منذ عدة سنوات وأنا أدرس في المعهد الشرعي مر معي في مادة الخطابة ومن شروط الخطبة الناجحة أنه يجب على الخطيب تخير الموضوع المناسب للمناسبة التي يضطلع فيها بالخطابة فليس من المعقول وفي خطبة زفاف أن يتحدث عن الموت وأشراط الساعة وليس من المناسب في خطبة عزاء أن يتحدث عن عذاب القبر فقط وكأن الميت يتلقى الآن سياط العذاب بل يجب أن يتحدث عن رحمة الله ومغفرته الواسعة وقيمة الصبر لأهل الميت وثوابه الكبير . و يومها ضحكت من هذا المثال وأنا أتخيله وقلت وهل هذا معقول ؟؟ إن في كتاب الله الكريم وسنة نبيه الأمين من المتسع لكل مقال ومقام أليس هو دين لكل زمان ومكان ومناسبة ؟ وفي قوله تعالى : ( ما فرطنا في الكتاب من شيء ) صدق على ذلك .
ولكن وبعد هذه السنوات اكتشفت أنني ظلمت مؤلف الكتاب وأنه لم يأت بالمثال من عبث بل حقيقة يمكن أن يفعل بعض الخطباء ذلك !!!!!!! نعم يتحدثون في مناسبة الخطبة بغير المناسبة وبعيداً عنها ففي ليلة البارحة كان يوجد أمام منزلي في الشارع مجلس عزاء وباعتباره اليوم الأخير سوف يختتم بخطبة عصماء .
انتهت تلاوة القرآن الكريم وبدأ هذا الخطيب المفوه بخطبته وبالطبع هو يعتقد أنه كلما علا صوته في هذا الليل البهيم فهذا يضفي عليه مهابة أكثر وبأنه واثق من كلماته عارف لما يقول :
بدأ يوضح كيف يقدم المرء على ربه بعد الموت إما كالعائد من السفر وإما كالعبد الآبق بعد القبض عليه وبدأ يستفيض قليلاً بهذا النقطة وهنا .... (أمطني ألبي أو قمطني قلبي ) وترجمة قمطني قلبي بالسوري : يعني ـ توجست خيفة ـ فليس من المناسب أن يبدأ بالحديث عن أهوال القبر وكأن الميت ممن هو منهم والعياذ بالله ولكنه ليته توقف عند هذا الحد تسرب منه لعدد أكفان الميت طبعا عرج على الرجل قليلاً وليس هنا بيت القصيد وووصل لعدد أكفان المرأة ووجوب سترها وعدم رؤيتها من الغير وهنا علت وتيرة النبرة واشتدت وكأنه في خطبة جمعة وليس مجلس عزاء فيه سكينة الموت ووقاره وطالت خطبته وأيضاً هذا من محظورات الخطابة و كان ملخصها للرجال الجلوس يستمعون أن يتقوا هذا الشر المطلق ويحرصوا على وأد نسائهم لأنهم سبب كل بلاء لهذه الأمة وأعتقد أنه متابع لآخر الأحداث ويقصد قضية النقاب وليته تحدث عنها بعقلانية وحرية العقيدة والحرية الشخصية بتخير الملبس والرأي وأنه من حق المرأة المسلمة تخير لباسها الذي ترى فيه إرضاء لربها وعقيدتها لكنه ومن خلال كلماته تتخيل المرأة شيطان الأمة وسبب بؤسها وفقرها وفاقتها وإياك أن تظن أن قمع الحريات الفكرية وحظر الأحزاب وتخلف مناهج التعليم التي تعتمد على البصم وإفراغ المعلومات على ورقة الامتحان لترتقي من صف لآخر ونظام التوريث للكرسي و الفساد الإداري والمحسوبيات والرشاوى وقلة وعي المواطن بدوره في بناء وطنه وانتشار الأمية في الأرياف والبطالة وتدني الوضع الاقتصادي إياك إياك أن تظن كل هذه المصائب سبباً في تخلفنا و للأمانة فخطيبنا المفوه قد تمنى تقدمنا العلمي و أنكر علينا عدم وجود مركبة فضائية نمتلكها وأنه ليس مكانة بين الأمم ولكن بفطنته عرف السبب أنها المرأة وتفلتها من أحكام الدين ـ هو بالطبع ـ لا يقصد الالتزام الحقيقي بشرع الله ولكنه صرح بوجوب حجبها كلية عن الحياة والخطيب يرعد ويزبد بكل هذه الخطبة الحماسية حول المرأة ودورها في فساد المجتمع وشريط التاريخ الذي تعلمناه يمر أمام عيني و عندما أتذكر المرأة المسلمة لا يمكن أن أنسى نسيبة المازنية أم عمارة في معركة أحد عندما ترك الرجال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحده في ساح المعركة ساعين خلف الغنائم مخالفين أوامره وهو بين مقاتلي قريش يتناولوه بالسهام والنبال فيلتفت عن يمينه فيجدها يلتفت عن يساره فيجدها أمامه ـ خلفه تزود عنه كالنمور تحميه والرجال منشغلون بالغنائم وكررت وقفتها في معركة اليمامة أتذكر جدتنا صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة الخندق عندما جعل الرسول النساء والأطفال في حصن حسان بن ثابت و بينما كان المسلمون يرابطون على حواف الخندق منشغلين في مواجهة قريش وأحلافها أبصرت صفية رضي الله عنها شبحاً يتحرك في الظلام فأرهفت السمع فإذا هو يهودي جاء متجسساً على الحصن فأدركت ببصيرتها أنهم لو علموا بأن نساء المسلمين وحدهم سيقومون بسبيهم ورق أولادهم وهنا الطامة الكبرى فبادرت لخمارها لفته على رأسها وشدت ثيابها لوسطها مستعدة للشهادة وحملت عموداً كبيراً غافلت به اليهودي المتجسس وضربته ضربة قوية على رأسه حتى وقع وبادرته بضربات متتالية فقضت عليه ثم عمدت لرأسه فاحتزته ورمته يتدحرج لقومه في أسفل الحصن فلما رأوه قال بعضهم لبعض :
لقد علمنا أن محمداً لم يكن ليترك النساء والأطفال من غير حماة .. ثم انصرفوا عن الحصن
وسجل لها التاريخ أنها أول إمرأة قتلت مشركاً في الإسلام وحمت نساء المسلمين من السبي والرق
هذا ما تعلمته من التاريخ وما أرنو إليه من نساء قدوة و مثال لأسمو لجزء مما فعلنه فما بالكم يا خطباؤنا تغيرون التاريخ ؟؟؟ وتجعلونا رجس من عمل الشيطان ؟؟
........ توقف قليلاً تنفست الصعداء ....... تابع ... ( أمطني ألبي ثانية ) وتابع : وهل تعرفون يا أخواني ما سبب هذه الهجمة الآن أنها هجمة عشواء على أهل السنة والجماعة ...... ها .... الآن دخلنا بمعترك آخر وبدأنا الحديث عن الفضائيات والدش والمشايخ السيئة اللذين قصدهم إبادة أهل السنة والجماعة ويا حدق و يا لبيب افهم وهب لحربهم وقتالهم وإبادتهم قبل أن يبيدوك أنهم أعداؤك اللدد إياك أن تظن عدوك إسرائيل أو أمريكا التي تتغنى بالحريات ليل نهار وتزعم نفسها المسيح المخلص وفي كل يوم تبتكر نوعاً جديداً من السجون والزنزانات الحديثة الفولاذية و صاحبة أشهر معتقل في التاريخ ليست عدوتك .
وبعد وقت متأخر رحمنا الله وانتهى خطيب الدرجة العاشرة من خطبته العصماء وما سمعت له دعاء بتحنان لهذا الميت المسكين .
ومنذ تلك اللحظة و في داخلي صرخة صماء :
لماذا أنا المرأة تعتبروني سبب تخلفكم وفسادكم وانهزامكم ؟؟ لماذا المخرج الوحيد لكل ما تعاني منه مجتمعاتنا هو الحجر على تفكيري وعقلي ورأي وكل ما يأنث في الحياة ؟؟
إن كنت أنا كذلك فسأعفيكم من هذا العبء وعودوا للوأد ... أؤدوني .... و هذه المرة لن أكتفي بسؤالي بأي ذنب قتلت ؟؟ بل سأسألكم هاأنتم تخلصتم من رجس من عمل الشيطان فأروني أيها الرجال ماذا فعلتم من بعدي من أمجاد وحضارات ؟؟؟ لم يعد هناك نساء تصرخوا لوأدهن فهل صرختم بوجه أنظمتكم هبوا لنجدة الأقصى قبلتكم الأولى والذئاب تنهش بأساسه توهنه ؟؟ أم أن للبيت رب يحميه فلنجلس وقلتم لأخوتكم في فلسطين والعراق كما قال قوم موسى لنبيهم (( فاذهب وأنت وربك فقاتلا إن هاهنا قاعدون )) ؟؟؟ هل اكتفيتم بما وهب الله بلادكم من ثروات غزيرة واستثمرتموها خير استثمار و انتهى زمن استيراد الغذاء والدواء وتسالي لياليكم الطويلة التي أصبحت ملئ بالعلم والبحث ولم تعد المقاهي تغص بالرواد الباحثين عن قتل الوقت إضاعته بالنرد و لعب الورق ؟ هل بدأت وفود طلاب العلم من كل أنحاء العالم تأتي لتنهل من علومكم وجامعاتكم واكتشافاتكم العلمية في كل حين و انتهيتم من الذهاب أنتم إليهم وتعلم تقدمهم العلمي ؟؟
أروني أمجادكم من بعدي
ولكن وبعد هذه السنوات اكتشفت أنني ظلمت مؤلف الكتاب وأنه لم يأت بالمثال من عبث بل حقيقة يمكن أن يفعل بعض الخطباء ذلك !!!!!!! نعم يتحدثون في مناسبة الخطبة بغير المناسبة وبعيداً عنها ففي ليلة البارحة كان يوجد أمام منزلي في الشارع مجلس عزاء وباعتباره اليوم الأخير سوف يختتم بخطبة عصماء .
انتهت تلاوة القرآن الكريم وبدأ هذا الخطيب المفوه بخطبته وبالطبع هو يعتقد أنه كلما علا صوته في هذا الليل البهيم فهذا يضفي عليه مهابة أكثر وبأنه واثق من كلماته عارف لما يقول :
بدأ يوضح كيف يقدم المرء على ربه بعد الموت إما كالعائد من السفر وإما كالعبد الآبق بعد القبض عليه وبدأ يستفيض قليلاً بهذا النقطة وهنا .... (أمطني ألبي أو قمطني قلبي ) وترجمة قمطني قلبي بالسوري : يعني ـ توجست خيفة ـ فليس من المناسب أن يبدأ بالحديث عن أهوال القبر وكأن الميت ممن هو منهم والعياذ بالله ولكنه ليته توقف عند هذا الحد تسرب منه لعدد أكفان الميت طبعا عرج على الرجل قليلاً وليس هنا بيت القصيد وووصل لعدد أكفان المرأة ووجوب سترها وعدم رؤيتها من الغير وهنا علت وتيرة النبرة واشتدت وكأنه في خطبة جمعة وليس مجلس عزاء فيه سكينة الموت ووقاره وطالت خطبته وأيضاً هذا من محظورات الخطابة و كان ملخصها للرجال الجلوس يستمعون أن يتقوا هذا الشر المطلق ويحرصوا على وأد نسائهم لأنهم سبب كل بلاء لهذه الأمة وأعتقد أنه متابع لآخر الأحداث ويقصد قضية النقاب وليته تحدث عنها بعقلانية وحرية العقيدة والحرية الشخصية بتخير الملبس والرأي وأنه من حق المرأة المسلمة تخير لباسها الذي ترى فيه إرضاء لربها وعقيدتها لكنه ومن خلال كلماته تتخيل المرأة شيطان الأمة وسبب بؤسها وفقرها وفاقتها وإياك أن تظن أن قمع الحريات الفكرية وحظر الأحزاب وتخلف مناهج التعليم التي تعتمد على البصم وإفراغ المعلومات على ورقة الامتحان لترتقي من صف لآخر ونظام التوريث للكرسي و الفساد الإداري والمحسوبيات والرشاوى وقلة وعي المواطن بدوره في بناء وطنه وانتشار الأمية في الأرياف والبطالة وتدني الوضع الاقتصادي إياك إياك أن تظن كل هذه المصائب سبباً في تخلفنا و للأمانة فخطيبنا المفوه قد تمنى تقدمنا العلمي و أنكر علينا عدم وجود مركبة فضائية نمتلكها وأنه ليس مكانة بين الأمم ولكن بفطنته عرف السبب أنها المرأة وتفلتها من أحكام الدين ـ هو بالطبع ـ لا يقصد الالتزام الحقيقي بشرع الله ولكنه صرح بوجوب حجبها كلية عن الحياة والخطيب يرعد ويزبد بكل هذه الخطبة الحماسية حول المرأة ودورها في فساد المجتمع وشريط التاريخ الذي تعلمناه يمر أمام عيني و عندما أتذكر المرأة المسلمة لا يمكن أن أنسى نسيبة المازنية أم عمارة في معركة أحد عندما ترك الرجال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحده في ساح المعركة ساعين خلف الغنائم مخالفين أوامره وهو بين مقاتلي قريش يتناولوه بالسهام والنبال فيلتفت عن يمينه فيجدها يلتفت عن يساره فيجدها أمامه ـ خلفه تزود عنه كالنمور تحميه والرجال منشغلون بالغنائم وكررت وقفتها في معركة اليمامة أتذكر جدتنا صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة الخندق عندما جعل الرسول النساء والأطفال في حصن حسان بن ثابت و بينما كان المسلمون يرابطون على حواف الخندق منشغلين في مواجهة قريش وأحلافها أبصرت صفية رضي الله عنها شبحاً يتحرك في الظلام فأرهفت السمع فإذا هو يهودي جاء متجسساً على الحصن فأدركت ببصيرتها أنهم لو علموا بأن نساء المسلمين وحدهم سيقومون بسبيهم ورق أولادهم وهنا الطامة الكبرى فبادرت لخمارها لفته على رأسها وشدت ثيابها لوسطها مستعدة للشهادة وحملت عموداً كبيراً غافلت به اليهودي المتجسس وضربته ضربة قوية على رأسه حتى وقع وبادرته بضربات متتالية فقضت عليه ثم عمدت لرأسه فاحتزته ورمته يتدحرج لقومه في أسفل الحصن فلما رأوه قال بعضهم لبعض :
لقد علمنا أن محمداً لم يكن ليترك النساء والأطفال من غير حماة .. ثم انصرفوا عن الحصن
وسجل لها التاريخ أنها أول إمرأة قتلت مشركاً في الإسلام وحمت نساء المسلمين من السبي والرق
هذا ما تعلمته من التاريخ وما أرنو إليه من نساء قدوة و مثال لأسمو لجزء مما فعلنه فما بالكم يا خطباؤنا تغيرون التاريخ ؟؟؟ وتجعلونا رجس من عمل الشيطان ؟؟
........ توقف قليلاً تنفست الصعداء ....... تابع ... ( أمطني ألبي ثانية ) وتابع : وهل تعرفون يا أخواني ما سبب هذه الهجمة الآن أنها هجمة عشواء على أهل السنة والجماعة ...... ها .... الآن دخلنا بمعترك آخر وبدأنا الحديث عن الفضائيات والدش والمشايخ السيئة اللذين قصدهم إبادة أهل السنة والجماعة ويا حدق و يا لبيب افهم وهب لحربهم وقتالهم وإبادتهم قبل أن يبيدوك أنهم أعداؤك اللدد إياك أن تظن عدوك إسرائيل أو أمريكا التي تتغنى بالحريات ليل نهار وتزعم نفسها المسيح المخلص وفي كل يوم تبتكر نوعاً جديداً من السجون والزنزانات الحديثة الفولاذية و صاحبة أشهر معتقل في التاريخ ليست عدوتك .
وبعد وقت متأخر رحمنا الله وانتهى خطيب الدرجة العاشرة من خطبته العصماء وما سمعت له دعاء بتحنان لهذا الميت المسكين .
ومنذ تلك اللحظة و في داخلي صرخة صماء :
لماذا أنا المرأة تعتبروني سبب تخلفكم وفسادكم وانهزامكم ؟؟ لماذا المخرج الوحيد لكل ما تعاني منه مجتمعاتنا هو الحجر على تفكيري وعقلي ورأي وكل ما يأنث في الحياة ؟؟
إن كنت أنا كذلك فسأعفيكم من هذا العبء وعودوا للوأد ... أؤدوني .... و هذه المرة لن أكتفي بسؤالي بأي ذنب قتلت ؟؟ بل سأسألكم هاأنتم تخلصتم من رجس من عمل الشيطان فأروني أيها الرجال ماذا فعلتم من بعدي من أمجاد وحضارات ؟؟؟ لم يعد هناك نساء تصرخوا لوأدهن فهل صرختم بوجه أنظمتكم هبوا لنجدة الأقصى قبلتكم الأولى والذئاب تنهش بأساسه توهنه ؟؟ أم أن للبيت رب يحميه فلنجلس وقلتم لأخوتكم في فلسطين والعراق كما قال قوم موسى لنبيهم (( فاذهب وأنت وربك فقاتلا إن هاهنا قاعدون )) ؟؟؟ هل اكتفيتم بما وهب الله بلادكم من ثروات غزيرة واستثمرتموها خير استثمار و انتهى زمن استيراد الغذاء والدواء وتسالي لياليكم الطويلة التي أصبحت ملئ بالعلم والبحث ولم تعد المقاهي تغص بالرواد الباحثين عن قتل الوقت إضاعته بالنرد و لعب الورق ؟ هل بدأت وفود طلاب العلم من كل أنحاء العالم تأتي لتنهل من علومكم وجامعاتكم واكتشافاتكم العلمية في كل حين و انتهيتم من الذهاب أنتم إليهم وتعلم تقدمهم العلمي ؟؟
أروني أمجادكم من بعدي