روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    طرق التعويض وتقديره

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    طرق التعويض وتقديره Empty طرق التعويض وتقديره

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود السبت سبتمبر 01, 2012 3:14 pm

    طرق التعويض وتقديره

    أن التعويض الذي يستحقه المتضرر من جراء النشر الصحفي المتضمن قذفا أو أنتهاكاً للخصوصية قد يكون - وطبقاً للقواعد العامة - تعويضا عينيا يتمثل بأعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل وقوع الأخلال بالالتزام الذي نشأ عنه الضرر ، وقد يكون تعويضا بمقابل يتجسد في صورة مبلغ من النقود وهذا هو التعويض النقدي أو في صورة أداء أمر معين وهذا هو التعويض غير النقدي (1) .
    والتعويض سواء كأن عينيا
    أو بمقابل يتطلب تقديره تحديد الوقت الذي يقدر فيه الضرر وما هي العوامل التي يجب على المحكمة أن تأخذها بالأعتبار عند تقديرها للتعويض المستحق .
    ولتوضيح هذه الأمور فأن هذا المبحث سيقسم إلى مطلبين نتناول في أولهما طرق التعويض ، وفي ثانيهما تقدير التعويض .

    طــرق التعويض
    أن التعويض كما ذكرنا أما أن يكون عينياً وأما أن يكون تعويضاً بمقابل . ونتناول هذين النوعين في فرعين مستقلين نخصص أولهما للتعويض العيني ، ونعالج في ثانيهما التعويض بمقابل.

    الفرع الأول
    التعويض العيني

    لاشك في أن المتضرر يسعى إلى الحصول على التعويض الذي يزيل الضرر الذي أصابه أو يخفف من وطأته قدر الأمكان ، وقد يجد المتضرر في التعويض العيني خير وسيلة لجبر الضرر لأن من شأن هذا النوع من التعويض أن يعيده إلى الحالة التي كان عليها قبل وقوع الضرر(1) ، بحيث تكون النتيجة التي يصبوا إليها المتضرر من الحكم بهذا التعويض هو إزالة الضرر ومحو آثاره . ولكن السؤال الذي يطرح هنا ، هل يصلح التعويض العيني في قضايا القذف والتشهير أو في قضايا أنتهاك الخصوصيات في إزالة الضرر الذي أصاب بحيث تزول آثار الفعل الضار الذي ارتكبه الصحفي ولم يبق منه سوى الذكرى ؟
    الواقع وكما هو معلوم أن الضرر الذي نشأ عن أخلال الصحفي بالتزاماته قد يكون ضررا ماديا وقد يكون ضررا أدبيا ، فقد ينشر الصحفي مقالا ينسب إلى شركه بخلاف الواقع بأنها تمارس وسائل أحتيالية في ممارسة نشاطها مما يؤدي إلى إصابتها بضرر مادي يتمثل في إنخفاض أقيام أسهمها أو يؤدي إلى تعذر حصولها على المواد اللازمة لممارسة نشاطها ، فينخفض أنتاجها أو يشير الصحفي من خلال مقاله إلى قصه لمؤلف بطريقه مشوهه مما يؤدي إلى عدم أقتناء الناس لها أو يقوم بنشر صوره لفنانه دون إذنها مما يفوت عليها المكاسب المادية التي كانت ستحصل عليها لو تعاقدت على نشر صورتها لما تتمتع به بسبب سحرها وجمالها من قيمة تجارية ففي مثل هذه الأحوال يجوز الحكم بالتعويض العيني من خلال أعاده نشر المقال عن الشركة المتضررة بطريقة ينفي عنها استعمالها
    للوسائل الأحتيالية ، أو نشر المقال الذي يشير إلى الرواية وبأسلوب يزيل التشويه عنها (1) ، ويمكن أن يلزم الصحفي أيضا بنشر مقاله ثانية والأشارة إلى مؤلف الرواية إذا كان الصحفي قد أغفل أسمه عندما أشار إلى الرواية في مقاله (2) ، إضافة إلى أن المحاكم قد تمنع التداول في حالات ما إذا كأن المساس بالحق يتم عن طريق النشر بصفة عامة فوقف التداول بعد النشر يعتبر بنظر جانب من الفقه بمثابة استئصال الداء من جذوره (3) . فيكون التعويض هنا من جنس الضرر وبالتالي تتحقق المصلحة التي يرمي إليها المدعي ، بيد أن الضرر قد يكون أدبيا وهو الغالب في دعاوى التشهير وأنتهاك الخصوصيات وبالتالي فأنه يتعذر أعاده الحال إلى ما كانت عليه قبل وقوع الضرر ، بخلاف الأضرار المادية التي يمكن تعويضها تعويضا عينيا ولذلك ذهب جانب من الفقه إلى أن المبدأ القاضي بأعادة الحال إلى ما كانت عليه سابقا restitution in ntgerum يعتبر خير وسيلة للتعويض في قضايا الأضرار المادية ، غير أن الأمر مختلف في قضايا التعويض عن الأضرار الأدبية الناشئة عن التشهير لأن الأضرار التي تلحق بسمعة الشخص لا يمكن محو آثارها وأعادتها إلى ما كانت عليه قبل وقوع الضرر(1) ، فالذي يشهر به لا يكون بوسعه أن يحصــل على تعويض يعادل سمـعته المتـضـرره (2).
    ويكون بوسع محاكمنا أن تحكم بالتعويض العيني عن الضرر المادي استنادا إلى النصوص الواردة في قانون العقوبات لمنع الصحيفة من التداول حيث يجوز للمحكمة أن تأمر بضبط كل الكتابات والرسوم وغيرها من طرق التعبير مما يكون قد أعـّد للبيع أو التوزيع أو العرض أو يكون قد بيع أو وزع أو عرض فعلا(3). فضبط الكتابات والمطبوعات يحمل معنى المنع من التداول إذا كان من شأن تلك المطبوعات أو العبارات أن تكون جناية أو جنحة . ولكن يمكن القول بأن الحماية المقررة بموجب هذا النص غير كافيه لأن حكمه لا يطبق إلاّ إذا كونت العبارة جريمة ، فإذا لم تتوافر أركان الجريمة فلا يمكن اللجوء إلى تطبيقها . كما يمكن الأفادة من أحكام قانون حماية حق المؤلف رغم أنه لايتعلق بالحياة الخاصة بل يتعلق بالحياة العامة ولكنها أجازت لمحكمة البداءة في حالة الاعتداء على حق المؤلف أن تأمر بحجز المصنف الأصلي إذا نشر أو أعيد نشره بوجه غير مشروع (4) .
    كما أن قانون المطبوعات أجاز تعطيل المطبوعات إذا نشرت فيها أموراً من شأنها التعرض للغير مما يعتبر تشهيراً أو قذفا في أشخاصهم لذاتها أو أنتهاكاً لحرمة الآداب والقيم الخلقية العامة (5). إلاّ أن الحماية هنا تقتصر على القذف والتشهير ولاتتناول حالة أنتهاك الخصوصيات وهذا يعني أن الصحف لاتمنع من التداول إذا أشارت في أخبارها إلى خصوصيات الأفراد . الأمر الذي يدعونا ثانية إلى التأكيد على ضرورة أن يتضمن القانون المدني أحكاما تعطي لمن يقع عليه اعتداءاً غير مشروع في حق من حقوقه الشخصية أن يطالب بوقف هذا الاعتداء بحيث يكون هذا النص أساساً لوقف الاعتداء على الحقوق الملازمة للشخصية سواء كان هذا الضرر قد أصاب السمعة أو اقتصر على كشف الخصوصيات . في الوقت الذي توافرت فيه هذه الحماية القانونية لللقب حيث يجوز لمن أنتحل الغير لقبه أن يطالب بوقف الاعتداء وأن يطلب التعويض إذا لحقه ضرر من ذلك (1). ومع ذلك يجوز للمحكمة أن تستند إلى ما ورد في عجز المادة 209/2 من القانون المدني (2)، وتحكم بأعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل وقوع الضرر من خلال ما تأمر به من وقف الاعتداء على السمعة أو الخصوصيات إذ يعتبر ذلك وبحق تعويضاً عينياً للضرر الذي يصيب السمعة أو الحياة الخاصة.
    ويذهب جانب من الفقه إلى اعتبار الحق في الرد والتصحيح صورة من صور التعويض العينـي (3).
    وقد أشرنا إلى هذا الحق الذي كفلته قوانين الصحافة لكل شخص تعرضت له الصحيفة بأن يذكر الأيضاحات أو يصحح بعض الأمور الخاطئة ، أو الرد على ما نشرته تلك الصحيفة واعتبرناه كحق للأشخاص يقابل الحق في الأعلام الذي يتمتع به الصحفي . ويمكن القول أن حق الرد أو حق التصحيح إذا كان له دور مهم في مجال القذف الصحفي الماس بسمعة الشخص أو شرفه أو كرامته بحيث يمكّنه من تصحيح المعلومات المنشورة في أعداد لاحقه من الصحيفه ذاتها فيؤدي التصحيح وظيفته كوسيلة لأزالة الضرر من خلال توضيح الحقائق للقراء ، ولكن في المقابل لا يحقق الرد أو التصحيح غايته في حالة أنتهاك حرمة الحياة الخاصة ، فمجرد نشر نسخ من الصحيفة يتحقق المساس والاعتداء على الحياة الخاصة ، خصوصاً إذا كانت الوقائع المنشورة صحيحة وليست خاطئة (1)، فأن الرد على هذا النشر سيزيد من دائرة أنتشار الخبر فيكون بمثابة نشر جديد ، فبدلا من أن يزيل الضرر أو يخفف منه يؤدي إلى إتساع دائرته فلا تتحقق الغاية من تشريعه .
    كما أن التصحيحات لا تعتبر في حالات معينه علاجا لأزالة الضرر إذ أنها كثيرا ما تكون متأخرة فلا يمكن من خلالها استعادة خصوصيات الشخص بعد أن هدرت سرّيتها إضافة إلى أن معظم الصحف لا تتخلى عن مواقفها السابقة ، ففي بعض الأوقات قد تفضل الصحيفة الوقوف أمام القضاء لرد الدعوى أو تُؤثر أن تدفع مبلغ من النقود كتعويض أو تسوية خارج المحكمة على أن تعتـرف صراحـة بخطئها (2).
    ولابد من الأشارة أخيرا إلى أن التعويض العيني أمر جوازي للمحكمة تقضي به تبعاً للظروف وبناءاًعلى طلب المتضرر إذا كأن ذلك ممكنا وليس فيه إرهاق للمسؤول (3).

    الفرع الثاني
    التعويض بمقابل

    يلاحظ مما تقدم أنه في كثير من حالات الضرر الأدبي يتعذر التعويض العيني فلا يمكن إعادة الحال لسمعة الأنسان وكرامته إلى ما قبل وقوع الضرر، إذ نكون أمام استحالة مطلقه فلا يكون التعويض العيني ممكنا بطبيعته ، وهذا ما عبر عنه وبحق أستاذنا الدكتور حسن علي الذنون من أن الشرف المثلوم والعرض المنتهك والكرامة المـدنسة لايمكن أزالة ما خلفه الفعل الضار الذي كان السبب فيها (4).
    إضافة إلى ذلك أن التعويض العيني في نطاق المسؤولية التقصيرية يكون بمنزلة الاستثناء بخلاف المسؤولية العقدية الذي يشكل هذا النوع من التعويض الأصل فيها (5). وكما رأينا أن مسؤولية الصحفي وبحسب التكييف القانوني الذي أخترناه تكون مسؤولية تقصيرية وليست مسؤولية عقدية .
    وأمام هذه الصعوبات في تعويض الضرر وخاصة الضرر الأدبي تعويضا عينيا لا يكون أمام القضاء إلاّ اللجوء إلى التعويض بمقابل (1). وهذا التعويض يتخذ صورتين ، فقد يكون عبارة عن تعويض نقدي يقدر بمبلغ من النقود ، وقد يكون هذا التعويض غير نقدي تحكم به المحكمة وفقا لظروف الحال .
    ويعتبر التعويض النقدي هو القاعدة العامة في المسؤولية التقصيرية بشأن التعويض عن الأضرار ، فالأصل أن يكون التعويض مبلغاً من النقود ، ولا جدال في التعويض النقدي إذا كان الأمر متعلقا بضرر مادي ، إلاّ أن الصعوبة تبرز في حالات الضرر الأدبي من حيث أن هذا الضرر لايمكن تعويضه إذ لا صلة بين الألم النفسي الناتج عن المساس بعاطفة الأنسان وكرامته وبين المبلغ النقدي الذي تقضي به المحكمة . ثم أن من الصعوبة الادعاء أو المجادلة بأن التعويضات يجب أن تمنح لمجرد الشعور بالقلق من المساس بالسمعة ،فهذا النوع من الضرر يفترض أنه غير مادي ومن ثم يستحيل تعويضه مادياً لصعوبة تقديره بالنقد ، لذلك فالأضرار الأدبية لايمكن تعويضها إذا لم تقترن بأضرار مادية(2) .
    ورغم ما تقدم ذكره من حجج لدحض التعويض النقدي في حالات الضرر الأدبي ، فأن ذلك لم يثن الفقه والقضاء عن الاعتراف بهذا النوع من التعويض لمن أصابه ضرر أدبي ، فالوسائل التي تساعد في إزالة الضرر أو التخفيف من آثاره يمكن تقويمها بالنقود ، ثم أنه لا يوجد ما
    يبّرر منح التعويـــض النقدي للأضرار المادية دون الأضرار الأدبية (1) . لذلك ينبغي على المحكمة أن تقضي بالتعويض النقدي بأعتباره الأصل في تقدير التعويض ، فالنقود إضافة إلى كونها وسيلة للتداول فأنها تعتبر خير وسيلة لتقويم الأضرار بما فيها الأضرار الأدبية (2). ففي جميع الحالات التي يتعذر فيها الحكم بأزالة الضرر عينا" ، فلا مناص من اللجوء إلى التعويض النقدي ويستوي في ذلك ما إذا كان موضوع الدعوى هو قذف وتشهير أو كان مجرد المساس بالخصوصية ، فكثير من القضايا المتعلقة بالخصوصية يمكن أن تؤخذ بنفس الاعتبار في التعويض بالنسبة لقضايا القذف أو التشهير ، ففي قضايا القذف ينصب التعويض عن الضرر في السمعة في الوقت الذي يكون الضرر الأساسي في قضايا الخصوصية الذي يعوض عنه هو الألم النفسي من جراء عرض هذه الخصوصيات إلى العامة ، بالرغم من أن الأذى إلى السمعة ربما يكون عنصرا من عناصر هذا الضرر . وهذا يعني أن الطرق التي يعوض فيها عن الأضرار بالسمعة هي ذاتها التي يعوض فيها بسبب أنتهاك الخصوصية (3).
    وفي هذا المعنى جاءت المادة (209) من القانون المدني العراقي التي نصت في فقرتها الأولى على أنه ( تعين المحكمة طريقه التعويض تبعا للظروف ، ويصح أن يكون التعويض أقساطاً أو إيراداً مرتبا. ويجوز في هذه الحالة إلزام المدين بأن يقدم تأميناً )، وجاءت الفقرة الثانية لتؤكد على التعويض النقدي بقولها ( ويقدر التعويض بالنقد …) .
    ولو يصار إلى أن تحل الفقرة الثانية محل الفقرة الأولى من المادة المذكورة لكان أفضل . إذا أن في ذلك تأكيداً واضحاً على جعل التعويض النقدي هو الأصل أو يمكن أن تصاغ الفقرة الأولى في أقل تقدير بالشكل التالي
    ( تعين المحكمة طريقه التعويض تبعاً للظروف ، ويقدر هذا التعويض بالنقد على أنه يجوز للمحكمة وبناءاً على طلب المتضرر أن تأمر بأعادة الحال إلى ما كانت عليه أو أن تحكم بأداء أمر معين أو برد المثل في المثليات وذلك على سبيل التعويض ) بحيث تكون هذه الفقرة هي القاعدة العامة للحكم بالتعويض عن الضرر.
    وإذا كان التعويض النقدي هو الأصل في دعاوى المسؤولية التقصيرية على النحو المتقدم ، إلاّ أنه في بعض الدعاوى قد يأمر القاضي بأتخاذ أجراء معين يتضمن رد اعتبار للمتضرر وينطوي في ذات الوقت على جبر الضرر الذي لحق به من جراء الفعل الضار، وهذا هو التعويض غير النقدي الذي يعتبر الصورة الثانية من صور التعويض بمقابل . ومن قبيل التعويض غير النقدي هو ما تأمر به المحكمة في دعاوى القذف بناء على طلب المتضرر بنشر الحكم القاضي بأدانة الصحفي على نفقه الأخير ، فهذا النشر يعتبر دليلاً على براءة المدعي من القذف الموجه إليه أن الصحفي ويعتبر بنفس الوقت تعويضاً عن الضرر الأدبي الذي أصابه لأن الملحوظ فيه هو المعنى الذي تضمنه (1).
    ومع ذلك هناك من أعتبر نشر حكم الأدانة في الصحيفه بمثابة تعويض عيني وليس تعويض غـير نقدي (2) . في حين يرى جانب آخر من الفقه أن هذا التعويض ليس تعويضاً عينياً ولا تعويضاً مالياً (3). ويمكن القول أن هذا النوع من التعويض الذي تحكم به المحكمة في جرائم القذف أو أنتهاك الخصوصيات يعتبر تعويضاً غير نقدي . فلا يمكن اعتباره تعويضاً عينياً لأن الضرر الأدبي الناشئ من الاعتداء في مثل هذه الحالات غير ممكن فلا يمكن أن نضفي هذه التسمية عليه ، كما أنه ليس تعويضاً نقدياً لأن المتضرر لا يسعى إلى الحصول على مبلغ نقدي وإنما يطمح في الحصول على ترضيه مناسبة للضرر الذي لحق به ويعتقد بكفاية هذا الأجراء للتخفيف من آثار الضرر.
    ونشر الحكم بأعتباره تعويضاً قد يكون بمثابة أجراء تكميلي لتحقيق التوازن بين الضرر والتعويض في مجال جرائم النشر بصفة عامة بل أن المتضرر قد يهدف إلى الحصول على نشر الحكم بصفة أساسية في بعض الحالات ، ويبرز ذلك في حالات التعويض الرمزي فقد لا يكون كافيا لجبر الضرر، فلا يمثل الغاية المتوخاة من رفع الدعوى لهذا يسعى المتضرر إلى جبر ضرره من خلال طلب نشـر الحكم (1) ، فيكون الغرض الأساسي من رفع الدعوى عن الضرر الذي يصيب اعتباره أو كرامته هو الحصول على أعلان رسمي يصل إلى علم الجميع بأنه كان
    على حق وأنه قد أسيْ إلى سمعنه وكرامته وقد يكتفي المتضرر مع هذا الأعلان بتعويض رمزي (2) ، خاصة إذا كان من بين الشخصيات الشهيرة أو تلك التي تتمتع بمكانه إجتماعية مرموقة .
    وتستند المحاكم الفرنسية في إصدار حكمها بنشر قرار الأدانة في الصحف إلى نص المادة التاسعة من القانون المدني الفرنسي في فقرتها الثانية التي أجازت للقضاء إتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمنع أو لوقف الاعتداء على ألفة الحياة الخاصة ، ويدخل ضمن هذه الإجراءات نشر الحكم الصادر بالأدانة(3).
    وفي مصر استندت المحاكم إلى نص المادة 171 من القانون المدني للحكم بتعويض المتضرر من خلال نشر الحكم المتضمن إدانة الصحفي في نفس الصحيفة أو في صحف أخرى على نفقتـه (1).
    كما أن نصوص قانون الصحافة المصري لعام 1996 أجازت للمحكمة عند الحكم بالعقوبة أو التعويض المدني أن تأمر بنشر هذا الحكم في صحيفة يومية واحدة على نفقة الصحيفة وفضلا عن نشره بالصحيفة التي نشر بها المقال أو الخبر موضوع الدعوى خلال مدة لا تتجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ صدور الحكم إذا كان حضورياً أو تاريخ إعلانه إذا كان غيابياً(2).
    وبوسع المحاكم عندنا أن تحكم استنادا إلى عجز المادة 209/2 من تقنينا المدني بنشر الحكم في الصحيفة أو في صحف أخرى على نفقة الصحفي ، حيث أجازت المادة المذكورة للمحكمة أن تحكم بناء على طلب المتضرر بأداء أمر معين وينطوي تحت هذا الأمر نشر الحكم كتعويض في الصحيفة .
    ويمكن الاستناد أيضاً إلى نص المادة 84 من قانون العقوبات التي جاء فيها ( 1- وللمحكمة عند صدور الحكم بالأدانة في موضوع الدعوى أن تأمر بنشر الحكم أو ملخصه في صحيفة أو صحيفتين على الأكثر على نفقة المحكوم عليه 2- ويجوز للمحكمة أيضا إذا كانت الجريمة قد ارتكبت بطريق النشر في إحدى الصحف أن تأمر بنشر الحكم أو ملخصه في نفس الموضع من الصحيفه المذكورة خلال اجل محدد…)(3).
    ومن الأفضل أن يتضمن قانون المطبوعات العراقي نصاً يعطي للمحكمة الحق في أن تأمر بنشر الحكم أو خلاصته المتضمن إدانه الصحفي أو إلزامه بالتعويض في الصحيفة التي يعمل بها أو في صحيفتين على الأقل وعلى نفقته وفي أول عدد بعد صدور الحكم لكي يكون جبر الضرر شاملاً لكل من وصل إلى علمه المقال أو الخبر موضوع الدعوى، وعلى أن يكون النشر في نفس المكان وبذات الحروف التي كتب بها المقال المشكو منه.
    فضلا عن ذلك فأن من حق القضاء أن يجعل من نص المادة (47) من قانون حماية حق المؤلف أساساً لحكمه بالتعويض حيث جاء فيه (… يجوز للمحكمة في كل الحالات بناءاً على طلب الطرف الآخر الذي لحق به الضرر أن تأمر بنشر الحكم بأسبابه أو بدونها في جريدة أو مجلة أو أكثر على نفقه المسؤول ) ، وأن كان حكم هذا النص يتعلق بالأضرار التي تصيب المؤلف من جراء النشر الضار.
    والتوجه الآن يسير نحو التقليل من التعويض النقدي والاستعاضة عنه بنشر الحكم بنفس الطريقة التي يتحقق بها التشهير (1).
    ويمكننا القول أن نشر حكم الأدانة أو التعويض في الصحف يمثل خير تعويض إذا كان الخبر الذي نشره الصحفي أو المقال الذي كتبه يتضمن أموراً مخالفة للحقيقة أو الواقع أو يحمل في ثناياه تجريحاً بسمعة أو كرامة شخص ما، فيأتي النشر موضحاً للحقائق فيكون بمثابة تعويض أدبي للمتضرر . بيد أن المقال قد يكشف جانباً من الخصوصيات بصوره مجردة كما لو أماط الصحفي اللثام عن أمراض المدعي للعامة أو أفشى أسراره للناس ، فأن في جدوى النشر كتعويض يكون محل شك ، إذا أن النشر لا يعدو أن يكون ترديداً لما ذكره الصحفي ، وبالتالي يجعل كل من لم يطلع على المقال موضوع الدعوى أن يبحث عن الصحيفة التي تضمنت ذلك المقال وبالتالي يتوسع نطاق النشر ، فلا يكون بعدئذ لهذا النوع من التعويض أية فائدة .

    تقدير التعويض

    أن من أهم الصعوبات التي تواجه المحاكم في طريق أصدارها لحكم التعويض عن الضرر الناشئ من القذف أو المساس بالخصوصية تلك التي تتعلق بتقدير التعويض (1)، ولاسيما التعويض عن الأضرار الأدبية .
    ومن المبادئ المستقرة في هذا الخصوص هي أن التعويض عن الضرر يجب أن يقدر بقدر الضرر الحقيقي دون زيادة أو نقصان ، بيد أنه قد يتأثر تقدير التعويض بظروف وعوامل من شأنها أن تنقص من مقداره أو تزيد منه . وهذا ما يدعونا إلى أن نخصص الفرع الأول للقاعدة العامة في التعويض وهو أن يكون بمقدار الضرر ونبحث في الفرع الثاني الظروف الملابسة التي تؤثر في تقدير التعويـض .

    الفرع الأول
    وجوب أن يكون التعويض بمقدار الضرر

    أن المبدأ العام الذي يحكم تقدير التعويض هو أن يكون بمقدار الضرر الذي أصاب المتضرر،بسبب نشر العبارات التي شهّرت به أو التي كشفت جانباً من خصوصياته متى كان هذا الضرر نتيجة طبيعية للعمل غير المشروع أو الأخلال بالعقد (1)، ، ويستوي في ذلك أن يكون متوقعا أو غير متوقع في نطاق المسؤولية التقصيرية ، أما إذا كانت المسؤولية عقدية فأن التعويض يقتصر على الضرر المتوقع إلاّ إذا كأن هذا الضرر ناشئاً من الغش أو الخطأ الجسيم للصحفي (2).
    أن مسألة تعادل التعويض للأضرار إذا كانت لا تثير صعوبات في مجال التعويض عن الأضرار الشخصية ، إلاّ أن الأضرار التي تصيب سمعة الأفراد وهي أضرار أدبية لا يخلو تعويضها من صعوبة . ويبدو أن القضاء المقارن قد شعر بهذه الصعوبة ، ففي الوقت الذي يجب أن يكون التعويض الممنوح لأصلاح الضرر محدد بمبلغ من النقود تعادل الضرر دون زيادة أو نقصان فذلك لا يثير جدلاً في تعويض الأضرار المادية عندما تكون محققة ، إذ يكون تقديرها نوعمّا دقيقاً . إلاّ أن الأمر لا يكون كذلك عند تعويض الأضرار الأدبية كالآلام النفسية التي يشعر بها المصاب من كراهية أو أحتقار الناشئة من مهاجمة السمعة ، فغالباً ما يصعب على التعويض أن يعادل الضرر ، وأن أية محاولة لتقدير مثل هذه التعويضات لن يكتب لها النجاح لأن القاضي سيتردد في تحديده للمبلغ الذي يمكن أن يأخذه بنظر الاعتبار (1).
    وقد عبر بعض المعلقين عن تلك الصعوبة بالقول أنه ليس بالمستطاع الأعتماد على حسابات رياضية للحكم بمبلغ محدد يعادل الآلام والمعاناة التي يشعر بها المتضرر(2)، وأن البحث عن تعويض معادل لمثل هذه الأضرار إنما يكون بمثابة معادلة بين أشياء غير متكافئة (3)، ولذلك فقد وصف التعويض عن التشهير أو القذف بأنه تعويض غير محدد أو لا يخضع لقاعدة محدده at Large (4).
    ويبدو أن مرد هذه الصعوبات التي تواجه القضاء في تقدير التعويض عن الأضرار التي تصيب السمعة يرجع إلى قيمة السمعة نفسها إذ أنه من الاستحالة بمكان وضع مقدار من النقود يوازي سمعة الفرد ، ولعل هذا ما يفسر لنا أن القضاء قد توصّل من خلال أحكامه إلى نوع من التوحيد في قضايا التعويض عن الأضرار الشخصية الأخرى في الوقت الذي لم يوفق في ذلك في دعاوى القذف والتشهير ولو بشكل تقريبي فليس هناك قضيتين متشابهتين من حيث مقدار التعويض الممنوح (5).
    وأمام صعوبة تحديد تعويض معادل للضرر لجأت المحاكم أحياناً في مثل هذه الحالات إلى الحكم على الصحفي بتعويض يجاوز الضرر الفعلي في ظروف معينه ويطلق على مثل هذه التعويضات في القانون الأنكليزيExemplary or punitive damages وفي القانون الأمريكيSmart mony وهي تعويضات تأديبية أو جزائية أو مثالية ترى فيها المحكمة زيادة التعويض في حالات معينه لكي تجعل الضرر الفعلي أو الأصلي أبعد أثراً ، وهذا التعويض لا يقابل في حقيقته الضرر الذي تكبده المدعي ، ولكن هو بمثابة عقوبة على المدعي عليه (الصحفي ) ويحمل بنفس الوقت تحذيرا للآخرين ضد السلوك غير المرضي أو غير المرغوب فيه للمدعي عليه، وقد أخذت بعض المحاكم بهذا النوع من التعويض على الرغم من أنه يعد غريباً عن التطرية العامة لقانون المسؤولية التي تقضي وكما ذكرنا بأن تكون التعويضات الممنوحة في الدعاوى المدنية تحمل وصف التعويض عن الضرر وليس عقاباً على الفعل الخاطئ ، لأن العقاب يكون من أختصاص المحاكم الجزائية وليس مـن اختصاص المحاكم المدنية (1) .
    ففي إحدى القضايا التي عرضت أمام إحدى المحاكم الانكليزية وصادق عليها مجلس اللوردات، حكمت محكمة الموضوع بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بسمعة قبطان بحري بسبب نشر مقال نسب إليه كاتبه اتهامات خطيرة عن سوء أدارته لأسطوله البحري ، وهذا التعويض كان بعضه يقابل الأضرار الحقيقية التي أصابت المدعي وهي تعويضات معادلة ، وبعضه الآخر كأن عبارة عن تعويضات مثالية أو جزائية تفوق ما يكفي لتعويض الضرر أو جبره وقد حكمت المحكمة بهذا التعويض بالأستناد إلى ظروف النشر (2) .
    ولكي يكون بوسع القاضي أن يحدد التعويض الذي يقابل الضرر الذي أصاب المدعي ، لابد من أن يبيّن في حكمه عناصر الضرر المدعى بحصوله ويناقش كل عنصر فيه على حده كي يتأكد من أحقية طالب التعويض في طلبه ، ويستفاد من النصوص القانونية أنه يجب على المحكمة أن تدخل في التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب نتيجة لعدم تنفيذ الصحفي لالتزامه أو تأخره في تنفيذه (3) ، فقد ينشر الصحفي مقالا ينسب فيه إلى فنان معين عدم كفاءته أو يفشي فيه جانبا من حياته الخاصة، فأن الحكم بالتعويض له يجب أن يأخذ بالأعتبار الخسارة التي لحقت به سواء كانت مادية كما لو أقصي من عمله ، أو كانت أدبية متمثلة برد الفعل النفسي للمدعي وشعوره بالحزن الطبيعي والضغط النفسي الذي ربما يشعر به حينما يقرأ العبارات التشهيرية وهي بدون شك أضرار تصيب المدعي في كرامته ، ويشمل التعويض أيضاً ما كان يمكن أن يحصل عليه من أرباح كان سيجنيها من أحياء لحفلاته أو من مشاريع أعماله القادمة .
    إلاّ أنه ليس من الضروري أن يحتوي الحكم على عناصر التعويض ، فأذا كان مؤدى ما أورده الحكم في مدوناته أن نشر المقال كان من شأنه خدش شرف المدعي والحط من قدره في أعين الناس ، وكان هذا البيان يتضمن في ذاته الأحاطة بأركان المسؤولية من خطأ وضرر وعلاقة سببية مما يستوجب الحكم على الصحفي بالتعويض ، فلا تثريب على المحكمة أن هي لم تبيّن عناصر الضرر الذي قدّر على أساسه مبلغ التعويض المحكوم به (1).
    ويقدر القضاء التعويض عن الضرر المادي والأدبي في المسؤولية التقصيرية سواء كان متوقعا أم غير متوقع ، أما في المسؤولية العقدية ، فالتعويض يقتصر على الضرر المادي فقط وفقا لتقنيننا المدني(2) .
    ويمكن القول أن التعويض عن الضرر الأدبي وأن كان نادر الوقوع في المسؤولية التعاقدية ، إلاّ أن ذلك لا يمنع من تعويضه في حاله وقوعه ، إذا لا يعقل أن تنصرف أرادة المتعاقدين إلى التعويض عن الضرر المادي دون الضرر الأدبي ، فمن يتعاقد مع صحفي على كتابة مقال عن إنجازاته وأبحاثه ثم يقوم الصحفي بالكشف عن بعض خصوصياته من خلال هذا المقال أو ينسب إليه أمراً يصيبه بضرر في سمعته وإحتقاره من قبل أقرانه، فبدون شك أن الصحفي يسأل عن الضرر الأدبي .
    ويجري القضاء على تقدير التعويض جملة واحدة دون تخصيص بمقدار معين عن كل ضرر(3).
    إذا يكفي أن يثبت الحكم مسؤولية الصحفي عن الفعل الذي أرتكبه وحكم بالتعويض من أجله ، ولا يعيب الحكم عدم بيانه الضرر بنوعيه المادي والأدبي (1).
    نخلص مما تقدم أنه لاصعوبة في تعويض الضرر المادي و تقديره ، أما الضرر الأدبي فرغم الصعوبات التي تعيق تقديره فليس ثمة شك في وجوب تعويضه سواء كأن في المسؤولية التعاقدية أو في المسؤولية التقصيرية ، ويمكن أن يترك للمتضرر أن يختار الطريقة المناسبة لتعويضه عن الضرر سواء كان بالنقد أم مجرد الاكتفاء بتعويض رمزي أم اكتفاءاً بنشر الحكم في الصحيفة للدلالة على براءته مما نسبه الصحفي إليه .

    الفرع الثاني
    تـأثير الظروف الملابسه في تقدير التعويض
    ملاحظة : الى هنا اكملنا التصحيح
    أن دور المحكمة في تقدير التعويض يختلف باختلاف الضرر الناشئ من خطأ الصحفي فعندما يكون الضرر ماديا نجد أن دور المحكمة يكون ضئيلاً نوعمّا حيث يقتصر على تقدير التعويض بقدر الضرر الواقع ، إلاّ أن الأمر يبدو مختلفاً عندما يكون الضرر أدبياً إذا أن ضوابط تحديده تكون مرنه إلى حد كبير، لأنه يقوم على أعتبارات شخصيه تختلف من شخص لآخر مما يجب على المحكمة أن تأخذ بنظر الاعتبار الظروف الملابسة التي أحاطت بالضرر(2) .
    ولكن عندما تأخذ المحكمة الظروف الملابسة في تقديرها للتعويض فهل تعتد بظروف المتضرر فقط أو أنها تأخذ في اعتبارها أيضاً الظروف الخاصة بالصحفي محدث الضرر ومدى جسامة خطئه ؟
    وإذا كان الفقه المدني قد أنقسم إلى رأيين ، رأي يعتبر الظروف الملابسة هي تلك التي تحيط بالمتضرر فحسب والتي يحب على القاضي أن يدخلها في حسابه عند تقديره للتعويض (1).
    ورأي يذهب إلى أتجاه أوسع من ذلك من حيث أن الظروف التي يقام لها وزن عند تقدير التعويض هي جميع الظروف الملابسة بما في ذلك جسامة خطأ المسؤول (2).
    إلاّ أنه وبقدر تعلق الأمر بتقدير التعويض النقدي في مسؤولية الصحفي، يمكن القول أن المحكمة يجب أن تأخذ بنظر الاعتبار الرأي الأخير عند إصدار حكمها بالتعويض، إذا لا يمكن فصل الظروف المحيطة بالمتضرر عن تلك التي تحيط بالصحفي عند تقدير التعويض ، وهي بالضرورة اعتبارات خارجه عن الضرر الواجب التعويض .
    ومن الأمور التي تضعها المحكمة في اعتبارها عند تقديرها للتعويض هي سلوك المتضرر المعتدي على خصوصياته أو على سمعته ويدخل في ذلك سمعة مدعي التعويض قبل نشر المقال الصحفي ، ذلك أن السمعة الردئية للشخص الذي أشير إليه في المقال أو الخبر قد تصل إلى حد اعتبارها سبباً لأعفاء الصحفي من المسؤولية ، فمن باب أولى أن يكون لها دور في تخفيض التعويض الذي يحكم به على الصحفي .
    ثم أن وظيفة التعويض هي إعادة المتضرر إلى وضعه الذي كان عليه قبل وقوع الضرر ، فيجب عند تقدير التعويض أن نعرف ما هو المركز أو الوضع الاجتماعي للمدعي قبل ارتكاب الخطأ ، لذلك أن السمعة عند نشر المقال التشهيري يجب أن تؤخذ بالاعتبار ، وهذا مبدأ مستقر منذ زمن في القضاء الأنكليزي وأقره مجلس اللوردات في اكثر من مناسبة (2).
    وهذا يعني أن مدعي التعويض لو كان ذات سمعة رديئة قبل التشهير به من قبل الصحفي كما لو كان موظفاً ارتكب عدة مرات جريمة أختلاس، أو تمثل في شركة ثبت استعمالها لوسائل إحتيالية في ممارسة نشاطها فأن ذلك من الأمور التي يجب أن تأخذها المحكمة بنظر الاعتبار في تقديرها للتعويض .
    وتجدر الأشارة إلى أنه إذا كان لابد من أن نأخذ بالحسبان سمعة المدعي الرديئة في تخفيض التعويض فأن ذلك يجب أن لا يكون مجرد أشاعات حول هذه السمعة، فليس من المعقول أن تساهم الشبهات حول سمعة المدعي بقدر في تخفيض التعويض ، وإنما يجب أن يكون ذلك قد ثبت على سبيل الجزم واليقين . ولكن يجب أن لا يذهب بنا القول إلى أن المدعي لو كأن يتمتع بسمعة جيدة قبل التشهير به من شأنه أن يزيد في مبلغ التعويض المستحق لأن المفروض أن جميع الناس يمتلكون سمعة حسنه ولا يمكن أن يؤخذ ذلك بنظر الاعتبار عند الحكم بالتعويض . ويجب عدم الخلط بين هذه الحالة وبين حالة اختلاف المركز الاجتماعي والثقافي للشخص إذا أن مدى الضرر الذي يصيب السمعة يختلف تبعاً لذلك ، فالنشر الضار الذي يمس طبيباً أو مدرساً أو استاذاً في الجامعة يختلف عن النشر الذي يمس كناساً أو فراشاً ، ففي كل هذه الأحوال وما إليها يجب على القاضي أن يأخذ في حسابه عند تقدير التعويض تلك العناصر الشخصية الخاصة بالمضرور بحيث يكون التقدير ذاتياً ويتسم بالواقعية(1).
    وفي مجال التعويض عن أنتهاك الخصوصية نجد أن المحاكم تلجأ إلى تخفيض مبلغ التعويض إذا كأن قد سبق نشر الوقائع نفسها في صحف أخرى خصوصاً إذا كان النشر السابق برضا الشخص صراحة أو ضمناً ، فمن ينشر خصوصياته لا يصيبه ضرر كبير من النشر اللاحق الذي يتم بدون إذن منه ومن ثم لا يستحق سوى تعويض مخفض ، فبالرغم أن الاتجاه الغالب في القضاء المقارن لا يعتبر سبق النشر مبرراً للنشر اللاحق من قبل الصحفي ولا يؤدي إلى أنتقاء

    مسؤوليته ، إلاّ أن تساهل المدعي وتسامحه بالنشر يسمح للصحفي أن يدفع بذلك وتأخذه المحكمة في نظر الاعتبار عند تقديــر التعويـض (1).
    ومن الأمور التي لا يمكن أغفالها في مجال تقدير التعويض عن مضار النشر الصحفي هي مدى أنتشار الصحيفه التي حصل عن طريقها نشر التعدي على الشرف أو الاعتبار أو الخصوصية(2) . فالصحيفة التي يكون لها أنتشار واسع لها تأثير يختلف عن تلك التي لا تنشر إلاّ في نطاق محدود، ومن ثم فأن الضرر يختلف بأختلاف هذا التأثير وبالتالي فأن التعويض يجب أن يقاس أو يقدر بمدى النشر أو أتساعه(3).
    وتطبيقاً لذلك قضت إحدى المحاكم الأنكليزيه بمسؤولية صحفي كأن قد نشر مقالاً بمناسبة جريمة إدارة منزل للدعارة وكان المتهم فيها محبوساً في أنتظار تحديد يوم محاكمته ، وتضمن المقال أخباراً مصحوبة بالصور تحت عنوان ( أقبضوا على هذا الوحش )، كما أحتوى على معلومات مبالغاً فيها عن حوادث المتهم السابقة ، منها أنه كان على أتصال بعصابة للأتجار في الأعراض ، وقد أصدرت المحكمة حكمها بالتعويض مراعية في ذلك عدد نسخ الصحيفه التي نشرت هذا المقال ومدى أنتشار الصحيفه معلّلة حكمها بأنه لا يمكن تصور ما هو أشد ضرراً من هذا النشر الذي تم في جريدة يبلغ توزيعها أربعة ملايين نسخه في الأسبوع (4).
    كما يمكن للقاضي أن يأخذ بالاعتبار ما عاد على الصحيفه من كسب مادي استناداً لعدد النسخ المباعة .
    فعلى الرغم من أن هناك اتجاه في القضاء الفرنسي ويؤيده الفقه يذهب إلى أن الربح الذي عاد على الصحيفه يجب أن لا يدخل في تقدير التعويض وعلة ذلك أن التعويض يجب أن يقّدر بمقدار الضرر ، فلسنا بصدد أعمال نظرية الأثراء بلا سبب ، فالمتضرر يتأذى من الخسارة التي لحقت به وليس من الكسب الذي عاد على الصحيفة ويجب أن لا يكون التعويض وسيله لأثراء المضرور ، وإنما هدفه جبر الضرر فقط ، إضافة إلى أن الضرر في الغالب يكون ضرراً أدبياً ومن ثم لا يدخل فيه اعـتبارات مادية (1).
    غير أنه ظهر أتجاه آخر ينادي بضرورة النظر إلى الكسب الذي عاد على الصحيفه عند تقدير التعويض لمنع أو تقليل الاعتداءات الصحفية على الحياة الخاصة أو على سمعة الأفراد، ولكي يكون التعويض اكثر فاعليه في تحقيق غاياته ، كما أن ذلك يؤدي إلى منع الصحفي من الاستفادة من اعتدائه أو تشجيعه على هذا الاعتداء وبالمقابل يدفع المتضرر إلى المقاضاة للمطالبة بالتعويض عن التشهير أو أنتهاك الخصوصية (2). وهذا الموقف في القضاء الفرنسي يقابل فكرة التعويضات الجزائية أو الأنتقاميه exemplary damages التي تأخذ بها المحاكم الأنكلوأمريكية في حالات معينه حيث يكون التعويض فيها يزيد عن الضرر . لأن الغرض منها ليس أصلاح الضرر الذي أصاب المدعي فحسب بل لعقاب المسؤول عن سلوكه غير المرضي وأن كان هذا يعّد خروجاً عن أحكام القانون العام التي تقضي بأن التعويضات ليست عقوبة عن الفعل الخاطئ الذي ارتكبه المدعي عليه كما ذكرنا سابقاً .
    إلاّ أننا يمكن التوصل إلى نفس النتيجة أي الأخذ في تقدير التعويض بالربح الذي عاد على الصحيفه من جراء نشر المقالات أو الأخبار التشهيرية أو الماسة بالحياة الخاصة دون أن تعتبر التعويض عقوبة على الصحفي من خلال أجراء الربط بين التعويض والضرر مع بقاء الأخير أساساً للمسؤولية ، فلما كان التعويض يتوقف وجوده على مدى الضرر ، ولما كأن الضرر يرتبط بأعداد الصحيفه التي صدرت وتم بيعها للقراء ، فأنه من الطبيعي أن يعتمد التعويض على عدد هذه النسخ ، وبخلاف ذلك لا يكون للتعويض أية أهمية ، ولا يمكن أن يرّد على ذلك بأن القاضي ليس بوسعه أن يحصي عدد النسخ خاصة إذا كأن بعضها قد وزع في مناطق نائية ومتفرقة ، لأن القاضي بوسعه أن يحكم بمبلغ إجمالي عن الضرر الأدبي دون أن يبيّن عناصره وبالتالي يتسنى له أن يضع في اعتباره مدى ما جناه الصحفي من كسب من جراء النشر الضار.
    ويمكننا القول أن هذا الاتجاه يمكن الأخذ به من قبل القضاء العراقي الموقر بعد أن ينص المشرع في القانون المدني على السماح للمحكمة بأن تراعي الظروف الملابسة عند تقدير التعويض أسوة ببعض التشريعات المدنية العربية الأخرى (1).
    وفي القانون الأنكلوأمريكي تقضي المحاكم وطبقاً لنصوص قانونية في هذا الخصوص بتخفيض التعويض إذا كان التشهير غير مقصود وقام المدعي عليه بأثبات أن العبارات التي نشرها كانت بريئة بأن لم يكن القصد من ذلك الأساءة إلى المدعي ، ولم يكن يعلم بالظروف التي بموجبها يمكن أن تفهم لتكون تشهيرية وقام المدعى عليه ( الصحفي ) بنشر اعتذار وتصحيح للوقائع التي نشرها سابقاً، فأن ذلك يكون سبباً في تخفيض التعويض أو لا يكون بوسع المدعي إلاّ المطالبة بالضـرر الفعلي الذي إصابة (2).
    بقي أن نشير أخيراً إلى أن القضاء يقدر التعويض الذي يستحقه المدعي بقدر الضرر يوم الحكم به وليس يوم وقوع الفعل الضار أو إقامة الدعوى (3).
    وإذا لم يتيسر للمحكمة أن تحدد التعويض تحديداً كافياً فلها أن تحتفظ للمتضرر بالحق في أن يطالب خلال مدة معقولة بأعادة النظر في تقدير هذا التعويض (4).
    إما إذا لم يتغير الضرر في ذاته وإنما أصاب التغيير سعر النقد الذي يقدر به أو تغيرت أسعار السوق بوجه عام ، فالعبرة بسعر النقد أو بسعر السوق يوم النطق بالحكم (5).

    طرفا دعوى التعويض

    طرفا دعوى التعويض هما المدعي والمدعى عليه ، والمدعي هو من لحقه ضرر في حياته الخاصة أو في شرفه وسمعته من جراء النشر الصحفي الضار ، ولما كأن الحق في الحياة الخاصة والمحافظة على السمعة في مواجهة الصحف يعتبران من الحقوق المرتبطة بالشخصية، فيترتب على ذلك أن من يكون له الحق في المطالبة بالتعويض ( المدعي ) هو من لحقه الضرر بسبب خطأ الصحفي ، إلاّ أن ثمة مشكلة تثور في هذا الصدد تتمثل في مدى إمكان أنتقال الحق في المطالبة بالتعويض إلى الورثة بسبب وفاة من نسب إليه الصحفي أموراً تسيئ إليه .
    أما المدعى عليه فهو الطرف الثاني في الدعوى والذي ترفع عليه دعوى التعويض ويكون مسؤولاً عن الفعل الضار ، وهو ما يتطلب تعينه في المسؤولية محل البحث ، إذا أن ذلك يعيننا في تحديد من يتحمل عب التعويض الذي تقضي به المحكمة .
    أن تبسيط ما ذكرناه يستلزم تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين نتناول في الأول منهما المدعي في دعوى التعويض ، ونتناول في ثانيهما المدعى عليه .

    المطلب الأول
    المدعـي في دعوى التعويض

    لقد ذكرنا أن حق الشخص في المحافظة على سمعته وحياته الخاصة يعتبران من الحقوق اللصيقة به ، وبالتالي فأن مهمة الدفاع عن هذا الحق يترك له وحده ، فهو الذي يملك المطالبة بالتعويض عما يلحقه من ضرر، كما يكون له أن يتنازل عن هذا الحق فيسمح للصحفي بالنشر دون أن يترتب على الأخير أية مسؤولية.
    ولما كان هذا الحق يعتبر من الحقوق الشخصية فأنه ينقضي بوفاة صاحبه ، فمتى ما أنقضت الشخصية فمن الطبيعي أن تنقضي الحقوق المرتبطة بها (1).
    إلاّ أن السؤال الذي يطرح هنا ، هل من حق الورثة أن يطالبوا بالتعويض عما أصاب مورثهم من ضرر بسبب التشهير به أو عمّا أصابهم هم نتيجة للضرر الذي لحق بمورثهم ؟
    لاشك في أن الشخص الذي تعرض إليه الصحفي في مقاله من خلال التشهير أو عن طريق الكشف عن بعض خصوصياته له وحده الحق في المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي أو الأدبي الذي لحق به لو كان حيا . أما إذا مات الشخص المذكور ، فأما أن يكون قد رفع الدعوى ضد الصحفي عن هذا الضرر قبل وفاته ولم يصدر القضاء حكمه فيها بعد ، ففي مثل هذه الحالة يكون للورثة الحق بوصفهم خلفاً عاماً أن يكملوا إجراءات الدعوى .
    وأما أن يكون الشخص المذكور قد مات قبل أن يرفع دعواه ، أو قد يصدف أن يكتب الصحفي مقاله عن أشخاص فارقوا الحياة منذ زمن ، فهل ينقضي الحق بالوفاة وينشأ للورثة مجرد حق شخصي جديد، أو أنه ينتقل بالوفاة إلى الورثة فيكون لهم الحق في المطالبة بالتعويض ؟
    أن القول بأن الحق في الحياة الخاصة والحق في السمعة يعتبر أن من الحقوق اللصيقة بشخصية الأنسان يؤدي إلى الاعتراف بعدم أمكان أنتقالهما إلى الورثة وإنما ينقضيان بموت صاحبهما ، فالحق في الحياة الخاصة لا يحمي إلاّ الأنسان الحي وما يبقى لورثته إذا أصيبت مشاعرهم بضرر مجرد حق شخصي جديد للمطالبة بالتعويض (2).
    ويلاحظ أن المشرع الفرنسي قد أخذ بهذا الاتجاه فيما يتعلق بقذف الموتى وسبّهم من خلال نص المادة 34 من قانون الصحافة ، فبموجب هذه المادة أن دعوى القذف لا ترفع إلاّ بناءاً على شكوى الشخص المقذوف ، وأن أحكام القذف والسب لا تطبق على ما يقع منها في حق الأموات إلاّ إذا قصد بها ذلك المساس بكرامة أو شرف ورثته الأحياء. و يرى المعلقون على هذه المادة أنه يمكن أن يستفاد ذلك من خلال ذكر أسم الوارث في المقالة التي تتضمن الطعن في المورث أو الأشارة إلى أن صفات المورث قد أنتقلت إلى ورثته أو عن طريق نسبة أمور إلى المورث يتعدى أثرها إلى الوارث كالقول عن امرأة متوفاة أنها كانت تعاشر غير أزواجها ، أما الطعن في ذكرى شخص كان قد توفى من غير أن يقترن ذلك بالتعرض لورثته أو الأشاره إليهم بأية صورة ، فلا يتصور في هذه الحالة إمكانية التعدي على الورثة (1) .
    ويبدو أن القضاء الفرنسي الحديث يؤيد هذا الرأي حيث قضت محكمة النقض الفرنسية في عام 1997 بأن الحق في رفع دعوى لحماية الحق في احترام الحياة الخاصة ينتهي بوفاة الشخص المعني ، فهو الوحيد الذي يملك هذا الحق ، كما ذهبت محكمة أستئناف باريس في حكمها الصادر في نفس العام أن الحماية المستمدة من نص المادة التاسعة من القانون المدني لها طبيعة فرديه وتقتصر فقط على الاعتداءات الشخصية التي يتعرض لها صاحب الحق المعني وهو لا يقبل الأنتقال إلى الورثة، ومضت المحكمة في حكمها إلى القول بأن المقالات الصحفية المتعلقة بأنتحار أحد المحامين لا يمكن أن تشكل اعتداءاً على حياته الخاصة طالما كان نشرها لاحقاً لتاريخ أنتحاره وأن دعوى التعويض المرفوعة من أرملة المنتحر وولده بصفتهما وارثين تعد إذ أن غير مقبولة إلاّ أن المحكمة تساءلت عما إذا كان هناك ضرر شخصي قد أصاب الأرملة والأبن من جراء ذلك ، وأنتهت إلى أنتفاء المساس بالحياة الخاصـة للمدعيين بواسطة المقالات المنشورة بخصوص مورثهم ومن ثم رفضت المحكمة تعويضهما بصفة شخصية (2).
    وذهب قضاء المحكمة العليا الأمريكيه بنفس الاتجاه المشار إليه ، حيث قضت في عدة مناسبات بعدم أحقية الورثة بالادعاء بالتعويض عن الضرر الذي أصاب مورثهم في سمعته أو فـي خصوصياته ، ففي إحدى القضايا كان صحفيا قد نشر مقالاً تعلق بأنتحار شخص شرح فيه واقعة الأنتحار وأشار إلى أن المنتحر قد ترك زوجته وحيده ، فأقامت الزوجة الأرملة دعوى بالمطالبة بالتعويض عما لحق زوجها من أذى بسبب هذا النشر ، فقضت المحكمة المذكورة بأن الزوجة المدعية ليس لها سبب لرفع الدعوى ، فالمقال لم يذكر سوى أن المدعية هي زوجة المنتحر ، فالقذف يتعلق بزوجها المتوفى وأن ذكرها في المقال قد جاء عرضاً . وقد أيدت المحكمة دفع الصحفي المدعي عليه والذي تمثل بالنقاط التالية .
    1- أن القذف المنشور يكون قابل للادعاء فقط من قبل زوجها المتوفى .
    2- أن سبب الدعوى سقط بموت الزوج .
    3- ليس هناك ضرر خاص بالزوجة المدعية .
    4- أن الطرف الملائم أو المناسب للادعاء كمدعي في هذه القضية هو الشخص المشهر به مباشرة .
    وأنتهت المحكمة في حكمها إلى أن العلاقات العائلية مع الموتى لا تقدم سببا للدعوى (1).
    وفي قضية أخرى حكمت المحكمة العليا الأمريكية بحكم مشابه ، فقضت بأن الأم لا تستطيع المطالبة بالتعويض عن القذف المنشور عن أبنها المتوفى وعللّت المحكمة حكمها برفض التعويض بأنه لا يوجد شيئ في المقال يشير إلى أي سلوك ينعكس على الأم المدعية وأن جواز المطالبة بالتعويض في مثل هذه الحالة سيعطي لأم أي شخص الحق في رفع دعوى بأسمها للمطالبة بالتعويض (2). وهناك العديد القضايا في هذا الشأن (3).
    وطبقاً للمبادئ المستقرة في القانون الأنكليزي ، لا يحكم بتعويضات عن القذف بالموتى . وأنه قد قرر بأن ليس هناك دعوى للمقاضاة للارملة عن القذف الذي نسب لزوجها بأنه قد أنتحـر (4).
    فالمضايقات أو الآثار النفسية التي يتعرض لها الأقارب والأصدقاء لا يمكن أن تكون سبباً للدعوى عن التشهير لأنه لا يوجد أتهام مباشر عن الأذى لمشاعرهم . وفي الوقت الذي يحتفظ فيه كتبة السير والمؤرخين ببعض حرية التعبير في الكتابة عن الشخصيات الشهيرة ، فأن المحاكم إجتهدت لدعم أو تأييد الحق للأقارب لكي يحصلوا على أمر بمنع النشر أو على اعتذار عن الخطأ في النشر ولكن ليس هناك دعوى بالتعويض يمكن أن ترفع ، لأن العبارة التشهيرية توجه إلى الشخص المتوفى ولـيس لورثته أو لأقاربه (5).
    وإذا كان ما تقدم ذكره يمثل الاتجاه الراجح في الفقه والقضاء إلا أن هناك ثمة رأي يذهب إلى أن مبدأ عدم أنتقال الحقوق اللصيقة بالشخصية عن طريق الوفاة يجب أن لا يؤخذ على أطلاقه، فهناك بعض الحقوق الشخصية يمكن أن تنتقل بالوفاة ، ومن قبيل ذلك الحق في الصورة وكذلك الحقوق المتعلقة بالشرف والاعتبار من حيث أنها تهدف إلى حماية الكيان المعنوي للأنسان ، فيجب أن تمتد هذه الحماية وتستمر إلى ما بعد الوفاة ، فليس من المعقول أن تهدر خصوصيات حياته أو أن تُمَس سمعته لمجرد وفاته .ولا يمكن قبول الرأي الذي يقضي بأن الموت يؤدي إلى أن تصبح خصوصيات الأنسان وسمعته وكرامته من المباحات تنتهكها الصحف كيفما تريد وبدون أن يكون هناك من جزاء يمنعها من ذلك . كما أن القول بأنقضاء هذا الحق بالوفاة يعني التخلي عن حمايته في لحظه من اكثر اللحظات التي يكون فيها محتاجاً فيها فعلاً للحماية ، فضلاً
    منقوووووول
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    طرق التعويض وتقديره Empty رد: طرق التعويض وتقديره

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود السبت سبتمبر 01, 2012 3:23 pm

    ضوابط تقدير المحكمة لقيمة التعويض

    لئن كان تقدير التعويض من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع، إلا أن مناط ذلك أن يكون هذا التقدير قائماً على أساس سائغ مردود إلى عناصره الثابتة بالأوراق ومبرراته التي يتوازن بها أساس التعويض مع العلة من فرضه بحيث يبدو متكافئاً مع الضرر ليس دونه غير زائد عليه – أساس ذلك.
    المحكمة
    وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه قد اعتمد في قضائه بالتعويض على أقوال مرسلة لموظف أمن الشركة المطعون ضدها بمحضر الشرطة من أن قيمة المعدات التي تعرضت للسرقة تقدر بتسعين ألف جنيه، وكانت الشركة المطعون ضدها قد تراجعت في تقديرها لقيمة تلك الأشياء، إذ قدرتها بمبلغ مائة وألفي جنيه، كما خلت الأوراق من أي دليل يوضح القيمة الحقيقية لتلك المعدات المسروقة ، مما كان يتعين معه على المحكمة أن تستنفد كل مالها من سلطة للتوصل إلى كشف حقيقة ومقدار الأشياء المفقودة، وإذ هي سلمت بتقدير ذلك الموظف لقيمة تلك الأشياء وقضت به فإن حكمها يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
    وحيث إن هذا النعي سديد – ذلك أنه – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – فإن تعيين العناصر المكونة قانوناً للضرر والتي يحق أن تدخل في حساب التعويض، من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض وأنه ولئن كان تقدير التعويض من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع، إلا أن مناط ذلك أن يكون هذا التقدير قائماً على أساس سائغ مردوداً إلى عناصره الثابتة بالأوراق ومبرراته التي يتوازن بها أساس التعويض مع العلة من فرضه بحيث يبدو متكافئاً مع الضرر ليس دونه غير زائد عليه. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للشركة المطعون ضدها مبلغ التعويض الذي قدره بتسعين ألف جنيه، على سند من أقوال موظف أمن الشركة الأخيرة وتقييمه لقيمة الأشياء المفقودة في محضر الضبط حال أن تلك الأقوال جاءت مرسلة وخلت الأوراق من دليل يساندها ودون أن يستنفد ما له من سلطة التحقيق للوصول إلى حقيقة قيمة تلك الأشياء المفقودة ودون بيان عناصر الضرر التي لحقت بالمطعون ضدها، والمصدر الذي استقى منه تقديره للتعويض بما يعيبه بالقصور في التسبيب ، ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
    (نقض مدني – الطعن رقم 313 لسنة 73 ق – جلسة 23/11/2004)
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    طرق التعويض وتقديره Empty رد: طرق التعويض وتقديره

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود السبت سبتمبر 01, 2012 3:25 pm

    تعويض



    (1) تعويض – لا يكفي الضرر الاحتمالي والضرر غير المباشر – حداثة السن تجعل الفرصة ضعيفة الاحتمال - اكتفاء الحكم المطعون فيه في مقام قضائه بالتعويض عن الضرر المادي على ما أورده من أن وفاة ابنة المطعون ضدهما فوتت عليهما فرصة رعايتها لهما في شيخوختهما دون أن يعن ببحث ما أثارته الطاعنة من أن هذا الأمل غير وارد يعيبه بالقصور – أساس ذلك.
    المحكمة:-
    وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب إذ أيد قضاء الحكم الابتدائي بإلزامها بأداء ما قدرته من تعويض للمطعون ضدهما عن فوات الفرصة التي كانا يأملانها في أن ترعاهما ابنتهما في شيخوختهما حال أنها طفلة لم تبلغ الرابعة عشرة ربيعاً ولا تمتهن ما تؤجر عليه بل تعيش كلاً على والديها مع وجود جمع من الإخوة غيرها بما ينتفي معه مبرراً لقضاء الحكم المطعون فيه لهما بهذا التعويض وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
    وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي الإخلال بمصلحة مالية للمضرور وأن يكون الضرر محققاً بأن يكون وقوعه في المستقبل حتمياً، والعبرة في تحقق الضرر المادي للشخص الذي يدعيه نتيجة وفاة آخر هو ثبوت أن المجني عليه كان يعوله فعلاً وقت وفاته على نحو مستمر ودائم وأن فرصة الاستمرار على ذلك كانت محققة وعندئذ يقدر القاضي ما ضاع على المضرور من فرصة بفقد عائله ويقضى له بالتعويض على هذا الأساس، أما احتمال وقوع الضرر في المستقبل فلا يكفي للحكم بالتعويض، وأنه إذا كانت الفرصة أمراً محتملاً فإن تفويتها أمر محقق يحق للمضرور أن يطالب بالتعويض عنها، ولا يمنع القانون من أن يدخل في عناصر التعويض ما كان المضرور يأمل الحصول عليه من كسب من وراء تحقق هذه الفرصة ، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون هذا الأمل قائماً على أسباب مقبولة. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إذ اكتفى في مقام قضائه بالتعويض عن الضرر المادي على ما أورده من أن وفاة ابنة المطعون ضدهما فوتت عليهما فرصة رعايتها لهما في شيخوختهما دون أن يعن ببحث وتمحيص ما أثارته الطاعنة من أن هذا الأمل غير وارد لأن المتوفاة طفلة لا يتجاوز عمرها أربعة عشر عاماً تعال ولا تعول أحداً، أو أن يبين الأسباب المقبولة التي تبرر وجهة ما انتهى إليه، وهو ما من شأنه أن يجهل بالأسباب التي أقام عليها قضاءه بالتعويض المادي عن الكسب الفائت ويعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون مما يعيبه بالقصور وإذ كان لا يعرف مدى الأثر الذي ترتب على هذا التقرير القانوني الخاطئ الذي تردت فيه المحكمة فيما قدرته من تعويض مادي ولا يبين منه مقدار هذا التعويض وفصله عن التعويض الأدبي بأسس مفهومة تسمح بتبعيضه فإن نقض الحكم في مقداره يشمل مبلغ التعويض المقضي به في مجمله حتى وإن لم يرد ذلك بأسباب الطعن.
    (نقض مدني - الطعن رقم 2854 لسنة 73 ق - جلسة 27/3/2005)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
    (2) تعويض- الحمل المستكن- الشارع قصر الحق في التعويض عن الضرر الأدبي الشخصي المباشر على الأزواج والأقارب حتى الدرجة الثانية ، ويشمل هذا التعويض من كان من هؤلاء موجوداً على قيد الحياة في تاريخ الوفاة دون أن يتسع نطاق هذا الحق إلى من لم يكن له وجود حين الوفاة سواء كان لم يولد بعد أو كان مات قبل موت المصاب قضاء الحكم بالتعويض المادي والأدبي للقاصر الذي لم يكن له وجود وقت وفاة أبيه خطأ في تطبيق القانون – أساس ذلك.
    المحكمة:-
    وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى بهما الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه قضى للقاصر "إسلام" بتعويض عن الضررين المادي والأدبي مقداره تسعة آلاف جنيه رغم أنه كان حملاً مستكناً وقت وفاة مورثه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
    وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة 29 من القانون المدني على أن "تبدأ شخصية الإنسان بتمام ولادته حياً، وتنتهي بموته، ومع ذلك فحقوق الحمل المستكن يعينها القانون "يدل على أن المشرع أحال في بيان حقوق الحمل المستكن إلى القانون، وليس له من حقوق إلا ما حدده القانون وقد نظم المرسوم بالقانون رقم 119 لسنة 1952 في شأن الولاية على المال الولاية على الحمل المستكن، واثبت له قانون الجنسية الحق في اكتساب جنسية أبيه، واعترف له قانون المواريث بالحق في الإرث، كما اعترف له قانون الوصية بالحق فيما يوصى له به، أما حقه في التعويض عن الضرر الشخصي المباشر الذي يلحق به نتيجة الفعل الضار الذي يصيب مورثه قبل تمام ولادته حياً فلم يعينه القانون، وأن النص في المادة 222 من القانون المدني على أن "يشمل التعويض الضرر الأدبي أيضاً ، ولكن لا يجوز في هذه الحالة أن ينتقل إلى الغير إلا إذا تحدد بمقتضى اتفاق، أو طالب الدائن به أمام القضاء، ومع ذلك لا يجوز الحكم بتعويض إلا للأزواج والأقارب إلى الدرجة الثانية عما يصيبهم من ألم من جراء موت المصاب "مفاده أن الشارع قصر الحق في التعويض عن الضرر الأدبي الشخصي المباشر الذي يصيب الأزواج والأقارب إلى الدرجة الثانية في عواطفهم وشعورهم من جراء موت المصاب على من كان من هؤلاء موجوداً على قيد الحياة في تاريخ الوفاة دون أن يتسع نطاق هذا الحق إلى من لم يكن له وجود حين الوفاة سواء كان لم يولد بعد أو كان مات قبل موت المصاب فإن أياً من هؤلاء يستحيل تصور أن يصيبه ضرر أدبي نتيجة موته، لما كان ذلك وكان الثابت في الأوراق أن المجني عليه الذي قتل في الحادث سبب دعوى التعويض الراهنة، قد توفي بتاريخ 23/2/1998 قبل ميلاد ابنه القاصر "إسلام" الحاصل بعد 18/3/1998 ومن ثم فلم يكن لهذا الأخير ثمة وجود على قيد الحياة وقت موت أبيه إذ كان في هذا التاريخ حملاً مستكناً ومن ثم فلا يستحق بعد ولادته التعويض المادي والأدبي المطالب به، لأن الحق في التعويض عنهما وكما سلف بيانه ليس من الحقوق التي عينها القانون للحمل المستكن والتي حددها على سبيل الحصر. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى للقاصر "إسلام" بتعويض عن الضررين المادي والأدبي مقداره تسعة آلاف جنيه فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
    وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم فإنه يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم 16075 لسنة 120 ق القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض عن الضررين المادي والأدبي للقاصر(....) وبرفض الدعوى في خصوصه.
    (نقض مدني – الطعن رقم 3917 لسنة 74 ق – جلسة 13/12/2005)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
    (3) تعويض – ضرر أدبي:
    1- رفض الحكم المطعون فيه طلب التعويض عن الضرر الأدبي بمقولة أنه مقصور على المضرور ذاته خطأ في تطبيق القانون – علة ذلك.
    2- المساس بسلامة الجسم بأي أذى من شأنه أن يرتب طلب التعويض المادي مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر بقالة خلو الأوراق من إنفاق مصاريف العلاج خطأ – علة ذلك.
    المحكمة:-
    وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ رفض القضاء لهم بالتعويض عن الضرر المادي الذي أصاب مورثهم بتعذيبه إبان فترة اعتقاله لخلو الأوراق مما يفيد إن ذلك تسبب في نقص قدراته على الكسب أو تحمل في سبيل العلاج نفقات كما رفض تعويضهم عن الضرر الأدبي الذي حاق بهم شخصياً من جراء اعتقاله على اعتبار أن ذلك حق شخصي في حين أن التعويض عن الضرر المادي يتوافر بمجرد المساس بسلامة الجسم بأي أذى وأن للورثة حقاً شخصياً في طلب التعويض الأدبي مستقلاً عن حق المورث الذي وقع عليه الفعل الضار بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
    وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 222 من القانون المدني على أن "يشمل التعويض الضرر الأدبي أيضاً ولكن لا يجوز في هذه الحالة أن ينتقل إلى الغير إلا إذا تحدد بمقتضى اتفاق أو طالب الدائن به أمام القضاء "وما ورد بالمذكرة الإيضاحية من أنه "استقر في العصر الحاضر على وجوب التعويض عن الضرر الأدبي بوجه عام بعد أن زال ما خامر الأذهان من عوامل التردد في هذا الصدد "يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على أن المشرع استهدف بهذا النص وجوب التعويض عن الأضرار الأدبية التي تشمل كل ما يؤذى الإنسان في شرفه واعتباره أو يصيب عاطفته وإحساسه ومشاعره أما ما عدا ذلك من مساس بمصلحة مشروعة للمضرور في شخصه أو في ماله إما بالإخلال بحق ثابت يكفله له القانون أو بمصلحة مالية له فإنه يتوافر بمجرده الضرر المادي، وكان حق الإنسان في الحياة وسلامة جسمه من الحقوق التي كفلها الدستور والقانون وجرم التعدى عليه ومن ثم فإن المساس بسلامة الجسم بأي أذى من شأنه الإخلال بهذا الحق ويتوافر به الضرر المادي. وكان الأصل في التعويض عن الضرر المادي أنه إذا ثبت الحق فيه للمضرور فإنه ينتقل إلى ورثته ويستطيع الوارث أن يطالب بالتعويض الذي كان لمورثه أن يطالب به لو بقي حياً . وكان النص في الفقرة الأولى من المادة 222 من القانون المدني على أن "يشمل التعويض الضرر الأدبي أيضاً" وفي الفقرة الثانية على أنه "ومع ذلك لا يجوز الحكم بتعويض إلا للأزواج والأقارب إلى الدرجة الثانية عما يصيبهم من ألم من جراء موت المصاب "يدل على أن المشرع أجاز تعويض الضرر الأدبي بالمعنى السابق بيانه دون تخصيص ثم قيد هذا الحق من حيث مستحقيه فقصره في حالة الوفاة على الأزواج والأقارب إلى الدرجة الثانية، وهو تحديد لأشخاص من يحق لهم التعويض عن الضرر الأدبي وليس تحديداً لحالات وأسباب استحقاقه وهو ما ينطبق بدوره – ومن باب أولى – في تحديد المستحقين للتعويض عن هذا الضرر في حالة الإصابة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر ورفض تعويض الطاعنين عما لحق مورثهم من أضرار مادية إثر تعذيبه إبان فترة اعتقاله تأسيساً على أن الأوراق خلت من دليل على إنفاق مصاريف علاج أو أن ذلك أدى إلى نقص في قدرته على الكسب ورفض تعويضهم عن الضرر الأدبي على قالة أنه مقصور على المضرور ذاته فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ تطبيقه بما يوجب نقضه.
    (نقض مدني - الطعن رقم 5106 لسنة 64 ق - جلسة 28/5/2006)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
    (4) تعويض- ضرر مادي وأدبي – مجرد المساس بجسد الإنسان يتوافر به الضرر المادي، كما أن تحديد الأشخاص الذين يحق لهم التعويض عن الضرر الأدبي، فإنه ليس تحديداً لحالات وأسباب إستحقاقه – علة ذلك.
    المحكمة:-
    وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم أطرح أقوال شاهديهم فيما جرت به من أن الطاعن الأول عذب خلال فترة اعتقاله وذلك تأسيساً على أن الأوراق خلت من دليل رسمي على اعتقالهما معه وإنه وشاهديه لم يحددوا أسماء وصفات تابعي المطعون ضدهما الذين عذبوه، ولم يقدم دليلاً فنياً على أن إصابته من جراء التعذيب ، كما تراخى في رفع دعواه منذ تاريخ الإفراج عنه في سنة 1964 حتى 1987، ولم يعن الحكم ببحث طلبات باقي الطاعنين في مدي أحقيتهم في المطالبة بالتعويض من جراء ما لحقهم من أضرار مادية وأدبية نتيجة اعتقال الطاعن الأول مما يعيبه ويستوجب نقضه.
    وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان حق الإنسان في الحياة وسلامة جسمه من الحقوق التي كفلها الدستور والقانون وجرم التعدى عليه ومن ثم فإن المساس بسلامة الجسم بأي أذى من شأنه الإخلال بهذا الحق يتوافر به – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – الضرر المادي، وكان النص في المادة 222 من القانون المدني على أن "يشمل التعويض الضرر الأدبي أيضاً، ولكن لا يجوز في هذه الحالة أن ينتقل إلى الغير إلا إذا تحدد بمقتضى اتفاق، أو طالب الدائن به أمام القضاء". وفي الفقرة الثانية على أنه "ومع ذلك لا يجوز الحكم بتعويض إلا للأزواج والأقارب إلى الدرجة الثانية عما يصيبهم من ألم من جراء موت المصاب". يدل على أن المشرع استهدف بهذا النص وجوب التعويض عن الأضرار الأدبية والتي تؤذي الإنسان في شرفه واعتباره أو تصيب عاطفته وإحساسه ومشاعره دون تخصيص ثم قيد هذا الحق من حيث مستحقيه فقصره في حالة الوفاة على الأزواج والأقارب إلى الدرجة الثانية، وهو تحديد لأشخاص من يحق لهم التعويض عن الضرر الأدبي وليس تحديداً لحالات وأسباب استحقاقه، وهو ما ينطبق بدوره – ومن باب أولى – في تحديد المستحقين للتعويض عن هذا الضرر في حالة الإصابة، وأنه وإن كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بإيراد أسباب عدم اطمئنانها لأقوال الشهود إلا أنها إذا أوردت أسباباً لذلك يتعين أن تكون سائغة . لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى رفض طلب التعويض المادي والأدبي الناجم عن تعذيب الطاعن الأول أثناء فترة اعتقاله لخلو الأوراق مما يفيد أن إصابته وإجراء جراحة استئصال الغضروف بين الفقرتين الثالثة والرابعة لها علاقة بوقائع التعذيب، ومن أن نقصاً قد أخل بقدرته على الكسب، وإلى تراخيه في رفع الدعوى منذ تاريخ الإفراج عنه في عام 1964 حتى 1987 ، وخلو الأوراق من دليل على اعتقال شاهديه معه في الفترة التي اعتقل هو فيها وعدم تحديد أسماء تابعي المطعون ضدهما الذين عذبوه، في حين أن مجرد المساس بسلامة جسد الطاعن الأول يتوافر به الضرر المادي وأن القانون لا يشترط دليلاً بذاته ليثبت الأفراد سبق اعتقالهم باعتبار أن واقعة الاعتقال واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات ولا تشترط الإصابة لإثبات وقوع تعذيب وليست الكتابة شرطاً لإثبات الإصابة ، كما أن استطالة الزمن بين تاريخ التعذيب ورفع الدعوى بطلب التعويض عنه ليس دليلاً على عدم حدوثه حتى ولو لم ترد على ألسنة الشهود أسماء أو صفات من قالوا إنهم قاموا بتعذيب الطاعن الأول ويكون الحكم المطعون فيه – بما أقام عليه قضاءه – مشوباً بالفساد في الاستدلال حجبه عن بحث مدى أحقية الطاعنين فيما يطالبون به من تعويض مما يعيبه ويوجب نقضه.
    (نقض مدني - الطعن رقم 938 لسنة 62 ق - جلسة 9/1/2005)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
    (5) تعويض – ضرر مادي:-
    1- لا يشترط لإلزام شركة التأمين بأداء التعويض للمضرور سوى أن تكون السيارة التي وقع منها الحادث مؤمناً عليها لديها، وأن تثبت مسئولية مالكها المؤمن له أو مرتكب الحادث بغير حاجة إلى اختصام أيهما في دعوى المضرور المباشرة قبل المؤمن – نعى الشركة بأن مالك السيارة لم يختصم في الدعوى مردود - علة ذلك.
    2- قضاء الحكم المطعون فيه لأبناء المجني عليه بالتعويض عن الضرر المادي الذي لحقهم من وفاته دون استظهاره ما إذا كان المضرور يعولهم على نحو دائم ومستمر وأن فرصة الاستمرار كانت محققة يعيب الحكم بالقصور المبطل – علة ذلك.
    المحكمة:-
    وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعي الشركة الطاعنة بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه لقضائه بإلزامها بالتعويض عن الضرر الذي لحق بالمطعون ضدهم من جراء حادث السيارة المؤمن من مخاطرها لديها رغم أن مالكها – الحارس عليها – لم يختصم في الدعوى ولم يثبت مسئولية قائدها بحكم جنائي مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
    وحيث إن النعي مردود ذلك بأن المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن مفاد نص المادة السادسة من القانون 449 لسنة 1955 بشأن السيارات وقواعد المرور والفقرة الأولى من المادة الخامسة والمواد 16، 17، 18، 19 من القانون 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات أن للمضرور من الحادث الذي يقع من السيارة المؤمن عليها إجبارياً أن يرجع على شركة التأمين مباشرة لاقتضاء التعويض عن الضرر الذي أصابه نتيجة الحادث مستمداً حقه في ذلك من نصوص القانون المشار إليه آنفاً دون اشتراط أن يستصدر أولاً حكماً بتقرير مسئولية المؤمن له أو قائد السيارة عن الحادث ودون ضرورة لإختصامهما في الدعوى ذلك أن التزام المؤمن طبقاً للأحكام سالفة البيان يمتد إلى تغطية المسئولية عن أفعال المؤمن له ومن يسأل عنهم وغيرهم من مرتكبى الحادث على حد سواء ومن ثم فلا يشترط لإلزام شركة التأمين بأداء التعويض للمضرور سوى أن تكون السيارة التي وقع منها الحادث مؤمناً عليها لديها وأن تثبت مسئولية مالكها المؤمن له أو مرتكب الحادث حسب الأحوال بغير حاجة إلى اختصام أيهما في دعوى المضرور المباشرة قبل المؤمن. وإذ ثبت لدي المحكمة مسئولية مالك السيارة طبقاً لقواعد المسئولية الشيئية والتأمين عليها لدي الشركة الطاعنة فإن الحكم إذ انتهى إلى إلزام الشركة بالتعويض فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحى النعي بهذا السبب على غير أساس.
    وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون حين قضى للمطعون ضدهم – أولاد المتوفى في الحادث – بالتعويض عن الضرر المادي دون أن يثبت إعالته لهم وقد بلغ من العمر خمسة وسبعين عاماً مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
    وحيث إن النعي في محله ذلك بأن الضرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أنه يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي الإخلال بمصلحة مالية للمضرور وأن يكون الضرر محققاً بأن يكون قد وقع بالفعل وأن يكون وقوعه في المستقبل حتمياً والعبرة في تحقق الضرر المادي للشخص الذي يدعيه نتيجة وفاة آخر هي ثبوت أن المجني عليه كان يعوله فعلاً وقت وفاته على نحو مستمر ودائم وأن فرصة الاستمرار في ذلك كانت محققة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى للمطعون ضدهم – الستة الأوائل – أبناء المجني عليه بتعويض عن الضرر المادي الذي لحقهم من وفاته من جراء الحادث ودون أن يستظهر ما إذا كان المضرور يعولهم على نحو دائم مستمر وأن فرصة الاستمرار في ذلك كانت محققة وقد خلت الأوراق مما يدل على ذلك فإنه يكون قد ران عليه القصور المبطل بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً.
    (نقض مدني - الطعن رقم 7383 لسنة 74 ق - جلسة 20/4/2006)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
    (6) تعويض – العبرة في تحقق الضرر المادي للشخص الذي يدعيه نتيجة وفاة آخر هو ثبوت أن المجني عليه كان يعوله فعلاً وقت وفاته على نحو مستمر ودائم وأن فرصة الاستمرار على ذلك كانت محققة . ثبوت أن المجني عليه وقت وفاته لم يتجاوز عمره ثماني سنوات قضاء الحكم المطعون فيه بتعويض والديه – المطعون ضدهما – بمبلغ عشرة آلاف جنيه عن عنصر تفويت الفرصة مخالفاً للقانون – أساس ذلك.
    المحكمة:-
    وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال إذ ألزمها بأن تدفع للمطعون ضدهما مبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضاً مادياً لوفاة أبنهما على قالة تفويت الفرصة وإضاعة الأمل في رعايته لهما في شيخوختهما حال أنه طفل لم يتجاوز عمره سبع سنوات وله جمع من الإخوة حسبما هو ثابت بإعلام الوراثة بما ينتفي معه مبرراً لقضاء الحكم المطعون فيه لهما بهذا التعويض وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
    وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي الإخلال بمصلحة مالية للمضرور، وأن يكون الضرر محققاً بأن يكون وقوعه في المستقبل حتمياً، والعبرة في تحقق الضرر المادي للشخص الذي يدعيه نتيجة وفاة آخر هو ثبوت أن المجني عليه كان يعوله فعلاً وقت وفاته على نحو مستمر ودائم وأن فرصة الاستمرار على ذلك كانت محققة وعندئذ يقدر القاضي ما ضاع على المضرور من فرصة بفقد عائله ويقضى له بالتعويض على هذا الأساس، أما مجرد احتمال وقوع الضرر في المستقبل فلا يكفي للحكم بالتعويض، كما إنه إذا كانت الفرصة أمراً محتملاً فإن تفويتها أمر محقق يجيز للمضرور أن يطالب بالتعويض عنها، ولا يمنع القانون من أن يدخل في عناصر التعويض ما كان المضرور يأمل الحصول عليه من كسب من وراء تحقق هذه الفرصة إلا أن ذلك مشروط بأن يكون هذا الأمل قائماً على أسباب مقبولة. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المجني عليه ابن المطعون ضدهما كان حديث السن لم يجاوز عمره ثماني سنوات وقت وقوع الحادث الذي أودى بحياته حسبما هو ثابت من تقرير الكشف الطبي وأن والده هو الذي كان يعوله وله جمع من الأخوة ، فإن فرصتهما في أن تلحقهما رعايته عند بلوغه السن التي تؤهله إلى ذلك ضعيفة الاحتمال، ومن ثم فإن تفويتها ليس من شأنه أن يحقق ضرراً مادياً لهما، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتعويض المطعون ضدهما بمبلغ عشرة آلاف جنيه عن هذا العنصر من عناصر الضرر المطالب به على سند من أن موت ابنهما فوت عليهما فرصة أن يستظلا برعايته عند كبر سنهما فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
    وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين تأييد الحكم المستأنف.
    (نقض مدني - الطعن رقم 3853 لسنة 74 ق - جلسة 22/5/2005)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
    (7 ) التعويض الإتفاقي – ليس من حق الدائن في التعويض الإتفاقي أن يقتضي تعويضاً كاملاً إذا كان قد أسهم بخطئه في وقوع الضرر وثبت أنه قصر هو الآخر في تنفيذ التزامه – مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر يعيبه بالقصور المبطل الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون – أساس ذلك.
    المحكمة:-
    وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه قضى للمطعون ضده الأول بالتعويض الإتفاقي المنصوص عليه في عقد البيع سند الدعوى دون أن يبحث شروط استحقاقه وتوافر الخطأ في جانب الطاعنين ورابطة السببية بين ذلك الخطأ وما لحق به من ضرر، والتفت عما ثبت بالحكم الصادر في الإستئنافات أرقام 6497، 3272، 13766 سنة 115 ق القاهرة – الذي استند إليه الحكم المطعون فيه – من توافر الخطأ في جانب المطعون ضده الأول لإخلاله بالتزامه بسداد الأقساط المستحقة عليه في مواعيدها بما ترتب عليه إلحاق الضرر بالطاعنين جبره ذلك الحكم بمبلغ 60000 جنيه فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
    وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن التعويض الإتفاقي – حكمه في ذلك حكم التعويض القضائي – لا يجوز القضاء به إلا إذا توافرت أركان المسئولية من خطأ وضرر وعلاقة سببية طبقاً للقواعد العامة، قصار ما في الأمر أن الاتفاق مقوماً على قيمة التعويض على الإخلال بالالتزام العقدي – تنفيذاً أو تأخيراً – بجعل الضرر واقعاً في تقدير المتعاقدين فلا يكلف الدائن بإثباته، وكما يسقط حق الدائن في التعويض فلا يكون مستحقاً أصلاً إذا انفرد بالخطأ أو استغرق خطؤه خطأ المدين فكان هو السبب المنتج للضرر، فإنه ليس من حق الدائن أن يقتضي تعويضاً كاملاً إذا كان قد أسهم بخطئه في وقوع الضرر وثبت أنه قصر هو الآخر في تنفيذ التزامه، وإذا أثبت المدين أن تقدير التعويض الإتفاقي كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة، أو أنه نفذ التزامه الأصلي في جزء منه، جاز للقاضي تخفيض التعويض بنسبة ما تم تنفيذه من هذا الالتزام. لما كان ذلك، وكان الطاعنون قد تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضده الأول أخل بالتزامه بسداد باقي ثمن المبيع في المواعيد المقررة، وانتفاء الخطأ في جانبهم وثبوت ذلك بالحكم الصادر في الإستئنافات أرقام 3272، 6497، 13766 لسنة 115ق القاهرة الذي قضى بإلزام المطعون ضده الأول بأن يؤدي إليهم 60000 جنيه تعويضاً عما أصابهم من أضرار من جراء إخلاله بالتزامه، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يمحص هذا الدفاع ولم يناقش دلالة الحكم الصادر في الإستئنافات المشار إليها فيما أثبته من خطأ المطعون ضده الأول، وقضى بتأييد حكم أول درجة القاضي بإلزام الطاعنين بأن يؤدوا إليه التعويض الإتفاقي دون بحث توافر شروط القضاء به من ثبوت الخطأ في جانبهم ورابطة السببية بين هذا الخطأ وما لحق المطعون ضده المذكور من ضرر، ولم يقل كلمته فيما ثبت من خطأ في جانب الأخير ساهم به في وقوع الضرر والذي يبيح للقاضي تخفيض التعويض المتفق عليه إلى الحد المناسب فإنه يكون معيباً بالقصور المبطل الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة.
    (نقض مدني - الطعن رقم 2951 لسنة 72 ق - جلسة 17/5/2005)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
    (Cool تعويض – ضرر مادي – العبرة في تحقق الضرر المادي للشخص الذي يدعيه نتيجة وفاة أخر، هي ثبوت أن المجني عليه كان يعوله فعلاً وقت وفاته على نحو مستمر ودائم وأن فرصة الاستمرار على ذلك كانت محققة عدم التحقق من توافر الإعالة وقت الوفاة عن على نحو دائم ومستمر يعيب الحكم بالقصور في التسبيب – أساس ذلك.
    المحكمة:-
    وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب إذ أيد قضاء محكمة أول درجة بتعويض المطعون ضدهما مادياً عن وفاة مورثهم وأطرح دفاعها بانتفاء موجبات هذا التعويض لإفتقاد الأوراق إلى ما يكشف عن إعالته للأسرة واكتفى بما ضمنته مدوناته أنها ثابتة بالأوراق ومن أقوال والديه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
    وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن أسباب الحكم تكون مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط أو إبتناء الحكم على فهم حصلته المحكمة مخالفاً لما هو ثابت بأوراق الدعوى ويتحقق ذلك إذا إستندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي ثبتت لديها أو استخلاص هذه الواقعة من مصدر لا وجود له أو موجود ولكنه مناقض لما أثبته. وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة إنه يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي الإخلال بمصلحة مالية للمضرور وأن يكون الضرر محققاً بأن يكون قد وقع بالفعل أو يكون وقوعه في المستقبل حتمياً والعبرة في تحقق الضرر المادي للشخص الذي يدعيه نتيجة وفاة آخر هي ثبوت أن المجني عليه كان يعوله فعلاً وقت وفاته على نحو مستمر ودائم وأن فرصة الاستمرار على ذلك كانت محققة وعندئذ يقدر القاضي ما ضاع على المضرور من فرصة بفقد عائله ويقضى بالتعويض على هذا الأساس. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اعتد في ثبوت الضرر المادي في حق والدي المتوفى وأشقائه القصر إلى ما أحال عليه من أوراق الدعوى ومستنداتها وأقوال الوالدين دون أن يبين ماهية تلك الأوراق والمستندات وما يؤدي إليه مدلولها من توافر الإعالة وقت وفاته على نحو مستمر ودائم وبما يساند أقوال والديه مما يصمه بالفساد في الاستدلال وإذ حجبه ذلك عن بحث دفاع الطاعنة من انتفاء مبررات التعويض عن الضرر المادي فإنه يكون معيباً كذلك بالقصور في التسبيب جره إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه جزئياً في هذا الخصوص.
    (نقض مدني - الطعن رقم 2551 لسنة 74 ق - جلسة 22/5/2005)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
    (9) تعويض – تقدير التعويض من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع إلا أن مناط ذلك أن يكون هذا التقدير قائماً على أساس سائغ مردوداً إلى عناصره الثابتة بالأوراق متكافئاً مع الضرر غير زائد عليه – علة ذلك.
    المحكمة:-
    وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أنه خفض التعويض الذي قدرته محكمة أول درجة من عشرة آلاف جنيه إلى خمسة آلاف جنيه بما لا يتناسب مع الضرر الذي أصابه من بتر أصابع يده ودون أن يورد لقضائه هذا أسباباً تبرره وتكفي لحمله وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
    وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه وإن كان تقدير التعويض من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع إلا أن مناط ذلك أن يكون هذا التقدير قائماً على أساس سائغ مردوداً إلى عناصره الثابتة بالأوراق متكافئاً مع الضرر غير زائد عليه. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بتخفيض التعويض المقضي به من عشرة آلاف جنيه إلى خمسة آلاف جنيه مكتفياً القول أن المطعون ضده الأول اقتصر في إدعائه المدني على المطالبة بهذا المبلغ جبراً لأضراره وهو ما لا ينهض بذاته سبباً يبرر إنقاص التعويض بما يعيبه ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
    (نقض مدني -الطعن رقم 1679 لسنة57 ق- جلسة 9/5/2005)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
    (10) تعويض – التعويض المطالب به عن خطأ صاحب العمل يجب أن يبنى على خطأ صاحب العمل الشخصي الذي يرتب مسئوليته الذاتية، وهو خطأ واجب الإثبات فلا تطبق في شأنه أحكام المسئولية المفترضة الواردة في المادة 178 من القانوني المدني - علة ذلك.
    المحكمة:-
    وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول أن الحكم أقام قضاءه بالتعويض على إفتراض الخطأ في جانبها إعمالاً لأحكام المسئولية الشيئية الواردة في القانون المدني مع أن الخطأ في حقها واجب الإثبات فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
    وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن الخطأ المعنى بالفقرة الثانية من المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي الذي يجيز للمصاب بإصابة عمل أو للمستحقين عنه التمسك قبل صاحب العمل بأحكام أي قانون آخر إذا نشأت الإصابة عنه هو خطأ صاحب العمل الشخصي الذي يرتب مسئوليته الذاتية وهو خطأ واجب الإثبات فلا تطبق في شأنه أحكام المسئولية المفترضة الواردة في المادة 178 من القانون المدني، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضاءه بالتعويض على افتراض الخطأ في جانب الطاعنة إستنادا إلى أحكام المسئولية الشيئية المنصوص عليها في المادة 178 من القانون المدني فحجب نفسه بذلك عن إعمال حكم المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي وبحث خطأ الطاعنة الواجب الإثبات فإنه يكون قد خالف القانون وشابه القصور في التسبيب بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
    (نقض مدني- الطعن رقم 6840 لسنة74 ق- جلسة 8/5/2005)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
    (11) تعويض عن تعذيب – استطالة الزمن بين تاريخ التعذيب ورفع الدعوى بطلب التعويض عنه ليس دليلاً على عدم حدوثه حتى ولو لم ترد على ألسنة الشهود أسماء أو صفات من قاموا بالتعذيب – إنه وإن كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بإيراد أسباب عدم اطمئنانها لأقوال الشهود إلا أنها إذا أوردت أسباباً لذلك يتعين أن تكون سائغة – أساس ذلك.المحكمة:-
    وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم أطرح أقوال شاهديهم فيما جرت به من أن الطاعن الأول عذب خلال فترة اعتقاله وذلك تأسيساً على أن الأوراق خلت من دليل رسمي على اعتقالهما معه وإنه وشاهديه لم يحددوا أسماء وصفات تابعي المطعون ضدهما الذين عذبوه، ولم يقدم دليلاً فنياً على أن إصابته من جراء التعذيب، كما تراخى في رفع دعواه منذ تاريخ الإفراج عنه في سنة 1964 حتى 1987، ولم يعن الحكم ببحث طلبات باقي الطاعنين في مدى أحقيتهم في المطالبة بالتعويض من جراء ما لحقهم من أضرار مادية وأدبية نتيجة اعتقال الطاعن الأول مما يعيبه ويستوجب نقضه.
    وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان حق الإنسان في الحياة وسلامة جسمه من الحقوق التي كفلها الدستور والقانون وجرم التعدى عليه ومن ثم فإن المساس بسلامة الجسم بأي أذى من شأنه الإخلال بهذا الحق يتوافر به – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – الضرر المادي، وكان النص في المادة 222 من القانون المدني على أن "يشمل التعويض الضرر الأدبي أيضاً، ولكن لا يجوز في هذه الحالة أن ينتقل إلى الغير إلا إذا تحدد بمقتضى اتفاق، أو طالب الدائن به أمام القضاء". وفي الفقرة الثانية على أنه "ومع ذلك لا يجوز الحكم بتعويض إلا للأزواج والأقارب إلى الدرجة الثانية عما يصيبهم من ألم من جراء موت المصاب" . يدل على أن المشرع استهدف بهذا النص وجوب التعويض عن الأضرار الأدبية التي تشمل كل ما يؤذى الإنسان في شرفه واعتباره أو يصيب عاطفته وإحساسه ومشاعره دون تخصيص ثم قيد هذا الحق من حيث مستحقيه فقصره في حالة الوفاة على الأزواج والأقارب إلى الدرجة الثانية، وهو تحديد لأشخاص من يحق لهم التعويض عن الضرر الأدبي وليس تحديداً لحالات وأسباب استحقاقه، وهو ما ينطبق بدوره – ومن باب أولى – في تحديد المستحقين للتعويض عن هذا الضرر في حالة الإصابة، وأنه وإن كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بإيراد أسباب عدم اطمئنانها لأقوال الشهود إلا أنها إذا أوردت أسباباً لذلك يتعين أن تكون سائغة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى رفض طلب التعويض المادي والأدبي الناجم عن تعذيب الطاعن الأول أثناء فترة اعتقاله لخلو الأوراق مما يفيد أن إصابته وإجراء جراحة استئصال الغضروف بين الفقرتين الثالثة والرابعة لها علاقة بوقائع التعذيب، ومن أن نقصاً قد أخل بقدرته على الكسب، وإلى تراخيه في رفع الدعوى منذ تاريخ الإفراج عنه في عام 1964 حتى 1987، وخلو الأوراق من دليل على اعتقال شاهديه معه في الفترة التي اعتقل هو فيها وعدم تحديد أسماء تابعي المطعون ضدهما الذين عذبوه، في حين أن مجرد المساس بسلامة جسد الطاعن الأول يتوافر به الضرر المادي وأن القانون لا يشترط دليلاً بذاته ليثبت الأفراد سبق اعتقالهم باعتبار أن واقعة الاعتقال واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات ولا تشترط الإصابة لإثبات وقوع تعذيب وليست الكتابة شرطاً لإثبات الإصابة، كما أن استطالة الزمن بين تاريخ التعذيب ورفع الدعوى بطلب التعويض عنه ليس دليلاً على عدم حدوثه حتى ولو لم ترد على ألسنة الشهود أسماء أو صفات من قالوا إنهم قاموا بتعذيب الطاعن الأول ويكون الحكم المطعون فيه – بما أقام عليه قضاءه – مشوباً بالفساد في الاستدلال حجبه عن بحث مدى أحقية الطاعنين بما يطالبون به من تعويض مما يعيبه ويوجب نقضه.
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    طرق التعويض وتقديره Empty رد: طرق التعويض وتقديره

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود السبت سبتمبر 01, 2012 3:27 pm

    (نقض مدني - الطعن رقم 938 لسنة 62 ق- جلسة 9/1/2005)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
    (12) دعوى – صفة – تعويض :-
    1- رئيس الجمهورية هو صاحب الصفة في تمثيل الدولة في دعاوى التعويض عن وقائع التعذيب وغيرها من الاعتداءات على الحقوق والحريات العامة التي تسأل الدولة عنها مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر يعيبه بمخالفة القانون.
    2- الضوابط والمعايير اللازمة لتقدير التعويض تسري عن الضررين المادي والأدبي على سواء دون تخصيص قواعد معينة لتقدير التعويض عن الضرر – أساس ذلك.
    المحكمة:-
    وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ذلك أنه قضى بتأييد حكم أول درجة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضده الثاني – رئيس الجمهورية – إستنادا إلى أن مرتكبي التعذيب من رجال الشرطة بالسجون غير تابعين له في حين أن التعويض عن التعذيب مسئولية الدولة ورئيسها وفقاً لأحكام الدستور مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
    وحيث إن هذا النعي سديد. ذلك أنه لما كان مؤدي نص المادتين 52، 53 من القانون المدني أن الأشخاص الاعتبارية هي الدولة والمديريات والمدن والقرى بالشروط التي يحددها القانون والإدارات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة التي يمنحها القانون شخصية اعتبارية وكان القانون لم يمنح الوزارات شخصية اعتبارية وإنما استبقى الشخصية للدولة وجرى القضاء على اعتبار الوزير المختص ممثلاً لها في الشئون المتعلقة بوزارته وكان مفاد المواد 73، 137، 138، 141، 142 من الدستور أن رئيس الدولة هو رئيس الجمهورية وهو الذي يتولى السلطة التنفيذية فيها ويضع بالاشتراك مع مجلس الوزراء السياسة العامة للدولة ويشرفان على تنفيذها وهو الذي يعين رئيس الوزراء والوزراء ويعفيهم من مناصبهم وله دعوة مجلس الوزراء ورئاسته وطلب التقارير من الوزراء ومن ثم فهو صاحب الصفة في تمثيل الدولة ولا يغير من ذلك أن الوزير يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته باعتباره المتولى الإشراف على شئونها والمسئول عنها والذي يقوم بتنفيذ سياسة الحكومة فيها فذلك ليس من شأنه أن ينفى صفة رئيس الجمهورية في تمثيل الدولة ذاتها. وكان النص في المادة 57 من الدستور على أن "كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية والمدنية الناشئة عنها بالتقادم وتكفل الدولة تعويضاً عادلاً لمن وقع عليه الاعتداء "وفي المادة الثانية من اتفاقية مناهضة التعذيب التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 10/12/1984 ووافقت مصر عليها بقرار رئيس الجمهورية رقم 154 لسنة 1986 على أن "تتخذ كل دولة إجراءات تشريعية وإدارية وقضائية فعالة أو أية إجراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي... ولا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أياً كانت سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديداً بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلى أو أية حالة من حالات الطوارئ العامة كمبرر للتعذيب "وفي المادة الرابعة على أن "تضمن كل دولة طرف أن تكون جميع أعمال التعذيب جرائم بموجب قانونها الجنائي.. مستوجبة للعقاب بعقوبات مناسبة تأخذ في الاعتبار طبيعتها الخطيرة "وفي المادة الرابعة عشرة على أن "تضمن كل دولة طرف في نظامها القانوني إنصاف من يتعرض لعمل من أعمال التعذيب وتمتعه بحق قابل للتنفيذ في تعويض عادل ومناسب "يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على أن المشرع قدر أن التعذيب الذي ترتكبه السلطة ضد الأفراد هو عمل إجرامي ذو طبيعة خطيرة أياً كانت الظروف التي يقع فيها أو السلطة الآمرة بارتكابه وأن الدعاوى الناشئة عنه قد يتعذر الوصول إلى الحق فيها ما بقيت الظروف السياسية التي وقع في ظلها قائمة ولذلك استثنى المشرع هذه الدعاوى من القواعد العامة فمنع سقوطها بالتقادم ولم يقصر المسئولية فيها على مرتكبي التعذيب والجهات التي يتبعونها بل جعل هذه المسئولية على عاتق الدولة بأسرها فإن رئيس الجمهورية يكون ذا صفة في تمثيل الدولة في دعاوى التعويض عن وقائع التعذيب وغيرها من الاعتداءات على الحقوق والحريات العامة التي تسأل الدولة عنها. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضده الثاني رئيس الجمهورية بمقولة أن مرتكبي التعذيب غير تابعين له فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
    وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه أقام قضاءه على أن الضرر المادي ينحصر في الإخلال بمصلحة مالية ورتب على ذلك رفض طلبه بالتعويض عما لحقه من ضرر مادي بسبب التعذيب رغم أن المساس بسلامة الجسم بأي أذى يتوافر به الضرر المادي كما قضى بتخفيض التعويض عن الضرر الأدبي من مبلغ 15 ألف جنيه إلى ألف جنيه قولاً منه بأنه يكفي لجبره تعويض رمزي وأن مجرد الحكم على المسئول بتعويض ضئيل كفيل برد اعتبار المضرور في حين أن التعويض يتعين أن يكون عادلاً جابراً للضرر مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
    وحيث إن هذا النعي بشقيه سديد. ذلك أن النص في المادة 170 من القانون المدني على أن "يقدر القاضي مدى التعويض عن الضرر الذي لحق المضرور طبقاً لأحكام المادتين 221 ، 222 مراعياً في ذلك الظروف الملابسة..." وفي المادة 171 منه على أن "(1) يعين القاضي طريقة التعويض تبعاً للظروف .....(2) ويقدر التعويض بالنقد ...." وفي المادة 221 منه على أنه "(1) إذا لم يكن التعويض مقدراً في العقد أو بنص في القانون، فالقاضي هو الذي يقدره... "وفي المادة 222 من ذلك القانون على أن "يشمل التعويض الضرر الأدبي...."يدل على أن كل ضرر يمكن تقديره بالنقد فالأصل في التعويض أن يكون تعويضاً نقدياً يجبر بقدر معلوم الضرر الواقع للمضرور جبراً كاملاً مكافئاً له ويراعى القاضي في تقدير التعويض الظروف الشخصية للمضرور فيكون محلاً للاعتبار حالته الصحية والجسمية وجنسه وسنه وحالته الاجتماعية وكل ظرف من شأنه أن يؤثر في مقدار ما لحقه من ضرر يستوي في ذلك الضرر المادي والضرر الأدبي ذلك أن البين من نصوص المواد سالفة البيان أن الضوابط والمعايير الواردة بها تسرى على تقدير التعويض عن الضررين المادي والأدبي على سواء دون تخصيص قواعد معينة لتقدير التعويض عن الضرر الأدبي، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حق الإنسان في الحياة وسلامة جسمه من الحقوق التي كفلها الدستور والقانون وجرم التعدى عليها ومن ثم فإن المساس بسلامة الجسم بأي أذى من شأنه الإخلال بهذا الحق يتوافر به الضرر المادي. وإذا كان الضرر الذي يصيب الشخص في حق أو مصلحة مالية أو جسمه هو ضرر مادي إلا أن الجانب الأدبي من الإنسان سواء من حيث شرفه واعتباره أو عاطفته وشعوره ووجدانه هو بحسب الأصل أغلى قيمة والأضرار التي تصيب الإنسان في شئ من ذلك بطبيعتها متفاوتة فإيذاء المشاعر الناتج عن كلمة نابية يتلفظ بها المخطئ في مشادة عابرة قد يجبرها مجرد الحكم على المسئول بتعويض ضئيل يرد اعتبار المضرور في حين أن حملة تشهير تغتال السمعة والاعتبار بين الناس وتؤثر في مشاعر ووجدان ضحيتها مدة طويلة لا يجبرها مثل ذلك، والضرر المتمثل في إيذاء الشعور الناجم عن استيقاف فرد ليوم أو بعض يوم نتيجة اتهام ظالم يقل بالضرورة عن اعتقال الناس سنين ذات عدد يتعرض فيها المعتقل للتعذيب فيصاب في مشاعره ووجدانه ومعتقداته بما يفقده الإحساس حتى بقيمة الأشياء التي يمتلكها وهو ما قد يؤدي إلى الانتقاص من قدرته على الكسب لفقدان الرغبة فيه أو القدرة النفسية على الإنفاق فلابد أن تراعى المحكمة في تقديرها للتعويض مدى ما أصاب المضرور من قهر وألم وأسى ليكون التعويض مواسياً، ولا يؤدي بسبب ضآلته لزيادة ألمه فتسئ إليه في حين أن المقصود مواساته. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض طلب الطاعن التعويض عما لحقه من أضرار مادية من جراء تعذيبه رغم تسليمه بأنه تعرض للضرب والجلد خلال فترة اعتقاله وقضى بتخفيض التعويض عن الضرر الأدبي بصورة جزافية من مبلغ 15 ألف جنيه إلى مبلغ ألف جنيه قولاً منه بأنه يكفي لجبر هذا الضرر تعويض رمزي فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وحجبه ذلك عن تقدير التعويض العادل المناسب لجبر كافة الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بما يوجب نقضه.
    (نقض مدني – الطعن رقم 3535 لسنة 64 ق - جلسة 13/2/2006)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
    (13) تعويض – اعتداد الحكم المطعون فيه بإلزام الشركة الطاعنة بالتعويض بالحكم الجنائي الصادر حضورياً اعتبارياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد يعيبه لأن باب المعارضة الاستئنافية في الحكم مازال مفتوحاً – أساس ذلك.المحكمة:-
    وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالأول منهما الخطأ في تطبيق القانون حين عول في قضائه بإلزامها بالتعويض على الحكم الجنائي الصادر في الجنحة بإدانة قائد السيارة المتسببة في الحادث مع أن هذا الحكم لم يصبح باتاً بعد فلا يكفي لتقرير مسئوليتها وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
    وحيث إن النعي سديد ذلك بأن المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن مؤدي نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية أنه لا يكون للحكم الجنائي قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية إلا إذا كان باتاً لا يجوز الطعن فيه بالاستئناف أو بالنقض إما لإستنفاذ طرق الطعن فيه أو لفوات مواعيده ، كما أن الحكم الحضوري الاعتباري هو حكم قابل للمعارضة إذا ما أثبت المحكوم عليه قيام عذر منعه من الحضور ولم يستطع تقديمه قبل الحكم. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اعتد في قضائه بإلزام الشركة الطاعنة بالتعويض بحجية الحكم رقم 2370 لسنة 2000 جنح مستأنف البداري المحكوم فيه حضورياً إعتبارياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد في ثبوت خطأ المتهم المتسبب في الحادث وأقام عليه قضاءه بمسئولية الشركة الطاعنة عن التعويض رغم أن باب المعارضة الإستئنافية في الحكم مازال مفتوحاً لعدم إعلانه للمحكوم عليه فلم يصبح باتاً بعد فإنه يكون معيباً مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث السبب الثاني من أسباب الطعن.
    (نقض مدني الطعن رقم 3715 لسنة 73 ق جلسة 17/3/2005)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
    (14) تعويض عن وضع كابل كهرباء ذات ضغط عالي فوق العقار – لا يجوز لشركات الكهرباء دفع مسئوليتهم قبل المضرور بقالة أن وحدات الحكم المحلي هي المسئولة عن أسلاك الضغط العالي لأن محل ذلك دعوى توزيع المسئولية - علة ذلك.
    المحكمة:-
    وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه رفض دفعها بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير صفة رغم أن الشركة طبقاً لقرار إنشائها تختص ببيع وتوزيع الطاقة الكهربائية وليست مسئولة عن خط الكهرباء المسبب للضرر المدعى به والذي تسئل عنه الوحدة المحلية المختصة بإنشاء وصيانة هذا الخط مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
    وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأنه لما كان النص في المادة 178 من القانون المدني على أن (كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسئولاً عما تحدثه هذه الأشياء من ضرر، ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه) يدل على أن المشرع قصد به أن يرفع ظلماً يحيق بطائفة من المضرورين، فلم يشترط وقوع خطأ من المسئول عن تعويضهم، وإنما أسس هذه المسئولية على خطأ مفترض يكفى لتحققها أن يثبت المضرور وقوع الضرر بفعل الشيء، ولا تنتفى مسئوليته إلا بإثبات السبب الأجنبي، والحارس الذي يفترض الخطأ في جانبه ذلك الشخص – الطبيعي أو المعنوي – الذي تكون له السيطرة الفعلية على الشئ لحساب نفسه سواء كان مالكاً أو غير مالك، وسواء كانت الحراسة معقودة لشخص واحد أو أكثر من شخص متى باشر كل منهم سلطات الحراسة لحساب نفسه على ذات الشئ في آن، أو كانت ممارستهم لها على نحو متصل ومتداخل دون أن تنتقل السيطرة الفعلية لأيهم على سبيل الإنفراد فليس المقصود بعدم تجزئة الحراسة منع تعدد الحراس وإنما حماية المضرور في حالة انتقال السيطرة المادية على الشئ لغير الحارس ولحسابه فتظل مسئوليته قائمة عن الأضرار الناشئة عن الشئ سواء كانت ناتجة عن استعماله أو لعيب في تكوين الشئ ذاته حتى لا يكلف المضرور عبء إثبات سبب الضرر كما خلت نصوص القانون المدني مما يمنع تعدد الحراسة سواء اتحد سندهم أو تعدد فالأوفى بمقاصد المشرع أن يكون كل منهم مسئولاً عن أداء كامل التعويض للمضرور مع بقاء حقهم في توزيع المسئولية فيما بينهم أو رجوع أحدهم على غيره طبقاً للقواعد المقررة في القانون المدني وهو ما استلهمه المشرع في المادة 67 من قانون التجارة إذ نصت على مسئولية كل من منتج السلعة، ومستوردها، وتاجر الجملة على السواء عن الأضرار البدنية والمالية الناشئة عن عيب في السلعة حتى ولو لم يكن أحد منهم يعلم بالعيب وكذلك المادة 252 من القانون ذاته التي نصت على تضامن الناقلين على التعاقب وبطلان أي اتفاق يخالف ذلك، والنص في المادة 169 من القانون المدني على أنه "إذا تعدد المسئولون عن عمل ضار كانوا متضامنين في التزامهم بتعويض الضرر "وكانت الشخصيات الاعتبارية لا يكون لها من الاستقلال والأهلية إلا بمقدار ما جاء في سند إنشائها ويقوم بينها من الروابط ما لا يمكن أن يقوم بين الشخصيات الطبيعية فقد تتداخل حتى تفنى بالاندماج أو تتجزأ فينبثق من الشخصية الواحدة شخصيات متعددة، وكانت نصوص التشريعات المتعددة والمتلاحقة التي تحكم إنتاج وتوزيع الطاقة الكهربائية بدءاً من قرارات رئيس الجمهورية 1472 ، 1473 ، 1474 لسنة 1964 بإنشاء مؤسسات عامة أسند إليها إنتاج ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية حتى صدور القانون 164 لسنة 2000 بتحويل هيئة كهرباء مصر إلى شركة مساهمة مصرية تسمى الشركة القابضة لكهرباء مصر ثم صدور قرار رئيس الجمهورية 339 لسنة 2000 بإعادة تنظيم مرفق الكهرباء هذه النصوص قاطعة الدلالة على أن المشرع اعتبر إنتاج الطاقة الكهربائية ونقلها وتوزيعها من المنافع العامة التي تخضع للإشراف المباشر للحكومة المركزية بما يستتبعه ذلك من اعتبار منشآتها من الأموال العامة. وأياً كان وجه الرأي في طبيعة حق الدولة على الأموال العامة فالنص في المادة 87 صريح في عدم جواز تصرف الدولة في المال العام على نحو يتعارض مع تخصيصه للنفع العام وكل ما لها أن تستعين في إدارته بغيرها. وكانت العبرة في تكييف العلاقة والروابط التي تربط الدولة بالمال العام والمنتفع به هي – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – بحقيقة الواقع وحكم القانون وأن الدولة لا تملك التصرف في المال العام إلا على سبيل الترخيص المؤقت الغير ملزم لها فإذا باعت شيئاً من الأموال العامة كان تصرفها باطلاً بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام، ولا يغير من ذلك أن الدولة قد ملكت المنشآت الكهربائية للشركة القابضة وهي إحدى شخصيات القانون الخاص ولا أن الشركة قد اقتطعت هذه المنشآت لشركات متفرعة منها فأعطت شركات الإنتاج محطات التوليد وشركة النقل شبكة الجهد العالي والفائق وشركات التوزيع شبكة الجهد المتوسط والمنخفض ولا إسناد مهمة إنشاء وصيانة شبكات الإنارة العامة لوحدات الحكم المحلي ذلك أن حقيقة الواقع أن مرفق الكهرباء بكافة منشآته هو صورة من صور المرافق العامة المملوكة للدولة والتي لا تتولى إدارتها بنفسها مباشرة وإنما بإسنادها إلى أشخاص اعتبارية قائمة أو تنشأ جهات أخرى تتولى نشاطه المادي والقانوني وتمنحها قدراً من الاستقلال الفني والإداري والمالي والشخصية الاعتبارية في الحدود اللازمة لمباشرة نشاطها فالشركة القابضة وشركات التوزيع ووحدات الحكم المحلي ليست سوى أشخاصاً اعتبارية تدير من خلالها الدولة مرفق الكهرباء المملوك لها وتكون لهذه الشخصيات الحراسة الفعلية على المنشآت الكهربائية الداخلة في نطاق اختصاصها الوظيفي والمكاني ولا يغير من ذلك أنها لا تمارس سلطات الحراسة لحساب نفسها قصراً واستقلالا لأن ولاية الدولة ذاتها بالنسبة للأموال العامة تقتصر على الحراسة والحفظ والإدارة والإشراف لحساب المستفيد الحقيقي وهو الأمة التي تنتفع من ملكية الدولة لهذه المنشآت. وكانت الأعمدة والأسلاك وكافة المعدات المستخدمة في إنتاج ونقل الكهرباء ليست بذاتها من الأشياء الخطرة وإنما مكمن الخطورة هو ما يسرى فيها من طاقة كهربائية وهي منتج له طبيعة خاصة فلا تسلم من يد إلى يد شأن الأشياء المادية بل يتعاصر إنتاجها ونقلها توزيعها دون فاصل زمني ملحوظ فتتداخل هذه المراحل وتتصل ببعضها على نحو يتعذر معه الفصل بينها فتبقى السيطرة الفعلية للمنتج والناقل والموزع ولا تنتقل ولا ينفرد بها أحدهم خلال سريانها في الشبكات فتظل الحراسة لهم جميعاً ويكون كل منهم مسئولاً قبل المضرور حماية له حتى لا يكون تكليفه بتعيين المسئول من بينهم وقت حدوث الضرر سبيلاً لضياع حقوقه في ظل تعدد وتلاحق التشريعات التي تنقل وتعدل في تبعية المنشآت الكهربائية للأشخاص الاعتبارية التي تنشئها الدولة وتسند إليها إدارة مرفق الكهرباء وهو ما يتفق مع نهج المشرع بإضافة فقرة ثالثة إلى المادة 115 من قانون المرافعات تكتفي بمجرد ذكر الجهة المدعى عليها ليصح اختصام الشخصية الاعتبارية وقالت المذكرة الإيضاحية في هذا الخصوص (لا يجوز أن يكون تغير الصفة في تمثيل الشخص الاعتباري العام أو الخاص سبباً في تعطيل الدعوى.. ذلك أن تعدد التشريعات التي تناولت بالإدماج بعض الجهات في غيرها أو تغيير تبعيتها في وقت اتسع فيه نطاق هذه الجهات ما بين هيئات ومؤسسات وشركات عامة وغيرها ولرفع هذه المشقة عن المتقاضين ومنع تعثر خصومتهم فقد أضاف المشرع هذه الفقرة مكتفياً ببيان اسم الجهة المدعى عليها) ومن ثم يكون للمضرور أن يقيم دعواه قبل الشركة القابضة وشركات التوزيع ووحدات الحكم المحلي جميعاً أو قبل أي منهم وكل جهة وشأنها في الرجوع على شركائها في الحراسة عملاً بنص المادة 169 من القانون المدني. لما كان ذلك، وكان خط الكهرباء المسبب للضرر المقضي بالتعويض عنه وبإزالته من مكانه - يدخل في حراسة الشركة الطاعنة وشركات التوزيع فيكون كل منهم مسئولاً عن الضرر الناجم عنه ولا يجوز لأيهم دفع مسئوليته قبل المضرور بمسئولية غيره من شركائه في الحراسة لأن محل ذلك هو دعوى تحديد أو توزيع المسئولية فيما بينهم وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعنة بالتعويض وبإزالة خط الكهرباء موضوع النزاع يكون قد التزم صحيح القانون فإن ما تثيره الطاعنة بسبب النعي بشأن انتفاء مسئوليتها وبمسئولية الوحدة المحلية متعين الرفض.
    (نقض مدني – الطعن رقم 2335 لسنة 73 ق - جلسة 9/5/2005)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
    (15) تعويض عن بلاغ كاذب – طرح الحكم المطعون فيه دفاع الطاعن بمقولة عدم توافر الخطأ قبل المطعون ضدهم لأن الأخير كان في موقف المدافع بعد إبلاغ الطاعن عنه وخصوماته مع أبيه بشأن استلام الأرض هو قول لا يواجه دلالة المستندات المقدمة من الطاعن مما يعيبه بالقصور - أساس ذلك.
    المحكمة:-
    وحيث أن الطاعن ينعى الحكم المطعون فيه بالخطأ والقصور في التسبيب إذ أنه تمسك أمام محكمة الموضوع أن المطعون ضده الأخير قد أبلغ وأشهد معه باقي المطعون ضدهم بأن الطاعن قد سلب حيازته لأرض النزاع وبالقوة الجبرية مما ترتب عليه فقد الطاعن لهذه الحيازة – بقرار من النيابة العامة ومؤيد من قاضى الحيازة – وذلك من سنة 1985/1986 الزراعية حتى سنة 1988/1989 وتقديمه للمحاكمة الجنائية – رغم علم المطعون ضدهم قبل الإبلاغ بأن الطاعن قد استلم الأرض تنفيذاً لحكم قضائي نهائي بموجب محضر مؤرخ 29/2/1984 موقع عليه من المطعون ضده الأول أعقبه تعرض المطعون ضده الأخير وتم التنفيذ الجبري قبله في 13/12/1984. إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع بمقولة أن المطعون ضده الأخير كان في موقف المدافع لوجود خصومات بين أبيه والطاعن – وأن باقي المطعون ضدهم لا يعلمون بواقعة استلام الطاعن للأرض تنفيذاً لحكم نهائي لأن ما أدلوا به في محاضر جمع الاستدلالات كان في حدود ما وجه له من أسئلة، وهو رد لا يواجه هذا الدفاع – مما يعيبه ويستوجب نقضه.
    وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن – المقرر في قضاء هذه المحكمة – أن الحكم يجب أن يشمل بذاته ما يطمئن المطلع عليه إلى أن المحكمة محصت الأدلة التي قدمت إليها وحصلت منها ما تؤدي إليه وذلك باستعراض هذه الأدلة والتعليق عليها بما ينبئ عن بحث ودراسة أوراق الدعوى، وأن ترد على كل دفاع جوهري يبديه الخصوم ويطلب منها بطريق الجزم أن تدلى برأيها فيه – بحيث يكفى ردها لمواجهة هذا الدفاع وإلا اعتبر حكمها خالياً من الأسباب. لما كان ذلك. وكان البين من الأوراق أن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع وأن المطعون ضده الأخير قد أساء استعمال حقه في الإبلاغ وأشهد باقي المطعون ضدهم في المحضر 559 لسنة 1984 إداري قنا بأن الطاعن قد سلب حيازته لأرض النزاع بالقوة – فصدر قرار النيابة العامة بتمكين المطعون ضده الأخير منها وتأيد من قاضى الحيازة في 18/5/1985 – مما ترتب عليه فقد الطاعن الانتفاع بالأرض ملكه من سنة 1985/1986 الزراعية حتى سنة 1988/1989 وتقديمه للمحاكمة الجنائية – رغم ثبوت علم المطعون ضدهم قبل هذا البلاغ بأن الطاعن كان قد استلم الأرض تنفيذاً لحكم نهائي – رقم 118 لسنة 1980 جزئي قنا بفسخ عقد إيجار والد المطعون ضده الأخير للأرض – وأن المطعون ضده الأول (دلال الناحية) قد وقع على محضر تسليمها للطاعن والمؤرخ 29/2/1984 كما تم التنفيذ الجبرى لهذا الحكم قبل المطعون ضده الأخير بعد تعرضه على النحو الثابت بالمحضر 25 لسنة 1984 أحوال قسم قنا في 13/12/1984 وقدم للمحاكمة الجنائية في الجنحة 2654 لسنة 1984 قنا وهو ما ترتب عليه حرمانه من الانتفاع بملكه قرابة ثلاث سنوات – إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع بمقولة عدم توافر الخطأ قبل المطعون ضدهم لأن الأخير كان في موقف المدافع بعد إبلاغ الطاعن عنه وخصوماته مع أبيه في دعاوى بشأن استلام الأرض – وأن باقي المطعون ضدهم لا يعلمون بواقعة استلام الطاعن للأرض بالقوة الجبرية لأن ما أدلوا به في محاضر جمع الاستدلالات كان في حدود ما وجه لهم من أسئلة، وهو قول لا يواجه هذا الدفاع ودلالة المستندات سالفة البيان – مما يعيبه بالقصور في التسبيب ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
    (نقض مدني – الطعن رقم 1956 لسنة 61 ق – جلسة 9/5/2005)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
    (16) تعويض – يجوز للعامل أن يجمع بين حقه في التعويض عن إصابة العمل من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية وحقه في التعويض قبل المسئول عن الفعل الضار طبقاً لأحكام المسئولية التقصيرية – أساس ذلك.
    المحكمة:-
    لما كان البين من الأوراق أن المطعون ضدهم أولاً أقاموا دعواهم الماثلة بطلب التعويض عما أصابهم من أضرار مادية وأدبية ناجمة عن وفاة مورثهم فضلاً عما يستحقونه من تعويض موروث نتيجة خطأ الطاعنة مما يرتب مسئوليتها الذاتية طبقاً لأحكام القانون المدني في شأن المسئولية التقصيرية فإنها لا تكون ناشئة عن تطبيق أحكام قانون التأمين الاجتماعي فيحق لهم رفعها مباشرة أمام القضاء وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون ولما كان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن صاحب الدفع أو الدفاع هو المكلف بإثباته وكانت الطاعنة لم تقدم الدليل على أن علم المطعون ضدهم أولاً بشخص المسئول عن الضرر كان يسبق رفع دعواهم بمدة تزيد على ثلاث سنوات وكان لا وجه للتلازم الحتمي بين تاريخ وقوع الضرر من شخص بعينه وبين علم المضرور والذي يحيط بحدوث هذا الضرر وبالشخص المسئول عنه وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض الدفع المبدي من الطاعنة بسقوط حق المطعون ضدهم في التعويض بالتقادم الثلاثي فإن النعي يكون على غير أساس وإذ كان يجوز للعامل أن يجمع بين حقه في التعويض عن إصابة العمل من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية وحقه في التعويض قبل المسئول عن الفعل الضار طبقاً لأحكام المسئولية التقصيرية وكان خطأ صاحب العمل الذي يرتب مسئوليته الذاتية هو خطأ واجب الإثبات وكان الاستخلاص هذا الخطأ هو مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع مادام هذا الاستخلاص سائغاً ومستنداً إلى عناصر تؤدي إلى واقع الدعوى، لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية وما أطمأنت إليه من أوراق الدعوى ومستنداتها خلصت بأسباب سائغة إلى توافر الخطأ في جانب الطاعنة بما يوجب مسئوليتها الذاتية ورتبت على ذلك قضاءها بإلزامها بالتعويض فإن النعي في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ويضحى الطعن برمته مقاماً على غير الأسباب المبينة بالمادتين 248، 249 من قانون المرافعات فتأمر المحكمة بعدم قبوله عملاً بالمادة 263 من ذات القانون.
    (نقض مدني - الطعن رقم 9225 لسنة 64 ق - جلسة 13/2/2005)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
    (17) تعويض الإصابة التي تحدث للعامل – الإصابة التي تحدث للعامل والتي تسأل عنها الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية. لابد أن يكون التعويض عنها ناشئاً عن تطبيق أحكام هذا القانون – القانون رقم 79 لسنة 1975 بشأن التأمين الاجتماعي – فإذا كان ناشئاً عن تطبيق أحكام قانون آخر فلا تسأل عنها الهيئة - مخالفة هذا النظر خطأ في تطبيق القانون – أساس ذلك.
    المحكمة:-
    وحيث إن الهيئة الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول من أسباب الطعن الخطأ في تطبيق القانون فيما انتهى إليه من إلزامها بالتعويض المحكوم به بالتضامم مع المتسبب المطعون ضده الثاني رغم تأييده الحكم المستأنف فيما انتهى إليه من أن سبب الحادث يرجع إلى خطأ شخصي من المتسبب "رب العمل" إعمالاً لحكم المادة 163 من القانون المدني بما يتعارض وحكم المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 والتي تحظر التمسك قبل الهيئة بالتعويضات التي تستحق عن الإصابة طبقاً لأي قانون آخر وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
    وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن النص في المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 على أنه "لا يجوز للمصاب أو المستحقين عنه التمسك ضد الهيئة المختصة بالتعويضات التي تستحق عن الإصابة طبقاً لأي قانون آخر، كما لا يجوز لهم ذلك أيضاً بالنسبة لصاحب العمل إلا إذا كانت الإصابة قد نشأت عن خطأ من جانبه "تدل على أن الإصابة التي تحدث للعامل والتي تسأل عنها الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لابد أن يكون التعويض عنها ناشئاً عن تطبيق أحكام هذا القانون فإذا كان ناشئاً عن تطبيق أحكام قانون آخر فلا تسأل عنها الهيئة. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه وإن خلص إلى ثبوت خطأ رب العمل الشخصي – المطعون ضده الثاني – إلا أنه انتهى إلى إلزام الهيئة الطاعنة بالتضامم معه في أداء التعويض بما يعنى إلزامها بالتعويض إستناداً إلى أحكام القانون المدني وهو ما يتنافى مع حكم المادة 68 سالفة البيان مما يعيب الحكم ويوجب نقضه لهذا السبب.
    (نقض مدني – الطعن رقم 1433 لسنة 72 ق – جلسة 3/5/2005)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
    (18) تعويض – تنازل المضرور عن حقوقه المدنية والأدبية قبل قائد السيارة مرتكبة الحادث فإن ذمة المؤمن تبرأ من هذه الحقوق – أساس ذلك.
    المحكمة:-
    وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق حين أطرح ما تمسكت به من دفاع في صحيفة الاستئناف المرفوع منها ببراءة ذمتها من دين التعويض المطالب به لتنازل المطعون ضدهما – الأول عن نفسه والثانية – عن حقوقهما المدنية الناشئة عن الحادث وذلك بموجب محضر الصلح المقدم منهما أمام محكمة الجنح معتبراً أن هذا التصالح قد اقتصر على الدعوى الجنائية فلا أثر له على مسئوليتها المدنية مع أن الثابت به تنازل المطعون ضدهما عن كافة حقوقهما المدنية والأدبية قبل المؤمن له الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
    وحيث إن هذا النعي في محله ذلك بأن المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن المشرع وقد أنشأ للمضرور من حوادث السيارات دعوى مباشرة قبل المؤمن بمقتضى المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية الناشئة عن حوادث السيارات يستطيع بمقتضاها المضرور من الحادث الذي يقع من السيارة المؤمن من مخاطرها الرجوع مباشرة على شركة التأمين لاقتضاء التعويض عن الضرر الذي أصابه نتيجة لهذا الحادث دون اشتراط ضرورة اختصام المؤمن له في هذه الدعوى أو سبق استصدار حكم بتقرير مسئوليته عن الحادث فإنه بذلك يكون قد أوجد للمضرور من حوادث السيارات مدينين بالتعويض المستحق له هما المؤمن المدين بمقتضى الدعوى المباشرة والمؤمن له المدين طبقاً للقواعد العامة في المسئولية فكلاهما مدين بذات الدين وبكل الدين وإن كان دين كل منهما لا ينحدر من مصدر واحد ويترتب على ذلك أن الدائن المضرور يستطيع أن يطالب أياً منهما بكل الدين فإذا استوفاه من أحدهما برأت ذمة الآخر كما يستطيع أي منهما أن يوفى الدائن كل الدين فتبرأ بذلك ذمة الآخر مما ينبني عليه كذلك أن المضرور إذا نزل عن مطالبته للمؤمن له استفاد المؤمن من ذلك. لما كان ما تقدم وكانت الشركة الطاعنة قد تمسكت أمام محكمة الموضوع بعدم أحقية المطعون ضدهما عن نفسيهما في التعويض عما لحق بهما من أضرار نتيجة وفاة ابنتهما مستدلة في ذلك بمحضر الصلح المرفق بملف الجنحة رقم 11807 لسنة 1999 قطور والذي قدمت صورة ضوئية منه – لم يجحدها المطعون ضدهما – والثابت منها تنازل المطعون ضدهما عن كافة حقوقهما المادية والأدبية قبل قائد السيارة مرتكبة الحادث وهو المؤمن له فإنه يترتب على ذلك أن تبرأ ذمة المؤمن – شركة التأمين الطاعنة – من هذه الحقوق وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح هذا الدفاع على القول أن هذا التصالح قد اقتصر على الدعوى الجنائية وأن الأوراق قد خلت مما يفيد أنه قد انسحب على الحقوق المدنية الناشئة عن الجريمة ولم يفطن لدلالة هذا المستند فإنه يكون معيباً بالقصور ومخالفة الثابت بالأوراق اللذين جراه إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه جزئياً في خصوص ما قضى به من تعويض مادي موروث وأدبي للوالدين دون أن يمتد ذلك إلى التعويض المقضي به للمطعون ضده الأول بصفته ولياً طبيعياً على أولاده القصر أشقاء المتوفاة لعدم شمول التنازل لهذا التعويض.
    (نقض مدني - الطعن رقم 6383 لسنة 74 ق - جلسة 20/4/2006)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
    (19) تأمين – تعويض – التأمين الذي يعقده مالك السيارة هو لتأمينه ضد مسئوليته المدنية من حوادثها لصالح الغير استهدف به المشرع حماية المضرور وضمان حصوله على حقه في التعويض الجابر للضرر الذي نزل به، ومن ثم لا يغطى ما يلحق مالك السيارة المؤمن له من أضرار نتيجة الحادث الذي تكون هي أداته - أساس ذلك.
    المحكمة:-
    وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى بهما الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، حين رفض دفاعها بعدم استحقاق المطعون ضدهما للتعويض المطالب به لعدم استفادة مورثهما من أحكام قانون التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات باعتباره مالك السيارة أداة الحادث، الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
    وحيث إن ذلك النعي سديد – ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن النص في المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات على أن "يلتزم المؤمن بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو عن أية إصابة بدنية تلحق أي شخص من حوادث السيارة إذا وقعت في جمهورية مصر وذلك في الأحوال المنصوص عليها في المادة 6 من القانون رقم 449 لسنة 1955...." والنص في الشرط الأول من وثيقة التأمين المطابقة للنموذج الملحق بقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 152 لسنة 1955 الصادر تنفيذاً للمادة الثانية من قانون التأمين الإجباري سالف الذكر "على سريان التزام المؤمن بتغطية المسئولية الناشئة عن الوفاة أو أية إصابة بدنية تلحق أي شخص من الحوادث التي تقع من السيارة المؤمن عليها لصالح "الغير" أياً كان نوع السيارة "مؤداه أن التأمين الإجباري الذي يعقده مالك السيارة إعمالاً لحكم المادة 11 من القانون رقم 66 لسنة 1973 بإصدار قانون المرور – المقابلة للمادة السادسة من القانون 449 لسنة 1955 – هو تأمين ضد مسئوليته المدنية من حوادثها لصالح "الغير استهدف به المشرع حماية المضرور وضمان حصوله على حقه في التعويض الجابر للضرر الذي نزل به، ومن ثم فإنه لا يغطى ما يلحق مالك السيارة المؤمن له من أضرار نتيجة الحادث الذي تكون هي أداته، يستوي في ذلك أن يكون الضرر قد وقع عليه مباشرة أم وقع على غيره وأرتد إليه. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن مورث المطعون ضدهما هو مالك السيارة أداة الحادث الذي نتج عنه موته، مما يخرج به عن نطاق الاستفادة من التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادثها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وأطرح دفاع الطاعنة في هذا الشأن وقضى بإلزامها بالتعويض فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
    وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين الحكم في موضوع الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف.
    (نقض مدني - الطعن رقم4358لسنة73 ق - جلسة 7/4/2005)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
    (20) تعويض – خلو الأوراق من أن السيارة المؤمن عليها هي بذاتها أداة الحادث، قضاء الحكم المطعون فيه رغم ذلك بالتعويض دون أن يبين المصدر الذي إستقى منه ذلك يعيبه بالفساد في الاستدلال – أساس ذلك.
    المحكمة:-
    وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي بإلزامها بمبلغ التعويض المقضي به على قالة إن السيارة مرتكبة الحادث مؤمن عليها لديها رغم أنها تمسكت بخلو الأوراق من دليل على حقيقة رقم السيارة المتسببة في الحادث وطلبت ضم أوراق الجنحة رقم 1199 لسنة 1991 جنح مستأنف شرق القاهرة تحقيقاً لدفاعها إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن إيراد هذا الدفاع والرد عليه رغم جوهريته مما يعيبه ويستوجب نقضه.
    وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا كان الحكم قد بني على واقعة لا سند لها من أوراق الدعوى أو مستندة إلى مصدر موجود ولكنه مناقض لها فإنه يكون باطلاً وأنه من المقرر أيضاً أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها. وأن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة. لما كان ذلك وكان الثابت أن الطاعنة تمسكت بخلو الأوراق من ثمة دليل يقطع بأن السيارة المؤمن عليها لديها هي بذاتها أداة الحادث وطلبت لتحقيقه تقديم صورة رسمية من المحضر المحرر عنه – إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بإلزامها بالتعويض الذي قدره على اعتبار أنها الشركة المؤمن لديها على السيارة مرتكبة الحادث دون أن يبين المصدر الذي استقى منه ذلك فإنه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع مما يعيبه ويوجب نقضه.
    (نقض مدني - الطعن رقم2462لسنة71 ق - جلسة 9/1/2005)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
    (21) تعويض - تأمين- إذا كان الخطر محدداً بتحديد سببه في العقد فإن المؤمن لا يلتزم بتغطية الأضرار الناشئة عن الخطر إلا إذا كان ناتجاً عن هذا السبب الوارد بالعقد – ترك المطعون ضده سيارته في مكان عام غير مغلقة الأبواب وبها مفتاح إدارتها فحدث بها تلفيات نتيجة سطو أو سرقة فلا يلتزم الطاعن بتغطية تلك الأضرار الناتجة عن هذا السطو أو السرقة – علة ذلك.
    المحكمة:-
    إن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى من الأدلة المقدمة فيها وترجيح بعضها على البعض الآخر إلا أنها تخضع لرقابة محكمة النقض في تكييف هذا الفهم وفي تطبيق ما ينبغي من أحكام القانون بحيث لا يجوز لها أن تطرح ما يقدم إليها تقديماً صحيحاً من الأوراق والمستندات المؤثرة في حقوق الخصوم دون أن تدون في حكمها بأسباب خاصة ما يبرر هذا الإطراح، وإلا كان حكمها قاصراً. وأن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في الأسباب الواقعية يقتضى بطلانه، وبما مؤداه أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصراً. وأنه إذا أخذت محكمة الموضوع بتقرير الخبير المقدم في الدعوى وأحالت في بيان أسباب حكمها إليه وكان ما أورده الخبير لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها بحيث لا تصلح رداً على دفاع جوهري تمسك به الخصوم كان حكمها معيباً بالقصور – وكان من مقتضى عقد التأمين على الأشياء اتفاق المؤمن والمؤمن له على تغطية الأضرار التي يحتمل أن تصيب المؤمن له خلال مدة معينة يتحمل فيها المؤمن تبعة الأضرار مقابل جعل التأمين الذي يتقاضاه من المؤمن له، وذلك بشرط وقوع الحادث أو تحقق الخطر المؤمن منه، واتفاقهما هو الذي يحدد هذا الخطر محلاً ونطاقاً وسبباً، فإذا انعقد اتفاقهما على التأمين ضد الخطر أياً كان سببه التزم المؤمن بأداء مبلغ التأمين عند تحقق الخطر المؤمن منه بغض النظر عن سببه ، أما إذا كان الخطر محدداً بتحديد سببه فإن المؤمن لا يلتزم بتغطية الأضرار الناشئة عن الخطر إلا إذا كان ناتجاً عن السبب أو الأسباب المعينة الواردة بالعقد مع مراعاة باقي شروط التعاقد، لما كان ذلك وكان الثابت في الأوراق أن الشركة الطاعنة تمسكت أمام محكمة الموضوع بعدم أحقية المطعون ضده التعويض المطالب به لعدم تغطية وثيقة التأمين للتلفيات التي لحقت بالسيارة المؤمن عليها لديها باعتبار أن مرجع تلك التلفيات إهمال المطعون ضده إياها بمكان عام غير مغلقة الأبواب وبها مفتاح إدارتها على نحو ما أقر به بالمحضر رقم 2864 لسنة 2001 جنح قسم ثان الزقازيق – بما يعد مخالفاً لشروط وثيقة التأمين التي توجب عليه المحافظة عليها، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع حال أنه دفاع جوهري قد يتغير به – إن صح – وجه الرأي في الدعوى وأقام قضاءه على سند من تقرير الخبير المقدم في الدعوى والذي لم يتناول في بحثه ما أثارته الشركة الطاعنة بدفاعها السابق بيانه فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
    (نقض مدني – الطعن رقم 3192 لسنة 74 ق - جلسة 27/12/2005)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
    (22) تعويض – تأمين – إحتساب الحكم المطعون فيه مدة الثلاثين يوماً التالية لانتهاء وثيقة التأمين للحكم بالتعويض من تاريخ انتهاء الوثيقة، وليس من تاريخ انتهاء المدة المسدد عنها الضريبة يعيبه – علة ذلك.
    المحكمة:-
    وحيث إن حاصل ما ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه بسببي الطعن الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بانحسار التغطية التأمينية عن الحادث لأن السيارة مؤمن عليها عن المدة من 20/9/1999 حتى 20/10/2000 ومسدد عنها الضريبة حتى 19/9/2000 في حين وقع الحادث بتاريخ 29/10/2000 بعد انقضاء شهر المهلة طبقاً لشهادة البيانات المقدمة من المطعون ضدهم وطلب استخراج شهادة بيانات عن السيارة فأطرح الحكم ذلك وقضى بالتعويض مما يعيبه ويستوجب نقضه.
    وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن النص في المادة الرابعة من القانون 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات على أن "يسرى مفعول الوثيقة عن المدة المؤداة عنها الضريبة، ويمتد مفعولها حتى نهاية فترة الثلاثين يوماً التالية لانتهاء تلك المدة "يدل على أن وثيقة التأمين الإجباري على السيارات تغطى المدة التي تؤدي عنها الضريبة على السيارة ، وكذلك تغطى مدة الثلاثين يوماً التالية لانتهاء تلك المدة. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بانحسار التغطية التأمينية للحادث لوقوعه بعد انتهاء المدة التي تغطيها وثيقة التأمين والتي تبدأ في 20/9/1999 وتنتهي في 20/10/2000 وتشمل مدة الثلاثين يوماً لأنها تحسب من تاريخ المدة المسدد عنها الضريبة وهي 19/9/2000 لتنتهي التغطية التأمينية كلية بتاريخ انتهاء الوثيقة في 20/10/2000 طبقاً للثابت بالشهادة المقدمة – وقد وقع الحادث بتاريخ 29/10/2000 بعد انتهائها وطلب تصريحاً باستخراج شهادة بذلك فأطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع وقضى بالتعويض محتسباً مدة الثلاثين يوماً من تاريخ انتهاء الوثيقة وليس من تاريخ انتهاء المدة المسدد عنها الضريبة فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
    (نقض مدني - الطعن رقم 2765 لسنة 74 ق - جلسة 27/2/2006
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    طرق التعويض وتقديره Empty رد: طرق التعويض وتقديره

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود السبت سبتمبر 01, 2012 3:36 pm


    التعويض في دعوى المسؤولية التعاقدية والتقصيرية

    وهو جزاء المسؤولية المدنية. ونص القانون على عدة طرق له، وعلى كيفية تقديره، وخص الاتفاقيات التي يمكن أن ترد بشأن جزاء هذه المسؤولية بأحكام خاصة. كما أجاز القانون التأمين على المسؤولية.

    أولاً: - طريقة التعويض: تنص المادة 172 م.س (المادة 171 م. مصري) على ما يأتي:

    ((1 - يعين القاضي طريقة التعويض، تبعاً للظروف ويصح أن يكون التعويض مقسطاً كما يصح أن يكون إيراداً مرتباً. ويجوز في هاتين الحالتين إلزام المدين بأن يقدم تأميناً.

    2- ويقدر التعويض بالنقد، على أنه يجوز للقاضي، تبعاً للظروف وبناءً على طلب المضرور، أن يأمر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه، أو أن يحكم بأداء أمر معين متصل بالعمل غير المشروع وذلك على سبيل التعويض)). يتبين من ذلك أن التعويض إما أن يكون عيناً، أو أن يكون بمقابل.

    1: التعويض العيني: وهو إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل وقوع الضرر. والتعويض العيني يؤدي إلى وفاء الالتزام عيناً، والوفاء العيني بالالتزام هو الأصل في الالتزامات العقدية. ويمكن أن يقع الوفاء العيني بالالتزام في إطار الالتزامات غير العقدية أيضاً. فإذا أخل المدين بالتزامه بعدم الإضرار بالغير، كأن يقوم شخص ببناء حائط من أجل حجب النور والهواء عن جاره بشكل تعسفي، يمكن أن يحكم عليه بالتعويض العيني، أي إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل وقوع الضرر، وذلك بإزالة الجدار وهدمه على حساب من بناه. وإذا طالب المضرور بالتعويض العيني، وكان ممكناً، فيجب على القاضي أن يحكم به. ولكن لا يجوز للقاضي أن يجبر المدين على قبول التعويض العيني، ولا يلزم المضرور بطلب التعويض العيني، لاسيما إذا لم يتقدم به المسؤول. ونستنتج من نص المادة 172 م.س أن القاضي يملك سلطة اختيار طريقة التعويض التي يراها أصلح من غيرها، من أجل جبر الضرر الواقع، آخذاً بالحسبان طلب المضرور والظروف المحاطة بوقوع الفعل غير المشروع.

    2: التعويض بمقابل: إذا كان التعويض العيني يؤدي إلى محو الضرر وإزالته، فإن التعويض بمقابل يهدف إلى جبر الضرر. وقد يكون المقابل في هذا التعويض نقداً أو غير نقدي. والتعويض غير النقدي غالباً يحكم به لجبر الضرر الأدبي. ومثاله أن يقرر القاضي في حكمه نشر الحكم الصادر بإدانة المسؤول في أي اعتداء على حرمة الحياة الخاصة للأفراد، وكفرض الحراسة وإيقاع الحجز.

    ولكن يبقى التعويض النقدي هو الأصل في دعوى المسؤولية التقصيرية. ويحكم القاضي به عندما يتعذر الحكم بالتعويض العيني، أو عندما لا يطلب المضرور التعويض العيني. والأصل في التعويض النقدي أن يكون مبلغاً نقدياً يدفعه المدعى عليه مرة واحدة للمضرور. ولكن أجازت المادة 172 م.س للقاضي أن يحكم بتعويض نقدي مقسط، أو إيراد مرتب مدى الحياة. فمثلاً إذا أدى العمل غير المشروع إلى عجز المضرور عن العمل عجزاً كلياً يمكن أن يحكم القاضي على المسؤول في مثل هذه الحال بإيراد مرتب مدى الحياة للمضرور. ويجوز للقاضي في هاتين الحالتين أن يلزم المسؤول بتقديم تأمين. وتجيز المادة 460 من قانون أصول المحاكمات لعام 1953 أكراه المسؤول عن الفعل غير المشروع مبدئياً وحبسه من أجل تأمين تعويض الأضرار الناجمة عن جرم جزائي.

    ثانياً: تقدير التعويض: يستحق المضرور التعويض عن الضرر الذي لحق به نتيجة عمل غير مشروع من تاريخ حدوث الضرر، لا من وقت صدور الحكم بالتعويض في دعوى المسؤولية. ويعد هذا الحكم مقرراً لحق المضرور في التعويض لا منشئاً له. ويترتب على ذلك أنه من وقت حدوث الضرر يحق للمضرور أن يتصرف في حقه ويحوله للغير بموجب حوالة حق، كما له أن يتخذ من هذا التاريخ الإجراءات الاحتياطية التي تكفل له الحصول على حقه عند صدور الحكم في دعوى المسؤولية. ويستحق المضرور التعويض عن الضرر من وقت حدوثه دون حاجة إلى إعذار المسؤول، وذلك لأنه لا ضرورة للإعذار عندما يكون محل التزام المدين تعويضاً ترتب على عمل غير مشروع، وفقاً لما جاء في المادة 221/ ب م.س. والقانون الذي يطبق على دعوى المسؤولية التقصيرية هو القانون المطبق وقت حدوث الضرر. كما أنه يحق للمضرور الطعن بدعوى عدم نفاذ التصرف (الدعوى البولصية) في تصرفات المسؤول الصادرة منه في الفترة الواقعة ما بين تاريخ حدوث الضرر وتاريخ صدور الحكم. وبما أن التعويض يهدف إلى جبر الضرر، فيجب أن يقدر بقدر الضرر. ويقدر القاضي مدى التعويض عن الضرر، طبقاً لما جاء في المادة 171 م.س. (المادة 170 م. مصري)، بحيث يشمل ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب، مراعياً في ذلك الظروف الملابسة. ويشمل التعويض من جهة أخرى الضرر المادي والضرر الأدبي، كما أنه يشمل الضرر المتوقع والضرر غير المتوقع. ويترتب على ذلك أن التعويض يجب أن يشمل الضرر المباشر، ولا يشمل الضرر غير المباشر إلا في الحالات الاستثنائية التي ينص القانون عليها، كما هو الحال بالنسبة للضرر الناجم عن الأشعة المؤينة أو مصادر الأشعة طبقاً للمرسوم التشريعي الصادر بهذا الخصوص في العام 2005. كما يشمل التعويض ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب. فلو أن الشرطة ألقت القبض على فنان وهو في طريقة إلى إحياء حفلة فنية، ثم يتبين أن لا علاقة له بالجرم الذي تمَّ إلقاء القبض عليه من أجله، فإنه يحق أن يرجع على المسؤول (وزارة الداخلية، أو الجهة التي تتبع لها الشرطة)، بالتعويض عن الخسارة التي لحقت به، وقد تكون غالباً ضرراً أدبياً، وعن الربح الذي فاته وهو ما كان سيجنيه نتيجة إحياء ذلك الحفل. ويشمل التعويض ليس فقط الضرر المتوقع وإنما الضرر غير المتوقع أيضاً. فإذا دهس سائق سيارة شخصاً، وتبين بعد ذلك أنه كان يحمل مبلغاً كبيراً من النقود، وأثبت ذلك أمام القضاء فإن السائق يلتزم بتعويضه عن ذلك المبلغ حتى لو كان لا يتوقع أثناء الحادث بأنه كان من الممكن أن يكون حاملاً لمثل هذا المبلغ. ويجب على المحكمة أن تبين في حكمها بشأن تقدير التعويض عناصر الضرر المطلوب عنها التعويض، ومناقشة كل عنصر بشكل مستقل، ولكن لا تلزم المحكمة بأن تقدر تعويضاً خاصاً عن كل عنصر من هذه العناصر، وأنه يحق لها أن تحكم بتعويض إجمالي عن جميع تلك العناصر التي يستحق المضرور التعويض عنها.[1] وإذا كان القاضي لا يخضع في تقديره للتعويض لرقابة محكمة النقض، على اعتبار أنه من الوقائع المادية التي تخضع للسلطة التقديرية للقاضي، فإن تحديد عناصر التعويض هو من المسائل القانونية التي يخضع فيها القاضي لرقابة محكمة النقض.[2] وعندما يقوم القاضي بتقدير التعويض يجب أن يراعي في ذلك الظروف الملابسة. ولكن اختلف الفقه حول المقصود بالظروف الملابسة إلى فريقين.[3]يرى الفريق الأول أن المقصود بالظروف الملابسة هي الظروف الشخصية للمضرور فقط، فتدخل هذه الظروف وحدها في تقدير التعويض، وذلك لأن التعويض يقاس بمقدار الضرر الذي لحق المضرور. ومثل هذه الظروف حالة المضرور الجسمية والصحية، والعائلية، والمالية.[4]وأما الفريق الثاني يرى أن المقصود بالظروف الملابسة هي الظروف الخاصة بالمضرور، وكذلك الظروف الخاصة بالمسؤول ومنها جسامة الخطأ، والحالة المالية للمسؤول.[5]

    ويرى بعض أنصار الفريق الثاني أن المقصود بالظروف الملابسة هي الظروف الشخصية للمضرور وللمسؤول. ولكن يكون للظروف الملابسة المتعلقة بالمسؤول اعتبار ثانوي في تقدير التعويض، فلا يجوز تجاهلها نهائيا.[6]ًوأنا أوافق على ما ذهب إليه الفريق الثاني من أن المقصود بالظروف الملابسة هي الظروف الشخصية المتعلقة بكل من المضرور والمسؤول على السواء، ولهذه الظروف الأهمية ذاتها في تقدير التعويض، وذلك لأن نص المادة 171 م.س جاء مطلقاً، وبالتالي يجب أن يجري على إطلاقه. والتناسب بين التعويض والضرر يقضي أن يقدر القاضي كامل الضرر حين تقدير التعويض، وبالتالي يجب أن يكون مقدار التعويض، بعد تقديره، مساوياً للضرر. ويترتب على ذلك أنه يجب على القاضي أن يقدر التعويض بقيمة الضرر وفقاً لما آل إليه وقت الحكم، وبالتالي يدخل في اعتباره تفاقم الضرر أو تناقصه من يوم حدوثه حتى يوم صدور الحكم. ويستخلص من ذلك أن العبرة في تقدير التعويض هي لوقت صدور الحكم،[7] لا لوقت وقوع الضرر أو وقت المطالبة بالتعويض. لذا لا يجوز أن يقدر القاضي التعويض بأقل من قيمة الضرر، إلا إذا كان هناك نص يبرر ذلك، كما هو عليه الحال في إصابات العمل، حيث نص قانون التأمينات الاجتماعية لعام 1959 وتعديلاته على تعويض جزافي. وإذا كان لا يجوز للقاضي أن يحكم بتعويض أقل ، فإنه لا يجوز له أن يحكم بتعويض للمضرور أكثر من الضرر، وإلا كان من حق المسؤول الرجوع على المضرور بما زاد بموجب دعوى الإثراء بلا سبب. و إذا لم يكن باستطاعة القاضي وقت الحكم أن يعين مدى التعويض بشكل نهائي، يحق له أن يحتفظ للمضرور بحقه في أن يطالب خلال مدة معينة بإعادة النظر في التقدير، وفقاً لما جاء في المادة 171م.س ( المادة 170م. مصري). وإذا لم يحتفظ القاضي للمضرور بهذا الحق، ثم استفحل الضرر مستقبلاً بعد أن اكتسب الحكم الدرجة القطعية، يحق للمضرور أو ورثته الرجوع على المسؤول بموجب دعوى جديدة للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي استجد. أما إذا تناقص الضرر، فلا يجوز إعادة النظر في التعويض.[8]

    ويترتب على مبدأ التناسب بين التعويض و الضرر أنه لا يجوز الجمع بين تعويضين، ولكن يجوز الجمع بين التعويض وبين مبلغ آخر لا تنطبق عليه صفة التعويض. فلا يجوز مثلاً الجمع بين التعويض والنفقة، كما لا يجوز الجمع بين التعويض وبين التعويض الجزافي، ولا يجوز الجمع بين التعويض والإعانة الحكومية، كما لا يجوز للمضرور الجمع بين التعويض وبين مبلغ التأمين إذا كان التأمين على مال. في حين أنه يجوز للمضرور الجمع بين التعويض ومبلغ التأمين إذا كان التأمين على الحياة، كما يجوز الجمع بين التعويض وبين مكافأة نهاية الخدمة، وكذلك بين التعويض وبين راتب التقاعد.[9]كما يجوز للورثة الجمع بين التعويض المحكوم به لهم وفق قواعد المسؤولية التقصيرية والتعويض الذي يخصص لهم من الجهة التي كان يعمل لديها المغدور وذلك لأن سببهما مختلف.[10]



    [1]- نقض سوري، الغرفة المدنية الرابعة، قرار رقم 104، تاريخ 21/2/2000، سجلات محكمة النقض. وقرار رقم 338، تاريخ 6/3/2000، سجلات محكمة النقض.

    وأنظر كذلك: د. سليمان مرقس، الوافي...، الفعل الضار....، المجلد الأول، بند 191، ص 538 وما يليها. وبالمقابل يعارض بعض الفقه إمكانية أن تحكم المحكمة بتعويض إجمالي عن جميع عناصر الضرر، ويرى بأنه يجب أن يقدر التعويض تقديراً مفصلاً عن كل عنصر من عناصره، وذلك أقرب للعدالة وأنصف للمضرور. أنظر: د. سامي عبد الله الدريعي، بعض المشكلات التي يثيرها التقدير القضائي للتعويض، بحث منشور في مجلة الحقوق الصادرة عن مجلس النشر العلمي في جامعة الكويت، العدد الرابع، السنة السادسة والعشرون، شوال 1423 هـ - ديسمبر 2002م، ص 82.

    [2] - نقض سوري، الغرفة المدنية الثانية، قرار رقم 1569، تاريخ 5/11/2000، سجلات محكمة النقض. وقرار رقم 1693، تاريخ 3/12/2000، سجلات محكمة النقض.

    [3]- أنظر في ذلك: د. محمود جلال حمزة، وظيفة التعويض في المسؤولية المدنية بين النظرية والتطبيق، بحث منشور في مجلة المحامون لعام 1985، العدد الثامن، ص 1005 وما يليها.

    [4]- من هذا الرأي: د. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط ...، مصادر الالتزام، المرجع السابق، بند 648، ص 971 وما يليها. وهذا ما ذهبت إليه محكمة النقض السورية إذ أنها قررت أنه يجب أن يكون التعويض متوافقاً مع حالة المضرور ووضعه الاجتماعي وسنه وعمله. الغرفة المدنية الرابعة، قرار رقم 5، تاريخ 7/2/2000، سجلات محكمة النقض. وقرار رقم 104، تاريخ 21/2/2000، سجلات محكمة النقض.

    [5]- من هذا الرأي: د. محمد وحيد الدين سوار، المصادر غير الإدارية للالتزام، المرجع السابق، بند 826، ص 239. ود. سليمان مرقس، الوافي...، الفعل الضار...، المجلد الأول، بند 194، ص 548 وما يليها.

    [6]- أنظر في هذا الرأي: د. محمود جلال حمزة، وظيفة التعويض في المسؤولية المدنية، المرجع السابق، ص 1007.

    [7] - رغم استقرار اجتهاد محكمة النقض السورية على أن التعويض يقدر بوقت صدور الحكم ( الغرفة المدنية الرابعة، قرار رقم 60، تاريخ 7/2/ 2000، سجلات محكمة النقض. وقرار رقم 893، تاريخ 23/3/1994، منشور في مجلة المحامون لعام 1995، العددان 1 و 2، ص51)، فقد جاء في قرار أخر أن التعويض يقدر إما بتاريخ الحكم أو بتاريخ الكشف. الغرفة المدنية الثانية، قرار رقم 1157، تاريخ 29/10/1995، منشور في مجلة المحامون لعام 1997، العددان 5 و 6، ص490.

    [8]- أنظر في ذلك: د. محمد وحيد الدين سوار، المصادر غير الإرادية للالتزام، المرجع السابق، بند 828، ص 245 و 246.

    [9]- أنظر في ذلك: د. محمد وحيد الدين سوار، المصادر غير الإرادية للالتزام، المرجع السابق، بند 831 وما يليه، ص249 وما يلها. وكذلك د. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط...، مصادر الالتزام، المرجع السابق، بند 659 وما يليه، ص 986 وما يليها. والذي يرى بأنه يجوز أيضاً الجمع بين التعويض وبين مبلغ التأمين إذا كان المضرور قد آمن على مال من أمواله، لأن مصدر الحق في الملكية يختلف. فمصدر حقه في التعويض هو الفعل الضار، ومصدر حقه في مبلغ التأمين هو عقد التأمين. وتجدر الإشارة إلى أن المادة 354 من قانون التجارة البحرية لعام 2006 تنص على أنه ((ويعتبر عقد التأمين البحري عقد تعويض. ولا يجوز أن يترتب عليه إفادة المؤمن له من تحقق الخطر بما يزيد عن القدر الحقيقي للضرر. ويبطل كل اتفاق يخالف ذلك)). واعتقد أن صياغة هذه المادة ضعيفة وركيكة إذ أنها اعتبرت عقد التأمين عقد تعويض، والأصح أنه لا يجوز للمؤمن له الجمع بين مبلغ التأمين وبين التعويض عن الضرر الذي لحق به.

    [10] - نقض سوري، الغرفة المدنية الرابعة، قرار رقم 50، تاريخ 7/2/2000، سجلات محكمة النقض.

    0
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    طرق التعويض وتقديره Empty رد: طرق التعويض وتقديره

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود السبت سبتمبر 01, 2012 3:42 pm

    وضع المسؤولية المدنية للصحفي موضع التطب
    تمهيد وتقسم

    إذا توافرت أركان المسؤولية المدنية للصحفي على النحو الذي رأيناه في الباب الأول فذلك يعني أن هذه المسؤولية قد وضعت موضع التطبيق وترتب عليها أحكامها .
    والحكم الذي يترتب على تحقيق المسؤولية المدنية للصحفي هو التعويض الذي يطالب به المتضرر . بيد أن الحكم بالتعويض بأعتباره الأثر المترتب على تحقق المسؤولية لايمنع الصحفي من أن يدفع مسؤوليته من خلال أسباب خاصة تتعلق بالعمل في الصحيفة، بحيث تترتب على تحقق أحدها إنتفاء مسؤوليته وعدم الحكم عليه بالتعويض .
    وبناءاً على ما تقدم فأننا سنتناول في هذا الباب الحكم الذي يترتب على وضع المسؤولية المدنية للصحفي موضع التطبيق ونعني بذلك التعويض من خلال الفصل الأول ، ونتناول الوسائل التي من خلالها يكون بمقدور الصحفي أن يدفع بها مسؤوليته في الفصل الثاني من هذا الباب .

    التعويض المترتب على مسؤولية الصحفي

    لاشك أن ما يطمح إليه المتضرر بعد تحقق المسؤولية المدنية للصحفي هو جبر الضرر الذي لحق به من جراء النشر الضار، إلاّ أن طلب التعويض عن هذا الضرر لابد أن تتوافر فيه شروط معينة ، وإذا ما توافرت هذه الشروط فيجب تحديد طريقة التعويض وكيفية تقديره ، بالأضافة إلى تحديد من له الحق في المطالبة به ومن الذي ترفع عليه الدعوى .
    ولتوضيح ما ذكرناه ، سنقسم هذا الفصل إلى ثلاثة مباحث ، نتناول في الأول منها شروط الحكم بالتعويض ، ونخصص الثاني لطرق التعويض وكيفية تقديره ، في الوقت الذي سيكون طرفا دعوى التعويض موضوعاً للمبحث الثانى
    شروط الحكم بالتعويض

    أن الحكم بالتعويض يتطلب توافر شروط معينة ترتبط بالعمل الذي يقوم به الصحفي المتمثل بكتابة المقال أو الخبر الذي ترتب على نشره الضرر ، فلابد من أن يتضمن المقال عبارات تنطوي على معاني تشهيرية تنال من سمعة المتضرر أو تكشف جانباً من حياته الخاصة، وأن تشير تلك العبارات إليه ويعلم بها الغير عن طريق النشر .
    ولقد خصصنا هذا المبحث لشروط الحكم بالتعويض ورأينا من خلال استقراء لجانب من آراء الفقهاء وأحكام المحاكم ، أن هناك طائفتين من الشروط يجب توافرهما لكي يترتب على تحققهما الحكم بالتعويض. ونبحث هذه الشروط من خلال مطلبين نتناول في أولهما ضرورة أن تكون العبارة تشهيرية أو ماسّـة بالحياة الخاصة للمدعي ، ونوضح في ثانيهما ضرورة أن تنشر العبارة في الصحيفة وأن تشير إلى المدعي.









    أن تكون العبارة تشهيرية أو ماسة بالحياة الخاصة لطالب التعويض

    أن ما يسأل عنه الصحفي عند أستخدامه لكلمات أو لعبارات معيّنة في مقالاته هو أن تكون العبارات تشهيرية بطبيعتها ،أو أنها بما تحمله من معنى تؤدي إلى كشف خصوصيات الأفراد ، وهذا يعني إن عبارات المقال تميل إلى جرح سمعة الشخص الذي أشير إليه من خلال الحط من قدره والأنتقاص منه في التفكير العام للناس ، كما لو أعلن الصحفي عن ولادة طفل غير شرعي مع نشر صورة الأم والأشارة إلى أسمها، أو كشف النقاب عن أمور متعلقة بالزواج والطلاق التي تعتبر جزءاً من الحياة الخاصة .
    وإذا كانت العبارات التي يسأل عنها الصحفي يجب أن تكون تشهيرية ، فأن تقرير حالة ما إذا كانت تلك الكلمات تحمل هذا المعنى أم لا كان مصدراً للعديد من الصعوبات والتعقيدات وسبّبت الكثير من الأرتباك في أحكام المحاكم ، ذلك لأن العبارات التي يستعين بها الصحفي قد تفسّر من قبل أناس مختلفين بمعانٍ عديدة لكونها تعتبر في بعض الأحيان وسائل غير واضحة أو غير دقيقة لأيصال الأفكار من شخص لأخر ، فنفس الكلمات ربما تفهم من قبل شخص ما بمعانٍ معينة تختلف عن تلك التي فهمت من قبل شخص آخر ، وكلا المعنيين ربما يختلفان عن ذلك الذي قصده الصحفي . كما أن معنى العبارات يرتبط في أغلب الأحيان بالظروف المحيطة بالنشر ، فقد تفهم العبارة في ضوء ظروف معينة بمعنى مختلف عن ذلك الذي تفهم به في ظروف أخرى ، مما يجعلها معقدة وغير واضحة للقول بأنها تشهيرية في كل الأوقات(1) .
    كما أنه في بعض الحالات توجد وقائع خاصة معروفة فقط لعدد محدود من الناس الذين يعطون للكلمات المذكورة في المقال الصحفي معانٍ خاصة تختلف عن تلك التي يفهمها الآخرون. وثمة صعوبة أخرى تكمن في مضمون بعض الكلمات أو المصطلحات السائدة التي تحمل التأويل أو التفسير لأكثر من وجه كما لو أستعمل الصحفي تعبير ( حفلة حامية ) إذ أن هذا المصطلح قد يحمل مضمون غير أخلاقي وقد يقصد بنفس الوقت معنى مغاير آخر كالقول بأنها حفلة صاخبة أو حفلة مرحــــة وهكذا …(1).
    وقد يكون للأسلوب الذي يكتب به الصحفي دوراً في صعوبة تحديد المعنى المراد من العبارة التي تضمنها مقاله بحيث يستفاد منه أنه يريد تحريف المعنى المراد للكلمات بما يفيد ما يخالفها(2).
    وقد لجأ الفقه والقضاء في محاولة منه لتحديد المعاني التشهيرية للكلمات التي يستعملها الصحفي إلى التمييز بين نمطين من المعاني في قضايا التشهير :
    الأول : هو ما يعبر بالمعاني الطبيعية أو الاعتيادية Natural and Ordinary meanings
    الثاني : وهو ما يعبر عنه بالعبارات التي تحمل معنيين أو أكثر أحدهما سطحي قريب الفهم لايحتاج إدراكه إلى عناء ، والآخر خاص يكشف عن قصد من صدرت عنه ولايتضح إلاّ بالرجوع إلى ملابسات إستعماله والذي يطلق عليه بـ 1nnuendo (3) .
    فبالنسبة للنوع الأول من المعاني ، يكون تحديده من خلال المعنى الذي تكون فيه الكلمات قد فهمت بصورة معقولة من أناس عاديين يستخدمون علمهم العام أو فطرتهم أو سلوكهم الأعتيادي في فهمها، بحيث يكون للقاضي أن يقرر ذلك المعنى دون أن يقتصر على المعنى الحرفي للكلمة وإنما يأخذ في حسبانه أيضاً المعنى الذي تفيده تلك الكلمات عن طريق الأستدلال أو الأســتنتاج (4).
    ولكي يكون بمقدورنا أن نحدد المعنى الأعتيادي أو الطبيعي للكلمات التي تنطوي على الأضرار بمدعي التعويض ، لابد من أن نأخذ بالأعتبار العبارات التي أستخدمها الصحفي في مقاله ككل ، فلا يمكن إختيار فقرة من المقال تكون العبارة فيه تشهيرية إذا كانت الفقرات الأخرى تسلط الأضواء على تلك الفقرة بما يزيل عنها المعنى الذي يدّعي به المدعي ، كما قال القاضي Inderson في قضيـة chalmers V. payne ( أنه إذا كان جزء من النشر قد ذكر فيه ما يسيء إلى المدعي ولكن ذلك قد أزيل في النتيجة النهائية ، فأن ذلك يجب أن يؤخذ سوية عند تقدير المحكمة للتعويض )(1).
    وقد جرت المحاكم على إعتبار العبارة تشهيرية بمعناها الطبيعي أو الأعتيادي إذا كانت تميل إلى جرح سمعة الشخص أو تسبّب له الكراهية والأحتقار بنظر الآخرين ، وهي بذلك تستند
    إلى ما يكشف عنه عنوانها وألفاظها وما يحيط بها من علامات وصور(2) . وهذا يعني أن المحاكم ترى أن ما يحدد كون العبارة تشهيرية من عدمها هو ليس ما قصده كاتبها وإنما ما كان متوقعاً بأن تفهم من قبل الغير(3). فالمعيار هنا ليس معياراً شخصياً وإنما هو معيار موضوعي يتمثل بالأعتقاد أو التفكير الصحيح والأعتيادي للأفراد، وهو ما يعتبره بعض المعلقين معياراً واسعاً دأبت المحاكم على تطبيقه(4). ففي إحدى القضايا كان صحفي قد كتب مقالاً بعنوان False profit ونشره في صحيفة واسعة الأنتشار. طالب المدعي بالتعويض عن الضرر الذي أصابه نتيجة لاستعمال كلمةFalse . وقد علق القاضي Slesser على هذه العبارة بقوله
    ( أن الوقوف عند العنوان يثير التساؤل ماذا تعني كلمة False ؟ ) .
    أن المعنى الأصطلاحي لهذه الكلمة يعني الغش أو التضليل أو عدم الصدق ولكن المعنى الأكثر شيوعا لها هو – غير صحيح - ، فلا يتضمن أي معنى غير أخلاقي ، ولكن القارئ العادي سيفترض بأن كلمة False في هذا السياق التي كتبت بخط مميز تعني التدليس أو الغش أو الأحتيال وهو ما يجب أخذه بعين الاعتبار من سلوك ومناسبة النشر(5).




    لقد أوضح اللورد Reid كيف يكون بوسع القاضي أن يدنو من أتخاذ القرار حول المعنى الطبيعي الذي تحمله العبارة من خلال القول بأن للناس أمزجة وطباع مختلفة ، فبعضهم خارق الذكاء وبعضهم الآخر بدائي بصورة غير إعتيادية . فيجب على القاضي أن يتوسط هذين الحدّين ويرى ما هو المعنى الأكثر ضررا الذي يضفيه على الكلمات محل التساؤل (1).
    فالشخص العادي يقرأ بين السطور وقد يستنتج أموراً معينة مما قرأه ، وأن المحاكم تدرك ذلك جيداً أو تأخذ ذلك في حسبانها عند الحكم بالتعويض ، وهذه الأستنتاجات التي يتوصل إليها القارئ العادي بنفسه قد تكون جزءاً من المعنى الطبيعي أو الأعتيادي للكلمات . ولكن قد يكون لهذه الكلمات معانٍ أخرى بألأضافة إلى معانيها الطبيعية أو الأعتيادية ، وهذه المعاني الخاصة لا يمكن إستنتاجها من الكلمات نفسها ولا تستند في معرفتها إلى تفكير الشخص العادي، ولكنها تتعلق بوقائع أو ظروف معينة معروفة فقط لبعض الأشخاص ، وهذا المعنى الأخير هو ما يطلق عليه بـ Innundo . وهو النوع الثاني من المعاني (2)، والذي فيه تكون العبارة بريئة في ظاهرها ألا أنها تحمل معنى يسيء إلى سمعة المدعي أو تمس خصوصياته. فقد تستعمل الألفاظ لا من أجل معانيها الحقيقية بل من أجل ما تحدثه في النفوس من تأثير، ثم إذا عملت فيها الصياغة عملها زادتها خطراً لاسيما إذا كانت العبارة سلسة ومطلقة من القيود بحيث يُخفي المعنى المؤذي أو السيئ في اللفظ البريء وفي العبارة التي تبدو ساذجة أو غامضة ، أما لتقوية المعنى أو إكسابه العمق اللازم للتأثير في نفـوس القـراء وأما للتهرب من المسؤولية، وأما للفرضين معاً (3).
    لذلك يبدو من الواضح القول بأنه عندما لا تكون الكلمات المشتكاة منها تشهيرية في ظاهرها ، فأن التشهير الضمني أو التلميح يكون مسألة في غاية الأهمية للادعاء بالتعويض .
    ولكن عندما تكون العبارة تشهيرية في ظاهرها ، فأن الادعاء بالتلميح ليس ضرورياً بعد ذلك، رغم أن هذا الادعاء يبقى ممكناً بل أنه يعطي أهمية أكبر للتشهير من خلال إبراز المعنى غير الظاهر في العبارة الذي يعتبر تشهيراً من وجه آخر (4).


    ويلجأ الصحفي إلى هذا النوع من الكتابة عندما يستعين بالصفات والأبدال ، وهي الأشارة إلى الشخص أو الشيء بصفات ونعوت تعيّنه دون أن تصرح به، منها أن يكتب الصحفي بصيغة الأستفهام ، وهو إلقاء السؤال لا لكي يصل من خلاله إلى أمر يجهله بل لتقرير المعنى الضمني الذي يرمي إليه ومنها أيضاً صيغة الاكتفاء وهي أن ينقطع الصحفي عن الكلام فيترك الجملة ناقصة عمداً أو يضع في آخرها نقاط ، فيستدل القارئ العادي على أن وراء هذا القول ما هو أعظم كما لو ذكر الصحفي في معرض تعليقه على موظف معين بأنه يعمل مديراً وحاصلاً على شهادة عليا ولكنه ……….
    ومن أساليب التلميح أيضاً أن يشير الكاتب إلى قصة معروفة أو نكته مشهورة أو قول مأثور أو مثل سائد كما لو كتب عن سيدة متزوجة ( وهكذا ختمت دليلة حياتها) (1) .
    أو أن يشبه تلك السيدة بامرأة قيصر للدلالة على أنها امرأة لشخص مذنب لايؤاخذ ولأيطال ومن شأن هذا التشبيه أن يخلق في ذهن القارئ شكاً في نزاهته ويشكل بالتالي قدحا به (2).
    ومن الأساليب أيضاً الأستهزاء والسخرية والتهكّم كما لو وردت العبارة في قالب المدح ولكنها تفيد الذم فيأتي بلفظة الأجلال في موضع التحقير . وقد قضي بهذا الصدد أن كتابة بعض الكلمات بحروف مكبرة عن باقي حروف الجملة يمكن ان يستفاد منها إرادة كاتبها تحريف المعنى العادي لها .
    فالصحفي الذي يكتب عن موظف بأنه يشتغل (( بالذمة )) التي اشتغل بها من قبل ، من باب التهكم فأن من شأن ذلك أن يعرض ذلك الموظف إلى الطعن في ذمته (3).
    وتجدر الأشارة إلى أن التشهير الضمني لايقتصر وجوده على العبارات التي يتضمنها المقال بل أن العنوان الرئيسي للمقال قد يكشف عن معاني تلميحية أخرى . وتطبيقاً لذلك حكم القضاء الفرنسي بمسؤولية الصحفي الذي نشر مقالاً كان عنوانه يتضمن تلميحاً بالتشهير أو القذف بالشخص الذي أشار إليه الصحفي(4).
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    طرق التعويض وتقديره Empty رد: طرق التعويض وتقديره

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود السبت سبتمبر 01, 2012 3:44 pm

    وأمام المحكمة العليا الأمريكية عرضت قضية(5) تتلخص وقائعها بقيام إحدى الصحف بنشر مقال في الطبعة المسائية كُتب عنوانه بخط عريض في مقدمة الصفحة الأولى :
    Doom Reformers .Sumner –Society’s.
    50-50 split on vice fine Exposed.
    State Bill to End purity farc.
    ثم أبرز الكاتب صورة المدعي مع عبارات كُتبت بخط مميز :
    Fifty –Fifty on Vice fines his privilege
    ثم بدأ المقال بالقول ( أن جمعية نيويورك التي تدار من قبل Sumner ، لأجل إخفاء الرذيلة من خلال تجزئة الغرامات التي جمعتها ، ستحارب أو تجاهد من اجل وجودها أمام حاكم ولاية نيويورك ، ثم تبع ذلك عنوان كتب أيضاً بخط عريض : Fifty –Fifty.
    وقد أقرت المحكمة الحق للمدعي بالتعويض إستناداً إلى التحليل والأستنتاج الذي توصلت إليه من خلال عبارات عنوان المقال .
    وقد عرضت أمام القضاء العراقي عدة قضايا كان الأدعاء فيها بالتعويض عن الأضرار الناشئة من العبارات التي أستعان بها الصحفي في صياغة عناوين مقالاته والتي تنطوي على معاني التشهير الضمني رغم أن معناها الظاهري قد لا يوحي بذلك . ومن أبرز هذه القضايا قضية تلخصت وقائعها بقيام إحدى الصحف بنشر مقال على صدر صفحاتها الأولى بعنــوان( تمثال العبودية) متضمناً أبيات شعرية في إطار بارز وقد أعتبرت المحكمة أن المقصود من هذا العنوان هو تمثال الملك فيصل الأول ، بالرغم من أن الكاتب قد دفع بأن ما قصده هو الجنرال مود ، معلّلة حكمها أن القصد من الأمور الباطنة ويتحقق بالقرائن والدلائل التي تستنتج مما استهدفته القصيدة من أبياتها(1) .
    ويجب أن لايغيب عن الأذهان ، أن التلميح بالتشهير أو بكشف الخصوصيات لا يقتصر فقط على كتابة المقالات أو إبراز عناوينها بخطوط مميزة وإنما قد ينتج أيضاً عن نشر صورة بشكل يؤدي ضمنياً إلى الأساءة إليه كما لو نشر الصحفي صورة أحد الأشخاص بجانب حيوان متوحش إذ يؤدي ذلك إلى أن يعتقد الناس بوحشية صاحب الصورة وبالتالي يتجنبون التعامل معه(1). أو بنشر صورة رياضي لإغراض دعائية ، حيث أن هذا النشر يوهم الغير بأن الرياضي المذكور قد قبض ثمن استعمال صورته في الأعلان خاصة إذا كان النشر قد تم دون موافقته، إذ يعتبر ذلك خرقاً للاحترام الواجب تجاه حياة الأفراد الشخصية (2).
    وأياً كانت الأساليب التي يلجأ إليها الصحفي ، فأنها لا يمكن أن تخفي المعنى الحقيقي للعبارة، وليس بوسعها أن تدفع المسؤولية عنه . وبهذا المعنى قضت محكمة النقض المصرية بأن المداورة في الأساليب الأنشائية بفكرة الفرار من حكم القانون لا نفع فيها للمداور ما دامت الأهانة تترآى للمطلع خلف ستارها وتستشعرها الأنفس من خلالها ، إنما تلك المداورة مخبئة أخلاقية شرّها أبلغ من شرّ المصارحة ، فهي أحرى بترتيب حكم القانون (3).
    فالصحفي قد يظن بأن العبارات والأساليب الملتوية إنما تخفي مراده ، إلا أنها لا تزيده في أنفس القراء إلاّ ظهوراً وتوكيداً(4).
    فالعبرة بالمقال وبما يرمي إليه الكاتب من المرامي التي تبطّنها عباراته وينضح عنها أسلوبه لا بما يغشيها من زائف الطلاء تذرعاً للفرار من وجه القضاء (5).
    ويمكن القول بأنه يجب أن يتمتع القضاء عندنا بسلطة تفسير العبارة التي يدعي طالب التعويض بأنها تشهيرية ، وفيما إذا كانت تلك العبارة مؤهلة لأن تحمل هذا المعنى من خلال ما يطمئن إليه القاضي من تحصيله لفهم الواقع في الدعوى إذا كان ذلك لايؤدي إلى الخطأ في تطبيق
    القانون على الواقعة محل النزاع ، أسوة بما اتجه إليه القضاء المقارن(1).
    ويجب على طالب التعويض أن يؤسس دعواه بأن العبارة التي اشتكى منها قد فهمت بصورة معقولة من قبل الذين أطلعوا على المقال المنشور (2)، كما يجب أن يحدد المدعي العبارة المشتكاة منها تحديداً دقيقاً في أدعائه ، فلا يمكن أن يطالب بالتعويض إستناداً إلى الشك أو التخمين ، وحتى في الحالات التي لايكون فيها المعنى التشهيري ظاهراً من الكلمات ، فأن المعنى الذي يستخلص ضمناً يجب أيضاً أن يكون محدداً بوضوح في الدعوى وبمصطلحات معينة(3).
    ويمكن القول هنا أيضاً أن القارئ المعتاد يستطيع فهم المعنى الطبيعي والأعتيادي لمعانـي الكلمات ، بل وحتى الاستنتاجات التي يتوصل إليها إنما تكون هي في الواقع جزءاً من هذا المعنى ، ولكن نفس الكلمات ربما يكون لها معنى خاص منفصل عن المعاني الأخرى ، وهذا المعنى لايستخلص من الكلمات نفسها وليس من الممكن تحديدها من خلال ما يقرأه الشخص المعتاد لأنها تتعلق بحقائق أو ظروف معروفة لبعض الأشخاص دون غيرهم ، وهذا يعني أن ما يحدده القارئ من معانٍ للكلمات إنما يكون في المعنى الطبيعي أو الاعتيادي لها ، أما المعنى التلميحي أو الضمني فيدركه أولئك الذين يعرفون تلك المعاني التي نشرها الصحفي في مقاله. ويؤيد كلامنا هذا ما ذهب اليه القضاء الانكليزي في قضية : Cassidy V. Dialy Mirror Newspapers.
    السابق الأشارة إليها عندما حكم بالتعويض لزوجة شخص نشر صحفي صورته مع أمرأة أخرى وعلق عليها بانهما قد اعلنا خطوبتهما ، قد أستند إلى أن الزوجة المدعية شعرت بالكراهية والأحتقار من أولئك الذين يعرفونها ، حيث أعتقدوا بأنها كانت على علاقة غير مشروعة بزوجها ، فالمحكمة كما نتصور لم تستند إلى قراءة الشخص العادي للمقال أو أطلاعه على الصورة وإنما رأت أن هذا التشهير الضمني قد فهم من قبل البعض الذي يعرف الحقائق الخاصة بها وبزوجها .


    أن تنشر العبارة في الصحيفة وأن تشير إلى المدعي

    لا يكفي للحكم بالتعويض أن تكون العبارة تشهيرية في معناها أو تنطوي على المساس بالحياة الخاصة للمدعي، وإنما يجب إضافة إلى ذلك أن تنشر هذه العبارة في الصحيفة وأن يفهم من هذا النشر أنها تشير إلى المدعي طالب التعويض . وهذا يعني أن هذا الشرط يتضمن أمرين لابد من تحققهما معاً للحكم بالتعويض :
    أولّهما : أن تنشر العبارة في الصحيفة .
    وثانيهما : أن تشير العبارة المنشورة إلى المدعي .
    ولأيضاح هذين الأمرين لتحقيق متطلبات هذا الشرط من شروط الحكم بالتعويض يجب علينا أن نبين معنى النشر أولاً ، ومتى يكون من شأن العبارة المنشورة أن تشير إلى المدعي ثانياً .
    أن تبسيط هذه الأمور يساعد القضاء كثيراً عند النظر في الدعوى الخاصة بالأضرار الناشئة عن النشر في الصحف وما تتضمنه من موضوعات تتعلق بأنتهاك حرمة الحياة الخاصة أو ما تحتويه من قذف وتشهير، وذلك لأن نشر العبارة في الصحيفة يشكل وبحق سبباً الدعوى .
    أن النشر يعني وضع العبارة التشهيرية أو الماسّة بالحياة الخاصة في حالة تصل إلى علم شخص أو أشخاص آخرين غير المدعي بحيث يكون بوسع الغير أن يطلّع على العبارة التي تحط من مكانة الشخص المشهر به أو تكشف عن خصوصياته . فلا يتحقق النشر إذا كانت العبارة قد أتصّلت بعلم المدعي نفسه ولم تصل إلى علم غيره(1) .




    وإذا كان النشر بمعناه العام لا يعد متوافراً إلا إذا وصلت العبارة إلى أشخاص آخرين غير الشخص الذي كتب عنه بأعتبار أن التشهير في حقيقته هو عبارة عن الأذى الذي يصيب سمعة المتضرر ، وأن إطار السمعة يتحدد بما يفكر به الآخرون وليس بما يعبر هو عن رأيــه بنفسه (1)، فأن ذلك لايثير مشكلة فيما يتعلق بمسؤولية الصحفي المدنية ، إذ أن عمل الصحفي من مقال أو خبر لايمكن أن يصل إلى علم الناس إلاّ من خلال النشر في الصحيفة ، ولا يعقل أن تكون هذه الصحيفة نسخة واحدة ترسل إلى المدعي نفسه ، فالصحف تطبع بمئات بل بآلاف النسخ لكي توزع ويطلع عليها الآخرون .
    إلا أن نشر العبارة في الصحيفة يجب أن يكون بطريقة يفهمها القراء ، فلا يكون هناك نشر إذا كانت الكلمات قد كتبت بلغة أجنبية غير معروفة للقراء ، أو أنهم لم يدركوا بأنها تشير إلى المدعي(2).
    ويعطي القانون الأنكليزي للنشر معنى واسع ، فالنشر يعني الاطلاع Communication وهذا يتحقق بمجرد اطلاع شخص آخر غير المدعي على العبارات المتضمنة معنى التشهير ، وفي الحقيقة أن الاطلاع والنشر أمران مختلفان لان ما يُطلّع عليه قد يبقى سرياً في حين أن ما ينشر يصل بالضرورة إلى علم الجميع ، ولما كان الاطلاع والنشر لهما نفس المعنى في القانون الأنكليزي فأن ذلك يترتب عليه أن نشر العبارة التشهيرية بواسطة الصحافة ماهو إلاّ نتيجة نشر متعددة ، بحيث أن كل واحداً منه يستقل عن الذي يليه ، فأرسال الصحفي مسودات مقالة إلى الطابعي يؤدي إلى تحقق مسؤولية الصحفي حتى ولو لم يُنشر المقال ، كما أن ظهور المقال في الصحيفة يعتبر نشرٍ ثان ويشكل سبب جديد للدعوى ومن ثم يسأل الصحفي كاتب المقال والطابعي ورئيس التحرير وصاحب الجريدة ،مع ملاحظة أن المحاكم الأنكليزية كما يرى الفقه لاتقضي بمسؤولية الطابعي إذا ثبت أن دوره في النشر كان مادياً بحتاً ، وأنه لم يكن يعرف حقيقة العبارات المنشورة في الجريدة(3).
    ويقع عبء إثبات النشر على المدعي وذلك بأن يثبت أن العبارة التي تضمنتها الصحيفة قد وصلت إلى أشخاص آخرين ، وفي بعض الأحيان لا يكون المدعي بحاجة إلى إثبات ذلك ، حيث يكون النشر مفترضاً من توزيع الصحيفة ، وخاصة في الأحوال التي يكون الادعاء بالتعويض عن المعاني الطبيعية والأعتيادية للكلمات ، أما في الحالة التي يعوّل فيها المدعي على المعاني التلميحية للعبارة Innuendo أي تلك التي تكون بريئة في ظاهرها وتشهيرية في مضمونها أو بما تُلّمح من معاني خاصة يمكن أن تفهم من البعض الذين يعرفون حقائق لم يذكرها الصحفي ، فهنا يجب على طالب التعويض ان يثبت بأن العبارة قد نشرت إلى أشخاص يعرفون هذه الحقائق التي تمكنهم من فهم الكلمات في المعاني التي تحملها وأنهم قد فهموا بأنها تشير إليه (1).
    وتطبيقاً لذلك لو نشر الصحفي مقالاً أو أذاع خبراً كشف فيه خصوصيات شخص بأنه مصاب بمرض معدٍ أو أنه عانى من أزمات مالية كانت سبباً في أنفصاله عن زوجته ، أو شهر بآخر بقوله أنه مرتشٍ أو مختلس بخلاف الحقيقة ، فأن النشر في مثل هذه الحالات يكون مفترضاً طالما اعتمد المدعي على المعاني الطبيعية والأعتيادية للكلمات المنشورة . ولكن بنفس الوقت لو بين الصحفي في مقاله المذكور بأن الشخص ( س ) قد أنهارت صحته ولم يجدي العلاج الذي وصفه الطبيب له نفعاً ، أو أن الموظف ( ص) قد أشترى داراً فخماً من الأموال التي حصل عليها ، فهنا المقال تضمن عبارات ظاهرها برئ وباطنها تشهيراً أو ماساً بالخصوصية بحيث لا يعرف معاني هذه العبارات إلا الأشخاص الذين يعرفون بعض الحقائق الخاصة التي لم يشر إليها الصحفي في مقاله، ففي مثل هاتين الحالتين يجب أن يثبت المدعي بأن النشر قد وصل إلى أولئك الأشخاص الذين لهم معرفة بتلك الحقائق وأنهم فهموا منها أنها تشير إليه .
    وإذا نشرت الصحيفة خبراً تضمّن تشهيراً بحق شخص ما فأن نشر أي نسخة للصحيفة يعتبر نشراً مستقلاً ومن حق المدعي أن يستند إلى أي منها لأقامة دعوى التعويض، ولكن في الواقع العملي لا يقيم المدعي دعوى تتعلق بنسخة واحدة للصحيفة وإنما يؤسس دعواه على كل النسخ ، وأن عدد النسخ من الصحيفة التي نشرت الخبر يؤثر فقط في تحديد مقدار التعويض كما سنرى.
    وفي بعض الأحيان قد تقوم الصحيفة بأعادة نشر قضايا أو حالات سبق نشرها بصيغة قد تختلف عن النشر الأصلي من خلال طبعات لاحقة من نفس الصحيفة ، ففي هذه الحالة يحق للمدعي أن يستند إلى أي واحدة أو اكثر من هذه الطبعات بأعتبارها نشراً مستقلاً(1).
    وحرّي بقضائنا الموقر أن يجعل جوهر التشهير الضار هو النشر للعبارة التي تحط من قدر الشخص على أن يوجه هذا النشر إلى أشخاص لهم أهلية لفهم المعاني التشهيرية للعبارة بأختلاف الأحوال فيما إذا استند المدعي طالب التعويض على المعاني الطبيعية أو الاعتيادية للعبارات أو على معانيها التلميحية ، وأن يجعل من صياغة العبارة في الصحيفة بأسلوب يمكّن الشخص العادي من قراءتها قرينة على قيام النشر لصالح المدعي ، ويبقى على هذا الأخير أن يثبت في حالة التشهير الضمني بأن هناك أشخاصاً يعرفون بعض الأمور التي نشرها الصحفي وأنهم قد فهموا مغزى هذا التشهير الذي حملته العبارات المنشورة .
    وإذا كان النشر يعتبر شرطاً ضرورياً من شروط المطالبة بالتعويض إلا أن هذا النشر لا يكفي لوحده ، وإنما يجب أن يشير المقال الذي كتبه الصحفي إلى المدعي ، فمن الأمور الجوهرية في كل دعوى ترفع عن الضرر الذي يصيب السمعة أو الناتج عن كشف الخصوصيات أن تكون العبارة التي نشرت في الصحيفة ذات معالم واضحة ومفهومة بكفاية من أنها تشير إلى المدعي ، ولا صعوبة في هذا الموضوع إذا كان المدعي قد أشير إليه بأسمه ، كما لو ذكر الصحفي في مقاله أن الفنان (س ) لديه مشكلات أو خلافات مع زوجته أو أن له ماضٍ مليء بالفضائح ، وكذلك لو نسب الصحفي إلى الموظف ( ص) بخلاف الواقع تعاطيه المشروبات الكحولية أثناء الدوام الرسمي أو أنه يرتشي بسبب أدائه لوظيفته .
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    طرق التعويض وتقديره Empty رد: طرق التعويض وتقديره

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود السبت سبتمبر 01, 2012 3:45 pm

    إلا أن الصعوبة تنشئ في حالة إذا لم يكن المدعي قد سمي بأسمه فعلاً ، أي لم يذكر بأسمه صراحة في عبارة الصحفي وإنما تذكر بعض التفاصيل التي تكفي لفهم بأن المدعي هو المراد بها ، كأن يذكر حرف أو اكثر من إسمه أو يشار إلى كنيته أو إلى الاسم الذي يشتهر به(1) ،أو يُنعَت بأمور تعينه وتبين أنه هو المقصود بالذات(2).
    والمعيار الذي يطبق في تشخيص المدعي في الحالة الأخيرة هو نفسه الذي رأيناه في تحديد طبيعة العبارة التشهيرية، ألا وهو معيار القارئ المعتاد أو القارئ المدرك الذي يشخص بعقلانية معقولة بأن المدعي قد اُشير إليه في المقال وأنه قد شهّر به ، إذ يكفي لتقرير المسؤولية أن تقود الكلمات المشتكاة منها القارئ الأعتيادي إلى الأعتقاد بأنها تشير إلى المدعي(3).
    ويعول القضاء الأنكليزي كثيراً على إعتقاد القارئ المعتاد للأشارة إلى المدعي ، فلأجل أن تكون القضية قابلة للمقاضاة يجب أن تكون العبارة مؤهلة للفهم بأنها تعزو إلى المدعي . ففي قضية كان المدعي فيها قد اشتكى من مقال نشر في صحيفة Sun Newspaper جاء فيــه
    ( أن الفتاة التي من المحتمل أن تكون شاهدة رئيسية في قضية مخدرات قد أختطفت في الأسبوع الماضي من قبل شخصين عندما سمعا بأنها قدمت إخباراً للشرطة ، وهي قد حجزت في إحدى البيوت ).
    ورغم أن أحداً لم يذكر اسمه في هذا المقال إلا أن المدعي الذي كانت الفتاة في بيته قبل نشر المقال بأسبوع قد أعتمد على دليل خارجي مفاده أن أي قارئ أعتيادي سوف يدرك بأن المقالة تشير إليه، وأنه قدم للمحكمة ستة شهود كانوا قد رأوا المدعي مع الفتاة قبل أسبوع من النشر ، وبينوا بأنهم أعتقدوا بأن المقال يشير إلى المدعي (4).
    ولكن يمكن القول بأنه ليس بوسع أي شخص يقرأ مثل هذه العبارات التي نشرت بشكل واسع بأن يعتقد من أنها تشير إلى المدعي ما لم يكن ذلك الشخص ذا معرفة بالمدعي بحيث ينصرف ذهنه إلى أنها تشير إليه ، رغم انه ليس ضروريا بأن يكون الناس جميعاً قد فهموا ذلك، بل يكفي لتحقيق المسؤولية أن يعرف بذلك بعض الأشخاص الذين أستنتجوا بأن المدعي هو الشخص المعني .
    ولابد من القول أن الصحفي عندما يكتب مقاله المنشور في الصحيفة قد يقصد الأشارة إلى المدعي تارة وقد تكون هذه الأشارة ناشئة عن أهمالاً منه ، فلا يؤثر في تقرير مسؤولية الصحفي ما إذا كان قد قصد الأشارة إلى المدعي ولا حتى ما إذا كان هو لا يعلم بوجوده أو أنه لم يستطع معرفة الوقائع التي دفعت القراء إلى الاعتقاد بأنها تشير إلى المدعي (1).
    ويبدو أن القضاء الأنكليزي والأمريكي قد أستقرا على أن معرفة المدعي عليه للمدعي أو مقدار ما بذله من يقظة وحذر لتجنب التشهير ليس جوهريا في تحديد مسؤوليته إذا كانت عباراته قد أقر بأنها مؤهلة للأشارة إلى المدعي وأنها قد فهمت بهذا المعنى. ففي قضية عرضت عام 1989 أمام المحكمة العليا الأمريكية ، كتب شخص بصفته رئيساً لجمعية حرية الكلام مقالاً ونشره في صحيفة ذكر فيه من بين أمور أخرى وجهة نظره عن قوانين التشهير، وقال أن من أهم أهداف تلك القوانين هي أنها تجنب الأشخاص الأغنياء وأصحاب السلطة المسؤولية . وعلى الرغم من أنه لم يذكر إسماً معيناً في مقاله إلاّ أنه قد واجه قضية رفعت عليه هو ومالك الصحيفة التي نشرت المقال من قبل الموظف المسؤول عن إعداد وصياغة وتنقيح قانون التشهير على أساس أنهما قد نسبا إليه تهمة يمكن أن يعاقب عليها بموجب قانون العقوبات(2).
    ويطبق نفس المبدأ إذا كان الصحفي قد كتب مقالاً يعتقد بأنه يتضمن معلومات صحيحة عن شخص ما إلاّ أنها في الواقع تشير إلى شخص آخر لم يسمع به ابداً ، ففي إحدى القضايا نشر صحفي في صحيفته Daily Express مقالاً يتعلق بمحاكمة شخص اسمه Harold Newsteed عن تزوجه بأكثر من أمرأة، فرغم أن قصة المحاكمة كانت صحيحة إلا أن الوصف كان يتعلق بشخص آخر يحمل نفس الاسم ويعمل في مكان أخر(3).
    وفي قضية مماثلة أخرى كان موضوعها تشهير نُشر في صحيفة المدعي عليه
    The Chicago Sunday Tribune جاء فيه ( أن الممرضات والمرضى يثنون على السيدة ديفز زوجة السيد جيومان ، بأعتبارها إحدى أشهر الممرضات في شيكاغو وأكثرهن خبرة ، وانهم يَطرُون ويثنون على مشروب الويسكي النقي والمنعش والشافي والمنشط للسيدة ديفز ) ثم يظهر في الصحيفة صورة المدعية وتحتها الكلمات التالية ( مسز جيومان ) ثم يليها عبارة أخرى ( بعد عشر سنوات من الأستعمال المستمر لشرابك الويسكي النقي من قبلي وكذلك من قبل المرضى فأنني لا أتردد في مدحه بأعتباره الشراب الأفضل )، ثم تأتي عبارة تشير إلى عنوان السيدة جيومان مع توقيع أو كلمات تعود لها .
    أن أساس الدعوى هو أن المدعية لم تكن السيدة جيومان ولم تكن ممرضة وكانت ممتنعة تماماً عن تناول الويسكي أو المشروبات الروحية الأخرى . كما كان هناك سبب أخر للدعوى هو نشر صورة المشتكية بدون موافقتها (1).
    وفي قضية أخرى نشرت صحيفة Boston Globe خبراً فحواه أن السيدH.P. Hanson الذي كان سمساراً للعقارات قد القي القبض عليه بسبب السُكر. ولكن الشخص الحقيقي الذي القي عليه القبض كان أسمه A. P.H.Honson .أقام السيد H.P. Hnson الدعوى على جريــدة الـ( Globe ) بتهمة التشهير به بسبب الخطأ في الأشارة إليه بدلاً من الشخص الأخر .
    أن الأكثرية من قضاة المحكمة العليا لولاية Massachusetts قرروا بأنه لم يكن هناك أي تشهير وذلك لأن مقال الجريدة قد أشار بوضوح إلى السيد المدعو A.p. Hanson ، إلا أن القاضي Oliver الذي كان آنذاك أحد أعضاء هذه المحكمة كان يفكر بطريقة أخرى حيث خالف الأكثرية ، وما لبث أن أصبح رأيه المخالف هذا مبدأ عاما في قضايا التشهير وهو جدير بالأخذ به من الصحفيين الممارسين . حيث رأى أن الوقائع تمثلت في أن المادة التشهيرية قد نشرت في مقال من قبل المدعي عليه عن السيد H.P .Hanson والذي كانت مهنته سمساراً لعقارات في جنوب مدينة بوستون وما نشر هو أن المدعي يحمل ذلك الأسم والوصف وبقدر ما يظهر أنه لا أحد آخر له ذلك الأسم والمواصفات ولكن المدعي عليه لا يعرف بوجود مثل هذا الشخص الآخر . ووفقاً للمبادئ العامة في المسؤولية التقصيرية أن القصد الخاص للمدعي عليه لايعفيه من المسؤولية ذلك لان الجريدة تعلم بأنها كانت تطبع وتنشر بيانات تدل على إنها حقيقية وأنها ستكون مضّرة بالشخص الذي ستطبق عليه ، وكذلك فأن المجلة أو الجريدة تعرف بأنها تستخدم عبارات تدل على شخص محدد وأن هذا الشخص المحدد سيعرف من قبل القراء بأنه هو المعني وهذا الشخص المعني هو المدعي (2).
    وقد يتحقق التشهير بالمدعي ليس من خلال الأشارة إلى شخصه أو صفاته فحسب وإنما إلى المكان الذي يسكن فيه أو الذي يكون محلاً لعمله بحيث يشير الصحفي في مقاله إلى ذلك المكان ويصفه بأنه مصدراً لكثير من المنازعات أو الأحداث التي تخل بالنظام العام ، فيكون من حق المدعي أن يستند إلى هذا المقال بأعتباره أن يشير إليه .
    وتطبيقاً لذلك كتب صحفي في إحدى الولايات الأمريكية مقالاً ذكر فيه أن هناك ثلاث محلات معدة للعب القمار وبيع المشروبات الروحية قد حدث في أحدها نزاع على القمار وأن مالك المحل قام بطرد أحد الرواد وضربه بآلة حديدية أدت إلى أصابته بجروح .
    وقد وصف الكاتب هذه المحلات بأنها محلات القتل والجحيم أو الطاعون، وأن من يملكها لايمكن أن يعتبر مواطناً في هذه الولاية . وقد كان محل المدعي واحداً من بين هذه الأماكن والتي حدث فيها النزاع وطلب إقامة الدعوى على أساس أن من قرأ المقال أعتقد بأنه يشير إليه، وقد أستجابت المحكمة لطلبه وحكمت له بالتعويض(1).
    وفي بعض الأحيان قد يكتب الصحفي تحقيقاً عن موضوع أو حدث معين ولكي يعطي ذلك الموضوع شيئاً من الحياة قد يتصور شخصية وهمية لاوجود لها في الواقع وإنما هي من نسيج الخيال فيصف تلك الشخصية ويعلق عليها ثم يتبين أن الاسم الذي اختاره لهذه الشخصية يعود لشخص آخر موجود بالفعل ، مما يؤدي إلى تحقيق مسؤولية الصحفي بسبب هذا النشر. وبهذا الاتجاه قضى مجلس اللوردات الأنكليزي بمسؤولية الصحفي الذي نشر مقالاً في صحيفته Sunday Chranicle وصف فيه احتفالاً بسباق السيارات في مدينة Dieppe واستعار هذا الصحفي شخصية وهميـة سمـاها Artemus Jones .ومضى الصحفي يصف مرحها فقال ( وهذا هو آرتمس جونس ومعه امرأة ليست زوجته ولابد كما تعلمون يمكن أن تكون شيئاً آخر) ، ثم قال ( أن آرتمس الذي يعتبر من رجال الكنيسة في بلاده ، اصبح شخصية مرحة بعد أن حطت قدماه الشاطئ الفرنسي … ) .
    ومن سوء حظ هذا الصحفي تبين انه يوجد في إحدى الجهات من أنكلترا محامٍ يحمل نفس الأسم وطالب بالتعويض على إعتبار أن من قرأ المقال في تلك الجهة فهم أنه يتعلق بالمحامي المدعي رغم أن الصحفي لم يكن يعلم أبداً بوجوده (2).
    وبنفس الأتجاه ذهبت المحاكم الفرنسية إلى أن المسؤولية المدنية تتحقق إذا نشر الصحفي تفاصيل العلاقات العاطفية للأفراد سواء كانت تلك التفاصيل واقعية أم خيالية (3).
    ولكن يمكن القول بأن تقرير المسؤولية المدنية في مثل هذه الحالات التي لا يكون الصحفي فيها قاصداً الأشارة إلى المدعي أو لم يكن يعلم بوجوده بحيث يجازى كما يجازى الصحفي الذي يقصد في مقاله التشهير بالمدعي أو يهدف إلى إنتهاك حرمة حياته الخاصة ليحقق شهرته على حساب سمعة الآخرين أو جلب الكسب المادي لصحيفته فيه شئ من الجور وعدم الأنصاف . إذ لا يمكن أن يكون الحكم واحداً في كلا الحالتين ، وهذا ما دفع المشرع الأنكليزي كما نعتقد إلى أن يجعل للتشهير غير المقصود أحكاماً خاصة في قانون التشهير لعام 1952 ، بحيث أجاز للشخص الذي ينشر كلمات أو عبارات يّدعى بأنها تشهيرية لشخص آخر أن يدفع بأن ما قام به قد تم بحسن نية ودون قصد منه ، ومن ثم يستطيع أن يقدّم إعتذاراً أو تصحيحاً ، وإذا ما قبل المدعي هذا الاعتذار فليس هناك إجراءات يمكن أن تتخذ ضد المدعي عليه ، أو لا يمكن الأستمرار بالأجراءات إذا كان المدعي قد أقام الدعوى ، وإذا رُفض هذا العرض من قبل المدعي فأن للمدعي عليه أن يدفع بأن ما نشره كان بحسن نية وأنه قدّم إعتذاراً عن ذلك فور وصول أشعار المدعي إلى علمه ، ومن شأن ذلك أن يسهم في تخفيض التعويض (1).
    وتعتبر الكلمات بأنها قد نشرت بحسن نية إذا لم يكن كاتبها يقصد بأن ما نشره يتعلق بالمدعي، ولم تكن الكلمات تشهيرية في ظاهرها ،وكذلك إذا لم يكن عالماً بالظروف التي من شأنها أن تساعد القارئ على إنها موجهة إلى المدعي (2).
    وتجري أحكام القضاء الفرنسي على إعتبار الأشارة إلى المدعي شرطاً ضرورياً لأقامة الدعوى سواء أكان المدعي قد تم تعيينه بأسمه أم بصفة من صفاته ، ولكن بنفس الوقت يجب على الشخص الذي أشير إليه في المقال ويدعي بأن سمعته قد شُوهّت أن يثبت أنه كان هو المقصود بذلك ،وأنه شخصياً قد تعرض للضرر(3).
    ولقد تسنى لقضائنا الموقر النظر في بعض القضايا التي عرضت أمامه وحكم بعدم مسؤولية الصحفي إذا تبين أن مقاله لم يتضمن الأشارة إلى المدعي وبالتالي لاتشكل العبارة المنشورة مساساً بشعوره أو بسمعته ولاتعتبر قذفاً أو تشهيراً بحقه (1).
    ويمكن القول أن يجب أن يعطى للصحفي فرصة لتبرير أن ما نشره كان غير مقصود، وبنفس الوقت يجب عليه أن يسارع إلى إصدار إعتذاراً مناسباً عن هذا النشر بحيث يجعل من هذا الأعتذار قرينة على توافر حسن النية من شأنه أن لم يعفه من المسؤولية فأنه يساهم في تخفيض التعويض المستحق .
    وقد يحدث أن يكون المدعي من بين مجموعة أشخاص كتب الصحفي مقالاً عنهم ، كما لو زعم الصحفي أن كل المحامين غير مستقيمين أو أن جميع أصحاب المصانع يسعون إلى تحقيق ربح مادي على حساب جودة أو نوعية المادة المصنوعة ، فكيف يمكن أن تتحقق المسؤولية في مثل هذه الحالة عن الأشارة إلى المدعي ؟
    في الواقع انه يمكن القول إذا كانت العبارة موجهة مباشرة إلى مجموعة أشخاص وليس إلى الأفراد المنتمين إلى هذه المجموعة بالذات فأن هذه المجموعة ليس بوسعها أن تدعي بأنه قد شهر بها كمجموعة ولا يمكن للأفراد أن يدعوا بأنهم قد شَّهر بهم من خلال أشارات عامة إلى المجموعة التي هم ينتمون اليها(1).
    وقد عبر القاضي willes J عن ذلك بقوله ( إذا الشخص كتب بأن جميع المحامين كانوا سارقين ، فأنه ليس لأي محامي معين يتمكن أن يقاضي الكاتب ما لم توجد أشارة خاصة إلى ذلك المحامي(2)).
    ولكن إذا كانت هذه المجموعة صغيرة جداً فان العبارة التي نشرها الصحفي يمكن إعتبارها بأنها تشير إلى أي فرد منها ، وتطبيقاً لذلك أقرت المحاكم الأنكليزية مسؤولية الصحفي الذي نشر مقالاً أشار فيه إلى أنه في بعض المصانع الأيرلندية مورست قساوة على العاملين حيث وجدت المحكمة في قراءتها للمقال أنه يشير إلى مالك المصنع في مدينة Wate Ford التي نشر فيها المقال(1) .
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    طرق التعويض وتقديره Empty رد: طرق التعويض وتقديره

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود السبت سبتمبر 01, 2012 3:48 pm

    للتعويض في مجال حقوق الشخصية هو أن من شروط الضرر القابل للتعويض أن لايكون قد سبق تعويضه( ) وهذا يعني أن التعويض النقدي يفوت على من تم المساس بحقوق شخصيته فرصة الحصول على التعويض غير النقدي، وبالتالي فلن تتم التضحية بما يوفره التعويض غير النقدي من مزايا مقابل الحصول على تعويض نقدي، بل أن التعويض غير النقدي لا يقتصر أثره أحياناً على إصلاح الضرر الأدبي فقط، وإنما يتعداه ليصلح الضرر المادي أيضاً، كما لو تم المساس بشرف وسمعة أحد ذوي المهن التي تعتمد وبشكل كبير على سمعة القائم بها كالطب والمحاماة، إذ يترتب على ذلك زعزعة ثقة الناس فيه فيحجمون عن التعامل معه مما يؤثر سلباً على مقدار الدخل الذي يجنيه من مهنته فبنشر حكم إدانة المدعي أو اعتذار الأخير بإحدى وسائل النشر يمكن أن يعيد له ولو شيء بسيط مما فقد والذي يعجز أي مبلغ تعويض مهما كان كبيراً عن القيام به.
    وقد يثار التساؤل عن الفرق بين التعويض غير النقدي عن المساس بالحق في الشرف وبين الرد والتصحيح كإجراء يتخذ لحماية هذا الحق؟ يبدو، ان حق الرد والتصحيح هو إجراء وقائي لحماية حقوق الشخصية مما يعني عدم اشتراط تحقق ضرر لإمكانية اللجوء إليه في حين يشترط ذلك بالنسبة للتعويض غير النقدي لأنه من طرق التعويض، فالتعويض غير النقدي عن المساس بالحق هو أثر لقيام المسؤولية المدنية، أما حق الرد والتصحيح فهو تنفيذ عيني لالتزام الكافة باحترام حقوق الشخصية، بالإضافة إلى إمكانية القيام بالرد والتصحيح دون اللجوء إلى القضاء إلا إذا رفض طلب نشر الرد والتصحيح أو كان هناك خلاف حول توافر الشروط القانونية في الرد والتصحيح( )، أما التعويض غير النقدي فان القاضي هو الذي يقرره باعتباره أثر لقيام المسؤولية، وفيما عدا ذلك فانهما يتقاربان بشكل كبير.
    2. التعويض النقدي:
    هو مبلغ من النقود يلزم مرتكب الفعل الضار بدفعه للمضرور، وهو الطريق الطبيعي لجبر الضرر وإصلاحه لأن النقود بالإضافة إلى كونها وسيلة للتبادل فهي تعد أيضاً وسيلة لتقويم الأضرار أياً كان نوعها( ) فعند تعذر التعويض العيني وليس هناك سبيل إلى تعويض غير نقدي، يتعين على القاضي أن يحكم بالتعويض النقدي( ) والذي يكون الأصل بالنسبة لطرق التعويض( ) ويمكن للقاضي تحديد طريقة الدفع وفقاً لما يراه، فقد يقضي بدفعه
    جملة واحدة وعلى شكل أقساط دورية محددة مددها معين عددها، كما يمكن أن يكون التعويض ايراداً مرتباً مدى الحياة أو لفترة معينة حسب ظروف الحال ووفقاً لطلبات المدعي( ) وقد أجاز القانون للقاضي الزام المسؤول بأن يقدم تأميناً يضمن استمراره بالدفع( ).
    ان التعويض النقدي لايتعارض مع طبيعة حقوق الشخصية كونها حقوقاً غير مالية لايمكن تقويمها بالنقود، فلتحديد كون الحق مالياً أو غير مالي يجب النظر إلى الميزات التي يخولها لصاحبه، وهي في مجال حقوق الشخصية ميزات غير مالية تتمثل بالانتفاع بهذه الحقوق بصفة شخصية وعدم جواز التنازل عنها أو التصرف بها للغير، أما التعويض المالي فانه ليس ميزة تمتاز بها حقوق الشخصية إنما هو أثر لقيام المسؤولية المدنية عن المساس بتلك الحقوق( ).

    الفرع الثالث
    تقدير التعويض
    يجب عند البدء بتقدير التعويض عن المساس بحقوق الشخصية التمييز بين المزايا غير المالية لها والمتمثلة باقتضاء هذه الحقوق والتمتع بما توفره من مكنات وفقاً لطبيعة كل حق( ) فهذه أمور يتساوى فيها جميع الأفراد مما يوجب المساواة في التعويض عن المساس بها وبين المزايا المالية لهذه الحقوق والمتمثلة بالأضرار المادية الناشئة عن المساس بها( )
    والتي تخضع للاعتبارات العامة المؤثرة في التعويض، وسنتعرض لهذه الاعتبارات قدر تعلق الأمر بدراستنا.
    تعد العوامل المتعلقة بمن تم المساس بحقوق شخصيته أهم ما يجب مراعاته عند تقدير التعويض كحالته الصحية والمالية والعائلية والاجتماعية( ) ومن العوامل الأخرى التي يجب أخذها بنظر الاعتبار عند تقدير التعويض خطأ المتضرر والذي قد يؤدي إلى نفي المسؤولية عن الفاعل، وقد نصت على ذلك المادة (211) من القانون المدني العراقي والتي اعتبرت هذه الحالة من حالات السبب الأجنبي( ).
    وهناك مسألة هامة تتعلق بحقوق الشخصية وبالأخص الحق في سلامة الجسم وهي مسألة تغير الضرر بعد صدور الحكم، فقد تتغير الإصابة الناجمة عن المساس بجسم الإنسان وذلك بالزيادة أو النقصان كما لو بدأت بمجرد جرح بسيط ومن ثم تطورت إلى أن انتهت بعاهة مستديمة أو بالعكس حيث لا تتغير الإصابة إلى ما كان متوقعاً لها وقت حدوثها، ففي هذه الحالة وغيرها من الأوضاع المشابهة، يجب التمييز بين فرضين الأول إمكانية الأخذ بنظر الاعتبار عند تقدير التعويض التغيرات المستقبلية للضرر، والثاني إمكانية إعادة النظر في الحكم الصادر بشأن تقدير التعويضات، فبالنسبة للفرض الأول وبالنظر لإمكانية المطالبة بالتعويض عن الضرر المحقق حتى وان كان مستقبلاً( ) يجوز للقاضي عند إصداره الحكم
    أن يأخذ بنظر الاعتبار التغير المستقبلي للضرر والذي تحقق سببه وتراخت آثاره كلها أو بعضها لوقت لاحق وذلك إذا كان هذا التغير مؤكداً حتى لو لم يطالب به المتضرر، كما يمكن للأخير المطالبة فقط بالتعويض عن الضرر الذي وقع فعلاً والاحتفاظ لنفسه بالحق في المطالبة بإعادة النظر في التعويض عند تفاقم الضرر في المستقبل( ).
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    طرق التعويض وتقديره Empty رد: طرق التعويض وتقديره

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود السبت سبتمبر 01, 2012 3:50 pm

    أما الفرض الثاني فيجوز لمن تم المساس بحقوق شخصيته أن يرفع دعوى جديدة للمطالبة بالضرر المستجد والذي لم يكن متوقعاً وقت صدور الحكم بالتعويض ولا يتعارض ذلك مع حجية الشيء المقضي فيه لأن ما استجد من ضرر لم يقضِ فيه من قبل، وبالنسبة للمسؤول فلا يجوز له المطالبة باعادة النظر في التعويض وذلك بانقاصه عندما يقل مقدار الضرر بصورة لم يكن بالإمكان توقعها عند التقدير وذلك لأن هذا التقدير قد حاز حجية الشيء المقضي فيه( ).
    ويلزم لبيان موقف الشريعة الإسلامية من التعويض عن المساس بحقوق الشخصية التمييز بين الحق في سلامة الكيان المادي وبين باقي حقوق الشخصية، ففيما يخص التعويض عن المساس بالكيان المادي فيتمثل بالدية وهي "اسم للضمان المالي الذي قدره الشارع والذي يجب بمجرد الاعتداء على حق الإنسان في السلامة سواء وقع هذا الاعتداء على النفس (الحياة) أو على أعضاء الجسم"( ) ومقدار الدية الكاملة هو مئة رأس من الإبل أو مئتي رأس من البقر أو بألفي رأس من الشاة أو بألف مثقال من الذهب( ) والدية في هذه الحالة تقوم


    بدل القصاص في القتل إذا توافرت شروطها( ) ونظراً لتعلق الدية الكاملة بالحق في الحياة فهي تخرج عن نطاق هذه الدراسة. وما يهمنا هو الدية غير الكاملة (الارش) ويقصد به المال الواجب على ما دون النفس( ).
    يتضح مما تقدم أن الارش هو جزء من الدية يكون بدلاً عن القصاص عند المساس بسلامة الجسم( ) وهو على نوعين، ارش مقدر وارش غير مقدر، فالأول ما ورد تحديد مقداره شرعاً، فقد ورد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كتب إلى أهل اليمن كتاباً وكان في كتابه "ان من اعتبط مؤمناً قتلاً عن بينة فانه قود إلا أن يرضى أولياء المقتول، وان في النفس الدية مائة من الإبل وان في الأنف إذا أوعب جدعاً الدية وفي اللسان الدية وفي الشفتين الدية وفي الاذنين الدية وفي الذكر الدية وفي الصلب الدية وفي العينين الدية وفي الرجل الواحدة نصف الدية وفي المأمومة ثلث الدية وفي الجائفة ثلث الدية وفي المنقلة خمسة عشرة من الابل وفي كل أصبع من أصابع اليد والرجل عشراً من الإبل وان الرجل يقتل بالمرأة وعلى أهل الذهب ألف دينار"( )، وللفقهاء في مسألة تقدير الارش أقوال يصعب حصرها، نكتفي بيان خلاصتها المتمثلة بمجموعة قواعد كلية في هذا الشأن، فقد ورد في القاعدة الأولى، أن في أعضاء الجسم الثلاثة المفردة "اللسان والأنف والذكر" وفي ذهاب منفعة الأعضاء "الحواس" وهي العقل والسمع والبصر والشم والذوق دية كاملة، وكذلك الأعضاء المتعددة فلمجموعها دية كاملة فإذا تم قطع اليدين وجبت الدية كاملة، ويكون لكل منها دية الواحد بالنسبة إلى اصل العدد، فلليد نصف الدية وللإصبع في اليد أو الرجل عشر الدية وهي عشر إبل، كما تتجزأ دية الإصبع فإذا قطعت أنملة كانت الدية ثلث دية الإصبع إلا الإبهام لأن فيه أنملتان في الواحدة نصف دية الإصبع، ويسري ما سبق على أعضاء جسم الإنسان باستثناء الأسنان وهي خمس من الإبل لكل سن بغض النظر عن العدد "أما القاعدة الثانية" فقد بينت ديات الجروح وهي خمس من الإبل في الموضحة
    وفي الهاشمة عشر من الإبل وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل، وفي الامة والجائفة ثلث الدية، وتتعدد الديات بتعدد الأضرار "القاعدة الثالثة" ومالم يرد فيه نص بقدر دتيه يقاس على الذي ورد نص فيه، فيقاس الثديان باليدين، فإتلاف أحدهما فيه نصف دية واتلافهما تكون فيه دية كاملة، ومالم يمكن فيه القياس تكون فيه حكومة عدل( ) وهي ما يحكم به القاضي بناءً على تقدير أهل الخبرة بحيث لاتصل الحكومة إلى الدية أو الارش المقدر للجرح أو التلف الذي يليه في الشدة أي ما يترك تقديره لقاضي الموضوع، ويعرف كذلك بالارش غير المقدر( ) والذي يمكن أيضاً أن يكون بدل كل ما لم يتم تحديد مقدار التعويض عن المساس به من حقوق الشخصية الأخرى، والحكومة هي أكثر صور الجزاء مرونة فهي متروكة لتقدير القاضي ويدخل في نطاقها غالبية الأضرار التي ليس لها جزاء محدد وهي تعد بمثابة تعويض( ) ويمكن إطلاقها لتسري على كافة الأضرار المنصبة على حقوق الشخصية والتي إما أن تكون أضراراً مادية أو أدبية أو جسدية( ) كما يمكن الحكم بالتعزير( ) عن المساس بحقوق الشخصية التي تقرها الشريعة الإسلامية وتحرم المساس بها، فمن غير الجائز تركها بلا جزاء ويستحسن تعزير من يعتدي عليها لأن لا حد عليه في الشريعة الإسلامية( ) ونظراً لكون غاية التعزير هي الزجر والتأديب( ) فانه يكون بصور متعددة ومنها أخذ المال من المعتدي( ) كما ان عدم تعارض دفع التعويض كمكمل للدية بهدف إزالة ورفع الضرر( ) يعني من باب أولى جواز دفعه بمعزل عنها ولذات الهدف أو الغاية إذا ما تم المساس بأي من حقوق شخصيته.

    يتضح مما تقدم عدم وجود تعارض بين التعويض عن المساس بحقوق الشخصية وبين أحكام الشريعة الإسلامية.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 12:58 am