من طرف 
ما هذا العبث الذى أراه تكراراً لفترات سابقة , ما هذا الخطر الذى أراه
يهدد نسيج هذا الوطن , يا سادة مصر كانت ويجب أن تبقى لكل المصريين ,
ومحاولات التخوين التى طالما حذرت منها مرفوضة شكلاً وموضوعاً ..
لا أكون مبالغاً هنا , إن سمحت لنفسى بأن أحذر أؤلئك الذين يسمهون
فى صناعة بطولات زائفة , أنتم أول من سيدفع ثمن صناعاتكم الزائفة , وعليكم
أن تسترجعوا التاريخ , لتستفيدوا من التجارب السابقة , وهذا ليس بعيب ,
لأن العيب أن تسهموا بجهل فى تهديد وحدة هذا الوطن . وستكونوا أنتم
بما صنعتوه ( الوقود ) !!
إننى كواحد من الذين أفنوا حياتهم فى خدمة هذا الوطن , ولازلت على
إستعداد لبذل المزيد من الجهد فداء الوطن الذى منحنا كل شئ , فوجب علينا أن
نرد له الجميل , إننى أرفض رفضاً باتاً محاولات التخوين , وأرفض تماماً
مقولة ( الفلول ) , لأنها لا تختلف عن مقولة ( الجماعة ) فى الأمس القريب ,
فإذا ( المحظورة ) بالأمس تتحول إلى ( المحظوظة ) اليوم !! كفانا فزاعات
لتبرير عجزنا !!
إننى من هنا أرفض أن يكون هناك فصيل من أبناء وطنى يحترف مهنة (
إئتلاف شباب الثورة ) , لإننى أراهم لا يختلفون إلا فى المسمى عن أؤلئك
الذين إحترفوا فى السابق مهنة ( الفكر الجديد ) !! مصر يا سادة لكل
المصريين , وأحيل هؤلاء الذين يحترفون مهنة ( إئتلاف شباب الثورة ) لحديث
فضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوى رحمة الله عليه , عندما تحدث عن ( الثائر
الحق ) , فأين أنتم من تعريف الثائر الحق ؟
أود أن أؤكد هنا , وكما قال أستاذنا الدكتور عبد العزيز حجازى ,
هناك كثيرين ممن كانوا ينتمون للعهد السابق , كانوا كالقابضين على الجمر ,
لأنهم كانوا ( يعارضون ) , ويعلنون رأيهم بمنتهى الصراحة , وفى
إعتقادى أن هؤلاء هم الذين يجب أن نحتويهم ونشد على أيديهم , لأن ما
حدث فى ثورة يناير كانوا يتحدثون عنه , والمبادئ التى تتبناها الثورة اليوم
ليست بجديدة, كانت ذات المطالب لكثيرين ممن ينتمون للعهد السابق , هؤلاء
يجب أن نشد على أيديهم بدلاً من أن نتهمهم ونصفهم بالخونة لأنهم كانوا
السباقين عن ( تلك الإئتلافات ) التى تعلن عن نفسها يوماً بعد يوم , لدرجة
أنه يصعب حصرها اليوم !!
ألا تروا معى كيف إمتلأت وسائل الإعلام بثوار وناشطين سياسيين , كل منهم
يتحدث وكأنه فقيه زمانه , بذات المنطق الذى كان يتحدث به الرئيس المخلوع
ورئيس وزرائه , فلماذا إذاً إتهمناهم بإهانة المصريين وعدم أهليتهم لحكمهم ,
هل لأنهم قالوها بالمفتشر وبعض الثوار يقولونها بالمتدارى بدعوى خوفهم من
سرقة الثورة , وما إلى ذلك من كلام يخفون به عجزهم عن النزول إلى الشارع
ومواجهة الحقيقة دون تسويف أو تأجيل .
لنترك هذا , إلا تروا معى كيف بات كثير من الثوار , الذين من المفترض أنهم
ضحوا بحياتهم من أجل الحرية , يعيدون إنتاج ذات أسطوانات التخوين والإقصاء
وإطلاق الفزاعات مع كل من يختلف معهم فى الرأى ؟
بالله عليكم , إلم تكن المشكلة الحقيقية مع نظام الرئيس المخلوع , أنه كلما
قال أحداً منا رأياً معارضاً أنقض عليه أتباع الفكر الجديد ليجعلوا منه
خائناً ويتهموه بأنه لا يقول رأيه لوجه الله , بل أن له مصالح خفية تجعله
يقول ذلك الرأى .. واليوم ألا ترون وقد أصبح الكثير منا الآن يفعل ذلك مع
كل رأى يختلف معه , ولم يعد ذلك يستثنى أحداً , كبيراً كان أو صغيراً .
للأسف الشديد لم يعد كثيراً من أولئك الذين يمتهنون مهنة ( إئتلاف شباب
الثورة ) يعطون أنفسهم فرصة للحوار الحضارى مع أى رأى مخالف , أياً كان هذا
المنطق الذى يقدمه هذا الرأى !!
سادتى الكرام لعلكم لاحظتم ما تعرض ويتعرض له الذين إختلفوا مع الثورة
والثوار من هجوم وشتائم وإهانات ,حتى ولو كانوا أناساً لهم سجلات مشرفة
وقامات شامخة, وحتى لو كان ما قالوه نابعاً من رغبة فى الإختلاف أو عدم فهم
, ولم يتورط أى منهم فى توجيه إتهامات كاذبة للثورة والثوار , فيستحق على
ذلك الحساب والمقاطعة والهجوم الشرس .
ياسادة , أمر طبيعى أن نجد اليوم نقداً .. أمراً طبيعى أن نجد اليوم
تشريحاً للسياسات القائمة , والأمر الأصعب أننا كنا نجد هذا بالأمس القريب ,
فما بالنا وهناك من كان يمارس النقد ويشرح السياسات فى ظل النظام السابق ,
ولا أكون مبالغاً إن قررت هنا , لو أن النظام السابق كان قد إستمع للرأى
الآخر , وإعتنق ثقافة قبول الآخر , لما كانت ثورة يناير !! هذه حقيقة يجب
أن تكون معلنة ومعروفة لأؤلئك الذين يمتهنون اليوم مهنة ( الإئتلافات ) !!
ولولا عناد النظام السابق ما كنتم أصحاب مهنة اليوم !! النظام السابق لم
يعترف إلا بمهنة وحيدة ( الفكر الجديد ) , فكان النتاج ثورة يناير ,
فمالى أراكم تكررون نفس الخطأ ولا تعترفون إلا بمهنة وحيدة ( إئتلاف شباب
الثورة ) , وما عداهم ( خونة ) !!
مصر , ستظل بلداً يضم كل المصريين قبل وبعد يناير .. وهنا أدعوكم لقراءة
مقال ( عقلية التخاصم ) للكاتب المحترم ( بلال فضل ) والمنشور اليوم
بجريدة ( المصرى اليوم ) .
( أناشدكم إستيعاب الدروس ) .
معتصم راشد