قال المحلل السياسي دانييل نيسمان في مقاله على موقع "Middle East Online" المتخصص في شؤون الشرق الأوسط أنه بقي أكثر من شهر على النهاية الرسمية للانتخابات البرلمانية التي تجري في مصر حالياً وهو الوقت المناسب تماماً للمجلس العسكري إذا كان يريد لتأمين نفوذه على الدستور قبل سيطرة الإسلاميين على البرلمان.
حيث أنه يري المجلس الأعلى للقوات المسلحة لديه فرصة أخيرة لقيام بهذا قبل فوات الأوان بعد التقدم الكبير الذي أظهره الإسلاميين في الانتخابات البرلمانية.
ويشير الكاتب إلى اللقاء الذي أجراه أحد أعضاء المجلس العسكري حصرياً مع المراسلين الأجانب في مصر والذي قال فيه أن المجلس العسكري ينوي وضع الخطوط العريضة للدستور الجديد ولن يتركه للإسلاميين ليسيطروا عليه بشكل كامل، بعد أقل من شهر من اندلاع مظاهرات ضخمة بسبب سيطرة الجيش على الأمور الآن الفرصة متاحة أمام المجلس العسكري للضغط في مساعيه لفرض نفوذه على الدستور الجديد.
وهي الفرصة التي تأتي من خلال طريقة من اثنين وهي إما ترك الإسلاميين مع اختيار تعطيل العملية الانتخابية أو الحصول على وعد من الإسلاميين بالتخلي عن أفكارهم المتزمتة.
ويوضح الكاتب أنه منذ الاستفتاء الذي تم أجرائه في مارس الماضي حول التعديلات الدستورية وطالما كانت سيطرة المجلس العسكري على وضع التشريعات والدستور الجديد سبباً وراء التوترات في البلاد خاصة مع التيارات الإسلامية في مصر وقد وصلت هذه التوترات إلى ذروتها في نوفمبر الماضي عندما رفضت حكومة عصام شرف التراجع عن المبادئ فوق الدستورية وفجرت مظاهرات عارمة قام بها الإخوان المسلمين ثم تحولت إلى ثورة عارمة في كافة أرجاء مصر كادت أن تتسبب في تأجيل الانتخابات البرلمانية.
ويذكر أن هذه المبادئ كانت ستضع حدوداً فعالة على أية سلطة في أي برلمان يقوده الإسلاميون في المستقبل، وحتى الآن تعتبر أداة في يد المجلس العسكري لضمان مستقبل مصر كدولة علمانية وكذلك الحكم الذاتي في وضع الميزانية الخاصة بالقوات المسلحة المصرية.
ويقول نيسمان أن المرحلة الأولي من الانتخابات سببت قلقاً كبيراً في مصر وفي باقي العالم من إمكانية سيطرة الإسلاميين على الحكم في مصر حيث أن التيارات الإسلامية حصلت على 60% من المقاعد في المرحلة الأولي وسيحققون المزيد والمزيد في المرحلتين الثانية والثالثة، وفي نفس الوقت أدركت الآن القوي الليبرالية في مصر والتي كثيراً ما عارضت المجلس العسكري أن الجيش هو الملاذ الوحيد لضمان علمانية وديمقراطية المستقبل السياسي في مصر، كما أن السيطرة الإسلامية أفزعت الغرب الذي كان يشارك المتظاهرين منذ ثلاثة أسابيع في المطالبة برحيل المجلس العسكري وترك السلطة لحكومة مدنية.
ويري الكاتب أن الخطوة التي قام بها المجلس العسكري بأن شكل مجلس استشاري مدني قد تفيده كثيراًً في إمكانية وضع دستور جديد للبلاد قبل سيطرة الإسلاميين على الوضع في مصر من خلال سيطرتهم شبه الكاملة على البرلمان بعد الانتخابات.
وفي نفس الوقت أوقفت جماعة الإخوان المسلمين تعاملها مع المجلس العسكري وقاطع أعضائها المجلس الاستشاري الذي شكله المجلس العسكري، لأن الخوان الآن لديها الكثير لتخسره في حالة نشوب اضطراب سياسي في البلاد ومع الذكر أن الإخوان عارضت العنف الذي تحول إليه أخر اضطراب سياسي نتيجة أنه كان من الممكن أن تتأجل المرحلة الأولي للانتخابات التي هي فرصتها للسيطرة على الوضع من خلال البرلمان.
والآن يمكن للمجلس العسكري الاستفادة من مخاوف الليبراليين من السيطرة الإسلامية واستخدام أدواتها السياسية المتبقية لتفعيل دستور جديد للبلاد قبل أن يحصل البرلمان الذي يقوده الإخوان على القوة اللازمة لمنع هذا الأمر.
أما بالنسبة للإخوان فإن تصرفاتهم الهادئة خلال الانتخابات مازالت تشير إلى أنهم مازالوا يؤمنون أن الانتخابات البرلمانية هي أنسب وسيلة للوصول للحكم.
وبالطبع اللجوء إلى الاضطرابات ومخاوف الحرب الأهلية يخالف صورتهم المنشودة كحركة إسلامية سياسية صبورة.
وبالرغم من تصريحاتهم المتضاربة والمخاوف المتبادلة من تجدد الاضطرابات، يبدو واضحاً أن كلا من المجلس العسكري و الإسلاميين لا يزالوا غير مستعدين لتقديم تنازلات عن للسيطرة علي الدستور الجديد لمصر.
وفي نهاية مقاله يقول الكاتب الذي يعمل بمركز "Max Security Solutions" المتخصص في تقديم حلول للمخاطر السياسية في الشرق الأوسط أن مستقبل مصر كدولة إسلامية أو ليبرالية لا يزال معلقاً في الميزان فلمن ستكون الكفة الرابحة؟.