جلسة 27 من فبراير سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطه نائب رئيس المحكمة، محمد بدر الدين توفيق، شكري جمعه حسين وفتيحه قرة.
(84)
الطعن رقم 1937 لسنة 55 القضائية
(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن" "عقد الإيجار". إثبات. بطلان. قانون "تفسير القانون". نظام عام.
1- عقد الإيجار. عقد رضائي. خضوعه لمبدأ سلطان الإرادة في حدود ما فرضه القانون من قيود.
2- قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية. حكمتها ودواعيها. تضمنها بعض النصوص الآمرة المتعلقة بالنظام العام. الاتفاق على مخالفتها. وقوعه باطلاً. إسناد المالك للغير إبرام عقد إيجار لمستأجر عن عين يمتلكها واصطناعه عقد إيجار مع هذا المؤجر عن ذات العين ليجعل المستأجر مستأجراً من الباطن أو متنازلاً إليه. تحايل على أحكام القانون المتعلقة بأسباب الإخلاء. جواز إثبات هذا التحايل بكافة طرق الإثبات.
(3) عقد "أثر العقد".
تصرفات صاحب الوضع الظاهر إلى الغير حسن النية. لها ذات آثار تصرفات صاحب المركز الحقيقي متى أسهم الأخير بخطئه - سلباً أو إيجاباً - في ظهور المتصرف بمظهر صاحب الحق.
1- عقد الإيجار عقد رضائي يخضع في قيامه لمبدأ سلطان الإرادة فيما عدا ما فرضه القانون من أحكام مقيدة لهذا المبدأ وفي حدودها ودون مجاوزة لنطاقها فهو متى قام صحيحاً يلزم عاقديه بما يرد الاتفاق عليه.
2- إذا كان اشتداد أزمة المساكن وتفاقمها قد يضطر المستأجر - نظراً لحاجته إلى السكن - إلى الموافقة على التعاقد وفقاً لشروط مجحفة يفرضها المؤجر بقصد الاستغلال فمن ثم تدخل المشرع بإصدار قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية المتعاقبة لتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر وضمنها بعض النصوص الآمرة المتعلقة بالنظام العام لإعادة التوازن بين مصلحة المؤجر ومصلحة المستأجر ومن أهم بكل الأحكام خضوع عقود إيجار الأماكن للأجرة القانونية التي تنص تلك التشريعات على عناصر تقديرها وامتداد تلك العقود تلقائياً وبحكم القانون لمدة غير محددة وتحديد أسباب الإخلاء على سبيل الحصر إلا أن المؤجر قد يتحايل على تلك الأحكام بطريقه أو بأخرى كأن يعهد من قبله لآخر في إبرام عقد إيجار لمستأجر عن عين يمتلكها حتى يتمكن من إخلاء المستأجر عندما يرغب في ذلك بأن يصطنع عقداً آخر مع المؤجر أو مع غيره ثم يقيم دعوى الإخلاء للتأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار لكي يتمكن من طرد المستأجر من العين المؤجرة والمقرر في قضاء هذه المحكمة أن الاتفاق على مخالفة أحكام القانون الآمرة المتعلقة بالنظام العام يقع باطلاً ويجوز إثبات هذا التحايل على تلك الأحكام بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة والقرائن.
3- المقرر أن تصرفات صاحب المركز الظاهر إلى الغير حسن النية لها نفس آثار تصرفات صاحب المركز الحقيقي متى كانت الشواهد المحيطة بالمركز الظاهر من شأنها أن تولد الاعتقاد بمطابقة هذا المركز للحقيقة وكان صاحب الحق قد أسهم بخطئه إن سلباً أو إيجاباً في ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون ضده الثالث أقام على المطعون ضدهما الأول والثاني الدعوى رقم 3271 لسنة 1979 مدني أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة والتسليم وقال بياناً لدعواه إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 10/ 1972 استأجر منه المطعون ضده الأول تلك الشقة والحديقة الملحقة بها إلا أنه علم بتنازله عنها للمطعون ضده الثاني مخالفاً بذلك الحظر الوارد بالعقد والقانون فأقام الدعوى ثم أدخل الطاعن خصماً فيها للحكم عليه بذات الطلبات. أجاب الطاعن بأنه استأجر الشقة محل النزاع بموجب عقد مؤرخ 1/ 3/ 1973 من المطعون ضده الثاني بوصفه مالكاً ظاهراً للعقار وواضع اليد عليه إلا أن المطعون ضده الثالث مالك العقار تواطأ مع المطعون ضده الأول وحرر له عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1972 وهو عقد صوري بهدف طرده من العين المؤجرة ووجه الطاعن دعوى فرعية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 3/ 1973 وبصورية عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1972، أمرت المحكمة باستجواب الخصوم وأحالت الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع الشهود حكمت برفض الدعوى الأصلية وفي الدعوى الفرعية بصحة ونفاذ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 3/ 1973 ونفاذه في حق المطعون ضده الثالث ورفض ما عدا ذلك من طلبات، استأنف المطعون ضده الثالث هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 410، 412 لسنة 39 ق الإسكندرية، كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 414 لسنة 39 ق الإسكندرية، وبتاريخ 7/ 4/ 1985 قضت المحكمة برفض استئناف الطاعن وفي الاستئنافين المنضمين بإلغاء الحكم المستأنف وبإخلاء والتسليم، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على محكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه بعدم نفاذ عقد الإيجار الصادر له في حق المالك الحقيقي على سند من أن الشواهد التي أحاطت بالمطعون ضده الثاني وهو يبرم هذا العقد قد صدرت من غير مالك وهي دعامة ظنيه لا تكفي لحمل الحكم إذ قد تصدر هذه المظاهر من المالك أيضاً وقد أدى ذاك إلى أن الحكم لم يعن بفحص تلك المظاهر وأثرها في التعاقد ولم يورد سبباً لطرحها وعدم كفايتها مما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال هذا إلى أنه بالإضافة إلى تمسكه بنظرية الأوضاع الظاهرة تمسك بأن المطعون ضده الثالث - المالك - قد تواطأ مع المطعون ضده الأول وحرر له عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1972 وهو عقد صوري بهدف طرده - أي الطاعن - من العين المؤجرة بما لازمه ارتباط دفاعه بشقيه بموضوع دعواه الفرعية والتي ترتبط بدعوى المالك الأصلية بالإخلاء ارتباطاً لا يقبل التجزئة وإذ أغفل الحكم المطعون فيه دفاعه بصورية عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1972 وهو دفاع جوهري يتغير به وجه الرأي في الدعوى الأصلية والفرعية مما يعيب الحكم أيضاً بالقصور في التسبيب ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أنه ولئن كان عقد رضائي يخضع في قيامه لمبدأ سلطان الإدارة فيما عدا ما فرضه القانون من أحكام مقيدة لهذا المبدأ وفي حدودها ودون مجاوزة لنطاقها فهو متى قام صحيحاً يلزم عاقديه بما يرد الاتفاق عليه إلا أنه إزاء اشتداد أزمة المساكن وتفاقمها قد يضطر المستأجر - نظراً لحاجته إلى السكن - إلى الموافقة على التعاقد وفقاً لشروط مجحفة يفرضها المؤجر بقصد الاستغلال فتدخل المشرع بإصدار قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية المتعاقبة لتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر وضمنها بعض النصوص الآمرة المتعلقة بالنظام العام لإعادة التوازن بين مصلحة المؤجر ومصلحة المستأجر ومن أهم تلك الأحكام خضوع عقود إيجار الأماكن للأجرة القانونية التي تنص تلك التشريعات على عناصر تقديرها وامتداد تلك العقود تلقائياً وبحكم القانون لمدة غير محددة وتحديد أسباب الإخلاء على سبيل الحصر إلا أن المؤجر قد يتحايل على تلك الأحكام بطريقه أو بأخرى كأن يعهد من قبله لآخر في إبرام عقد إيجار لمستأجر عن عين يمتلكها حتى يتمكن من إخلاء المستأجر عندما يرغب في ذلك بأن يصطنع عقداً آخر مع المؤجر أو مع غيره ثم يقيم دعوى الإخلاء للتأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار لكي يتمكن من طرد المستأجر من العين المؤجرة، ولما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الاتفاق على مخالفة أحكام القانون الآمرة المتعلقة بالنظام العام يقع باطلاً ويجوز إثبات هذا التحايل على تلك الأحكام بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة والقرائن. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد تمسك بأنه استأجر الشقة محل النزاع من المطعون ضده الثاني بوصفه مالكاً ظاهراً للعقار وواضع اليد عليه، وأن المطعون ضده الثالث مالك العقار قد تواطأ مع المطعون ضده الأول وحرر له عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1972 وهو عقد صوري حتى يتمكن المالك من طرده من العين المؤجرة ومفاد هذا الدفاع في شقيه أن المالك - المطعون ضده الثالث - قد تحايل على أحكام القانون المتعلقة بأسباب الإخلاء واصطنع عقد الإيجار سالف البيان ليخلق به سبباً للإخلاء غير قائم وهو التنازل عن الإيجار أو التأجير من الباطن ومن ثم فإن تمسك الطاعن بنظرية الأوضاع الظاهرة وصورية عقد الإيجار سند دعوى الإخلاء هو دفاع جوهري ومتكامل قد يتغير به وجه الرأي في الدعويين الأصلية والفرعية لارتباطهما ارتباطاً وثيقاً لا يقبل التجزئة، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الرد على دفاع الطاعن بصورية عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1972 فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب هذا إلى أن الحكم أقام قضاءه برفض دفاع الطاعن في شقة الأول على سند من أن الشواهد التي أحاطت بالمطعون ضده الثاني وهو يبرم العقد المؤرخ 1/ 3/ 1973 مع الطاعن قد تصدر من غير مالك وهي دعامة ظنية تقوم على الشك والترجيح ولا تقوم على الجزم واليقين إذ العبارة التي استعملها الحكم بأن المظاهر قد تصدر من غير مالك لا تنفي أن تلك المظاهر قد تصدر من المالك أيضاً، ومن المقرر أن تصرفات صاحب المركز الظاهر إلى الغير حسن النية لها نفس آثار تصرفات صاحب المركز الحقيقي متى كانت الشواهد المحيطة بالمركز الظاهر من شأنها أن تولد الاعتقاد بمطابقة هذا المركز للحقيقة وكان صاحب الحق قد أسهم بخطئه إن سلباً أو إيجاباً في ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه، وقد أدى ذلك بالحكم إلى أنه لم يعن بفحص تلك المظاهر التي تمسك بها الطاعن ولم يبحث أثرها في التعاقد ولم يورد سبباً لطرحها وعدم كفايتها مما يعيب الحكم أيضاً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بالإضافة إلى قصوره في إغفال دفاع الطاعن بصورية عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1972 مما يعيب الحكم ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطه نائب رئيس المحكمة، محمد بدر الدين توفيق، شكري جمعه حسين وفتيحه قرة.
(84)
الطعن رقم 1937 لسنة 55 القضائية
(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن" "عقد الإيجار". إثبات. بطلان. قانون "تفسير القانون". نظام عام.
1- عقد الإيجار. عقد رضائي. خضوعه لمبدأ سلطان الإرادة في حدود ما فرضه القانون من قيود.
2- قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية. حكمتها ودواعيها. تضمنها بعض النصوص الآمرة المتعلقة بالنظام العام. الاتفاق على مخالفتها. وقوعه باطلاً. إسناد المالك للغير إبرام عقد إيجار لمستأجر عن عين يمتلكها واصطناعه عقد إيجار مع هذا المؤجر عن ذات العين ليجعل المستأجر مستأجراً من الباطن أو متنازلاً إليه. تحايل على أحكام القانون المتعلقة بأسباب الإخلاء. جواز إثبات هذا التحايل بكافة طرق الإثبات.
(3) عقد "أثر العقد".
تصرفات صاحب الوضع الظاهر إلى الغير حسن النية. لها ذات آثار تصرفات صاحب المركز الحقيقي متى أسهم الأخير بخطئه - سلباً أو إيجاباً - في ظهور المتصرف بمظهر صاحب الحق.
1- عقد الإيجار عقد رضائي يخضع في قيامه لمبدأ سلطان الإرادة فيما عدا ما فرضه القانون من أحكام مقيدة لهذا المبدأ وفي حدودها ودون مجاوزة لنطاقها فهو متى قام صحيحاً يلزم عاقديه بما يرد الاتفاق عليه.
2- إذا كان اشتداد أزمة المساكن وتفاقمها قد يضطر المستأجر - نظراً لحاجته إلى السكن - إلى الموافقة على التعاقد وفقاً لشروط مجحفة يفرضها المؤجر بقصد الاستغلال فمن ثم تدخل المشرع بإصدار قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية المتعاقبة لتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر وضمنها بعض النصوص الآمرة المتعلقة بالنظام العام لإعادة التوازن بين مصلحة المؤجر ومصلحة المستأجر ومن أهم بكل الأحكام خضوع عقود إيجار الأماكن للأجرة القانونية التي تنص تلك التشريعات على عناصر تقديرها وامتداد تلك العقود تلقائياً وبحكم القانون لمدة غير محددة وتحديد أسباب الإخلاء على سبيل الحصر إلا أن المؤجر قد يتحايل على تلك الأحكام بطريقه أو بأخرى كأن يعهد من قبله لآخر في إبرام عقد إيجار لمستأجر عن عين يمتلكها حتى يتمكن من إخلاء المستأجر عندما يرغب في ذلك بأن يصطنع عقداً آخر مع المؤجر أو مع غيره ثم يقيم دعوى الإخلاء للتأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار لكي يتمكن من طرد المستأجر من العين المؤجرة والمقرر في قضاء هذه المحكمة أن الاتفاق على مخالفة أحكام القانون الآمرة المتعلقة بالنظام العام يقع باطلاً ويجوز إثبات هذا التحايل على تلك الأحكام بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة والقرائن.
3- المقرر أن تصرفات صاحب المركز الظاهر إلى الغير حسن النية لها نفس آثار تصرفات صاحب المركز الحقيقي متى كانت الشواهد المحيطة بالمركز الظاهر من شأنها أن تولد الاعتقاد بمطابقة هذا المركز للحقيقة وكان صاحب الحق قد أسهم بخطئه إن سلباً أو إيجاباً في ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون ضده الثالث أقام على المطعون ضدهما الأول والثاني الدعوى رقم 3271 لسنة 1979 مدني أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة والتسليم وقال بياناً لدعواه إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 10/ 1972 استأجر منه المطعون ضده الأول تلك الشقة والحديقة الملحقة بها إلا أنه علم بتنازله عنها للمطعون ضده الثاني مخالفاً بذلك الحظر الوارد بالعقد والقانون فأقام الدعوى ثم أدخل الطاعن خصماً فيها للحكم عليه بذات الطلبات. أجاب الطاعن بأنه استأجر الشقة محل النزاع بموجب عقد مؤرخ 1/ 3/ 1973 من المطعون ضده الثاني بوصفه مالكاً ظاهراً للعقار وواضع اليد عليه إلا أن المطعون ضده الثالث مالك العقار تواطأ مع المطعون ضده الأول وحرر له عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1972 وهو عقد صوري بهدف طرده من العين المؤجرة ووجه الطاعن دعوى فرعية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 3/ 1973 وبصورية عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1972، أمرت المحكمة باستجواب الخصوم وأحالت الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع الشهود حكمت برفض الدعوى الأصلية وفي الدعوى الفرعية بصحة ونفاذ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 3/ 1973 ونفاذه في حق المطعون ضده الثالث ورفض ما عدا ذلك من طلبات، استأنف المطعون ضده الثالث هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 410، 412 لسنة 39 ق الإسكندرية، كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 414 لسنة 39 ق الإسكندرية، وبتاريخ 7/ 4/ 1985 قضت المحكمة برفض استئناف الطاعن وفي الاستئنافين المنضمين بإلغاء الحكم المستأنف وبإخلاء والتسليم، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على محكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه بعدم نفاذ عقد الإيجار الصادر له في حق المالك الحقيقي على سند من أن الشواهد التي أحاطت بالمطعون ضده الثاني وهو يبرم هذا العقد قد صدرت من غير مالك وهي دعامة ظنيه لا تكفي لحمل الحكم إذ قد تصدر هذه المظاهر من المالك أيضاً وقد أدى ذاك إلى أن الحكم لم يعن بفحص تلك المظاهر وأثرها في التعاقد ولم يورد سبباً لطرحها وعدم كفايتها مما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال هذا إلى أنه بالإضافة إلى تمسكه بنظرية الأوضاع الظاهرة تمسك بأن المطعون ضده الثالث - المالك - قد تواطأ مع المطعون ضده الأول وحرر له عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1972 وهو عقد صوري بهدف طرده - أي الطاعن - من العين المؤجرة بما لازمه ارتباط دفاعه بشقيه بموضوع دعواه الفرعية والتي ترتبط بدعوى المالك الأصلية بالإخلاء ارتباطاً لا يقبل التجزئة وإذ أغفل الحكم المطعون فيه دفاعه بصورية عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1972 وهو دفاع جوهري يتغير به وجه الرأي في الدعوى الأصلية والفرعية مما يعيب الحكم أيضاً بالقصور في التسبيب ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أنه ولئن كان عقد رضائي يخضع في قيامه لمبدأ سلطان الإدارة فيما عدا ما فرضه القانون من أحكام مقيدة لهذا المبدأ وفي حدودها ودون مجاوزة لنطاقها فهو متى قام صحيحاً يلزم عاقديه بما يرد الاتفاق عليه إلا أنه إزاء اشتداد أزمة المساكن وتفاقمها قد يضطر المستأجر - نظراً لحاجته إلى السكن - إلى الموافقة على التعاقد وفقاً لشروط مجحفة يفرضها المؤجر بقصد الاستغلال فتدخل المشرع بإصدار قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية المتعاقبة لتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر وضمنها بعض النصوص الآمرة المتعلقة بالنظام العام لإعادة التوازن بين مصلحة المؤجر ومصلحة المستأجر ومن أهم تلك الأحكام خضوع عقود إيجار الأماكن للأجرة القانونية التي تنص تلك التشريعات على عناصر تقديرها وامتداد تلك العقود تلقائياً وبحكم القانون لمدة غير محددة وتحديد أسباب الإخلاء على سبيل الحصر إلا أن المؤجر قد يتحايل على تلك الأحكام بطريقه أو بأخرى كأن يعهد من قبله لآخر في إبرام عقد إيجار لمستأجر عن عين يمتلكها حتى يتمكن من إخلاء المستأجر عندما يرغب في ذلك بأن يصطنع عقداً آخر مع المؤجر أو مع غيره ثم يقيم دعوى الإخلاء للتأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار لكي يتمكن من طرد المستأجر من العين المؤجرة، ولما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الاتفاق على مخالفة أحكام القانون الآمرة المتعلقة بالنظام العام يقع باطلاً ويجوز إثبات هذا التحايل على تلك الأحكام بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة والقرائن. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد تمسك بأنه استأجر الشقة محل النزاع من المطعون ضده الثاني بوصفه مالكاً ظاهراً للعقار وواضع اليد عليه، وأن المطعون ضده الثالث مالك العقار قد تواطأ مع المطعون ضده الأول وحرر له عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1972 وهو عقد صوري حتى يتمكن المالك من طرده من العين المؤجرة ومفاد هذا الدفاع في شقيه أن المالك - المطعون ضده الثالث - قد تحايل على أحكام القانون المتعلقة بأسباب الإخلاء واصطنع عقد الإيجار سالف البيان ليخلق به سبباً للإخلاء غير قائم وهو التنازل عن الإيجار أو التأجير من الباطن ومن ثم فإن تمسك الطاعن بنظرية الأوضاع الظاهرة وصورية عقد الإيجار سند دعوى الإخلاء هو دفاع جوهري ومتكامل قد يتغير به وجه الرأي في الدعويين الأصلية والفرعية لارتباطهما ارتباطاً وثيقاً لا يقبل التجزئة، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الرد على دفاع الطاعن بصورية عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1972 فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب هذا إلى أن الحكم أقام قضاءه برفض دفاع الطاعن في شقة الأول على سند من أن الشواهد التي أحاطت بالمطعون ضده الثاني وهو يبرم العقد المؤرخ 1/ 3/ 1973 مع الطاعن قد تصدر من غير مالك وهي دعامة ظنية تقوم على الشك والترجيح ولا تقوم على الجزم واليقين إذ العبارة التي استعملها الحكم بأن المظاهر قد تصدر من غير مالك لا تنفي أن تلك المظاهر قد تصدر من المالك أيضاً، ومن المقرر أن تصرفات صاحب المركز الظاهر إلى الغير حسن النية لها نفس آثار تصرفات صاحب المركز الحقيقي متى كانت الشواهد المحيطة بالمركز الظاهر من شأنها أن تولد الاعتقاد بمطابقة هذا المركز للحقيقة وكان صاحب الحق قد أسهم بخطئه إن سلباً أو إيجاباً في ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه، وقد أدى ذلك بالحكم إلى أنه لم يعن بفحص تلك المظاهر التي تمسك بها الطاعن ولم يبحث أثرها في التعاقد ولم يورد سبباً لطرحها وعدم كفايتها مما يعيب الحكم أيضاً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بالإضافة إلى قصوره في إغفال دفاع الطاعن بصورية عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1972 مما يعيب الحكم ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.