روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    السلفيون و حالهم بعد 25 يناير

    مفيده عبد الرحمن
    مفيده عبد الرحمن
    مدير عام المنتدي
    مدير عام المنتدي


    عدد المساهمات : 3455
    نقاط : 9937
    السٌّمعَة : 9
    تاريخ التسجيل : 17/06/2009

    السلفيون و حالهم بعد 25 يناير Empty السلفيون و حالهم بعد 25 يناير

    مُساهمة من طرف مفيده عبد الرحمن السبت يوليو 23, 2011 12:08 pm

    السلفيون و حالهم بعد 25 يناير Bigpic_1311231220
    ليست ثورة 25 يناير وحدها نقطة التحول الرئيسية في علاقة التيار السلفي
    بالمجتمع المصري فالسنوات الخمس الأخيرة شكلت منعطفا هاما في تاريخ السلفية
    المصرية نتيجة ظهور الفضائيات الدينية والحضور المكثف لمشايخ التيار
    السلفي فيها بعدما ظلت السلفية لعقود أسيرة لخطاب دعوي ضيق المحيط والتأثير
    لا يتعدي محيط المساجد التابعة لجمعية أنصار السنة المحمدية والجمعية
    الشرعية، والتي غالبا ما يكون روادها من السلفيين أنفسهم
    ففي السابق كان الإعلام يستطيع أن يقول ما يشاء ويروج لما يريد عن السلفيين
    ومن الصعب التحقق مما يقول الأمر الذي سيجعل الناس أكثر عرضة لتصديقه لكن
    مع ظهور الفضائيات الدينية والسلفية أصبح متاحا للكثيرين ممن يسمعون صورا
    مشوشة عن السلفية أن يروا ويستمعوا بأنفسهم لأطروحات أكبر وأبرز رموز هذا
    التيار الذين أصبحوا في كل بيت وشارع وحارة، وهو ما أقلق الجهات الأمنية
    كثيرا فسارعت في نهاية عصر مبارك إلي غلق الكثير من هذه القنوات والتضييق
    عليها
    لكن التحول الأكبر والأقوي كان بطبيعة الحال عقب سقوط النظام وحالة الحرية
    غير المسبوقة علي الساحة المصرية والتي جعلت رموز التيار السلفي نجوما
    مطلوبين إعلاميا وأصبح تواجدهم عبر القنوات الإعلامية الرسمية أمرا معتادا
    بعكس السابق وعليه فلا غرابة أن يشتد الهجوم عليهم في ظل هذه المعطيات
    إضافة إلي تغير خطابهم السياسي واقتحامهم الخطوط الممنوعة أيديولوجياً
    لديهم.

    السلفيون والثورة المصرية

    صدر عن مركز الدين والسياسة ولمديره خالد عبدالله المشوح احدث دراسة عن
    السلفية في مصر بعد ثورة 25يناير وقارنت بين حالة السلفية قبل الثورة وبعد
    الثورة.
    وقد رصدت الدراسة مواقف وخطب بعض من رموز الدعوة السلفية وقد بدأت الدراسة
    بالحديث عن تأثير مواقف السلفيين المتباينة من الثورة المصرية وإثارتها
    الكثير من الجدل الذي تستحق معه المزيد من التأمل والدراسة، ويمكن حصرها في
    أربعة مواقف رئيسية هي:
    المؤيدون وهم الذين شاركوا في المظاهرات وأعلنوا رأيهم بوضوح ويمثله تيار
    السلفية الحركية مثل الشيخ محمد عبدالمقصود الذي شارك المتظاهرين في ميدان
    التحرير والشيخ نشأت أحمد، والشيخ فوزي السعيد ويمكن ضم الشيخ محمد حسان
    أشهر دعاة السلفية في مصر إلي هذا القسم بالرغم من تذبذب موقفه لبعض الوقت،
    لكن تعاطيه مع الثورة شكل صدمة كبيرة لبعض أتباعه وأقرانه من السلفيين
    بمدحه الشباب الثائر وتأييده لمطالبه، واصفا ما يحدث بالملحمة والعمل
    العظيم مناشدا الشباب الحذر من المندسين بينهم لقطف ثمرة هذا العمل الذي
    وصفه بـ"المبارك"، ولاسيما أن موقفه هذا يتعارض مع مواقف سابقة منها خطبة
    جمعة بثتها قناة (الرحمة) الفضائية التي يشرف عليها قال فيها: لن تخرج
    أمتنا هذه من أزمة الرزق بالفهلوة ولا بالإضرابات المخربة التي تسفك فيها
    الدماء والتي تتحطم فيها المحال والسيارات
    وأضاف: "أعداؤنا يريدون لبلدنا أن يتحول إلي فوضي، ووالله لو تحولت مصر إلي
    فوضي لن يأمن واحد منا علي نفسه أو علي ولده أو علي ابنته، ولتتعلم الأمة
    مما يدور حولها من واقع مر أليم في العراق.
    المعارضون بطبيعة الحال يتصدرون الفريق الثاني وهم (معارضو التظاهر)
    المنتمون للسلفية العلمية (التقليدية) ويتمثل رأيهم في الموقف الذي اتخذه
    سلفيو مصر ممثلين في جماعة أنصار السنة المحمدية والتي أصدرت بيانا يقضي
    بتحريم التظاهر والخروج علي الحاكم وحث المتظاهرين علي العودة لمنازلهم،
    كما خرج الشيخ مصطفي العدوي ليحث المتظاهرين علي العودة إلي بيوتهم عبر
    شاشة التليفزيون المصري، ومثله الشيخ محمود المصري أحد أبرز دعاة الفضائيات
    والذي ناشد الشباب عبر قناة النيل فض المظاهرات بعد الإصلاحات التي أعلن
    عنها الرئيس المصري قبل تنحيه.

    مواقف ملتبسة

    وبين هؤلاء وهؤلاء يبرز قسم آخر لا يمكن تجاهله وهم سلفيو الإسكندرية (وهي
    مدرسة سلفية لها طابع خاص اشتهرت بفكرة العمل الجماعي دون قيادة تنظيمية
    كالإخوان المسلمين).
    موقف المدرسة السلفية بالإسكندرية يمكن وصفه بالتطور مع المعطيات أو التغير
    التدريجي حسب تسلسل الأحداث فالبداية كانت رفضا تاما للتظاهر وذلك قبل
    اندلاع ثورة الغضب المصرية بأيام عندما نشر موقع صوت السلف فتوي للمشرف
    العام عليه ياسر برهامي أحد أبرز رموز سلفية الإسكندرية يطالب الشباب فيه
    بعدم التظاهر قبل أن يتحول عقب أحداث الانفلات الأمني التي اجتاحت البلاد
    إلي الدعوة إلي المطالبة بحماية الممتلكات العامة والخاصة وفي مقدمتها
    ممتلكات المسيحيين والأجانب وتحريم الاعتداء عليها والقول بوجوب التصدي
    للبلطجية واللصوص، والمشاركة الميدانية في إنشاء اللجان الشعبية التي صارت
    المساجد مقار لعملها، كذلك الفتوي بتحريم الاستغلال ورفع الأسعار أثناء
    الثورة، يقول الخبير في الحركات الإسلامية حسام تمام: حدث كل هذا التطور في
    خطاب التيار السلفي وممارساته، لكن ظل بعيدا عن الدور السياسي أو المشاركة
    الفعلية في الثورة عبر التظاهر.
    وهو ما يمكن أن نلمسه فعليا من خلال قراءتنا للبيان الثالث للدعوة السلفية
    بالإسكندرية والذي جاء فيه ما نصه: "مع يقيننا أنَّ التغيير الحقيقي هو في
    إقامة ديِن الله في الأرض وسياسة الدنيا به؛ فلا يمكن أن يستمر منَ أَدَّي
    بالبلاد إلي حافة الهاوية نسأل الله أن يعافينَا منها، ولكن الكلام علي
    كيفية حدوث ذلك إلي الأفضل لا إلي الأسوأ، وها نحن قد رأينا كيف أَدَّي
    غياب مرفق واحد وهو الشرطة إلي أنواع المفاسد والمخاوف وتسلحوا بالأسلحة
    المسروقة فكيف إذا زاد الأمر بفرَاغ باقي المرافق علي أن تكون هناك فترةٌ
    انتقالية تمهيداً لانتخابات حرة حقيقية من أجل تولية الأَكفْاء.

    سلفيو الإسكندرية كانوا أكثر إيجابية من الجماعة الإسلامية فلم ينتظروا حتي
    تنتهي الأزمة وتظهر خيوط التغيير ليعلنوا عن موقفهم فأقاموا مؤتمرا سلفيا
    أثناء ثورة الشعب المصري عبروا فيه عن تأكيدهم علي هوية مصر الإسلامية فيما
    أبدي الشيخ محمد إسماعيل المقدم أحد أبرز دعاة الإسكندرية عدم استبشاره
    بالتغيير بقوله: لو البرادعي أقام دولة ليبرالية وعلمانية وحرية مش بعدها
    كده، كل الناس ستنال الحرية ماعدا أهل الإسلام أهل الدعوة لأنه أمريكي هو
    أو غيره، وأضاف ما نصه: لكن ما تحطوش أمل في الناس ديه مسئوليتكم أنتم،
    التغيير الحقيقي ما يحدث في المساجد تحفيظ القرآن الكريم هو ده تغيير..
    تصحيح العقيدة أعمق أنواع التغيير.
    لكن ياسر برهامي أصدر بيانا علي موقعه "صوت السلف" يوضح تصريحات المقدم في
    المؤتمر مؤكدا علي أن البعض فهم من كلام الشيخ "محمد إسماعيل" في "المؤتمر
    السلفي" أنه يمدح الشباب الذين قاموا بالثورة وأن موقف الدعوة قد تغير إلي
    المشاركة في المظاهرات. وانتقدت الدراسة تدخل برهامي لتوضيح كلام المقدم
    ونصب نفسه متحدثا رسميا باسمه، وهل لم يكن المقدم يستطيع إصدار هذا البيان
    أو الخروج لتوضيح ما قاله، قد يقول البعض إن هناك ضغوطا واجهها المقدم
    لتوضيح ما تناقلته وسائل الإعلام عنه أو أن هناك خلافا في وجهات النظر حدث
    بين القطبين الكبيرين في الدعوة السلفية بالإسكندرية جعل المقدم ينصاع
    مكرها لبرهامي صاحب النفوذ الأكبر والشخصية الأكثر كاريزما في أوساط
    الشباب.

    الصامتون

    بخلاف هذه المواقف المعلنة آثر آخرون الصمت ولم يظهر لهم موقف معلن
    بالإيجاب أو السلب وعلي رأسهم الشيخ أبو إسحاق الحويني أحد أبرز دعاة
    السلفية.

    السلفيون بعد الثورة

    لم يكن للسلفيين يد قوية في إنجاح الثورة أو المساهمة الفاعلة فيها بل كان
    التثبيط هو الحالة الأبرز بين جميع تياراتهم لكن عقب سقوط النظام لم يواصل
    السلفيون بجميع فصائلهم خمولهم فرأينا نشاطا ملحوظا ومحاولة فاعلة
    للاستفادة من كل كبيرة وصغيرة في ظل انهيار جهاز أمن الدولة والذي طالما
    عانوا من ممارساته القمعية لعقود.
    حاول السلفيون تجاوز هذا الموضوع والتعاطي مع المتغيرات فرأينا طرحا مختلفا
    عن طبيعة التصور السياسي للمرحلة الجديدة، فسارعت جماعة أنصار السنة
    بالتنسيق مع مجموعة من أبرز دعاة التيار السلفي إلي إنشاء ما يسمي بمجلس
    شوري العلماء برئاسة د.عبدالله شاكر الجنيدي رئيس جماعة أنصار السنة
    المحمدية وعضوية كل من الشيخ محمد حسين يعقوب والشيخ محمد حسان والشيخ
    د.جمال المراكبي، والشيخ مصطفي العدوي، والشيخ أبو بكر الحنبلي، والشيخ
    وحيد بن عبدالسلام بالي خادما، والشيخ جمال عبدالرحمن مقررا.
    وأصدر مجلس شوري العلماء بيانه الأول الذي وضع خارطة طريق للسلفيين في
    المرحلة المقبلة أظهر نواياهم بوضوح واختصار أيضا يمكن تلخيصه في التأكيد
    علي أن الطريق الصحيح لتطبيق الشريعة الإسلامية هو تربية المسلمين علي
    عقائد الإسلام وأحكامه وآدابه من خلال الوسائل الشرعية المتاحة ومناشدة
    المسلمين ألا يتأخروا عن التصويت بالموافقة علي التعديلات الدستورية وأنه
    لا مانع شرعياً من المشاركات السياسية في مجلسي الشعب والشوري والمحليات
    واي وسيلة من وسائل التمكين للدعوة ونشرها بين فئات المجتمع. دعا البيان
    العلماء والدعاة إلي ألا يترشحوا بأنفسهم حتي لا ينشغلوا عن الدعوة إلي
    الله وإنما يقدمون من يتبني قضايا الإسلام ومصلحة الأمة. من جانبها سارعت
    الدعوة السلفية في الإسكندرية التي لم يكن لأي من رموزها تمثيل في هذا
    المجلس وبعد التشاور والمحاورة في ضوء المتغيرات إلي إصدار بيان مقتضب تعلن
    فيه أنها قد قررت المشاركة الإيجابية في العملية السياسية، قبل أن تعود
    لتعلن عن تأسيسها حزباً سياسياً بمرجعية إسلامية وهو حزب النور علي أن تكون
    قيادته مستقلة عن القيادات الشرعية كما أعلنت عن توسعها في إنشاء الجمعيات
    الخيرية.
    وأعلنت مجموعات أخري من السلفيين إنشاء أحزاب سياسية تسعي من خلالها لتحقيق
    العدالة والمساواة بين البشر وإعادة الصدارة لمصر في مختلف الميادين بما
    يتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية.

    السلفيون والفتنة الطائفية.. وتهديدات الزغبي

    وأوضحت الدراسة التي أعدها مركز الدين والسياسة للدراسات أنه في الوقت الذي
    ساهم فيه السلفيون في إخماد الفتنة الطائفية واحتواء أحداث كنيسة أطفيح
    بزعامة الشيخ محمد حسان ومجموعة كبيرة من رموز السلفية، ظهرت تصريحات
    متهورة من قبل أحد الدعاة البارزين وهو الشيخ محمد عبدالملك الزغبي الذي
    قاد مظاهرات للمطالبة بالإفراج عن كاميليا شحاتة زوجة الكاهن التي يعتقد أن
    الكنيسة اختطفتها وتحتجزها بعد إشهار إسلامها، وهدد الزغبي في تسجيل مصور
    نشر علي يوتيوب بشن هجمات سلفية علي الأديرة في حال عدم حل قضية كاميليا
    شحاتة زوجة كاهن ديرمواس، متهما الكنيسة باختطافها لمنعها من إشهار
    إسلامها.
    وأكد الزغبي الذي كان في وسط تجمهر من الشباب السلفي أن وفدا من السلفيين
    التقي أعضاء من المجلس الأعلي للقوات المسلحة، وسلم لهم جميع المستندات
    التي تثبت إدانة الطرف الآخر- أي الكنيسة- وإجرام النظام الفاسد واعتقال
    أخواتنا في الأديرة، مشيرا إلي أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة وعدهم
    بالبدء فورا في الإجراءات وقال الزغبي: "أقسم بالله.. أقسم بالله.. أقسم
    بالله.. إن لم تحل في أيام لأعلن في الفضائيات وفي المساجد خروجي معكم
    بشباب مصر بالإجماع".
    واستطرد: "لن يكفينا التحريك ولن يكفينا هذا المكان، بل أقسم بالله إن لم
    تحل قطعا لنتجه إلي الأديرة لإخراجها بإذن الله". عقب هذا التهديد بأيام
    وقعت فتنة إمبابة التي راح ضحيتها العشرات ما بين قتلي وجرحي بعد معلومة
    مغلوطة عن احتجاز إحدي الكنائس لفتاة أسلمت تدعي عبير وهو ما وضع التيار
    السلفي في حرج جديد وموقف لا يحسد عليه.

    السلفيون والأزهر
    وذكرت الدراسة علاقة السلفيين بالأزهر حيث شن شيخ الأزهر الشريف الدكتور
    احمد الطيب هجوما عنيفا علي السلفيين واصفا السلفيين الجدد بـ"غلاة
    الحنابلة"، وذلك في حديث تليفزيوني لبرنامج "واحد من الناس" بثته فضائية
    "دريم 2 "، موضحا ان جمهور المسلمين لم يكونوا علي هذا المذهب.
    وأوضح أن السلف أو السلفية ليس مذهباً أو مدرسة، كما أن كلمة السلف لم ترد في القرآن الا في موضع واحد وجاء أيضا في موضع الذم.
    لكن شيخ الأزهر في إطار مبادرته التي أطلقها للحوار مع الحركات الإسلامية
    دعا مجموعة قيادات التيار السلفي للقائه في مشيخة الأزهر في واقعة للمرة
    الأولي من نوعها وضم الوفد الشيخ محمد حسان وأبو إسحاق الحويني ومحمد حسين
    يعقوب وعبدالمنعم الشحات المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية ومحمود
    عبدالمقصود، من جهتهم رحب قادة السلفيين بذلك اللقاء مؤكدين أنه يساعد علي
    تقريب المفاهيم بين الجانبين والتنسيق بين المواقف السلفية والأزهر الشريف
    الذي يعد رائدا للعمل والعلم الديني في العالم والمرجعية التي لا يختلف
    عليها أحد وسوف يكون اللقاء بمثابة مبايعة من رموز السلفية للإمام الأكبر
    بما يفضح زيف ادعاءات الوقيعة بين السلفيين والأزهر، في الوقت الذي قاد فيه
    الشيخ محمد الزغبي وسلفيون آخرون مظاهرة مناهضة لشيخ الأزهر تطالبه
    بالتنحي عن مهامه.
    وكان لمفتي الديار المصرية الدكتور علي جمعة نصيب آخر من هجوم السلفيين
    ومظاهراتهم الغاضبة بسبب موقفه من النقاب، قبل أن يصدر كتابا في مطلع يونيو
    الحالي بعنوان المتشددون يهاجم فيه الفكر السلفي في مصر بشكل صارخ.

    غزوة الصناديق.. وجواري أبوإسحاق
    أثارت بعض المواقف الفردية لرموز السلفية في مصر جدلا صاخبا ومادة خصبة
    لوسائل الإعلام المتربصة وغير المتربصة علي حد سواء ولعل أبرز هذه المواقف
    ما عرف بـ (غزوة الصناديق) حيث وصف الشيخ محمد حسين يعقوب أحد أشهر دعاة
    السلفية الاستفتاء علي التعديلات الدستورية بـ"غزوة الصناديق"، مؤكدا أن
    نتيجة الاستفتاء التي انحازت للتصويت بنعم بنسبة 77.2 % تؤكد أن "الدين
    هيدخل في كل حاجة."
    وقال يعقوب في محاضرة بمسجد الهدي بإمبابة عقب الاستفتاء، ونشرها الموقع
    الرسمي له ، ونشر نشطاء علي موقع اليوتيوب مقطع فيديو منها عن الداعين إلي
    التصويت بـ «لا» إنهم «متخوفون.. خلاص الدين هيدخل في كل حاجة.. وإحنا
    بنقول أيوه الدين هيدخل في كل حاجة مش انتو اللي قولتوا الصناديق.. خلاص
    الصناديق قالت.. والشعب بيقول نعم للدين".
    وافتتح يعقوب محاضرته بقوله "بلغتني أخبار سارة بنعم" ثم عقب قائلا "الله
    أكبر" مضيفا "كانت هذه غزوة اسمها غزوة الصناديق.. كان السلف يقولون لأهل
    البدع بيننا وبينكم الجنائز النهارده بينا وبينكم الصناديق.. وقالت
    الصناديق للدين نعم فلنكبر تكبيرة العيد"، وردد قائلا "الله أكبر الله أكبر
    لا إله إلا الله.. الله أكبر الله أكبر ولله الحمد" وردد وراءه الحضور
    الهتاف.
    ودعا يعقوب من يقولون بأن البلد لم يعد بلدهم بعد الاستفتاء إلي أن يسافروا
    إلي أمريكا أو كندا مضيفا:"ديمقراطيتكو بتقول نعم.. الشعب بيقول عاوز دين
    إديله دين.. إحنا بتوع الدين.
    وتحدث يعقوب عن الذين قالوا «لا» في الاستفتاء بأنه "مش زعلان منهم"
    مستدركا "بس هما عرفوا قيمتهم وعرفوا قيمة الدين، لكن يعقوب عاد بعد الجدل
    الكبير والاستنكار لتصريحاته المتهورة ليؤكد أنه كان يمزح ليس إلا.
    أما الموقف الثاني فكان بسبب محاضرة قديمة تم استحضارها علي موقع "الفيس
    بوك" للشيخ أبوإسحاق الحويني - أحد أقطاب السلفية- حول حل الأزمة
    الاقتصادية بمصر عن طريق "الرق" و"الجواري"، والعودة إلي الجهاد، وأثارت
    عاصفة من الانتقادات اللاذعة التي اتهمته بمحاولة أخذ المجتمع إلي عصر
    الجواري مرة أخري وفيما أثار أنصار الشيخ الحويني علي موقع "الفيس بوك"
    الشكوك حول المحاضرة، أقر الحويني، واعتبر مصدر سلفي أن استحضارها بما جاء
    بها في الوقت الجاري جزء من حرب تشنها جهات مشبوهة علي الحركة السلفية.
    وقال الحويني في محاضرته المثيرة للجدل عن الجهاد كونه مخرجاً للأزمة
    الاقتصادية في مصر: "هو الفقر اللي إحنا فيه ده مش بسبب تركنا للجهاد؟، مش
    لو كنا كل سنة عمالين نغزو مرة ولا اتنين ولا تلاتة مش كان هيسلم ناس كتير
    في الأرض"، معتبرا أن الجهاد وما يعقبه من حصول المجاهدين علي المغانم
    والسبايا الحل للخروج من الأزمة.. وأضاف: "كل واحد كان هيرجع من الغزوة
    جايب معاه تلات أربع شحطة "يقصد أسري" وتلات أربع "نسوان" وتلات أربع ولاد،
    اضرب كل راس في ستميت درهم ولا ستميت دينار يطلع بمالية كويسة"، معدداً
    المزايا الاقتصادية للجهاد.
    ووفقا للدراسة فإن الحويني يفضل طريقة الغزو والغنائم المالية والبشرية علي
    التجارة والصناعة وعقد الصفقات قائلا: "ولو رايح علشان تعمل صفقة عمرك ما
    هتعمل الأموال دي."
    وأكد الحويني أن من يهاجمون هذا الطرح يستحقون القتال؛ ليلاقوا مصير من يتم
    أسره بعد الغزوات نفسه، قائلا: "واللي يرفض هذه الدعوة نقاتله، وناخده
    أسير وناخد أموالهم ونساءهم وكل دي عبارة عن فلوس".
    وأبدي الحويني تعجبه من الاتهامات التي توجه للإسلام بإباحة الرق، وأشار
    إلي أن الإسلام يحض علي عتق الرقاب، وأن هناك كفارات مرهونة بعتق الرقاب،
    كما أكد أن دولة مثل أمريكا تحتل وتسترق دولا بأكملها، وطالب في الوقت ذاته
    بألا يأخذ أحد كلامه من خصومه".

    الموقف من الديمقراطية

    وتتحدث الدراسة التي اعدها المشوح عن الأيديولوجية السلفية بشكل عام حيث
    تري أن العملية الديمقراطية (كفر بالله تعالي) لأنها شريك في التشريع
    ومثالهم علي ذلك أننا إذا أردنا تطبيق الشريعة أو إقامة الحدود فإن ذلك في
    النظام الديمقراطي يتطلب التصويت البرلماني حتي يتم إقراره، إذ إن
    الديمقراطية هي حكم الأغلبية من خلال ممثلي الشعب الذين اختارهم لتمثيله في
    السلطة التشريعية (البرلمان)، وهذه الجزئية تحديدا كانت منشأ خلاف جوهري
    مع جماعة الإخوان المسلمين التي أعلن العديد من قياداتها قبولهم
    بالديمقراطية حتي علي هذه الصورة ليقينهم أن الشعب في مصر مسلم ولن يقبل
    قادتها سوي بتطبيق الشريعة وهو ما لم يقبله السلفيون بأي حال من الأحوال.
    وعليه إذا كانت الديمقراطية كفراً فإن ما يترتب عليها من انتخابات تشريعية
    (برلمانية) وغيرها أمور محرمة، لا يجوز المشاركة فيها، والعبرة لمن يجيز هو
    طغيان المصالح علي المفاسد في حالة الامتناع عن الانخراط فيها، وهو ما جعل
    البعض يتحدث عن أن السبب وراء العزوف عن المشاركة السلفية في الماضي هو
    التزوير والتضييق الأمني، لكن الحافز الأكبر للقائلين بالمشاركة برأيي هو
    الرغبة في تشكيل أغلبية برلمانية وجماعات ضغط مع التيارات الإسلامية الأخري
    كالإخوان والجماعة الإسلامية والجهاد وحزب الوسط للتصدي للمشروع العلماني
    والقوانين المخالفة الشريعة وهو أمر قد يصل للوجوب إذا كان تركه سبيلاً
    لمرور آخرين سيساهمون في علمنة البلاد وتنحية الشريعة الإسلامية.
    وتوضح الدراسة أن العلاقة بين السلفية في مصر وما يثار حولها وساهم في
    إظهارها الخلفية التاريخية نظرا لمشاركة مصر عبر واليها العثماني محمد علي
    باشا في إسقاط الدولة السعودية الأولي التي قامت علي التحالف مع دعوة الشيخ
    محمد بن عبدالوهاب حيث قاد نجله إبراهيم باشا حمله إلي وسط الجزيرة
    العربية استطاعت الوصول إلي الدرعية عاصمة الدولة وإسقاط حكم آل سعود وحصول
    إبراهيم باشا علي مكافأة بتعيينه واليا علي مكة.


    دور الأزهر

    ربما كان له دور في الهجوم علي السلفيين وصعود التيار السلفي، وتهميش
    السلفيين ومحاربتهم لاسيما بعد إحساس الكثير من علماء الأزهر بغياب دورهم
    مقارنة بأقرانهم الذين لا ينتسبون لتلك المؤسسة الدينية العريقة، ومما يعزز
    فكرة استيراد المنهج السلفي من الخارج حرص مشايخ السلفية علي ارتداء الزي
    الشعبي السعودي مما يوحي لدي البعض أن هذا المنهج وافد من الخارج كزي
    أصحابه.
    والحقيقة أن السلفية لها جذور قديمة في مصر المعاصرة، كان علي رأس الذين
    حملوا تلك الراية في وقت مبكر الشيخ محمد رشيد رضا (1865 -1935) وهو أحد
    رواد الإصلاح الذين ظهروا مطلع القرن الرابع عشر الهجري، وكذلك صاحب
    المطبعة السلفية، الدمشقي الأصل محب الدين الخطيب ( 1886 - 1969 ) ومن بين
    رواد (السلفية الأوائل أيضا المحدّث الشيخ أحمد شاكر (1892-1958) ولم يكن
    في هذا الوقت قد حدث احتكاك مباشر بين المدرستين السلفيتين المصرية
    والسعودية وحتي عندما أسس الشيخ محمد حامد الفقي جماعة أنصار السنة
    ونظيرتها المحمدية في عام 1926 لم يكن قد ذهب إلي نجد أو التقي بأتباع ابن
    عبدالوهاب أو حتي وصلت كتبهم إلي مصر ولم تكن الدولة السعودية الحديثة قد
    أسست ولم يكن اكتشف النفط بعد حتي يحصل علي عقد عمل هناك أو يقوم السعوديون
    بتمويله.

    وأثارت الدراسة حقيقة أخري لا يجب إغفالها وهي أن السلفية السائدة حاليا في
    مصر في مجملها ألبانية متأثرة بمحدّث العصر الشيخ محمد ناصر الدين
    الألباني وهو ما أوضحته ثورة 25 يناير، وذلك أن العلاقة بولي الأمر في
    الفكر الوهابي تختلف عن سائر التيارات السلفية الأخري التي تتفق كلها علي
    وجوب السمع والطاعة وتحرم الخروج علي الحاكم بجميع صوره وأشكاله، وأن
    المملكة تطبق الشريعة الإسلامية وللحاكم فيها بيعة شرعية، ناهيك عن منع
    النظام للتعددية السياسية أو إنشاء الأحزاب أو التظاهر وهو ما تراه المؤسسة
    الدينية حقا أصيلا للحكام، ومعارضته خروج محرم علي ولي الأمر، وأن الطريقة
    الوحيدة الصحيحة هي النصح السري، ولذلك طيلة عقود طويلة لم تسجل أي معارضة
    علنية سوي واقعة انتقاد عضو هيئة كبار العلماء الشيخ سعد الشثري للاختلاط
    بين الجنسين في جامعة (كاوست) علي الهواء مباشرة في قناة فضائية وهو الأمر
    الذي تسبب في إقالته بعدها بأيام.
    ولقد رأينا محاولات علي استحياء من قبل بعض الدعاة السلفيين لتطبيق هذا المنهج في مصر إبان انطلاق الثورة المصرية وقبلها.
    أما السلفية الألبانية وهي السائدة في مصر حاليا فهي ذات أبعاد سياسية
    ضاربة بأطنابها حتي الجذور، بحسب الباحث السعودي يوسف الديني حيث يقول: لقد
    كانت دعوة الألباني ضاربة بأطنابها حتي الجذور في خيام السلفية المعاصرة،
    وإن كانت إذن ذات أبعاد سياسية لا تمارس العمل السياسي، فالممارسة تقول
    إنها غير الرؤية السياسية كما هو معلوم، ولعل تأمل مواقف الألباني وفتاواه
    في الأحداث السياسية يؤكد طغيان تلك الرؤية الإحيائية وشمولها".
    ويقول في موضع آخر: "لكن التغيير وفق الرؤية الألبانية لا ينطلق من الهرم
    السياسي بل يتم بشكل تدريجي عبر تغيير "القاعدة الشعبية" وتصورها وتمثلها
    للإسلام السلفي... ويضيف:
    يري الألباني أن الأولوية لتغيير واقع المسلمين تأتي من تمثل شعار "التصفية
    والتربية".. إلي أن قال: ومن هنا يؤكد الألباني أن دعوته ليست سياسية،
    وعبارته الأثيرة اليوم هي: "من السياسة ترك السياسة" مع أن التخلي عن
    الشعارات السياسية التي عرفها الألباني جيدا كموقف نقدي لجماعات الإسلام
    السياسي، وفي مقدمتها جماعة الإخوان وهو موقف سياسي بامتياز لأنه يسعي إلي
    التغيير عبر البناء التحتي، وهو القاعدة المكونة للرأي العام، فالألباني
    يؤكد أيضا في سياقات أخري أن السياسة جزء مهم من الإسلام، لكن الاشتغال
    بالسياسة قبل التصفية والتربية يعطي نتائج كارثية، وهو يضع نصب عينيه مسألة
    الموازنات بين القوة والضعف".

    رمضان الغندور

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 9:23 pm