يقدمها: بهاء الدين أبو شقة المحامي بالنقض جمعت بينهما صداقة، فهما في عمر واحد وأبناء قرى صغيرة في صعيد مصر، الشىء الوحيد الذي كان يجعل كلاً منهما مختلفا عن الآخر أن الأول سليل اسرة عريقة تملك كل ما يحيط بالقرية من أطيان زراعية أما الثاني فهو ابن فلاح فقير يعمل أجيراً في الحقول.. ورغم هذا الفارق الاجتماعي الكبير فإن المحبة والمودة والاخلاص جمعت بين ابن الثري وابن الفقير.. قلباها الخضراوان اذابا جليد
الفوارق الاجتماعية.. كان ابن الثري يذهب الى المدرسة في البندر وهو يركب “الكرته”.. وابن الفلاح يركب الحمار.. ولكن سرعان ما اتخذ ابن الفقير مكانه في “الكارتة” بجوار ابن الثري.. ومنذ مراحل التعليم الاولى وهما يجتازان فصول الدراسة جنبا الى جنب حتى حصلا على الثانوية العامة وانتقلا الى عاصمة الاقليم والتحقا بكلية الزراعة حتى حصل كل منهما على البكالوريوس، ولم يكن الشاب الثري في حاجة الى الوظيفة ففي املاك ابيه واراضيه ما يكفيه إذ ان ما يحصل عليه “الخولي” في مزارعه يربو عشرات المرات على ما يحصل عليه خريج كلية الزراعة في اول عهده بالوظيفة.. لكن سرعان ما ترك الشباب الفقير الوظيفة تلبية لرغبة صديقه الثري ليعمل بجانبه في ادارة مزارعه ويشاركه في مشاريعه في تربية العجول والدواجن والخراف ومعمل الألبان، واستطاع الشاب باخلاصه وجهوده وتفانيه في العيضاعف ثروة صديقه. وتمضي بهما الأيام من نجاح إلى نجاح.. ويوم قرر الصديق الثري أن يكمل نصف دينه احتضن صديق عمره وزف إليه النبأ السعيد، وأخذ صديقه من يديه وقدمه إلى عروسه و هو يقول له إنها تعرف عنك كل شىء. وفي حفل عرس الشاب الثري كانت الفرحة قسمة بينهما.. وتمضي بهما الحياة سعيدة هانئة.. وكان الزوج بعد زواجه لا يفارق صديق عمره فهو معه طيلة اليوم.. وفي العمل وفي المساء وقت الراحة يلازمه في البيت.. وكانت الزوجة تشاركهما في تناول الطعام.. اما في جلسات السمر فقد كانت تبدي ارتياحها وسعادتها بوجود الصديق معهما.. ولم تشعر بالغيرة على زوجها من صديقه عكس الأمر الطبيعي الذي يدفع الزوجة الى كره الصديق لأنه يأخذ منها زوجها. في البداية لم يفسر الزوج اهتمام الزوجة بالصديق مما يثير في قلبه الشك فيها.. حتى كانت تلك الأمسية التي طلب زوجها من صديقه ان يبحث له عن “بنت الحلال” التي تؤنس وحدته، وعرض عليه بعض الأسماء ليختار منها ما يريد. وردت الزوجة فى عصبية استدعت انتباه زوجها: - سيبه في حاله.. ربما تأخذه زوجته منا وتكون سببا في تعطيل أعماله. وبدأت الريبة تتسرب إلى قلب الزوج فقد أحس من نبرات صوتها ومن نظراتها أمراً غير طبيعي.. بل أن صديقه خامره ذات الإحساس. مضت الأيام بهما والصديق يبتعد تدريجيا عن لقاء صديقه الثري في مسكنه ويتعمد الابتعاد عن هذا اللقاء، واقتصرت احاديثهما ولقاءاتهما في العمل فقط. ولم يصدق أحد ذلك الخبر الذي استشرى في البلدة وسرى مسرى النار المشتعلة فيها من أن الصديق الثري أطلق الرصاص على صديقه الفقير.. واستبدت الحيرة بالجميع.. حارت أفكارهم ولم تستطع تخميناتهم أن تصل إلى تفسير مقبول أو تحليل معقول بهذا الخبر المثير. كانت تلك هى بداية الأحداث عندما بدأت التحقيقات في وقائع هذه القضية وأنا أعمل وكيلاً للنيابة العامة في صعيد مصر.. وحتى تحريات المباحث عجزت بدورها عن تبرير سبب الحادث خاصة وأن المجني عليه كان فاقد الوعي وفي غيبوبة بعد اطلاق الرصاص عليه. اما المتهم فقد لاذ بالصمت ورفض الحديث سواء بالنفي او بالاعتراف بالتهمة. وكان لابد لي من سؤال زوجة المتهم عسي أن أصل منها الى معلومة تفيد التحقيق وتحل هذا “اللغز” المحير الذي بات “طلسما” لابد من فك أسراره والوقوف على خفاياه، ليس بالنسبة لي كمحقق وإنما بالنسبة لأهل البلدة الذين أدهشهم وقع الحادث وباتوا مدهوشين من أمره لا يكادون يصدقون ما حدث نظراً للعلاقة الحميمة التي تربط بينهما منذ الطفولة وللحب والاخلاص المتبادل بينهما. ومثلت الزوجة وسألتها عن معلوماتها.. فجرت “قنبلة” لم تكن في الحسبان.. قالت: - أنا زوجي كان مخدوعا في صديقه.. لم يحترم زمالة الدراسة ولا صداقة العمر.. لم يكن وفياً أو أمينا على “العشرة” التي جمعت بيننا.. لاحظت “الرغبة” تنطق بها عيناه.. نظراته لي كانت مشبوهة مجردة عن البراءة والصداقة لكنني لم أصدق في أول الأمر، إلا أن نظراته تزايدت وكثر تردده دون سبب على المسكن في غياب زوجي.. حاولت أن أفهمه - بأسلوب مهذب - أن ذلك لا يليق ولكنه تمادى وأفصح لي في جرأة ووقاحة أنه يحبني منذ أن وقعت عيناه علىَّ وأنا في “الكوشة”، وأنه لا يطيق العيش بدوني بل وأنه رفض الكثير من الزيجات لأنه لا يشعر نحو أي منهن بأي عاطفة.. لقد تجسدت كل عواطفه وتبلورت كل مشاعره في حب كبير استحوذ على قلبه، فلطالما سهر الليالي الطويلة وهو يناجي صورتها واسترحم قلبها أن تهون عليه عذابه وتخفف عنه آلامه وتبادله نفس المشاعر، استوقفني حديث الزوجة ملياً وهي تعرض غرام هذا الفتى الولهان وكيف أنها تصده وتنهره وهو مازال يطاردها. كان من غير المعقول بل وليس من المقبول أن تستمر في سماع قصائد الشعر فيها منه وعن عذابه وشدة لوعته من حبها خاصة وقد سألتها تأكيدا للفكرة التي استبدت بي وهى عدم تصديق هذه المقالة لعدم معقوليتها عن المدة التي استمرت فيها مطارداته لها فقررت أنه منذ بداية زواجها الذى قارب خمس سنوات واستطردت الزوجة: ولما يئست من مطارداته وحفاظا على رابطة الزوجية بيني وبين زوجي الذي أحبه كثيراً فقد حذرته من الحضور الى المسكن حتى مع زوجي وإلا سأخبر زوجي بكل شىء. وكانت المفاجأة التي لم أتصورها عندما أخبرني أنه في سبيل حبه على استعداد لأن يفعل أي شىء. وأضافت الزوجة في حديثها أن الامر وصل به لدرجة أنه لجأ الى “المشعوذين” ليقدموا له التعاويز والأحجبة حتى يخطفوا قلبها ويسلبوا عقلها حبا وهياما به! بل أن أحدالمشعوذين قد عمل له “عمل” بناء على طلبه منذ زواجها كي لا تنجب من زوجها حتى لا تكون هناك عوائق تعوق حبهما، ويكون عدم الانجاب ذريعة لطلاقها من زوجها فتحين له الفرصة كي يتزوج منها! وأضاف الزوجة وهي تتحدث في عصبية وقد امتقع وجهها بحمرة الغضب والثورة. - عرفت السبب في أنني لم أنجب طيلة السنوات الخمس الماضية.. جن جنوني.. لم أشعر بنفسي إلا وأنا أخبر زوجي بكل ما حدث. وعاودت سؤالها: - هل يفهم من ذلك أن زوجك هو الذي أطلق الرصاص عليه رداً على تصرفاته السابقة معك؟ فأجابت في حدة وقد ازداد حنقها وغضبها: - ما فعله يستحق عليه الموت.. بل إنني شخصيا فكرت في الخلاص منه.. في قتله جزاء لما أصابني من ضرر.. لقد حرمني من نعمة الأمومة.. إنه إنسان بلا قلب.. بلا ضمير.. الموت مصير لأمثاله لتخليص البشرية من شروره. واستدعيت الزوج وواجهته بأقوال زوجته ولكنه أصر على الصمت أيضا.. كان شارداً مذهولاً وكأنه يعيش أحداث “كابوس” مزعج لم يستيقظ منه بعد. وطلبت من الطبيب المعالج للمجني عليه موافاتي بامكانية حديثه بتعقل بعد افاقته من العملية التي اجريت له واستخرجت رصاصتان كانتا على وشك النفاذ الى قلبه. ومرت أيام واتصل بي الطبيب المعالج والذي أفاد أنه يمكن سؤال المجني عليه فقد تحسنت حالته ويمكن ان يجيب بتعقل بعد أن اجتاز بسلام مرحلة الخطر بل وكتبت له الحياة من جديد فقد نجا من الموت بأعجوبة. وانتقلت الى المستشفى لسؤاله.. وكانت المفاجأة التي لم أتوقعها بل والتي لا تخطر على بال أحد. أجاب المجني عليه بصوت خفيض: - إن صديق عمري كان ينظف المسدس المرخص عندما انطلقت منه رصاصتان دون قصد.. وكيف يمكن أن يتصور أنه كان يقصد ذلك بعد صداقة العمر التي تجمع بيننا.. بعد الاخلاص الممزوج بالحب المتبادل بيننا. كان حديثه مثيراً للدهشة ومخيبا لأملي في أن أقف منه على سر الحقيقة التي قدر لها أن تغيب حتي هذه اللحظة.. وكان على أن أواجهه بحديث الزوجة. ابتسم ابتسامة ملؤها السخرية وهو يجيب متهكما: - إنني لا اصدق ما اسمع.. غير معقول أن تصدر منها هذه الرواية لأنها غير حقيقية جملة وتفصيلاً.. كل كلمة فيها تقطر كذبا واستطرد متسائلا في استغراب. - لماذا تفتري هذه الفرية.. كيف يجرؤ لسانها على ترديد هذه “الكذبة”؟.. كانت نظرتي لها نظرة الأخ لأخته.. إن زوجها لم يكن صديقا فحسب بل هو الآخر الذي لم تلده الأم، وتنهد تنهيدة عميقة وأنا أسأله عن تفسيره لحديث الزوجة. أجاب: - لا تفسير لي فهو حديث شاذ لا يخضع لمنطق ولا أجد له من تبرير.. هى وحدها التي تملك الاجابة عن هذا السؤال ورمقته بنظرة فاحصة وأنا أواجهه بأمر “الدجالين” الذين لجأ إليهم حسب رواية الزوجة فكانوا سببا في عدم انجابها. أجاب والسخرية لا تفارق ابتسامته: - ما أسمعه هو الدجل بعينه.. هو قمة الشعوذة.. ولا تعليق لي غير ذلك. لم يكن أمامي أمام حديث المجني عليه على نحو ما سلف وخلو القضية من ادلة تؤكد ان اصابات المجني عليه كانت عن عمد وأن اطلاق النار كان بقصد ازهاق روحه خصوصا وان تحريات الشرطة لم تجزم بحقيقة اصابة المجني عليه، وهل كانت عمدية أم
الفوارق الاجتماعية.. كان ابن الثري يذهب الى المدرسة في البندر وهو يركب “الكرته”.. وابن الفلاح يركب الحمار.. ولكن سرعان ما اتخذ ابن الفقير مكانه في “الكارتة” بجوار ابن الثري.. ومنذ مراحل التعليم الاولى وهما يجتازان فصول الدراسة جنبا الى جنب حتى حصلا على الثانوية العامة وانتقلا الى عاصمة الاقليم والتحقا بكلية الزراعة حتى حصل كل منهما على البكالوريوس، ولم يكن الشاب الثري في حاجة الى الوظيفة ففي املاك ابيه واراضيه ما يكفيه إذ ان ما يحصل عليه “الخولي” في مزارعه يربو عشرات المرات على ما يحصل عليه خريج كلية الزراعة في اول عهده بالوظيفة.. لكن سرعان ما ترك الشباب الفقير الوظيفة تلبية لرغبة صديقه الثري ليعمل بجانبه في ادارة مزارعه ويشاركه في مشاريعه في تربية العجول والدواجن والخراف ومعمل الألبان، واستطاع الشاب باخلاصه وجهوده وتفانيه في العيضاعف ثروة صديقه. وتمضي بهما الأيام من نجاح إلى نجاح.. ويوم قرر الصديق الثري أن يكمل نصف دينه احتضن صديق عمره وزف إليه النبأ السعيد، وأخذ صديقه من يديه وقدمه إلى عروسه و هو يقول له إنها تعرف عنك كل شىء. وفي حفل عرس الشاب الثري كانت الفرحة قسمة بينهما.. وتمضي بهما الحياة سعيدة هانئة.. وكان الزوج بعد زواجه لا يفارق صديق عمره فهو معه طيلة اليوم.. وفي العمل وفي المساء وقت الراحة يلازمه في البيت.. وكانت الزوجة تشاركهما في تناول الطعام.. اما في جلسات السمر فقد كانت تبدي ارتياحها وسعادتها بوجود الصديق معهما.. ولم تشعر بالغيرة على زوجها من صديقه عكس الأمر الطبيعي الذي يدفع الزوجة الى كره الصديق لأنه يأخذ منها زوجها. في البداية لم يفسر الزوج اهتمام الزوجة بالصديق مما يثير في قلبه الشك فيها.. حتى كانت تلك الأمسية التي طلب زوجها من صديقه ان يبحث له عن “بنت الحلال” التي تؤنس وحدته، وعرض عليه بعض الأسماء ليختار منها ما يريد. وردت الزوجة فى عصبية استدعت انتباه زوجها: - سيبه في حاله.. ربما تأخذه زوجته منا وتكون سببا في تعطيل أعماله. وبدأت الريبة تتسرب إلى قلب الزوج فقد أحس من نبرات صوتها ومن نظراتها أمراً غير طبيعي.. بل أن صديقه خامره ذات الإحساس. مضت الأيام بهما والصديق يبتعد تدريجيا عن لقاء صديقه الثري في مسكنه ويتعمد الابتعاد عن هذا اللقاء، واقتصرت احاديثهما ولقاءاتهما في العمل فقط. ولم يصدق أحد ذلك الخبر الذي استشرى في البلدة وسرى مسرى النار المشتعلة فيها من أن الصديق الثري أطلق الرصاص على صديقه الفقير.. واستبدت الحيرة بالجميع.. حارت أفكارهم ولم تستطع تخميناتهم أن تصل إلى تفسير مقبول أو تحليل معقول بهذا الخبر المثير. كانت تلك هى بداية الأحداث عندما بدأت التحقيقات في وقائع هذه القضية وأنا أعمل وكيلاً للنيابة العامة في صعيد مصر.. وحتى تحريات المباحث عجزت بدورها عن تبرير سبب الحادث خاصة وأن المجني عليه كان فاقد الوعي وفي غيبوبة بعد اطلاق الرصاص عليه. اما المتهم فقد لاذ بالصمت ورفض الحديث سواء بالنفي او بالاعتراف بالتهمة. وكان لابد لي من سؤال زوجة المتهم عسي أن أصل منها الى معلومة تفيد التحقيق وتحل هذا “اللغز” المحير الذي بات “طلسما” لابد من فك أسراره والوقوف على خفاياه، ليس بالنسبة لي كمحقق وإنما بالنسبة لأهل البلدة الذين أدهشهم وقع الحادث وباتوا مدهوشين من أمره لا يكادون يصدقون ما حدث نظراً للعلاقة الحميمة التي تربط بينهما منذ الطفولة وللحب والاخلاص المتبادل بينهما. ومثلت الزوجة وسألتها عن معلوماتها.. فجرت “قنبلة” لم تكن في الحسبان.. قالت: - أنا زوجي كان مخدوعا في صديقه.. لم يحترم زمالة الدراسة ولا صداقة العمر.. لم يكن وفياً أو أمينا على “العشرة” التي جمعت بيننا.. لاحظت “الرغبة” تنطق بها عيناه.. نظراته لي كانت مشبوهة مجردة عن البراءة والصداقة لكنني لم أصدق في أول الأمر، إلا أن نظراته تزايدت وكثر تردده دون سبب على المسكن في غياب زوجي.. حاولت أن أفهمه - بأسلوب مهذب - أن ذلك لا يليق ولكنه تمادى وأفصح لي في جرأة ووقاحة أنه يحبني منذ أن وقعت عيناه علىَّ وأنا في “الكوشة”، وأنه لا يطيق العيش بدوني بل وأنه رفض الكثير من الزيجات لأنه لا يشعر نحو أي منهن بأي عاطفة.. لقد تجسدت كل عواطفه وتبلورت كل مشاعره في حب كبير استحوذ على قلبه، فلطالما سهر الليالي الطويلة وهو يناجي صورتها واسترحم قلبها أن تهون عليه عذابه وتخفف عنه آلامه وتبادله نفس المشاعر، استوقفني حديث الزوجة ملياً وهي تعرض غرام هذا الفتى الولهان وكيف أنها تصده وتنهره وهو مازال يطاردها. كان من غير المعقول بل وليس من المقبول أن تستمر في سماع قصائد الشعر فيها منه وعن عذابه وشدة لوعته من حبها خاصة وقد سألتها تأكيدا للفكرة التي استبدت بي وهى عدم تصديق هذه المقالة لعدم معقوليتها عن المدة التي استمرت فيها مطارداته لها فقررت أنه منذ بداية زواجها الذى قارب خمس سنوات واستطردت الزوجة: ولما يئست من مطارداته وحفاظا على رابطة الزوجية بيني وبين زوجي الذي أحبه كثيراً فقد حذرته من الحضور الى المسكن حتى مع زوجي وإلا سأخبر زوجي بكل شىء. وكانت المفاجأة التي لم أتصورها عندما أخبرني أنه في سبيل حبه على استعداد لأن يفعل أي شىء. وأضافت الزوجة في حديثها أن الامر وصل به لدرجة أنه لجأ الى “المشعوذين” ليقدموا له التعاويز والأحجبة حتى يخطفوا قلبها ويسلبوا عقلها حبا وهياما به! بل أن أحدالمشعوذين قد عمل له “عمل” بناء على طلبه منذ زواجها كي لا تنجب من زوجها حتى لا تكون هناك عوائق تعوق حبهما، ويكون عدم الانجاب ذريعة لطلاقها من زوجها فتحين له الفرصة كي يتزوج منها! وأضاف الزوجة وهي تتحدث في عصبية وقد امتقع وجهها بحمرة الغضب والثورة. - عرفت السبب في أنني لم أنجب طيلة السنوات الخمس الماضية.. جن جنوني.. لم أشعر بنفسي إلا وأنا أخبر زوجي بكل ما حدث. وعاودت سؤالها: - هل يفهم من ذلك أن زوجك هو الذي أطلق الرصاص عليه رداً على تصرفاته السابقة معك؟ فأجابت في حدة وقد ازداد حنقها وغضبها: - ما فعله يستحق عليه الموت.. بل إنني شخصيا فكرت في الخلاص منه.. في قتله جزاء لما أصابني من ضرر.. لقد حرمني من نعمة الأمومة.. إنه إنسان بلا قلب.. بلا ضمير.. الموت مصير لأمثاله لتخليص البشرية من شروره. واستدعيت الزوج وواجهته بأقوال زوجته ولكنه أصر على الصمت أيضا.. كان شارداً مذهولاً وكأنه يعيش أحداث “كابوس” مزعج لم يستيقظ منه بعد. وطلبت من الطبيب المعالج للمجني عليه موافاتي بامكانية حديثه بتعقل بعد افاقته من العملية التي اجريت له واستخرجت رصاصتان كانتا على وشك النفاذ الى قلبه. ومرت أيام واتصل بي الطبيب المعالج والذي أفاد أنه يمكن سؤال المجني عليه فقد تحسنت حالته ويمكن ان يجيب بتعقل بعد أن اجتاز بسلام مرحلة الخطر بل وكتبت له الحياة من جديد فقد نجا من الموت بأعجوبة. وانتقلت الى المستشفى لسؤاله.. وكانت المفاجأة التي لم أتوقعها بل والتي لا تخطر على بال أحد. أجاب المجني عليه بصوت خفيض: - إن صديق عمري كان ينظف المسدس المرخص عندما انطلقت منه رصاصتان دون قصد.. وكيف يمكن أن يتصور أنه كان يقصد ذلك بعد صداقة العمر التي تجمع بيننا.. بعد الاخلاص الممزوج بالحب المتبادل بيننا. كان حديثه مثيراً للدهشة ومخيبا لأملي في أن أقف منه على سر الحقيقة التي قدر لها أن تغيب حتي هذه اللحظة.. وكان على أن أواجهه بحديث الزوجة. ابتسم ابتسامة ملؤها السخرية وهو يجيب متهكما: - إنني لا اصدق ما اسمع.. غير معقول أن تصدر منها هذه الرواية لأنها غير حقيقية جملة وتفصيلاً.. كل كلمة فيها تقطر كذبا واستطرد متسائلا في استغراب. - لماذا تفتري هذه الفرية.. كيف يجرؤ لسانها على ترديد هذه “الكذبة”؟.. كانت نظرتي لها نظرة الأخ لأخته.. إن زوجها لم يكن صديقا فحسب بل هو الآخر الذي لم تلده الأم، وتنهد تنهيدة عميقة وأنا أسأله عن تفسيره لحديث الزوجة. أجاب: - لا تفسير لي فهو حديث شاذ لا يخضع لمنطق ولا أجد له من تبرير.. هى وحدها التي تملك الاجابة عن هذا السؤال ورمقته بنظرة فاحصة وأنا أواجهه بأمر “الدجالين” الذين لجأ إليهم حسب رواية الزوجة فكانوا سببا في عدم انجابها. أجاب والسخرية لا تفارق ابتسامته: - ما أسمعه هو الدجل بعينه.. هو قمة الشعوذة.. ولا تعليق لي غير ذلك. لم يكن أمامي أمام حديث المجني عليه على نحو ما سلف وخلو القضية من ادلة تؤكد ان اصابات المجني عليه كانت عن عمد وأن اطلاق النار كان بقصد ازهاق روحه خصوصا وان تحريات الشرطة لم تجزم بحقيقة اصابة المجني عليه، وهل كانت عمدية أم
عدل سابقا من قبل محمد راضى مسعود في الأربعاء نوفمبر 27, 2013 11:48 am عدل 1 مرات