أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 15 - صـ 434
جلسة 25 من مايو سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ توفيق الخشن، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، وبطرس زغلول.
(85)
الطعن رقم 319 سنة 34 القضائية
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 28/ 1/ 1959 بدائرة قسم ثان الجيزة:
أولاً - ارتكب تزويراً في محرر عرفي هو عقد إيجار الأملاك المرفق بالأوراق وكان ذلك بطريق الاصطناع ووضع إمضاءات مزورة بأن حرر بيانات العقد المتقدم ذكره ونسب تحريرها زوراً إلى طرفي العقد ووضع على العقد إمضاءهما واستعمل هذا المحرر المزور بأن ضمه إلى أوراق الحجز التحفظي الصادر لصالح محمد نجيب ضد إسماعيل محمد أحمد مع علمه بتزويره.
ثانياً - شرع في سرقة العقد الصحيح المبين بالمحضر وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو ضبطه قبل إتمامها.
وطلبت عقابه بالمواد 45، 47، 318، 321، 215 من قانون العقوبات.
ومحكمة الجيزة الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 26/ 6/ 1963 عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم شهراً واحداً مع الشغل وكفالة مائتي قرش لوقف التنفيذ بلا مصاريف. استأنف المتهم هذا الحكم ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 11/ 12/ 1963 بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو الإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ذلك أن الطاعن طلب سماع أقوال شهود الواقعة إلا أن المحكمة رفضت هذا الطلب بمقولة إنها لا ترى مبرراً لسماع هؤلاء الشهود دون أن تبين الأسباب التي استندت إليها في هذا الشأن مع أن الطاعن أبدى هذا الطلب في مذكرته الأخيرة - وأصر عليه وهو طلب متعلق بالدعوى ومنتج فيها مما كان يقتضي من المحكمة أن تجيبه إلى طلبه أو ترد عليه بأسباب سائغة.
ثم إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه دان الطاعن باعتباره فاعلاً أصلياً في جريمة تزوير محرر عرفي وبجريمة الشروع في سرقة مع ما في ذلك من خطأ في تطبيق القانون لعدم توافر الأركان القانونية للجريمتين، ذلك أنه لم يثبت في حق الطاعن أنه بذاته قد اصطنع العقد المزور بل الثابت من تقرير المضاهاة أن العقد حرر بخط يختلف عن خط الطاعن وجاء بمدونات الحكم أن العقد اصطنع معرفة آخر لمصلحة الطاعن مما يؤدي إلى اعتبار الأخير شريكاً في التزوير وليس فاعلاً أصلياً ولم يبين الحكم مصلحة الطاعن من إحداث هذا التزوير فضلاً عما يشترط لتوافر جريمة التزوير في أوراق عرفية من وقوع ضرر بالمجني عليه في حين أن الأخير نفي بمحضر الجلسة وقوع أي ضرر له مما يفقد أحد أركانها القانونية.
كما دانه الحكم أيضاً بجريمة الشروع في سرقة رغم توافر ركن الاختلاس إذ شهد المجني عليه محمود نجيب بأنه كان الطاعن استصدار أمر حجز لصالحه ثم تصالح مع خصمه وأكد أنه لا يشك في أمانة الطاعن الذي كان وكيلاً عنه وكالة واقعية وأنه صاحب هذا العقد ولا ينسب إلى مالك الشيء سرقته فضلاً عن أنه لم يكن هناك ثمة مبرر يدعو الطاعن إلى سرقة العقد أو الشروع في سرقته وما قرره محمد مهدي زيان في هذا الشأن إنما كان للانتقام من الطاعن لما بينهما من خصومة.
وحيث إن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن لأنه:
أولاً - ارتكب تزويراً في محرر عرفي هو عقد إيجار الأملاك المرفق بالأوراق وكان ذلك بطريق الاصطناع ووضع إمضاءات مزورة عليه بأن حرر بيانات العقد المتقدم ذكره ونسب تحريرها إلى طرفي العقد ووضع على العقد إمضاءهما واستعمل هذا العقد المزور بأنه ضمه إلى أوراق أمر الحجز التحفظي الصادر لصالح محمود نجيب ضد إسماعيل محمد أحمد مع علمه بتزويره.
ثانياً - شرع في سرقة العقد الصحيح المبين بالمحضر وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضبطه قبل إتمامها.
وطلبت النيابة العامة معاقبته عملاً بالمواد 45، 47، 318، 321، 215 من قانون العقوبات ومحكمة أول درجة قضت حضورياً بحبس الطاعن شهراً واحداً مع الشغل عن التهمتين بالتطبيق لمواد الاتهام والمادة 32/ 2 من قانون العقوبات فاستأنف الطاعن الحكم ومحكمة ثاني درجة قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً - وبرفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف. وحصل الحكم الابتدائي المؤيد والمكمل بالحكم المطعون فيه واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن ويعمل وكيلاً للأستاذ عبد المنعم خلاف المحامي توجه يوم 28/1/ 1959 إلى محمد المهدي زيان كاتب محكمة إمبابة وطلب منه الإطلاع على أوراق أمر الحجز التحفظي المؤرخ 3 نوفمبر سنة 1958 والصادر لصالح وكيله محمود نجيب ضد إسماعيل محمد خميس فسلمه الأمر مرفقاً به عقد إيجار تاريخه 1/7/1956 وانصرف إلى دورة المياه الكائنة بذات الحجرة ولما عاد إليه بادره الطاعن بأن قد أتم الإطلاع على الأوراق إلا أنه لاحظ ارتباكه مما ولد الريبة في نفسه ودفعه إلى فحص الأوراق فتبين أن عقد الإيجار المرفق بها قد استبدل بآخر يفتقر إلى الإمضاء الصحيحة لقاضي المحكمة التي كان مؤشراً بها على العقد الأصلي فأمسك بالطاعن وطالبه بالعقد الصحيح ودخل في هذا الوقت وكيل الأستاذ عبده مراد المحامي فطلب منه الطاعن الخروج ثم أخرج العقد الأصلي من بين أوراق ووضعه مكان العقد المزور الذي وجد بعد ذلك ملقى بجوار الدولاب وتبين من مضاهاة العقدين اختلاف الإمضاءات في كل منهما وأن كلا العقدين قد حررا بخط يختلف عن خط الطاعن وأنكر الأخير ما نسب إليه وعلل الاتهام بأن كاتب المحكمة يريد الانتقام منه لأنه رفض القيام بعمل كلفه به مما حدا به إلى تلفيق التهمة له.
واستند الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال الشهود وتقرير المضاهاة وما أسفر عنه إطلاع المحكمة على العقدين الصحيح والمزور.
لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة بدرجتيها أن الطاعن طلب من محكمة أول درجة في جلسة 21/ 11/ 1962 سماع أقوال شاهد الإثبات فقررت المحكمة تأجيل الدعوى لإعلان الشاهد وصرحت بإعلان شهود نفي وبجلسة 22/ 5/ 1963 حضر الطاعن وقرر أنه أعلن محمود نجيب باعتباره شاهد نفي فاستدعته المحكمة وسمعت أقواله ثم ترافع الدفاع عن الطاعن طالباً براءته فقررت المحكمة حجز القضية للحكم ثم فصلت في الدعوى وأمام المحكمة الاستئنافية أعاد الطاعن طلب سماع الشاهد محمود نجيب فأجابته المحكمة إلى طلبه وسمعت شهادته ثم حجزت القضية للحكم وصرحت بتقديم مذكرات في مدى أسبوعين حيث أصدرت حكمها المطعون فيه وأثبتت في مدوناته أن الطاعن طلب في مذكرته على سبيل الاحتياط فتح باب المرافعة لسماع شهود الواقعة ورد الحكم على هذا الطلب بقوله: "إن المحكمة لا ترى إجابة طلب فتح باب المرافعة وسماع شهود آخرين في الدعوى وترى أن هذا الطلب غير جدي من المتهم - الطاعن - فقد باشر محاميه الدفاع عنه في الموضوع أمام هذه المحكمة بعد أن سمعت الشاهد الحاضر ودون أن يطلب سماع شهود آخرين ثم حجزت الدعوى للحكم كما أن المحكمة ترى أنه لا لزوم لسماع من يطلب سماعهم وهي المحكمة الاستئنافية الأمر متروك لتقديرها في هذا الشأن والمحكمة تقدر عدم لزوم سماع الشهود على أساس ما استبانته من عناصر الدعوى وأدلتها القائمة في الأوراق ثم إنه لم يطلب سماع هؤلاء الشهود من أجل وقائع معينة يمكن أن تؤثر في سير الدعوى".
لما كان ذلك، وكانت إجراءات المحاكمة قد جرت - بدرجتيها - في ظل التعديل المدخل على المادة 298 من قانون الإجراءات الجنائية بالقانون رقم 113 لسنة 1957 بما يخوله للمحكمة من الاستغناء عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك يستوي أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه - وكان الثابت من الإطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن محكمة أول درجة قد حققت شفوية المرافعة بسماع من حضر من الشهود ثم ترافع الدفاع عن الطاعن طالباً البراءة دون أن يطلب من المحكمة سماع شهود الإثبات كما حققت محكمة ثاني درجة شفوية المرافعة أيضاً بسماع الشاهد الذي تمسك الطاعن بأخذ أقواله ولم يطلب منها سماع أقوال شهود آخرين ثم حجزت المحكمة القضية للحكم.
لما كان ما تقدم، وكان من المقرر أن المحكمة متى حجزت القضية للحكم فإنها لا تلتزم بإعادتها للمرافعة لإجراء تحقيق فيها، وكان الأصل أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم على مقتضى الأوراق وهي لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه، وما دامت المحكمة لم تر من جانبها حاجة إلى سماع شهود الإثبات، وكان الطاعن قد اكتفى أمام محكمة أول درجة بسماع شاهد النفي مما يعد بمثابة تنازل عن سماع شهود الإثبات، فإن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بدعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون مقبولاً.
لما كان ذلك، وكان الحكم قد خلص إلى ثبوت التهمتين المسندتين إلى الطاعن في قوله: "ومن حيث إن المحكمة تستبين من مطالعة الأوراق أن التهمتين المسندتين إلى المتهم - الطاعن - ثابتتان في حقه ثبوتاً كافياً مما شهد به كاتب محكمة إمبابة محمد المهدي زيان من أنه لاحظ عند استلام أمر الحجز التحفظي أن المتهم بعد إطلاعه عليها أن عقد الإيجار الذي كان مرفقاً غير موجود وأن المتهم استبدل به عقدا آخر وزاد يقينه عندما اكتشف أن إمضاء القاضي على العقد ليس بخطه المعروف له وأنه لما أمسك بالمتهم وعزم على الإبلاغ أخرج العقد الصحيح من بين الأوراق التي يحملها وأودعه أوراق أمر الحجز التحفظي بعد أن انتزع العقد المزور إلا أنه لما أحس تصميم الكاتب على الإبلاغ تخلص من ذلك العقد الأخير وألقاه في الغرفة حيث وجده الكاتب فيما بعد، هذا ولم يتقدم المتهم بدفاع ينال من ثبوت هذه الوقائع ولا تعول المحكمة على قوله أن الكاتب دبر له التهمة عندما عصى ما أمره به لانعدام الدليل عليه. لما كان ذلك وكان الثابت من إطلاع هذه المحكمة على العقدين أنه بالرغم من مطابقة بيانات كل عقد للآخر إلا أن التوقيع المنسوب للمؤجر والمستأجر على العقد المدسوس يخالف توقيع كل منهما على العقد الصحيح الأمر الذي ترى المحكمة كفايته لتحقيق التزوير بالاصطناع عن طريق وضع إمضاءات مزورة والمتهم ضالع فيما وقع من تغيير لما ثبت في حقه من أنه انتهز خلو الغرفة إلا منه وعمل على استبدال العقد المزور بالعقد الصحيح ولما أحس باكتشاف أمره عندما ضبطه الكاتب انتزع العقد المزور وأعاد العقد الصحيح ولا تجديه المحاجة فيما ورد في تقرير المضاهاة من أن الكاتب للتوقيع يختلف عن خطه لأنه لا يجب للعقاب بالتزوير أن يكون تغيير الحقيقة قد وقع بيد المتهم وقد تقوم المسئولية إذا ارتكب المتهم التزوير لمصلحة نفسه بواسطة غيره.
ولما كان ما تقدم، فإنه يثبت للمحكمة أن المتهم عمل على تزوير العقد المضبوط ومع علمه بتزويره استعمله بوضعه بأوراق الحجز التحفظي بعد أن شرع في سرقة العقد الأصلي وكادت الجريمة أن تتم لولا أن ضبطه كاتب المحكمة ومن ثم يتعين عقابه على مقتضى مواد الاتهام عملاً بالمادة 304/ 2 إجراءات جنائية مع تطبيق المادة 22/ 2 عقوبات بوصف أن التهمتين جمعهما رباط لا يقبل التجزئة ووقعتا لغرض واحد".
لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعن أنه أخذ من الطاعن أوراق أمر الحجز التحفظي للإطلاع عليها وسحب منها عقداً ووضع بدله آخر تختلف الإمضاءات الموقع بها عليه عن الإمضاءات الصحيحة الموقع بها على العقد الأصلي واستخلص الحكم في تدليل سائغ أن الطاعن كان ضالعاً في اصطناع ذلك العقد، وكان وقوع التغيير بيد شخص آخر لا يؤثر في مسئولية الطاعن، فإنه لا جدوى مما يثيره الطاعن من جدل حول خطأ الحكم في اعتباره فاعلاً أصلياً لا شريكاً في جريمة التزوير ما دامت عقوبة الحبس التي قضى بها عليه مقررة في القانون للاشتراك في هذه الجريمة، ولا يقبل من الطاعن نعيه على الحكم قصوره في بيان وجه مصلحته في ارتكاب التزوير لأن المصلحة لا تعدو أن تكون الباعث على الجريمة والباعث ليس ركناً من أركان جريمة التزوير حتى تلتزم المحكمة بالتحدث عنه استقلالاً وإيراد الأدلة على توافره.
أما النعي على الحكم بانتفاء ركن الضرر فمردود بأن مجرد تغير الحقيقة في محرر بوضع إمضاء مزور يكفي لتوافر جريمة التزوير متى كان من الممكن أن يترتب عليه ضرر للغير، ولما كان الحكم قد أثبت أن العقد المصطنع قد ذيل بتوقيعين مزورين تخالف كل منهما الإمضاء الصحيحة للمتعاقدين مما من شأنه أن يلحق بهما ضرراً إن لم يكن محققاً فهو على الأقل محتمل، ولا يغير من الأمر ما قرره أحد المتعاقدين بالجلسة - محمود نجيب - من ثقته بالطاعن طالما أن هذا القول لا ينفي احتمال الإضرار به فضلاً عن أن التزوير قد شمل توقيع المتعاقد الآخر إسماعيل محمد خميس مما من شأنه أن يلحق به ضرراً محققاً. ولما كان لا يشترط لصحة الحكم بالإدانة في جريمة التزوير أن يتحدث الحكم استقلالاً عن ركن الضرر بل يكفي أن يكون قيامه مستفاداً من مجموع عبارات الحكم وهو ما حققته المحكمة في أسباب حكمها، فإن مما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بالحبس شهراً، وكانت هذه العقوبة مقررة في المادة 215 من قانون العقوبات التي طبقتها المحكمة عن التهمة الأولى الخاصة بالتزوير، فإنه لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن عدم توافر ركن الاختلاس في التهمة الثانية الخاصة بالشروع في سرقة طالما أن المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبة الطاعن بالعقوبة الأشد وهي العقوبة المقررة للتهمة الأولى. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
http://www.mohamoon-ju.net
العدد الثاني - السنة 15 - صـ 434
جلسة 25 من مايو سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ توفيق الخشن، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، وبطرس زغلول.
(85)
الطعن رقم 319 سنة 34 القضائية
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 28/ 1/ 1959 بدائرة قسم ثان الجيزة:
أولاً - ارتكب تزويراً في محرر عرفي هو عقد إيجار الأملاك المرفق بالأوراق وكان ذلك بطريق الاصطناع ووضع إمضاءات مزورة بأن حرر بيانات العقد المتقدم ذكره ونسب تحريرها زوراً إلى طرفي العقد ووضع على العقد إمضاءهما واستعمل هذا المحرر المزور بأن ضمه إلى أوراق الحجز التحفظي الصادر لصالح محمد نجيب ضد إسماعيل محمد أحمد مع علمه بتزويره.
ثانياً - شرع في سرقة العقد الصحيح المبين بالمحضر وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو ضبطه قبل إتمامها.
وطلبت عقابه بالمواد 45، 47، 318، 321، 215 من قانون العقوبات.
ومحكمة الجيزة الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 26/ 6/ 1963 عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم شهراً واحداً مع الشغل وكفالة مائتي قرش لوقف التنفيذ بلا مصاريف. استأنف المتهم هذا الحكم ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 11/ 12/ 1963 بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو الإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ذلك أن الطاعن طلب سماع أقوال شهود الواقعة إلا أن المحكمة رفضت هذا الطلب بمقولة إنها لا ترى مبرراً لسماع هؤلاء الشهود دون أن تبين الأسباب التي استندت إليها في هذا الشأن مع أن الطاعن أبدى هذا الطلب في مذكرته الأخيرة - وأصر عليه وهو طلب متعلق بالدعوى ومنتج فيها مما كان يقتضي من المحكمة أن تجيبه إلى طلبه أو ترد عليه بأسباب سائغة.
ثم إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه دان الطاعن باعتباره فاعلاً أصلياً في جريمة تزوير محرر عرفي وبجريمة الشروع في سرقة مع ما في ذلك من خطأ في تطبيق القانون لعدم توافر الأركان القانونية للجريمتين، ذلك أنه لم يثبت في حق الطاعن أنه بذاته قد اصطنع العقد المزور بل الثابت من تقرير المضاهاة أن العقد حرر بخط يختلف عن خط الطاعن وجاء بمدونات الحكم أن العقد اصطنع معرفة آخر لمصلحة الطاعن مما يؤدي إلى اعتبار الأخير شريكاً في التزوير وليس فاعلاً أصلياً ولم يبين الحكم مصلحة الطاعن من إحداث هذا التزوير فضلاً عما يشترط لتوافر جريمة التزوير في أوراق عرفية من وقوع ضرر بالمجني عليه في حين أن الأخير نفي بمحضر الجلسة وقوع أي ضرر له مما يفقد أحد أركانها القانونية.
كما دانه الحكم أيضاً بجريمة الشروع في سرقة رغم توافر ركن الاختلاس إذ شهد المجني عليه محمود نجيب بأنه كان الطاعن استصدار أمر حجز لصالحه ثم تصالح مع خصمه وأكد أنه لا يشك في أمانة الطاعن الذي كان وكيلاً عنه وكالة واقعية وأنه صاحب هذا العقد ولا ينسب إلى مالك الشيء سرقته فضلاً عن أنه لم يكن هناك ثمة مبرر يدعو الطاعن إلى سرقة العقد أو الشروع في سرقته وما قرره محمد مهدي زيان في هذا الشأن إنما كان للانتقام من الطاعن لما بينهما من خصومة.
وحيث إن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن لأنه:
أولاً - ارتكب تزويراً في محرر عرفي هو عقد إيجار الأملاك المرفق بالأوراق وكان ذلك بطريق الاصطناع ووضع إمضاءات مزورة عليه بأن حرر بيانات العقد المتقدم ذكره ونسب تحريرها إلى طرفي العقد ووضع على العقد إمضاءهما واستعمل هذا العقد المزور بأنه ضمه إلى أوراق أمر الحجز التحفظي الصادر لصالح محمود نجيب ضد إسماعيل محمد أحمد مع علمه بتزويره.
ثانياً - شرع في سرقة العقد الصحيح المبين بالمحضر وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضبطه قبل إتمامها.
وطلبت النيابة العامة معاقبته عملاً بالمواد 45، 47، 318، 321، 215 من قانون العقوبات ومحكمة أول درجة قضت حضورياً بحبس الطاعن شهراً واحداً مع الشغل عن التهمتين بالتطبيق لمواد الاتهام والمادة 32/ 2 من قانون العقوبات فاستأنف الطاعن الحكم ومحكمة ثاني درجة قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً - وبرفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف. وحصل الحكم الابتدائي المؤيد والمكمل بالحكم المطعون فيه واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن ويعمل وكيلاً للأستاذ عبد المنعم خلاف المحامي توجه يوم 28/1/ 1959 إلى محمد المهدي زيان كاتب محكمة إمبابة وطلب منه الإطلاع على أوراق أمر الحجز التحفظي المؤرخ 3 نوفمبر سنة 1958 والصادر لصالح وكيله محمود نجيب ضد إسماعيل محمد خميس فسلمه الأمر مرفقاً به عقد إيجار تاريخه 1/7/1956 وانصرف إلى دورة المياه الكائنة بذات الحجرة ولما عاد إليه بادره الطاعن بأن قد أتم الإطلاع على الأوراق إلا أنه لاحظ ارتباكه مما ولد الريبة في نفسه ودفعه إلى فحص الأوراق فتبين أن عقد الإيجار المرفق بها قد استبدل بآخر يفتقر إلى الإمضاء الصحيحة لقاضي المحكمة التي كان مؤشراً بها على العقد الأصلي فأمسك بالطاعن وطالبه بالعقد الصحيح ودخل في هذا الوقت وكيل الأستاذ عبده مراد المحامي فطلب منه الطاعن الخروج ثم أخرج العقد الأصلي من بين أوراق ووضعه مكان العقد المزور الذي وجد بعد ذلك ملقى بجوار الدولاب وتبين من مضاهاة العقدين اختلاف الإمضاءات في كل منهما وأن كلا العقدين قد حررا بخط يختلف عن خط الطاعن وأنكر الأخير ما نسب إليه وعلل الاتهام بأن كاتب المحكمة يريد الانتقام منه لأنه رفض القيام بعمل كلفه به مما حدا به إلى تلفيق التهمة له.
واستند الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال الشهود وتقرير المضاهاة وما أسفر عنه إطلاع المحكمة على العقدين الصحيح والمزور.
لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة بدرجتيها أن الطاعن طلب من محكمة أول درجة في جلسة 21/ 11/ 1962 سماع أقوال شاهد الإثبات فقررت المحكمة تأجيل الدعوى لإعلان الشاهد وصرحت بإعلان شهود نفي وبجلسة 22/ 5/ 1963 حضر الطاعن وقرر أنه أعلن محمود نجيب باعتباره شاهد نفي فاستدعته المحكمة وسمعت أقواله ثم ترافع الدفاع عن الطاعن طالباً براءته فقررت المحكمة حجز القضية للحكم ثم فصلت في الدعوى وأمام المحكمة الاستئنافية أعاد الطاعن طلب سماع الشاهد محمود نجيب فأجابته المحكمة إلى طلبه وسمعت شهادته ثم حجزت القضية للحكم وصرحت بتقديم مذكرات في مدى أسبوعين حيث أصدرت حكمها المطعون فيه وأثبتت في مدوناته أن الطاعن طلب في مذكرته على سبيل الاحتياط فتح باب المرافعة لسماع شهود الواقعة ورد الحكم على هذا الطلب بقوله: "إن المحكمة لا ترى إجابة طلب فتح باب المرافعة وسماع شهود آخرين في الدعوى وترى أن هذا الطلب غير جدي من المتهم - الطاعن - فقد باشر محاميه الدفاع عنه في الموضوع أمام هذه المحكمة بعد أن سمعت الشاهد الحاضر ودون أن يطلب سماع شهود آخرين ثم حجزت الدعوى للحكم كما أن المحكمة ترى أنه لا لزوم لسماع من يطلب سماعهم وهي المحكمة الاستئنافية الأمر متروك لتقديرها في هذا الشأن والمحكمة تقدر عدم لزوم سماع الشهود على أساس ما استبانته من عناصر الدعوى وأدلتها القائمة في الأوراق ثم إنه لم يطلب سماع هؤلاء الشهود من أجل وقائع معينة يمكن أن تؤثر في سير الدعوى".
لما كان ذلك، وكانت إجراءات المحاكمة قد جرت - بدرجتيها - في ظل التعديل المدخل على المادة 298 من قانون الإجراءات الجنائية بالقانون رقم 113 لسنة 1957 بما يخوله للمحكمة من الاستغناء عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك يستوي أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه - وكان الثابت من الإطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن محكمة أول درجة قد حققت شفوية المرافعة بسماع من حضر من الشهود ثم ترافع الدفاع عن الطاعن طالباً البراءة دون أن يطلب من المحكمة سماع شهود الإثبات كما حققت محكمة ثاني درجة شفوية المرافعة أيضاً بسماع الشاهد الذي تمسك الطاعن بأخذ أقواله ولم يطلب منها سماع أقوال شهود آخرين ثم حجزت المحكمة القضية للحكم.
لما كان ما تقدم، وكان من المقرر أن المحكمة متى حجزت القضية للحكم فإنها لا تلتزم بإعادتها للمرافعة لإجراء تحقيق فيها، وكان الأصل أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم على مقتضى الأوراق وهي لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه، وما دامت المحكمة لم تر من جانبها حاجة إلى سماع شهود الإثبات، وكان الطاعن قد اكتفى أمام محكمة أول درجة بسماع شاهد النفي مما يعد بمثابة تنازل عن سماع شهود الإثبات، فإن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بدعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون مقبولاً.
لما كان ذلك، وكان الحكم قد خلص إلى ثبوت التهمتين المسندتين إلى الطاعن في قوله: "ومن حيث إن المحكمة تستبين من مطالعة الأوراق أن التهمتين المسندتين إلى المتهم - الطاعن - ثابتتان في حقه ثبوتاً كافياً مما شهد به كاتب محكمة إمبابة محمد المهدي زيان من أنه لاحظ عند استلام أمر الحجز التحفظي أن المتهم بعد إطلاعه عليها أن عقد الإيجار الذي كان مرفقاً غير موجود وأن المتهم استبدل به عقدا آخر وزاد يقينه عندما اكتشف أن إمضاء القاضي على العقد ليس بخطه المعروف له وأنه لما أمسك بالمتهم وعزم على الإبلاغ أخرج العقد الصحيح من بين الأوراق التي يحملها وأودعه أوراق أمر الحجز التحفظي بعد أن انتزع العقد المزور إلا أنه لما أحس تصميم الكاتب على الإبلاغ تخلص من ذلك العقد الأخير وألقاه في الغرفة حيث وجده الكاتب فيما بعد، هذا ولم يتقدم المتهم بدفاع ينال من ثبوت هذه الوقائع ولا تعول المحكمة على قوله أن الكاتب دبر له التهمة عندما عصى ما أمره به لانعدام الدليل عليه. لما كان ذلك وكان الثابت من إطلاع هذه المحكمة على العقدين أنه بالرغم من مطابقة بيانات كل عقد للآخر إلا أن التوقيع المنسوب للمؤجر والمستأجر على العقد المدسوس يخالف توقيع كل منهما على العقد الصحيح الأمر الذي ترى المحكمة كفايته لتحقيق التزوير بالاصطناع عن طريق وضع إمضاءات مزورة والمتهم ضالع فيما وقع من تغيير لما ثبت في حقه من أنه انتهز خلو الغرفة إلا منه وعمل على استبدال العقد المزور بالعقد الصحيح ولما أحس باكتشاف أمره عندما ضبطه الكاتب انتزع العقد المزور وأعاد العقد الصحيح ولا تجديه المحاجة فيما ورد في تقرير المضاهاة من أن الكاتب للتوقيع يختلف عن خطه لأنه لا يجب للعقاب بالتزوير أن يكون تغيير الحقيقة قد وقع بيد المتهم وقد تقوم المسئولية إذا ارتكب المتهم التزوير لمصلحة نفسه بواسطة غيره.
ولما كان ما تقدم، فإنه يثبت للمحكمة أن المتهم عمل على تزوير العقد المضبوط ومع علمه بتزويره استعمله بوضعه بأوراق الحجز التحفظي بعد أن شرع في سرقة العقد الأصلي وكادت الجريمة أن تتم لولا أن ضبطه كاتب المحكمة ومن ثم يتعين عقابه على مقتضى مواد الاتهام عملاً بالمادة 304/ 2 إجراءات جنائية مع تطبيق المادة 22/ 2 عقوبات بوصف أن التهمتين جمعهما رباط لا يقبل التجزئة ووقعتا لغرض واحد".
لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعن أنه أخذ من الطاعن أوراق أمر الحجز التحفظي للإطلاع عليها وسحب منها عقداً ووضع بدله آخر تختلف الإمضاءات الموقع بها عليه عن الإمضاءات الصحيحة الموقع بها على العقد الأصلي واستخلص الحكم في تدليل سائغ أن الطاعن كان ضالعاً في اصطناع ذلك العقد، وكان وقوع التغيير بيد شخص آخر لا يؤثر في مسئولية الطاعن، فإنه لا جدوى مما يثيره الطاعن من جدل حول خطأ الحكم في اعتباره فاعلاً أصلياً لا شريكاً في جريمة التزوير ما دامت عقوبة الحبس التي قضى بها عليه مقررة في القانون للاشتراك في هذه الجريمة، ولا يقبل من الطاعن نعيه على الحكم قصوره في بيان وجه مصلحته في ارتكاب التزوير لأن المصلحة لا تعدو أن تكون الباعث على الجريمة والباعث ليس ركناً من أركان جريمة التزوير حتى تلتزم المحكمة بالتحدث عنه استقلالاً وإيراد الأدلة على توافره.
أما النعي على الحكم بانتفاء ركن الضرر فمردود بأن مجرد تغير الحقيقة في محرر بوضع إمضاء مزور يكفي لتوافر جريمة التزوير متى كان من الممكن أن يترتب عليه ضرر للغير، ولما كان الحكم قد أثبت أن العقد المصطنع قد ذيل بتوقيعين مزورين تخالف كل منهما الإمضاء الصحيحة للمتعاقدين مما من شأنه أن يلحق بهما ضرراً إن لم يكن محققاً فهو على الأقل محتمل، ولا يغير من الأمر ما قرره أحد المتعاقدين بالجلسة - محمود نجيب - من ثقته بالطاعن طالما أن هذا القول لا ينفي احتمال الإضرار به فضلاً عن أن التزوير قد شمل توقيع المتعاقد الآخر إسماعيل محمد خميس مما من شأنه أن يلحق به ضرراً محققاً. ولما كان لا يشترط لصحة الحكم بالإدانة في جريمة التزوير أن يتحدث الحكم استقلالاً عن ركن الضرر بل يكفي أن يكون قيامه مستفاداً من مجموع عبارات الحكم وهو ما حققته المحكمة في أسباب حكمها، فإن مما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بالحبس شهراً، وكانت هذه العقوبة مقررة في المادة 215 من قانون العقوبات التي طبقتها المحكمة عن التهمة الأولى الخاصة بالتزوير، فإنه لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن عدم توافر ركن الاختلاس في التهمة الثانية الخاصة بالشروع في سرقة طالما أن المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبة الطاعن بالعقوبة الأشد وهي العقوبة المقررة للتهمة الأولى. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
http://www.mohamoon-ju.net