بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود
الدكرورى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة / عويس عبد
الوهاب عويس ومحمد أبو الوفا عبد المتعال وأحمد أمين حسان محمد ود. محمد
عبد البديع عسران. نواب رئيس مجلس الدولة.
* إجراءات الطعن
بتاريخ 12/7/1988 أودع الأستاذ/ مختار هلالى المحامى قلم كتاب المحكمة
الإدارية العليا، تقرير الطعن الماثل بصفته وكيلاً عن الطاعنين بموجب توكيل
عام رسمى رقم 1625 لسنة 1988 مكتب توثيق الوايلى ضد النيابة الإدارية في
الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة بجلسة 28/5/1988 فالدعوى
التأديبية رقم 40 لسنة 29 ق والذى قضى بمعاقبة الطاعنين بخفض أجورهم
بمقدار علاوة واحدة، وطلب الطاعنون في ختام تقرير الطعن وللأسباب الواردة
به الحكم بقبوله شكلاً وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه
وما يتريب على ذلك من آثار- وإلزام الجهة الإدارية المصروفات والأتعاب.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدها.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسببا بالرأى القانونى انتهت فيه إلى الإقتراح بالحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 21/6/1989 التى
قررت بجلسة 20/6/1990 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا- الدائرة الثالثة
لنظره بجلسة 9/10/1990 حيث تدوول نظره على النحو الوارد في محاضر الجلسات
وبجلسة 14/1/1992 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم لجلسة 31/3/1992 ثم قررت مد
أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته مشتمله على أسبابه
عند النطق به.
* المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن إستوفى أوضاعه الشكلية، فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ
14/1/1987 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 40 لسنة 29 قضائية
بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة متضمنة تقريراً
بإتهام:
1- …….. ضابط بضائع بمؤسسة مصر الطيران. درجة ثالثة
2- …….. مدير إدارة تنشيط البضائع بالمؤسسة المذكورة. درجة أولى
3- …….. أخصائية شئون أفراد بالمؤسسة المذكورة. درجة أولى
4- …….. محاسب بقسم الإستحقاقات بالمؤسسة. درجة ثانية
5- …….. أخصائية شئون أفراد بالمؤسسة. درجة ثالثة
6- …….. أخصائى ثالث شئون أفراد. درجة ثالثة
7- …….. أخصائى شئون أفراد بالمؤسسة. درجة ثالثة
أنهم في المدة من 28/6/1975 حتى 4/9/1986 خرجوا على مقتضى الواجب الوظيفى بأن:
الأول:- 1- أنقطع عن العمل دون إذن أو مبرر قانونى في غير حدود الإجازات المقررة قانوناً في الفترة المشار إليها سلفاً.
2- أستولى دون وجه حق على مبلغ 13954.880 جنيهاً عبارة عن إجمالى ما صرف غليه كمرتب طوال فترة إنقطاعه مع علمه بعد أحقيته به.
الثانى: قصر في متابعة إنتظام حضور الأول لمقر العمل مما أدى إلى عدم
إكتشاف واقعة إنقطاعه عن العمل طوال الفترة المشار إليها والإستيلاء على
المبلغ المذكور في البند السابق.
الثالثة: أدرجت أسم الأول بنماذج مستحقى الحوافز رغم خلو كشوف الحوافز
الواردة إليها من القطاع التجارى التابع له المذكور من إسمه وقد سهل له ذلك
الإستيلاء على مبلغ 1874 جنيهاً كحوافز دون وجه حق.
الرابع: قصر في مراجعة مستندات صرف الحوافز المشار إليها قبل الصرف فلم
يكتشف الخطأ في إدارج اسم المتهم الأول بها مما سهل استيلاءه على الحوافز
المشار إليها.
الخامسة: قصرت في مراجعة كشوف ومستندات الحوافز بعد الصرف مما أدى إلى صرف الأول للحوافز التى إستولى عليها دون وجه حق.
السادسة: قصرت في متابعة ورود التقارير الدورية الخاصة بالمتهم الأول
خلال الفترة من 1975 بدء تاريخ إنقطاعه عن العمل حتى عام 1981 مما أدى إلى
تقرير صرف علاوة دورية له دون وجه حق وعدم إكتشاف إنقطاعه عن العمل في
حينه.
2- أعدت مذكره بإستحقاق المتهم الأول للترقية دون الرجوع إلى ملف خدمته
للتأكد من أحقيته لهذه الترقية الأمر الذى ترتب عليه ترقيته عام 1979 دون
وجه حق برغم إنقطاعه عن العمل بصفة مستمره الفترة المشار إليها بالأوراق.
السابع: قصر في اتخاذ الإجراءات القانونية حيال ما ورد إليه من غدارة
البضائع والبريد عام 1981 من أن المتهم الأول لا يعمل بها مما ساهم في
التراخى في إكتشاف إنقطاعه عن العمل دون إذن وإستيلائه على المبالغ المشار
إليها.
ورأت النيابة الإدارية أن المذكورين قد ارتكبوا المخالفات الإدارية
والمالية المنصوص عليها بالمواد 62،76،78/41،80 من قانون نظام العاملين
بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978- وطلبت محاكماتهم تأديبياً
طبقاً للمواد المذكورة والمادتين 82،84/3 من ذات القانون والمادة 14 من
القانون رقم117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات
التأديبية المعدل بالقانون رقم 171 لسنة 1981 والمادة الأولى من القانون
رقم 19 لسنة 1959 بشأن سريان أحكام قانون النيابة الإدارية والمحاكمات
التأديبية على العاملين بالمؤسسات والهيئات العامة والشركات والجمعيات
والهيئات الخاصة والمعدل بالقانون رقم 172 لسنة 1981 والمادتين 15،19 من
القانون من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
ونظرت المحكمة الدعوى على النحو الموضح بمحاضر جلساتها وبجلسة 28/5/1988
حكمت بمعاقبة الأول بالفصل من الخدمة، وبمعاقبة الثالثة والرابع والخامسة
والسادسة والسابع بخفض أجورهم بمقدار علاوة واحدة، وبتغريم الثانى مبلغ
مائتى جنيه.
وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للطاعنين على أنه فيما يتعلق بالمخالفة
المنسوبة للمتهمة الثالثة (الطاعنة الأولى) فإنها ثابتة في حقها حسبما ورد
بأقوال كل من أحمد مجدى يحيى وعز الدين عبد العزيز صادق وأحمد عبد المنعم
محمد ومن ثم فإنه يتعين مساءلتها تأديبياً عن ذلك- وبالنسبة للمخالفة
المسندة إلى المتهمة الخامسة (الطاعنة الثانية) فإنها ثابتة في حقها حسبما
ورد بأقوال عز الدين عبد العزيز صادق وحمد محمد عبد المجيد ومن ثم فإنه
يتعين مساءلتها تأديبياً عن ذلك، وبالنسبة للمخالفة المسندة للمتهمة
السادسة (الطاعنة الثالثة) فإنها ثابتة في حقها حسبما ورد بأقوال كل من عبد
السلام محمد سويدان وسيد على حنفى وعبد الرحمن خضر محمد محمد موسى ومصطفى
أحمد يوسف ومحمد محمد عبد المجيد ومن ثم فإنه يتعين مساءلتها تأديبياً عن
ذلك وبالنسبة للمخالفة المسندة للمتهم السابع (الطاعن الرابع) فإنها ثابتة
في حقه حسبما ورد بأقوال كل من عالية عونى وحنفى وعبد المنعم بهجت الطوافى
ونادية محمد توفيق وعبد الرحمن خضر محمد وأمال عبد الخالق عفيفى ومن ثم
فإنه يتعين مساءلته تأديبياً عنها.
وإذا لم يرتض الطاعنون ما انتهت إيه المحكمة بقضائها السابق فقد أقاموا
الطعن الماثل تأسيساً على مخالفته حكم القانون للأسباب الأتية:
أولا: صدور الحكم المطعون فيه باطلا لقصوره في التسبب، ذلك لأن ما أورده
الحكم المطعون فيه كدليل على ثبوت المخالفات المنسوبة إلى الطاعنين لا
يحقق الغرض الذى إستلزمه المشرع من وجوب تسبيب كل حكم صادر بالإدانة في
المحاكم التأديبية شأنها في ذلك شأن الأحكام الجنائية فمن المقرر أنه يجب
أن تكون مدونات الحكم كافية بذاتها لإيضاح أن المحكمة حين قضت في الدعوى
بالإدانة قد ألمت إلماماً صحيحاً بمعنى الأدلة القائمة فيها وأنها تبينت
الأساس الذى تقوم عليه شهادة كل شاهد، أما وضع الحكم بصيغة غامضة ومبهمة
فإنه لا يحقق الغرض الذى قصده الشارع من تسبيب الأحكام ويغل يد المحكمة
العليا من مراقبة صحة تطبيق القانون. هذا بالإضافة إلى أن المحكمة
التأديبية أدانت الطاعنين دون بيان ماهية الخطأ أو الإهمال الواقع منهم على
نحو تتحقق به أركان الجريمة كما أوردت أسماء شهود دون بيان لمؤدى شهادتهم
من واقع أوراق الدعوى وما دار بشأنها من تحقيقات.
ثانياً: إنعدام الحكم المطعون فيه للبطلان في إجراءات المحاكمة ذلك أنه
من المقرر قانوناً إن إعلان إجراءات المحاكمة التأديبية يكون في محل المعلن
إليه أو فى مقر عمله طبقاً لحكم المادة 34،38 من قانون مجلس الدولة رقم 47
لسنة 1978 واستثناء من هذا الأصل يجوز الإعلان في مواجهة النيابة العامة
إذا لم يكن للمعان إليه موطن معلوم ومن ثم لا يجوز اللجوء إلى هذا الطريق
الإستثنائى إلا بعد تحريات دقيقة وكافية للإهتداء إلى محل إقامة المعلن
إليه أو مقر عمله- ويترتب على مخالفة ذلك الإجراء البطلان عملاً بحكم
المادة 19 من قانون المرافعات- ولقد استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا
على ذلك ولما كان الطاعنون لم يعلنوا طبقاً لحكم القانون بقرار إحالتهم إلى
المحكمة التأديبية ولم يخطروا بجلسات المحاكمة فمن ثم فإن الحكم المطعون
فيه يكون قد شابه عيب في الإجراءات يؤدى إلى بطلانه- الأمر الذى يتعين معه
إلغاء الحكم وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية لإعادة محاكمتهم والفصل
فيها مجدداً بهيئة أخرى.
ثالثاً: صدور الحكم المطعون فيه مشوباً بعيب عدم تناسب العقوبة الواردة
به مع المخالفة المنسوبة للطاعنين ذلك لأنه بالرجوع إلى أوراق الدعوى
والتحقيقات التى تمت بشأنها يبين بجلاء أنه ليس ثمة خطأ مباشر منسوب إلى
الطاعنين وأن كل ما هو منسوب إليهم مجرد إحتمالاات وظنون لا تؤكد نسبة
الخطأ أو الإهمال إلى أى منهم وذلك من واقع أقوال الشهود الذين سمعت
أقوالهم بالتحقيقات.
رابعاً: صدور الحكم المطعون فيه باطلاً للخطأ في الإسناد فضلاً عن
الفساد في الإستدلال فلقد إستدل الحكم على نسبة الخطأ إلى الطاعنة الأولى
من أقوال شاهد لم ترد بالتحقيقات حيث قرر أنه لا يعلم شيئاً عن هذا الموضوع
وأن شهادته سماعية بعد حصول الواقعة، كما أن الأقوال التى وردت بشأنها لا
يمكن من خلالها نسبة خطأ أو إهمال إليها- وكذلك الأمر بالنسبة لباقى
الطاعنين- وبالتالى تضحى إدانة الطاعنين غير قائمة على أساس من الواقع.
خامساً: صدور الحكم المطعون فيه باطلاً لإخلاله بحق الدفاع، فقد تقدم
الحاضر عن الطاعنين بحافظة مستندات تثبت عدم مسئوليتهم عن الإهمال أو
التقصير ولم يودر الحكم أى ردعلى هذه المستندات سواء بالرفض أو القبول- وهو
يعتبر إخلالاً بحق الدفاع يؤدى إلى بطلان الحكم- هذا فضلاً عن أن الحكم
المطعون فيه ألتفت عن دفاع الطاعنين بسقوط الدعوى التأديبية بالتقادم.
وخلص الطاعنون إلى الطلبات المبينة بصدر هذا الحكم.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول و الرابع والخامس من أوجه الطعن والتى تنعى
على الحكم المطعون فيه أنه مشوب بالقصور في التسبيب والفساد في الإستدلال
وعدم تعرضه للحجج والأسانيد التى أوردها الطاعنون بمذكراتهم وإغفال الرد
على ما جاء بالمستندات المقدمة من الطاعنين فإن ذلك كله مردود عليه بما
إستقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا من أنه يكفى أن تورد المحكمة
الأدلة الواقعية والحجج القانونية التى أوردها الخصوم في ثنايا أسباب الحكم
التى تكلفت بالرد عليها كما يكفى أيضاً لسلامة الحكم أن يكون مقاماً على
أسباب تستقيم معه ويلزم أن يتعقب حجج الخصوم في جميع مناحى أقوالهم
إستقلالاً ثم يفندها تفصيلاً الواحدة تلو الأخرى وإذا كان الحكم المطعون
فيه إستعرض واقعات النزاع وحدد المخالفة المنسوبة إلى كل من الطاعنين على
حدة ثم إستعرض أقوال الشهود بشأن هذه الواقعات ورد على ما يستأهل من أوجه
الدفاع وخلص إلى النتيجة التى إنتهت غليها فمن ثم لا يكون ثمة قصور في
التسبيب يؤدى إلى بطلان الحكم.
ومن حيث إنه عن الوجه الثانى من أوجه الطعن والذى يصم الحكم المطعون فيه
بالإنعدام لبطلان إجراءات المحاكمة حيث لم يعلن الطاعنون بقرار إحالتهم
إلى المحكمة التأديبية ولم يخطروا بجلسات المحاكمة- فإن ذلك مردود عليه بأن
الثابت بمحاضر جلسات المحكمة التأديبية أن الطاعنين مثلوا أمام المحكمة
بوكيل عنهم معظم جلسات المحاكمة ومن المقرر فقهاً وقضاء أن حضور جلسات
المحاكمة يصحح العيب الذى يكون قد شاب الإعلان وبالتالى يغدو ذلك الوجه
للطعن غير قائم على سند صحيح جديراً برفضه.
ومن حيث إنه عن الوجه الثالث من أوجه الطعن والذى يقوم على أن الحكم
المطعون فيه معيب بعيب التناسب بين المخالفة المسندة إلى الطاعنين والعقوبة
الموقعة عليهم- فإن ذلك مردود بما إستقر عليه قضاء المحكمة الإدارية من أن
للمحكمة التأديبية سلطة تقدير خطورة الذنب الإدارى وما يناسبه من جزاء
بدون معقب عليها في ذلك بشرط ألا يشوب إستعمالها غلو ومن صور هذا الغلو عدم
الملاءمة الظزاهرة بين درجة خطورة الذنب وبين نوع الجزاء ومقداره.
ولما كان الجزاء الموقع على الطاعنين لا يشوبه الغلو بالنظر إلى
المخالفات المنسوبة إليهم والتى تنم عن الإهمال الجسيم والإخلال بمقتضيات
الوظيفة وواجباتها وعلى النحو الذى إستظهره الحكم المطعون فيه بمدوناته عند
تحديده العقوبة التى حددها، فمن ثم يغدو ذلك الوجه للطعن غير قائم بدوره
على أساس سليم جديراً برفضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه تناول على وجه سائغ وسديد الرد على أثاره
المتهمون من سقوط الدعوى التأديبية ضدهم بالتقادم مشيراً إلى أن ما يثبت في
حق المتهم الأول يشكل جريمة مستمرة انتهت عام 1985 كما يشكل جريمة قضائية
لم تسق الدعوى العمومية عنها، مما يقطع بالنسبة للمعاقبة ومن ثم لا يكون
صحيحاً ما ساقه الطاعنون من أن الحكم الطعين التفت عن دفاعهم بسقوط الدعوى
التأديبية ضدهم بالتقادم.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم يكون الطعن الماثل مفتقداً أى سند من صحيح القانون حقيقاً بالرفض
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود
الدكرورى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة / عويس عبد
الوهاب عويس ومحمد أبو الوفا عبد المتعال وأحمد أمين حسان محمد ود. محمد
عبد البديع عسران. نواب رئيس مجلس الدولة.
* إجراءات الطعن
بتاريخ 12/7/1988 أودع الأستاذ/ مختار هلالى المحامى قلم كتاب المحكمة
الإدارية العليا، تقرير الطعن الماثل بصفته وكيلاً عن الطاعنين بموجب توكيل
عام رسمى رقم 1625 لسنة 1988 مكتب توثيق الوايلى ضد النيابة الإدارية في
الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة بجلسة 28/5/1988 فالدعوى
التأديبية رقم 40 لسنة 29 ق والذى قضى بمعاقبة الطاعنين بخفض أجورهم
بمقدار علاوة واحدة، وطلب الطاعنون في ختام تقرير الطعن وللأسباب الواردة
به الحكم بقبوله شكلاً وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه
وما يتريب على ذلك من آثار- وإلزام الجهة الإدارية المصروفات والأتعاب.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدها.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسببا بالرأى القانونى انتهت فيه إلى الإقتراح بالحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 21/6/1989 التى
قررت بجلسة 20/6/1990 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا- الدائرة الثالثة
لنظره بجلسة 9/10/1990 حيث تدوول نظره على النحو الوارد في محاضر الجلسات
وبجلسة 14/1/1992 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم لجلسة 31/3/1992 ثم قررت مد
أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته مشتمله على أسبابه
عند النطق به.
* المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن إستوفى أوضاعه الشكلية، فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ
14/1/1987 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 40 لسنة 29 قضائية
بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة متضمنة تقريراً
بإتهام:
1- …….. ضابط بضائع بمؤسسة مصر الطيران. درجة ثالثة
2- …….. مدير إدارة تنشيط البضائع بالمؤسسة المذكورة. درجة أولى
3- …….. أخصائية شئون أفراد بالمؤسسة المذكورة. درجة أولى
4- …….. محاسب بقسم الإستحقاقات بالمؤسسة. درجة ثانية
5- …….. أخصائية شئون أفراد بالمؤسسة. درجة ثالثة
6- …….. أخصائى ثالث شئون أفراد. درجة ثالثة
7- …….. أخصائى شئون أفراد بالمؤسسة. درجة ثالثة
أنهم في المدة من 28/6/1975 حتى 4/9/1986 خرجوا على مقتضى الواجب الوظيفى بأن:
الأول:- 1- أنقطع عن العمل دون إذن أو مبرر قانونى في غير حدود الإجازات المقررة قانوناً في الفترة المشار إليها سلفاً.
2- أستولى دون وجه حق على مبلغ 13954.880 جنيهاً عبارة عن إجمالى ما صرف غليه كمرتب طوال فترة إنقطاعه مع علمه بعد أحقيته به.
الثانى: قصر في متابعة إنتظام حضور الأول لمقر العمل مما أدى إلى عدم
إكتشاف واقعة إنقطاعه عن العمل طوال الفترة المشار إليها والإستيلاء على
المبلغ المذكور في البند السابق.
الثالثة: أدرجت أسم الأول بنماذج مستحقى الحوافز رغم خلو كشوف الحوافز
الواردة إليها من القطاع التجارى التابع له المذكور من إسمه وقد سهل له ذلك
الإستيلاء على مبلغ 1874 جنيهاً كحوافز دون وجه حق.
الرابع: قصر في مراجعة مستندات صرف الحوافز المشار إليها قبل الصرف فلم
يكتشف الخطأ في إدارج اسم المتهم الأول بها مما سهل استيلاءه على الحوافز
المشار إليها.
الخامسة: قصرت في مراجعة كشوف ومستندات الحوافز بعد الصرف مما أدى إلى صرف الأول للحوافز التى إستولى عليها دون وجه حق.
السادسة: قصرت في متابعة ورود التقارير الدورية الخاصة بالمتهم الأول
خلال الفترة من 1975 بدء تاريخ إنقطاعه عن العمل حتى عام 1981 مما أدى إلى
تقرير صرف علاوة دورية له دون وجه حق وعدم إكتشاف إنقطاعه عن العمل في
حينه.
2- أعدت مذكره بإستحقاق المتهم الأول للترقية دون الرجوع إلى ملف خدمته
للتأكد من أحقيته لهذه الترقية الأمر الذى ترتب عليه ترقيته عام 1979 دون
وجه حق برغم إنقطاعه عن العمل بصفة مستمره الفترة المشار إليها بالأوراق.
السابع: قصر في اتخاذ الإجراءات القانونية حيال ما ورد إليه من غدارة
البضائع والبريد عام 1981 من أن المتهم الأول لا يعمل بها مما ساهم في
التراخى في إكتشاف إنقطاعه عن العمل دون إذن وإستيلائه على المبالغ المشار
إليها.
ورأت النيابة الإدارية أن المذكورين قد ارتكبوا المخالفات الإدارية
والمالية المنصوص عليها بالمواد 62،76،78/41،80 من قانون نظام العاملين
بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978- وطلبت محاكماتهم تأديبياً
طبقاً للمواد المذكورة والمادتين 82،84/3 من ذات القانون والمادة 14 من
القانون رقم117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات
التأديبية المعدل بالقانون رقم 171 لسنة 1981 والمادة الأولى من القانون
رقم 19 لسنة 1959 بشأن سريان أحكام قانون النيابة الإدارية والمحاكمات
التأديبية على العاملين بالمؤسسات والهيئات العامة والشركات والجمعيات
والهيئات الخاصة والمعدل بالقانون رقم 172 لسنة 1981 والمادتين 15،19 من
القانون من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
ونظرت المحكمة الدعوى على النحو الموضح بمحاضر جلساتها وبجلسة 28/5/1988
حكمت بمعاقبة الأول بالفصل من الخدمة، وبمعاقبة الثالثة والرابع والخامسة
والسادسة والسابع بخفض أجورهم بمقدار علاوة واحدة، وبتغريم الثانى مبلغ
مائتى جنيه.
وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للطاعنين على أنه فيما يتعلق بالمخالفة
المنسوبة للمتهمة الثالثة (الطاعنة الأولى) فإنها ثابتة في حقها حسبما ورد
بأقوال كل من أحمد مجدى يحيى وعز الدين عبد العزيز صادق وأحمد عبد المنعم
محمد ومن ثم فإنه يتعين مساءلتها تأديبياً عن ذلك- وبالنسبة للمخالفة
المسندة إلى المتهمة الخامسة (الطاعنة الثانية) فإنها ثابتة في حقها حسبما
ورد بأقوال عز الدين عبد العزيز صادق وحمد محمد عبد المجيد ومن ثم فإنه
يتعين مساءلتها تأديبياً عن ذلك، وبالنسبة للمخالفة المسندة للمتهمة
السادسة (الطاعنة الثالثة) فإنها ثابتة في حقها حسبما ورد بأقوال كل من عبد
السلام محمد سويدان وسيد على حنفى وعبد الرحمن خضر محمد محمد موسى ومصطفى
أحمد يوسف ومحمد محمد عبد المجيد ومن ثم فإنه يتعين مساءلتها تأديبياً عن
ذلك وبالنسبة للمخالفة المسندة للمتهم السابع (الطاعن الرابع) فإنها ثابتة
في حقه حسبما ورد بأقوال كل من عالية عونى وحنفى وعبد المنعم بهجت الطوافى
ونادية محمد توفيق وعبد الرحمن خضر محمد وأمال عبد الخالق عفيفى ومن ثم
فإنه يتعين مساءلته تأديبياً عنها.
وإذا لم يرتض الطاعنون ما انتهت إيه المحكمة بقضائها السابق فقد أقاموا
الطعن الماثل تأسيساً على مخالفته حكم القانون للأسباب الأتية:
أولا: صدور الحكم المطعون فيه باطلا لقصوره في التسبب، ذلك لأن ما أورده
الحكم المطعون فيه كدليل على ثبوت المخالفات المنسوبة إلى الطاعنين لا
يحقق الغرض الذى إستلزمه المشرع من وجوب تسبيب كل حكم صادر بالإدانة في
المحاكم التأديبية شأنها في ذلك شأن الأحكام الجنائية فمن المقرر أنه يجب
أن تكون مدونات الحكم كافية بذاتها لإيضاح أن المحكمة حين قضت في الدعوى
بالإدانة قد ألمت إلماماً صحيحاً بمعنى الأدلة القائمة فيها وأنها تبينت
الأساس الذى تقوم عليه شهادة كل شاهد، أما وضع الحكم بصيغة غامضة ومبهمة
فإنه لا يحقق الغرض الذى قصده الشارع من تسبيب الأحكام ويغل يد المحكمة
العليا من مراقبة صحة تطبيق القانون. هذا بالإضافة إلى أن المحكمة
التأديبية أدانت الطاعنين دون بيان ماهية الخطأ أو الإهمال الواقع منهم على
نحو تتحقق به أركان الجريمة كما أوردت أسماء شهود دون بيان لمؤدى شهادتهم
من واقع أوراق الدعوى وما دار بشأنها من تحقيقات.
ثانياً: إنعدام الحكم المطعون فيه للبطلان في إجراءات المحاكمة ذلك أنه
من المقرر قانوناً إن إعلان إجراءات المحاكمة التأديبية يكون في محل المعلن
إليه أو فى مقر عمله طبقاً لحكم المادة 34،38 من قانون مجلس الدولة رقم 47
لسنة 1978 واستثناء من هذا الأصل يجوز الإعلان في مواجهة النيابة العامة
إذا لم يكن للمعان إليه موطن معلوم ومن ثم لا يجوز اللجوء إلى هذا الطريق
الإستثنائى إلا بعد تحريات دقيقة وكافية للإهتداء إلى محل إقامة المعلن
إليه أو مقر عمله- ويترتب على مخالفة ذلك الإجراء البطلان عملاً بحكم
المادة 19 من قانون المرافعات- ولقد استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا
على ذلك ولما كان الطاعنون لم يعلنوا طبقاً لحكم القانون بقرار إحالتهم إلى
المحكمة التأديبية ولم يخطروا بجلسات المحاكمة فمن ثم فإن الحكم المطعون
فيه يكون قد شابه عيب في الإجراءات يؤدى إلى بطلانه- الأمر الذى يتعين معه
إلغاء الحكم وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية لإعادة محاكمتهم والفصل
فيها مجدداً بهيئة أخرى.
ثالثاً: صدور الحكم المطعون فيه مشوباً بعيب عدم تناسب العقوبة الواردة
به مع المخالفة المنسوبة للطاعنين ذلك لأنه بالرجوع إلى أوراق الدعوى
والتحقيقات التى تمت بشأنها يبين بجلاء أنه ليس ثمة خطأ مباشر منسوب إلى
الطاعنين وأن كل ما هو منسوب إليهم مجرد إحتمالاات وظنون لا تؤكد نسبة
الخطأ أو الإهمال إلى أى منهم وذلك من واقع أقوال الشهود الذين سمعت
أقوالهم بالتحقيقات.
رابعاً: صدور الحكم المطعون فيه باطلاً للخطأ في الإسناد فضلاً عن
الفساد في الإستدلال فلقد إستدل الحكم على نسبة الخطأ إلى الطاعنة الأولى
من أقوال شاهد لم ترد بالتحقيقات حيث قرر أنه لا يعلم شيئاً عن هذا الموضوع
وأن شهادته سماعية بعد حصول الواقعة، كما أن الأقوال التى وردت بشأنها لا
يمكن من خلالها نسبة خطأ أو إهمال إليها- وكذلك الأمر بالنسبة لباقى
الطاعنين- وبالتالى تضحى إدانة الطاعنين غير قائمة على أساس من الواقع.
خامساً: صدور الحكم المطعون فيه باطلاً لإخلاله بحق الدفاع، فقد تقدم
الحاضر عن الطاعنين بحافظة مستندات تثبت عدم مسئوليتهم عن الإهمال أو
التقصير ولم يودر الحكم أى ردعلى هذه المستندات سواء بالرفض أو القبول- وهو
يعتبر إخلالاً بحق الدفاع يؤدى إلى بطلان الحكم- هذا فضلاً عن أن الحكم
المطعون فيه ألتفت عن دفاع الطاعنين بسقوط الدعوى التأديبية بالتقادم.
وخلص الطاعنون إلى الطلبات المبينة بصدر هذا الحكم.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول و الرابع والخامس من أوجه الطعن والتى تنعى
على الحكم المطعون فيه أنه مشوب بالقصور في التسبيب والفساد في الإستدلال
وعدم تعرضه للحجج والأسانيد التى أوردها الطاعنون بمذكراتهم وإغفال الرد
على ما جاء بالمستندات المقدمة من الطاعنين فإن ذلك كله مردود عليه بما
إستقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا من أنه يكفى أن تورد المحكمة
الأدلة الواقعية والحجج القانونية التى أوردها الخصوم في ثنايا أسباب الحكم
التى تكلفت بالرد عليها كما يكفى أيضاً لسلامة الحكم أن يكون مقاماً على
أسباب تستقيم معه ويلزم أن يتعقب حجج الخصوم في جميع مناحى أقوالهم
إستقلالاً ثم يفندها تفصيلاً الواحدة تلو الأخرى وإذا كان الحكم المطعون
فيه إستعرض واقعات النزاع وحدد المخالفة المنسوبة إلى كل من الطاعنين على
حدة ثم إستعرض أقوال الشهود بشأن هذه الواقعات ورد على ما يستأهل من أوجه
الدفاع وخلص إلى النتيجة التى إنتهت غليها فمن ثم لا يكون ثمة قصور في
التسبيب يؤدى إلى بطلان الحكم.
ومن حيث إنه عن الوجه الثانى من أوجه الطعن والذى يصم الحكم المطعون فيه
بالإنعدام لبطلان إجراءات المحاكمة حيث لم يعلن الطاعنون بقرار إحالتهم
إلى المحكمة التأديبية ولم يخطروا بجلسات المحاكمة- فإن ذلك مردود عليه بأن
الثابت بمحاضر جلسات المحكمة التأديبية أن الطاعنين مثلوا أمام المحكمة
بوكيل عنهم معظم جلسات المحاكمة ومن المقرر فقهاً وقضاء أن حضور جلسات
المحاكمة يصحح العيب الذى يكون قد شاب الإعلان وبالتالى يغدو ذلك الوجه
للطعن غير قائم على سند صحيح جديراً برفضه.
ومن حيث إنه عن الوجه الثالث من أوجه الطعن والذى يقوم على أن الحكم
المطعون فيه معيب بعيب التناسب بين المخالفة المسندة إلى الطاعنين والعقوبة
الموقعة عليهم- فإن ذلك مردود بما إستقر عليه قضاء المحكمة الإدارية من أن
للمحكمة التأديبية سلطة تقدير خطورة الذنب الإدارى وما يناسبه من جزاء
بدون معقب عليها في ذلك بشرط ألا يشوب إستعمالها غلو ومن صور هذا الغلو عدم
الملاءمة الظزاهرة بين درجة خطورة الذنب وبين نوع الجزاء ومقداره.
ولما كان الجزاء الموقع على الطاعنين لا يشوبه الغلو بالنظر إلى
المخالفات المنسوبة إليهم والتى تنم عن الإهمال الجسيم والإخلال بمقتضيات
الوظيفة وواجباتها وعلى النحو الذى إستظهره الحكم المطعون فيه بمدوناته عند
تحديده العقوبة التى حددها، فمن ثم يغدو ذلك الوجه للطعن غير قائم بدوره
على أساس سليم جديراً برفضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه تناول على وجه سائغ وسديد الرد على أثاره
المتهمون من سقوط الدعوى التأديبية ضدهم بالتقادم مشيراً إلى أن ما يثبت في
حق المتهم الأول يشكل جريمة مستمرة انتهت عام 1985 كما يشكل جريمة قضائية
لم تسق الدعوى العمومية عنها، مما يقطع بالنسبة للمعاقبة ومن ثم لا يكون
صحيحاً ما ساقه الطاعنون من أن الحكم الطعين التفت عن دفاعهم بسقوط الدعوى
التأديبية ضدهم بالتقادم.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم يكون الطعن الماثل مفتقداً أى سند من صحيح القانون حقيقاً بالرفض
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.