من طرف 
ترددت كثيراً قبل أن أكتب , لأننى سأتهم بأننى معاد لما أطلق عليه
الثورة !! إلا أننى قررت أن أكتب بعد أن هالنى ما رأيت وقرأت !! وبالتالى
فأنا الحريص على أن يكون هناك حفاظاً على أى مكتسبات تحققت فى يناير .
أبدأ وأتسائل : لماذا حدث ما حدث فى يناير ؟ يقيناً نتيجة حالة الإحتقان
السائد آنذاك وتفشى الفساد والأهم إهدار كرامة المواطن المصرى , وبالتالى
فأن ما حدث كان يستهدف تغيير صورة المجتمع المصرى , هذا التغيير لابد
وأن يكون لما هو أحسن .
آتى لرصد الظواهر الحالية , الشارع لازال يشهد حالة غير مسبوقة من
الإنفلات الأمنى رغم تواجد رجال الشرطة !! وأصبح من المألوف أن نرى رجل
الأمن وقد أكتفى بموقف المتفرج , ولا علاقة له بما يحدث , وقد حدث هذا معى
شخصياً , إذ تقدمت لواحد من رجال الشرطة أسأله عن فوضى الشارع , فأكتفى
بكلمات قليلة ( البلد أتغيرت ) !!
ترى هل شاهدتم الشوارع المحيطة والمؤدية إلى ميدان التحرير ؟ شارع قصر
النيل وشريف ومن قبلهما القصر العينى والشيخ ريحان بل وهل شاهدتم ما
وصل إليه حال ميدان التحرير ؟ للأسف الشديد الفوضى تسيطر على نهر الشارع
والأرصفة !! والباعة يفترشون الأرصف على الجانبين لدرجة أنه بات من الأمور
العادية السير فى عكس الإتجاه , وإنتشرت عربات البطاطا والترمس !! هذا حال
ميدان الشهداء ( التحرير سابقاً ) والشوارع المؤدية إليه . وهذا هو التغيير
الوحيد الذى حدث على أرض الواقع .
سادتى .. ما رأيكم ؟ السادة طلاب الجامعات فى مصر المحروسة , أعدوا قائمة
بالمطالب ويطلبون تنفيذها , والويل كل الويل لمن لا يستجيب لتلك
المطالب , أصارحكم كنت أتوقع أن أرى مطالب طلابية بحتة , إلا أننى لم أجد
أى مطلب طلابى !!
السادة الثوار من الطلاب يطالبون بما يلى :
تكوين لجان تتولى مراقبة عملية تصحيح أوراق الإجابة فى الإمتحانات , للتأكد من عدالة وموضوعية الأساتذة .
الطلاب من حقهم أن يختاروا المناهج التى يدرسوها !!
من حق الطلاب إختيار الأساتذة الذين يقومون بالتدريس .
من حق الطلاب إختيار عمداء الكليات وبالتالى رؤساء الجامعات وطلاب آخرون (
طلاب مدارس الصنايع ) يفترشون سلالم وزراة التعليم العالى , ويطالبون
الإلتحاق بكليات الهندسة تلقائياً , بإعتبار أن هذا حقهم الطبيعى , وعندما
تسألهم تكون الإجابة ( مصر لازم تتغير ) !!
ياسادة أنا لا أوجه إتهاماً لأحد , بقدر ما أروى نماذج رأيتها بعينى وتحدثت
إليهم وإستمعت لإجاباتهم المضحكة التى تدعوا للشفقة ( مصر أتغيرت ) !!
هذا هو التغيير الذى حدث على أرض الواقع ( مزيداً من الفوضى والتسيب ) ..
ليت الأمر يقف عند هذا الحد , بل أمتد ( الأمر ) لرفض كل شئ ينتمى للحقبة
الماضية حتى ولو كان إنجازاً , فأمتدت الأيادى لتحطيم كل شئ !! هذا هو
المنطق السائد الآن , حتى أن بعضاً من الذين إستوزروا مؤخراً سيكون إنجازهم
( الوحيد ) الإساءة لمن سبقوهم لأنهم منتمون إلى ما قبل 25 يناير !!
ليسايروا الموضة .. لدرجة أننى سألت أستاذاً ما فعلت عند إستئناف الدراسة ,
أجابنى , دخلت القاعة وسألت الطلاب : إيه رأيكم ؟ تحبوا نعمل إيه ؟ قلت
وهل هذا منطق ؟ قال : المنطق لم يعد لغة التخاطب , العيار فلت فى الجامعة
!! عليه العوض .
يا سادة .. ما يحدث اليوم كارثة بكل المقاييس مادمنا نحكم من الشارع ,
ولا هم لنا إلا إطفاء الحرائق أياً كانت التكلفة , بدليل دعم الصحف
القومية التى لا تسدد أى إلتزامات للدولة بدءاً من ضريبة الإعلانات
وإنتهاءاً بالتأمينات !!
يا سادة .. نحن فى حاجة لتغيير حقيقى فى سلوكياتنا , وطبائعنا , وأن نعى
معنى ( الثورة ) لأن ما يحدث اليوم فوضى ولا أتجاوز إن قررت أننا وصلنا
إلى مرحلة ( قلة الأدب ) !! أعرف أننى قد أكون متجاوزاً أو قاسياً ,
إلا أننى وكما أوضحت فى البداية هالنى ما رأيت بعينى وسمعت بأذنى .
وإنتابتنى حالة من الهلع , ترى إلى أين نحن ماضون ؟ هل نحرص على دخول النفق
المظلم ؟ أم أننا مطالبون بتجاوز هذا النفق ؟
ظاهرة أخرى لا تقل خطورة عن تلك الظواهر التى أشرت إليها , إنفلات الأسعار
فى السوق واختفاء بعضاً من السلع , خاصةً الغذائية !! ترى هل ما يحدث مجرد
صدفة بحته , أم أن ما يجرى يأتى فى إطار منظومة أعدت بحرفية طالما نبهت
إليها فى كتاباتى ؟ وبالتالى فإنى أطالب المجلس الأعلى للقوات المسلحة (
تحديداً ) بألا يهمل أحداث مباراة كرة القدم الأخيرة , لأنى أحسب أن ما حدث
لا علاقة له بنتيجة المباراة !!
صدقونى أخشى ما أخشاه أن يكون هناك مخططاً يستهدفنا لنترحم على الأيام الخوالى !!
معتصم راشد