روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    السفير إبراهيم يسري يكتب: قضاؤنا الشامخ بين التبجيل و الاحترام ..و التحقير و الاتهام

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    السفير إبراهيم يسري يكتب: قضاؤنا الشامخ بين التبجيل و الاحترام ..و التحقير و الاتهام Empty السفير إبراهيم يسري يكتب: قضاؤنا الشامخ بين التبجيل و الاحترام ..و التحقير و الاتهام

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الأحد مارس 21, 2010 1:03 pm

    السفير إبراهيم يسري يكتب:
    قضاؤنا الشامخ بين التبجيل و الاحترام ..و التحقير و الاتهام

    مرت المنطقة بأحداث وتطورات مهمة داخلية وخارجية أبرزها في المجال الخارجي الخطاب الشهير الذي وجهه الرئيس باراك أوباما للعالم الإسلامي علي منبر جامعة القاهرة وما أثير حوله من تكهنات وتحليلات وما صاحبها من إجراءات بروتوكولية غير مسبوقة، وآخرها خطاب نتنياهو الذي نسف فيه أي ملمح لأي تسوية قائمة بخلاف الحل الإسرائيلي المهين، حاولت كأي مصري أن أسهم في تحليل هذه الأحداث وسبر غورها والتعقيب عليها.
    غير أنني أعتذر للزملاء بأنني لم أتمكن من الإسهام المتواضع في تناول تلك الأحداث، لأنني ما زلت حبيسا لدعوي منع تصدير الغاز المصري لأي دولة لحاجتنا إليه لمشروعاتنا، ولضمان حق ومستقبل الأجيال القادمة ومن جهة أخري لأن الصفقة المشئومة لإسرائيل تمت بأسعار فكاهية وقام لها ولم يقعد مجلس وزراء مصر ينشرون البخور ويرددون ترانيم الخضوع لهذه الصفقة التي أقيمت لها شركة ورقية تتقاضي أرباحا باهظة من دماء المصريين حيث تقدم مصر كل طلعة شمس ما يربو علي عشرة ملايين دولار هدية لإسرائيل مكنتها من تخفيض سعر الطاقة الكهربائية 20% بينما تتصاعد أسعار الكهرباء علي المستهلك الفقير.

    وقد صادفنا في هذه الدعوي حكمين تاريخيين لمحكمة القضاء الإداري برئاسة القاضي الوطني الدكتور محمد عطية وزميليه ، والتقرير الرائع والعادل الذي قدمه القاضي عبد الناصر عبد الرحمن رئيس الدائرة الأولي لهيئة مفوضي الدولة بالمحكمة الإدارية العليا، بوقف تنفيذ الصفقة التي تمثل إهدارا خطيرا لموارد الدولة وتنتهك الدستور والقانون.

    غير أن هذه الصورة الرائعة تعرضت لمحاولات التشويش وخلط الأوراق، نتيجة لصدور أحكام صادمة تبيح الصفقة وتخلع عليها المشروعية دون اعتبار لكل ما قدمناه من اعتبارات قانونية وفنية. وزاد من ذلك التشويش ما لجأت إليه جهة الإدارة من أسلوب متواتر بتعويق تنفيذ أحكام مجلس الدولة بالاستشكال فيها أمام محكمة جزئية صغيرة غير مختصة يرأسها قاض واحد يبدأ خطواته علي منصة القضاء، والتي أصدرت أحكاما غريبة علي أي فكر قانوني ليس فقط بوقف تنفيذ الحكم، وإنما اجترأ القاضي الجزئــي وترخص، وهو في بداية طريقه القضائي، في اعتبار حكم محكمة القضاء منعدما لا يؤخذ في الاعتبار ولا يحتاج حتي للطعن فيه بالبطلان.

    ولكنني أكتب اليوم ومجلس الدولة حصننا العريق يشهد تطورات وتغييرات مهمة مع قدوم قيادة جديدة لها إسهاماتها القانونية المشهودة ومصداقيتها العالية، وأناقش هنا بوجه خاص وأسترجع مفهومي عن أبعاد وضوابط العلاقة بين القاضي علي المنصة والمتقاضي الواقف أمامها ومحاميه، فلا مراء في أن للقضاء جلاله وقدسيته وللقضاة الحق في الاحترام والتبجيل، ولكن هل هذا الاحترام يسير في اتجاه واحد بمعني أن يترخص القاضي في إهانة وازدراء المتقاضي ومحاميه، رغم احترام المتقاضي وتبجيله للقضاة ؟ تلك هي القضية التي أعرض لها اليوم.

    وللقضاء المصري الشامخ سجله المشرف الذي لا يحكم بالعدل فقط، ولكنه يبادل المتقاضين والمحامين الاحترام في ظل أحكام الدستور والقانون، وقد وقفنا أمام القضاء عقودا عديدة في احترام وخشوع للمنصة وللجالسين عليها، ولم نصادف مرة واحدة أي تجاوز علي حق الدفاع أو أي تعريض أو إهانة من المنصة، فيما عدا حالة واحدة تمثلت في عبارات جارحة ومهينة لشخص المتقاضي ولكرامة المحامي، إذ ينص القانون علي أن كرامته من كرامة القضاة، وذلك علي الرغم من حرصنا الشديد علي احترام وتبجيل القضاة.

    غير أننا شهدنا مؤخرا ترخص أحد القضاة الأجلاء في توجيه إهانات جارحة لشخصنا، صاحبه هجوم في منتهي الشدة والقســــوة والخروج علي كل تقاليد التقاضي والأساليب التي تليق بقاض، علي شخص المتقاضي وبوصمه بالتهاتر والجهل والغباء الذي يقل عن فهم شخص يلم بالقراءة والكتابة متهما إياه بالضعف في فهم نصوص لا يحتاج إدراك المقصود منها سوي الإلمام بمبادئ القراءة والكتابة، ) ومضي فقال في عبارات مهينة وغير موفقة أن المتقاضي لم يذق طعم العزة والكرامة.

    ورغم هذا التجريح الجسيم لشخص المتقاضي والتقليل من شأنه فإنه لم يسمح لنفسه بأن يبادل القاضي الجليل الإهانة خروجا عن قيم وتقاليد القضاء العريقة التي يسودها الاحترام في طرح الرؤي المختلفة، لكن سيادته بدلا من ذلك استقل من تلقاء نفسه - دون وجه حق - بشطب كل ما اكتسبه المتقاضي في مشوار حياته لاغيا كل مراحل الدراسة التي اجتازها، والخبرات التي تراكمت لديه من عمله القانوني. طوال أربعة عقود

    ولعل ما أثاره ودفعه إلي هذا المسلك أنه حرص علي نفيه لوجود سبب يحمل علي الاسترابة في أن يحكم بغير ميل منحازا لجهة الإدارة التي يعمل مستشارا قانونيا لها لمدة طويلة، وقد عزز المتقاضي استرابته بما هو معروف للكافة وما نشرته الصحف المصرية والأجنبية بل حتي الإسرائيلية، عن العلاقة الوثيقة والحميمة بين مدبر هذه الصفقة المشئومة وبين بعض أجنحة جهة الإدارة علي نحو ما جاء بمذكرة المتقاضي.

    وبناء علي ما تقدم فإن المعلومـــــات المتاحة والمتداولة في جميع الأوساط والمنشورة في الصحف علي فترات متقاربة توحي لأي مواطن متابع للشئون العامة بوجود صلة وطيدة بين مهندس الصفقة وبين بعض أجنحة جهة الإدارة. وهذا ما يبد وبوضوح لكل مواطن ، وعليه فإنه وإن كان ندب السادة القضاة للعمل بجهات الحكومة لا يؤثر في قضائهم بالعدل في الدعاوي المطروحة أمامهم، فإن ضمير القاضي قد لا يسمح له بالفصل في الدعاوي في ظل هذه المعطيات ، بل كان عليه أن يدرس قيامه بالتنحي عن النظر فيها. ونؤكد هنا أن المتقاضي لم يشأ أن يجاري سيادة القاضي الجليل في هذا المسلك، ولا أن يكلف نفسه الرد علي هذه الإهانات الموجهة لشخصه، تاركا الأمر لتقدير الهيئة المختصة في المجلس ، خاصة أن المتقاضي قد اضطر رغم إرادته أن يصحح معلومات سيادة القاضي في مذكرة رسمية مرفوعة للمحكمة.

    وختاما نصل إلي ما نريد أن نثبته ونعليه وهو أن ذلك السلوك في مجلس الدولة وحصن العدالة، لا يمكن أن يؤثر سلبا في رسوخ قيم كريمة تؤخذ دائما في الاعتبار بين المنصة وجلالها وبين القضاء الواقف يسودها الاحترام والتقدير ودماثة الخلق والتعاون في تحقيق العدالة وسيادة القانون. وأن التبجيل والاحترام طريق ذواتجاهين ولا يسير في اتجاه واحد، فهل أخطأت القول؟

    القاهرة 18 يونيو

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 2:48 am