مجلة المحاماة - العدد العاشر
السنة الرابعة والثلاثون سنة 1954
تعريف منزل الدعارة
حسب القانون رقم (68) لسنة 1951
بحث للسيد الأستاذ عبد اللطيف الحسيني المحامي
عرفت المادة ( من القانون رقم (68) لسنة 1951 الخاص ببيوت الدعارة، منزل الدعارة بأنه (كل مكان يُستعمل عادةً لممارسة دعارة الغير أو فجوره) فاستلزم النص لاعتبار المكان بيت دعارة توافر شرطين الاعتياد والغير.
أولاً: ركن الغير:
بمعنى أنه لا بد أن يقام الدليل على الاعتياد على الاستعمال بالوصف المتقدم وأن يكون من يمارس الدعارة هو غير أصحاب المنزل.
فإذا كان مرتكب الفجور هو من أصحاب المنزل فلا عقاب لأن الفجور في ذاته لا عقاب عليه، بل المعاقب هو دعارة الغير، أي الصفة العمومية، وهو مدلول كلمة الدعارة ذاتها.
فإذا كانت المرأة المضبوطة هي صاحبة المنزل دون غيرها من النساء فمن ثم لا تتوافر أركان النص المدخل للمنزل في دائرة العقاب.
وأدلة ذلك مستمدة من القانون نفسه، فمن المفهوم أن الرجل خصص منزلاً لاستقبال صديقاته من النساء لا عقاب عليه، والعكس صحيح والمساواة مفروضة وواجبة - ويلاحظ أن دعارة الغير لا تقوم بالرجل المضبوط مع المرأة المالكة للمنزل لأن هذه الحالة لا تعتبر دعارة الغير بل هي مزاج للنفس وحالة شخصية.
فالدعارة عمل مزدوج ولا يتصور فيه الانفراد، ووجود المرأة المالكة مع شخص آخر لا يعتبر دعارة الغير بل هي دعارة النفس - إذ لا تتصور دعارة النفس انفراد بلا رجل.
وإذن فدعارة الغير تستلزم نساء أخريات ورجال آخرين من غير أهل المنزل أقارب أو غرباء وهذا هو سياق نفس المادة ( المذكورة إذ تقول (ولو كان من يمارس فيه الدعارة أو الفجور شخصًا واحدًا).
فمفهوم مع ما تقدم بأنه شخص واحد خلاف المالك، فما لم توجد هذه الحالة لا توجد الدعارة ولا يعتبر المكان بيتًا للدعارة.
ويؤكد ذلك القانون نفسه لأنه إذ نص على أنه يعتبر بيتًا للدعارة ولو كان من يمارس فيه الفجور أو الدعارة شخصًا واحدًا، فإنه قد جعل حكمًا خاصًا لكل من اعتاد ممارسة الفجور أو الدعارة في المادة (9 ف 3) بما يدل على أنه ميز وفرق بين مديرة المنزل وممارسة الفجور، وإذن فاشتراط وجود الغير لاعتبار بيت الدعارة ولو بواحدة، لا يقوم على المالكة بل على شخص آخر خلافها.
هو الفتاة التي تتلقى الفجور أو الدعارة بخلاف المالكة التي تدير المنزل.
والرجل كما قدمنا لا يعتبر غيرًا بالمعنى المقصود في المادة ( لأنه يدخل ضمن دعارة النفس بمعنى الازدواج.
ومن أدلة ذلك أيضًا:
1 - إن مجرد الفجور لا عقاب عليه.
2 - إن المزاج الجنسي لا عقاب عليه.
3 - إن الحالات الشخصية لا عقاب عليها بل العقاب على الصفة العامة.
4 - إن الفقرة الأخيرة من المادة ( تفترض التعدد إذ تقول:
(إذا كان مرتكب الجريمة (المديرة) من أصول من يمارس (الفتاة) الفجور أو الدعارة أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن له سلطة عليه).
بل إنه لا بد من اعتبار المكان بيتًا للدعارة من وجود الممارسة للفجور فضلاً عن المديرة، وحتى لو مارست المديرة الفجور فإنها لا تعتبر من الغير المقصود هنا.
5 - على الشرح المتقدم إن المادة (9) لا تعاقب على فجور البنت الموجودة بالمنزل فمن باب أولى صاحبته عند فجور نفسها.
6 - إن القضاء كان مستقرًا على هذا قبل صدور القانون ويلاحظ في ذلك حكم النقض الصادر في 24 يناير سنة 1949 الذي قضى بهذا المعنى تمامًا.
وهو ما عبر عنه بلفظ (النساء الأجنبيات).
وأصل الإشكال أنه عند صياغة القانون قدم مجلس النواب مشروعًا عرف فيه منزل الدعارة (بأنه كل مكان يدار للدعارة) غير أنه عند عرض الأمر على مجلس الشيوخ دس كلمة الغير، فقوض النص.
غير أنه إذا تعمقنا في الموضوع لوجدنا المسألة منطقية، إذ أن القوانين مهما غلت فإنها لا تستطيع مقاومة الطبيعة، وعلى ذلك فإن العلاقات الخاصة لا يمكن أن تُمحى فاضطر القانون إلى إغضاء البصر عنها ما لم تتطرق إلى صفة عامة فتتسع إلى غير أهلها.
ومن هنا يمكن تبرير التجاوز عن عقاب أهل المنزل إذا لم يأتوا بغيرهم لارتكاب الفحشاء.
وقد استقرت الأحكام بعد ذلك على هذا المنوال (نقض 27/ 1/ 1953 باسم… …. …) وسائر المحاكم الأخرى كالدائرة العاشرة المستأنفة بالإسكندرية وبعض المحاكم الجزئية وعلى الأخص محكمة باب شرقي.
ثانيًا: ركن العادة:
لا يعتبر المكان منزلاً للدعارة ما لم يتوفر فيه الشرط السابق وهذا الشرط لا يكفي بمفرده بل لا بد من إضافة شرط آخر هو ركن العادة، وليس الأمر اجتهادًا بل صريح نص المادة إذ تقول (كل مكان يُستعمل عادةً).
فتكون الجريمة من جرائم العادة التي لا تتوفر إلا بتوافر حصولها والمسألة ليست غريبة بل إن القانون قد دُرج على هذا الشأن في سائر حالاته ومن ذلك المادة التاسعة منه التي تعاقب الشخص الذي يمارس الفجور أو الدعارة فتى أو فتاة بعد ثبوت الاعتياد.
وما استقر عليه القضاء تفريعًا على هذا بأن الفجور في ذاته غير معاقب عليه ولو في حالة التلبس أو عند الاعتراف به، بل المعاقب هو اعتياد ذلك.
وهكذا الشأن تمامًا بالنسبة للمنزل ذاته فلا يكفي أن يدار للفساد حتى ينطبق النص بل لا بد من توافر ركن العادة في ذلك.
وللأمر حكمته فقد يحصل الفساد عرضًا أو مصادفة أو مرة واحدة لا تتكرر فيكون من صالح المجتمع إسدال الستار وتهيئة سبيل الإصلاح بدلاً من إشاعة اليأس والدفع إلى الفساد ما دامت النتيجة واحدة في الحالتين حالة الانفراد وحالة الاعتياد.
وحكمت بذلك محكمة النقض في القضية 1875 لسنة 20 قضائية وتواترت الأحكام بعد ذلك على هذا المنوال.
فنخلص مما تقدم بضرورة توافر الشرطين الغير والعادة لاعتبار المنزل مما يتناوله القانون.
كلمة ختامية:
يرى بعض الباحثين ضرورة معالجة نص المادة الثامنة بحذف كلمة الغير حتى يشمل النص كافة حالات الفساد وهو رأي له وجاهته واعتباره.
إلا أنه يمكن الرد عليه بأنه سيتناول حالات لا يمكن أن يقصدها المشرع ولا يستساغ العقاب عليها.
وقد يصل الأمر إلى مخالفة الطبيعة والاصطدام بها مما يؤدي إلى إشاعة اليأس والفوضى الجنسية بما في ذلك كثرة الجرائم من هذا القبيل.
ومن أمثلة ذلك، ما إذا كانت امرأة تعشق رجلاً وتعيش معه ويتردد عليها أو حتى أكثر من رجل دون أن يصل الأمر لناحية العمومية، فيشملها النص وهو أمر لا يمكن أن يقصده الشارع، فالحالة هذه تشبه الرجل الذي يتخذ منزلاً لنفسه ويجلب له سيدة أو أكثر لنفسه بدون عموم في الأمر وبدون اعتداء على حق آخر، فلم يقل أحد بجريمة أو شبهة، وهكذا الأمر بالنسبة للسيدة في الحالة العكسية إذن المساواة واجبة ولا يصح التفرقة بين الرجل والمرأة أمام القانون.
وعلى كل حال فإن المسألة تحتاج لكثير من الدراسة والتروي.
السنة الرابعة والثلاثون سنة 1954
تعريف منزل الدعارة
حسب القانون رقم (68) لسنة 1951
بحث للسيد الأستاذ عبد اللطيف الحسيني المحامي
عرفت المادة ( من القانون رقم (68) لسنة 1951 الخاص ببيوت الدعارة، منزل الدعارة بأنه (كل مكان يُستعمل عادةً لممارسة دعارة الغير أو فجوره) فاستلزم النص لاعتبار المكان بيت دعارة توافر شرطين الاعتياد والغير.
أولاً: ركن الغير:
بمعنى أنه لا بد أن يقام الدليل على الاعتياد على الاستعمال بالوصف المتقدم وأن يكون من يمارس الدعارة هو غير أصحاب المنزل.
فإذا كان مرتكب الفجور هو من أصحاب المنزل فلا عقاب لأن الفجور في ذاته لا عقاب عليه، بل المعاقب هو دعارة الغير، أي الصفة العمومية، وهو مدلول كلمة الدعارة ذاتها.
فإذا كانت المرأة المضبوطة هي صاحبة المنزل دون غيرها من النساء فمن ثم لا تتوافر أركان النص المدخل للمنزل في دائرة العقاب.
وأدلة ذلك مستمدة من القانون نفسه، فمن المفهوم أن الرجل خصص منزلاً لاستقبال صديقاته من النساء لا عقاب عليه، والعكس صحيح والمساواة مفروضة وواجبة - ويلاحظ أن دعارة الغير لا تقوم بالرجل المضبوط مع المرأة المالكة للمنزل لأن هذه الحالة لا تعتبر دعارة الغير بل هي مزاج للنفس وحالة شخصية.
فالدعارة عمل مزدوج ولا يتصور فيه الانفراد، ووجود المرأة المالكة مع شخص آخر لا يعتبر دعارة الغير بل هي دعارة النفس - إذ لا تتصور دعارة النفس انفراد بلا رجل.
وإذن فدعارة الغير تستلزم نساء أخريات ورجال آخرين من غير أهل المنزل أقارب أو غرباء وهذا هو سياق نفس المادة ( المذكورة إذ تقول (ولو كان من يمارس فيه الدعارة أو الفجور شخصًا واحدًا).
فمفهوم مع ما تقدم بأنه شخص واحد خلاف المالك، فما لم توجد هذه الحالة لا توجد الدعارة ولا يعتبر المكان بيتًا للدعارة.
ويؤكد ذلك القانون نفسه لأنه إذ نص على أنه يعتبر بيتًا للدعارة ولو كان من يمارس فيه الفجور أو الدعارة شخصًا واحدًا، فإنه قد جعل حكمًا خاصًا لكل من اعتاد ممارسة الفجور أو الدعارة في المادة (9 ف 3) بما يدل على أنه ميز وفرق بين مديرة المنزل وممارسة الفجور، وإذن فاشتراط وجود الغير لاعتبار بيت الدعارة ولو بواحدة، لا يقوم على المالكة بل على شخص آخر خلافها.
هو الفتاة التي تتلقى الفجور أو الدعارة بخلاف المالكة التي تدير المنزل.
والرجل كما قدمنا لا يعتبر غيرًا بالمعنى المقصود في المادة ( لأنه يدخل ضمن دعارة النفس بمعنى الازدواج.
ومن أدلة ذلك أيضًا:
1 - إن مجرد الفجور لا عقاب عليه.
2 - إن المزاج الجنسي لا عقاب عليه.
3 - إن الحالات الشخصية لا عقاب عليها بل العقاب على الصفة العامة.
4 - إن الفقرة الأخيرة من المادة ( تفترض التعدد إذ تقول:
(إذا كان مرتكب الجريمة (المديرة) من أصول من يمارس (الفتاة) الفجور أو الدعارة أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن له سلطة عليه).
بل إنه لا بد من اعتبار المكان بيتًا للدعارة من وجود الممارسة للفجور فضلاً عن المديرة، وحتى لو مارست المديرة الفجور فإنها لا تعتبر من الغير المقصود هنا.
5 - على الشرح المتقدم إن المادة (9) لا تعاقب على فجور البنت الموجودة بالمنزل فمن باب أولى صاحبته عند فجور نفسها.
6 - إن القضاء كان مستقرًا على هذا قبل صدور القانون ويلاحظ في ذلك حكم النقض الصادر في 24 يناير سنة 1949 الذي قضى بهذا المعنى تمامًا.
وهو ما عبر عنه بلفظ (النساء الأجنبيات).
وأصل الإشكال أنه عند صياغة القانون قدم مجلس النواب مشروعًا عرف فيه منزل الدعارة (بأنه كل مكان يدار للدعارة) غير أنه عند عرض الأمر على مجلس الشيوخ دس كلمة الغير، فقوض النص.
غير أنه إذا تعمقنا في الموضوع لوجدنا المسألة منطقية، إذ أن القوانين مهما غلت فإنها لا تستطيع مقاومة الطبيعة، وعلى ذلك فإن العلاقات الخاصة لا يمكن أن تُمحى فاضطر القانون إلى إغضاء البصر عنها ما لم تتطرق إلى صفة عامة فتتسع إلى غير أهلها.
ومن هنا يمكن تبرير التجاوز عن عقاب أهل المنزل إذا لم يأتوا بغيرهم لارتكاب الفحشاء.
وقد استقرت الأحكام بعد ذلك على هذا المنوال (نقض 27/ 1/ 1953 باسم… …. …) وسائر المحاكم الأخرى كالدائرة العاشرة المستأنفة بالإسكندرية وبعض المحاكم الجزئية وعلى الأخص محكمة باب شرقي.
ثانيًا: ركن العادة:
لا يعتبر المكان منزلاً للدعارة ما لم يتوفر فيه الشرط السابق وهذا الشرط لا يكفي بمفرده بل لا بد من إضافة شرط آخر هو ركن العادة، وليس الأمر اجتهادًا بل صريح نص المادة إذ تقول (كل مكان يُستعمل عادةً).
فتكون الجريمة من جرائم العادة التي لا تتوفر إلا بتوافر حصولها والمسألة ليست غريبة بل إن القانون قد دُرج على هذا الشأن في سائر حالاته ومن ذلك المادة التاسعة منه التي تعاقب الشخص الذي يمارس الفجور أو الدعارة فتى أو فتاة بعد ثبوت الاعتياد.
وما استقر عليه القضاء تفريعًا على هذا بأن الفجور في ذاته غير معاقب عليه ولو في حالة التلبس أو عند الاعتراف به، بل المعاقب هو اعتياد ذلك.
وهكذا الشأن تمامًا بالنسبة للمنزل ذاته فلا يكفي أن يدار للفساد حتى ينطبق النص بل لا بد من توافر ركن العادة في ذلك.
وللأمر حكمته فقد يحصل الفساد عرضًا أو مصادفة أو مرة واحدة لا تتكرر فيكون من صالح المجتمع إسدال الستار وتهيئة سبيل الإصلاح بدلاً من إشاعة اليأس والدفع إلى الفساد ما دامت النتيجة واحدة في الحالتين حالة الانفراد وحالة الاعتياد.
وحكمت بذلك محكمة النقض في القضية 1875 لسنة 20 قضائية وتواترت الأحكام بعد ذلك على هذا المنوال.
فنخلص مما تقدم بضرورة توافر الشرطين الغير والعادة لاعتبار المنزل مما يتناوله القانون.
كلمة ختامية:
يرى بعض الباحثين ضرورة معالجة نص المادة الثامنة بحذف كلمة الغير حتى يشمل النص كافة حالات الفساد وهو رأي له وجاهته واعتباره.
إلا أنه يمكن الرد عليه بأنه سيتناول حالات لا يمكن أن يقصدها المشرع ولا يستساغ العقاب عليها.
وقد يصل الأمر إلى مخالفة الطبيعة والاصطدام بها مما يؤدي إلى إشاعة اليأس والفوضى الجنسية بما في ذلك كثرة الجرائم من هذا القبيل.
ومن أمثلة ذلك، ما إذا كانت امرأة تعشق رجلاً وتعيش معه ويتردد عليها أو حتى أكثر من رجل دون أن يصل الأمر لناحية العمومية، فيشملها النص وهو أمر لا يمكن أن يقصده الشارع، فالحالة هذه تشبه الرجل الذي يتخذ منزلاً لنفسه ويجلب له سيدة أو أكثر لنفسه بدون عموم في الأمر وبدون اعتداء على حق آخر، فلم يقل أحد بجريمة أو شبهة، وهكذا الأمر بالنسبة للسيدة في الحالة العكسية إذن المساواة واجبة ولا يصح التفرقة بين الرجل والمرأة أمام القانون.
وعلى كل حال فإن المسألة تحتاج لكثير من الدراسة والتروي.