يمثل الاتهام صدمة شديدة للمتهم ، تؤدى إلى ضغوط نفسية وعصبية عنيفة ، وانفعالات متباينة ، ترقب وانتظار ، وشعور بالخزي والعار ، وميلاد متعثر للأفكار ، فيصبح أكثر ضعفا ، وأقل قدرة على المقاومة والمواجهة ، وعلى قدر ما يكون مركزه ووضعه الاجتماعي ، على قدر ما يتأثر ويتألم من الاتهام المسند إليه ، ومن هنا كانت الحاجة إلى حق الدفاع ، فمهما بلغ المتهم من العلم والدراية ، فإنه يعجز عن الدفاع عن نفسه ، وعرض وجهة نظره ، وبسط أدلته وحججه أمام قاضيه ، ولذلك استقرت البشرية على اختلاف أطيافها وأجناسها ومنذ قديم الأزل وحتى عهدنا الحالي على أن حق المتهم في الاستعانة بمحام هو حق أصيل قديم قدم القضاء ، حتى أصبحت المحاماة قرينة القضاء ، فلا قضاء بغير محاماة ، ولا محاماة بغير قضاء ، وإذا كان قد اصطلح على تسمية قضاء الحكم بأنه القضاء الجالس ، فقد اصطلح على تسمية المحاماة بالقضاء الواقف .
وللمتهم الحق في الاستعانة بمحام يدافع عنه ، حتى ولو كان هو نفسه محاميا ، ذلك بأن موقف الاتهام يربكه ، ويفقده اتزانه ، وتوقع الحكم بالإدانة يبعث في نفسه الرعب والخوف والفزع ، خاصة في الجرائم الخطيرة ذات العقوبات القاسية ، فيصبح غير قادر على ضبط أعصابه ، واستجماع قدراته ، وتركيـز ذهنه ، وترتيب أفكاره ، تحيطه نظــــرات الناس الكارهة الساخطة من كل جانب ، فلا تزال آثار الجريمة ماثلة أمام أعينهم ، وصورتها عالقة في أذهانهم .
ونظرا لأهمية حق الدفاع وقدسيته ، حرصت المواثيق الدولية والقوانين في كافة دول العالم على النص عليه ، وأحاطته بسلسلة من الضمانات التي تكفل للمتهم محاكمة عادلة ونزيهة ، فقد نصت المادة (11) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، والمادة 4/3/د من العهد الدولي الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية ، والمادة 6/3/ج من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ، والمادة 13من الميثاق العربي لحقوق الإنسان ، على أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته قانونيا في محاكمة عادلة علنية تتوافر له فيها كافة الضمانات التي تكفل له الدفاع عن نفسه . فحق المتهم في الاستعانة بمحام يدافع عنه ، هو حق لصيق بالمتهم ، يستمد شرعيته من حق الإنسان الطبيعي في الدفاع عن نفسه ضد كل أذى يتهدده في حياته ، أو في حريته ، أو في صحته ، أوفى ماله ، تمليه قاعدة أن الأصل في الإنسان البراءة ، وهو ما نصت عليه المادة 67 من الدستور المصري من أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه ، وأن كل متهم في جناية يجب أن يكون له محام يدافع عنه ، وما نصت عليه المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه لا يجوز للمحقق في والجنايات وفى الجنح المعاقب عليها بالحبس وجوبا استجواب المتهم إلا بعد دعوة محاميه للحضور ، وإذا لم يكن للمتهم محام ، أو لم يحضر محاميه بعد دعوته ، وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن يندب له محاميا ، وحرصا من الشارع على فاعلية هذا الضمان الجوهري ، فرض عقوبة الغرامة في المادة 375 من قانون الإجراءات الجنائية على كل محام منتدبا كان أو موكلا من قبل متهم يحاكم في جناية أمام محكمة الجنايات ، إذا هو لم يدافع عنه ، أو يعين من يقوم مقامه بالدفاع عنه ، فضلا عن المحاكمة التأديبية إذا اقتضتها الحال ، هذا وإلا وقعت إجراءات المحاكمة باطلة .
ولا شك أن هناك كثيرين في العهد البائد ارتكبوا جرائم خطيرة في حق مصر والمصريين ، ارتكبوا ما لم يرتكبه عتاة الإجرام وقطاع الطرق وناهشو الأعراض ، نهبوا أموال الشعب وهربوها ، واستولوا على أراضيه وتاجروا فيها ، أذلوا أبناء الشعب المصري ، في الداخل والخارج ، وأمعنوا في إذلاله ، وامتهان كرامته وآدميته ، وقتله وتعذيبه ، دمروا مصر وخربوها ، وأساءوا إليها ، وإلى الشعب المصري ، وعدم محاكمة هؤلاء ، وإنزال أشد العقاب عليهم ، يصيب أبناء هذا الشعب بالغصة والألم ، ويشعرهم بأنهم هينون على وطنهم ، ولا كرامة لهم فيه ، معتقدين أن ما ارتكب في حقهم كان أمرا مباحا ، إن لم يكن أمرا مطلوبا ، يعيشون متحسرين منزعجين مما أصابهم في ماضيهم ، غير آمنين مطمئنين على مستقبلهم .
وحتى لا يشعر أبناء هذا الشعب أنهم كانوا يعيشون في وطن كان القانون فيه قاصرا عن حمايتهم ، وما زال قاصرا عن أن يقتص من جلاديهم ، تعين محاكمة هؤلاء الذين أجرموا في حق مصر والمصريين ، ولكن من خلال محاكمة عادلة علنية تتوافر لهم فيها كافة الضمانات القانونية التي تكفل لهم الدفاع عن أنفسهم ، ومنها حقهم في اختيار من يدافع عنهم من المحامين ، بعيدا عن مدعى المواقف الكاذبة ، والبطولات الزائفة ، والتضحيات الموهومة، وإلا كنا مثل هؤلاء الذين نطالب بمحاكمتهم ، وقتلنا الثورة بدماء العدالة .. قتلنا الثورة بدماء العدالة .. اللهم بلغت اللهم فاشهد.
نائب رئيس محكمة النقض
وللمتهم الحق في الاستعانة بمحام يدافع عنه ، حتى ولو كان هو نفسه محاميا ، ذلك بأن موقف الاتهام يربكه ، ويفقده اتزانه ، وتوقع الحكم بالإدانة يبعث في نفسه الرعب والخوف والفزع ، خاصة في الجرائم الخطيرة ذات العقوبات القاسية ، فيصبح غير قادر على ضبط أعصابه ، واستجماع قدراته ، وتركيـز ذهنه ، وترتيب أفكاره ، تحيطه نظــــرات الناس الكارهة الساخطة من كل جانب ، فلا تزال آثار الجريمة ماثلة أمام أعينهم ، وصورتها عالقة في أذهانهم .
ونظرا لأهمية حق الدفاع وقدسيته ، حرصت المواثيق الدولية والقوانين في كافة دول العالم على النص عليه ، وأحاطته بسلسلة من الضمانات التي تكفل للمتهم محاكمة عادلة ونزيهة ، فقد نصت المادة (11) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، والمادة 4/3/د من العهد الدولي الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية ، والمادة 6/3/ج من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ، والمادة 13من الميثاق العربي لحقوق الإنسان ، على أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته قانونيا في محاكمة عادلة علنية تتوافر له فيها كافة الضمانات التي تكفل له الدفاع عن نفسه . فحق المتهم في الاستعانة بمحام يدافع عنه ، هو حق لصيق بالمتهم ، يستمد شرعيته من حق الإنسان الطبيعي في الدفاع عن نفسه ضد كل أذى يتهدده في حياته ، أو في حريته ، أو في صحته ، أوفى ماله ، تمليه قاعدة أن الأصل في الإنسان البراءة ، وهو ما نصت عليه المادة 67 من الدستور المصري من أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه ، وأن كل متهم في جناية يجب أن يكون له محام يدافع عنه ، وما نصت عليه المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه لا يجوز للمحقق في والجنايات وفى الجنح المعاقب عليها بالحبس وجوبا استجواب المتهم إلا بعد دعوة محاميه للحضور ، وإذا لم يكن للمتهم محام ، أو لم يحضر محاميه بعد دعوته ، وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن يندب له محاميا ، وحرصا من الشارع على فاعلية هذا الضمان الجوهري ، فرض عقوبة الغرامة في المادة 375 من قانون الإجراءات الجنائية على كل محام منتدبا كان أو موكلا من قبل متهم يحاكم في جناية أمام محكمة الجنايات ، إذا هو لم يدافع عنه ، أو يعين من يقوم مقامه بالدفاع عنه ، فضلا عن المحاكمة التأديبية إذا اقتضتها الحال ، هذا وإلا وقعت إجراءات المحاكمة باطلة .
ولا شك أن هناك كثيرين في العهد البائد ارتكبوا جرائم خطيرة في حق مصر والمصريين ، ارتكبوا ما لم يرتكبه عتاة الإجرام وقطاع الطرق وناهشو الأعراض ، نهبوا أموال الشعب وهربوها ، واستولوا على أراضيه وتاجروا فيها ، أذلوا أبناء الشعب المصري ، في الداخل والخارج ، وأمعنوا في إذلاله ، وامتهان كرامته وآدميته ، وقتله وتعذيبه ، دمروا مصر وخربوها ، وأساءوا إليها ، وإلى الشعب المصري ، وعدم محاكمة هؤلاء ، وإنزال أشد العقاب عليهم ، يصيب أبناء هذا الشعب بالغصة والألم ، ويشعرهم بأنهم هينون على وطنهم ، ولا كرامة لهم فيه ، معتقدين أن ما ارتكب في حقهم كان أمرا مباحا ، إن لم يكن أمرا مطلوبا ، يعيشون متحسرين منزعجين مما أصابهم في ماضيهم ، غير آمنين مطمئنين على مستقبلهم .
وحتى لا يشعر أبناء هذا الشعب أنهم كانوا يعيشون في وطن كان القانون فيه قاصرا عن حمايتهم ، وما زال قاصرا عن أن يقتص من جلاديهم ، تعين محاكمة هؤلاء الذين أجرموا في حق مصر والمصريين ، ولكن من خلال محاكمة عادلة علنية تتوافر لهم فيها كافة الضمانات القانونية التي تكفل لهم الدفاع عن أنفسهم ، ومنها حقهم في اختيار من يدافع عنهم من المحامين ، بعيدا عن مدعى المواقف الكاذبة ، والبطولات الزائفة ، والتضحيات الموهومة، وإلا كنا مثل هؤلاء الذين نطالب بمحاكمتهم ، وقتلنا الثورة بدماء العدالة .. قتلنا الثورة بدماء العدالة .. اللهم بلغت اللهم فاشهد.
نائب رئيس محكمة النقض