من ملفات المحاكم
قال القاضي: حكمت المحكمة .. عليك بالبراءة .. لكن المتهمة الشابة الحسناء ظلت واقفة تنظر في ذهول .. وقد تحولت عيناها الى بحيرتين من الدموع .. وهمست : لماذا ؟ ثم قال لها القاضي مبتسماً : براءة .. يعني في امكانك الأن ان تعودي الى بيتك .. ان تتمتعي بحريتك وان تعيشي حياتك العادية ! قفزت الدموع فجاة بغضب من عينيها .. ولم تتحرك ! .. ثم صرخت في قاعة المحكمة .. - لااريد هذه البراءة .. لم تعد تنفع او تجدي نفعاً ! .. لقد تحطمت وانتهى امري وعمري .. واليوم تقولون براءة ؟ .. كلا لن اغادر قاعة المحكمة الا اذا وجدت من يخبرني لماذا حدث ذلك .. ومن يعطيني 150 يوماً سرقت ـ من عمري .. وعشت ظلماً في موقف سجن النساء ؟! ماعدت اقدر على استعادة الذكريات .. فالايام العصيبة ضغطت بقسوتها على عقلي .. احاول ان ارجع الى الوراء .. الى ايام ماقبل السجن .. كنت قد تخرجت في كلية الادارة والاقتصاد.. تزوجت والتحقت بوظيفة محاسبة في شركة اهلية .. كانت حياتي تمضي في سهولة ويسر .. فاسرتي ميسورة الحال .. وقد تفوقت في عملي واصبح مدير الشركة يثق بي ويعتمد علي .. كنت اقوم بكل العمليات الحسابية .. اذهب الى البنوك واسدد معاملات الشركة بملايين الدنانير .. وقد اضطرني عملي الى التعامل مع احد تجار العملة في السوق السوداء .. كنت أقوم بتغيير العملة المحلية الى عملات اجنبية حسب ما تحتاجه الشركة منه .. ومرت الايام وحدث ان حصلت على اجازة لبضعة ايام ذهبت لاقضيها مع اسرتي في كوردستان , لكن في مساء ذات اليوم تلقيت مكالمة عن طريق الموبايل من اختي في بغداد .. قالت لي وهي مذعورة احضري بسرعة فهناك امر قبض صدر بالقاء القبض عليك .. لم انتظر حتى الصباح فقد دهمني قلق فظيع .. اسرعت الى بغداد في سيارة اخي بعد ان اخفينا الخبر عن والدي حتى لاتقتله الصدمة .. لم اكن اعرف ماذا حدث ولماذا تطلب الشرطة القاء القبض علي وانا مواطنة صالحة لم ارتكب حتى مخالفة مرور ؟؟ المهم وصلت الى بغداد في ساعة متاخرة وظللت ساهرة حتى الصباح .. ثم اسرعت الى مديرية التحقيقات الجنائية في الرصافة .. ودخلت مكتب الضابط المسؤول وسالته : - لماذا اصدرت امراً بالقبض علي .. وماهي تهمتي ؟ - قال لي الامر بسيط ستذهبين الان الى المحكمة الجنائية وسوف تعرفين كل شيء .. مذهولة تركت مسؤول مكتب التحقيقات برفقة احد رجال الشرطة يقتادني الى المحكمة .. امسك بذراعي وكأنني مجرمة على وشك الهرب .. وفي المحكمة حاصرني المحقق العدلي مع زملائه .. صاحوا في وجهي .. صرخوا .. وانا حائرة لا اعرف لماذا ؟! لكني اخيراً بعد ان اصبت بما يشبه الانهيار عرفت القضية ان صاحب محل الصيرفة الذي اتعامل معه قد تعرض الى حادث سرقة واحتيال .. وقدم شكوى الى الشرطة ذكر فيه ان شخصاً مجهولاً اتصل به وذكر له اسمي وقال انه من طرفي ويريد شراء كمية كبيرة من الدولارات وعندما ذهب صاحب المحل في الموعد المحدد للتسليم .. فوجئ بثلاثة اشخاص يستولون على الدولارات .. ويفرون هاربين (بريئة والله انا بريئة) اخذت اصرخ في وجوههم .. لكن ملامحهم ظلت جامدة ولم يصدقوا انني لا أعرف هؤلاء المحتالين ولااعرف كيف عرفوا اسمي واستخدموه طعماً للاحتيال على صاحب محل الصيرفة .. وفي الصباح اليوم التالي تم تسييري الى قاضي التحقيق . - ابتسم في وجهي قائلاً: بامكانك ان تتحولي من متهمة الى شاهدة؟ - اقسمت له: انا بريئة ولا اعرف هؤلاء اللصوص . قال بهدوء: مارايك ان تقولي في محضر التحقيق ان شخصاً مجهولاً اتصل بك في الشركة وسالك عن عنوان محل الصيرفة الذي تتعاملين معه .. هذا شيء بسيط ولن يورطك .. نظرت اليه في حيرة .. حتى هذه اللحظة لم اكن قادرة على تصديق ما يحدث .. شرطة محكمة .. قاضي تحقيق .. وفضيحة .. كان الارهاق قد نال مني . وكنت لااتمنى اكثر من ان اعود الى بيتي لاغسل هذه اللحظات الغريبة المجنونة .. ووجدت نفسي اقوال له : - أنا موافقة .. مادمت سأعود التي بيتي .. وهكذا ظل قاضي التحقيق يسألني .. واخيرا اعطاني القلم لاضع توقيعي .. وبعد ان فعلت فوجئت به يقول قررت توقيفك لمدة 4 ايام على ذمة التحقيق . مستحيل .. كأنه كابوس مخيف ! .. اخذني الشرطي الى سجن النساء في الكاظمية .. باب حديدي كبير .. ادخلني لاجد ضابطة السجن تتفحصني في هدوء . - سالتني : أول مرة؟ لكنها لم تكون في حاجة الى اجابتي ... فقد كان مشهدي والرعب والخوف وجسدي يرتعد .. يقول انني لم ادخل السجن في حياتي .. اقتربت مني حارسة هائلة الجسد وطلبت مني السير امامها .. وسرت كالنائمة .. قادتني الى زنزانة كبيرة .. بمجرد ان فتح الباب حتى صدمت عيناي بمشهد غريب .. الزنزانة مليئة بالسجينات .. . كانه مسرح لامعقول عبثي .. منهن من كانت نائمة .. واحدة كانت تغسل ملابسها .. واحدة نظرت لي بشراهة .. والثالثة تصفف شعرها وكانها خارجة لقضاء سهرة .. الحياة في سجن النساء لها قانون خاص .. الحياة في السجن للاغنى .. والاقوى ! .. لم تهتم السجينات بدخولي فتكومت في احد الاركان وبدات ابكي بصمت .. بعد ساعة جاءت واحدة من السجينات وهمست لي في لهجة حانية : لاتستسلمي لاحزانك .. ولاتتركي الصدمة تؤثر عليك . قلت لها بدموعي انا بريئة.. - قالت: وانا بريئة .. وهذه بريئة .. وكم منهن بريئات في السجن .. تمسكي بشجاعة وخلي الايمان في قلبك .. تعالي .. لتتناولي بعض الطعام معنا ! .. جلست مع بقية السجينات .. لكني لم استطع ان اقرب الطعام .. عرفت ان السجينات لايعتمدن على الطعام الذي تقدمه لهن ادارة السجن بل يمكن للسجينة ان تشتري طعامها من المطاعم الموجودة خارج اسوار السجن بعد ارسال احد الحراس يشتري لها مالذ وطاب ! .. حاولت ان انام .. لكني لم استطع لان احدى السجينات ظلت ساهرة تراقبني عن بعد .... وتركتها وذهبت ناحية أخرى من الزنزانة! سجن النساء مثل أي فندق!.. بالنقود تعيش السجينة وبدون النقود تصبح سجينة من الدرجة الرابعة.. وإذا لم يكن معها أي مبلغ تصبح خادمة في الزنزانة (خادمة لسجينة أخرى) مقابل راتب شهري.. وكانت واحدة منهن تتولى غسل الملابس وتغسل الصحون وتنظف وتمسح مقابل مبلغ تعيش فيه لانها لامعارف لها ولا أقارب يزورونها... في السجن لابد للسجينة من النقود والسجائر.. فالسجائر عملة لها مكانتها داخل السجن.. وهي من أهم ما تحرص السجينة على أن يحضروا لها أقاربها في الزيارة .. حتى ولو كانت لاتدخن!.. وبدأت أتعود على حياتي كسجينة!... ولكني كنت أصاب بالذهول من كذب السجينات، كل منهن تحكي حكاية عن نفسها... ثم تحكي حكاية أخرى بتفاصيل أخرى في اليوم التالي.. معظمهنّ جئن في قضايا سرقة وخطف وبغاء وسمسرة.. لكن هناك نماذج اخرى عجيبة ينطبق عليها المثل القائل (شر البلية ما يضحك) هناك السجينة التي كانت (عضوة شعبة) في حزب البعث.. سجنت في قضية خطف... تتكلم وتتصرف وكأنها في إجتماع حزبي، فتجمع السجينات حولها وتخطب فيهنّ.. وتنظر في شكواهن.. لكنها كانت بائسة.. بلا نقود.. فكانت بعد ساعة واحدة تتحول الى متسولة تجمع الاشتراك الحزبي!!... وهناك ايضاً السجينة قارئة الفنجان التي تقرأ فنجان القهوة للسجينات.. مقابل علبة سجائر.. وتقوم بعمل حجاب لاحدى السجينات.. حتى لاينظر زوجها الى امرأة أخرى طوال فترة وجود زوجته في السجن.. ومقابل علبتي سجائر تضع حجاباً لسجينة اخرى حتى (يهدي الله) القاضي ويخفف الحكم عنها..! كان الحكم قد صدر بحبسي لمدة سنة... وإستأنفت في اليوم التالي ... وعشت بين اليأس والأمل.. كنت أعد الساعات والأيام.. وفي اليوم الخمسين بعد المئة جاء الصباح.. وذهبت الى المحكمة.. -وقال القاضي لي.. حكمت المحكمة .. بالبراءة. براءة .. أية براءة .. لم تعد تعني شيئاً بالنسبة لي... لقد طلقني زوجي.. وفصلتني الشركة من عملي.. لاتعطوني الحكم او الحيثيات.. اعطوني (ممحاة) أمحو بها (150) سنة!! قضيتها في سجن النساء!!
قال القاضي: حكمت المحكمة .. عليك بالبراءة .. لكن المتهمة الشابة الحسناء ظلت واقفة تنظر في ذهول .. وقد تحولت عيناها الى بحيرتين من الدموع .. وهمست : لماذا ؟ ثم قال لها القاضي مبتسماً : براءة .. يعني في امكانك الأن ان تعودي الى بيتك .. ان تتمتعي بحريتك وان تعيشي حياتك العادية ! قفزت الدموع فجاة بغضب من عينيها .. ولم تتحرك ! .. ثم صرخت في قاعة المحكمة .. - لااريد هذه البراءة .. لم تعد تنفع او تجدي نفعاً ! .. لقد تحطمت وانتهى امري وعمري .. واليوم تقولون براءة ؟ .. كلا لن اغادر قاعة المحكمة الا اذا وجدت من يخبرني لماذا حدث ذلك .. ومن يعطيني 150 يوماً سرقت ـ من عمري .. وعشت ظلماً في موقف سجن النساء ؟! ماعدت اقدر على استعادة الذكريات .. فالايام العصيبة ضغطت بقسوتها على عقلي .. احاول ان ارجع الى الوراء .. الى ايام ماقبل السجن .. كنت قد تخرجت في كلية الادارة والاقتصاد.. تزوجت والتحقت بوظيفة محاسبة في شركة اهلية .. كانت حياتي تمضي في سهولة ويسر .. فاسرتي ميسورة الحال .. وقد تفوقت في عملي واصبح مدير الشركة يثق بي ويعتمد علي .. كنت اقوم بكل العمليات الحسابية .. اذهب الى البنوك واسدد معاملات الشركة بملايين الدنانير .. وقد اضطرني عملي الى التعامل مع احد تجار العملة في السوق السوداء .. كنت أقوم بتغيير العملة المحلية الى عملات اجنبية حسب ما تحتاجه الشركة منه .. ومرت الايام وحدث ان حصلت على اجازة لبضعة ايام ذهبت لاقضيها مع اسرتي في كوردستان , لكن في مساء ذات اليوم تلقيت مكالمة عن طريق الموبايل من اختي في بغداد .. قالت لي وهي مذعورة احضري بسرعة فهناك امر قبض صدر بالقاء القبض عليك .. لم انتظر حتى الصباح فقد دهمني قلق فظيع .. اسرعت الى بغداد في سيارة اخي بعد ان اخفينا الخبر عن والدي حتى لاتقتله الصدمة .. لم اكن اعرف ماذا حدث ولماذا تطلب الشرطة القاء القبض علي وانا مواطنة صالحة لم ارتكب حتى مخالفة مرور ؟؟ المهم وصلت الى بغداد في ساعة متاخرة وظللت ساهرة حتى الصباح .. ثم اسرعت الى مديرية التحقيقات الجنائية في الرصافة .. ودخلت مكتب الضابط المسؤول وسالته : - لماذا اصدرت امراً بالقبض علي .. وماهي تهمتي ؟ - قال لي الامر بسيط ستذهبين الان الى المحكمة الجنائية وسوف تعرفين كل شيء .. مذهولة تركت مسؤول مكتب التحقيقات برفقة احد رجال الشرطة يقتادني الى المحكمة .. امسك بذراعي وكأنني مجرمة على وشك الهرب .. وفي المحكمة حاصرني المحقق العدلي مع زملائه .. صاحوا في وجهي .. صرخوا .. وانا حائرة لا اعرف لماذا ؟! لكني اخيراً بعد ان اصبت بما يشبه الانهيار عرفت القضية ان صاحب محل الصيرفة الذي اتعامل معه قد تعرض الى حادث سرقة واحتيال .. وقدم شكوى الى الشرطة ذكر فيه ان شخصاً مجهولاً اتصل به وذكر له اسمي وقال انه من طرفي ويريد شراء كمية كبيرة من الدولارات وعندما ذهب صاحب المحل في الموعد المحدد للتسليم .. فوجئ بثلاثة اشخاص يستولون على الدولارات .. ويفرون هاربين (بريئة والله انا بريئة) اخذت اصرخ في وجوههم .. لكن ملامحهم ظلت جامدة ولم يصدقوا انني لا أعرف هؤلاء المحتالين ولااعرف كيف عرفوا اسمي واستخدموه طعماً للاحتيال على صاحب محل الصيرفة .. وفي الصباح اليوم التالي تم تسييري الى قاضي التحقيق . - ابتسم في وجهي قائلاً: بامكانك ان تتحولي من متهمة الى شاهدة؟ - اقسمت له: انا بريئة ولا اعرف هؤلاء اللصوص . قال بهدوء: مارايك ان تقولي في محضر التحقيق ان شخصاً مجهولاً اتصل بك في الشركة وسالك عن عنوان محل الصيرفة الذي تتعاملين معه .. هذا شيء بسيط ولن يورطك .. نظرت اليه في حيرة .. حتى هذه اللحظة لم اكن قادرة على تصديق ما يحدث .. شرطة محكمة .. قاضي تحقيق .. وفضيحة .. كان الارهاق قد نال مني . وكنت لااتمنى اكثر من ان اعود الى بيتي لاغسل هذه اللحظات الغريبة المجنونة .. ووجدت نفسي اقوال له : - أنا موافقة .. مادمت سأعود التي بيتي .. وهكذا ظل قاضي التحقيق يسألني .. واخيرا اعطاني القلم لاضع توقيعي .. وبعد ان فعلت فوجئت به يقول قررت توقيفك لمدة 4 ايام على ذمة التحقيق . مستحيل .. كأنه كابوس مخيف ! .. اخذني الشرطي الى سجن النساء في الكاظمية .. باب حديدي كبير .. ادخلني لاجد ضابطة السجن تتفحصني في هدوء . - سالتني : أول مرة؟ لكنها لم تكون في حاجة الى اجابتي ... فقد كان مشهدي والرعب والخوف وجسدي يرتعد .. يقول انني لم ادخل السجن في حياتي .. اقتربت مني حارسة هائلة الجسد وطلبت مني السير امامها .. وسرت كالنائمة .. قادتني الى زنزانة كبيرة .. بمجرد ان فتح الباب حتى صدمت عيناي بمشهد غريب .. الزنزانة مليئة بالسجينات .. . كانه مسرح لامعقول عبثي .. منهن من كانت نائمة .. واحدة كانت تغسل ملابسها .. واحدة نظرت لي بشراهة .. والثالثة تصفف شعرها وكانها خارجة لقضاء سهرة .. الحياة في سجن النساء لها قانون خاص .. الحياة في السجن للاغنى .. والاقوى ! .. لم تهتم السجينات بدخولي فتكومت في احد الاركان وبدات ابكي بصمت .. بعد ساعة جاءت واحدة من السجينات وهمست لي في لهجة حانية : لاتستسلمي لاحزانك .. ولاتتركي الصدمة تؤثر عليك . قلت لها بدموعي انا بريئة.. - قالت: وانا بريئة .. وهذه بريئة .. وكم منهن بريئات في السجن .. تمسكي بشجاعة وخلي الايمان في قلبك .. تعالي .. لتتناولي بعض الطعام معنا ! .. جلست مع بقية السجينات .. لكني لم استطع ان اقرب الطعام .. عرفت ان السجينات لايعتمدن على الطعام الذي تقدمه لهن ادارة السجن بل يمكن للسجينة ان تشتري طعامها من المطاعم الموجودة خارج اسوار السجن بعد ارسال احد الحراس يشتري لها مالذ وطاب ! .. حاولت ان انام .. لكني لم استطع لان احدى السجينات ظلت ساهرة تراقبني عن بعد .... وتركتها وذهبت ناحية أخرى من الزنزانة! سجن النساء مثل أي فندق!.. بالنقود تعيش السجينة وبدون النقود تصبح سجينة من الدرجة الرابعة.. وإذا لم يكن معها أي مبلغ تصبح خادمة في الزنزانة (خادمة لسجينة أخرى) مقابل راتب شهري.. وكانت واحدة منهن تتولى غسل الملابس وتغسل الصحون وتنظف وتمسح مقابل مبلغ تعيش فيه لانها لامعارف لها ولا أقارب يزورونها... في السجن لابد للسجينة من النقود والسجائر.. فالسجائر عملة لها مكانتها داخل السجن.. وهي من أهم ما تحرص السجينة على أن يحضروا لها أقاربها في الزيارة .. حتى ولو كانت لاتدخن!.. وبدأت أتعود على حياتي كسجينة!... ولكني كنت أصاب بالذهول من كذب السجينات، كل منهن تحكي حكاية عن نفسها... ثم تحكي حكاية أخرى بتفاصيل أخرى في اليوم التالي.. معظمهنّ جئن في قضايا سرقة وخطف وبغاء وسمسرة.. لكن هناك نماذج اخرى عجيبة ينطبق عليها المثل القائل (شر البلية ما يضحك) هناك السجينة التي كانت (عضوة شعبة) في حزب البعث.. سجنت في قضية خطف... تتكلم وتتصرف وكأنها في إجتماع حزبي، فتجمع السجينات حولها وتخطب فيهنّ.. وتنظر في شكواهن.. لكنها كانت بائسة.. بلا نقود.. فكانت بعد ساعة واحدة تتحول الى متسولة تجمع الاشتراك الحزبي!!... وهناك ايضاً السجينة قارئة الفنجان التي تقرأ فنجان القهوة للسجينات.. مقابل علبة سجائر.. وتقوم بعمل حجاب لاحدى السجينات.. حتى لاينظر زوجها الى امرأة أخرى طوال فترة وجود زوجته في السجن.. ومقابل علبتي سجائر تضع حجاباً لسجينة اخرى حتى (يهدي الله) القاضي ويخفف الحكم عنها..! كان الحكم قد صدر بحبسي لمدة سنة... وإستأنفت في اليوم التالي ... وعشت بين اليأس والأمل.. كنت أعد الساعات والأيام.. وفي اليوم الخمسين بعد المئة جاء الصباح.. وذهبت الى المحكمة.. -وقال القاضي لي.. حكمت المحكمة .. بالبراءة. براءة .. أية براءة .. لم تعد تعني شيئاً بالنسبة لي... لقد طلقني زوجي.. وفصلتني الشركة من عملي.. لاتعطوني الحكم او الحيثيات.. اعطوني (ممحاة) أمحو بها (150) سنة!! قضيتها في سجن النساء!!