مبحث تمهيدي
يعتبر إنقطاع الميعاد حالة من حالات إمتداد الميعاد وهو بذلك يتفق مع الوقف نتيجة لقوة قاهرة ومع ذلك فهو يختلف عن الوقف من حيث أثره على ميعاد رفع الدعوى .
ويؤدى إنقطاع الميعاد[1] إلى غض النظر كليةً عن المدة التى جرت من الميعاد قبل تحقق سبب الإنقطاع بحيث لا تؤخذ في الاعتبار ولا يُعاد حسابها مع المتبقى من المدة بعد زوال هذا السبب كما هو الحال بالنسبة إلى وقف الميعاد . وإنما يؤدى الانقطاع إلى بداية مدة جديدة قدرها ستون يوماً تبدأ من اليوم التالى لزوال سبب الانقطاع ...
وعلى ذلك إذا علم صاحب الشأن بالقرار يوم 3 مارس فالمدة تبدأ من يوم 4 مارس حتى 2 مايو أى ستون يوما ؛؛ ولكن اذا تحقق سبب الانقطاع يوم 25 إبريل وأستمر لـ 31 مايو فان ميعاد دعوي الالغاء يبدأ من جديد ابتداءاً من اليوم التالى لليوم الذى زال فيه الانقطاع ؛ بمعنى أن تبدأ المدة في هذا المثال من أول يونيه وحتى نهاية الستين يوماً ؛ أى حتى 30 يوليه ؛ وما مضى من 4 مارس في هذا المثال السابق حتى يوم 25 تحقق سبب الانقطاع ؛ لا يؤخذ في الحسبان ويعتبر كأنه لم يكن ... فالانقطاع يؤدى دائماً إلى بداية مدة جديدة كاملة من جديد وهذا ما يميزه عن الوقف ؛ وقد استقر الفقه على أن حالات إنقطاع ميعاد الطعن بالالغاء تقدر بأربع حالات وأولها التظلم الادارى محل الدراسة .
وفى بدأ رفع دعوى الالغاء من تاريخ اعلان القرار او نشره في الجريدة الرسمية او في النشرات المصلحية[2] أو العلم به علما يقينيا شاملا لكافة محتوياته فانه باعتباره ميعاد سقوط لا ينقطع ولا يقف ولا يمتد ويبدأ حسابه من اليوم التالى لليوم الذى حصل فيه الاعلان او النشر او العلم اليقينى وينتهى الميعاد بانتهاء اليوم الستين .
على أن المشرع قد خرج على هذا الأصل فنص في المادة 22 من قانون تنظيم مجلس الدولة على أن " ينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة الإدارية التى أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئيسية ؛ ويجب أن يبت في التظلم قبل مضى ستين يوماً من تاريخ تقديمه ، واذا صدر القرار بالرفض وجب ان يكون مسبباً ، ويعتبر فوات ستين يوماً على تقديم التظلم دون ان تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه ، ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن في القرار الخاص بالتظلم ستين يوماً من تاريخ انقضاء الستين يوماً المذكورة " .
ومن المعروف انه للحصول على الحق دون دعوى قضائية مزايا لا تنكر، فهو أقل كلفة ، إذ يوفر على صاحب الشأن مصاريف التقاضى ، وهى كثيرة قد ينوء بها . وهو أكث[3] سرعة لما يكتنف المخاصمة القضائية من إجراءات سواء أثناء تحضير الدعوى أو أثناء نظرها ، وهو يحفظ العلاقة بين صاحب الشان ( لاسيما إذا كان موظفاً ) ، والجهة الإدارية مصدرة القرار من حساسيات تنتج عن الطعن القضائى ....
وأخيراً فإن إنصاف الادارة للمواطنين والموظفين يحفظ وقت القاضى ويخفف العبء عنه .
ومن هنا كان ما قرره المشرع من أن تظلم صاحب الشأن إلى مصدر القرار أو رئيسه طالباً سحبه قاطع لميعاد الطعن بالإلغاء في هذا القرار .، وذلك تشجيعاً للأفراد على طلب النصفة من الإدارة قبل الإلتجاء إلى القضاء . والاصل أن صاحب الشأن حر في أن يطعن أمام القاضى مباشرة ً أو أن يبدأ فيتظلم منه ، أى أن الأصل هو أن التظلم جوازى .
ولكن المشرع جعله وجوبياً في حالات أوردها على سبيل الحصر[4] وكلها خاصة بشئون الخدمة المدنية . فالتظلم يكون وجوبياً بالنسبة إلى القرارات الآتيه :-
1-القرارات الادارية النهائية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية أو بمنح علاوات. 2-القرارات الإدارية النهائية الصادرة بإحالة الموظفين إلى المعاش أو الإستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبي . 3-القرارات الإدا رية النهائية للسلطات التأديبية ، عدا ماكان منها صادراً من مجالس تأديبية .
وهى القرارت المشار إليها في البنود ثالثاً ورابعاً وخامساً من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972م ؛ فالطعن القضائى في هذا القرارات لايجوز قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التى أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئاسية ، وإنتظار المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم ؛ وتبين إجراءات التظلم والفصل فيه بقرار من رئيس مجلس الدولة[5] ...
وقد صدر تطبيقاً لهذا قرار رئيس مجلس الدولة رقم 72 لسنة 1973م بتاريخ 12/4/1973 بشأن إجراءات التظلم الوجوبى من القرارات الإدارية وطريقة الفصل فيها ؛ وقد نص هذا القرار على الآتى : مادة -1- يكون التظلم من القرارات الإدارية المنصوص عليها في البنود ثالثاً ورابعأ وتاسعاً من المادة 10 من القانون رقم 47 لسنة 1972م إلى الجهة الإدارية التى أصدرت القرار أو إلى الجهات الرئاسية بطلب يقدم إليها بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول .
مادة -2- يجب أن يشتمل التظلم على البيانات الآتيه : (أ)- اسم المتظلم ووظيفته وعنوانه . (ب)- تاريخ صدور القرار المتظلم منه وتاريخ نشره في الجريدة الرسمية أو في النشرة المصلحيه أو تاريخ إعلان المتظلم به . (ج)- موضوع القرار المتظلم منه والأسباب التى بنى عليها التظلم ويرفق بالتظلم المستندات التى يرى المتظلم تقديمها .
مادة -3- تقوم الجهة الإدارية بتلقى التظلمات وقيدها برقم مسلسل في سجل خاص يبين فيه تاريخ تقديمها أو ورودها .؛ ويسلم إلى المتظلم إيصال مبين فيه رقم التظلم وتاريخ تقديمه أو يرسل الإيصال إليه بطريق البريد بكتاب موصى عليه .
مادة -4- ترسل التظلمات فور وصولها إلى الجهة التى أصدرت القرار ، وعليها أن تبدى رأيها في التظلم وأن ترفق به الأوراق والمستندات المتعلقة بالموضوع ويرسل إلى الجهة التى يناط بها فحص التظلم خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديمه أو وروده .
مادة -5- يتولى فحص التظلم مفوضوا الدولة رئاسة الجمهورية ورياسة مجلس الوزراء والوزارات والمحافظات والهيئات العامة أو من يندبون لذلك من هذا الجهات . وتعرض نتيجة فحص التطلم على الجهة اللمختصة في ميعاد ثلاثين يوماً من تاريخ ورود التظلم .
مادة -6- تتخذ الإجراءات اللازمه للبت في التظلم في الميعاد القانونى ، ويبلغ صاحب الشأن بالقرار الصادر في تظلمه والأسباب التى بنى عليها وذلك بكتاب موصى علي[6].
فإذا قدم التظلم دون تظلم سابق مع وجوب ذلك قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى . والجدير بالذكر أن القانون رقم 165 لسنة 1955م هو الذى أنشأ لأول مرة نظام التظلم الوجوبى وقد شرحت المذكرة الإيضاحية له الحكمة من التظلم الوجوبى بقولها : " وفيما يختص بتنظيم التظلم وجعله وجوبياً بالنسبة إلى القرارت القابلة للسحب والصادرة في شأن الموظفين ، فإن الغرض من ذلك هو تقليل الوارد من القضايا بقدر المستطاع ، وإن رأت الإدارة أن المتظلم على حق في تظلمه . فإن رفضته أو لم تبت فيه في خلال الميعاد المقرر فله إن يلجأ إلى طريق التقاضى[7] ............." .
'''نص مائل== المبحث الأول ماهية التظلم الإداري وأنواعه ==
المطلب الأول ماهية التظلم الإداري والحكمة من اللجوء إليه
تعريف التظلم الإدارى
التظلم الإدارى يعنى ببساطة عدم رضاء صاحب الشأن بالقرار الذى علم به بواسطة النشر أو الإعلان أو العلم اليقينى ، فبادر بكتابة هذا على شكل تظلم وأرسله للإدارة مصدرة القرار أو لرئيسها طالباً إعادة النظر فيه وسحبه أو إلغاؤه .
فمصدر القرار من حقه – حال علمه بعدم مشروعية قراره – أن يصحح قراره ويطهره من العيوب التى لحقته ، بل يعد ذلك أفضل من إلغاء القرار قضائياً [8]؛ إذ أنه بذلك قد أظهر إحترامه للقانون ، وتقديره لوقف القضاء فغناه البحث في شرعية قراره ، وأعاد للمتضرر حقوقه دون إجباره على الذهاب إلى القضاء . وهذا هو المفروض أصلاً في مصدر القرار ؛ وهذا الحق ليس مطلقاً ، وإنما مقيد بذات مواعيد الطعن بالإلغاء لنفس الأسباب التى سبق أن أشرنا إلها ، ويتعلق بذات القرارات التى خص المشرع الطعن فيها بمواعيد قصيرة قوامها ستون يوماً . أيضاً ما يملكه مصدر القرار فهو معترف به لرئيسه . فالسلطه الرئاسية تعطى للرئيس الإدارى بالإضافة إلى السلطات التى يباشرها حيال أشخاص المرؤسيين سلطات يباشرها حيال أو بصدد أعمالهم ، إذ له حق سحبها أو إلغائها أو تعديلها وذلك حسب طبيعة الإختصاص الممنوح للرئيس .
ومما سبق يتبن لنا أن صاحب الشأن إذا ما توجه فور سماعه وعلمه بالقرار بالوسائل التى حددها المشرع والقضاء وخلال ميعاد الستين يوماً إلى مصدر القرار أو رئيسه ووصل إليه تظلمه بشخصه ، أو بالبريد أو بأى وسيلة أخرى ، فهذا معناه انه لم يهمل في حقوقه ، بل على العكس هو مستعد للمطالبة بها وحريص على الوصول إليها ؛ ولذلك قرر المشرع والقضاء إنقطاع الميعاد من يوم وصوله للجهة الإدارية إلى أن يبت في طلبه بالشكل الذى سنعالجه فيما بعد . والتظلم الذى يقطع ميعاد الطعن بالإلغاء له معنى محدد في قضاء مجلس الدولة سواء في فرنسا أم في مصر ، فهو ذلك الطلب الذى يقدم من صاحب الشأن للجهة الإدارية مصدرة القرار او للجهة الرئاسية لها طالباً فيه إعادة النظر في القرار محل التظلم ، حيث إنه غير مرغوب فيه ويطلب منها تعديله إو إلغاؤه . وأى طلب يخرج عن هذا المضمون لا يترتب عليه إنقطاع ميعاد الطعن بالإلغاء واو أخذ في ظاهره شكل التظلم الإدارى ، إذ العبرة بمضمون التظلم وطلبات المتظلم فيه وليس بشكله ...
وعلى ذلك فإن طلب صاحب الشأن لجلسة يتشاور فيها مع الإدارة أو لأخذ رأيه في القرار من جهة الإدارة أو للإحتجاج فقط عليه لافتاً نظرها حول نتائجه ، أو لطلب رعايتها وكرمها وتفضلها عليه ، كل ذلك لا يدخل في عداد التظلم الإدارى الذى نقصده ، ولا يترتب عليه أدنى أثر بالنسبة لميعاد دعوى الإلغاء .
وأخيراً لا يدخل في التظلم مجرد طلب صاحب الشأن بيان أسباب القرار الإدارى الذى صدر فيه ، ولو كانت الإدارة ملزمة بتسبيب هذا القرار بمقتضى نص تشريعى أو لإستقرار القضاء على ذلك إلا أن المشرع الفرنسى قد خرج على هذه القاعدة في فرضيه محدده لا يقاس عليها وردت في صلب المادة الخامسة من قانون 11 يوليو سنة 1979م والتى تقضى بأنه : " إذا إلتزمت الإدارة الصمت في موقف معين كان من المفروض أن تتدخل فيه بقرار صريح مسبب ، فإن طلب تقديمها لأسباب قرارها الضمنى يقطع ميعاد الطعن بالإلغاء حتى تاريخ تسليم هذه الأسباب لصاحب الشأن أو إعلانه بها ". وقد إستقر مجلس الدولة الفرنسى هنا على انه مهما طال سكوت الادارة حيال هذا الطلب فان هذا السكوت لا يتحول إلى قرار ضمنى بالرفض ويظل الميعاد منقطعاً حتى تلبى الإدارة طلب صاحب الِشأن وتنفذ ما ألزمها به النص السابق .
ومن المعنى السابق للتظلم الإدارى يمكن أن نستنتج مبأ هام عرضنا على تقديمه هنا بالذات وقبل الدخول في التفاصيل الدقيقه المتعلقة بموضوع التظلم الإدارى ، وهو أن المراد منه الطلب من مصدر القرار أو رئيسه سحب القرار او إلغاؤه ، وهذا لن يتأتى إذا كان القرار أصلاً لايجوز سحبه بعد إصداره ؛ إذ في حالات معينه يحدد المشرع أن بعض القرارات الإدارية لايجوز سحبها أو تعديلها أو إلغاؤها من مصدر القرار أو رئيسه . ومثال ذلك تصديق وزير الداخلية على قرارات لجنة العمد والمشايخ ، بهذا التصديق يمتنع عليه بعد ذلك إعادة النظر في هذه القرارات التى اعتمدها بالتعديل أو الالغاء أو السحب ؛ وعلى ذلك فالتظلم من هذا القرارات يصبح أمراً غير مجد ولن يؤدى في النهاية إلى شئ يذكر . وعلى ذلك لا يجوز التظلم منها .
فإن تظلم صاحب الشأن فلا يقطع تظلمه هذا الميعاد الأصلى لرفع دعوى الإلغاء . وتنطبق نفس القاعدة السابقة ولا يقطع التظلم الميعاد لكونه غير مجد إذا ما أصدرت الإدارة قرارها وأوضحت أنها لن تقبل إعادة النظر فيه مرة ثانية ، ففى مثل هذه الحالة لا داعى و لا جدوى للتظلم منها ، وبالتالى فإن تظلم رغم ذلك لا يعد تظلمه قاطعاً للميعاد الأصلى للطعن بالإلغاء . هذا وقد عرفت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة التظلم بقولها : .... " إن التظلم هو وسيلة إدارية[9] للتضرر من القرار الإدارى أو التأديبى يقدمه العامل إلى الجهة الإدارية عسى أن تعدل عن قرارها فتسحبه وتكفى العامل مئونة الإلتجاء إلى التقاضى طلباً لإلغاء القرار ".
الحكمة من التظلم لقد أبانت المذكرة الإيضاحية[10] للقانون رقم 165 لسنة 1955م بشأن مجلس الدولة الذى استحدث لأول مرة التظلم الإدارى الوجوبى عن الحكمة من التظلم الإدارى وهو تقليل الوارد من القضايا بقدر المستطاع وتحقيق العدالة الإدارية الإدارية بطرق أيسر بإنهاء تلك المنازعات في مراحلها الأولى إن رأت الإدارة أن المتظلم على حق في تظلمه فإن رفضته أو لم تنبت فيه خلال الميعاد المقرر فله أن يلجأ إلى طريق التقاضى .
وقد عبرت عن ذلك المحكمة الإدارية الإدارية بقولها : " بأن الحكمة من هذا التظلم هى الرغبة في التقليل من المنازعات بإنهائها في مراحلها الأولى بطريق أيسر للناس ووذلك بالعدول عن القرار المتظلم منه إن رأت الإدارة أن المتظلم على حق في تظلمه " . وقد قضت محكمة القضاء الإدارى بأن : " علة التظمل الإدارى لمصدر القرار أو لمن يعلوه في السلم الرئاسى إنما هو إحتمال تبين خطأ القرار والعدول عنه بسحبه في المدة القانونية11) ".
ويساعد على فهم الحكمة من ضرورة الإلتجاء إلى التظلم الوجوبى بصفة خاصة أنه لايمكن أن يفترض في الإدارة تعمدها مخالفة القانون في القرارا المتظلم منه ومن ثم فإن هذا التظلم يفتح السبيل أمامها للتعرف على حطئها وذلك بسحبه سواء كان التظمل مقدماً إلى السلطة التى أصدرته أو السلطة الرئاسية .
إذن فالتظلم سواء أكان إختيارياً أو وجوبياً يقطع سريان ميعاد صنع دعوى الإلغاء[11] والغاية من التظلم هى تمكين ذوى الشأن من بسط أسباب تظلمهم من القرار وتبصير الإدارة في الوقت ذاته بهذه الأسباب حتى يتسنى لها وزظنها وتقدير جديتها لإمكان البت في التظمل فترجع عت قرارها الخاطئ وتكفى ذوى ذوى الشأن مؤونة التقاضى في شأنه[12] . وبذلك يتحقق الغرض الذى تبناه الشارع من التظلم كما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 165 لسنة 1955م .
المطلب الثانى أنواع التظلم الإداري
التظلم الإدارى نوعان ، تظلم إختيارى وتطلم إجبارى ؛ وفيما يلى بيان أحكام كل تظلم على حدة
الفرع الأول التظــــــــــــــــلم الإخــــتيــــــارى
تنص المادة 24 من قانون مجلس الدولة 47 لسنة 1972م في فقرتها الثانية على أن : " وينقطع سريان هذا الميعاد[13] بالتظلم إلى الهيئة الإدارية التى أصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية ، ويجب أن يبت في التظلم قبل مضى ستين يوماً من تاريخ تقديمه ؛ وإذا صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسبباً ، ويعتبر مضى ستين يوماً على تقديم التظلم ، دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه ؛ وكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن في القرار الخاص بالتظلم ستين يوماً من تاريخ إنقضاء الستين يوماً المذكورة . " .
وتتعلق هذا المادة بالتظلم الإختيارى ، وبإستعراض بنودها ومحتواها يمكن لنا أن نستنتج الأحكام التالية :
إن التظلم الإختيارى هو الأصل ؛ فالتظلم ــ أصلاً ــ متروك لتقدير ذوى الشأن ولا إكراه أو إجبار ــ كمبدأ ــ على القيام به . والإستثناء أن يكون التظلم إجبارياً حيث يقدر المشرع في ظروف معينه وحالات محددة ، جدوى وضرورة التظلم فيتطلبه جبراً قبل تحريك الدعوى . ويعتبر بذلك شرطاً إضافياً من شروط قبول الدعوى . وقد أبرز مجلس الدولة الفرنسى هذا الأصل العام في أحكماه المتعددة ؛ إذ جعل من التظلم الإدارى حقاً لكل ذى مصلحة ورتب عليه إنقطاع الميعاد الخاص برفع دعوى تجاوز السلطة ، إذ يقول في أحد الأحكام : " كل قرار إدارى يمكن ان يكون موضوعاً خلال المدة المعينة لدعوى قضائية ، أو لتظلم إدارى ولائى أو رئاسى ، وهذا التظلم يقطع ميعاد الطعن لتجاوز السلطة " .وكذلك إستقر القضاء الإدارى المصرى على هذا الاصل ، وفى حكم حديث نسبياً قضت المحكمة الادارية العليا بأن " اللجوء إلى القضاء أمر إختيارى . لا إلزام على الموظف أن يلجأ للقضاء فاللجوء إلى القضاء لا يحول دون الإلتجاء إلى أولى الأمر من حيث التظلم وأساس ذلك أن التظلم هو الأصل في مجال استخلاص ذوى الشأن لحقوقهم ورفع الظلم عنهم ؛ حيث أن الادارة وهى الخصم الشريف يتعين عليها أن تعطى الحق لأصحابه دون تكبدهم مشقة القضاء وإجراءاته ويؤكد ذلك ان المشرع حرصاً منه على تخفيف العبء عن العامل وتجنيبه أعباء التقاضى اشترط لقبول دعوى الالغاء في بعض الاحوال أن يسبقها تظلم ، لعل صاحب المصلحه يحقق طلباته دون طرح المنازعة على القضاء[14] ".
لصاحب الشأن ألا يتظلم من القرار ــ فهو بالخيار ــ ويتجه مباشرةً ــ إن رأى وجهاً لذلك ــ إلى القضاء بدعوى إلغاء ضد هذا القرار .
نتيجة لما سبق ، يجوز من باب أولى ؟أن يجمع صاحب الشأن بين الطريقين في آن واحد ، فبعد تقديم التظلم في الميعاد ، لاينتظر الفصل في هذا التظلم ولا ينتظر أيضاً فوات الستين يماً من تاريخ وصول تظلمه للجهة الغدارية ، فيرفع دعوى الإلغاء في خلال المدة الأولى الأصلية والى قدم فيها تظلمه .
ومع ذلك فقد قضت محكمة القضاء الإدارى بأن إلتجاء صاحب الشأن إلى أحد الطرقيين لا يحول دون إلتجائه إلى الطريق الآخر ، على أ، تراعى مواعيد الطعن القانونية[15].
وهنا يأخذ الموقف أحد الفروض الآتيه : إما أن ترفض الإدارة التظلم ، فلا يضيره ذلك شئ لأن دعوى الإلغاء قد تم رفعها وينتظر الفصل فيها ، وتكون قد رفعت في الميعاد ، وإما أن تجيبه الإدارة إلى مطلبه كلياً ، وهنا تصبح الدعوى عديمة الجدوى ، ويحكم القاضى برفضها لا لعدم رفعها في الميعاد ، فهى قد رفعت في الميعاد وإنما لأن الدعوى أصبحت غير ذى موضوع ولم يعد لصاحب الشأن مصلحة في الإستمرار في دعواه ، وكما نعمل فغن شرط المصلحة يشترط توافره عند رفع الدعوى وأن يسيتمر حتى يتم الفصل فيها .وإما أن تستجيب الإدارة إلى جزء من طلباته ، فهو بالخيار في هذه الحالة ، بأن يستمر في دعواه أو أن يتركها تشطب لقناعته بما حصل عليه ورضائه به .وإما أن تسكت ولا ترد على طلبه وهنا يستمر في متابعة دعواه القضائية ولا يلتفت لصمت الإدارة .
ونستخلص من رقم[3] إختلافاً جوهرياً بين التظلم الاختيارى والتظمل الاجبارى ، فبالاضافة لعنصر الإلزام في التظلم الثانى نجد أنه لايجوز مطلقاً رفع الدعوى قبل إجرائه ، فهو دائماً سابق على تحريك دعوى الإلغاء ، أما التظلم الاختيارى فهو كما يكون سابقاً على رفع الدعوى يمكن أن يكون لاحقاً عيها ، وتقبل دعواه مادام تم رفعها في الميعاد .
يتحدث الفقه والقضاء عن التظلم الولائى والتظلم الرئاسى ، وهذا وذاك يقدم إلى الجهة الإدارية التى يتبعها مصدر القرار ويرتبط بها برابطة تبعية Subordination ، وكن لم نجد أى صدى في الفقه المصرى ولا في أحكام القضاء المصرى ، تخص التظلم إلى السلطة الوصائية الادارية فهل التظمل إلى هذا السلطة يحدث أثره في إنقطاع ميعاد الطعن بالإلغاء ؟
ظاهر نص المادة 24 من قانون مجلس الدولة 47 لسنة 1972م يعطى إجابة بالنفى على ذها التساؤل ، لأنه يتحدث عن التظمل إلى الهيئة الادارية التى اصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية .،
وسلطة الوصاية ليست هيئة رئاسيه لمصدر القرار ، ومعنى ذلك أن التظلم ليها لا يقطع الميعاد . ويرى البعض ــ دون التعرض لهذا المسألة مباشرة ــ أن تقديم التظلم إلى أية جهة أخرى لا ينتج أثره في قطع الميعاد إذا لم تعلم به الجهة الإدارية المختصة .
والحقيقة أننا نرى مع تسامح القضاء في إجراءات التظلم وحيال دعوى الإلغاء بصفة عامة أن التظلم إلى السلطة الوصائية ينتج أثره في قطع ميعاد رفع دعوى الالغاء ، على الاقل فيما يخص النظام القانونى المصرى، لأن سلطة الوصاية تملك حاجة الشاكى وقضاء مظلمته ، فهى تملك سحب قرار السلطة الخاضعة للوصاية . وتملك أيضاً إلغاءه ، كل ما تملكه هو تعديل القرار أو إحلال آخر محله إلا في حالات محدده بنص وفى حدود هذا النص بالنسبة للحلول . وعلى ذلك فالسحب والالغاء كافيان لأعدام القرار الغير المشروع ، وتتحقق بذلك الحكمة التى كان يصبو إليها حينما قرر أن التظلم يقطع مبعاد الطعن بالإلغاء ، وهى تفادى قيام أنزعه قضائية في الوقت الذى تستطيع فيه الادارة وهى خصم شريف إنهاء هذه الأنزعة والإحالة دون وصولها إلى ساحة القضاء . ولكن بعض الفقه الفرنسى لا يؤيد وجهة النظر هذه ويرى بأن التظلم إلى السلطة الوصائية لا يقطع الميعاد إلا بنص قانونى يقرر ذلك .
وموقف الفقه الفرنسى مبرر ولا تعليق عليه حالياً ، وذلك راجع لأن القوانين الحديثة المتعلقة باللامركزية الادارية في فرنسا بدءاً من قانون 2 مارس 1982 م وجميع التعديلات التى طرات عليه ، قد أنهت الوصاية الادارية كلية ولم يعد لسلطة الوصاية أى سلطة حيال أعمال السلطة المحلية ، وأصبح ممثل السلطة المركزية لايملك حيال هذا الأعمال إلا الطعن عليها أمام القضاء الادارى شأنه في ذلك شأن الأفراد المخاطبين بهذه القرارات .
الفرع الثانى التــــــــــــــــــظلم الإجبارى
وقد فرضت هذا النوع من التظلم المادة 12/ب من قانون مجلس الدولة ، إذ تنص على أن لا تقبل الطلبات الآتيه : (أ) .............................................. (ب) الطلبات المقدمة رأساً بالطعن في القرارت النهائية المنصوص عليها في البنود ثالثاً ورابعاً وتاسعاً من المادة (10) ، وذلك قبل التظلم منها إلى الهيئة الادارية التى أصدرت القرار ، أو إلى الهيئات الرئاسية ، وانتظار المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم ، وتبين إجراءات التظلم وطريقة الفصل فيه بقرار من رئيس مجلس الدولة . وهذه البنود المشار إليها في هذه المادة هى : ثالثاً ــــ م10 : الطلبات التى يقدمها ذووالشان بالطعن في القرارات الادارية النهائية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية ، أو بمنح العلاوات . رابعاً ــــ م/10 : الطلبات التى يقدمها الموظفون العموميون بالغاء القرارات الاادرية الصادرة بإحالتهم إلى الماعش أو الإستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبى . تاسعاً ـــ م/10 : الطلبات التى يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية .
وتنفيذاً للحكم الوارد في نهاية الفقرة (ب) من المادة (12) أصدر رئيس مجلس الدولة القرار رقم 72 لسنة 1973م بشأن إجراءات التظلم وطريقة الفصل فيه وتضمن ما يلى :
مادة1- يكون التظلم من القرارات الادارية المنصوص عليها في البنود ثالثاً ورابعاً وتاسعاً من المادة (10) من القانون رقم 47 لسنة 1972م المشار إليه إلى الجهة الادارية التى أصدرت القرار ، أو إلى الجهات الرئاسية بطلب يقدم لها أو يرسل إليها بكتاب موصى عليه بعلم الوصول " الشكل الكتابى " .
مادة2- يجب أن يشتمل التظلم على البياناتت الآتيه : (أ) اسم النتظلم ووظيفته وعنوانه . (ب) تاريخ صدور القرار المتظلم منه وتاريخ نشره في الجريدة الرسمية ، أو في الوقائع المصرية أو في النشرة المصلحية ، أو في تاريخ إعلان المتظلم به . (ج) موضوع القرار المتظلم منه والأسباب التى بنى عيها التظلم ويرفق بالتظلم المستندات التى يرى المتظلم تقديمها .
مادة3- تقوم الجهة الادارية بتلقى التظلمات وقيدها برقم مسلسل في سجل خاص يبين فيه تاريخ تقديمها أو ورودها . ويسلم إلى المتظلم ايصال مبين فيه رقم التظلم وتاريخ تقديمه أو يرسل الايصال اليه بطريق البريد بكتاب موصي عليه .
مادة4- ترسل التظلمات فور وصولها إلى الجهة التى أصدرت القرار وعليها ان تبدى رأيها في التظلم وان ترفق به الاوراق والمستندات المتعلقة بالموضوع ويرسل إلى الجهة التى يناط بها فحص التظلم خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديمه أو وروده .
مادة5- يتولى فحص التظلمات مفوضو الدولة برئاسة الجمهورية ورياسة مجلس الوزراء والوزرات والمحافظات والهيئات والمؤسسات العامة ، أو من يندبون لذلك من هذه الجهات ، وتعرض نتيجة فحص التظلم على الجهة المختصة في ميعاد ثلاثين يوماً من تاريخ ورود التظلم .
مادة6- وتتخذ الاجراءات اللازمة للبت في التظلم في الميعاد القانونى ، ويبلغ صاحب الشأن بالقرار الصادر في تظلمه والاسباب التى بنى عليها وذلك بكتاب موصى عليه .