جلسة 2 من مايو سنة 1979
برئاسة السيد المستشار مصطفى كمال سليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: سليم عبد الله سليم، محمد عبد العزيز الجندي، أمين طه أبو العلا وسامي الكومي.
الطعن رقم 1125 لسنة 48 القضائية
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 9 سنة 1974 مدني بنها على الطاعن الأول والمطعون ضدهما الثاني والرابع بطلب الحكم بقبول التنصل مما قرره ابنها المطعون ضده الثاني وإلغاء حوالة عقد الإيجار المؤرخ 7/ 1/ 1967 إلى الطاعن الأول تأسيساً على إنها كانت قد وكلت ابنها المذكور في إدارة أطيانها الزراعية فجاوز حدود الوكالة بأن قام في 11/ 2/ 1970 بحوالة عقد الإيجار المشار إليه والمتضمن تأجيرها للمطعون ضده الرابع مساحة 12 قيراط و8 أسهم وقرر على غير الحقيقة بأن المحال إليه اشترى العين المؤجرة، تدخل الطاعنان الثاني والثالث في الدعوى طالبين رفضها بمقولة إن الطاعن الثاني هو المشتري المحال إليه وأن الطاعنة الثالثة اشترت من المطعون ضدهما الأولى والثاني وأخوته مساحة 2 فدان و12 قيراط يدخل فيها 8 قيراط من الأطيان المؤجرة، ودفعا الدعوى بأن المطعون ضده الثاني لم يجاوز حدود وكالته وأنه يقيم مع والدته التي تعلم بكل تصرفاته وينوب عنها في تحصيل الأجرة فيتصرف إثر الحوالة إليها، كما تدخل المطعون ضده الثالث منضماً للمطعون ضدها الأولى في طلباتها استناداً إلى أنها باعته المساحة محل النزاع، دفع المطعون ضده الرابع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها، وبتاريخ 17/ 4/ 1974 قضت المحكمة برفض الدفعين وبقبول التدخل وفي موضوع الدعوى برفضها، استأنفت المطعون ضدها الأولى بالاستئناف 189 سنة 7 قضائية بنها، وبتاريخ 20/ 4/ 1978 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ببطلان حوالة عقد الإيجار إلى الطاعن الثاني، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، حاصل النعي - بالسبب الأول - الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب من وجهين (أولهما) أنه أثير أمام محكمة أول درجة دفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وأخر بعدم نظرها لسابقة الفصل فيها من لجنة الفصل في المنازعات الزراعية في القضية 252 سنة 1973 إصلاح زراعي بنها، وقضي برفض هذين الدفعين، وأنه لما كان الاستئناف يطرح النزاع على محكمة ثاني درجة بكل ما أثير فيه من دفوع لم يتنازل عنها مبديها، فإن محكمة الاستئناف إذ التفتت عن هذين الدفعين يكون حكمها معيباً بالقصور - (ثانيهما) إن الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى ببطلان الحوالة لصالح الموكل ذلك أنه بفرض تجاوز المطعون ضده الثاني حدود وكالته فإن والدته الموكلة هي المسئولة عن خطئه متى أهملت في رقابته وكانت مرتبطة به ارتباط التابع بالمتبوع - هذا إلى أن إبطال تصرف الوكيل الذي يجاوز حدود الوكالة مقرر لمصلحة الغير وليس لمصلحة الموكل.
وحيث إن النعي - في وجهه الأول - مردود بأن مسألة الاختصاص الولائي تعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائماً على المحكمة، وعليها إذا انتفت ولايتها أن تحكم من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها إعمالاً لنص المادة 109 من قانون المرافعات، ويعتبر حكمها الصادر في الموضوع منطوياً على قضاء ضمني بالاختصاص، وإذا فصل الحكم المطعون فيه في موضوع النزاع فإنه يكون قد قضى ضمناً برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي، هذا ولما كان من المقرر أن الحكم السابق لا يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة للدعوى اللاحقة إلا إذا اتحد الموضوع والسبب في كل من الدعويين فضلاً عن وحدة الخصوم، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن القضية السابق الفصل فيها من لجنة الفصل في المنازعات الزراعية تختلف في موضوعها وسببها عن موضوع وسبب الدعوى الحالية، فإن التمسك بحجية الحكم السابق يضحى بلا سند قانوني صحيح فلا يعد دفاعاً جوهرياً قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى طالما أنه ليست له هذه الحجية، لما كان ذلك، فإن إغفال الحكم المطعون فيه الرد على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها لا يعيبه بالقصور.
وحيث إن النعي - بالوجه الثاني - غير مقبول في شقه الأول، ذلك أنه يتضمن دفاعاً جديداً يخالطه واقع لم يثبت تمسك الطاعنين به أمام محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، والنعي في شقه الثاني مردود بأنه مع مراعاة الاستئناف الوارد في المادة 703/ 2 من القانون المدني ودون الإخلال بأحكام الوكالة الظاهرة، فإنه متى جاوز الوكيل حدود وكالته فلا ينصرف أثر تصرفه إلى الموكل الذي له الخيار بين إجازة هذا التصرف بقصد إضافة أثره إلى نفسه أو طلب إبطاله، وهذا الطلب ليس مقرر لمصلحة الغير الذي يتعامل مع الوكيل فحسب - كما يقول الطاعنون - بل هو مقرر أيضاً لمصلحة الموكل.
وحيث إن حاصل النعي - بالسبب الثاني - على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب إذ بني قضاءه بإلغاء الحكم الابتدائي على مجرد القول بأن المطعون ضده الثاني قد جاوز حدود الوكالة دون أن يعني بالرد على ما استخلصه الحكم الملغي من قيام الوكالة الظاهرة التي استند إليها في قضائه برفض الدعوى ودون أن يبحث حسن نية الوكيل أو سوء نيته وما إذا كان قد قصد بتجاوزه حدود الوكالة الإضرار بالطاعنين أم بموكلته فإن ثبت قصد الإضرار بهم انصرف أثر تصرفه إلى الموكلة.
وحيث إن هذا النعي - فضلاً عن أنه غير مقبول في شقه الأخير لأنه يتضمن دفاعاً جديداً يخالطه واقع لم يثبت التمسك به أمام محكمة الموضوع - فإنه نص غير منتج، ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يشترط لاعتبار الوكيل الظاهر نائباً عن الموكل قيام مظهر خارجي خاطئ منسوب للموكل من شأنه أن يخدع الغير الذي تعامل مع الوكيل الظاهر دون أن يرتكب هذا الغير خطأ أو تقصيراً في استطلاع الحقيقة، وإذ اعتد الحكم الابتدائي بوكالة المطعون ضده الثاني الظاهرة على أساس أنه ابن الموكلة ويقيم معها وينوب عنها في تحصيل الأجرة، وكان هذا الذي استدل به الحكم المذكور على قيام الوكالة الظاهرة ليس فيه ما يوهم الغير بأن للابن حق التصرف في مال والدته ولا ينهض لتشكيل مظهر خارجي خاطئ من جانب المطعون ضدها الأولى يكون من شأنه أن يخدع الطاعنين الذين تعاملوا مع ابنها فيما لا يملك التصرف فيه مع أن وكالته لا تتسع لغير حق الإدارة ومع أن الأصل في قواعد الوكالة أن الغير الذي يتعاقد مع الوكيل عليه أن يتثبت من قيام الوكالة ومن حدودها وله في سبيل ذلك أن يطلب من الوكيل ما يثبت وكالته فإن قصر فعليه تقصيره، وإن جاوز الوكيل حدود وكالته فلا ينصرف أثر تصرفه إلى الأصل ويستوي في ذلك أن يكون الوكيل حسن النية أو سيء النية قصد الإضرار بالموكل أو بغيره، لما كان ذلك، فإن ما تمسك به الطاعنون من دفاع مؤداه - على ما استخلصه الحكم الابتدائي - قيام الوكالة الظاهرة يكون على غير أساس قانوني صحيح، فلا يؤثر في النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه، ويكون النعي عليه بالقصور لإغفاله مناقشة الأساس الذي قام عليه الحكم الابتدائي غير منتج.
وحيث إن مبنى النعي - بالسبب الثالث - إن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى ببطلان الحوالة على أساس أن الوكيل جاوز حدود وكالته مخالفاً بذلك الاستثناء الوارد بالفقرة الثانية من المادة 703 من القانون المدني التي أجازت للوكيل الخروج عن هذه الحدود إذا استحال عليه إخطار الموكل سلفاً وكانت الظروف يغلب عليها الظن بأن الموكل ما كان إلا ليوافق على تصرف الوكيل، والثابت من ظروف الدعوى أن المطعون ضدها الأولى وافقت على تصرف ابنها بحوالة عقد الإيجار إذ قام المحال إليه بتحصيل الأجرة لمدة ثلاث سنوات دون أن تحرك ساكناً.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، لأنه يتضمن دفاعاً جديداً يخالطه واقع لم يثبت التمسك به أمام محكمة الموضوع فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
برئاسة السيد المستشار مصطفى كمال سليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: سليم عبد الله سليم، محمد عبد العزيز الجندي، أمين طه أبو العلا وسامي الكومي.
الطعن رقم 1125 لسنة 48 القضائية
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 9 سنة 1974 مدني بنها على الطاعن الأول والمطعون ضدهما الثاني والرابع بطلب الحكم بقبول التنصل مما قرره ابنها المطعون ضده الثاني وإلغاء حوالة عقد الإيجار المؤرخ 7/ 1/ 1967 إلى الطاعن الأول تأسيساً على إنها كانت قد وكلت ابنها المذكور في إدارة أطيانها الزراعية فجاوز حدود الوكالة بأن قام في 11/ 2/ 1970 بحوالة عقد الإيجار المشار إليه والمتضمن تأجيرها للمطعون ضده الرابع مساحة 12 قيراط و8 أسهم وقرر على غير الحقيقة بأن المحال إليه اشترى العين المؤجرة، تدخل الطاعنان الثاني والثالث في الدعوى طالبين رفضها بمقولة إن الطاعن الثاني هو المشتري المحال إليه وأن الطاعنة الثالثة اشترت من المطعون ضدهما الأولى والثاني وأخوته مساحة 2 فدان و12 قيراط يدخل فيها 8 قيراط من الأطيان المؤجرة، ودفعا الدعوى بأن المطعون ضده الثاني لم يجاوز حدود وكالته وأنه يقيم مع والدته التي تعلم بكل تصرفاته وينوب عنها في تحصيل الأجرة فيتصرف إثر الحوالة إليها، كما تدخل المطعون ضده الثالث منضماً للمطعون ضدها الأولى في طلباتها استناداً إلى أنها باعته المساحة محل النزاع، دفع المطعون ضده الرابع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها، وبتاريخ 17/ 4/ 1974 قضت المحكمة برفض الدفعين وبقبول التدخل وفي موضوع الدعوى برفضها، استأنفت المطعون ضدها الأولى بالاستئناف 189 سنة 7 قضائية بنها، وبتاريخ 20/ 4/ 1978 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ببطلان حوالة عقد الإيجار إلى الطاعن الثاني، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، حاصل النعي - بالسبب الأول - الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب من وجهين (أولهما) أنه أثير أمام محكمة أول درجة دفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وأخر بعدم نظرها لسابقة الفصل فيها من لجنة الفصل في المنازعات الزراعية في القضية 252 سنة 1973 إصلاح زراعي بنها، وقضي برفض هذين الدفعين، وأنه لما كان الاستئناف يطرح النزاع على محكمة ثاني درجة بكل ما أثير فيه من دفوع لم يتنازل عنها مبديها، فإن محكمة الاستئناف إذ التفتت عن هذين الدفعين يكون حكمها معيباً بالقصور - (ثانيهما) إن الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى ببطلان الحوالة لصالح الموكل ذلك أنه بفرض تجاوز المطعون ضده الثاني حدود وكالته فإن والدته الموكلة هي المسئولة عن خطئه متى أهملت في رقابته وكانت مرتبطة به ارتباط التابع بالمتبوع - هذا إلى أن إبطال تصرف الوكيل الذي يجاوز حدود الوكالة مقرر لمصلحة الغير وليس لمصلحة الموكل.
وحيث إن النعي - في وجهه الأول - مردود بأن مسألة الاختصاص الولائي تعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائماً على المحكمة، وعليها إذا انتفت ولايتها أن تحكم من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها إعمالاً لنص المادة 109 من قانون المرافعات، ويعتبر حكمها الصادر في الموضوع منطوياً على قضاء ضمني بالاختصاص، وإذا فصل الحكم المطعون فيه في موضوع النزاع فإنه يكون قد قضى ضمناً برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي، هذا ولما كان من المقرر أن الحكم السابق لا يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة للدعوى اللاحقة إلا إذا اتحد الموضوع والسبب في كل من الدعويين فضلاً عن وحدة الخصوم، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن القضية السابق الفصل فيها من لجنة الفصل في المنازعات الزراعية تختلف في موضوعها وسببها عن موضوع وسبب الدعوى الحالية، فإن التمسك بحجية الحكم السابق يضحى بلا سند قانوني صحيح فلا يعد دفاعاً جوهرياً قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى طالما أنه ليست له هذه الحجية، لما كان ذلك، فإن إغفال الحكم المطعون فيه الرد على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها لا يعيبه بالقصور.
وحيث إن النعي - بالوجه الثاني - غير مقبول في شقه الأول، ذلك أنه يتضمن دفاعاً جديداً يخالطه واقع لم يثبت تمسك الطاعنين به أمام محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، والنعي في شقه الثاني مردود بأنه مع مراعاة الاستئناف الوارد في المادة 703/ 2 من القانون المدني ودون الإخلال بأحكام الوكالة الظاهرة، فإنه متى جاوز الوكيل حدود وكالته فلا ينصرف أثر تصرفه إلى الموكل الذي له الخيار بين إجازة هذا التصرف بقصد إضافة أثره إلى نفسه أو طلب إبطاله، وهذا الطلب ليس مقرر لمصلحة الغير الذي يتعامل مع الوكيل فحسب - كما يقول الطاعنون - بل هو مقرر أيضاً لمصلحة الموكل.
وحيث إن حاصل النعي - بالسبب الثاني - على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب إذ بني قضاءه بإلغاء الحكم الابتدائي على مجرد القول بأن المطعون ضده الثاني قد جاوز حدود الوكالة دون أن يعني بالرد على ما استخلصه الحكم الملغي من قيام الوكالة الظاهرة التي استند إليها في قضائه برفض الدعوى ودون أن يبحث حسن نية الوكيل أو سوء نيته وما إذا كان قد قصد بتجاوزه حدود الوكالة الإضرار بالطاعنين أم بموكلته فإن ثبت قصد الإضرار بهم انصرف أثر تصرفه إلى الموكلة.
وحيث إن هذا النعي - فضلاً عن أنه غير مقبول في شقه الأخير لأنه يتضمن دفاعاً جديداً يخالطه واقع لم يثبت التمسك به أمام محكمة الموضوع - فإنه نص غير منتج، ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يشترط لاعتبار الوكيل الظاهر نائباً عن الموكل قيام مظهر خارجي خاطئ منسوب للموكل من شأنه أن يخدع الغير الذي تعامل مع الوكيل الظاهر دون أن يرتكب هذا الغير خطأ أو تقصيراً في استطلاع الحقيقة، وإذ اعتد الحكم الابتدائي بوكالة المطعون ضده الثاني الظاهرة على أساس أنه ابن الموكلة ويقيم معها وينوب عنها في تحصيل الأجرة، وكان هذا الذي استدل به الحكم المذكور على قيام الوكالة الظاهرة ليس فيه ما يوهم الغير بأن للابن حق التصرف في مال والدته ولا ينهض لتشكيل مظهر خارجي خاطئ من جانب المطعون ضدها الأولى يكون من شأنه أن يخدع الطاعنين الذين تعاملوا مع ابنها فيما لا يملك التصرف فيه مع أن وكالته لا تتسع لغير حق الإدارة ومع أن الأصل في قواعد الوكالة أن الغير الذي يتعاقد مع الوكيل عليه أن يتثبت من قيام الوكالة ومن حدودها وله في سبيل ذلك أن يطلب من الوكيل ما يثبت وكالته فإن قصر فعليه تقصيره، وإن جاوز الوكيل حدود وكالته فلا ينصرف أثر تصرفه إلى الأصل ويستوي في ذلك أن يكون الوكيل حسن النية أو سيء النية قصد الإضرار بالموكل أو بغيره، لما كان ذلك، فإن ما تمسك به الطاعنون من دفاع مؤداه - على ما استخلصه الحكم الابتدائي - قيام الوكالة الظاهرة يكون على غير أساس قانوني صحيح، فلا يؤثر في النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه، ويكون النعي عليه بالقصور لإغفاله مناقشة الأساس الذي قام عليه الحكم الابتدائي غير منتج.
وحيث إن مبنى النعي - بالسبب الثالث - إن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى ببطلان الحوالة على أساس أن الوكيل جاوز حدود وكالته مخالفاً بذلك الاستثناء الوارد بالفقرة الثانية من المادة 703 من القانون المدني التي أجازت للوكيل الخروج عن هذه الحدود إذا استحال عليه إخطار الموكل سلفاً وكانت الظروف يغلب عليها الظن بأن الموكل ما كان إلا ليوافق على تصرف الوكيل، والثابت من ظروف الدعوى أن المطعون ضدها الأولى وافقت على تصرف ابنها بحوالة عقد الإيجار إذ قام المحال إليه بتحصيل الأجرة لمدة ثلاث سنوات دون أن تحرك ساكناً.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، لأنه يتضمن دفاعاً جديداً يخالطه واقع لم يثبت التمسك به أمام محكمة الموضوع فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.