محكمة التمييز
حكم رقم 146/1999
صادر بتاريخ 12/6/2000م.
(الدائرة المدنية)
هيئة المحكمة: برئاسة السيد المستشار عبدالله علي العيسى ونائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين السيد محمد بكر غالي وعلي احمد شلتوت وفاروق سليمان وسمير عبد الهادي.
المكتب الفني
المصدر: مجلة القضاء والقانون
السنة: الثامنة والعشرون
العدد: 2
اصدار: 7/2003
القاعدة: 67
الصفحة:279
1. - اعلان - طعن - حكم * الاصل في بدء معياد الطعن في الحكم. من تاريخ صدوره. الاستثناء. بداية الميعاد من تاريخ اعلان الحكم الى المحكوم عليه حال تخلفه عن الحضور في جميع الجلسات التي حددت لنظر الدعوى ولم يقدم مذكرة بدفاعه.
2. - بيع /بيع ملك الغير - بطلان /بطلان التصرفات والعقود - اجازه * بيع ملك الغير بطلانه مقرر لمصلحة المشتري وحده. عدم نفاذه في حق المالك الحقيقي الا اذا اقره.
3. - مسئولية - تعويض- محكمة الموضوع /سلطتها في استخلاص الخطأ* استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية عن التعويض. من سلطة محكمة الموضوع. شرطه. اقامته على اسباب سائغة تكفي لحمله.
المحكمة
بعد الاطلاع على الاوراق، وسماع المرافعة، وبعد المداولة.
حيث ان الطعن استوفى اوضاعه الشكلية.
وحيث ان الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر اوراق الطعن - تتحصل في ان الطاعن اقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم 3519 لسنة 1996 مدني كلي بطلب الحكم اولا: بثبوت ملكيته للسيارة رقم 7530 ب.ك نقل خاص ماركة مرسيدس "تنكر" المحجوزة بمخزن النيابة العامة واستلامها بحالتها ومنع تعارض المطعون ضدهم الثلاثة الاول له في حيازتها وملكيتها ثانيا: بطلان كافة البيوع التي تمت على السيارة المشار اليها ثالثا: الزام المطعون ضدهم بالتضامن بان يؤدوا له مبلغ 35000 خمسة وثلاثين الف دينار تعويضا عن الاضرار المادية والادبية التي لحقت به، وقال في بيان ذلك انه يمتلك السيارة رقم 4328 ع ك مرسيدس تنكر وفقدت منه اثناء الغزو العراقي وبعد التحرير ضبطها لدى المطعون ضده الاول تحمل رقم 7530 ب ك فابلغ عن الواقعة وقدم المطعون ضده الاول الى المحاكمة في الجناية 1982/92 الرقة 46/93 بتهمة سرقة السيارة عن طريق الكسر واستبدال جزء جوهري من السيارة 7530 مما ترتب عليه تغيير بيانات الترخيص وقضى ببراءته ورفض الدعوى المدنية، ثم اقام هو الدعوى رقم 673 لسنة 1994 مدني كلي بطلب ندب خبير لاثبات ملكيته للسيارة 7530 وبطلان كافة البيوع التي تمت بين المطعون ضدهم الثلاثة الاول عليها، كما اقام المطعون ضده الاول امام ذات الدائرة الدعوى رقم 29 لسنة 1995 للحكم باحقيته للسيارة وتسليمها اليه وانتهت لجنة الخبراء التي ندبتها المحكمة الى ان السيارة المضبوطة تخصه هو طبقا لبيانات سيارته رقم 4328 وقد قضت المحكمة في دعواها رقم 673/94 مدني كلي بانتهاء الدعوى وابتعاد طلب بطلان البيوع لعدم سداد الرسم، كما قضت في الدعوى رقم 29 لسنة 1995 التي اقامها المطعون ضده الاول بالرفض، ولما كان تقرير الخبراء قد قطع في ملكيته للسيارة ومن ثم تكون البيوع التي تمت عليها باطلة ولا تسري في حقه، واذ قرر المطعون ضده الاول بتحقيقات النيابة العامة انه اشترى السيارة من الثاني وقرر الاخير انه اشتراها من الثالث وان الاول هو الذي انهى اجراءات ترخيصها واعطى الاوراق للثالث الذي وقعها من ابن عمه وانكر المطعون ضده الثالث ذلك بالتحقيقات وتناقضوا جميعا في اقوالهم بما يؤكد سوء نيتهم وعلمهم بأن السيارة ليست مملوكة لأي منهم، واذ كان ذلك يشكل خطأ ترتب عليه ضرر بالنسبة له يقدر التعويض الجابر له بمبلغ 35000 دينار، كما ان تابعي المطعون ضده الرابع سواء بالادارة العامة للمرور او الادلة الجنائية قد اثبتوا بيانات خاطئة عن السيارة واعتمدوا اوراق الفحص الفني على خلاف الواقع والحقيقة مما ادى الى الحاق الضرر المشار اليه به فقد اقام الدعوى، قضت المحكمة بثبوت ملكيته للسيارة المبينة في صحيفة الدعوى ومنع تعرض المطعون ضدهم الثلاثة الأول له في حيازتها وملكيتها، وببطلان كافة البيوع التي تمت على السيارة، والزام المطعون ضده الثالث بأن يؤدي له مبلغ ستة آلاف دينار. استأنف المطعون ضده الاول هذا الحكم بالاستنئاف رقم 499 لسنة 1998 مدني، كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 503 لسنة 1998 مدني، والمطعون ضده الثالث بالاستئناف رقم 721 لسنة 1998، وبعد ان ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة قضت بتاريخ 27/4/1999 برفض الاستئنافين رقمي 499، 503 وفي الاستئناف 721 لسنة 1998 مدني بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من ثبوت ملكية الطاعن للسيارة المبينة بصحيفة الدعوى ومنع تعرض المطعون ضدهم الثلاثة الاول له في ملكيتها او حيازتها وبإلغائه فيما عدا ذلك، طعن الطاعن فيه ذا الحكم بطريق التمييز، واودعت النيابة مذكرة ابدت فيها الرأي بتمييز الحكم المطعون فيه، عرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها صمم الحاضر عن الطاعن على الطلبات الواردة بصحيفة الطعن وطلب الحاضر عن المطعون ضدهما الاول والثالث رفض الطعن وتخلف المطعون ضدهما الثاني والرابع عن الحضور رغم اخطارهما والتزمت النيابة رأيها.
حيث ان الطعن اقيم على سببين ينعي الطاعن بالوجه الاول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول ان الحكم قضى بقبول الاستئناف رقم 721 لسنة 1998 الذي اقامه المطعون ضده الثالث في حين ان الحكم الابتدائي صدر بتاريخ 18/3/1998 ولم يقم هو الاستئناف الا في 1/6/1998 بعد اكثر من ثلاثين يوما من تاريخ صدور الحكم ومن ثم يكون حقه في الاستئناف قد سقط بمضي الميعاد، واذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يستوجب تمييزه.
وحيث ان هذا النعي مردود، ذلك -1- انه ولئن كان الاصل ان ميعاد الطعن في الحكم يبدأ من تاريخ صدوره طبقا لنص المادة 12 مرافعات الا ان هذا الميعاد لا يبدأ الا من تاريخ اعلان الحكم الى المحكوم عليه في الاحوال التي يكون فيها قد تخلف عن الحضور في جميع الجلسات التي حددت لنظر الدعوى ولم يقدم مذكرة بدفاعه، واذ كان الثابت بالاوراق ان المطعون ضده الثالث قد تخلف عن الحضور في جميع الجلسات التي نظرت فيها الدعوى امام محكمة اول درجة ولم يقدم مذكرة بدفاعه فإن ميعاد الاستئناف بالنسبة له لا يبدأ الى من تاريخ اعلانه بالحكم، واذ لم يثبت من الاوراق انه قد تم اعلانه بالحكم الصادر من محكمة اول درجة فإن الاستئناف المرفوع منه يكون قد رفع في الميعاد واذ قضى الحكم المطعون فيه بقبوله شكلا فإنه لا يكون قد اخطأ في تطبيق القانون ويضحى النعي على غير اساس.
وحيث ان الطاعن ينعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول ان الحكم ذهب في قضائه الى ان البيوع التي ابرمها المطعون ضدهم الثلاثة الاول على السيارة موضوع النزاع هي بيوع صحيحة صدرت ممن يملكها في حين ان السيارة مملوكة له والبيع والتي اجراها المطعون ضدهم عليها صدرت من غير مالك، واذ قضى الحكم المطعون فيه بالغاء الحكم الصادر من محكمة الدرجة الاولى ببطلانها فإنه يكون معيبا بما يستوجب تمييزه.
وحيث ان هذا النعي مردود، ذلك -2- انه لما كان بطلان بيع ملك الغير مقرر لمصلحة المشتري وحده اما بالنسبة للمالك الحقيقي فإن البيع لا ينفذ في حقه الا اذا اقره ومن ثم فإنه لا يكون للطاعن طلب بطلان البيوع التي تمت على السيارة محل النزاع المملوكة له وانما يكون له طلب عدم نفاذها في حقه، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لاسبابه بالحكم المطعون فيه قد قضى للطاعن بثبوت ملكيته للسيارة موضوع النزاع وبمنع تعرض المطعون ضدهم الثلاثة الاول له في ملكيتها، وكان مؤدى القضاء له بثبوت ملكيته للسيارة هو عدم نفاذ التصرفات التي اجراها المطعون ضدهم الثلاثة الاول عليها في حقه فإن الحكم المطعون فيه اذ قضى بالغاء حكم اول درجة الذي ابطل هذه التصرفات يكون قد التزم صحيح القانون ولا يعيبه ما استطرد اليه تزيدا بقوله ان هذه البيوع صدرت ممن يملك السيارة اذ يستقيم قضاء الحكم بدونها ويضحى النعي على غير اساس.
وحيث ان الطاعن ينعي بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول ان الحكم قضى برفض الزام المطعون ضده الرابع بصفته وكيل وزارة الداخلية بالتعويض رغم ان تابعيه قصروا في اداء عملهم بما يوفر ركن الخطا في حقهم ويوفر مسئوليته عن التعويض استنادا الى مسئولية المتبوع عن اعمال التابع، كما قضى برفض طلبه الزام المطعون ضدهم الثلاثة الاول بالتعويض لانتفاء الخطأ في حقهم في حين ان المطعون ضده الثالث ادعى كذبا بأنه اشترى السيارة من شخص يدعى .......... وقام بتسجيلها باسم ............... ثم باعها للمطعون ضده الثاني الذي قرر انه باعها بدون محرك للمطعون ضده الاول ثم ادعى الاخير انه اشترى لها محرك من السعودية وكلها ادعاءات كاذبة لان الثابت بتقرير الخبير ان السيارة محل النزاع والتي ضبطت بحوزة المطعون ضده الاول والمتحفظ عليها بمخزن النيابة العامة هي السيارة رقم 4328 المملوكة له وان محركها هو ذاته محركها الاصلي الامر الذي يوفر مسئوليتهم جميعا عن التعويض، واذ قضى الحكم على خلاف ذلك فإنه يكون معيبا بما يستوجب تمييزه.
وحيث ان النعي في شقه الخاص بالمطعون ضده الرابع بصفته غير مقبول ذلك انه لما كان -3- من المقرر ان استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية عن التعويض من سلطة محكمة الموضوع متى اقامت قضاءها في ذلك على اسباب سائغة تكفي لحمله، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اقام قضاءه برفض الزام المطعون ضده الرابع بالتعويض استنادا الى ان الاوراق قد خلت مما يفيد ان ايا من تابعية قد وقع منه خطا حال ترخيص السيارة باسم المطعون ضده الاول وان السيارة وقت عرضها على ادارة المرور كانت تحمل رقم 7530 وهي نفس اللوحات التي كانت تحملها السيارة المسجلة باسم /............... وقد وافق وكيل ورثته على نقل ملكيتها للمدعى عليه الاول ومن ثم فإن الموافقة على ترخيص السيارة في مثل هذه الظروف لا تعبتره المحكمة خروجا على الوضع العادي للامور، وهي اسباب في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع سائغة ولها اصلها الثابت بالاوراق وكافية لحمل قضاء الحكم في هذا الشأن فإن النعي عليه في خصوص ذلك ينحل الى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية لا تقبل اثارته امام محكمة التمييز، والنعي في شقة المتعلق بمسئولية المطعون ضدهم الثلاثة الاول عن التعويض في محله ذلك انه لما كان البين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد لاسبابه بالحكم المطعون فيه انه اقام قضاءه برفض الزام المطعون ضده الاول بالتعويضات على سند من ان الطاعن سبق وان ادعى قبله مدنيا عندما قدم الى المحاكمة في الجناية رقم 1982 لسنة 1992 بتهمة سرقة سيارة الطاعن وتغيير اجزاء منها ودون اخطار الادارة العامة للمرور وقضت المحكمة ببراءته مما اسند اليه ورفض الدعوى المدنية وبالتالي لا يجوز للطاعن مطالبته بالتعويض مرة اخرى التزاما بحجية ذلك الحكم، كما عرض لطلب الطاعن بالزام المطعون ضده الثاني بالتعويض واطرحه استنادا الى قول الحكم بانه لا يرى في مسلكه بشراء السيارة من المطعون ضده الثاني وبيعها للمطعون ضده الاول ما يعتبر خروجا على السلوك المألوف اذ خلت الاوراق من دليل على انه كان يعلم ان السيارة ملكا للطاعن وليست ملكا للمطعون ضده الثالث، كما الغى الحكم المطعون فيه ما قضى به الحكم الصادر من محكمة اول درجة من الزام المطعون ضده الثالث بالتعويض استنادا الى ان الاوراق قد خلت من دليل على انه سرق سيارة الطاعن او حازها على اي نحو او انه احدث تغييرا في بيانات اجزائها.... لما كان ذلك وكان ما اورده الحكم بالنسبة للمطعون ضده الاول يخالف نص المادة 54 من قانون الاثبات في المواد المدنية والتجارية التي تنص على ان لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي الا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصلة فيها ضروريا، ومع ذلك لا يرتبط بالحكم الصادر بالبراءة الا اذا قام على نفي نسبة الواقعة الى المتهم، وكان البين من مدونات الحكم الصادر في الجناية رقم 1982 لسنة 1992 القاضي ببراءة المطعون ضده الاول من تهمة سرقة سيارة الطاعن وتغيير اجزاء منها دون اخطار الادارة العامة للمرور ورفض الدعوى المدنية المقامة من الطاعن قبل المتهم ان سبب البراءة هو تشكك المحكمة في الدليل ومن ثم فلا يعد ذلك منها قطعا بصحة بلاغ الطاعن او كذبه ولا تكون له حجية امام المحكمة المدنية تمنع الطاعن من مطالبة المطعون ضده الاول بالتعويض عما سببه له من اضرار نتيجة خطئه لاختلاف الاساس القانوني للمطالبة بالتعويض في الحالتين اذ ان موضوع الدعوى المدنية التي تنظرها المحكمة الجزائية تبعا للدعوى الجزائية الفصل في طلب التعويض عن الاضرار التي لحقت بالطاعن نتيجة الجرمية التي رفعت بها الدعوى العمومية وهي السرقة، اما الدعوى الحالية فإن المحكمة تنظر فيما اذا كان الفعل المنسوب للمطعون ضده الاول مع تجرده من صفة الجرمية قد نشأ عنه ضرر للطاعن يصح ان يكون اساسا لمطالبته بالتعويض ام لا - لما كان ذلك وكان الثابت بتقرير الخبير المودع ملف الدعوى رقم 673 لسنة 1994 مدني كلي والتي اقامها الطاعن على المطعون ضده الاول بإثبات ملكيته للسيارة موضوع النزاع ان السيارة التي ضبطت بحيازة المطعون ضد الأول هي السيارة رقم 4328 المملوكة للطاعن وفقدها اثناء الغزو العراقي وان محركها هو ذاته المحرك الاصلي وهو ما ينفي ما زعمه المطعون ضدهم الثلاثة الاول من ان السيارة كانت بدون محرك وما قرره المطعون ضده الثالث من انه اشتراها عام 1988 وفقدها اثناء الغزو ثم وجدها بعده بدون محرك مما يعد خروجا منهم عن السلوك المألوف ويوفر ركن الخطأ في حقهم ويوجب مسئوليتهم عن التعويض فإن الحكم المطعون فيه اذ اغفل تقرير الخبير وذهب في قضائه الى انتفاء مسئوليتهم عن التعويض يكون فضلا عن فساده في الاستدلال قد خالف الثابت بالاوراق بما يوجب تمييزه تمييزا جزئيا فيما قضى به من رفض طلب الطاعن الزام المطعون ضدهم الثلاثة الاول بالتعويض.
وحيث ان موضوع الاستئناف فيما ميز من الحكم صالح للفصل فيه، ولما تقدم واذ كان الحكم المستأنف قد قدر التعويض المستحق للمستأنف في الاستئناف رقم 503 لسنة 1998 مدني بمبلغ ستة آلاف دينار وترى المحكمة مناسبة هذا التقدير لجبر الاضرار التي لحقت به من جراء خطا المستأنف عليهم الثلاثة الأول ومن ثم يتعين تعديل الحكم المستأنف والزامهم متضامنين بهذا المبلغ.
حكم رقم 146/1999
صادر بتاريخ 12/6/2000م.
(الدائرة المدنية)
هيئة المحكمة: برئاسة السيد المستشار عبدالله علي العيسى ونائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين السيد محمد بكر غالي وعلي احمد شلتوت وفاروق سليمان وسمير عبد الهادي.
المكتب الفني
المصدر: مجلة القضاء والقانون
السنة: الثامنة والعشرون
العدد: 2
اصدار: 7/2003
القاعدة: 67
الصفحة:279
1. - اعلان - طعن - حكم * الاصل في بدء معياد الطعن في الحكم. من تاريخ صدوره. الاستثناء. بداية الميعاد من تاريخ اعلان الحكم الى المحكوم عليه حال تخلفه عن الحضور في جميع الجلسات التي حددت لنظر الدعوى ولم يقدم مذكرة بدفاعه.
2. - بيع /بيع ملك الغير - بطلان /بطلان التصرفات والعقود - اجازه * بيع ملك الغير بطلانه مقرر لمصلحة المشتري وحده. عدم نفاذه في حق المالك الحقيقي الا اذا اقره.
3. - مسئولية - تعويض- محكمة الموضوع /سلطتها في استخلاص الخطأ* استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية عن التعويض. من سلطة محكمة الموضوع. شرطه. اقامته على اسباب سائغة تكفي لحمله.
المحكمة
بعد الاطلاع على الاوراق، وسماع المرافعة، وبعد المداولة.
حيث ان الطعن استوفى اوضاعه الشكلية.
وحيث ان الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر اوراق الطعن - تتحصل في ان الطاعن اقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم 3519 لسنة 1996 مدني كلي بطلب الحكم اولا: بثبوت ملكيته للسيارة رقم 7530 ب.ك نقل خاص ماركة مرسيدس "تنكر" المحجوزة بمخزن النيابة العامة واستلامها بحالتها ومنع تعارض المطعون ضدهم الثلاثة الاول له في حيازتها وملكيتها ثانيا: بطلان كافة البيوع التي تمت على السيارة المشار اليها ثالثا: الزام المطعون ضدهم بالتضامن بان يؤدوا له مبلغ 35000 خمسة وثلاثين الف دينار تعويضا عن الاضرار المادية والادبية التي لحقت به، وقال في بيان ذلك انه يمتلك السيارة رقم 4328 ع ك مرسيدس تنكر وفقدت منه اثناء الغزو العراقي وبعد التحرير ضبطها لدى المطعون ضده الاول تحمل رقم 7530 ب ك فابلغ عن الواقعة وقدم المطعون ضده الاول الى المحاكمة في الجناية 1982/92 الرقة 46/93 بتهمة سرقة السيارة عن طريق الكسر واستبدال جزء جوهري من السيارة 7530 مما ترتب عليه تغيير بيانات الترخيص وقضى ببراءته ورفض الدعوى المدنية، ثم اقام هو الدعوى رقم 673 لسنة 1994 مدني كلي بطلب ندب خبير لاثبات ملكيته للسيارة 7530 وبطلان كافة البيوع التي تمت بين المطعون ضدهم الثلاثة الاول عليها، كما اقام المطعون ضده الاول امام ذات الدائرة الدعوى رقم 29 لسنة 1995 للحكم باحقيته للسيارة وتسليمها اليه وانتهت لجنة الخبراء التي ندبتها المحكمة الى ان السيارة المضبوطة تخصه هو طبقا لبيانات سيارته رقم 4328 وقد قضت المحكمة في دعواها رقم 673/94 مدني كلي بانتهاء الدعوى وابتعاد طلب بطلان البيوع لعدم سداد الرسم، كما قضت في الدعوى رقم 29 لسنة 1995 التي اقامها المطعون ضده الاول بالرفض، ولما كان تقرير الخبراء قد قطع في ملكيته للسيارة ومن ثم تكون البيوع التي تمت عليها باطلة ولا تسري في حقه، واذ قرر المطعون ضده الاول بتحقيقات النيابة العامة انه اشترى السيارة من الثاني وقرر الاخير انه اشتراها من الثالث وان الاول هو الذي انهى اجراءات ترخيصها واعطى الاوراق للثالث الذي وقعها من ابن عمه وانكر المطعون ضده الثالث ذلك بالتحقيقات وتناقضوا جميعا في اقوالهم بما يؤكد سوء نيتهم وعلمهم بأن السيارة ليست مملوكة لأي منهم، واذ كان ذلك يشكل خطأ ترتب عليه ضرر بالنسبة له يقدر التعويض الجابر له بمبلغ 35000 دينار، كما ان تابعي المطعون ضده الرابع سواء بالادارة العامة للمرور او الادلة الجنائية قد اثبتوا بيانات خاطئة عن السيارة واعتمدوا اوراق الفحص الفني على خلاف الواقع والحقيقة مما ادى الى الحاق الضرر المشار اليه به فقد اقام الدعوى، قضت المحكمة بثبوت ملكيته للسيارة المبينة في صحيفة الدعوى ومنع تعرض المطعون ضدهم الثلاثة الأول له في حيازتها وملكيتها، وببطلان كافة البيوع التي تمت على السيارة، والزام المطعون ضده الثالث بأن يؤدي له مبلغ ستة آلاف دينار. استأنف المطعون ضده الاول هذا الحكم بالاستنئاف رقم 499 لسنة 1998 مدني، كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 503 لسنة 1998 مدني، والمطعون ضده الثالث بالاستئناف رقم 721 لسنة 1998، وبعد ان ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة قضت بتاريخ 27/4/1999 برفض الاستئنافين رقمي 499، 503 وفي الاستئناف 721 لسنة 1998 مدني بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من ثبوت ملكية الطاعن للسيارة المبينة بصحيفة الدعوى ومنع تعرض المطعون ضدهم الثلاثة الاول له في ملكيتها او حيازتها وبإلغائه فيما عدا ذلك، طعن الطاعن فيه ذا الحكم بطريق التمييز، واودعت النيابة مذكرة ابدت فيها الرأي بتمييز الحكم المطعون فيه، عرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها صمم الحاضر عن الطاعن على الطلبات الواردة بصحيفة الطعن وطلب الحاضر عن المطعون ضدهما الاول والثالث رفض الطعن وتخلف المطعون ضدهما الثاني والرابع عن الحضور رغم اخطارهما والتزمت النيابة رأيها.
حيث ان الطعن اقيم على سببين ينعي الطاعن بالوجه الاول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول ان الحكم قضى بقبول الاستئناف رقم 721 لسنة 1998 الذي اقامه المطعون ضده الثالث في حين ان الحكم الابتدائي صدر بتاريخ 18/3/1998 ولم يقم هو الاستئناف الا في 1/6/1998 بعد اكثر من ثلاثين يوما من تاريخ صدور الحكم ومن ثم يكون حقه في الاستئناف قد سقط بمضي الميعاد، واذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يستوجب تمييزه.
وحيث ان هذا النعي مردود، ذلك -1- انه ولئن كان الاصل ان ميعاد الطعن في الحكم يبدأ من تاريخ صدوره طبقا لنص المادة 12 مرافعات الا ان هذا الميعاد لا يبدأ الا من تاريخ اعلان الحكم الى المحكوم عليه في الاحوال التي يكون فيها قد تخلف عن الحضور في جميع الجلسات التي حددت لنظر الدعوى ولم يقدم مذكرة بدفاعه، واذ كان الثابت بالاوراق ان المطعون ضده الثالث قد تخلف عن الحضور في جميع الجلسات التي نظرت فيها الدعوى امام محكمة اول درجة ولم يقدم مذكرة بدفاعه فإن ميعاد الاستئناف بالنسبة له لا يبدأ الى من تاريخ اعلانه بالحكم، واذ لم يثبت من الاوراق انه قد تم اعلانه بالحكم الصادر من محكمة اول درجة فإن الاستئناف المرفوع منه يكون قد رفع في الميعاد واذ قضى الحكم المطعون فيه بقبوله شكلا فإنه لا يكون قد اخطأ في تطبيق القانون ويضحى النعي على غير اساس.
وحيث ان الطاعن ينعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول ان الحكم ذهب في قضائه الى ان البيوع التي ابرمها المطعون ضدهم الثلاثة الاول على السيارة موضوع النزاع هي بيوع صحيحة صدرت ممن يملكها في حين ان السيارة مملوكة له والبيع والتي اجراها المطعون ضدهم عليها صدرت من غير مالك، واذ قضى الحكم المطعون فيه بالغاء الحكم الصادر من محكمة الدرجة الاولى ببطلانها فإنه يكون معيبا بما يستوجب تمييزه.
وحيث ان هذا النعي مردود، ذلك -2- انه لما كان بطلان بيع ملك الغير مقرر لمصلحة المشتري وحده اما بالنسبة للمالك الحقيقي فإن البيع لا ينفذ في حقه الا اذا اقره ومن ثم فإنه لا يكون للطاعن طلب بطلان البيوع التي تمت على السيارة محل النزاع المملوكة له وانما يكون له طلب عدم نفاذها في حقه، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لاسبابه بالحكم المطعون فيه قد قضى للطاعن بثبوت ملكيته للسيارة موضوع النزاع وبمنع تعرض المطعون ضدهم الثلاثة الاول له في ملكيتها، وكان مؤدى القضاء له بثبوت ملكيته للسيارة هو عدم نفاذ التصرفات التي اجراها المطعون ضدهم الثلاثة الاول عليها في حقه فإن الحكم المطعون فيه اذ قضى بالغاء حكم اول درجة الذي ابطل هذه التصرفات يكون قد التزم صحيح القانون ولا يعيبه ما استطرد اليه تزيدا بقوله ان هذه البيوع صدرت ممن يملك السيارة اذ يستقيم قضاء الحكم بدونها ويضحى النعي على غير اساس.
وحيث ان الطاعن ينعي بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول ان الحكم قضى برفض الزام المطعون ضده الرابع بصفته وكيل وزارة الداخلية بالتعويض رغم ان تابعيه قصروا في اداء عملهم بما يوفر ركن الخطا في حقهم ويوفر مسئوليته عن التعويض استنادا الى مسئولية المتبوع عن اعمال التابع، كما قضى برفض طلبه الزام المطعون ضدهم الثلاثة الاول بالتعويض لانتفاء الخطأ في حقهم في حين ان المطعون ضده الثالث ادعى كذبا بأنه اشترى السيارة من شخص يدعى .......... وقام بتسجيلها باسم ............... ثم باعها للمطعون ضده الثاني الذي قرر انه باعها بدون محرك للمطعون ضده الاول ثم ادعى الاخير انه اشترى لها محرك من السعودية وكلها ادعاءات كاذبة لان الثابت بتقرير الخبير ان السيارة محل النزاع والتي ضبطت بحوزة المطعون ضده الاول والمتحفظ عليها بمخزن النيابة العامة هي السيارة رقم 4328 المملوكة له وان محركها هو ذاته محركها الاصلي الامر الذي يوفر مسئوليتهم جميعا عن التعويض، واذ قضى الحكم على خلاف ذلك فإنه يكون معيبا بما يستوجب تمييزه.
وحيث ان النعي في شقه الخاص بالمطعون ضده الرابع بصفته غير مقبول ذلك انه لما كان -3- من المقرر ان استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية عن التعويض من سلطة محكمة الموضوع متى اقامت قضاءها في ذلك على اسباب سائغة تكفي لحمله، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اقام قضاءه برفض الزام المطعون ضده الرابع بالتعويض استنادا الى ان الاوراق قد خلت مما يفيد ان ايا من تابعية قد وقع منه خطا حال ترخيص السيارة باسم المطعون ضده الاول وان السيارة وقت عرضها على ادارة المرور كانت تحمل رقم 7530 وهي نفس اللوحات التي كانت تحملها السيارة المسجلة باسم /............... وقد وافق وكيل ورثته على نقل ملكيتها للمدعى عليه الاول ومن ثم فإن الموافقة على ترخيص السيارة في مثل هذه الظروف لا تعبتره المحكمة خروجا على الوضع العادي للامور، وهي اسباب في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع سائغة ولها اصلها الثابت بالاوراق وكافية لحمل قضاء الحكم في هذا الشأن فإن النعي عليه في خصوص ذلك ينحل الى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية لا تقبل اثارته امام محكمة التمييز، والنعي في شقة المتعلق بمسئولية المطعون ضدهم الثلاثة الاول عن التعويض في محله ذلك انه لما كان البين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد لاسبابه بالحكم المطعون فيه انه اقام قضاءه برفض الزام المطعون ضده الاول بالتعويضات على سند من ان الطاعن سبق وان ادعى قبله مدنيا عندما قدم الى المحاكمة في الجناية رقم 1982 لسنة 1992 بتهمة سرقة سيارة الطاعن وتغيير اجزاء منها ودون اخطار الادارة العامة للمرور وقضت المحكمة ببراءته مما اسند اليه ورفض الدعوى المدنية وبالتالي لا يجوز للطاعن مطالبته بالتعويض مرة اخرى التزاما بحجية ذلك الحكم، كما عرض لطلب الطاعن بالزام المطعون ضده الثاني بالتعويض واطرحه استنادا الى قول الحكم بانه لا يرى في مسلكه بشراء السيارة من المطعون ضده الثاني وبيعها للمطعون ضده الاول ما يعتبر خروجا على السلوك المألوف اذ خلت الاوراق من دليل على انه كان يعلم ان السيارة ملكا للطاعن وليست ملكا للمطعون ضده الثالث، كما الغى الحكم المطعون فيه ما قضى به الحكم الصادر من محكمة اول درجة من الزام المطعون ضده الثالث بالتعويض استنادا الى ان الاوراق قد خلت من دليل على انه سرق سيارة الطاعن او حازها على اي نحو او انه احدث تغييرا في بيانات اجزائها.... لما كان ذلك وكان ما اورده الحكم بالنسبة للمطعون ضده الاول يخالف نص المادة 54 من قانون الاثبات في المواد المدنية والتجارية التي تنص على ان لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي الا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصلة فيها ضروريا، ومع ذلك لا يرتبط بالحكم الصادر بالبراءة الا اذا قام على نفي نسبة الواقعة الى المتهم، وكان البين من مدونات الحكم الصادر في الجناية رقم 1982 لسنة 1992 القاضي ببراءة المطعون ضده الاول من تهمة سرقة سيارة الطاعن وتغيير اجزاء منها دون اخطار الادارة العامة للمرور ورفض الدعوى المدنية المقامة من الطاعن قبل المتهم ان سبب البراءة هو تشكك المحكمة في الدليل ومن ثم فلا يعد ذلك منها قطعا بصحة بلاغ الطاعن او كذبه ولا تكون له حجية امام المحكمة المدنية تمنع الطاعن من مطالبة المطعون ضده الاول بالتعويض عما سببه له من اضرار نتيجة خطئه لاختلاف الاساس القانوني للمطالبة بالتعويض في الحالتين اذ ان موضوع الدعوى المدنية التي تنظرها المحكمة الجزائية تبعا للدعوى الجزائية الفصل في طلب التعويض عن الاضرار التي لحقت بالطاعن نتيجة الجرمية التي رفعت بها الدعوى العمومية وهي السرقة، اما الدعوى الحالية فإن المحكمة تنظر فيما اذا كان الفعل المنسوب للمطعون ضده الاول مع تجرده من صفة الجرمية قد نشأ عنه ضرر للطاعن يصح ان يكون اساسا لمطالبته بالتعويض ام لا - لما كان ذلك وكان الثابت بتقرير الخبير المودع ملف الدعوى رقم 673 لسنة 1994 مدني كلي والتي اقامها الطاعن على المطعون ضده الاول بإثبات ملكيته للسيارة موضوع النزاع ان السيارة التي ضبطت بحيازة المطعون ضد الأول هي السيارة رقم 4328 المملوكة للطاعن وفقدها اثناء الغزو العراقي وان محركها هو ذاته المحرك الاصلي وهو ما ينفي ما زعمه المطعون ضدهم الثلاثة الاول من ان السيارة كانت بدون محرك وما قرره المطعون ضده الثالث من انه اشتراها عام 1988 وفقدها اثناء الغزو ثم وجدها بعده بدون محرك مما يعد خروجا منهم عن السلوك المألوف ويوفر ركن الخطأ في حقهم ويوجب مسئوليتهم عن التعويض فإن الحكم المطعون فيه اذ اغفل تقرير الخبير وذهب في قضائه الى انتفاء مسئوليتهم عن التعويض يكون فضلا عن فساده في الاستدلال قد خالف الثابت بالاوراق بما يوجب تمييزه تمييزا جزئيا فيما قضى به من رفض طلب الطاعن الزام المطعون ضدهم الثلاثة الاول بالتعويض.
وحيث ان موضوع الاستئناف فيما ميز من الحكم صالح للفصل فيه، ولما تقدم واذ كان الحكم المستأنف قد قدر التعويض المستحق للمستأنف في الاستئناف رقم 503 لسنة 1998 مدني بمبلغ ستة آلاف دينار وترى المحكمة مناسبة هذا التقدير لجبر الاضرار التي لحقت به من جراء خطا المستأنف عليهم الثلاثة الأول ومن ثم يتعين تعديل الحكم المستأنف والزامهم متضامنين بهذا المبلغ.