قال ابن الجوزي رحمه الله: «وما زال العلماء الأفاضل يعجبهم الملح ويهشون لها لأنها تجم النفس وتريح القلب من كد الفكر».. ففائدة النوادر والطرائف والفكاهات عظيمة فهي مبعث
على دماثة الخلق، وصفاء في الذهن، وأريحية مستفيضة، فإذا استقصينا نوادر الخلفاء والأمراء والولاة وجدنا أنفسنا إزاء كنز لا تحصى جواهره، وتعرّفنا من خلال ذلك الاستقصاء على حِكَم وعِبَر ودروس في الدين والدنيا، تجلب للنفس الأنس والمرح... في هذه المجموعة، جزء من هذا الكنز الأدبي الذي يضم أجمل ما وقعت عليه طرائف الخلفاء والأمراء.. هذه الباقة لطيفة، جميلة مؤنسة، ملونة بألوان مُشْرقة، واحة تستظل بها النفس من قيظ الصيف...
كان الحجاج بن يوسف الثقفي يستحم في الخليج الفارسي، فشارف على الغرق فأنقذه أحد الأعراب، وعندما حمله إلى البر قال له الحجاج: «اطلُبْ ما تشاء، فطلبك مجاب»!.. فقال الرجل: «ومن أنت حتى تجيب لي أي طلب»؟ قال: «أنا الحجاج الثقفي».. قال له: «طلبي الوحيد أنني سألتك بالله ألا تخبر أحدا بأنني أنقذتك»...
الحجاج والطحان
وقف الحجاج على باب طحان فرأى حمارا يدور بالرحى وفي عنقه جرس فقال للطحان: «لِمَ جعلتَ الجرسَ في عنق الحمار؟»، فقال الطحان: «ربما أدركتْني سآمة أو نُعاس، فإذا لم أسمع صوت الجرس علمت أن الحمار واقفٌ فأحثّه ليستأنف المسير»، فقال الحجاج: «ومن أدراك، فربما وقف وحرّك رأسه بالجرس هكذا؟».. وحرك الحجاج رأسه، فقال الطحان: «ومن أين لي بحمار يكون عقله مثل عقل الأمير؟»!...
الحجاج والأسيران
أتى الحجاج بأسيرين من أصحاب ابن الأشعث، فأمر بقتلهما، فقال أحدهما: «إن لي عندك يدا». قال: «وما هي؟» قال: ذكر ابن الأشعث يوما أمك، فرددت عليه»... فقال: «ومن يشهد لك؟»، قال: «صاحبي هذا». فسأله، فقال: نعم. فقال: «ما منعك أن تفعل كما فعل؟» قال: «بغضك».. قال: «أطلقوا هذا لصدقه، وهذا لفعله، فأطلقوهما»...
بلاغة الحجاج
يقال إنه لما صعد الحجاج المنبرَ في العراق واجتمع الناس تحته، أطال السكوت حتى إن عراقيا يدعى محمد بن عمير أخذ كفا من حصى وأراد أن يرجمه بها، وقال: «قبحه الله ما أعياه وأذمه».. فلما نهض الحجاج وتكلم بما تكلم به سابقا جعل الحصى يتناثر من يده وهو لا يشعر به لما يرى من فصاحته وبلاغته.. ويقال إنه قال في خطبته هذه «إن الله ضرب مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأَنْعُم الله فأذاقها الله لباسَ الجوع والخوف بما كانوا يصنعون»، وأنتم أولئك فاستووا واستقيموا فوالله لأذيقنكم الهوان حتى تدروا ولأعصبنكم عصب السلمة حتى تنقادوا وأقسم بالله لتقبلن على الإنصاف ولتدعن الإرجاف، ولأهبرنكم بالسيف هبرا يدع النساء أيامى والأولاد يتامى حتى تمشوا السمهى وتقلعوا عن ها وها».... إلى غير ذلك، في كلام طويل بليغ غريب يشتمل على وعيد شديد ليس فيه وعد بخير. فلما كان في اليوم الثالث، سمع تكبيرا في السوق فخرج حتى جلس على المنبر فقال: «يا أهل العراق، يا أهل الشقاق والنفاق ومساوئ الأخلاق، إني سمعت تكبيرا في الأسواق ليس بالتكبير الذي يراد به الترغيب ولكنه تكبير يراد به الترهيب، وقد عصفت عجاجة تحتها قصف يا بني اللكيعة وعبيد العصا وأبناء الإماء والأيامى.. ألا يربع كل رجل منكم على ضلعه ويحسن حقن دمه ويبصر موضع قدمه، فأقسم بالله لأوشك أن أوقع بكم وقعة تكون نكالا لما قبلها وأدبا بعدها»...
الحجاج وشاعر التكسب
وقف أعرابي معوج الفم أمام الحجاج، فألقى عليه قصيدة في الثناء عليه التماساً لمكافأة، ولكن الحجاج لم يعطه شيئا وسأله: «ما بال فمك معوجا؟»، فرد الشاعر: «لعله عقوبة من الله لكثرة الثناء بالباطل على بعض الناس»...
الحجاج وقصر السور
كان الحجاج يصلي خلف إمام يطيل في القراءة، فنهره الحجاج أمام الناس، وقال له: «لا تقرأ في الركعة الواحدة إلا بآية واحدة، فصلى بهم المغرب، وبعد أن قرأ الفاتحة قرأ قوله تعالى «وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل»، وبعد أن قرأ الفاتحة في الركعة الثانية قرأ قوله تعالى «ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا»، فقال له الحجاج: «يا هذا طول ما شئت واقرأ ما شئت، غير هاتين الآيتين»...
الحجاج والغلامان الأسود والأبيض
أمر الحجاج اثنين من غلمانه بأن يمثُلا بين يديه وأمر كل واحد منهما بأن يهجو الآخر وكان أحدهما أسود البشرة والثاني أبيضها، فقال صاحب البشرة السوداء׃ «ألَمْ ترَ أنّ المسكَ لا شيءَ مثله وأن بياضَ اللفتٍ حٍمْل بدرهم، وأنّ سوادَ العينٍ لا شك نورُها وأنّ بياضَ العين لا شيءَ فاعلم؟»... فقال صاحب البشرة البيضاء׃ «ألمْ ترَ أن البدرَ لا شيءَ مثله وأن سواد الفحم حِمْل بدرهم وأن رجال الله بيضٌ وجوهُهم ولا شك أنّ السودَ أهلُ جهنم؟».. فضحك الحجاج وأعتقهما معاً...
الحجاج والمرأة والأسرى
جاءت امرأة إلى الحجاج بن يوسف الثقفي تلتمس منه أن يُطلق سراحَ زوجها وأخيها وابنها الذين كان قد أسرهم بعد انتصاره في معركة وادي الجماجم، فقال لها׃ ما دامت لك الشجاعة لتواجهي الأمير فإنني سأقبل أن أفرج عن أحدهم فأيَّهم تختارين؟».. فكرت المرأة، لوهلة، ثم قالت׃ «الزوج موجود والابن مولود والأخ مفقود، أختار الأخ»... فأُعْجب الحجاج بجوابها وأفرج عن الثلاثة...
الحجاج والمرأة الحرورية
لما ولي الحجاج العراق قال: «علي بالمرأة الحرورية! فلما حضرت قال لها: «كنت بالأمس في جانب ابن الزبير تُحرِّضين الناس على قتل رجالي ونهب أموالي؟» قالت: «نعم، قد كان ذلك يا حجاج»، فالتفت الحجاج إلى وزرائه وقال: «ما ترون في أمرها؟» فقالوا: «عجل بقتلها»! فضحكت المرأة، فاغتاظ الحجاج وقال: «ما أضحكك؟» قالت: «وزراء أخيك فرعون خير من وزرائك هؤلاء»... فقال الحجاج: «وكيف ذلك؟» قالت: «لأنه استشارهم في موسى فقالوا: «أرجه وأخاه»، (أي أنظره إلى وقت آخر)، وهؤلاء يسألونك تعجيل قتلي». فضحك الحجاج وأمر لها بعطاء وأطلقها...
الحجاج وهند بنت النعمان
حُكي أن هند بنت النعمان كانت أحسن نساء زمانها، فوصف للحجاج حسنَها فخطبها وبذل لها مالا جزيلا ودخل عليها يوما فوجدها تقول: «وما هند إلا مهرة عربية، سلالة أفراس تحللها بغل،وإن ولدت فحلا فلله درخا، وإن ولدن بغلا فجاء به البغل».. فلما سمع الحجاج كلامها، انصرف راجعا ولم يدخل عليها. ولم تكن قد علمت به، فأراد الحجاج طلاقها، ثم بعد ذلك بلغ الخليفةَ عبدَ الملك بن مروان خبرُها، ووصف له جمالها،فأرسل إليها يخطبها لنفسه، فأرسلت إليه كتابا تقول فيه بعد الثناء عليه: «اعلم يا أمير المؤمنين أن الكلب ولغ في الإناء»... فلما قرأ عبد الملك بن مروان الكتاب ضحك من قولها، وكتب إليها يقول: «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا، إحداهن بالتراب، فغسل الإناء يحل الاستعمال»... فلما قرأت كتاب أمير المؤمنين، لم يمكنها المخالفة فكتبت إليه تقول: «بعد الثناء عليه، اعلم يا أمير المؤمنين أني لا أجري العقد إلا بشرط، فإن قلت: ما الشرط؟ أقل: أن يقود الحجاج محملي من المعرة إلى بلدتك التي أنت فيها ويكون ماشيا حافيا بحليته التي كان فيها».. فلما قرأ عبد الملك ذلك الكتاب، ضحك ضحكا شديدا، وأرسل إلى الحجاج يأمره بذلك. فلما قرأ الحجاج رسالة أمير المؤمنين، أجاب ولم يخالف وامتثل للأمر
على دماثة الخلق، وصفاء في الذهن، وأريحية مستفيضة، فإذا استقصينا نوادر الخلفاء والأمراء والولاة وجدنا أنفسنا إزاء كنز لا تحصى جواهره، وتعرّفنا من خلال ذلك الاستقصاء على حِكَم وعِبَر ودروس في الدين والدنيا، تجلب للنفس الأنس والمرح... في هذه المجموعة، جزء من هذا الكنز الأدبي الذي يضم أجمل ما وقعت عليه طرائف الخلفاء والأمراء.. هذه الباقة لطيفة، جميلة مؤنسة، ملونة بألوان مُشْرقة، واحة تستظل بها النفس من قيظ الصيف...
كان الحجاج بن يوسف الثقفي يستحم في الخليج الفارسي، فشارف على الغرق فأنقذه أحد الأعراب، وعندما حمله إلى البر قال له الحجاج: «اطلُبْ ما تشاء، فطلبك مجاب»!.. فقال الرجل: «ومن أنت حتى تجيب لي أي طلب»؟ قال: «أنا الحجاج الثقفي».. قال له: «طلبي الوحيد أنني سألتك بالله ألا تخبر أحدا بأنني أنقذتك»...
الحجاج والطحان
وقف الحجاج على باب طحان فرأى حمارا يدور بالرحى وفي عنقه جرس فقال للطحان: «لِمَ جعلتَ الجرسَ في عنق الحمار؟»، فقال الطحان: «ربما أدركتْني سآمة أو نُعاس، فإذا لم أسمع صوت الجرس علمت أن الحمار واقفٌ فأحثّه ليستأنف المسير»، فقال الحجاج: «ومن أدراك، فربما وقف وحرّك رأسه بالجرس هكذا؟».. وحرك الحجاج رأسه، فقال الطحان: «ومن أين لي بحمار يكون عقله مثل عقل الأمير؟»!...
الحجاج والأسيران
أتى الحجاج بأسيرين من أصحاب ابن الأشعث، فأمر بقتلهما، فقال أحدهما: «إن لي عندك يدا». قال: «وما هي؟» قال: ذكر ابن الأشعث يوما أمك، فرددت عليه»... فقال: «ومن يشهد لك؟»، قال: «صاحبي هذا». فسأله، فقال: نعم. فقال: «ما منعك أن تفعل كما فعل؟» قال: «بغضك».. قال: «أطلقوا هذا لصدقه، وهذا لفعله، فأطلقوهما»...
بلاغة الحجاج
يقال إنه لما صعد الحجاج المنبرَ في العراق واجتمع الناس تحته، أطال السكوت حتى إن عراقيا يدعى محمد بن عمير أخذ كفا من حصى وأراد أن يرجمه بها، وقال: «قبحه الله ما أعياه وأذمه».. فلما نهض الحجاج وتكلم بما تكلم به سابقا جعل الحصى يتناثر من يده وهو لا يشعر به لما يرى من فصاحته وبلاغته.. ويقال إنه قال في خطبته هذه «إن الله ضرب مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأَنْعُم الله فأذاقها الله لباسَ الجوع والخوف بما كانوا يصنعون»، وأنتم أولئك فاستووا واستقيموا فوالله لأذيقنكم الهوان حتى تدروا ولأعصبنكم عصب السلمة حتى تنقادوا وأقسم بالله لتقبلن على الإنصاف ولتدعن الإرجاف، ولأهبرنكم بالسيف هبرا يدع النساء أيامى والأولاد يتامى حتى تمشوا السمهى وتقلعوا عن ها وها».... إلى غير ذلك، في كلام طويل بليغ غريب يشتمل على وعيد شديد ليس فيه وعد بخير. فلما كان في اليوم الثالث، سمع تكبيرا في السوق فخرج حتى جلس على المنبر فقال: «يا أهل العراق، يا أهل الشقاق والنفاق ومساوئ الأخلاق، إني سمعت تكبيرا في الأسواق ليس بالتكبير الذي يراد به الترغيب ولكنه تكبير يراد به الترهيب، وقد عصفت عجاجة تحتها قصف يا بني اللكيعة وعبيد العصا وأبناء الإماء والأيامى.. ألا يربع كل رجل منكم على ضلعه ويحسن حقن دمه ويبصر موضع قدمه، فأقسم بالله لأوشك أن أوقع بكم وقعة تكون نكالا لما قبلها وأدبا بعدها»...
الحجاج وشاعر التكسب
وقف أعرابي معوج الفم أمام الحجاج، فألقى عليه قصيدة في الثناء عليه التماساً لمكافأة، ولكن الحجاج لم يعطه شيئا وسأله: «ما بال فمك معوجا؟»، فرد الشاعر: «لعله عقوبة من الله لكثرة الثناء بالباطل على بعض الناس»...
الحجاج وقصر السور
كان الحجاج يصلي خلف إمام يطيل في القراءة، فنهره الحجاج أمام الناس، وقال له: «لا تقرأ في الركعة الواحدة إلا بآية واحدة، فصلى بهم المغرب، وبعد أن قرأ الفاتحة قرأ قوله تعالى «وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل»، وبعد أن قرأ الفاتحة في الركعة الثانية قرأ قوله تعالى «ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا»، فقال له الحجاج: «يا هذا طول ما شئت واقرأ ما شئت، غير هاتين الآيتين»...
الحجاج والغلامان الأسود والأبيض
أمر الحجاج اثنين من غلمانه بأن يمثُلا بين يديه وأمر كل واحد منهما بأن يهجو الآخر وكان أحدهما أسود البشرة والثاني أبيضها، فقال صاحب البشرة السوداء׃ «ألَمْ ترَ أنّ المسكَ لا شيءَ مثله وأن بياضَ اللفتٍ حٍمْل بدرهم، وأنّ سوادَ العينٍ لا شك نورُها وأنّ بياضَ العين لا شيءَ فاعلم؟»... فقال صاحب البشرة البيضاء׃ «ألمْ ترَ أن البدرَ لا شيءَ مثله وأن سواد الفحم حِمْل بدرهم وأن رجال الله بيضٌ وجوهُهم ولا شك أنّ السودَ أهلُ جهنم؟».. فضحك الحجاج وأعتقهما معاً...
الحجاج والمرأة والأسرى
جاءت امرأة إلى الحجاج بن يوسف الثقفي تلتمس منه أن يُطلق سراحَ زوجها وأخيها وابنها الذين كان قد أسرهم بعد انتصاره في معركة وادي الجماجم، فقال لها׃ ما دامت لك الشجاعة لتواجهي الأمير فإنني سأقبل أن أفرج عن أحدهم فأيَّهم تختارين؟».. فكرت المرأة، لوهلة، ثم قالت׃ «الزوج موجود والابن مولود والأخ مفقود، أختار الأخ»... فأُعْجب الحجاج بجوابها وأفرج عن الثلاثة...
الحجاج والمرأة الحرورية
لما ولي الحجاج العراق قال: «علي بالمرأة الحرورية! فلما حضرت قال لها: «كنت بالأمس في جانب ابن الزبير تُحرِّضين الناس على قتل رجالي ونهب أموالي؟» قالت: «نعم، قد كان ذلك يا حجاج»، فالتفت الحجاج إلى وزرائه وقال: «ما ترون في أمرها؟» فقالوا: «عجل بقتلها»! فضحكت المرأة، فاغتاظ الحجاج وقال: «ما أضحكك؟» قالت: «وزراء أخيك فرعون خير من وزرائك هؤلاء»... فقال الحجاج: «وكيف ذلك؟» قالت: «لأنه استشارهم في موسى فقالوا: «أرجه وأخاه»، (أي أنظره إلى وقت آخر)، وهؤلاء يسألونك تعجيل قتلي». فضحك الحجاج وأمر لها بعطاء وأطلقها...
الحجاج وهند بنت النعمان
حُكي أن هند بنت النعمان كانت أحسن نساء زمانها، فوصف للحجاج حسنَها فخطبها وبذل لها مالا جزيلا ودخل عليها يوما فوجدها تقول: «وما هند إلا مهرة عربية، سلالة أفراس تحللها بغل،وإن ولدت فحلا فلله درخا، وإن ولدن بغلا فجاء به البغل».. فلما سمع الحجاج كلامها، انصرف راجعا ولم يدخل عليها. ولم تكن قد علمت به، فأراد الحجاج طلاقها، ثم بعد ذلك بلغ الخليفةَ عبدَ الملك بن مروان خبرُها، ووصف له جمالها،فأرسل إليها يخطبها لنفسه، فأرسلت إليه كتابا تقول فيه بعد الثناء عليه: «اعلم يا أمير المؤمنين أن الكلب ولغ في الإناء»... فلما قرأ عبد الملك بن مروان الكتاب ضحك من قولها، وكتب إليها يقول: «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا، إحداهن بالتراب، فغسل الإناء يحل الاستعمال»... فلما قرأت كتاب أمير المؤمنين، لم يمكنها المخالفة فكتبت إليه تقول: «بعد الثناء عليه، اعلم يا أمير المؤمنين أني لا أجري العقد إلا بشرط، فإن قلت: ما الشرط؟ أقل: أن يقود الحجاج محملي من المعرة إلى بلدتك التي أنت فيها ويكون ماشيا حافيا بحليته التي كان فيها».. فلما قرأ عبد الملك ذلك الكتاب، ضحك ضحكا شديدا، وأرسل إلى الحجاج يأمره بذلك. فلما قرأ الحجاج رسالة أمير المؤمنين، أجاب ولم يخالف وامتثل للأمر