لوسي أرتين هي سيدة أعمال مصرية تنتمي للطائفة الأرمينية في مصر، وابنة شقيقة الممثلة لبلبة وقريبة الممثلة الاستعراضية نيللي. وهي صاحبة الفضيحة التي توصف بأنها أخطر قضايا الفساد في مصر خلال الخمس والعشرين سنة الأخيرة، انتهت بالاطاحة بنائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع والانتاج الحربي المشير محمد عبدالحليم أبو غزالة، وبالرجلين الثاني والثالث في وزارة الداخلية بعد الوزير و هما اللواء حلمي الفقي مدير الامن العام و اللواء فادي الحبشي مدير المباحث ، وبثلاثة قضاة.
فضيحة لوسي أرتين
كان الصحفي وائل الابراشي رئيس تحرير صحيفة "صوت الأمة" هو أول من كشف عام 1993 فضيحة لوسي ارتين واتصالاتها مع كبار المسؤولين المصريين وفي مقدمتهم المشير أبو غزالة وقيادات رفيعة المستوى في وزارة الداخلية ومحافظ سابق للتأثير على حكم قضائي في نزاع عائلي بينها وبين طليقها.
وفي ذلك الحين نشر الابراشي في مجلة "روز اليوسف" مكالمات هاتفية سجلتها جهة رقابية بين هؤلاء المسؤولين وبين لوسي، باعتبارها كما قال في تصريحات صحفية له فيما بعد، نموذجا لعلاقات بعض رجال السلطة بسيدة عندها مشكلات مع طليقها أحبت اختراق القضاء و المؤسسات السياسية و الشرطة, فلجأت إلى كل هذا الكم من المسؤولين.
يقول الابراشي لـ"العربية.نت": كان في المكالمات ما يشير إلى علاقة بين لوسي ارتين وأبو غزالة، وكانت هذه أيضا من الأسباب التي أدت لعزل مسؤول مرموق برئاسة الجمهورية، بسبب تلقيه أحد هذه المكالمات من لوسي ارتين، والتي كانت موجهة في الأصل إلى أبو غزالة.
وتابع: ما فجر القضية أن جهة رقابية رصدت علاقة لسيدة تستغل نفوذها بموظفة في الشهر العقاري، فبدأوا يسجلون لها، فاكتشفوا مكالمات تتم من رئاسة الجمهورية مع تلك السيدة التي تبين أنها لوسي ارتين، ومن هنا تم التقاط الخيط الذي أدى إلى أبوغزالة.
واستطرد الابراشي: كانت لوسي تريد من يتوسط لها لدى القضاء، فقام أبو غزالة بهذه المهمة، واستغلت هي هذه العلاقة في فرض نفوذها لدى مسؤولين آخرين، مثل فادي الحبشي مدير المباحث الجنائية الذي سمعها تتحدث هاتفيا لأبو غزالة، فأخذ يتقرب لها لأنه يرغب في أن يصبح وزيرا للداخلية، وكانت هذه أيضا رغبة المرحوم حلمي الفقي مدير الأمن العام، أي أنها أخذت تستغل اسم أبو غزالة حتى في تحقيق طموحات الغير، مقابل أن يخدموها في نزاعها مع طليقها.
وقال إنه من خلال المكالمات الهاتفية بين أبو غزالة ولوسي ارتين كانت العلاقة الخاصة واضحة جدا، لكن حرصا على اسمه استبدل في أوراق القضية بكلمة "الباشا". وكانت تطلبه في أي وقت وأمام الناس مستغلة ذلك في فرض نفوذها على تلك الأسماء المهمة.
وأضاف الابراشي أنه استدعي ثلاث مرات لمباحث أمن الدولة بسبب نشره لوثائق هذه القضية، وفي احد الاستدعاءات صدر ضده حبس احتياطي لكنه الغي بعد تدخل بعض الشخصيات وكبار الصحفيين.
ويقول إنه حذف التعبيرات الجنسية التي تضمنتها بعض مكالمات لوسي ارتين لفجاجتها، لكن لم يصل حديثها لهذا المستوى مع أبو غزالة الذي كان قليل الكلام، وفي أحد المكالمات يخبرها أنه سيتوسط لها مع تحسين شنن محافظ السويس الأسبق ليتحدث مع القاضي المقيم في هذه المحافظة، وبسبب هذه القضية طار شنن أيضا من منصبه.
في أوائل التسعينيات تفجرت قضية لوسي آرتين.. واحدة من أشهر القضايا في العشرين سنة الأخيرة، التي شهدت قراراً من النائب العام بحظر النشر فيها، وهي القضية التي كانت في حينها تفتح شهية أي صحفي للكتابة عنها، حتي لو كلفه ذلك ليس فقط إغلاق صحيفته، وإنما عمره وحياته.
وبدلاً من أن يضع قرار النائب العام بحظر النشر حداً للحديث عن القضية المثيرة، صنع منها قضية الموسم، ولفت إليها أنظار الملايين الذين عرفوا من تفاصيلها شفاهة أضعاف ما كانوا سيعرفونه لو كانت تحقيقات الجهات السيادية بالكامل قد نشرت في جميع صحف مصر بطولها وعرضها.
كانت القضية الشهيرة للغاية تمس أسماء رجال كبار في الدولة وزير قوي (كان يشغل وقتها وزارة سيادية وأصبح بعدها مساعداً لرئيس الجمهورية، ومحافظا لمدينة ساحلية، ومدير أمن عام، ومدير مباحث العاصمة و أخيراً قاضيا شهيرا جداً).. جميعهم فقدوا مناصبهم وخرجوا من القضية ليقضوا ما بقي من حياتهم مطاردين بلعنة لوسي آرتين، أو حسناء بيانكي كما وصفها استجواب ـ لم يكن أقل شهرة ـ تم تقديمه في حينها داخل مجلس الشعب.
كان الهدف من حظر النشر وقتها هو منع خروج تسجيلات تليفونية جرت بين كل هذه الأطراف إلي النور، خاصة وأن التسجيلات التي تمت بمعرفة جهاز الرقابة الإدارية، دارت بين الوزير القوي والمحافظ السابق لتوسيط الأخير لدي القاضي الشهير، حتي يقوم بإصدار حكم نفقة لصالح آرتين التي راحت تطارد طليقها داخل مصر وخارجها بكل ما أوتيت من قوة وذكاء و أيضاً إغراء. ورغم انقضاء فترة طويلة علي إغلاق ملف القضية، ورغم قرار الحظر الذي صدر، فإن القضية المثيرة لا تزال حتي هذه اللحظة تحظي باهتمام الجميع، حتي إن الدكتور مصطفي الفقي اعترف مؤخراً بأنها كانت سبباً في خروجه من رئاسة الجمهورية بغير رجعة.
علي أن قضية لوسي آرتين لم تكن أول قضية يحظر فيها النائب العام النشر، وإنما سبقتها قضايا كثيرة، ولحقت بها قضايا أكثر، علي سبيل المثال قضية الممرضة عايدة التي كانت تعمل في المستشفي الجامعي بالإسكندرية، واتهمت بقتل ٢٨ مريضاً داخل القسم الذي تعمل به، وهي القضية التي تفجرت في منتصف التسعينيات تقريباً، وحظر فيها النائب العام النشر وراحت الشائعات تؤكد أن وراء عمليات القتل مسؤولين كبار تورطوا ومسحوا أيديهم في ثوب الممرضة المسكينة التي حصلت وقتها علي حكم بالإعدام.
وهناك أيضاً قضية محمد فودة، سكرتير وزير الثقافة، الذي ثبت عليه تقاضي مبالغ رشوة في مقابل قيامه بدور الوسيط بين رجال مهمين داخل الدولة «وزراء ومحافظين»، بعضهم جاءت رجله في القضية والبعض الآخر عرف كيف يخرج منها مثل الشعرة من العجين، حدث هذا بالطبع بعد قرار النائب العام بحظر النشر في القضية التي جرت وقائع المحاكمات فيها نهاية التسعينيات من القرن الماضي.
قضية أخري صدر فيها قرار النائب العام بحظر النشر وهي قضية تفجيرات طابا وشرم الشيخ، والتي وقعت منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، وقيل وقتها إن الهدف من حظر النشر كان الوصول للمتهمين والقبض عليهم جميعاً قبل أن يفكروا في الهروب من قبضة العدالة.
كما شهدت قضية أخري شهيرة قراراً بحظر النشر من النائب العام في أواخر التسعينيات وهي القضية التي تورطت فيها فنانتان شهيرتان قيل إنهما احترفتا الدعارة، كما قيل إن هناك تسجيلات تليفونية تخصهما، واتضح بعد ذلك أن الوقائع ملفقة بعد أن حصلت الفنانتان علي حكم بالبراءة.
وقبل شهور منع النائب العام النشر في قضية رشوة تورط فيها أحد القضاة مع ثلاثة محامين هذا فضلاً عن بعض الحوادث التي جرت وقائعها في وزارة سيادية