بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود
الدكرورى. نائب رئيس مجلس الدولة. وعضوية السادة الأساتذة/ محمد مجدى محمد
خليل وعويس عبد الوهاب عويس وحسنى سيد محمد أبو جبل وعلى عوض محمد صالح.
المستشارين.
* إجراءات الطعن
فى يوم الأحد الموافق 21/12/1986 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة
عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها
العام تحت رقم 227 لسنة 33 ق عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى
بالمنصورة بجلسة 23/101986 فى الدعوى رقم 1827 لسنة 6ق والذى قضى بقبول
الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وبإلزام جهة الإدارة
المدعى عليها بأن تؤدى للمدعى مبلغا مقداره (2000) جنيه ألفان من الجنيهات
والزمت جهة الإدارة المصاريف.
وطلب الطاعنون فلا ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وبإلغاء
الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات عن درجتى
التقاضى.
وأعلن تقرير الطعن للمطعون ضده، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا
بالرأى القانونى اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع برفضه
وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 6/1/1992 وبعد
تداوله قررت الدائرة بجلسة 25/5/1992 احالته إلى المحكمة الإدارية العليا
(الدائرة الثانية) التى نظرته بجلسة 27/6/1992 والجلسات التالية أو بجلسة
3/10/1993 قدم الحاضر عن الطاعنين مذكرة بالدفاع اختتمها بالطلبات المبينة
بتقرير الطعن وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه قررت بجلسة
23/1/1993 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة
على أسبابه لدى النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونا فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أنه
بتاريخ 16/5/1984 أقام المطعون ضده دعواه ابتداء أمام محكمة القضاء الإدارى
بالقاهرة التى قررت إحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة للاختصاص
وطالب المدعى فى ختام عريضة دعواه الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 12
بتاريخ 6/3/1984 فيما تضمنه من إلغاء التصريح السابق منحه له بمزاولة مهنة
الطب البيطرى فى غير أوقات العمل الرسمية وإلزام المدعى عليهم بتعويضه
بمبلغ خمسين ألف جنيه عن الأضرار المادية والأدبية التى حاقت بها من جراء
هذا القرار.
وقال المدعى شرحا لدعواه أنه حصل على ترخيص بمزاولة مهنة الطب البيطرى
فى غير أوقات العمل الرسمية وقام بتجهيز عيادة كلفته الكثير من الجهد
والمال واستثرت أوضاعه على هذا الأساس ثم فوجئ بصدور قرار مديرية الزراعة
ببورسعيد المطعون فيه بإلغاء التصريح السابق منحه له لمزاولة المهنة، ونعى
المدعى على هذا القرار صدوره مشوبا بإساءة استعمال السلطة لأنه لم ينسب
إليه تقصير فى عمله فضلا عن مخالفته القانون وردت جهة الإدارة على الدعوى
بإيداع مذكرة دفاع خلصت بها إلى طلب رفض الدعوى على أساس أن المصلحة العامة
اقتضت إلغاء التصريح السابق منحه للمدعى لمزاولة مهنة الطب البيطرى وبجلسة
23/10/1986 قضت محكمة القضاء الإدارى بالحكم المطعون فيه وشيدت قضاءها على
أن القرار المطعون فيه لم يقم على سبب صحيح يبرره وأن ما ذكرته جهة
الإدارة تبريرا لقرارها لا يعدو أن يقول قولا مرسلا لا يؤيده دليل وبالتالى
لا يكون القرار المطعون فيه قد صدر على سبب غير صحيح متعين الإلغاء وعن
طلب التعويض ذهبت المحكمة إلى أن ركن الخطأ يتوافر فى جانب الجهة الإدارية
بعد أن ثبت عدم مشروعية القرار المطعون فيه وكذلك ركن الضرر إذ أن القرار
المطعون فيه قد حرم المدعى من ممارسة العمل فى عيادته فى غير أوقات العمل
الرسمية مدة تزيد على العامين بعد أن جهز العيادة وهو ما ترتب عليه حرمانه
من مصدر من مصادر دخله طيلة هذه المدة فضلا عما صاحب غلق عيادته من ضرر
معنوى وإذ تحققت رابطة السببية بين الخطأ والضرر لذلك يتعين إجابة المدعى
إلى طلب التعويض وقررت المحكمة له تعويضا مقداره ألفان من الجنيهات.
ومن ثم أن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ
فى تطبيقه وتأويله ذلك أن القرار محل الطعن صدر على أسباب صحيحة إذا اقتضته
المصلحة العامة لمرفق الطب البيطرى الذى يقوم على تنمية ورعاية الثروة
الحيوانية وأن إ’طاء الإدارة للعاملين بها تراخيص مزاولة مهنتهم فى غير
أوقات العمل الرسمية من الأمور التى تدخل فى السلطة التقديرية ومن
الملاءمات المتروكة لها كما أن إعطاء مثل هذه التراخيص لا يكسب المرخص له
حقا مؤيدا فى مزاولة المهنة فى غير أوقات العمل الرسمية وإنما يجوز لجهة
الإدارة فى أى وقت أن تلغى هذا الترخيص أو سحبه طالما استوجبت ذلك متطلبات
العمل ما دام أن تصرفها قد خلا من شائبة سوء استعمال السلطة وأضاف الطاعنون
أن مزاولة بعض الأطباء البيطريين للمهنة فى غير أوقات العمل الرسمية قد
هدد تنمية الثروة الحيوانية بمدينة بور سعيد فنتيجة عدم تفرغ الأطباء
البيطريين بالمحافظة وهو ما أكدته الجهات المختصة فى ردها على الدعوى ولم
يوضحه المدعى وبخاصة أنه لم يثبت أن مصدر القرار كان دافعه التحامل على
المدعى مما يبرأ القرار من عيب إساءة استعمال السلطة ومن ذلك ينتفى ركن
الخطأ ويكون الحكم بتعويض المطعون ضده قد جانبه الصواب وبالنسبة للضرر فإن
التصريح للمدعى بمزاولة المهنة ليس حقا مكتسبا له فضلا عن أنه يتقاضى حوافز
بدلا من غلق عيادته مما يجعل التعويض من قبيل الإثراء بلا سبب الأمر الذى
يأباه القانون وانتهى الطاعنون إلى طلب الحكم بطلباتهم السابق بيانها.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تخلص فى أن المطعون ضده يشغل وظيفة طبيب
بيطرى بمديرية الزراعة بمحافظة بورسعيد وبتاريخ 29/11/1981. أصدر مدير عام
الزراعة بتفويض من المحافظ- القرار رقم 40 بالتصريح للمطعون ضده بمزاولة
مهنة الطب البيطرى فى غير أوقات العمل الرسمية وقد زاول المهنة بعد هذا
التاريخ إلى أن اصدر مدير عام الزراعة القرار المطعون فيه بتاريخ 6/3/1984
متضمنا إلغاء التصريح السابق منحه للمطعون ضده بمزاولة مهنة الطب البيطرى
فى غير أوقات العمل الرسمية وقد أفصحت جهة الإدارة فى مقام دفاعها وفى
عريضة الطعن عن أن السبب فى إصدار القرار المطعون فيه يتمثل فى أن مزاولة
بعض الأطباء البيطريين لمهنة الطب البيطرى فى غير أوقات العمل الرسمية قد
هدد تنمية الثروة الحيوانية بمدينة بورسعيد نتيجة عدم تفرغ الأطباء
البيطريين بالمحافظة.
ومن حيث أن المادة (77) من قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر
بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على “يحظر على العامل: 1- …………..2- أن يؤدى
أعمالا للغير بأجر أو مكافأة ولو فى غير أوقات العمل الرسمية إلا بإذن من
السلطة المختصة.
ومن حيث انه مقتضى هذا النص أن التصريح للعامل أو الإذن له بالعمل فى
غير أوقات العمل الرسمية أو استمراره أو تجديده هو من الملاءمات التى تترخص
فيها الجهة المختصة حسب مقتضيات ظروف العمل وأوضاع المصلحة العامة بلا
معقب عليها فى هذا الشأن طالما خلا قرارها من إساءة استعمال السلطة إلا أن
هذا القرار شأنه شان سائر القرارات الإدارية يجب أن يقوم على أسباب تبرره
صدقا وحقا فى الواقع وفى القانون كركن من أركان انعقاده باعتباره تصرفا
قانونيا ولا يقوم أى تصرف قانونى بغير سبب والسبب فى القرار الإدارى هو
حالة واقعية أو قانونية تحمل الإدارة على التدخل بقصد إحداث أثر قانونى محل
القرار ابتغاء وجه الصالح العام الذى هو غاية القرار وإذا ما ذكرت الإدارة
لقرارها أسبابا فإنها تكون خاضعة لرقابة القضاء الإدارى للتحقق من مدى
مطابقتها للقانون أو عدم مطابقتها له، وأثر ذلك فى النتيجة التى انتهى
إليها القرار وهذه الرقابة تجد حدها الطبيعى فى التحقيق مما إذا كانت هذه
النتيجة مستخلصة استخلاصا سائغا من أصول نتيجتها ماديا وقانونيا فإذا كانت
منتزعة من غير أصول موجودة أو كانت مستخلصة من أصول لا تنتجها كان القرار
فاقدا لركن من أركانه وهو ركن السبب ووقع مخالفا للقانون فإذا ترتب عليه
ضرر وقامت علاقة السببية بين الخطأ والضرر تحققت مسئولية الإدارة من تعويض
المتضرر عن الضرر الذى أصابه.
ومن حيث أن الواضح أن الأسباب التى أسند إليها قرار الإدارة بإلغاء
التصريح السابق منحه للمدعى بالعمل فى غير أوقات العمل الرسمية جاءت أقوالا
مرسلة لا دليل عليها ولا تستند إلى أصول ثابتة فى الأوراق أخذا فى
الاعتبار أنه لا يوجد بملف خدمة المدعى أو بالتقارير السنوية التى أعدت عنه
خاصة خلال فترة التصريح له بمزاولة المهنة ما يثبت إخلاله بواجباته
الوظيفية أو إهماله فى أداء عمله أو يثنيه أو يمس سمعته فضلا عن أن الإدارة
لما قدمت بيانا بحالته الوظيفية يثبت فيه أن تقريره عن السنوات 81/82/1983
بدرجة ممتاز وانه لم توقع عليه جزاءات خلال هذه الفترة الأمر الذى يستشف
منه سلامة مسلك المدعى فى أدائه عمله الرسمى وان عمله فى غير أوقات العمل
الرسمية لم يؤثر على عمله الرسمى بل قد ورد بأحد هذه التقارير ما نصه “انه
من الأطباء المشهود لهم بالكفاءة فى العمل وقد تعاون مع المديرية وكان
نشاطه واضحا خاصة أثناء مشروع مكافحة الدرن البقرى ومكافحة وحماية المحافظة
من مرض الطاعون البقرى وكل ما كلف به من أعمال أخرى” وذلك مما لا يتفق مع
ما أبدته جهة الإدارة من أسباب قرارها المطعون فيه حيث لم يتأكد- وجود أى
تعارض بين عمل المدعى الرسمى فى عمله وفى غير أوقات العمل الرسمية وهو ما
يؤدى إلى عدم صحة الأسباب التى استندت أليها الإدارة ومن ثم يكون قرارها
محل الطعن الصادر بإلغاء التصريح السابق منحه للمدعى لممارسته مهنته فى غير
الأوقات الرسمية قد انتزع من غير أصول موجودة ويقع بذلك مخالفا للقانون
حريا بالإلغاء، وإذ لحقت بالمدعى أضرارا من جراء صدور هذا القرار لأنه إلى
ما قبل صدوره استمر مزاولا مهنته فى عيادته الخاصة التى جهزها بماله وقد
حرمه القرار من عائد تشغيلها الأمر الذى أضر به ضررا يستحق معه تعويضا عنه
ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون
فيه وإجابة المدعى إلى تعويضه بالمبلغ الذى قدرته له على النحو المبين
بالحكم المطعون فيه وهو تقدير تشاركه هذه المحكمة فيه باعتباره مناسبا لمدى
الضرر وملائما مع عناصره ومن ثم فانه يتعين والحالة هذه القضاء برفض الطعن
وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عملا بحكم المادة 184 مرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود
الدكرورى. نائب رئيس مجلس الدولة. وعضوية السادة الأساتذة/ محمد مجدى محمد
خليل وعويس عبد الوهاب عويس وحسنى سيد محمد أبو جبل وعلى عوض محمد صالح.
المستشارين.
* إجراءات الطعن
فى يوم الأحد الموافق 21/12/1986 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة
عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها
العام تحت رقم 227 لسنة 33 ق عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى
بالمنصورة بجلسة 23/101986 فى الدعوى رقم 1827 لسنة 6ق والذى قضى بقبول
الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وبإلزام جهة الإدارة
المدعى عليها بأن تؤدى للمدعى مبلغا مقداره (2000) جنيه ألفان من الجنيهات
والزمت جهة الإدارة المصاريف.
وطلب الطاعنون فلا ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وبإلغاء
الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات عن درجتى
التقاضى.
وأعلن تقرير الطعن للمطعون ضده، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا
بالرأى القانونى اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع برفضه
وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 6/1/1992 وبعد
تداوله قررت الدائرة بجلسة 25/5/1992 احالته إلى المحكمة الإدارية العليا
(الدائرة الثانية) التى نظرته بجلسة 27/6/1992 والجلسات التالية أو بجلسة
3/10/1993 قدم الحاضر عن الطاعنين مذكرة بالدفاع اختتمها بالطلبات المبينة
بتقرير الطعن وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه قررت بجلسة
23/1/1993 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة
على أسبابه لدى النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونا فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أنه
بتاريخ 16/5/1984 أقام المطعون ضده دعواه ابتداء أمام محكمة القضاء الإدارى
بالقاهرة التى قررت إحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة للاختصاص
وطالب المدعى فى ختام عريضة دعواه الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 12
بتاريخ 6/3/1984 فيما تضمنه من إلغاء التصريح السابق منحه له بمزاولة مهنة
الطب البيطرى فى غير أوقات العمل الرسمية وإلزام المدعى عليهم بتعويضه
بمبلغ خمسين ألف جنيه عن الأضرار المادية والأدبية التى حاقت بها من جراء
هذا القرار.
وقال المدعى شرحا لدعواه أنه حصل على ترخيص بمزاولة مهنة الطب البيطرى
فى غير أوقات العمل الرسمية وقام بتجهيز عيادة كلفته الكثير من الجهد
والمال واستثرت أوضاعه على هذا الأساس ثم فوجئ بصدور قرار مديرية الزراعة
ببورسعيد المطعون فيه بإلغاء التصريح السابق منحه له لمزاولة المهنة، ونعى
المدعى على هذا القرار صدوره مشوبا بإساءة استعمال السلطة لأنه لم ينسب
إليه تقصير فى عمله فضلا عن مخالفته القانون وردت جهة الإدارة على الدعوى
بإيداع مذكرة دفاع خلصت بها إلى طلب رفض الدعوى على أساس أن المصلحة العامة
اقتضت إلغاء التصريح السابق منحه للمدعى لمزاولة مهنة الطب البيطرى وبجلسة
23/10/1986 قضت محكمة القضاء الإدارى بالحكم المطعون فيه وشيدت قضاءها على
أن القرار المطعون فيه لم يقم على سبب صحيح يبرره وأن ما ذكرته جهة
الإدارة تبريرا لقرارها لا يعدو أن يقول قولا مرسلا لا يؤيده دليل وبالتالى
لا يكون القرار المطعون فيه قد صدر على سبب غير صحيح متعين الإلغاء وعن
طلب التعويض ذهبت المحكمة إلى أن ركن الخطأ يتوافر فى جانب الجهة الإدارية
بعد أن ثبت عدم مشروعية القرار المطعون فيه وكذلك ركن الضرر إذ أن القرار
المطعون فيه قد حرم المدعى من ممارسة العمل فى عيادته فى غير أوقات العمل
الرسمية مدة تزيد على العامين بعد أن جهز العيادة وهو ما ترتب عليه حرمانه
من مصدر من مصادر دخله طيلة هذه المدة فضلا عما صاحب غلق عيادته من ضرر
معنوى وإذ تحققت رابطة السببية بين الخطأ والضرر لذلك يتعين إجابة المدعى
إلى طلب التعويض وقررت المحكمة له تعويضا مقداره ألفان من الجنيهات.
ومن ثم أن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ
فى تطبيقه وتأويله ذلك أن القرار محل الطعن صدر على أسباب صحيحة إذا اقتضته
المصلحة العامة لمرفق الطب البيطرى الذى يقوم على تنمية ورعاية الثروة
الحيوانية وأن إ’طاء الإدارة للعاملين بها تراخيص مزاولة مهنتهم فى غير
أوقات العمل الرسمية من الأمور التى تدخل فى السلطة التقديرية ومن
الملاءمات المتروكة لها كما أن إعطاء مثل هذه التراخيص لا يكسب المرخص له
حقا مؤيدا فى مزاولة المهنة فى غير أوقات العمل الرسمية وإنما يجوز لجهة
الإدارة فى أى وقت أن تلغى هذا الترخيص أو سحبه طالما استوجبت ذلك متطلبات
العمل ما دام أن تصرفها قد خلا من شائبة سوء استعمال السلطة وأضاف الطاعنون
أن مزاولة بعض الأطباء البيطريين للمهنة فى غير أوقات العمل الرسمية قد
هدد تنمية الثروة الحيوانية بمدينة بور سعيد فنتيجة عدم تفرغ الأطباء
البيطريين بالمحافظة وهو ما أكدته الجهات المختصة فى ردها على الدعوى ولم
يوضحه المدعى وبخاصة أنه لم يثبت أن مصدر القرار كان دافعه التحامل على
المدعى مما يبرأ القرار من عيب إساءة استعمال السلطة ومن ذلك ينتفى ركن
الخطأ ويكون الحكم بتعويض المطعون ضده قد جانبه الصواب وبالنسبة للضرر فإن
التصريح للمدعى بمزاولة المهنة ليس حقا مكتسبا له فضلا عن أنه يتقاضى حوافز
بدلا من غلق عيادته مما يجعل التعويض من قبيل الإثراء بلا سبب الأمر الذى
يأباه القانون وانتهى الطاعنون إلى طلب الحكم بطلباتهم السابق بيانها.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تخلص فى أن المطعون ضده يشغل وظيفة طبيب
بيطرى بمديرية الزراعة بمحافظة بورسعيد وبتاريخ 29/11/1981. أصدر مدير عام
الزراعة بتفويض من المحافظ- القرار رقم 40 بالتصريح للمطعون ضده بمزاولة
مهنة الطب البيطرى فى غير أوقات العمل الرسمية وقد زاول المهنة بعد هذا
التاريخ إلى أن اصدر مدير عام الزراعة القرار المطعون فيه بتاريخ 6/3/1984
متضمنا إلغاء التصريح السابق منحه للمطعون ضده بمزاولة مهنة الطب البيطرى
فى غير أوقات العمل الرسمية وقد أفصحت جهة الإدارة فى مقام دفاعها وفى
عريضة الطعن عن أن السبب فى إصدار القرار المطعون فيه يتمثل فى أن مزاولة
بعض الأطباء البيطريين لمهنة الطب البيطرى فى غير أوقات العمل الرسمية قد
هدد تنمية الثروة الحيوانية بمدينة بورسعيد نتيجة عدم تفرغ الأطباء
البيطريين بالمحافظة.
ومن حيث أن المادة (77) من قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر
بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على “يحظر على العامل: 1- …………..2- أن يؤدى
أعمالا للغير بأجر أو مكافأة ولو فى غير أوقات العمل الرسمية إلا بإذن من
السلطة المختصة.
ومن حيث انه مقتضى هذا النص أن التصريح للعامل أو الإذن له بالعمل فى
غير أوقات العمل الرسمية أو استمراره أو تجديده هو من الملاءمات التى تترخص
فيها الجهة المختصة حسب مقتضيات ظروف العمل وأوضاع المصلحة العامة بلا
معقب عليها فى هذا الشأن طالما خلا قرارها من إساءة استعمال السلطة إلا أن
هذا القرار شأنه شان سائر القرارات الإدارية يجب أن يقوم على أسباب تبرره
صدقا وحقا فى الواقع وفى القانون كركن من أركان انعقاده باعتباره تصرفا
قانونيا ولا يقوم أى تصرف قانونى بغير سبب والسبب فى القرار الإدارى هو
حالة واقعية أو قانونية تحمل الإدارة على التدخل بقصد إحداث أثر قانونى محل
القرار ابتغاء وجه الصالح العام الذى هو غاية القرار وإذا ما ذكرت الإدارة
لقرارها أسبابا فإنها تكون خاضعة لرقابة القضاء الإدارى للتحقق من مدى
مطابقتها للقانون أو عدم مطابقتها له، وأثر ذلك فى النتيجة التى انتهى
إليها القرار وهذه الرقابة تجد حدها الطبيعى فى التحقيق مما إذا كانت هذه
النتيجة مستخلصة استخلاصا سائغا من أصول نتيجتها ماديا وقانونيا فإذا كانت
منتزعة من غير أصول موجودة أو كانت مستخلصة من أصول لا تنتجها كان القرار
فاقدا لركن من أركانه وهو ركن السبب ووقع مخالفا للقانون فإذا ترتب عليه
ضرر وقامت علاقة السببية بين الخطأ والضرر تحققت مسئولية الإدارة من تعويض
المتضرر عن الضرر الذى أصابه.
ومن حيث أن الواضح أن الأسباب التى أسند إليها قرار الإدارة بإلغاء
التصريح السابق منحه للمدعى بالعمل فى غير أوقات العمل الرسمية جاءت أقوالا
مرسلة لا دليل عليها ولا تستند إلى أصول ثابتة فى الأوراق أخذا فى
الاعتبار أنه لا يوجد بملف خدمة المدعى أو بالتقارير السنوية التى أعدت عنه
خاصة خلال فترة التصريح له بمزاولة المهنة ما يثبت إخلاله بواجباته
الوظيفية أو إهماله فى أداء عمله أو يثنيه أو يمس سمعته فضلا عن أن الإدارة
لما قدمت بيانا بحالته الوظيفية يثبت فيه أن تقريره عن السنوات 81/82/1983
بدرجة ممتاز وانه لم توقع عليه جزاءات خلال هذه الفترة الأمر الذى يستشف
منه سلامة مسلك المدعى فى أدائه عمله الرسمى وان عمله فى غير أوقات العمل
الرسمية لم يؤثر على عمله الرسمى بل قد ورد بأحد هذه التقارير ما نصه “انه
من الأطباء المشهود لهم بالكفاءة فى العمل وقد تعاون مع المديرية وكان
نشاطه واضحا خاصة أثناء مشروع مكافحة الدرن البقرى ومكافحة وحماية المحافظة
من مرض الطاعون البقرى وكل ما كلف به من أعمال أخرى” وذلك مما لا يتفق مع
ما أبدته جهة الإدارة من أسباب قرارها المطعون فيه حيث لم يتأكد- وجود أى
تعارض بين عمل المدعى الرسمى فى عمله وفى غير أوقات العمل الرسمية وهو ما
يؤدى إلى عدم صحة الأسباب التى استندت أليها الإدارة ومن ثم يكون قرارها
محل الطعن الصادر بإلغاء التصريح السابق منحه للمدعى لممارسته مهنته فى غير
الأوقات الرسمية قد انتزع من غير أصول موجودة ويقع بذلك مخالفا للقانون
حريا بالإلغاء، وإذ لحقت بالمدعى أضرارا من جراء صدور هذا القرار لأنه إلى
ما قبل صدوره استمر مزاولا مهنته فى عيادته الخاصة التى جهزها بماله وقد
حرمه القرار من عائد تشغيلها الأمر الذى أضر به ضررا يستحق معه تعويضا عنه
ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون
فيه وإجابة المدعى إلى تعويضه بالمبلغ الذى قدرته له على النحو المبين
بالحكم المطعون فيه وهو تقدير تشاركه هذه المحكمة فيه باعتباره مناسبا لمدى
الضرر وملائما مع عناصره ومن ثم فانه يتعين والحالة هذه القضاء برفض الطعن
وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عملا بحكم المادة 184 مرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات