها الملحة في المشاركة السياسية، وأصبح تمكين المرأة حديث المؤتمرات والمنتديات العربية ،وبدأت النساء تتوافد على مقاعد الوزارات والبرلمانات والسفارات والهيئات القضائية والمؤسسات العلمية والمنظمات المالية.
وقد يتصور البعض أن القضية المطروحة يشوبها تعصب أعمى لبنات حواء، لكن الحقيقة أن صعود النساء المتزايد لسلم القيادة بات ظاهرة تحتاج إلى نظرة بحثية جادة ،فشعوب العالم أصبحت تنشد في قياداتها الكفاءة والصلاحية ولم تعد تفرق كثيرا بين رجل وامرأة.
رئيسات..ووزيرات
ما الذي يجري؟. في فرنسا يناقشون فكرة.. هل تحكم فرنسا امرأة ؟، وفي أميركا يبحثون فرص وصول هيلاري كلينتون للبيت الأبيض، وفي اليابان لأول المرة يؤيد الشعب تولي امرأة العرش الإمبراطوري، وفي الصين لم يعد مستبعدا أن تتولى نائبة رئيس الوزراء يي وو رئاسة الصين.
وإن كان هذا كلاما في المستقبل فواقع الحال يوحي بأن الدول تتسابق في إسناد الوظائف السياسية والقضائية والدولية إلى النساء، وكأنها انتبهت فجأة إلى أن النساء قد يمتلكن رؤية إبداعية تساهم في حل أطول وأعقد الصراعات في العالم!.. فمنذ بضعة أشهر فقط ، ألمانيا أصبحت تحكمها أنجيلا ميريكل أول مستشارة في تاريخ ألمانيا، وليبيريا انتخبت إلين جونسون سرليف لتصبح أول رئيسة امرأة في تاريخ أفريقيا المعاصر، وأصبحت هون سوك أول رئيسة حكومة في تاريخ كوريا الجنوبية، وفي تشيلي فازت ميشيل باشليه بالرئاسة لتصبح أول رئيسة دولة على مستوى أميركا الجنوبية، وداليا إيتسك أصبحت رئيسة الكنيست الإسرائيلي لأول مرة في تاريخ الكيان الصهيوني.
يبدو أن تجربة حكم النساء باتت تستهوي كثيرا من شعوب هذه الأرض حتى أن دولة سانت لوسيا وهي جزيرة صغيرة في منتصف البحر الكاريبي لا يتجاوز تعداد سكانها 158 ألف نسمة اختارت السيدة بيرلت لويسي لترأسها لأول مرة.
وفي عام 2006 أيضا أصبحت روزالين هيجنز أول امرأة ترأس محكمة العدل الدولية كما أصبحت بينيتا فيراراو مفوضة العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي أول امرأة تتولى هذا المنصب، واستبدلت بريطانيا جاك سترو بالسيدة مارجريت بيكيت لتصبح أول وزيرة خارجية في تاريخ بريطانيا، أملا في أن تنجح في إصلاح ما أفسده. وأصبحت فيرا فايك هذا العام أيضا أول وزيرة خارجية لجمهورية لاتفيا.
وهناك حالات عديدة لتعيين آنسات وسيدات في منصب وزير الخارجية فحاليا هناك 22 وزيرة خارجية في مختلف قارات العالم من بينهن 6 وزيرات خارجية جدد تم تعيينهن هذا العام، وهناك سيدات تشغلن منصب وزيرات دفاع في بلادهن منها فرنسا ونيوزيلاند والأرجنتين والنرويج وأرجواي وحتى مالاوي. وأضيف لهن هذا العام أربع وزيرات حرب جدد في كل من جمايكا وتشيلي ولاتفيا وكيب فيدي، وعلى الجانب الدبلوماسي هناك سباق محموم في تعيين النساء سفيرات والسجلات تشير إلى عشرات الأسماء على مستوى العالم.
بنات العرب.. قادمات
ولم يكن الوطن العربي بمعزل عن هذا الحراك السياسي. وإن لم يكن بنفس القوة ولا على نفس المستوى من القيادة. إلا أن هناك تغييرا كبيرا يحدث بسرعات متفاوتة ولا يمكن لأحد تجاهله أو تهميشه.. فلقد بدأت الدول العربية تشهد تغيرا كبيرا في السنوات القليلة الماضية، فالنساء البحرينيّات والقطريات أدلين بأصواتهن لأول مرة في الانتخابات، ونالت المرأة الكويتية حق التصويت والترشح، ووصلت إماراتيتان إلى مجلس الوزراء، وعمانيتان إلى المجلس الاستشاري، وفازت المغربيات بـ35 مقعداً نيابياً ليرتفع تمثيل المرأة في البرلمان المغربي إلى11 %، وأصبحت ثلاث يمنيات قاضيات في المحاكم الابتدائية. ودخلت كلمة أول امرأة على العديد من الأسماء العربية. فظهر اسم نجاح العطار كأول نائبة للرئيس السوري وظهرت سميحة خليل القبج كأول سيدة عربية ترشح نفسها لمنصب الرئاسة في فلسطين.
وسمعنا عن أشجان أحمد البخاري أول مرشحة لانتخابات الرئاسة المصرية، وأصبحت عائشة بنت جدان أول امرأة تترشح لمنصب الرئاسة في موريتانيا. ونجحت الجزائرية لويزة حنون في أن تصبح أول امرأة تقود حزبا سياسيا في العالم العربي، وكذلك أصبحت تهاني الجبالي أول قاضية مصرية، والشيخة لبنى القاسمي أول وزيرة اقتصاد في منطقة الخليج ، وتم تعيين راجحة بنت عبد الأمير أول وزيرة عربية للسياحة في عمان ، وفي اليمن أصبحت أمة العليم السوسوة وزيرة لحقوق الإنسان. وفي المملكة العربية السعودية تم انتخاب أول سيدة لرئاسة غرفة التجارة ، وفي الكويت أصبحت معصومة المبارك أول وزيرة تخطيط وتطوير في تاريخ الكويت. وفي قطر اختيرت شيخة أحمد المحمود كأول وزيرة قطرية. والقائمة لا تزال طويلة.
أين ربان المركب..؟
وفي محاولة لتحليل ما يجري. نتوقف عند كتاب نشر مؤخرا للدبلوماسي المخضرم أوستين كلارك بعنوان 'عندما تحكم النساء ' والذي يحمل رؤية عميقة من رجل خبير بدوائر صناعة القرار السياسي يؤمن بأن العالم يمكن أن يكون أكثر أمنا وإنسانية على يد القيادات النسائية.
وهناك كتاب آخر بعنوان ' لماذا يحكم الرجال؟ ' للبروفيسور ستيفن جولدبرج يناقش فيه بأسلوب علمي علاقة نوع الجنس البشري بتولي السلطة، والذي يؤكد فيه أن الرجل قيادي بالفطرة. وأن المرأة تتولى دفة القيادة فقط عندما يضعف الرجال، وأشار إلى أن فطرة الأمومة عند النساء تجعلهن في الغالب قادرات على توصيل المركب إلى بر الأمان.
ويؤيده في الرأي سليمان الحطلان رئيس تحرير النسخة العربية لمجلة فوربس الأميركية والذي يرى أن الناس محبطون من السياسيين الذكور، وقد رأوا عدم وجود سعي جاد في التنمية والإصلاح مما جعل النساء أجدر بالثقة. وتشاركه الرأي ديبورا رود أستاذة القانون بجامعة ستانفورد الأميركية وتعتقد أن ما يتخذه قادة العالم اليوم من قرارات خاطئة هو المحرك الرئيسي وراء الثقة المتزايدة لدى العديد من شعوب العالم في قدرة النساء على الحكم ، فاحتكار الرجال للسلطة أضعف من قدراتهم على تقديم حلول خلاقة لكثير من القضايا والمشكلات السياسية والبيئية والصحية والاجتماعية التي تواجه العالم الآن. وتتساءل : ترى لو أن طاولة صنع القرار التي ناقشت وقف المساعدات عن الحكومة الفلسطينية المنتخبة كانت تضم عددا أكبر من النساء.. هل كان القرار سيبقى مماثلاً؟ .
وكانت هيئة الإذاعة البريطانية قد وجهت سؤالا العام الماضي إلى 2356 شخصا يقول: هل تعتقد أن العالم سيصبح أكثر أمنا إذا ما قادته النساء ؟ وكانت النتيجة أن 40,6% أكدوا أنه سيكون أفضل و59,3 % قالوا ليس بالضرورة. وفي بحث للدكتورة سوزان جرينفيلد الباحثة في علوم الدماغ بجامعة أكسفورد تقول إن الناس في كثير من المجتمعات باتت مهيأة لقدوم لتولي النساء السلطة. أما التقرير الأخطر فكان للبروفيسور ستيف جونز عالم الوراثة بجامعة لندن كوليدج والذي أكد فيه أن القرن الحادي والعشرين هو بلا شك قرن النساء في الغرب. ودلل على ذلك بأن كل الدراسات العلمية تؤكد أن البنات يتفوقن على البنين في كل المجالات أكاديميا وتكنولوجيا وعمليا، وأن تفوق النساء ظاهرة مطردة وملموسة في كل المجتمعات ويقابلها انحسار كبير في اهتمامات الشباب وكفاءاتهم وإقبالهم على العمل بجدية. ففي الوقت الذي ينشغل فيه الذكور بالألعاب الإلكترونية والحروب الوهمية على الكمبيوتر يزداد فيه اهتمام البنات بالشأن العام والقضايا الدولية.
تسليم الشعلة
ويتصور البعض أن الصلة مقطوعة بين الجيل السابق والحالي من القيادات النسائية، وهذا غير صحيح. فالنساء يملن عادة إلى تبادل التجارب والخبرات وتقوية جهودهن بالدعم المعنوي، وهذا ما يحدث بالفعل من قبل عدد من المنظمات المتخصصة في تسليم الشعلة من يد امرأة إلى يد أخرى. ومن بين هذه المنظمات المجلس العالمي للقيادات النسائية والذي أسسته رئيسة أيرلندا السابقة 'ماري روبنسون' بعد خروجها من السلطة، ويضم المجلس في عضويته رئيسات دول ورئيسات حكومات ووزيرات وقيادات نسائية من مختلف أنحاء العالم ويتزايد فيه عدد العضوات بشكل مذهل يوما بعد يوم. ومن خلاله يتم تناقل الخبرات الإنسانية والقيادية والمهنية.
وكنت قد طرحت هذه القضية في مقابلة سابقة مع رئيسة أيرلندا السابقة ماري روبنسون وأكدت لي من خلال تجربتها أن المرأة عندما تتولى القيادة تبذل جهداً مضاعفاً لتحسين أمور قومها ، ولا تجد غضاضة في أن تعترف بأن عليها أن تتعلم ، بينما نجد الرجل- في بعض الأحوال- يتصور نفسه قائدا ملهما في كل الأمور فيتخبط في صناعة القرار.
وقالت أيضا: إن النساء مدبرات بالفطرة يجدن ترتيب الأولويات عندما يناط إليهن المسؤولية، لذلك كلما ازداد انخراط النساء في الصفوف الأمامية كلما أحدث ذلك فرقا في مجالات صناعة القرار. فبدلا من سباق التسلح والحروب ودمار البيئة ستكون هناك مساحة أكبر للبناء والتنمية.
لا شك أن قضية حكم النساء للعالم لا تلقى قبولا لدى كثيرين من الرجال والنساء في الشرق والغرب على حد سواء، ولا يمكن أن نغفل رأي من يقولون إنه عند تولي القيادة تذوب الفوارق بين الرجال والنساء. فتصبح النساء شرسات، وإلا فما البعد الإنساني الذي أضافته مارجريت تاتشر أو كونداليزا رايس أو مادلين أولبريت في صناعة القرار!؟ ولكن لماذا التشاؤم ؟. لماذا لا تكون الصورة أقرب إلى العدل والشورى والحكمة والنزعة السلمية كما هي في حال بلقيس مثلا ؟. كثيرة هي التساؤلات لكن يبقى التساؤل الأبرز هو: هل حقا سيأتي يوم تحكم فيه المرأة العالم ؟.
وفي السنوات الخمس الأخيرة ظهرت عشرات الكتب في الغرب التي تنقل أفكارا وتناقش أطروحات وتقدم تجارب وتفسر نظريات تدور كلها حول فرص النساء الجيدة في قيادة العالم.
وانتقلت 'الصرعة'في السنوات الثلاث الأخيرة إلى المنطقة العربية فأصبحت هناك عشرات المقالات العربية التي تدعم حقوق المرأة البرلمانية وتحث على تلبية مطالبها الملحة في المشاركة السياسية، وأصبح تمكين المرأة حديث المؤتمرات والمنتديات العربية ،وبدأت النساء تتوافد على مقاعد الوزارات والبرلمانات والسفارات والهيئات القضائية والمؤسسات العلمية والمنظمات المالية.
وقد يتصور البعض أن القضية المطروحة يشوبها تعصب أعمى لبنات حواء، لكن الحقيقة أن صعود النساء المتزايد لسلم القيادة بات ظاهرة تحتاج إلى نظرة بحثية جادة ،فشعوب العالم أصبحت تنشد في قياداتها الكفاءة والصلاحية ولم تعد تفرق كثيرا بين رجل وامرأة.
رئيسات..ووزيرات
ما الذي يجري؟. في فرنسا يناقشون فكرة.. هل تحكم فرنسا امرأة ؟، وفي أميركا يبحثون فرص وصول هيلاري كلينتون للبيت الأبيض، وفي اليابان لأول المرة يؤيد الشعب تولي امرأة العرش الإمبراطوري، وفي الصين لم يعد مستبعدا أن تتولى نائبة رئيس الوزراء يي وو رئاسة الصين.
وإن كان هذا كلاما في المستقبل فواقع الحال يوحي بأن الدول تتسابق في إسناد الوظائف السياسية والقضائية والدولية إلى النساء، وكأنها انتبهت فجأة إلى أن النساء قد يمتلكن رؤية إبداعية تساهم في حل أطول وأعقد الصراعات في العالم!.. فمنذ بضعة أشهر فقط ، ألمانيا أصبحت تحكمها أنجيلا ميريكل أول مستشارة في تاريخ ألمانيا، وليبيريا انتخبت إلين جونسون سرليف لتصبح أول رئيسة امرأة في تاريخ أفريقيا المعاصر، وأصبحت هون سوك أول رئيسة حكومة في تاريخ كوريا الجنوبية، وفي تشيلي فازت ميشيل باشليه بالرئاسة لتصبح أول رئيسة دولة على مستوى أميركا الجنوبية، وداليا إيتسك أصبحت رئيسة الكنيست الإسرائيلي لأول مرة في تاريخ الكيان الصهيوني.
يبدو أن تجربة حكم النساء باتت تستهوي كثيرا من شعوب هذه الأرض حتى أن دولة سانت لوسيا وهي جزيرة صغيرة في منتصف البحر الكاريبي لا يتجاوز تعداد سكانها 158 ألف نسمة اختارت السيدة بيرلت لويسي لترأسها لأول مرة.
وفي عام 2006 أيضا أصبحت روزالين هيجنز أول امرأة ترأس محكمة العدل الدولية كما أصبحت بينيتا فيراراو مفوضة العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي أول امرأة تتولى هذا المنصب، واستبدلت بريطانيا جاك سترو بالسيدة مارجريت بيكيت لتصبح أول وزيرة خارجية في تاريخ بريطانيا، أملا في أن تنجح في إصلاح ما أفسده. وأصبحت فيرا فايك هذا العام أيضا أول وزيرة خارجية لجمهورية لاتفيا.
وهناك حالات عديدة لتعيين آنسات وسيدات في منصب وزير الخارجية فحاليا هناك 22 وزيرة خارجية في مختلف قارات العالم من بينهن 6 وزيرات خارجية جدد تم تعيينهن هذا العام، وهناك سيدات تشغلن منصب وزيرات دفاع في بلادهن منها فرنسا ونيوزيلاند والأرجنتين والنرويج وأرجواي وحتى مالاوي. وأضيف لهن هذا العام أربع وزيرات حرب جدد في كل من جمايكا وتشيلي ولاتفيا وكيب فيدي، وعلى الجانب الدبلوماسي هناك سباق محموم في تعيين النساء سفيرات والسجلات تشير إلى عشرات الأسماء على مستوى العالم.
بنات العرب.. قادمات
ولم يكن الوطن العربي بمعزل عن هذا الحراك السياسي. وإن لم يكن بنفس القوة ولا على نفس المستوى من القيادة. إلا أن هناك تغييرا كبيرا يحدث بسرعات متفاوتة ولا يمكن لأحد تجاهله أو تهميشه.. فلقد بدأت الدول العربية تشهد تغيرا كبيرا في السنوات القليلة الماضية، فالنساء البحرينيّات والقطريات أدلين بأصواتهن لأول مرة في الانتخابات، ونالت المرأة الكويتية حق التصويت والترشح، ووصلت إماراتيتان إلى مجلس الوزراء، وعمانيتان إلى المجلس الاستشاري، وفازت المغربيات بـ35 مقعداً نيابياً ليرتفع تمثيل المرأة في البرلمان المغربي إلى11 %، وأصبحت ثلاث يمنيات قاضيات في المحاكم الابتدائية. ودخلت كلمة أول امرأة على العديد من الأسماء العربية. فظهر اسم نجاح العطار كأول نائبة للرئيس السوري وظهرت سميحة خليل القبج كأول سيدة عربية ترشح نفسها لمنصب الرئاسة في فلسطين.
وسمعنا عن أشجان أحمد البخاري أول مرشحة لانتخابات الرئاسة المصرية، وأصبحت عائشة بنت جدان أول امرأة تترشح لمنصب الرئاسة في موريتانيا. ونجحت الجزائرية لويزة حنون في أن تصبح أول امرأة تقود حزبا سياسيا في العالم العربي، وكذلك أصبحت تهاني الجبالي أول قاضية مصرية، والشيخة لبنى القاسمي أول وزيرة اقتصاد في منطقة الخليج ، وتم تعيين راجحة بنت عبد الأمير أول وزيرة عربية للسياحة في عمان ، وفي اليمن أصبحت أمة العليم السوسوة وزيرة لحقوق الإنسان. وفي المملكة العربية السعودية تم انتخاب أول سيدة لرئاسة غرفة التجارة ، وفي الكويت أصبحت معصومة المبارك أول وزيرة تخطيط وتطوير في تاريخ الكويت. وفي قطر اختيرت شيخة أحمد المحمود كأول وزيرة قطرية. والقائمة لا تزال طويلة.
أين ربان المركب..؟
وفي محاولة لتحليل ما يجري. نتوقف عند كتاب نشر مؤخرا للدبلوماسي المخضرم أوستين كلارك بعنوان 'عندما تحكم النساء ' والذي يحمل رؤية عميقة من رجل خبير بدوائر صناعة القرار السياسي يؤمن بأن العالم يمكن أن يكون أكثر أمنا وإنسانية على يد القيادات النسائية.
وهناك كتاب آخر بعنوان ' لماذا يحكم الرجال؟ ' للبروفيسور ستيفن جولدبرج يناقش فيه بأسلوب علمي علاقة نوع الجنس البشري بتولي السلطة، والذي يؤكد فيه أن الرجل قيادي بالفطرة. وأن المرأة تتولى دفة القيادة فقط عندما يضعف الرجال، وأشار إلى أن فطرة الأمومة عند النساء تجعلهن في الغالب قادرات على توصيل المركب إلى بر الأمان.
ويؤيده في الرأي سليمان الحطلان رئيس تحرير النسخة العربية لمجلة فوربس الأميركية والذي يرى أن الناس محبطون من السياسيين الذكور، وقد رأوا عدم وجود سعي جاد في التنمية والإصلاح مما جعل النساء أجدر بالثقة. وتشاركه الرأي ديبورا رود أستاذة القانون بجامعة ستانفورد الأميركية وتعتقد أن ما يتخذه قادة العالم اليوم من قرارات خاطئة هو المحرك الرئيسي وراء الثقة المتزايدة لدى العديد من شعوب العالم في قدرة النساء على الحكم ، فاحتكار الرجال للسلطة أضعف من قدراتهم على تقديم حلول خلاقة لكثير من القضايا والمشكلات السياسية والبيئية والصحية والاجتماعية التي تواجه العالم الآن. وتتساءل : ترى لو أن طاولة صنع القرار التي ناقشت وقف المساعدات عن الحكومة الفلسطينية المنتخبة كانت تضم عددا أكبر من النساء.. هل كان القرار سيبقى مماثلاً؟ .
وكانت هيئة الإذاعة البريطانية قد وجهت سؤالا العام الماضي إلى 2356 شخصا يقول: هل تعتقد أن العالم سيصبح أكثر أمنا إذا ما قادته النساء ؟ وكانت النتيجة أن 40,6% أكدوا أنه سيكون أفضل و59,3 % قالوا ليس بالضرورة. وفي بحث للدكتورة سوزان جرينفيلد الباحثة في علوم الدماغ بجامعة أكسفورد تقول إن الناس في كثير من المجتمعات باتت مهيأة لقدوم لتولي النساء السلطة. أما التقرير الأخطر فكان للبروفيسور ستيف جونز عالم الوراثة بجامعة لندن كوليدج والذي أكد فيه أن القرن الحادي والعشرين هو بلا شك قرن النساء في الغرب. ودلل على ذلك بأن كل الدراسات العلمية تؤكد أن البنات يتفوقن على البنين في كل المجالات أكاديميا وتكنولوجيا وعمليا، وأن تفوق النساء ظاهرة مطردة وملموسة في كل المجتمعات ويقابلها انحسار كبير في اهتمامات الشباب وكفاءاتهم وإقبالهم على العمل بجدية. ففي الوقت الذي ينشغل فيه الذكور بالألعاب الإلكترونية والحروب الوهمية على الكمبيوتر يزداد فيه اهتمام البنات بالشأن العام والقضايا الدولية.
تسليم الشعلة
ويتصور البعض أن الصلة مقطوعة بين الجيل السابق والحالي من القيادات النسائية، وهذا غير صحيح. فالنساء يملن عادة إلى تبادل التجارب والخبرات وتقوية جهودهن بالدعم المعنوي، وهذا ما يحدث بالفعل من قبل عدد من المنظمات المتخصصة في تسليم الشعلة من يد امرأة إلى يد أخرى. ومن بين هذه المنظمات المجلس العالمي للقيادات النسائية والذي أسسته رئيسة أيرلندا السابقة 'ماري روبنسون' بعد خروجها من السلطة، ويضم المجلس في عضويته رئيسات دول ورئيسات حكومات ووزيرات وقيادات نسائية من مختلف أنحاء العالم ويتزايد فيه عدد العضوات بشكل مذهل يوما بعد يوم. ومن خلاله يتم تناقل الخبرات الإنسانية والقيادية والمهنية.
وكنت قد طرحت هذه القضية في مقابلة سابقة مع رئيسة أيرلندا السابقة ماري روبنسون وأكدت لي من خلال تجربتها أن المرأة عندما تتولى القيادة تبذل جهداً مضاعفاً لتحسين أمور قومها ، ولا تجد غضاضة في أن تعترف بأن عليها أن تتعلم ، بينما نجد الرجل- في بعض الأحوال- يتصور نفسه قائدا ملهما في كل الأمور فيتخبط في صناعة القرار.
وقالت أيضا: إن النساء مدبرات بالفطرة يجدن ترتيب الأولويات عندما يناط إليهن المسؤولية، لذلك كلما ازداد انخراط النساء في الصفوف الأمامية كلما أحدث ذلك فرقا في مجالات صناعة القرار. فبدلا من سباق التسلح والحروب ودمار البيئة ستكون هناك مساحة أكبر للبناء والتنمية.
لا شك أن قضية حكم النساء للعالم لا تلقى قبولا لدى كثيرين من الرجال والنساء في الشرق والغرب على حد سواء، ولا يمكن أن نغفل رأي من يقولون إنه عند تولي القيادة تذوب الفوارق بين الرجال والنساء. فتصبح النساء شرسات، وإلا فما البعد الإنساني الذي أضافته مارجريت تاتشر أو كونداليزا رايس أو مادلين أولبريت في صناعة القرار!؟ ولكن لماذا التشاؤم ؟. لماذا لا تكون الصورة أقرب إلى العدل والشورى والحكمة والنزعة السلمية كما هي في حال بلقيس مثلا ؟. كثيرة هي التساؤلات لكن يبقى التساؤل الأبرز هو: هل حقا سيأتي يوم تحكم فيه المرأة العالم ؟.