روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    الحبس الإحتياطى وأصل البراءة ___ بقلم محمود طاهر

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    الحبس الإحتياطى وأصل البراءة ___ بقلم محمود طاهر  Empty الحبس الإحتياطى وأصل البراءة ___ بقلم محمود طاهر

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الجمعة سبتمبر 27, 2013 2:20 pm

    الحبس الإحتياطى هو اخطر إجراء من إجراءات التحقيق واكثرها مساسا بحرية المتهم فبمقتضاه تسلب حرية المتهم طيلة فترة حبسه .
    فالحبس الإحتياطى ليس عقوبة توقعها سلطة التحقيق وما هو إلا إجراء من إجراءاته قصد منه مصلحة التحقيق فحسب .

    ذلك يعنى أن الحبس الإحتياطى هو ضرورة يتم اللجوء إليها لأجل مصلحة تقتضيها إجراءات التحقيق ، ومن ثم فهو ليس مقصودا لذاته ، فلا يحق لسلطة التحقيق أن تتوسع في إستعماله فالضرورة تقدر بقدرها والرخصة لا تستعمل إلا فى حدود الترخيص .

    و إن كانت الوقاية من الجريمة قيمة يجب مراعاتها ، فإن حرية الأفراد أيضا قيمة لا تقل عنها أهمية ، فهى نتاج كفاح الشعوب ضد الظلم والإستبداد وهى من ثوابت المواثيق الدولية والدساتير الوطنية ، بل من ثوابت الشريعة الإسلامية التى جعلت الإنسان أكرم المخلوقات إلى الله .والأصل فى الإنسان براءة الذمة .
    وهذه القرينة تتمتع بأساس راسخ فى الشريعة الإسلامية ، وعلى هذا نصت كافة المواثيق والدولية والدساتير الوطنية .
    والحبس الإحتياطى إجراء تتجلى فيه أشد مظاهر العدوان على الحريات الفردية ، ويتعارض كل التعارض مع قرينة البراءة ، ذلك المبدأ الراسخ بإعتباره أحد المبادىء الحاكمة للاجراءات الجنائية المعاصرة .
    وكافة النصوص سواء التى وردت فى المواثيق الدولية او فى الدساتير الوطنية تدور حول فكرة واحدة هى براءة المتهم حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه ..
    وقد اتجهت عقول المفكرين والباحثين إلى القيام بجهد فقهى دؤوب من اجل تبنى آليات بديلة عن آليات العقاب التقليدية لأجل التوفيق بين حق الدولة فى العقاب ، وبين حق الفرد فى حريته .

    كل ذلك استلزم وضع شروطا عدة للحبس الإحتياطى تتعلق بالجهة التى تأمر به ، وبالجرائم التى يجوز فيها ، وشروطا تتعلق بالمتهم نفسه ، وأيضا شروط تتعلق بتوقيت الحبس الإحتياطى .

    أمر هام نعرج عليه فى هذا الصدد ، وهو أن الهدف من العقوبة الجنائية هى تحقيق الردع العام والخاص ، فالعقوبة وسيلة تشريعية وليست غاية فى ذاتها ، ومن أهم الأهداف التى يرتجى تحقيقها من انزال العقوبة على مرتكب الجريمة " إرضاء الشعور المجتمعى بالعدالة " إذ ان غريزة الإنسان تقتضى مقابلة الشر بالجزاء الأوفى . ولن يتحقق ذلك إن طال الأمد بين وقوع الجريمة وبين انزال العقوبة على فاعلها .
    وهو الأمر الذى يستلزم بالضرورة التسريع فى إجراءات التحقيق ، وسرعة عقد المحاكمة القانونية التى تكفل فيها للمتهم ضمانات الدفاع . ومن ثم وضع حدا لمدة الحبس الإحتياطى لا يجوز تجاوزه إذ أنه بحسب الأصل هو انتقاص من مبدأ " المتهم برىء حتى تثبت إدانته "

    وقد إتجه المشرع المصرى إتجاها يفصح عن استعداده لتكريس بدائل للحبس الإحتياطى استشعارا منه لخطورة هذا الإجراء فقد صدر القانون رقم 145 لسنة 2006 بتعديل بعض احكام قانون الإجراءات الجنائية ، متضمنا بين أحكامه بدائل للحبس الإحتياطى .
    وكنا نامل ان يخطو المشرع خطوات اكثر فى هذا الإتجاه ويساير العصر ولا يكن فى معزل عن التطور ، ويقوم بتوظيف التكنولوجيا فى العدالة الجنائية ، ويتبنى فكرة المراقبة الإلكترونية كبديل للحبس الاحتياطى ، حتى ولو على مراحل متدرجة .
    إلا أنه فى ردة منه نجد اتجاه نحو إلغاء الحد الأقصى للحبس الإحتياطى فى بعض الجرائم المعاقب عنها بالاعدام والمؤبد . وهذا بلا شك قانون غير دستورى ولا يتفق مع المنطق السليم ، فكيف يظل متهم رهين الحبس الإحتياطى لمدد لا يعلم مداها الا الله ففمدة حبسه إحتياطيا ستكون حسب إرادة سلطة التحقيق تجددها كيفا شاءت ، وسيدفعها ذلك ألى التنكيل بالمتهمين إن إرادت كما سيدفها إلى التسويف وعدم الإهتمام بسرعة إنهاء إجراءات التحقيق .
    فضلا عن ما إذا قضى لللمتهم هذا فى نهاية المطاف بالبراءة فما الوضع إذاً ومن سيعوضه عن أيامه التى ضاعت خلف القضبان لا فى عقوبة يؤديها بل فى مجرد إجراء من إجراءات التحقيق .
    وماذا لو سن المشرع قانونا يلزم الدولة بتعويض من حكم له بالبراءة - وهذا من المفترض أن يكون - فكيف تعوض الدولة من قضى مثلا 7 سنوات فى الحبس الإحتياضى .
    أمور كثيرة تجعل من ذلك القانون المزمع تطبيقه بشأن الحبس الإحتياطى موصوما بعدم الدستورية ، ومتناقضا مع كافة المبادىء القانونية الثابته .، ومهدرا لقيمة انسانية كبيرة هى حرية الفرد ، فضلا عن تناقضه مع ضمان كفالة محاكمة عادلة للمتهم . م طاهر

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 5:42 pm