روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    ( المحامي .) قصة من كتاب : ( من قصص المحاكم .) وعندما يقبل الحظ

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

     ( المحامي .)  قصة من كتاب : ( من قصص المحاكم .) وعندما يقبل الحظ Empty ( المحامي .) قصة من كتاب : ( من قصص المحاكم .) وعندما يقبل الحظ

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الجمعة أغسطس 27, 2010 9:22 pm

    كتاب : ( من قصص المحاكم .)
    وهو كتاب مترجم : كاتبه Sad جون ماكلوي )

    **************
    كانت قاعة المحكمة في ( نيو بيلي ) تموج بحشد مرح أنيق من النظارة , عندما بدأ نظر قضية شهيرة تتعلق بسرقة أحد المحال التجارية فقد اتهمت ( آرور) التي تبلغ من العمر 19 عاما بسرقة ونقل أشياء معينة مملوكة لمتجر ( المخازن العامة ) وهذه الأشياء هي :
    35 ياردة موسلين وعشرة قفازات و وقطعة من الاسفنج ومثقابان وخمس قنينات من دهان الوجه وثلاث من قبعات الحراس وبوصلة بحرية وصندوق من دبابيس الرسم واداة لكسر البيض وست سترات نسائية وصفارة حوذي .!!!
    وكان شاهد الاثبات في هذه القضية هو ( ألبرت جوبسون ) أحد مراقبي المتجر الذي شهد في هذا الصدد بأنه تتبع المتهمة خلال الأقسام المختلفة , وشاهدها وهي تأخذ الوارد في قائمة الاتهام .
    وقاطع القاضي الشاهد قائلا : لحظة واحدة من فضلك . من هو المحامي عن المتهمة ؟!
    وران على القاعة صمت غير متوقع , وتلفت ( روبرت كارلستون .) الذي جاء الى المحكمة متسكعا حوله في تأثر مفاجيء , لقد كانت الفتاة بلا محام .وحدث نفسه قائلا : ماذا لو انتهز هذه الفرصة ؟1 أجل أنه سينتهزها ووقف يقول في شجاعة : أنا ياسيدي القاضي .
    كان روبرت لايزال في الحلقة الثالثة من عمره ولكنه كان قد أمضى بضع سنوات في المهنة بلا موكلين ومع ذلك فانه رغم عدم اقبال الزبائن كان أبعد ما يكون عن الخمول فقد رشح نفسه لعضوية البرلمان لصالح المحافظين والأحرار معا كما كتب ست مسرحيات لم يتم اخراجها وخطب فتاة ليتزوجها الا أن توفيقه في مهنته متأخر .
    وها هي ذي فرصته قد حانت أخيرا , وجذب شعره المستعار فوق أذنيه بقوة وأخرج منظارا لا اطار له ثم وقف لاستجواب الشاهد وهو الاستجواب الذي تتضمنه الآن كل كتب القانون باعتباره نموذجا .
    وابتدأ استجوابه للشاهد قائلا في رقة : أنت تقول يا مستر ( جوبسون ) أنك رأيت المتهمة وهي تسرق هذه الأشياء المختلفة , وانها وجدت معها بعد ذلك ؟!
    ـــ نعم .
    ـــ انني أقول لك , وانتظر الرد في ترو ثم استطرد يقول : ان هذا كان محض اختلاق من جانبك !
    ـــ كلا .
    وأخفى روبرت خيبة أمله بمجهود خارق وعلى الرغم من عدم توقعه هذا الرد فقد احتفظ بثباته وعاد يحاول من جديد فقال : انني أعتقد انك تتبعت المتهمة وأخفيت هذه المجموعة في عباءتها بقصد الاعلان عن سلعكم الخاصة بفصل الشتاء ؟!
    ــــ كلا . لقد رأيتها تسرق .
    وتجهم وجه روبرت فقد بدا أن الرجل لا يسايره حتى في أبسط الافتراضات وفي حزم بالغ لمس نظارته ثم تراجع الى خط دفاعه الثالث وقال : هل رأيتها وهي تسرق هذه الأشياء ؟! هل تعني أنك رأيتها وهي تأخذها من الأقسام المختلفة وتضعها في حقيبتها ؟!
    ـــ نعم .
    ـــ بقصد دفع ثمنها بالطريقة العادية ؟!
    ــــ كلا .
    ـــ أرجو أن تكون دقيقا جدا . لقد قلت في شهادتك أن المتهمة عندما جوبهت بالاتهام صاحت قائلة : أتظن أنني جئت من أجل هذا العمل ؟! أما من أحد لينقذني ؟ وانني أعتقد أنها توجهت اليك ومعها مجموعة مشترياتها ثم أخرجت كيس نقودها وقالت لك : كم تساوي هذه الأشياء ؟ أنني لاأستطيع أن أجد أحدا يخدمني .
    ـــ كلا .
    يالعناد بعض الناس , وأعاد روبرت نظارته الى جيبه ثم أخرج واحدة أخرى واستمر الاستجواب التاريخي فقال : سنترك هذه المسألة الآن . ورجع الى ورقة في يده ثم نظر الى مستر جوبسون بوجه عابس وقال له : مستر جوبسون .. كم مرة تزوجت ؟!
    ـــ مرة واحدة .
    ـــ حقا .؟!
    وتردد قليلا ثم قرر أن يخاطر بالقاء السؤال التالي : أظن أن زوجتك قد تركتك؟!
    ــــ نعم .
    لقد كانت رمية من غير رام بعيدة المدى عنده فقد أفادت الخطة الجريئة وتنفس روبرت الصعداء ثم قال للشاهد في أدب قاتل : هل لك أن تذكر للسادة المحلفين السبب الذي دعاها الى تركك ؟
    ـــ لقد توفيت .
    ولو كان هناك شخص آخر أقل كفاية من روبرت لكان من المحتمل أن يصيبه الارتباك ولكن روبرت لم تخنه أعصابه الحديدية وقال : تماما .
    ولكن : هل حدث ذلك في الليلة التي أخرجت فيها من نادي ( برلمان هامبستيد) لأنك كنت مخمورا ؟!
    ــــ لم يحدث لي ذلك قط .
    ـــ حقا ؟!! هل لك أن ترجع بذاكرتك الى ليلة 24 من ابريل 1897 ؟ ماذا كنت تفعل في تلك الليلة ؟!
    فقال جوبسون : بعد أن فتش ذاكرته وبحث فيها عبثا : ليست لدي فكرة عن ذلك .
    ـــ انك في هذه الحالة لاتستطيع أن تقسم على أنك لم تطرد من برلمان ( هامبستيد ) ؟
    ـــ ولكنني لم أكن عضوا به قط .
    وتلقف روبرت هذا الاعتراف المؤذي فقال : ماذا ؟ لقد قلت للمحكمة انك تقطن في ( هامبستيد ) ومع ذلك فأنت تقول انك لم تشترك قط في ( برلمان هامبستيد ) أهذه فكرتك عن الوطنية ؟!!
    ـــ لقد قلت انني أقطن في ( هاكنسي ) .
    ـــ حسنا فليكن برلمان ( هاكنسي ) انني أقول انك طردت من نادي برلمان هاكنسي , لأنك ...
    ـــ انني لاأنتمي الى هذا البرلمان أيضا .
    فقال روبرت ( بلهجة المنتصر): تماما .لأنك طردت منه بسبب افراطك في الشراب .
    ـــ ولكنني لم أنتسب اليه قط .؟!!
    ـــ حقا .هل أفهم من هذا أنك تفضل أن تقضي أمسياتك في الحانة ؟!!
    فأجاب الشاهد غاضبا : اذا أردت أن تعرف فانني أنتمي الى نادي هوكني للشطرنج . وهذا يستغرق أكثر أمسياتي .
    وتنهد روبرت مبديا ارتياحه ثم التفت الى المحلفين قائلا : وأخيرا ياسادة وصلنا الى الحقيقة , ولقد كنت موقنا أننا سوف نصل اليها في النهاية بالرغم من مراوغات مستر جوبسون .
    ثم تحول الى الشاهد قائلا في صرامة: والان ياسيدي لقد قررت المحكمة أنه ليس لديك أية فكرة عما كنت تفعله في ليلة 24 ابريل 1897 واني أذكرك مرة أخرى بأن فقدان ذاكرتك هذا راجع الى أنك كنت في حالة سكر بمقر نادي هوكني للشطرنج . فهل يمكنك أن تقسم على ذلك أن الأمر لم يكن كذلك ؟!
    وسرت في القاعة تمتمة اعجاب بالطريقة التي اتبعت لاقتفاء أثر الحقيقة دون هوادة بينما شد روبرت قامته ووضع نظارتيه الاثنتين معا على أنفه ثم قال : هيا تكلم أيها السيد ... ان المحلفين في الانتظار .
    ولكن الذي تولى الاجابة لم يكن جوبسون بل محامي الادعاء الذي قام من مقعده قائلا :في هذه الظروف لايسعني الا أن أنصح موكلي بالانسحاب من الدعوى .
    فقال القاضي : انه قرار صائب جدا . وليطلق سراح المتهمة دون أي تلطيخ لسمعتها .
    وتدفق الزبائن على روبرت في اليوم التالي وعهد اليه بكل القضايا الكبرى في محكمة الانصاف ,وفي خلال أسبوع قبلت مسرحياته الست , وبعد أسبوعين انتخب عضوا في البرلمان ممثلا لعمال المناجم عن دائرة ( كوفيل ) وتم زواجه في نهاية الشهر .
    وكانت هدايا الزفاف أكثر عددا وأغلى ثمنا من المعتاد , وكان من بينها :
    خمس وثلاثون ياردة بورسلين وعشرة قفازات وقطعة من الاسفنج ومثقابان وخمس قنينات من دهان الوجه وثلاث قبعات وبوصلة بحرية وصندوق من دبابيس الرسم واداة لكسر البيض وست سترات نسائية وصفارة حوذي ومعها بطاقة كتب عليها (من صديق معترف بالجميل .)

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد نوفمبر 24, 2024 5:17 pm