للرئيس السابق حسنى مبارك وأسرته تقدر بالمليارات من المجوهرات، والماس،
والأحجار الكريمة والتى تمثل كنزا، لاشك أن مبارك وزوجته سوزان يحتفظان فى
مكان ما بهذا الكنز الذى لم يسجل فى الوقائع الرسمية حسب القانون، وتشير
وقائع الأحداث إلى أن قائمة الهدايا تم اخفاؤها عمدا فى مكان ما خارج مصر
أو داخلها.
فهل يمكن الكشف عن هذا الكنز، مثلما
حدث مع الرئيس التونسى المخلوع زين العابدين بن على يوم 20 يناير الماضى،
عندما اكتشفت لجان التفتيش قصرا يضم كنوزا من الذهب والمجوهرات وقطعا من
الحلى النادرة، والساعات الثمينة، وخزانة ممتلئة بالأموال. يومها كانت
الثورة مجرد فكرة فى عقول شباب مصر، والآن لايزال السؤال: أين يخفى مبارك
وزوجته تلك الكنوز.
هذا السؤال يدفعه حجم الهدايا التى
تلقاها مبارك وعائلته من الرؤساء والزعماء العرب طيلة 30 عاما، لكن معلومات
قوية تخرج يوما بعد يوم من مصادر موثوق فيها، شغلت مناصب حساسة، وكانت على
علاقة مباشرة بقصر الرئاسة، تتحدث عن الهدايا وما تحمله خزائنه من أموال
ومجوهرات وتحف وانتيكات، ومن أين تشترى سوزان مبارك - أو كما كانت تلقب
داخل القصر الجمهورى بالهانم - أطقم ذهبها، وسر طائرة القذافى، وسيارة صدام
حسين، وسيف الذهب السعودى، والخنجر العمانى المرصع بالأحجار الكريمة،
والقصر الإماراتى، والشجرة الذهب الموجودة فى بهو أحد المقرات الرئاسية.
صدام حسين وسيارات التويوتا كريسيدا
فى 17 أبريل 1988 نفذ الجيش العراقى
عملية عسكرية تسمى بمعركة تحرير الفاو خلال حرب الخليج الأولى، لإخراج
الجيش الإيرانى من شبه جزيرة الفاو بعد احتلال دام عامين، وحررها من
الإيرانيين. وتم ذلك بمشورات ودعم مصرى، وردا للجميل قدم صدام حسين لمبارك
هدايا قيمة وعطايا مميزة، أبرزها مجموعة سيارات من طراز تويوتا كريسيدا وهى
أحد أفخم أنواع السيارات التى أنتجتها شركة تويوتا للسيارات فى ذلك
التوقيت، وتم توزيع طاقم السيارات المهداة من الرئيس صدام حسين على مؤسسة
الرئاسة، وكانت تسير فى موكبه لشهور حتى استبدلها بالمرسيدس.
صدام أهدى مبارك أيضا طبنجة وبندقية
من الذهب، وهما اللتان كانتا موجودتين فى القصر الرئاسى ببغداد، وتعدان
نادرتين، لأنهما كانتا مصممتين خصيصا لصدام.
السلطان قابوس.. إرسال الهدايا
كان العرف العام المعمول به فى
بروتوكلات هدايا الرؤساء والزعماء أن يتم نقل الهدايا باسمهم على الطائرات
أو السفن، وألا تصل الهدية إلى الرئيس مباشرة دون وسيط، وهو ما كان يحدث فى
الهدايا التى يتلقاها مبارك من جميع الدول إلا دولة واحدة فقط، هى سلطنة
عمان، حيث كانت الهدايا التى ترد من السلطان قابوس إلى مبارك لا تحمل اسمه
إنما تحمل اسم «نور فرغل».
ووراء ذلك الاسم قصة مثيرة تكشف
جانباً من كواليس التعامل داخل مؤسسة الرئاسة، فنور فرغل كان يتولى منصب
أمين أول مؤسسة رئاسة الجمهورية للبروتوكولات، أى أنه المسؤول الأول عن
استقبال الوفود وتنظيم الحفلات، ومقابلة الزعماء والرؤساء أثناء إقامتهم فى
مصر وتوفير كامل احتياجاتهم، ومن شدة إتقانه فى عمله استعان به السلطان
قابوس لتأسيس قسم للبروتوكولات فى سلطنة عمان، وتوطدت علاقتهما وبدأ
السلطان قابوس فى إرسال الهدايا إلى مبارك على عنوان مؤسسة الرئاسة، ولكن
باسم نور فرغل، واستمر ذلك عدة شهور، وهو الأمر الذى خلق غيرة وحساسية من
أسرة مبارك وتحديدا سوزان مبارك، ولم يكن هناك سبيل سوى إقصاء فرغل من
مؤسسة الرئاسة ونقله لمجلس الوزراء.
شخصية أخرى كانت تلعب دورا هاما فى
العلاقة بين مصر وسلطنة عمان، هو عمر الزواوى، المستشار الأول للسطان
قابوس، وهو كان الشخص المقرب جداً إلى مبارك وأسرته، حيث كان يستضيف مبارك
فى قصر السلطنة فى باريس ولندن ويتحمل كل نفقات الإقامة.
وفى كل مرة كان يزور فيها السلطان
قابوس القاهرة كان يعطى مبارك 3 أنواع من الهدايا أولها هدايا نقدية متمثلة
فى مبالغ مالية بالعملات الأجنبية يتم توزيعها على طاقم الحراسة المكلف
بحمايته بنسب مختلفة تتراوح مع درجات سكرتارية الرئيس والحرس، أما النوع
الثانى من الهدايا فكان ساعات من الذهب الخالص لماركات عالمية أبرزها ماركة
روليكس محفور عليها اسم السلطان قابوس وفى أحيان أخرى صورته وفى الحالتين
تحمل صك خاتم السلطنة.
أما النوع الثالث من هدايا السلطان
قابوس لمبارك فتمثل فى خنجر ذهبى مرصع بالأحجار الكريمة، حيث كان السلطان
قابوس دائماً ما يهدى مبارك خناجر ذهبا فى أوقات ومناسبات مختلفة، أبرزها
الاحتفال السنوى بالعيد الوطنى لسلطنة عمان، والذى احتفلت به مصر سنوياً
طيلة 40 عاماً تحت رعاية سوزان مبارك فى حضور صفوة من الوزراء وكبار
المسؤولين والوزراء.
مبارك انتهز حرب الكويت لسداد ديون مصر
لم يكن مبارك يتلقى هدايا من الكويت
قبل عام 90، فكل الهدايا كانت بعد حرب تحرير الكويت والتى ساهم فيها الجيش
المصرى، وكل الهدايا كانت فى صورة واحدة فقط، وهى هدايا نقدية فى صورة
مبالغ مالية بالدولار الأمريكى والدينار الكويتى سدت جزءا كبيرا من ديون
مصر.
الكويتيون، بحسب ما أكد أحد العاملين
بمؤسسة الرئاسة والمرافقين لمبارك فى زياراته، كانوا يشبهونه بـ«التليفون
الذى يعمل بالعملة» وهو التليفون الذى لا يجرى أى مكالمات فى حال عدم توافر
العملة.
ذلل الوصف أكدته الباحثة الأمريكية
ديبرا لويس شولمان فى أحدث دراساتها عن حرب الخليج، والتى قالت فيها إن
مبارك انتهز الفرصة التى وفرها الغزو العراقى للكويت كى يخفف ديون مصر، أما
أبرز الهدايا التى تلقاها الرئيس مبارك تمثلت فى سيارات مرسيدس لأسرة
الرئيس وطاقم السكرتارية المرافق له، بالإضافة إلى أن الكويت هى أول من
أعطت مبارك هدية السجاد الشيرازى، وهو أفخم أنواع السجاد الذى تزين به
الحوائط وتصل قيمته إلى 150 ألف دولار.
السعودية.. قطعة قماش نادرة نسجت خصيصاً لمبارك
العلاقة بين العاهل السعودى ومبارك
علاقة قوية عبر عصور طويلة وحتى وقتنا هذا، وتنعكس فى أن العاهل السعودى
أبدى ترحابه بإقامة مبارك فى السعودية، فضلاً عن أن الشائعات التى ترددت عن
سفر مبارك للخارج لم تتجه بعيداً عن السعودية، واقتصرت على وجود مبارك فى
قصر بمدينة تبوك.
السعودية فى قائمة هدايا مبارك هى
الدولة الأولى التى أهدته سيفا من الذهب الخالص تمت صناعته خصيصا له، وتم
وضع السيف فى «جراب» مطلى بمياه الذهب، ويحمل شعار المملكة العربية
السعودية «سيفين ونخلة».
وفى قائمة هدايا العاهل السعودى
لمبارك قصة طريفة، ففى أحد الأيام أهدى العاهل السعودى لمبارك قطعة قماش
كبيرة غير متوفرة فى الأسواق، ولا تنسج إلا بمصنع واحد فقط بإحدى الدول
الأوروبية، وقال له العاهل السعودى وقتها: «تلك قطعة قماش نادرة أعطها
للترزى الخاص بك لكى يفصل لك بدلة»، وبالفعل أعطى مبارك قطعة القماش إلى
مصمم أزيائه الخاص وهو مصرى يقيم فى مدينة بورسعيد، ويمتلك بيت أزياء شهيرا
فى باريس.
القذافى وطائرة خاصة للرئيس السابق
ظلت تلك الهدايا طى الكتمان، ولم
تنكشف إلا قبل سنوات قليلة، وتفاصيل قصة الكشف عن منح القذافى طائرة خاصة
حديثة الصنع لمبارك بدأت مع قيام الكاتب الصحفى سمير رجب بتنظيم حملة صحفية
على صفحات جريدة الجمهورية، لم يعرف القذافى أسبابها، وصرح لأحد مقربيه
وقتها وقال: «لا أعرف لماذا ترك مبارك صحيفة الجمهورية تهاجمنى وأنا أعطيته
طائرة خاصة بملايين الجنيهات».
الوجه الثانى من هدايا القذافى لمبارك
تمثلت فى سيارات مرسيدس، كان القذافى يرسلها سنوياً إلى مبارك لإدراجها
ضمن موكب الرئاسة، غير أنه توقف عن إرسال تلك السيارات قبل سنوات بسبب أحد
مواقف مبارك مع عائلة الرئيس جمال عبدالناصر، وهو الزعيم الذى كان يعشقه
القذافى، حيث قام مبارك قبل سنوات بسحب سيارات الرئاسة من أسرة جمال
عبدالناصر، وعندما وصلت المعلومة إلى القذافى أرسل لهم على طائرة 3 سيارات
مرسيدس.
الشيخ زايد.. هدايا غالية الثمن
هدايا الشيخ زايد لمصر لم تكن مثل
باقى الهدايا التى يتلقاها مبارك من الرؤساء والزعماء، فهدايا الشيخ زايد
كانت هدايا صغيرة الحجم نفيسة بقيم مالية كبيرة، حيث حصلت سوزان مبارك على
عقد ألماظ من الشيخ زايد تصل قيمته إلى 3 ملايين جنيه.
وعلى أرض الواقع ساهم الشيخ زايد فى
إقامة عدد من المشاريع أبرزها مدينة الشيخ زايد ومشروع شرق التفريعة
ومستشفى 75375، بالإضافة إلى مستشفى الشيخ زايد التى تكلفت 50 مليار جنيه
وتضم 8 غرف عمليات بإمكانيات عالية والتى أفتتحها عاطف عبيد وأوقفها حاتم
الجبلى كى لا تؤثر على مستشفاه الخاصة دار الفؤاد.
الأغرب أن كل تلك الهدايا، حصل عليها
مبارك باعتباره رئيساً للجمهورية وليس لشخصه، ما يقتضى أن يسلمها مع تركه
عمله كرئيس للجمهورية، وحتى الآن مر ما يقرب من شهر ونصف الشهر دون أن تخرج
أى معلومة عن ذلك كأنها ممتلكات خاصة، المثير للجدل أيضاً أن الدستور ينص
على أن كل هدايا الرئيس تنشر فى الجريدة الرسمية، وتوضع فى المتحف الرئاسى،
غير أننا لم نقرأ يوما عن أى هدية فى الجريدة الرسمية، أو عرفنا ماذا يضم
المتحف الرئاسى.
محال مجوهرات الهانم
تعودت سوزان مبارك أن تشترى مجوهراتها
من فرنسا، وتحديداً من 3 محال ذهب، وهى من أشهر محال بيع المجوهرات فى
العالم، وهى كارتيه وبيركيردان وشانرد، وفى شراء سوزان للمجوهرات قصة
غريبة، حيث كانت تتصل بسفير مصر فى ذلك الوقت، وتطلب منه أن يتصل بالمحال
الثلاثة، وتطلب منها طاقم مجوهرات بصفات معينة، فكان يجلب لها 4 أو 5 أشكال
مختلفة لتختار منها، غير أنها كانت فى كل مرة تأخذ الأطقم كلها، ويتولى
السفير دفع قيمة الطاقم الذهب من خزانة السفارة، وفى حال طلبه ذلك المبلغ
من مؤسسة الرئاسة قد يتعرض للإقالة من منصبه
المصدر اليوم السابع الأسبوعي