الحماية القانونية للعلامة التجارية
مكان العلامة التجارية من بين حقوق الملكية:
إن حق الملكية إما أن يرد على شيء مادي أو على غيره.
فالحق الأول، هو الوارد على ما يؤخذ حيزا من الفراغ سواء كان منقولا أو عقارا.
و الحق الثاني، هو الوارد على ما لا يؤخذ حيزا من الفراغ أي على ما لا يدرك إلا بالفكر، وينقسم إلى:
أولا – الحقوق التي ترد على عناصر الأصل التجاري المعنوية الداخلة في مصطلح : الملكية التجارية (Propriété Comerciale)
ثانيا – الحقوق الواردة على الفكر غير الموضوع في قالب مادي، وهو ما يطلق عليه مصطلح : الملكية العلمية (Propriété Scientifique)
ثالثا – حقوق الواردة على الفكر الموضوع في قالب مادي، وهو ما يطلق عليه مصطلح : الحقوق الفكرية (Droit Intellectuels) التي ينضوي تحتها.
1- ملكية الرسائل (Propritiété des lettres missives)
2- الملكية الأدبية والفنية (Propriété littéraire et artistique )
3- الملكية الصناعية (Propriété Industrielle)
وهذه تشمل الأنواع الآتية:
أ براعة الاختراع (Brivet d'invention)
ب الرسوم والنماذج الصناعية : (Dessins et modèles )
ج البيانات التجارية: (Montions comerciales)
د العلامات الصناعية أو التجارية: (Marques de fabrique ou comerciale)
التعريف بالعلامة التجارية:
إن المشرع المغربي في الفصل 73 من ظهير 21 شعبان1334 موافق 23 جوان1916 المتعلق بالملكية الصناعية عرف العلامة التجارية بعد أن أورد ما يمكن اعتباره منها بأنها:
" كل ما يمكن بواسطته تمييز منتوجات مصنع أو معمل أو استغلال زراعي أو تجاري أو استخراج معدني".
بينما عرفها الفصل الأول من المشروع الثاني للقانون النموذجي للدول العربية بشأن العلامات التجارية لسنة 1975 بأنها " كل إشارة ظاهرة تستخدم لتمييز منتجات مشروع من منتجات مشروعات أخرى".
دور العلامة التجارية والصناعية في ميدان المنافسة:
إن أهم الوسائل التي يستعملها الصانع أو التاجر لحماية نفسه وبضاعته من منافسيه هي وضع علامة خاصة على بضائعه تمييزا لها عن بقية البضائع، يمكن بواسطتها للمستهلكين التعرف عليها وعلى صاحبها. مما يتعذر معه تظليلهم من طرف الغير وبالتالي الإضرار بسمعة صاحب البضاعة، الشيء الذي يخلق في المنتجين أو التجار حماسا للتخلي عن التقليد، وقصر اهتمامهم على محاولة خلق وسائل لإعطاء إنتاج أفضل بأقل تكلفة لغزو السوق والأخذ بعناية الجمهور، ويتمخض عن هذا التقدم الاقتصادي ترغب الدول في تحقيقه فتسن قوانين لحماية الوسائل المؤدية إليه.
والحماية المعطاة للعلامة التجارية ليست لذاتها، لكن لحماية البضاعة الحاملة لها القابلة لان تكون موضوع ابتكار.
والشخص الأول المستعمل لتلك العلامة هو الذي تحميه القوانين.
عدم إلزامية اتخاذ العلامات التجارية أو الصناعية:
إن أغلبية التشريعات لا تلزم الأشخاص باتخاذ علامة تجارية أو صناعية، وهذا ما اخذ به القانون المغربي في الفصل 72 من ظهير 23 يونيه1916 المتعلق بالملكية الصناعية.
ولا مأخذ على هذا السلوك لكونه ترك حرية للأشخاص في شأن اتخاذ علامة أو عدم اتخاذها، لما قد يحدث في حالة الإلزام من عراقيل وصعوبات يتعرض لها الشخص أمام كثرة العلامات الناتجة عن كثرة البضائع والمنتجات وأنواعها.
تسجيل العلامة:
من التشريعات من اخذ بمبدأ إلزامية تسجيل العلامات التجارية والصناعية ومنها من جعلت ذلك أمرا اختياريا.
ويظهر انه، حماية لصاحب العلامة، من الضروري توحيد القواعد في هذا الميدان، وذلك يجعل تسجيل العلامات التجارية والصناعية إلزاميا، وعدم السماح باستعمال أية علامة غير مسجلة، مع تعيين جزاء لكل مخالف يتمثل في فرض ذعيرة عليه في حالة ما إذا استعملها دون أن يسجلها، مع اعتباره غير مالك لها إذا لم يسجلها اثر ذلك وقبل أن تسجل من طرف الغير.
وبهذا العمل سيجعل حد لأعمال التقليد، المتعلقة بالعلامة التجارية، إذ أن كل العلامات المستعملة تكون قبل استعمالها قد فحصت من طرف المكتب المكلف بالتسجيل. وهذا، كما سنرى، ستكون له صلاحيات في شأن قبول أو عدم قبول تسجيل العلامة، بالإضافة إلى المراقبة المخولة للغير اثر الإشهار.
وتسجيل العلامة يتم بمكتب مخصص لذلك يكون تابعا لإحدى الوزارات.
ففي المغرب هذا المكتب تطلق عليه تسمية مكتب الملكية الصناعية، وهو تابع لوزارة التجارة، ومركزه يقع بمدينة الدار البيضاء.
ويتعين على طالب التسجيل التقدم بطلبه إلى المكتب المذكور مرفوقا بنسختين من نموذج العلامة، وصورة فوتوغرافية لها، وبشهادة التسجيل من دولة الأصل إذا كانت العلامة مسجلة بالخارج ( الفصل 85 من ظهيــر 23 يونيه1916) ويؤدي عن إيداع رسوم لتغطية المصاريف وقد تعرض المشروع الثاني للدول العربية إلى ذلك في الفصل التاسع منه تاركا بيان الوثائق الواجب إرفاقها بالطلب إلى اللائحة التنفيذية.
ويظهر انه من الأفضل تبيان ذلك في القانون نفسه لإعطائه صبغة أقوى، تمشيا مع التشريع المغربي .
رقابة المكتب :
حماية للعلامات التجارية، وتفاديا لما قد ينتج عن تقليدها أو تزويرها من آثار، فمن الضروري:
1- استبعاد كل من النظرية التي اخذ بها القانون الفرنسي الصادر سنة 1857 التي ترخص لموظفي المكتب بفحص العلامة أو رفضها، والنظرية التي اخذ بها القانون السويسري الصادر بتاريخ 26 شتنبر1890 التي لا تخضع العلامة للفحص السابق لكنها تفرض قبول طلب التسجيل تحت مسؤولية الطالب ما لم تكن العلامة مثلا منافية للآداب.
2- الأخذ بإحدى النظريتين الآتيتين:
أ النظرية التي اخذ بها القانون الانجليزي الصادر بتاريخ 23 غشت1887 التي تخضع العلامة للفحص السابق من طرف المكلف بالمكتب ثم تتبع المسطرة التالية:
•يقع إشهار طلب التسجيل
•يفسح المجال للغير في تقديم معارضته على طلب التسجيل إلى المكلف بالمكتب
•يتخذ هذا الأخير قراره في الموضوع
•يمكن التظلم من القرار المتخذ أمام المحكمة
•يعتبر قرار المحكمة الفصل في القضية
ولهذه النظرية محاسن تتجلى في كونها تستبعد قيام تسجيل علامة غير جديدة، مما يطمأن معه على العلامة المسجلة، وعلى السير العادي لتصريف بضائع صاحب العلامة.
لكن يؤخذ عليها أنها تتطلب الإجراءات قد تطول، وبالتالي قد تحلق أضرارا بالطالب خصوصا إذا ما ثبتت أحقيته لها بحكم قضائي، إلا انه يمكن الحد من تعسف المعارضين أو المتظلمين من قرار المكلف بالمكتب بمنح تعويضات للطالب الذي قضى بأحقيته تتناسب والأضرار اللاحقة به.
ب النظرية التي اخذ بها القانون الألماني الصادر بتاريخ 12 ماي1894 المعدل بقانون 5 ماي1936 التي تخضع العلامة المطلوب تسجيلها للفحص السابق فإذا وجدها الموظف بالمكتب منافية للآداب العامة مثلا رفضها، وإذا وجدها غير جديدة رفضها على أن يترك المجال لطالب التسجيل برفع دعوى على صاحب التسجيل الأول لكن عبء إثبات أحقيته للعلامة يقع عليه.
وهذه النظرية اخف وطأة من النظرية التي اخذ بها القانون الانجليزي لكنها لا تقوم بالحماية التي تضمنتها النظرية الأولى.
ومن تم، فمن الأنسب الأخذ بالنظرية التي اخذ بها القانون الانجليزي، ولو كانت على حساب طالب التسجيل، لكون نتائجها مضمونة.
والمشرع المغربي كبقية التشريعات العربية وغيرها قد أورد أمثلة للعلامات القابلة للتسجيل في الفصل 73 من الظهير 23 يونيه1916 المتعلق بالملكية الصناعية.
كما تعرض إلى ذلك الفصل الخامس من المشروع الثاني للقانون النموذجي للدول العربية بشأن العلامة التجارية لسنة 1975 الذي يساير القانون المصري.
كما تعرض القانون المغربي في الفصلين 75 و78 من ظهير 23 يونيه1916 المتعلق بالملكية الصناعية إلى ما لا يمكن اعتباره علامة، وبالتالي عدم قبول تسجيله.
وقد بين القانون المصري المتعلق بالعلامات والبيانات التجارية في الفصل الخامس ما لا يسجل كعلامة تجارية أو كعنصر منها.
وأحكام هذا الفصل هي نفس أحكام الفصل 8 من المشروع الثاني للدول العربية بشأن العلامات التجارية لسنة1975.
العلامات الواجبة التسجيل:
لقد تعرض بعض القوانين إلى العلامات التي يجب على أصحابها القيام بتسجيلها، فخصت ذلك بفئات معينة من المنتجات، أوردتها في النص القانوني، أو في قرار وزيري ملحق به، مثل ما في المشروع الثاني للدول العربية في شأن العلامة التجارية الذي لم يعدد تلك الفئات مكتفيا في الفصل 10 منه بذكر انه لا تسجل العلامة إلا عن فئة واحدة أو أكثر من فئات المنتجات التي تحددها اللائحة التنفيذية.
وانطلاقا من المبدأ المقترح تعميمه الخاص بإلزامية تسجيل كل العلامات يتعين عدم التعرض إلى الفئات التي تسجل عنها العلامة، بل يجب استبدال ذلك بفصل خاص بالفئات الواجب تخصيص علامة لها وجردها.
حقوق وواجبات صاحب التسجيل:
إن المسجل للعلامة التجارية هو المالك الوحيد لها ويمكنه استعمالها على إنتاجه وبضائعه، ولا يجوز لغيره استعمالها.
وقد نص المشرع المغربي في الفصل 82 من ظهير 23 يونيه1916 على انه " إذا وقع إيداع علامة مميزة بكيفية قانونية، واستعملت علنيا بصفة مستمرة في المغرب أو في الخارج لمدة خمس سنوات على الأقل دون أن يقع نزاع أساسي وشرعي حولها، فان الملكية المطلقة لهذه العلامة تصبح ثابتة بالنسبة للمودع الأول فيما يتعلق بأحقية الاستعمال".
و بمفهوم المخالفة لذلك فانه إذا لم يثبت استعمال العلامة للمدة المذكورة وقام نزاع في شأنها، فان التسجيل لا يعتبر إلا قرينة بسيطة قابلة لإثبات العكس.
وهذا ما أخذ به المشرع المصري في الفصل الثالث من قانون العلامات والبيانات التجارية.
كما اخذ به المشروع الثاني للدول العربية في الفصل السادس.
وإذا لم تستعمل العلامة بصفة فعلية فانه حسب الفصل 84 من نفس الظهير يمكن للنيابة العامة إن تطلب التشطيب على التسجيل ما لم يثبت المعني بالأمر مبررات لذلك.
والقانون المصري يتضمن نفس حكم الفصل المذكور لكنه يبيح التقدم بطلب التشطيب إلى المحكمة لكل ذي شأن، ويحدد مدة عدم الاستعمال في خمس سنوات متتالية.
كما أن المشروع الثاني للدول العربية في الفصل 24 قد اخذ بما اخذ به القانون المصري.
لكن، يظهر انه، استنادا إلى الفكرة المقترحة في شأن إلزامية التسجيل وتوابعها، من الأنسب أن يعتبر التسجيل قرينة قاطعة على ملكية صاحب التسجيل للعلامة لا تقبل إثبات العكس دون تحديد مدة زمنية للاستعمال الهادئ ما لم يكن هناك تدليس من طرف صاحب التسجيل – لأنه لا يمكن التوصل إلى التسجيل إلا بعد المراقبة من طرف الموظف المؤهل لذلك، وبعد الإشهار من طرف المعنيين بالأمر، الذي يجعل التسجيل في نأى من كل تلاعب.
مدة الحماية:
إن القانون المغربي في الفصل 83 من ظهير 23 يونيه1916 يقضي بان العلامة المسجلة حماية لمدة عشرين سنة قابلة للتجديد.
أما القانون المصري فجعل مدة الحماية عشر سنوات قابلة للتجديد.
وقد اخذ المشروع الثاني للدول العربية في الفصل 23 بما اخذ به القانون المصري من حيث جعل مدة الحماية المحددة في عشر سنوات من تاريخ الإيداع قابلة للتجديد.
لكنه اختلف عنه من حيث المدة التي يتم فيها إخطار صاحب العلامة المسجلة من طرف المكتب عند انتهاء مدة الحماية، إذ بينما حددها القانون في خلال الشهر التالي لانتهاء عشر سنوات المخصصة للحماية، فان المشروع الثاني للدول العربية حددها في خلال الستة شهور الأخيرة.
وأظن إن المدة التي اعتمدها القانون المغربي للحماية هي اقرب مصلحة لها حسب العلامة، واخف عبئا على موظفي المكتب، وان كانت تضيع على الخزينة العامة المبالغ المالية المتمثلة في الرسوم المقررة للتجديد.
ولذلك، فمن الأنسب اعتماد مدة عشرين سنة للحماية بدلا من عشر سنوات، على أن تتبع في ذلك بقية أحكام الفصل 23 من المشروع الثاني.
التصرف في العلامة:
يبيح القانون المغربي في الفصل 83 من الظهير المتعلق بالملكية الصناعية التنازل عن العلامة وفق شكليات محددة في قرار تنظيمي، بينما القانون المصري لا يبيح نقل ملكية العلامة إلا مع الأصل التجاري أو مشروع الاستغلال الذي تستخدم العلامة في تمييز منتجاته عن غيرها، إلا انه يمكن نقل ملكية الأصل التجاري أو المشروع دون العلامة التجارية إذ اتفق المتعاقدان على ذلك.
أما المشروع الثاني للدول العربية فقد تعرض إلى ذلك في الفصل 22 منه وأورد في شأنه حكمين اختياريين، الأول بعدم جواز التنازل أو نقل الملكية إلا مع مشروع الاستغلال أو جزء منه، والثاني بجواز التنازل أو نقل ملكية العلامة منفصلة عن كل أو بعض مشروع الاستغلال الذي يستعمل العلامة.
وكان من الأفضل رغبة في توحيد القواعد المتعلقة بالعلامة التجارية، وبصفة مطلقة، إلا يعطي الاختياران المذكوران، بل أن يقتصر على حكم واحد، واستصوب أن يتقيد بالاختيار الثاني القاضي بجواز التنازل ونقل ملكية العلامة مستقلة عن الأصل التجاري أو مشروع الاستغلال وفق القيود الواردة فيه.
وإذا كانت الرغبة هي جواز التنازل عن العلامة، ونقل ملكيتها منفصلة عن الأصل التجاري أو المشروع المستغل، فانه من باب الأولى والأحرى يجوز إبرام عقد ترخيص باستعمالها من طرف الغير عن كل أو بعض المنتجات المسجلة عنها العلامة وفق المقتضيات المنصوص عليها في الفصلين 25 و26 من المشروع الثاني للدول العربية.
وسائل حماية العلامة:
لقد تعرضت التشريعات إلى الجزاءات القانونية لكل مخالفة تتعلق بالعلامة التجارية، وحددت وسائل حمايتها، ويمكن حصر هذه الوسائل في ثلاثة:
أولا – الإجراءات التحفظية:
لكل مالك علامة تجارية لحقه ضرر من جراء تزوير أو تقليد علامته التجارية أو غير ذلك أن يتقدم بطلب إجراء معاينة وان اقتضى الحال حجز الأشياء والمنتوجات والأدوات والمطبوعات المشبوهة إلى رئيس المحكمة الابتدائية المرتكب داخل نطاق اختصاصها الترابي الفعل المكون للمخالفة، ويصدر الرئيس أمرا على طلب مدعم بالسند، ويعين في الأمر كاتبا من المحكمة، وعند الاقتضاء خبيرا لمساعدة الكاتب،
وإذا تعلق الأمر بحجز فان على الطالب إيداع ضمانة قبل أي إجراء، أن قضى بذلك الأمر القضائي، ما لم يكن الطلب مقدما من أجنبي وإلا فيتعين إيداع الضمانة.
ويقع الحجز والمعاينة وفق أحكام الفصل 148 و452 وما يليه من ق م م.
وفي حالة عدم الالتجاء الطالب إلى الطريق المدني أو الجنحي خلال 15 يوما، يزاد عليها يوم واحد عن كل خمسة كيلومترات بين المكان الذي توجد فيه الأشياء المحجوزة أو الموصوفة أو موطن المتابع أو نائبه الخاص وبين المحكمة المختصة، فان الوصف أو الحجز يصبح باطلا بقوة القانون ( الفصل 138 من الظهير).
والقانون المصري يتضمن نفس الأحكام باستثناء ما تعلق منها بالأجل الذي يجب أن ترفع فيه الدعوى المدنية أو الجنائية فقد جعله عشرة أيام بدلا من 15 يوما المشار إليها في القانون المغربي، كما أن المشروع الثاني للدول العربية في الفقرة الرابعة من الفصل 34 قد ساير القانون المصري.
ثانيا – الجزاء المدني:
يحق لمالك العلامة التجارية رفع دعوى مدنية ضد مزور أو مقلد علامته للمطالبة بتعويضات عن اللاحقة به من جراء ذلك.
وترفع الدعوى أمام المحكمة الابتدائية لموطن المدعى عليه، فان لم يكن له موطن فأمام المحكمة الابتدائية للمكان الذي وجدت فيه الأشياء أو المنتوجات ( الفصل 140 من الظهير).
وتحكم المحكمة بالتعويضات التي تراها مناسبة لترميم الضرر.
وقد تعرض المشروع الثاني للدول العربية إلى الجزاء المدني في الفصل 35 الموافق للقانون المصري.
ثالثا – الجزاء الجنائي:
إلى جانب الضمانات التي أعطاها المشرع لمالك العلامة التجارية سواء منها الإجراءات التحفيظية أو المدنية أعطى ضمانا اشد وطأة على مرتكبي المخالفات إلا وهو الجزاء الجنائي.
ذلك أن الفصل 120 من ظهير 23/6/1916 ينص على انه " يعاقب بغرامة من 50 فرنكا إلى 3000 فرنك، وبالسجن من ثلاثة أشهر إلى ثلاثة سنوات، أو بإحدى العقوبتين فقط:
1- كل من زور عن وعي علامة أو استعملها بدون إذن صاحبها ولو في حالة إضافة الكلمات: تقليد – تقليد نوعي …. الخ، أو بإضافة أية إشارة خاصة توقع المشتري في غلط.
2- كل من يضع، عن طريق التدليس، على منتوجاته أو بضائعه علامة تعود للغير،
3- كل من يبيع عن وعي أو يعرض للبيع إنتاجا أو أكثر توجد عليه علامة مزورة أو موضوعة تدليسيا.
4- كل من يسلم إنتاجا آخر غير المطلوب منه تحت علامة مسجلة.
كما أن الفصل 121 من نفس الظهير يحدد العقوبة في غرامة من 50 فرنكا إلى 2000 فرنك، وبالحبس من شهر إلى سنة واحدة أو في إحدى هاتين العقوبتين بالنسبة لـ :
1- كل من قلد بواسطة التدليس طبيعة علامة دون أن يزورها بغاية إيقاع المشتري في غلط، أو استعمل علامة مقلدة تدليسيا.
2- كل من استعمل علامة تحمل إشارات خاصة توقع المشتري في غلط في طبيعة الإنتاج.
3- كل من يبيع أو يعرض للبيع عن وعي إنتاجا أو أكثر يحمل علامة مقلدة تدليسيا أو تحمل إشارات خاصة لتوقع المشتري في غلط في طبيعة الإنتاج.
وقد حدد الفصل 122 العقوبة في 50 فرنكا إلى 1000 فرنك، وبالسجن من 15 إلى 6 أشهر، بإحدى هاتين العقوبتين بالنسبة لـ :
1- كل من لا يضع على منتوجاته علامة مصرح بها بصفة إجبارية.
2- كل من يبيع أو يعرض للبيع إنتاجا أو أكثر لا يحمل العلامة المصرح بها إجباريا لهذا النوع من الانتاح.
3- كل من خالف مقتضيات الإجراءات المنصوص عليها في القسم الأول من الظهير الداخلة في حيز التطبيق.
4- كل من يبين في علامته المسجلة أو غير المسجلة الإشارات الممنوعة بمقتضى الفصل 75 من الظهير.
5- كل من حاز لغاية تجارية أو صناعية أو وضع للبيع أو باع منتوجات تحمل علامة ممنوعة.
والملاحظ أن قدر الغرامات الواردة في الفصول السابقة أصبح زهيدا، ولذلك صدر ظهير 20 يونيه1953 المتعلق بإدخال زيادة على قدر بعض الغرامات، فأوضح بان مبالغ الغرامات المذكورة أعلاه تضاعف 120 مرة لاستخراج الحد الأدنى والأقصى للغرامات.
وبالإضافة إلى ذلك فان هناك عقوبات إضافية ومشتركة نصت عليها الفصول 128 و129 و130 من نفس الظهير، إذ انه يمكن الحكم بمصادرة الأشياء والمنتجات التي تمس الحقوق المضمونة بالظهير، وكذلك الأدوات أو المطبوعات المستعملة لإنتاجها ولو في حالة الحكم بالبراءة، وبإتلاف العلامات أو الإشارات التي تكون مخالفة لمقتضيات الظهير.
وفيما يخص العلامات الإجبارية فان المحكمة تأمر بوضعها على المنتجات التي تعود إليها، ويمكن لها أن تحكم بمصادرتها إن ارتكب المعني بالأمر تزويرا لعلامة، أو وضع علامة مملوكة للغير على منتوجاته أو بضائعه داخل الخمس سنوات اللاحقة.
كما يمكن أن يحكم بحرمانه من حق الترشيح للغرف التجارية أو اللجن المحلية أو المركزية للدراسات الاقتصادية، أو أية غرفة استشارية، أو أي تجمع انتخابي، لمدة لا تتجاوز 10 سنوات، وللمحكمة أن تأمر بنشر الحكم في الجرائد التي تعينها على نفقة المحكوم عليه.
أما في مصر، فان الجزاء الجنائي تعرض إليه الفصل 33 والفقرة الثانية من الفصل 34 من قانون العلامات والبيانات التجارية.
أما المشروع الثاني للدول العربية فقد تعرض لجرائم تقليد العلامات وتزويرها في الفصلين 32 و33.
والملاحظ أن كلا من التشريع المصري والمشروع الثاني للدول العربية لم يتعرض إلى الحد الأدنى للعقوبة عكس ما ذهب إليه التشريع المغربي الذي تعرض إلى تحديد العقوبة الحبسية من ناحية حدها الأدنى والأقصى، وهو عمل مستحسن.
كما يلاحظ أن هناك تفاوتا في مقدار العقوبة بين التشريع المغربي وبين التشريع المصري، والمشروع الثاني للدول العربية المطابق للتشريع المصري.
هذا وان المشروع الثاني تعرض في الفصل 35 منه إلى العقوبات الإضافية فنص بوضوح محمود على انه "يجوز لمحكمة من أية دعوى مدنية أو جنائية أو تحكم بمصادرة الأشياء المحجوزة أو بحجز ومصادرة الأشياء، واستنزال ثمنها من التعويضات أو الغرامات، أو للتصرف فيها بأية طريقة أخرى تراها المحكمة مناسبة.
ويجوز للمحكمة أيضا أن تأمر بنشر الحكم في جريدة واحدة أو أكثر على نفقة المحكوم عليه.
ويجوز لها كذلك أن تأمر بإتلاف العلامات غير القانونية والبيانات غير الصحيحة أو المخالفة للقانون، وان تأمر عند الاقتضاء، بإتلاف الأشياء التي تحمل مثل هذه العلامات أو البيانات وذلك حتى في حالة الحكم بالبراءة.
وقد تعرض القانون المغربي في حالة العود في الفصل 123 من الظهير، أما المشروع الثاني للدول العربية فقد تعرض إليها في الفصل 36 منه.
والفرق بين النصين يتعلق بالعقوبة، فبينما القانون المغربي يجعلها مضاعفة، ويعتبر حالة العود: ارتكاب المخالفة خلال الخمس سنوات اللاحقة لارتكابها في أول مرة، نجد المشروع الثاني يجعل العقوبة الحبسية واجبة التطبيق في حالة العود مع نشر الحكم ولصقه وإغلاق المصنع أو الأصل التجاري لمدة لا تقل عن خمسة عشر يوما ولا تزيد على ستة أشهر.
و هده بعض الأحكام المتعلقة بالعلامة التجارية المقترحة في الختام حسبما يلي :
1- جعل اتخاذ علامة تجارية أو صناعية أمرا اختياريا، إلا في حالات خاصة متعلقة بمواد لها صبغة معينة.
2- جعل تسجيل العلامة أمرا إلزاميا مع تعيين جزاء للمخالف بفرض ذعيرة عليه، وإلزامه بالتسجيل حالا، وإلا فلا يتمتع بأية حماية، وتصبح العلامة ملكا مطلقا لأول من قام بتسجيلها.
3- عدم التعرض في التشريعات إلى الفئات التي تسجل عنها العلامة وجوبا وتعويض ذلك بفصل خاص بالفئات الواجب تخصيص علامة لها وجردها فيه، وذلك تمشيا مع المبدأ المقترح تعميمه الخاص بإلزامية تسجيل كل العلامات.
4- اعتبار التسجيل منشئا لحق الملكية لا مقر له أي اعتباره قرينة قاطعة على ملكية صاحب التسجيل للعلامة، لا تقبل إثبات العكس، دون تحديد مدة زمنية للاستعمال الهادئ، وبهذا يقع تفادي كثير من المشاكل والنزاعات التي قد تأخذ الشيء الكثير من وقت المحاكم والأشخاص.
5- جعل مدة الحماية عشرين سنة، لما في ذلك من مصلحة لصاحب العلامة ولموظفي المكتب، وان كان فيه تفويت مبالغ مالية على الخزينة العامة.
المصدر: منتديات ملاك روحي - من قسم: العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية
مكان العلامة التجارية من بين حقوق الملكية:
إن حق الملكية إما أن يرد على شيء مادي أو على غيره.
فالحق الأول، هو الوارد على ما يؤخذ حيزا من الفراغ سواء كان منقولا أو عقارا.
و الحق الثاني، هو الوارد على ما لا يؤخذ حيزا من الفراغ أي على ما لا يدرك إلا بالفكر، وينقسم إلى:
أولا – الحقوق التي ترد على عناصر الأصل التجاري المعنوية الداخلة في مصطلح : الملكية التجارية (Propriété Comerciale)
ثانيا – الحقوق الواردة على الفكر غير الموضوع في قالب مادي، وهو ما يطلق عليه مصطلح : الملكية العلمية (Propriété Scientifique)
ثالثا – حقوق الواردة على الفكر الموضوع في قالب مادي، وهو ما يطلق عليه مصطلح : الحقوق الفكرية (Droit Intellectuels) التي ينضوي تحتها.
1- ملكية الرسائل (Propritiété des lettres missives)
2- الملكية الأدبية والفنية (Propriété littéraire et artistique )
3- الملكية الصناعية (Propriété Industrielle)
وهذه تشمل الأنواع الآتية:
أ براعة الاختراع (Brivet d'invention)
ب الرسوم والنماذج الصناعية : (Dessins et modèles )
ج البيانات التجارية: (Montions comerciales)
د العلامات الصناعية أو التجارية: (Marques de fabrique ou comerciale)
التعريف بالعلامة التجارية:
إن المشرع المغربي في الفصل 73 من ظهير 21 شعبان1334 موافق 23 جوان1916 المتعلق بالملكية الصناعية عرف العلامة التجارية بعد أن أورد ما يمكن اعتباره منها بأنها:
" كل ما يمكن بواسطته تمييز منتوجات مصنع أو معمل أو استغلال زراعي أو تجاري أو استخراج معدني".
بينما عرفها الفصل الأول من المشروع الثاني للقانون النموذجي للدول العربية بشأن العلامات التجارية لسنة 1975 بأنها " كل إشارة ظاهرة تستخدم لتمييز منتجات مشروع من منتجات مشروعات أخرى".
دور العلامة التجارية والصناعية في ميدان المنافسة:
إن أهم الوسائل التي يستعملها الصانع أو التاجر لحماية نفسه وبضاعته من منافسيه هي وضع علامة خاصة على بضائعه تمييزا لها عن بقية البضائع، يمكن بواسطتها للمستهلكين التعرف عليها وعلى صاحبها. مما يتعذر معه تظليلهم من طرف الغير وبالتالي الإضرار بسمعة صاحب البضاعة، الشيء الذي يخلق في المنتجين أو التجار حماسا للتخلي عن التقليد، وقصر اهتمامهم على محاولة خلق وسائل لإعطاء إنتاج أفضل بأقل تكلفة لغزو السوق والأخذ بعناية الجمهور، ويتمخض عن هذا التقدم الاقتصادي ترغب الدول في تحقيقه فتسن قوانين لحماية الوسائل المؤدية إليه.
والحماية المعطاة للعلامة التجارية ليست لذاتها، لكن لحماية البضاعة الحاملة لها القابلة لان تكون موضوع ابتكار.
والشخص الأول المستعمل لتلك العلامة هو الذي تحميه القوانين.
عدم إلزامية اتخاذ العلامات التجارية أو الصناعية:
إن أغلبية التشريعات لا تلزم الأشخاص باتخاذ علامة تجارية أو صناعية، وهذا ما اخذ به القانون المغربي في الفصل 72 من ظهير 23 يونيه1916 المتعلق بالملكية الصناعية.
ولا مأخذ على هذا السلوك لكونه ترك حرية للأشخاص في شأن اتخاذ علامة أو عدم اتخاذها، لما قد يحدث في حالة الإلزام من عراقيل وصعوبات يتعرض لها الشخص أمام كثرة العلامات الناتجة عن كثرة البضائع والمنتجات وأنواعها.
تسجيل العلامة:
من التشريعات من اخذ بمبدأ إلزامية تسجيل العلامات التجارية والصناعية ومنها من جعلت ذلك أمرا اختياريا.
ويظهر انه، حماية لصاحب العلامة، من الضروري توحيد القواعد في هذا الميدان، وذلك يجعل تسجيل العلامات التجارية والصناعية إلزاميا، وعدم السماح باستعمال أية علامة غير مسجلة، مع تعيين جزاء لكل مخالف يتمثل في فرض ذعيرة عليه في حالة ما إذا استعملها دون أن يسجلها، مع اعتباره غير مالك لها إذا لم يسجلها اثر ذلك وقبل أن تسجل من طرف الغير.
وبهذا العمل سيجعل حد لأعمال التقليد، المتعلقة بالعلامة التجارية، إذ أن كل العلامات المستعملة تكون قبل استعمالها قد فحصت من طرف المكتب المكلف بالتسجيل. وهذا، كما سنرى، ستكون له صلاحيات في شأن قبول أو عدم قبول تسجيل العلامة، بالإضافة إلى المراقبة المخولة للغير اثر الإشهار.
وتسجيل العلامة يتم بمكتب مخصص لذلك يكون تابعا لإحدى الوزارات.
ففي المغرب هذا المكتب تطلق عليه تسمية مكتب الملكية الصناعية، وهو تابع لوزارة التجارة، ومركزه يقع بمدينة الدار البيضاء.
ويتعين على طالب التسجيل التقدم بطلبه إلى المكتب المذكور مرفوقا بنسختين من نموذج العلامة، وصورة فوتوغرافية لها، وبشهادة التسجيل من دولة الأصل إذا كانت العلامة مسجلة بالخارج ( الفصل 85 من ظهيــر 23 يونيه1916) ويؤدي عن إيداع رسوم لتغطية المصاريف وقد تعرض المشروع الثاني للدول العربية إلى ذلك في الفصل التاسع منه تاركا بيان الوثائق الواجب إرفاقها بالطلب إلى اللائحة التنفيذية.
ويظهر انه من الأفضل تبيان ذلك في القانون نفسه لإعطائه صبغة أقوى، تمشيا مع التشريع المغربي .
رقابة المكتب :
حماية للعلامات التجارية، وتفاديا لما قد ينتج عن تقليدها أو تزويرها من آثار، فمن الضروري:
1- استبعاد كل من النظرية التي اخذ بها القانون الفرنسي الصادر سنة 1857 التي ترخص لموظفي المكتب بفحص العلامة أو رفضها، والنظرية التي اخذ بها القانون السويسري الصادر بتاريخ 26 شتنبر1890 التي لا تخضع العلامة للفحص السابق لكنها تفرض قبول طلب التسجيل تحت مسؤولية الطالب ما لم تكن العلامة مثلا منافية للآداب.
2- الأخذ بإحدى النظريتين الآتيتين:
أ النظرية التي اخذ بها القانون الانجليزي الصادر بتاريخ 23 غشت1887 التي تخضع العلامة للفحص السابق من طرف المكلف بالمكتب ثم تتبع المسطرة التالية:
•يقع إشهار طلب التسجيل
•يفسح المجال للغير في تقديم معارضته على طلب التسجيل إلى المكلف بالمكتب
•يتخذ هذا الأخير قراره في الموضوع
•يمكن التظلم من القرار المتخذ أمام المحكمة
•يعتبر قرار المحكمة الفصل في القضية
ولهذه النظرية محاسن تتجلى في كونها تستبعد قيام تسجيل علامة غير جديدة، مما يطمأن معه على العلامة المسجلة، وعلى السير العادي لتصريف بضائع صاحب العلامة.
لكن يؤخذ عليها أنها تتطلب الإجراءات قد تطول، وبالتالي قد تحلق أضرارا بالطالب خصوصا إذا ما ثبتت أحقيته لها بحكم قضائي، إلا انه يمكن الحد من تعسف المعارضين أو المتظلمين من قرار المكلف بالمكتب بمنح تعويضات للطالب الذي قضى بأحقيته تتناسب والأضرار اللاحقة به.
ب النظرية التي اخذ بها القانون الألماني الصادر بتاريخ 12 ماي1894 المعدل بقانون 5 ماي1936 التي تخضع العلامة المطلوب تسجيلها للفحص السابق فإذا وجدها الموظف بالمكتب منافية للآداب العامة مثلا رفضها، وإذا وجدها غير جديدة رفضها على أن يترك المجال لطالب التسجيل برفع دعوى على صاحب التسجيل الأول لكن عبء إثبات أحقيته للعلامة يقع عليه.
وهذه النظرية اخف وطأة من النظرية التي اخذ بها القانون الانجليزي لكنها لا تقوم بالحماية التي تضمنتها النظرية الأولى.
ومن تم، فمن الأنسب الأخذ بالنظرية التي اخذ بها القانون الانجليزي، ولو كانت على حساب طالب التسجيل، لكون نتائجها مضمونة.
والمشرع المغربي كبقية التشريعات العربية وغيرها قد أورد أمثلة للعلامات القابلة للتسجيل في الفصل 73 من الظهير 23 يونيه1916 المتعلق بالملكية الصناعية.
كما تعرض إلى ذلك الفصل الخامس من المشروع الثاني للقانون النموذجي للدول العربية بشأن العلامة التجارية لسنة 1975 الذي يساير القانون المصري.
كما تعرض القانون المغربي في الفصلين 75 و78 من ظهير 23 يونيه1916 المتعلق بالملكية الصناعية إلى ما لا يمكن اعتباره علامة، وبالتالي عدم قبول تسجيله.
وقد بين القانون المصري المتعلق بالعلامات والبيانات التجارية في الفصل الخامس ما لا يسجل كعلامة تجارية أو كعنصر منها.
وأحكام هذا الفصل هي نفس أحكام الفصل 8 من المشروع الثاني للدول العربية بشأن العلامات التجارية لسنة1975.
العلامات الواجبة التسجيل:
لقد تعرض بعض القوانين إلى العلامات التي يجب على أصحابها القيام بتسجيلها، فخصت ذلك بفئات معينة من المنتجات، أوردتها في النص القانوني، أو في قرار وزيري ملحق به، مثل ما في المشروع الثاني للدول العربية في شأن العلامة التجارية الذي لم يعدد تلك الفئات مكتفيا في الفصل 10 منه بذكر انه لا تسجل العلامة إلا عن فئة واحدة أو أكثر من فئات المنتجات التي تحددها اللائحة التنفيذية.
وانطلاقا من المبدأ المقترح تعميمه الخاص بإلزامية تسجيل كل العلامات يتعين عدم التعرض إلى الفئات التي تسجل عنها العلامة، بل يجب استبدال ذلك بفصل خاص بالفئات الواجب تخصيص علامة لها وجردها.
حقوق وواجبات صاحب التسجيل:
إن المسجل للعلامة التجارية هو المالك الوحيد لها ويمكنه استعمالها على إنتاجه وبضائعه، ولا يجوز لغيره استعمالها.
وقد نص المشرع المغربي في الفصل 82 من ظهير 23 يونيه1916 على انه " إذا وقع إيداع علامة مميزة بكيفية قانونية، واستعملت علنيا بصفة مستمرة في المغرب أو في الخارج لمدة خمس سنوات على الأقل دون أن يقع نزاع أساسي وشرعي حولها، فان الملكية المطلقة لهذه العلامة تصبح ثابتة بالنسبة للمودع الأول فيما يتعلق بأحقية الاستعمال".
و بمفهوم المخالفة لذلك فانه إذا لم يثبت استعمال العلامة للمدة المذكورة وقام نزاع في شأنها، فان التسجيل لا يعتبر إلا قرينة بسيطة قابلة لإثبات العكس.
وهذا ما أخذ به المشرع المصري في الفصل الثالث من قانون العلامات والبيانات التجارية.
كما اخذ به المشروع الثاني للدول العربية في الفصل السادس.
وإذا لم تستعمل العلامة بصفة فعلية فانه حسب الفصل 84 من نفس الظهير يمكن للنيابة العامة إن تطلب التشطيب على التسجيل ما لم يثبت المعني بالأمر مبررات لذلك.
والقانون المصري يتضمن نفس حكم الفصل المذكور لكنه يبيح التقدم بطلب التشطيب إلى المحكمة لكل ذي شأن، ويحدد مدة عدم الاستعمال في خمس سنوات متتالية.
كما أن المشروع الثاني للدول العربية في الفصل 24 قد اخذ بما اخذ به القانون المصري.
لكن، يظهر انه، استنادا إلى الفكرة المقترحة في شأن إلزامية التسجيل وتوابعها، من الأنسب أن يعتبر التسجيل قرينة قاطعة على ملكية صاحب التسجيل للعلامة لا تقبل إثبات العكس دون تحديد مدة زمنية للاستعمال الهادئ ما لم يكن هناك تدليس من طرف صاحب التسجيل – لأنه لا يمكن التوصل إلى التسجيل إلا بعد المراقبة من طرف الموظف المؤهل لذلك، وبعد الإشهار من طرف المعنيين بالأمر، الذي يجعل التسجيل في نأى من كل تلاعب.
مدة الحماية:
إن القانون المغربي في الفصل 83 من ظهير 23 يونيه1916 يقضي بان العلامة المسجلة حماية لمدة عشرين سنة قابلة للتجديد.
أما القانون المصري فجعل مدة الحماية عشر سنوات قابلة للتجديد.
وقد اخذ المشروع الثاني للدول العربية في الفصل 23 بما اخذ به القانون المصري من حيث جعل مدة الحماية المحددة في عشر سنوات من تاريخ الإيداع قابلة للتجديد.
لكنه اختلف عنه من حيث المدة التي يتم فيها إخطار صاحب العلامة المسجلة من طرف المكتب عند انتهاء مدة الحماية، إذ بينما حددها القانون في خلال الشهر التالي لانتهاء عشر سنوات المخصصة للحماية، فان المشروع الثاني للدول العربية حددها في خلال الستة شهور الأخيرة.
وأظن إن المدة التي اعتمدها القانون المغربي للحماية هي اقرب مصلحة لها حسب العلامة، واخف عبئا على موظفي المكتب، وان كانت تضيع على الخزينة العامة المبالغ المالية المتمثلة في الرسوم المقررة للتجديد.
ولذلك، فمن الأنسب اعتماد مدة عشرين سنة للحماية بدلا من عشر سنوات، على أن تتبع في ذلك بقية أحكام الفصل 23 من المشروع الثاني.
التصرف في العلامة:
يبيح القانون المغربي في الفصل 83 من الظهير المتعلق بالملكية الصناعية التنازل عن العلامة وفق شكليات محددة في قرار تنظيمي، بينما القانون المصري لا يبيح نقل ملكية العلامة إلا مع الأصل التجاري أو مشروع الاستغلال الذي تستخدم العلامة في تمييز منتجاته عن غيرها، إلا انه يمكن نقل ملكية الأصل التجاري أو المشروع دون العلامة التجارية إذ اتفق المتعاقدان على ذلك.
أما المشروع الثاني للدول العربية فقد تعرض إلى ذلك في الفصل 22 منه وأورد في شأنه حكمين اختياريين، الأول بعدم جواز التنازل أو نقل الملكية إلا مع مشروع الاستغلال أو جزء منه، والثاني بجواز التنازل أو نقل ملكية العلامة منفصلة عن كل أو بعض مشروع الاستغلال الذي يستعمل العلامة.
وكان من الأفضل رغبة في توحيد القواعد المتعلقة بالعلامة التجارية، وبصفة مطلقة، إلا يعطي الاختياران المذكوران، بل أن يقتصر على حكم واحد، واستصوب أن يتقيد بالاختيار الثاني القاضي بجواز التنازل ونقل ملكية العلامة مستقلة عن الأصل التجاري أو مشروع الاستغلال وفق القيود الواردة فيه.
وإذا كانت الرغبة هي جواز التنازل عن العلامة، ونقل ملكيتها منفصلة عن الأصل التجاري أو المشروع المستغل، فانه من باب الأولى والأحرى يجوز إبرام عقد ترخيص باستعمالها من طرف الغير عن كل أو بعض المنتجات المسجلة عنها العلامة وفق المقتضيات المنصوص عليها في الفصلين 25 و26 من المشروع الثاني للدول العربية.
وسائل حماية العلامة:
لقد تعرضت التشريعات إلى الجزاءات القانونية لكل مخالفة تتعلق بالعلامة التجارية، وحددت وسائل حمايتها، ويمكن حصر هذه الوسائل في ثلاثة:
أولا – الإجراءات التحفظية:
لكل مالك علامة تجارية لحقه ضرر من جراء تزوير أو تقليد علامته التجارية أو غير ذلك أن يتقدم بطلب إجراء معاينة وان اقتضى الحال حجز الأشياء والمنتوجات والأدوات والمطبوعات المشبوهة إلى رئيس المحكمة الابتدائية المرتكب داخل نطاق اختصاصها الترابي الفعل المكون للمخالفة، ويصدر الرئيس أمرا على طلب مدعم بالسند، ويعين في الأمر كاتبا من المحكمة، وعند الاقتضاء خبيرا لمساعدة الكاتب،
وإذا تعلق الأمر بحجز فان على الطالب إيداع ضمانة قبل أي إجراء، أن قضى بذلك الأمر القضائي، ما لم يكن الطلب مقدما من أجنبي وإلا فيتعين إيداع الضمانة.
ويقع الحجز والمعاينة وفق أحكام الفصل 148 و452 وما يليه من ق م م.
وفي حالة عدم الالتجاء الطالب إلى الطريق المدني أو الجنحي خلال 15 يوما، يزاد عليها يوم واحد عن كل خمسة كيلومترات بين المكان الذي توجد فيه الأشياء المحجوزة أو الموصوفة أو موطن المتابع أو نائبه الخاص وبين المحكمة المختصة، فان الوصف أو الحجز يصبح باطلا بقوة القانون ( الفصل 138 من الظهير).
والقانون المصري يتضمن نفس الأحكام باستثناء ما تعلق منها بالأجل الذي يجب أن ترفع فيه الدعوى المدنية أو الجنائية فقد جعله عشرة أيام بدلا من 15 يوما المشار إليها في القانون المغربي، كما أن المشروع الثاني للدول العربية في الفقرة الرابعة من الفصل 34 قد ساير القانون المصري.
ثانيا – الجزاء المدني:
يحق لمالك العلامة التجارية رفع دعوى مدنية ضد مزور أو مقلد علامته للمطالبة بتعويضات عن اللاحقة به من جراء ذلك.
وترفع الدعوى أمام المحكمة الابتدائية لموطن المدعى عليه، فان لم يكن له موطن فأمام المحكمة الابتدائية للمكان الذي وجدت فيه الأشياء أو المنتوجات ( الفصل 140 من الظهير).
وتحكم المحكمة بالتعويضات التي تراها مناسبة لترميم الضرر.
وقد تعرض المشروع الثاني للدول العربية إلى الجزاء المدني في الفصل 35 الموافق للقانون المصري.
ثالثا – الجزاء الجنائي:
إلى جانب الضمانات التي أعطاها المشرع لمالك العلامة التجارية سواء منها الإجراءات التحفيظية أو المدنية أعطى ضمانا اشد وطأة على مرتكبي المخالفات إلا وهو الجزاء الجنائي.
ذلك أن الفصل 120 من ظهير 23/6/1916 ينص على انه " يعاقب بغرامة من 50 فرنكا إلى 3000 فرنك، وبالسجن من ثلاثة أشهر إلى ثلاثة سنوات، أو بإحدى العقوبتين فقط:
1- كل من زور عن وعي علامة أو استعملها بدون إذن صاحبها ولو في حالة إضافة الكلمات: تقليد – تقليد نوعي …. الخ، أو بإضافة أية إشارة خاصة توقع المشتري في غلط.
2- كل من يضع، عن طريق التدليس، على منتوجاته أو بضائعه علامة تعود للغير،
3- كل من يبيع عن وعي أو يعرض للبيع إنتاجا أو أكثر توجد عليه علامة مزورة أو موضوعة تدليسيا.
4- كل من يسلم إنتاجا آخر غير المطلوب منه تحت علامة مسجلة.
كما أن الفصل 121 من نفس الظهير يحدد العقوبة في غرامة من 50 فرنكا إلى 2000 فرنك، وبالحبس من شهر إلى سنة واحدة أو في إحدى هاتين العقوبتين بالنسبة لـ :
1- كل من قلد بواسطة التدليس طبيعة علامة دون أن يزورها بغاية إيقاع المشتري في غلط، أو استعمل علامة مقلدة تدليسيا.
2- كل من استعمل علامة تحمل إشارات خاصة توقع المشتري في غلط في طبيعة الإنتاج.
3- كل من يبيع أو يعرض للبيع عن وعي إنتاجا أو أكثر يحمل علامة مقلدة تدليسيا أو تحمل إشارات خاصة لتوقع المشتري في غلط في طبيعة الإنتاج.
وقد حدد الفصل 122 العقوبة في 50 فرنكا إلى 1000 فرنك، وبالسجن من 15 إلى 6 أشهر، بإحدى هاتين العقوبتين بالنسبة لـ :
1- كل من لا يضع على منتوجاته علامة مصرح بها بصفة إجبارية.
2- كل من يبيع أو يعرض للبيع إنتاجا أو أكثر لا يحمل العلامة المصرح بها إجباريا لهذا النوع من الانتاح.
3- كل من خالف مقتضيات الإجراءات المنصوص عليها في القسم الأول من الظهير الداخلة في حيز التطبيق.
4- كل من يبين في علامته المسجلة أو غير المسجلة الإشارات الممنوعة بمقتضى الفصل 75 من الظهير.
5- كل من حاز لغاية تجارية أو صناعية أو وضع للبيع أو باع منتوجات تحمل علامة ممنوعة.
والملاحظ أن قدر الغرامات الواردة في الفصول السابقة أصبح زهيدا، ولذلك صدر ظهير 20 يونيه1953 المتعلق بإدخال زيادة على قدر بعض الغرامات، فأوضح بان مبالغ الغرامات المذكورة أعلاه تضاعف 120 مرة لاستخراج الحد الأدنى والأقصى للغرامات.
وبالإضافة إلى ذلك فان هناك عقوبات إضافية ومشتركة نصت عليها الفصول 128 و129 و130 من نفس الظهير، إذ انه يمكن الحكم بمصادرة الأشياء والمنتجات التي تمس الحقوق المضمونة بالظهير، وكذلك الأدوات أو المطبوعات المستعملة لإنتاجها ولو في حالة الحكم بالبراءة، وبإتلاف العلامات أو الإشارات التي تكون مخالفة لمقتضيات الظهير.
وفيما يخص العلامات الإجبارية فان المحكمة تأمر بوضعها على المنتجات التي تعود إليها، ويمكن لها أن تحكم بمصادرتها إن ارتكب المعني بالأمر تزويرا لعلامة، أو وضع علامة مملوكة للغير على منتوجاته أو بضائعه داخل الخمس سنوات اللاحقة.
كما يمكن أن يحكم بحرمانه من حق الترشيح للغرف التجارية أو اللجن المحلية أو المركزية للدراسات الاقتصادية، أو أية غرفة استشارية، أو أي تجمع انتخابي، لمدة لا تتجاوز 10 سنوات، وللمحكمة أن تأمر بنشر الحكم في الجرائد التي تعينها على نفقة المحكوم عليه.
أما في مصر، فان الجزاء الجنائي تعرض إليه الفصل 33 والفقرة الثانية من الفصل 34 من قانون العلامات والبيانات التجارية.
أما المشروع الثاني للدول العربية فقد تعرض لجرائم تقليد العلامات وتزويرها في الفصلين 32 و33.
والملاحظ أن كلا من التشريع المصري والمشروع الثاني للدول العربية لم يتعرض إلى الحد الأدنى للعقوبة عكس ما ذهب إليه التشريع المغربي الذي تعرض إلى تحديد العقوبة الحبسية من ناحية حدها الأدنى والأقصى، وهو عمل مستحسن.
كما يلاحظ أن هناك تفاوتا في مقدار العقوبة بين التشريع المغربي وبين التشريع المصري، والمشروع الثاني للدول العربية المطابق للتشريع المصري.
هذا وان المشروع الثاني تعرض في الفصل 35 منه إلى العقوبات الإضافية فنص بوضوح محمود على انه "يجوز لمحكمة من أية دعوى مدنية أو جنائية أو تحكم بمصادرة الأشياء المحجوزة أو بحجز ومصادرة الأشياء، واستنزال ثمنها من التعويضات أو الغرامات، أو للتصرف فيها بأية طريقة أخرى تراها المحكمة مناسبة.
ويجوز للمحكمة أيضا أن تأمر بنشر الحكم في جريدة واحدة أو أكثر على نفقة المحكوم عليه.
ويجوز لها كذلك أن تأمر بإتلاف العلامات غير القانونية والبيانات غير الصحيحة أو المخالفة للقانون، وان تأمر عند الاقتضاء، بإتلاف الأشياء التي تحمل مثل هذه العلامات أو البيانات وذلك حتى في حالة الحكم بالبراءة.
وقد تعرض القانون المغربي في حالة العود في الفصل 123 من الظهير، أما المشروع الثاني للدول العربية فقد تعرض إليها في الفصل 36 منه.
والفرق بين النصين يتعلق بالعقوبة، فبينما القانون المغربي يجعلها مضاعفة، ويعتبر حالة العود: ارتكاب المخالفة خلال الخمس سنوات اللاحقة لارتكابها في أول مرة، نجد المشروع الثاني يجعل العقوبة الحبسية واجبة التطبيق في حالة العود مع نشر الحكم ولصقه وإغلاق المصنع أو الأصل التجاري لمدة لا تقل عن خمسة عشر يوما ولا تزيد على ستة أشهر.
و هده بعض الأحكام المتعلقة بالعلامة التجارية المقترحة في الختام حسبما يلي :
1- جعل اتخاذ علامة تجارية أو صناعية أمرا اختياريا، إلا في حالات خاصة متعلقة بمواد لها صبغة معينة.
2- جعل تسجيل العلامة أمرا إلزاميا مع تعيين جزاء للمخالف بفرض ذعيرة عليه، وإلزامه بالتسجيل حالا، وإلا فلا يتمتع بأية حماية، وتصبح العلامة ملكا مطلقا لأول من قام بتسجيلها.
3- عدم التعرض في التشريعات إلى الفئات التي تسجل عنها العلامة وجوبا وتعويض ذلك بفصل خاص بالفئات الواجب تخصيص علامة لها وجردها فيه، وذلك تمشيا مع المبدأ المقترح تعميمه الخاص بإلزامية تسجيل كل العلامات.
4- اعتبار التسجيل منشئا لحق الملكية لا مقر له أي اعتباره قرينة قاطعة على ملكية صاحب التسجيل للعلامة، لا تقبل إثبات العكس، دون تحديد مدة زمنية للاستعمال الهادئ، وبهذا يقع تفادي كثير من المشاكل والنزاعات التي قد تأخذ الشيء الكثير من وقت المحاكم والأشخاص.
5- جعل مدة الحماية عشرين سنة، لما في ذلك من مصلحة لصاحب العلامة ولموظفي المكتب، وان كان فيه تفويت مبالغ مالية على الخزينة العامة.
المصدر: منتديات ملاك روحي - من قسم: العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية