حاورته د. ليلى بيومي
- حرب 56 دفعتني للعمل العام، وهزيمة 67 أعادتني لهويتي.
- المال والمنصب والشهرة مغريات قاومتها في حياتي.
- كانت نشأتي بين العمامة والطربوش، وبين المدينة والقرية.
- شيخ الأزهر سليم البشري رباني رغم أني لم أره.
المستشار طارق البشري مؤرخ ومفكر فذ، له العديد من الكتب التي تعد بمثابة المراجع التي أرخت للحركة الوطنية في مصر قبل ثورة يوليو وبعدها، وكتاباته الفكرية والسياسية أثرت المكتبة العربية والإسلامية لقيمتها الفنية العالية.
وقد بنى طارق البشرى عالمه الخاص عبر التزامه الأخلاقي، وتفانيه في عمله، وتميزه في إبداعاته الفكرية، وقضى طارق البشري حياته المهنية قاضياً، وأنهاها وهو نائب رئيس مجلس الدولة، ورئيس الجمعية العمومية للفتوى والتشريع.
وكانت العلامة الفارقة في حياة طارق البشري يوم تحول من العلمانية إلى الإسلام، ويوم أن أصبح قيمة مضافة للفكر الإسلامي.
ونحن نتحدث معه اليوم عن حياته ونشأته والعوامل التي أثرت في شخصيته؛ آملين أن تقتدي أجيالنا الناشئة بهذه الشخصية أخلاقياً وثقافياً، خاصة وأنه حفيد شيخ الأزهر سليم البشري.
* أين كانت النشأة الأولى والمولد؟
** ولدت في منطقة حلمية الزيتون في أول فبراير 1933ن في بيت الشيخ سليم البشري "جدي" الذي كان قد توفى منذ 16عاماً أي في عام 1917م، والشيخ سليم البشري مات ولم يترك سوى منزلين منزله القديم في البغالة في السيدة زينب، وكان فيه بعض أولاده، ومنزله الجديد في حلمية الزيتون وهو الذي عاش فيه الفترة الأخيرة من عمره، وكان المنزل مكوناً من ثلاثة طوابق، وبه ست شقق، وكان كل من الأعمام والعمات له شقة.
وأولاد شيخ الأزهر الشيخ سليم البشري أحد عشر ولداً وبنتاً، وبالتحديد بنتان وتسعة أولاد منهم ولد توفي في حياة الشيخ وهو في عمر الشباب، وكان أكبر أبناء الشيخ سليم البشري الشيخ طه البشري، وكان أصغرهم أبي عبد الفتاح البشري، وكان أبي يعمل في القضاء المصري عام 1951م، وهو رئيس لمحكمة الاستئناف، ومات وهو في الثانية والخمسين من عمره، وأنا أصغر أولاد أبي، وأنا رابع أربعة؛ فلي أخت وثلاثة أخوة، وكان أغلب أعمامي مطربشين (أي يرتدون الطربوش) إلا أبي وعمي عبد الله الذي كان يعمل في الجيش ثم في ديوان الخديوي، وكان أبي قد تخرج في سنة وفاة أبيه عام 1917، وكان يحب أن يعمل بالمحاماة لكن أباه لم يترك مالاً يورث، ولم يتمكن من الحياة بغير راتب، فعمل في النيابة العامة والقضاء.
* في الطفولة المبكرة هل كان يحكي لك عن جدك سليم البشري شيخ الأزهر؟
** لقد نشأت في بيته، وكانت عماتي يكثرن من الكلام عنه، وعن حياته، وعن أفعاله، وتأثرت بهذا جداً حتى بدا لي في لحظة من اللحظات عندما كبرت أن الشيخ سليم البشري كان صاحب السهم الأكبر في تربيتي، فكنت ألبس عباءته وأنا صغير، وأتدفأ بها، وكان ما يزال في البيت بعض الأشياء عن سليم البشري.
وأهم شيء عرفته في حياتي نقلاً عنه أن قيمة الإنسان ليست في المال وليست في منصب، وهو لم يترك مالاً وعزف عن المناصب طوال عمره، وأُقصي عن الأزهر لأنه أصر على الدفاع عنه في مواجهة الخديوي، فأقصي عنة 5 سنوات ثم أعادوه من جديد بشروطه هو، وكان عازفاً عن الشهرة والتصوير لدرجة أنه له صورة أو صورتان فقط، ولكنه كان يعتبر العلم القيمة الأساسية، أما إنتاجه العلمي فله بعض الكتب، وكان يدّرس في الأزهر حتى وفاته، وقد جاوز الثمانين، وكان تخصصه في علم الحديث على المذهب المالكي.
* ما هي المدارس التي تعلمت فيها؟ وهل التحقت بإحدى المدارس الأجنبية؟
** تعلمت في المدرسة المصرية، وإن كنت أتذكر أنني التحقت لمدة شهرين أو ثلاثة بمدرسة أجنبية قبل الالتحاق بالمدارس المصرية، وكانت مدرستي الابتدائية هي مدرسة الزيتون الابتدائية بحلمية الزيتون، أما المدرسة الثانوية فكانت في مصر الجديدة قريبة منا، والكلية كانت كلية الحقوق جامعة القاهرة، وتعلمت التعليم الرسمي العادي، وكانت العمائم تحيط بي من كل جانب.
* ماذا عن الأم في حياة طارق البشري؟
** كان والد أمي معمماً أيضاً، وكان من خريجي الأزهر، وقد عمل سنين قليلة بعد تخرجه وحصوله على العالمية، ثم مكث في قريته القريبة من القاهرة قرية الدير مركز طوخ قليوبية، وهي أقرب للقناطر منها لطوخ، وكان بيننا وبينها خط السكة الحديد شبين القناطر، وظل في قريته حتى توفي عام 1945م يزرع بعض الأراضي التي كان يملكها، وكانت لديه مكتبة أزهرية فيها عدد لا بأس به من كتب الأدب والشعر القديم، وكنا نذهب ونقيم في بيت القرية كل أجازة صيف مع كل ما تيسر من الأجازات الأخرى، ورغم أنني من أبناء المدينة إلا أن اتصالي بالقرية كان قوياً في العشرين سنة الأولى من عمري، لذلك أتصور إنني نشأت في فترة تكويني الأساسية بين العمامة والطربوش وبين المدينة والقرية، أما الذي حاولت الأم أن تغرسه فيّ فهو كثير خاصة أن الطفل يتأثر بالقدوة أكثر مما يتأثر بالكلام الصريح، وأمي كانت هادئة الطبع، وكانت لا تحمل بغضاً أو غضباً لأحد، وكنت أشعر أحياناً حينما يستفزها أحد أنها في غاية الغضب، ولكن عندما ترى من استفزها يزول كل ما في نفسها من غضب، وكانت قدرتها على الصفح شديدة جداً، وكانت بسيطة وأولادها أهم شيء في حياتها، وكانت واهبة ومانحة.
* ما هي درجة قرابتك للأديب الكبير محمد فريد أبو حديد؟
** كان محمد فريد أبو حديد ابن عمتي، وهو وأبي ولدا في عام واحد، وهما أخوة في الرضاع، وكانا صديقين، وكنت اسميه عمي.
*هل تزوج الشيخ سليم البشري بأكثر من واحدة؟
** تزوج الشيخ سليم زوجته الأولى ولم ينجب منها، ثم تزوج جدتي وأنجب منها أكبر أولاده، ثم أنجبت له زوجته القديمة أولاده الشيخ عبد العزيز البشري، والشيخ أحمد البشري، وعبد الله بك البشري، وتوفيت زوجته القديمة قبل زوجها، فضمت جدتي إليها أولاد رفيقتها أي أن أولاد الشيخ سليم البشري الأحد عشر كانوا من زوجتين.
* كيف تقارن بين دور المرأة في هذه الأيام ودور المرأة أيام جدتك؟
** أعباء الحياة علي المرأة في الماضي كانت كثيرة في رعاية الزوج والأبناء، وإعداد البيت وأشياء كثيرة من التي نتلقاها من السوق الآن مباشرة، كانت تصنع في المنازل، لذلك كانت الأعباء كثيرة، وكان البيت مؤسسة، وكانت العلاقات الأسرية الممتدة كثيرة، وكانت عماتي تقمن بالعمل في البيت الكبير، ولكل منهن سكن مستقل، وكانت رعاية الرجل لأخواته البنات أمر مفروغ منه.
* لكن ماذا عن مرحلة الصبا وأهم العوامل التي ساهمت في صياغتها؟
** كانت لدينا الأعداد القديمة، والمجلدات الخاصة بمجلة الرسالة والهلال، وكنت أتصفحها وأقرؤها، وكنت أحب الشعر والأدب، وقرأت الكثير لجيل الأدباء والآباء بالنسبة لنا أمثال العقاد وطه حسين، ومصطفى صادق الرافعي، ومحمد فريد أبو حديد، وعبد العزيز البشري، وكنت أتابع بقدر الإمكان الكثير مما يكتبون سواء كانت كتباً أو مقالات في الصحف، وكنت أقرأ أيضاً في أمور أخرى، وأحببت كتاب المنتخب في الأدب العربي وكان يوزع علينا في المدارس، وكان كتاباً جيداً فيه منتخبات من أشعار العصر الجاهلي، وعصر صدر الإسلام، والعصر الأموي، والعصر العباسي الأول، والثاني، والعصر المملوكي، ثم العصر الحديث.
وكان الذي يجمع المنتخبات هو طه حسين، وأحمد أمين، والشيخ السكندري، والشيخ عبد العزيز البشري، وعلي الجارم، وكان هذا الكتاب هو المقدمة التي بدأت أتعرف منها على شعر السابقين وأدبهم، وخرجت منه إلى قراءة دواوين الشعر القديمة للمتنبي والمعري، والبحتري وحسان بن ثابت، والمعلقات العشر.. الخ، وكانت قراءاتي منذ الثانية عشر إلى الخامسة عشر من هذا النوع تقريباً، وكان أشقائي يشاركوني نفس الاهتمامات أخي ظافر البشري وزير التخطيط الأسبق، وأخي يحيي البشري - رحمه الله - وأختي.
- حرب 56 دفعتني للعمل العام، وهزيمة 67 أعادتني لهويتي.
- المال والمنصب والشهرة مغريات قاومتها في حياتي.
- كانت نشأتي بين العمامة والطربوش، وبين المدينة والقرية.
- شيخ الأزهر سليم البشري رباني رغم أني لم أره.
المستشار طارق البشري مؤرخ ومفكر فذ، له العديد من الكتب التي تعد بمثابة المراجع التي أرخت للحركة الوطنية في مصر قبل ثورة يوليو وبعدها، وكتاباته الفكرية والسياسية أثرت المكتبة العربية والإسلامية لقيمتها الفنية العالية.
وقد بنى طارق البشرى عالمه الخاص عبر التزامه الأخلاقي، وتفانيه في عمله، وتميزه في إبداعاته الفكرية، وقضى طارق البشري حياته المهنية قاضياً، وأنهاها وهو نائب رئيس مجلس الدولة، ورئيس الجمعية العمومية للفتوى والتشريع.
وكانت العلامة الفارقة في حياة طارق البشري يوم تحول من العلمانية إلى الإسلام، ويوم أن أصبح قيمة مضافة للفكر الإسلامي.
ونحن نتحدث معه اليوم عن حياته ونشأته والعوامل التي أثرت في شخصيته؛ آملين أن تقتدي أجيالنا الناشئة بهذه الشخصية أخلاقياً وثقافياً، خاصة وأنه حفيد شيخ الأزهر سليم البشري.
* أين كانت النشأة الأولى والمولد؟
** ولدت في منطقة حلمية الزيتون في أول فبراير 1933ن في بيت الشيخ سليم البشري "جدي" الذي كان قد توفى منذ 16عاماً أي في عام 1917م، والشيخ سليم البشري مات ولم يترك سوى منزلين منزله القديم في البغالة في السيدة زينب، وكان فيه بعض أولاده، ومنزله الجديد في حلمية الزيتون وهو الذي عاش فيه الفترة الأخيرة من عمره، وكان المنزل مكوناً من ثلاثة طوابق، وبه ست شقق، وكان كل من الأعمام والعمات له شقة.
وأولاد شيخ الأزهر الشيخ سليم البشري أحد عشر ولداً وبنتاً، وبالتحديد بنتان وتسعة أولاد منهم ولد توفي في حياة الشيخ وهو في عمر الشباب، وكان أكبر أبناء الشيخ سليم البشري الشيخ طه البشري، وكان أصغرهم أبي عبد الفتاح البشري، وكان أبي يعمل في القضاء المصري عام 1951م، وهو رئيس لمحكمة الاستئناف، ومات وهو في الثانية والخمسين من عمره، وأنا أصغر أولاد أبي، وأنا رابع أربعة؛ فلي أخت وثلاثة أخوة، وكان أغلب أعمامي مطربشين (أي يرتدون الطربوش) إلا أبي وعمي عبد الله الذي كان يعمل في الجيش ثم في ديوان الخديوي، وكان أبي قد تخرج في سنة وفاة أبيه عام 1917، وكان يحب أن يعمل بالمحاماة لكن أباه لم يترك مالاً يورث، ولم يتمكن من الحياة بغير راتب، فعمل في النيابة العامة والقضاء.
* في الطفولة المبكرة هل كان يحكي لك عن جدك سليم البشري شيخ الأزهر؟
** لقد نشأت في بيته، وكانت عماتي يكثرن من الكلام عنه، وعن حياته، وعن أفعاله، وتأثرت بهذا جداً حتى بدا لي في لحظة من اللحظات عندما كبرت أن الشيخ سليم البشري كان صاحب السهم الأكبر في تربيتي، فكنت ألبس عباءته وأنا صغير، وأتدفأ بها، وكان ما يزال في البيت بعض الأشياء عن سليم البشري.
وأهم شيء عرفته في حياتي نقلاً عنه أن قيمة الإنسان ليست في المال وليست في منصب، وهو لم يترك مالاً وعزف عن المناصب طوال عمره، وأُقصي عن الأزهر لأنه أصر على الدفاع عنه في مواجهة الخديوي، فأقصي عنة 5 سنوات ثم أعادوه من جديد بشروطه هو، وكان عازفاً عن الشهرة والتصوير لدرجة أنه له صورة أو صورتان فقط، ولكنه كان يعتبر العلم القيمة الأساسية، أما إنتاجه العلمي فله بعض الكتب، وكان يدّرس في الأزهر حتى وفاته، وقد جاوز الثمانين، وكان تخصصه في علم الحديث على المذهب المالكي.
* ما هي المدارس التي تعلمت فيها؟ وهل التحقت بإحدى المدارس الأجنبية؟
** تعلمت في المدرسة المصرية، وإن كنت أتذكر أنني التحقت لمدة شهرين أو ثلاثة بمدرسة أجنبية قبل الالتحاق بالمدارس المصرية، وكانت مدرستي الابتدائية هي مدرسة الزيتون الابتدائية بحلمية الزيتون، أما المدرسة الثانوية فكانت في مصر الجديدة قريبة منا، والكلية كانت كلية الحقوق جامعة القاهرة، وتعلمت التعليم الرسمي العادي، وكانت العمائم تحيط بي من كل جانب.
* ماذا عن الأم في حياة طارق البشري؟
** كان والد أمي معمماً أيضاً، وكان من خريجي الأزهر، وقد عمل سنين قليلة بعد تخرجه وحصوله على العالمية، ثم مكث في قريته القريبة من القاهرة قرية الدير مركز طوخ قليوبية، وهي أقرب للقناطر منها لطوخ، وكان بيننا وبينها خط السكة الحديد شبين القناطر، وظل في قريته حتى توفي عام 1945م يزرع بعض الأراضي التي كان يملكها، وكانت لديه مكتبة أزهرية فيها عدد لا بأس به من كتب الأدب والشعر القديم، وكنا نذهب ونقيم في بيت القرية كل أجازة صيف مع كل ما تيسر من الأجازات الأخرى، ورغم أنني من أبناء المدينة إلا أن اتصالي بالقرية كان قوياً في العشرين سنة الأولى من عمري، لذلك أتصور إنني نشأت في فترة تكويني الأساسية بين العمامة والطربوش وبين المدينة والقرية، أما الذي حاولت الأم أن تغرسه فيّ فهو كثير خاصة أن الطفل يتأثر بالقدوة أكثر مما يتأثر بالكلام الصريح، وأمي كانت هادئة الطبع، وكانت لا تحمل بغضاً أو غضباً لأحد، وكنت أشعر أحياناً حينما يستفزها أحد أنها في غاية الغضب، ولكن عندما ترى من استفزها يزول كل ما في نفسها من غضب، وكانت قدرتها على الصفح شديدة جداً، وكانت بسيطة وأولادها أهم شيء في حياتها، وكانت واهبة ومانحة.
* ما هي درجة قرابتك للأديب الكبير محمد فريد أبو حديد؟
** كان محمد فريد أبو حديد ابن عمتي، وهو وأبي ولدا في عام واحد، وهما أخوة في الرضاع، وكانا صديقين، وكنت اسميه عمي.
*هل تزوج الشيخ سليم البشري بأكثر من واحدة؟
** تزوج الشيخ سليم زوجته الأولى ولم ينجب منها، ثم تزوج جدتي وأنجب منها أكبر أولاده، ثم أنجبت له زوجته القديمة أولاده الشيخ عبد العزيز البشري، والشيخ أحمد البشري، وعبد الله بك البشري، وتوفيت زوجته القديمة قبل زوجها، فضمت جدتي إليها أولاد رفيقتها أي أن أولاد الشيخ سليم البشري الأحد عشر كانوا من زوجتين.
* كيف تقارن بين دور المرأة في هذه الأيام ودور المرأة أيام جدتك؟
** أعباء الحياة علي المرأة في الماضي كانت كثيرة في رعاية الزوج والأبناء، وإعداد البيت وأشياء كثيرة من التي نتلقاها من السوق الآن مباشرة، كانت تصنع في المنازل، لذلك كانت الأعباء كثيرة، وكان البيت مؤسسة، وكانت العلاقات الأسرية الممتدة كثيرة، وكانت عماتي تقمن بالعمل في البيت الكبير، ولكل منهن سكن مستقل، وكانت رعاية الرجل لأخواته البنات أمر مفروغ منه.
* لكن ماذا عن مرحلة الصبا وأهم العوامل التي ساهمت في صياغتها؟
** كانت لدينا الأعداد القديمة، والمجلدات الخاصة بمجلة الرسالة والهلال، وكنت أتصفحها وأقرؤها، وكنت أحب الشعر والأدب، وقرأت الكثير لجيل الأدباء والآباء بالنسبة لنا أمثال العقاد وطه حسين، ومصطفى صادق الرافعي، ومحمد فريد أبو حديد، وعبد العزيز البشري، وكنت أتابع بقدر الإمكان الكثير مما يكتبون سواء كانت كتباً أو مقالات في الصحف، وكنت أقرأ أيضاً في أمور أخرى، وأحببت كتاب المنتخب في الأدب العربي وكان يوزع علينا في المدارس، وكان كتاباً جيداً فيه منتخبات من أشعار العصر الجاهلي، وعصر صدر الإسلام، والعصر الأموي، والعصر العباسي الأول، والثاني، والعصر المملوكي، ثم العصر الحديث.
وكان الذي يجمع المنتخبات هو طه حسين، وأحمد أمين، والشيخ السكندري، والشيخ عبد العزيز البشري، وعلي الجارم، وكان هذا الكتاب هو المقدمة التي بدأت أتعرف منها على شعر السابقين وأدبهم، وخرجت منه إلى قراءة دواوين الشعر القديمة للمتنبي والمعري، والبحتري وحسان بن ثابت، والمعلقات العشر.. الخ، وكانت قراءاتي منذ الثانية عشر إلى الخامسة عشر من هذا النوع تقريباً، وكان أشقائي يشاركوني نفس الاهتمامات أخي ظافر البشري وزير التخطيط الأسبق، وأخي يحيي البشري - رحمه الله - وأختي.