هل الثائرون هم من أخطأوا في حق زعمائهم؟ هذا هو السؤال الذي يحاول بعض
الثائرين على الثوار تسريبه بين صفوف الشعوب، وقد نجحوا نسبيا في ربط بعد
الثورات بالرغبة الأمريكية وحتى الإسرائيلية في نسف ما سموه استقرار ونهضة
الدول العربية، إلى درجة أن القنوات الليبية الرسمية طبعا مثل الهداية
والجماهيرية صارت لا تتوقف عن ذكر ما تسميه هي بإيمان معمر القذافي وتصفه
بحافظ القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وأكبر مدافع عن الدين
الإسلامي، كما لقب الإعلام اليمني ولأول مرة رئيسه علي عبد الله صالح
بالرجل المؤمن، وكان الإعلام التونسي في الشهقات الأخيرة لزين العابدين بن
علي يقدم لقطات من سفريته إلى البقاع المقدسة رفقة السيدة ليلى طرابلسي .
أما رحلة الرئيس اليمني عام 2004 برا إلى البقاع المقدسة فصارت ملحمة لا
يتوانى أتباعه عن التحدث عنها رغم مرور سبع سنوات كاملة عنها .. وأعطوها
أبعادا روحية واجتماعية وسياسية حيث قالوا إن رحلته برا مكنته من اكتشاف
مخاطر الحوثيين في بعض القرى عندما لاحظ في أحد المساجد الخطاب الشيعي هو
السائد فحذر من المد الشيعي في بلاده وبدأ عمله الاستخباراتي لكبحه ..
أما الرئيس التونسي الهارب فقد اصطحب زوجته وعائلته وأصهاره وأدوا جميعا
مناسك العمرة ويقال إنه اعتمر كما اعتمر حسني مبارك بعد طردهما من الحكم
وهو ما جعل المدافعين عن نظرية المؤامرة الأجنبية على الزعماء العرب يقولون
إن الزعماء متمسكون بالإيمان في الحالتين أي في السراء وفي الضراء ..
يبقى اللغز الأكبر هو الزعيم معمر القذافي الذي قارب سنه السبعين ومع ذلك
لم يؤد لا مناسك العمرة ولا فريضة الحج رغم شرط الاستطاعة وهو ما جعل
منتقديه يقولون إن سبب ذلك يعود إما لعدم تمكنه من اصطحاب حارساته
الخصوصيات أو الممرضة الأوكرانية، ولكن لمعمر القذافي منذ السبعينات وجهة
نظر سياسية بعد أن طالب بسحب تنظيم فريضة الحج من المملكة العربية السعودية
ومنحها لمنظمة إسلامية والتداول على الموسم بين مختلف الدول الاسلامية،
وصار بعد ذلك زيارته للبقاع المقدسة هو اعتراف بالتنظيم السعودي للشعيرة
الخامسة في الإسلام ..
أما حسني مبارك فقد اعتمر في ذات السنة التي خلف فيها أنور السادات عام
1981 ثم تكررت زياراته للبقاع المقدسة رفقة زوجته سوزان وابنيه جمال وعلاء،
أما توجه زين العابدين مع عائلته إلى البيت الحرام فكان ردا على
الإسلاميين الذين انتقدوا إبقائه على التشديد على ارتداء الحجاب الذي ورثه
عن الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة الذي كان يقول إن الحجاب زي طائفي .. يبقى
الحساب في كل الأحوال بيد خالق الأكوان.