بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد:
فهذه وريقات تحمل سطورُها كلماتٍ متعلّقةً بأعظم ما أمر الله به ألا وهو توحيده ، و أعظم ما نهى الله عنه ألا وهو الإشراك به .
أيها القارئ الكريم .. إن من المعلوم عند أهل السنة والجماعة السائرين على منهج السلف ؛ أن الله ما أرسل الرسل وخلق الخلق إلا للقيام بالتوحيد ، وترك الشرك بالله ونبذه ، فلما علم ذلك عدوّنا الأكبر الشيطان الرّجيم صار يجلب بخيله وَرَجِله لصرف عباد الله على اختلاف مستوياتهم عن تعلّم التوحيد والقيام به دعاةً و مدعوين ، علماء وعوامَّ إلا من رحم الله ، فزيّن للدعاة ترك الدعوة إلى التوحيد بحجة أن الدعوة إليه تفرّق الصف وتمزق الشمل ، أو بحجة أن الناس لا يتفاعلون معه ، أو أن الناس على دراية به . فيا عجباً لا ينقضي كيف نترك دعوة الناس للتوحيد تمسكاً بهذه الحجج التي لم يُلق الأنبياء والرسل لها بالاً ؟ أتدري لماذا ؟ لأنهم علموا - بما علمهم الله - أن المقصد من دعوة الناس توحيد الله سبحانه ، ولا سبيل للنجاة إلا سبيلهم وسبيلهم واحد كما قال تعالى ( وأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ (، وهل وظيفة الدعاة الصادقين إلا إحياء دعوة الرسل التي هي توحيد الله ؟
ومما لبس به الشيطان على العوام أن التوحيد معروف وأننا موحدون فلماذا الدّعوة إليه ؟ فيقال : يا سبحان الله ! كيف هذا والكثير من البلدان الإسلامية وغير الإسلامية قد لفها ظلام الشرك الأكبر الصراح كما سيأتي . ثمّ لو كان الشرك معروفاً فإننا لا نزال في حاجة إلى تذكره وإلى أن ندعو الله ليجنبناه . إذ لن نكون كالخليل إبراهيم عليه السلام ، ومع هذا قال داعيا ربه (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ( ، قال إبراهيم التيمي: ومن يأمن البلاء - أي الشرك - بعد إبراهيم عليه السلام . رواه ابن أبي حاتم وابن جرير الطبري .
ولن نكون كصحابة رسول الله صلى الله علية وسلم - خير القرون - الذين لا زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعاهدهم بالتوحيد حتى في مرض موته صلى الله عليه وسلم .
فيا أيها الناس جميعاً هلموا إلى تعلّم التوحيد والدعوة إليه ، فإن تعلمه والدعوّة إليه والقيام به سبب لإقامة دولة الإسلام في الدنيا وبلوغ الفردوس في الآخرة قال تعالى ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (.
فإليك أيها القارئ المفضال- شيئاً من أخطاء بعض الناس في توحيد الرب سبحانه لنتجنبها أجمعين ولنفوز برضوان الرب الكريم.
1- من الأخطاء : ما نراه منتشراً في أكثر البلدان الإسلامية من صرف العبادة لغير الله سبحانه كدعاء الأموات الصالحين وغيرهم ، وسؤالهم غفران الذنوب ، وكشف الكروب ، وحصول المطلوب من ولد وشفاء مرض ٍ، وكالتقرب إليهم بالذبح والنذر والطواف والصلاة والسجود ، حتى إن قلوبهم لتخشع وعيونهم لتدمع عند قبور هؤلاء أكثر منها عند الصلاة لله والوقوف بين يديه ، بل وأكثر منها عند الطواف لله حول الكعبة المشرفة ، فيا لله العجب ! أما علم هؤلاء أنهم بفعلهم هذا قد أحبطوا أعمالهم إذ وقعوا في الشرك الأكبر ؟
والله تعالى يقول ( قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ( ويقول ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ( أي فلا تعبدوا مع الله أحداً ، إذ عبادة غير الله مع الله أياً كان هذا المعبود نبياً مرسلا أو ملكاً مقربا فهي من إشراك غير الله مع الله في أمر خاص بالله الذي هو الشرك الأكبر الذي قال الله عنه( إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ (، وقال ( إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ( ، وقال( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ( ، وقال ( وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ( ، نسأل الله السلامة والعافية .
2- من الأخطاء : تفسير كلمة التوحيد ( لا إله إلاّ الله ( بأنه لا خالق إلا الله ولا قادر على الاختراع إلا هو ، إذ هذا التفسير قاصر ومخالف لما جاء في الكتاب والسنة ، يوضح ذلك أن الله أخبرنا بأن كفار فريش مقرّون بأنه هو الخالق الرازق المدبر كما قال تعالى ( وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ) ، فلو كان هذا معنى كلمة التوحيد لكانوا مؤمنين ولما أبو نطقها ولما جعلوها شيئاً عجاباً كما قال تعالى عنهم (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ( ، فإذاً يكون معناها لا معبود حق إلا الله سبحانه وتعالى، وإفراد الله بالعبادة هو الذي أنكره كفار قريش وهو الشيء الذي جعلوه عجباً فيكون هو معناها .
3- من الأخطاء : الغلو في حق النبي الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم . إن لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم منزلةً عظيمةً ومكانةً رفيعةً لا يبلغها أحد ، لا ملك ولا إنس و لا جان ، فهو صاحب الشفاعة وأكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة ، وقد وصفه ربه بصفات عظمى منها قوله سبحانه ( لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ( ، ومن حرصه علينا أنه نهانا عن الغلو فيه كما روى البخاري عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله " فهو عبد ، لا يشارك الرب في شيء من خصائصه كعلم الغيب ونحو ذلك ، ورسول يبلغ دين الله كما قال عن نفسه صلى الله عليه وسلم:" إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون " أخرجه الشيخان من حديث ابن مسعود .
وإن من صور غلو بعض الجهال فيه صلى الله عليه وسلم ما يلي :
أ- ادعاء علمه للغيب و أن الدنيا خلقت لأجله كما قال أحدهم .
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذاً بيديفضــلاً وإلا فـقـل يا زلــة القدم
فإن من جودك الدنيا و ضرَّتهاومن علومك علم اللوح و القلم
ب- طلب مغفرة الذنوب منه صلى الله عليه وسلم وأن يدخله الجنة ، وهذه الأمور خاصة بالله سبحانه لا يشركه فيها أحد، بل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرجو أن يدخله الله الجنة برحمته ، كما روى الإمام مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لن يدخل الجنة أحد منكم بعمله ، قالوا : ولا أنت يا رسول الله ، قال: ولا أنا إلاّ أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل " .
ج- السفر لقصد زيارة قبره صلى الله عليه وسلم ، وهذا منهي عنه باتفاق الصحابة ؛ لما روى الشيخان عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا تشد الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا " ، فكل بقعة يسافر إليها لقصد التعبد محرم بهذا الحديث إلا المساجد الثلاث .
واعلم – أخا الإسلام – أن ّكل حديث روي في فضيلة شد الرحال إلى قبره فهو ضعيف لا يصح عنه ، كما صّرح بذلك جمع من الأئمة . أما السفر لأجل الصلاة في المسجد فهذا أمر مستحب .
د- اعتقاد أن فضيلة الحرم المدني بسبب وجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا خطأ فادح إذ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكر فضل الصلاة فيه قبل أن يموت .
4- من الأخطاء: إتيان السحرة والكهان والعرافين ونحوهم وتصديقهم بما يقولون ، فإنّ هذا من الكفر بما أنزل على محمد صلى الله علية وسلم لما روى الأربعة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله علية وسلم قال:" من أتى عرافاً أو كاهناً فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله علية وسلم" حديث صحيح ، وقال الله عز وجل ( وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرََ ( ثم قال (وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ ( ، أي نصيب وحظ .
وعجباً لأولئك الذين أصابهم مرض في أنفسهم أو أزواجهم أو بنيهم سعوا طارقين أبواب السحرة والكهان والعرّافين ونحوهم طلباً للشفا ! أرضوا بالشفاء في دنيا عاجلة الانقضاء ثم عذاب وبلاء في آخرة لا نهاية لها ؟ أما علموا أن الله قد يبتلي العبد تمحيصاً لدينه وتكفيراً لذنوبه حتى يلقى الله لا ذنب له ، ثم يفوز برضوانه وجزيل فضله وعطائه إن كان من الصابرين ؟ فالله الله بالصبر والمصابرة واستخدام الطرق الشرعية للعلاج كالرقية المتضمنة كلام الرب سبحانه ودعاءه وسؤاله .
وأخيراً إن للساحر أمارات يعرف بها ، منها : أنه يتمتم بكلام لا يُدري ما معناه ، أو يسأل أسئلة لا فائدة منها: كمثل قوله ما اسم أمك ؟ أو يطلب منك ذبح ديك أو غيره في أماكن الخلاء أو غيرها .
5- من الخطأ ضعف عقيدة الولاء والبراء التي ملخصها حب أهل الإيمان بقدر طاعتهم للرحمن وبغض الكفار مطلقاً أما أهل البدع والعصيان فعلى قدر بدعهم و معصيتهم ، هذه هي العقيدة التي كثر تقرير الله لها في كتابه والرسول صلى الله عليه وسلم في سنته القولية والفعلية فمن ذلكم قوله تعالى ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ( ، - فانظر يا رعاك الله- كيف أن إبراهيم عليه السلام تبرأ من قومه وعشيرته ومنهم أبوه ، ولم يقتصر على ذلك بل زاد وتبرأ من معبود اتهم ثم جعل الحد الذي تنتهي به هذه العداوة والبغضاء أن يؤمن قومه ومنهم أبوه بالله وحده فلا يشركون معه غيره سبحانه وتعالى ، ثم - أعد النظر- تجد أن الله جعل فعل إبراهيم هذا أسوة حسنه لمن بعده . ومن الآيات الآمرة بعداوة الكفار قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين ( فقد حرمت الشريعة الغراء موالاتهم لأمور كثيرة منها: أن موالاتهم سبب لأن يصير المسلم منهم فحفظاً لدينه أمر بمعاداتهم وعدم توليهم ، ومن أسباب تحريم موالاتهم أن الكفار حريصون على إضلالنا وجعلنا من أتباعهم على دينهم الباطل قال أصدق القائلين سبحانه (وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء ( فلما كانت هذه حالهم أمر بمعاداتهم المستلزمة للبعد عنهم حتى لا يتمكنوا من إضلالنا بجعلنا من أتباعهم على دينهم الفاسد دنيا و أخرى ، وقد قام رسولنا بهذا الأمر أشد القيام قولاً وفعلاً ، ولعلي أكتفي بثلاثة أمور :
الأول : ما رواه مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيقه " يعني لا تفسحوا لهم الطريق حتى يتجاوزوا فكيف إذاً بمن يصدّرهم في المجالس ويعزهم ويعظمهم ويهنئهم أيام أعيادهم .
الثاني : إطلاق الأخوة على الكافر المستأمن أو المعاهد ، واعتقاد أن عداوة الكفار خاصة بالحربي وهذا خطأ ، بل الكافر لكونه كافراً أياً كان مستأمناً أو معاهداً أو حربياً فكلهم أعداء لأهل الإسلام والمسلم عدو لهم كما قال تعالى ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ، وبهذا يتبين بجلاء بطلان الدعوة التي يدعيها بعضهم: من أن عداوتنا مع اليهود عداوة أرض ، فمتى أرجعوا أرضنا انتهت العداوة بيننا وبينهم ، بل عداوتنا معهم عداوة دين وملة ، فإذا اغتصبوا شيئاً من أرض المسلمين زادت عداوتنا لهم .
الثالث : ما ثبت عند الإمام أحمد وأبي داود عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من تشبه بقوم فهو منهم " وهذا التشبه المنهي عنه شامل للتشبه في كل ما هو خاص بهم من التكلم بلغتهم ، ولبس لباسهم وقص الشعر كقصهم ونحو ذلك مما هو منتشر بين المسلمين ، وقد قال عمر بن الخطاب: إياكم ورطانة الأعاجم ودخول كنائسهم أيام عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم . رواه البيهقي وصححه الإمام ابن تيمية - رحمه الله - ، ويا ليت الأمر على سوئه توقف عند هذا الحد ، بل ازداد وصار التشبه بهم في كلامهم وغير ذلك ممدحة يمتدح بها فإلى الله المشتكى و إنا لله و إنا إليه راجعون .
وما أحسن ما قال أبو الوفاء ابن عقيل: إذا أردت أن تعرف الإسلام من أهل زمان فلا تنظر إلى ازدحامهم عند أبواب المساجد ولا ارتفاع أصواتهم بلبيك ولكن انظر إلى مواطأتهم لأعداء الشريعة .
وبعد هذا كله لعله أتضح لك جلياً فساد الدعوة الشائعة باسم ( تقريب الأديان أو وحدة الأديان ) التي حقيقتها هدم الإسلام ، لأن القرآن الكريم بيّن بوضوح أن الأديان الأخرى كاليهودية والنصرانية بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم أديان منسوخة محرفة كفرية ، وذكر أن أهلها كفار كما قال أصدق القائلين ( وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء ( ، وقال ( لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ ( وقال ( لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ ( فبعد بيان القرآن أن الأديان الأخرى كفرية فليس بيننا وبينهم إلا العداوة والبغضاء مع دعوتهم إلى نبذ دينهم وتركه إلى الدين الإسلامي الحق .
ومع أهمية عقيدة الولاء والبراء إلا أنه لا يجوز الغلو فيها ومجاوزة الحد الذي حده الله ، ومن صور الغلو ما يلي:
1/ قتل المعاهد الكافر من المستأمن وأهل الهدنة والصلح لما ثبت في البخاري عن عبدالله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين سنة " وكل من دخل بلاداً من بلدان المسلمين دخولاً نظامياً يعتبر معاهداً .
2/ غدرهم وخيانتهم فإن الخيانة والغدر محرمان حتى مع الكفار ، عن حذيفة بن اليمان قال : ما منعني أن أشهد بدراً إلا أني خرجت أنا وأبي حسيل قال: فأخذنا كفار قريش قالوا: إنكم تريدون محمداً ؟ فقلنا: ما نريده ، ما نريد إلا المدينة . فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معه . فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه الخبر . فقال:" انصرفا ، نفي لهم بعهدهم ونستعين الله عليهم " وفي لفظ " تفيا لهم بعهدهم " ، فمن دخل بلادهم دخولاً نظامياً فقد عاهدهم فلا يجوز له غدرهم وخيانتهم ، وفرق بين الخداع والغدر فتنبه .
3/ اعتقاد أن دفع المال للكافر مطلقاً خارم لعقيدة الولاء والبراء ، وهذا خطأ ، بل هذا راجع للمصالح والمفاسد وفرق بين حالة القوة والضعف وحالة الاختيار والاضطرار ، علماً أن من أصناف الزكاة الثمانية ( المؤلفة قلوبهم) وهم كفار .
4/ اعتقاد جواز ظلمهم وأخذ أموالهم ، وهذا خطأ ، بل إن الكافر المظلوم تستجاب دعوته في حق ظالمه ، ولو كان مسلماً ، كما روى الشيخان عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب " .
تنبيه / إن من أسرع الناس إسلاماً هؤلاء النصارى لا سيما العجم ، فلو ضاعفنا الجهود في دعوتهم لحظينا بأجر هدايتهم . والأنفع في دعوتهم البداءة بعقيدتهم في التثليث ، فإنهم يدعون أنهم يعبدون إلهاً واحداً ، وفي الوقت نفسه يعترفون بعبادة ثلاثة الأب والابن وروح القدس ، وبعضهم يثلث بمريم . فزعمهم التوحيد وعبادة ثلاثة من الجمع بين الضدين اللذين لا يجتمعان ، وهذا ما لا جواب عندهم عليه . فجرب تجد فإن التجربة خير برهان .
6- ومن الأخطاء : ذلكم الداء العضال ألا وهو الرياء ، الذي معناه: العمل الصالح من أجل الناس . ومن شدة خطورته وخفائه خافه رسول الله صلى الله عليه وسلم على صحابته كما ثبت عند الإمام أحمد عن محمود بن لبيد قال:" أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ، فسئل عنه فقال: الرياء " .
أيها العقلاء إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخافه على الصحابة فكيف بنا نحن ؟ وإن من علامة الإيمان الخوف من الرياء وإخفاء العمل وعدم إظهاره ، وإياك أن يخدعك الشيطان ويدعوك للإكثار من إظهار العمل بحجة تنشيطك غيرك، وإني لأذكرك بما رواه مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرّفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها ؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت ، قال: كذبت ولكنّك قاتلت لأن يقال جريء فقد قيل ، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ، ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرّفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال تعلمت العلم وقرأت فيك القرآن . قال: كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم ، وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل ، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار . ورجل وسع الله عليه وأعطاه الله من أصناف المال كله فأتي به فعرّفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها . فال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك . قال: كذبت ، ولكنك فعلت ليقال هو جواد ، فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ".
7- من الأخطاء المنتشرة: ضعف عقيدة التوكل على الله . قال تعالى ( وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) ، قال الإمام ابن القيم: فظهر أن التوكل أصل لجميع مقامات الإيمان والإحسان ولجميع أعمال الإسلام ، وأن منزلته منها كمنزلة الجسد من الرأس ا.هـ
وإن لضعف عقيدة التوكل آثاراً خطيرة منها شدة التعلق بالأسباب المادية فالمريض يشتد تعلقه بالطبيب متغافلاً عن رب الطبيب ، ومحتاج المال يطلبه ولو كان محرماً كأن يسرق أو يعمل في البنوك الربوية وهكذا .. وأخيراً إياك أن تفهم أن ترك الأسباب من تحقيق التوحيد كما تظن ذلك طائفة غالطة . بل التوكل والتوحيد حقاً هو الجمع بين فعل الأسباب والاعتماد على رب الأسباب سبحانه وتعالى .
8- من الأخطاء الشائعة المنتشرة في بلدان المسلمين الغلو في القبور ، وهذا له صور شتى:
أ) إدخالها في المساجد واعتقاد البركة بوجودها فيه: وهذا من البدع التي ثبتت حرمتها بالشرع المطهر ، فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة – رضي الله عنها – أن أم سلمة ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها في الحبشة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك التماثيل ، أولئك شرار الخلق عند الله " وثبت في الصحيحين عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " .
ب) البناء على القبور وتجصيصها : ثبت في صحيح مسلم عن جابر بن عبدالله – رضي الله عنهما – قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه . فانظر – رحمك الله – إلى هذا النص الصحيح الصريح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحريم تجصيص القبور والبناء عليها ، وقارنه بواقع المسلمين – هداهم الله – في هذه الأزمان المتأخرة . واعلم – أخا التوحيد – أن الشريعة حرمت البناء على القبور وتجصيصها ؛ لكون هذه الفعال وسيلة من وسائل الشرك حماني الله وإياك من الشرك وكل وسيلة مؤدية إليه .
9- من الأخطاء الشائعة بين المسلمين : تلك الخرز والخيوط التي يعلقها بعضهم على رقبته أو يده أو بنيه زاعماً أنها ترد الشرّ عنهم وتجلب الخير لهم ، وسبب كونها من قوادح التوحيد أن الشريعة المحكمة المطهرة ذمتها وحذرت منها فمن ذلك ما رواه الإمام احمد بإسناد ثابت عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من تعلق تميمة فقد أشرك " وقال ابن مسعود في كلام له: إن التمائم والتوله شرك . رواه أبو عبيد القاسم بن سلام بإسناد صحيح . والتميمة هي كل ما يتخذ تتميماً للفائدة من خرز ونحوها وليست سببا في ذلك ، واعلم - أخا الإيمان –أن كثيراً من التمائم التي يزعم أهلها أنها من القرآن إذا كشفتها وجدتها ليست كذلك بل كلمات غير مفهومة المعنى وإن كنت في شك فجرب فالتجربة خير برهان . وأخيراً تذكر قول المولى سبحانه ( وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم (.
10- ومن الأخطاء الطّيرة :وهي ما أمضى أو ردّ وليس سبباً حقيقياً فيهما كمثل الذي يترك فتح متجره لأنه صبّح برؤية أعرج أو سماع صوت غراب ، ومن المعلوم أن رؤية الأعرج أو سماع صوت الغراب ليس سبباً لمنع الرزق، أو حصول مصيبة فبهذا يعلم أن هذا الفعل شرك بالله لما روى الشيخان عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل" . قالوا: وما الفأل ؟ قال:" الكلمة الطيبة " وما رواه الترمذي وصححه عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" الطيرة شرك " فيتبين بهذا خطأ قول بعض الناس: ( خير يا طير ) ، إذ مصدر هذه الكلمة من المتطيرين بالطيور .
11- ومن الأخطاء اعتقادأناللهفيكلمكان : وهذا بيّن المصادمة للكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة، فالنصوص متواترة على أن الله فوق السماء مستوٍ على عرشه استواءً يليق به سبحانه كما قال ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ( ، في سبع آيات وقال ( أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ( ، وما ثبت في صحيح مسلم من حديث معاوية بن الحكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للجارية: أين الله ؟ قالت: في السماء . ثم قال:" أعتقها فإنها مؤمنة " والدّاعي إذا أراد الدعاء رفع كفية إلى السماء لكونه مستقراً في نفسه أن مولاه سبحانه فوق السماء. وأيضاً إذا أراد الدعاء رفع كفيه إلى السماء ؛ لكونه مستقراً في نفسه أن مولاه فوق السماء سبحانه ، ومعنى أنه سبحانه فوق السماء أي أنه فوق جميع المخلوقات والعالمين .
أيها القراء الكرام: أيهما أعظم تنزيهاً للبارئ : القائل بأنه في كل مكان طاهراً كان أو نجساً ، أم القائل بأنه فوق العالمين أجمعين لا تحيط به شيء من مخلوقاته سبحانه وتعالى عما يقول الخاطئون .
12- من الأخطاء:الحلف بغير الله كالحلف بالأمانة أو النبي صلى الله عليه وسلم أو النعمة وهذا كله شرك لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت" .
فبعد أن تبين لك أن الحلف بغير الله شرك ، فالواجب عليك المبادرة بتركه وعدم التساهل في أمره فإن ما وصف بأنه شرك فهو من أعظم الكبائر .
13- من الأخطاء ترك الحكم بما أنزل الله وتغييره بالقوانين الوضعية سواء أكانت مقتبسه من بلاد الكفر أو غيره ، ومثل ذلك ما تفعله بعض القبائل من التحاكم إلى عاداتها ، وأمور اتفقوا عليها وكل هذا محرم كما قال تعالى (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) ، وسبب لضياع الأمن وتدهور الاقتصاد وهو دال على ضعف الدين والعقل . أما الدين فلأنه مخالفة له وعصيان للرب سبحانه وتعالى . وأما العقل فلأن رب البشر أعلم بما يصلح للبشر ، فوضع أحكاماً تناسبهم ، فكيف يتركون حكمه وينقادون لحكم بشر مثلهم؟ نسأل الله أن يهدي حكام المسلمين للقيام بشرع الله واتباع هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه عزهم دنيا وأخرى لو كانوا يعلمون .
14- من الأخطاء المنتشرةبينالمسلمين: ترك الصلاة مع كون تركها كفراً مخرجاً من الملة، كما أجمع على ذلك الصحابة – حكاه غير واحد عنهم - وقد روى جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:" بين الرجل والشرك أو الكفر ترك الصلاة " أخرجه مسلم . وإن مما ينبغي أن يكون معلوماً عند المسلمين أجمعين أن من مات تاركاً للصلاة فإنه لا يغسل ولا يكفن ولا يدفن في مقابر المسلمين ، ولا يورث ، بل ولا يترحم عليه ، فإن قدمه أولياؤه للمسلمين حتى يصلوا عليه فإنهم يعدون غاشين للمسلمين ، نسأل الله السلامة والعافية .
فإذا كانت هذه عقوبة ترك الصلاة فإلى متى لا يزال طائفة من الناس يصرون على تركها بحجة أننا إذا كَبِرت سنّنا سنصلي؟ أما يدري هؤلاء أن من مات بعد بلوغه فكل هذه الأحكام جارية عليه ، وهذه الحجة التي يحتجون بها لن تغني عنهم من الله شيئاً؟ قال تعالى ( وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُون( .
15- من الأخطاء: التسرّع في التكفير ، وتكفير المسلم المعين أمر خطير لا يصار إليه إلا ببرهان واضح كوضوح الشمس في رائعة النهار ، ويلزم فيه توافر الشروط وانتفاء الموانع وهي باختصار :
أ-العلم ، وذلك بأن يعلم الشخص أن هذا العمل كفر ويقابله من الموانع الجهل فمتى حلّ الجهل ارتفع التكفير قال سبحانه ( وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا (، فمن لم يتبيّن له الأمر فلا تنزل نصوص الوعيد عليه .
ب - قصد القول أو الفعل الكفري ، والمراد به تعمد القول أو الفعل ويقابله من الموانع الخطأ ، أي أن يقع القول أو الفعل دون قصد كسبق اللسان أو السهو ويدل له قوله تعالى ( رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا (، قال سبحانه في الحديث القدسي:" قد فعلت " رواه مسلم .
ج- الاختيار ويقابله من الموانع الإكراه قال تعالى ( مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ
وَقَلْبُه مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ ) .
د-التأويل غير السائغ : ويقابله من الموانع التأويل السائغ ، ويدلّ له اتفاق الصحابة على عدم تكفير الذين استحلوا الخمر لأنهم تأولوا قوله سبحانه (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُوا (، بجواز شرب الخمر مع التقوى والإيمان، رواه عبد الرزاق بإسناد صحيح. وإلا فإن شرب الخمر من الكبائر ، فلولا أن عند هؤلاء تأويلاً لكفروا ؛ لأنهم استحلوا شرب الخمر وهو من الكبائر .
وهذا كله لأن التكفير حق لله ومن لم يصب في إطلاقه فإنه يعود إليه كما روى البخاري عن ابن عمر – رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من قال لأخيه يا كافر إن كان كما قال وإلا حارت عليه " .
وتنبه – أخا الإيمان – أن كون الشيء كفراً لا يلزم منه تكفير فاعله إلا بتوافر الشروط وانتفاء الموانع كما سبق فلم التعجل ؟
16- من الأخطاء : تأويل أسماء الله وصفاته المذكورة في القرآن الكريم وصحيح السنة النبوية على خلاف ما ذكر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بحجة خشية تشبيه صفة الله بصفات المخلوقين ، فالله يقول عن نفسه ( بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ) ، والمؤولة يقولون ( اليدان ) بمعنى (القوتين ) لأنا إذا قلنا لله يدان شبهناها بصفة الخالق سبحانه وهكذا ... فبحجة خشية التشبيه يؤولون صفة الإتيان والرحمة وغيرها من صفات الله سبحانه . وهذا خطأ شنيع في المعتقد ؛ لأنه لا يلزم من إثبات الصفة لله على ما يليق به التشبيه ، بل تثبت هذه الصفة على ما يليق بالله من غير تشبيه . فقول القائل: للإنسان يدان وللحيوان يدان لا يلزم منه تشبيه يد الحيوان بيد الإنسان ، بل كلٌ يده بحسبه وهكذا – ولله المثل الأعلى – إذا قلنا على مقتضى ما أخبر الله عن نفسه: لله يدان ، فلا يلزم من هذا تشبيهه بالخلق ؛ لذا جمع الله بين إثبات صفتين له مع نفي التشبيه فقال ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) . ثم إنه يلزم على قول هؤلاء المؤولة المعطلة ألا تكون لله صفات ، فعلى هذا شبهوه بالمعدومات ، ففروا من شيء زعموه ووقعوا فيما هو أسوأ منه !
فإلى متى لا ينتهي أولئك المؤولة عما هم فيه من تحريف الكلم عن مواضعه والإلحاد في أسماء الله وصفاته ؟
17- من الأخطاء : ظن بعض المسلمين أنه لا يؤخذ بقول وفعل محرم بما أن قلبه وباطنه صالح – كما يزعم- ، وإذا أنكر عليه فعل محرم رد بأن أهم شيء ما في القلب ، وقلبه مؤمن ... ، وهذا الأعتقاد خطأ زينه الشيطان اللعين ليهون الذنوب والمعاصي في عيون عباد الله من أوجه:
1/ أن صلاح الظاهر والباطن متلازمان لا ينفكان ، فمتى كان الظاهر صالحاً كان الباطن كذلك ، والعكس بالعكس ؛ لذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب " متفق عليه من حديث النعمان بن بشير . فمن زعم صلاح باطنه مع تلبسه بالمعاصي ظاهراً فهو مخطئ لبس عليه الشيطان .
2/ ما أخرج مسلم عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا ينظر الله إلى صوركم ولا إلى أجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " فالنظر من الله إليهما لا إلى القلب وحده .
3/ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بإنكار المنكر عند رؤيته كما أخرج مسلم عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان " ، ولو كان فساد الظاهر ليس مهماً مع صلاح الباطن المزعوم لما أمر بالإنكار عند رؤية المخالفة الشرعية الظاهرة .
فائدة / يردد طائفة من الناس مقولة ( إن الإيمان في القلب فقط ) وهم في هذا مخطئون مخالفون صريح القرآن والسنة المتواترة ومعتقد سلف الأمة ، فإن الإيمان عند أهل السنة السائرين على هدي السلف الصالح قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، كما أخرج مسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان " ففي هذا الحديث – وغيره كثير – عدم حصر الإيمان في الاعتقاد ( القلب ) بل جعل الطاعات القولية كقول ( لا إله إلا الله ) ، والطاعات العملية (كإماطة الأذى عن الطريق ) من الإيمان ، بل والكفر الأكبر عند أهل السنة يكون بالقول كسب الدين ولعنه أو الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم ، وبالعمل كإهانة المصحف والسجود للصنم ، والاعتقاد كاعتقاد أن أحداً يتصرف في الكون بدون الله سبحانه وتعالى ، قال تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ، لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) ،بل حتى الهازل و المازح إذا ارتكب هذه المكفرات عامداً كفر – والعياذ بالله – كما كفر أولئك المستهزئون ، وهذا بإجماع أهل السنة .
18- من الأخطاء : ذكر ما شجر بين صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته ونشر ذلك في محاضرات عامة . وهذا خلاف معتقد السلف الصالح إذ عقيدتهم الإمساك عما شجر بينهم واعتقاد أنهم مجتهدون ، فمن أصاب منهم فله أجران ومن أخطأ فله أجر واحد وأن لهم حسنات عظاماً كفارة لسيئاتهم المتعمدة ، وقد أخرج الشيخان عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" لا تسبوا أصحابي فوا الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه " ، وإن نشر ما وقع بينهم ليوغر الصدور عليهم ، ويقلل محبتهم في القلوب، مع أن كثيراً منه لا يثبت عنهم ، بل هو كذب عليهم ، وما أحسن ما قال مؤرخ الإسلام الإمام الذهبي: تقرر الكف عن كثير مما شجر بين الصحابة وقتالهم – رضي الله عنهم أجمعين – وما زال يمر بنا ذلك في الدواوين والكتب والأجزاء ، ولكن أكثر ذلك منقطع وضعيف وبعضه كذب ، وهذا فيما بأيدينا وبين علمائنا ، فينبغي طيه وإخفاؤه ، بل إعدامه لتصفو القلوب وتتوفر على حب الصحابة والترضي عنهم ، وكتمان ذلك متعين عن العامة وآحاد العلماء ، وقد يرخص في مطالعة ذلك خلوة للعالم المنصف العري من الهوى ، بشرط أن يستغفر لهم كما علمنا الله تعالى حيث يقول ( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا)الحشر: من الآية10 ، فالقوم لهم سوابق وأعمال مكفرة لما وقع منهم ، وجهاد محاء وعبادة ممحصة ا.هـ و إن المتدبر لأحوال صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجدهم أبر الأمة قلوباً وأكثرهم فقهاً وعلماً فهم شاهدوا التنزيل وكان الوحي يتنزل بين أظهرهم ومبلغ الوحي رسول الله صلى الله عليه وسلم أمامهم ينظرون إليه ، لذا ذهب جمهور العلماء إلى أن قولهم حجة في الشريعة . نسأل الله أن يزيد حبهم في قلوبنا وأن يجمعنا بهم في دار كرامته فإن المرء مع من أحب .
تنبيه : زين الشيطان لبعض من لا علم له فألقى محاضرات مسجلة أمام الملأ عما شجر بين الصحابة الكرام من فتن ، وبيعت هذه المحاضرات المسجلة فتناقلها الصغير والكبير من العوام الجاهلين ، فكان من جراء هذه المحاضرات مفاسد لا يعلمها إلا الله ، فكم في هذه المحاضرات من قصص مكذوبة وضعيفة ، وكم فيها من تقول وافتراء على الصحابة الأبرياء ، وكم فيها من إفراح للفرقة الضالة المخذولة ألا وهم الشيعة الرافضة – رفضهم الله – إذ عقيدتهم مبنية على تكفير الصحابة والحط منهم ، ويكفي المسلم الغيور على دينه أن يعلم بأن هذه الفرقة ترمي أمنا أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – بالزنا ، وأنه سيقام عليها حد الزنا يوم القيامة !!! فإياك ثم إياك أن تغتر بما عندهم من تقية ونفاق ، فيظهرون المحبة وهم يبطنون البغضاء والعداوة ، وكن فطناً ذا دين رافعاً راية العداوة لهم غير مغتر بما يظهرون ويتصنعون – أعانك الله عليهم - .
19- من الأخطاء : الخروج على الحكام ؛ لما يترتب على ذلك من المفاسد العظمى على الدين والدماء، فلا يصح التفجير والقتل ولا القول المؤدي إلى ذلك حفظاً للدين ودماء المسلمين ، وإنما الدعوة بالأسلوب الأنفع فإن استجيب وإلا فقد قضى الإنسان ما عليه والحمد لله ، قال الأمام ابن تيمية في منهاج السنة (3/391(: ولهذا كان المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لا يرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف وإن كان فيهم ظلم كما دّلت على ذلك الأحاديث المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم - ثم قال - ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته أ.هـ وينبغي التنبه إلى أن كل خروج فعلي بالسلاح كان مبدأه الكلمة ، فكن على حذر، وحاول أن تجمع بين إنكار المنكر بالأسلوب الحسن مع عدم التعرض للحكام أمام الملأ ، والدعاء لهم بالصلاح والهداية ، فإن في صلاحهم صلاح العباد والبلاد – هدانا الله وإياهم لما فيه عز الإسلام والمسلمين - .
وليعلم كل مسلم متجرد من هواه أن للحكام علينا حقوقاً ألزمنا بها الذي ألزمنا بالصلاة والزكاة وعداوة الكفار ألا وهو ربنا سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ومن حقوقهم ما يلي:
1/ طاعتهم في غير معصية الله ، لما روى مسلم عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اسمع وأطع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع " و عن عوف بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئاً من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعنّ يداً من طاعة " رواه مسلم.
2/ النصح لهم من غير تشهير بأخطائهم ، ثبت عند ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: آمر إمامي بالمعروف ؟ قال ابن عباس: إن خشيت أن يقتلك فلا، فإن كنت فاعلاً ففيما بينك وبينه ، ولا تغتب إمامك".
تنبيه: الجهاد مطلب شرعي قد تواترت النصوص به والحث عليه ، إلا أنه ينبغي أن يعلم أن الجهاد وسيلة من وسائل إقامة الدين في الأرض ، فمتى كان أنفع اتخذ وسيلة – في هذه الواقعة لإعلاء كلمة الله – وإلا انتقل إلى غيره ، فهو إذاً من باب الوسائل لا من باب الغايات المرادة لذاتها ، ويوضح ذلك أنه يصح تركه مقابل أخذ الجزية ، ولو كان مراداً لذاته لما صح تركه مقابل أخذ الجزية ، فهو مشروع لإعلاء كلمة الله في الأرض ، فإن كان الجهاد أنفع وأنجع لإعلاء كلمة الله في الأرض اتخذ وسيلة ، وإن كان تركه إلى الدعوة والكلمة الطيبة أنفع ترك . وفي المسألة تفصيل لا يناسب ذكره في هذا المختصر .
20- من الأخطاء : انتشار البدع فإنها تهدم الدين هدماً ، ومن المحزن المؤسف انتشار كثير من البدع في العالم الإسلامي كمثل الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وحادثة الإسراء والمعراج وغيرها مما لم يحتفل به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا صحابته الكرام من بعده ، ومن البدع الدعاء الجماعي أدبار الصلوات وقراءة القرآن جماعياً وصلاة الظهر مع صلاة الجمعة بعده يوم الجمعة – كما في بعض البلدان- وهكذا كل محدثة في الدين ولم يتعبد بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا صحابته الأبرار مع وجود دافع يدفعهم للعمل ولا مانع يمنعهم ، فيا عجباً كيف تكون هذه الأعمال خيراً ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عنها معرضون ؟ أكانوا جاهلين بها أم مقصرين عنها ؟ كلا وحاشاهم وإنما تركوها لكونها من البدع غير المرضية لله سبحانه .
واعلموا يا إخواني أنه قد سرت بين المسلمين دعوات مضلة تدعوا إليها جماعات تسمى إسلامية وأفراد مفادها: التعاون وعدم العداء مع كل مخالف مهما كان خلافه بما أنه يعمل للدين . وهذا خطأ شنيع فيه لبس للحق بالباطل ، وذلك أن المسائل المختلف فيها نوعان: أحدها: يسوغ الخلاف فيها ، وتسمى اجتهادية . ومثلها يعذر المخالف ولا يغلظ عليه ، وأكثرها من المسائل الفقهية . ثانيها: لا يسوغ الخلاف فيها لأنها بدع وتسمى مسائل خلافية ، ومثلها يشنع على المخطئ ولا يتعاون معه ، بل يعادى حتى يدعها على تفصيل لا يناسب ذكره في مثل هذا المختصر ، لكن المهم كن حذراً من تلبيسهم وتذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذم الخوارج في نصوص كثيرة مع إرادتهم نصر الدين ،إلا لأن كونهم من أهل البدع استحقوا الذم والتنفير .
21- من الأخطاء : انتشار كلمات قادحة في التوحيد فأذكر – زيادة على ما سبق ذكره منثوراً – قول القائل " الله يظلمك " أو " الله يخونك" ، إذ الله سبحانه لا يظلم أحداً ولا يخون أحداً. وقول " انتقل فلان إلى مثواه الأخير " عند موته ، إذ مدلول هذه الكلمة إنكار البعث وأنه لا شيء بعد القبر، والقول " يا صديق" للكافر ، إذ الكفار أعداء لنا ولديننا فليسوا أصدقاء . وقول " فلان ما يستاهل " للرجل المصاب بمصيبة ، إذ هذا اعتراض على قضاء الله وقدره . وقول " تبارك علينا فلان " إذ لفظة تبارك خاصة لا تطلق إلا على الله وقول " العصمة لله " إذ ظاهر هذا أنّ أحداً يعصم الله ولا عاصم له ولا منه ، وقول بعض المؤذنين - خطأ – " الله أكبار " يمد الباء ، وهذا بمد الباء معناه – والعياذ بالله – الله طبل ، كما ذكر ذلك علماء الشرع واللغة ، ولعن الدين والذات الإلهية ، وهذا ردة وخروج من الملة – ثبتنا الله على دينه -.
ختاماً : إن المتأمل في هذه الأخطاء ليدرك يقيناً قول نبينا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم من حديث أبي هريرة:" بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء " فإن الدعاة لترك هذه المخالفات الموبقات يوصفون – كذباً وزوراً – بأنهم أهل بدعة وضلالة وبغض للأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين ، وكل هذا من الظلم والجور وتلبيس الشيطان ومكره ، وإلا فإن هؤلاء المنكرين لهذه المخالفات لم يزيدوا على طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فهل طاعة الله ورسوله بدعة وضلالة ؟ سبحانك هذا بهتان عظيم .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد:
فهذه وريقات تحمل سطورُها كلماتٍ متعلّقةً بأعظم ما أمر الله به ألا وهو توحيده ، و أعظم ما نهى الله عنه ألا وهو الإشراك به .
أيها القارئ الكريم .. إن من المعلوم عند أهل السنة والجماعة السائرين على منهج السلف ؛ أن الله ما أرسل الرسل وخلق الخلق إلا للقيام بالتوحيد ، وترك الشرك بالله ونبذه ، فلما علم ذلك عدوّنا الأكبر الشيطان الرّجيم صار يجلب بخيله وَرَجِله لصرف عباد الله على اختلاف مستوياتهم عن تعلّم التوحيد والقيام به دعاةً و مدعوين ، علماء وعوامَّ إلا من رحم الله ، فزيّن للدعاة ترك الدعوة إلى التوحيد بحجة أن الدعوة إليه تفرّق الصف وتمزق الشمل ، أو بحجة أن الناس لا يتفاعلون معه ، أو أن الناس على دراية به . فيا عجباً لا ينقضي كيف نترك دعوة الناس للتوحيد تمسكاً بهذه الحجج التي لم يُلق الأنبياء والرسل لها بالاً ؟ أتدري لماذا ؟ لأنهم علموا - بما علمهم الله - أن المقصد من دعوة الناس توحيد الله سبحانه ، ولا سبيل للنجاة إلا سبيلهم وسبيلهم واحد كما قال تعالى ( وأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ (، وهل وظيفة الدعاة الصادقين إلا إحياء دعوة الرسل التي هي توحيد الله ؟
ومما لبس به الشيطان على العوام أن التوحيد معروف وأننا موحدون فلماذا الدّعوة إليه ؟ فيقال : يا سبحان الله ! كيف هذا والكثير من البلدان الإسلامية وغير الإسلامية قد لفها ظلام الشرك الأكبر الصراح كما سيأتي . ثمّ لو كان الشرك معروفاً فإننا لا نزال في حاجة إلى تذكره وإلى أن ندعو الله ليجنبناه . إذ لن نكون كالخليل إبراهيم عليه السلام ، ومع هذا قال داعيا ربه (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ( ، قال إبراهيم التيمي: ومن يأمن البلاء - أي الشرك - بعد إبراهيم عليه السلام . رواه ابن أبي حاتم وابن جرير الطبري .
ولن نكون كصحابة رسول الله صلى الله علية وسلم - خير القرون - الذين لا زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعاهدهم بالتوحيد حتى في مرض موته صلى الله عليه وسلم .
فيا أيها الناس جميعاً هلموا إلى تعلّم التوحيد والدعوة إليه ، فإن تعلمه والدعوّة إليه والقيام به سبب لإقامة دولة الإسلام في الدنيا وبلوغ الفردوس في الآخرة قال تعالى ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (.
فإليك أيها القارئ المفضال- شيئاً من أخطاء بعض الناس في توحيد الرب سبحانه لنتجنبها أجمعين ولنفوز برضوان الرب الكريم.
1- من الأخطاء : ما نراه منتشراً في أكثر البلدان الإسلامية من صرف العبادة لغير الله سبحانه كدعاء الأموات الصالحين وغيرهم ، وسؤالهم غفران الذنوب ، وكشف الكروب ، وحصول المطلوب من ولد وشفاء مرض ٍ، وكالتقرب إليهم بالذبح والنذر والطواف والصلاة والسجود ، حتى إن قلوبهم لتخشع وعيونهم لتدمع عند قبور هؤلاء أكثر منها عند الصلاة لله والوقوف بين يديه ، بل وأكثر منها عند الطواف لله حول الكعبة المشرفة ، فيا لله العجب ! أما علم هؤلاء أنهم بفعلهم هذا قد أحبطوا أعمالهم إذ وقعوا في الشرك الأكبر ؟
والله تعالى يقول ( قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ( ويقول ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ( أي فلا تعبدوا مع الله أحداً ، إذ عبادة غير الله مع الله أياً كان هذا المعبود نبياً مرسلا أو ملكاً مقربا فهي من إشراك غير الله مع الله في أمر خاص بالله الذي هو الشرك الأكبر الذي قال الله عنه( إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ (، وقال ( إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ( ، وقال( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ( ، وقال ( وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ( ، نسأل الله السلامة والعافية .
2- من الأخطاء : تفسير كلمة التوحيد ( لا إله إلاّ الله ( بأنه لا خالق إلا الله ولا قادر على الاختراع إلا هو ، إذ هذا التفسير قاصر ومخالف لما جاء في الكتاب والسنة ، يوضح ذلك أن الله أخبرنا بأن كفار فريش مقرّون بأنه هو الخالق الرازق المدبر كما قال تعالى ( وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ) ، فلو كان هذا معنى كلمة التوحيد لكانوا مؤمنين ولما أبو نطقها ولما جعلوها شيئاً عجاباً كما قال تعالى عنهم (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ( ، فإذاً يكون معناها لا معبود حق إلا الله سبحانه وتعالى، وإفراد الله بالعبادة هو الذي أنكره كفار قريش وهو الشيء الذي جعلوه عجباً فيكون هو معناها .
3- من الأخطاء : الغلو في حق النبي الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم . إن لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم منزلةً عظيمةً ومكانةً رفيعةً لا يبلغها أحد ، لا ملك ولا إنس و لا جان ، فهو صاحب الشفاعة وأكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة ، وقد وصفه ربه بصفات عظمى منها قوله سبحانه ( لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ( ، ومن حرصه علينا أنه نهانا عن الغلو فيه كما روى البخاري عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله " فهو عبد ، لا يشارك الرب في شيء من خصائصه كعلم الغيب ونحو ذلك ، ورسول يبلغ دين الله كما قال عن نفسه صلى الله عليه وسلم:" إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون " أخرجه الشيخان من حديث ابن مسعود .
وإن من صور غلو بعض الجهال فيه صلى الله عليه وسلم ما يلي :
أ- ادعاء علمه للغيب و أن الدنيا خلقت لأجله كما قال أحدهم .
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذاً بيديفضــلاً وإلا فـقـل يا زلــة القدم
فإن من جودك الدنيا و ضرَّتهاومن علومك علم اللوح و القلم
ب- طلب مغفرة الذنوب منه صلى الله عليه وسلم وأن يدخله الجنة ، وهذه الأمور خاصة بالله سبحانه لا يشركه فيها أحد، بل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرجو أن يدخله الله الجنة برحمته ، كما روى الإمام مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لن يدخل الجنة أحد منكم بعمله ، قالوا : ولا أنت يا رسول الله ، قال: ولا أنا إلاّ أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل " .
ج- السفر لقصد زيارة قبره صلى الله عليه وسلم ، وهذا منهي عنه باتفاق الصحابة ؛ لما روى الشيخان عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا تشد الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا " ، فكل بقعة يسافر إليها لقصد التعبد محرم بهذا الحديث إلا المساجد الثلاث .
واعلم – أخا الإسلام – أن ّكل حديث روي في فضيلة شد الرحال إلى قبره فهو ضعيف لا يصح عنه ، كما صّرح بذلك جمع من الأئمة . أما السفر لأجل الصلاة في المسجد فهذا أمر مستحب .
د- اعتقاد أن فضيلة الحرم المدني بسبب وجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا خطأ فادح إذ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكر فضل الصلاة فيه قبل أن يموت .
4- من الأخطاء: إتيان السحرة والكهان والعرافين ونحوهم وتصديقهم بما يقولون ، فإنّ هذا من الكفر بما أنزل على محمد صلى الله علية وسلم لما روى الأربعة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله علية وسلم قال:" من أتى عرافاً أو كاهناً فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله علية وسلم" حديث صحيح ، وقال الله عز وجل ( وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرََ ( ثم قال (وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ ( ، أي نصيب وحظ .
وعجباً لأولئك الذين أصابهم مرض في أنفسهم أو أزواجهم أو بنيهم سعوا طارقين أبواب السحرة والكهان والعرّافين ونحوهم طلباً للشفا ! أرضوا بالشفاء في دنيا عاجلة الانقضاء ثم عذاب وبلاء في آخرة لا نهاية لها ؟ أما علموا أن الله قد يبتلي العبد تمحيصاً لدينه وتكفيراً لذنوبه حتى يلقى الله لا ذنب له ، ثم يفوز برضوانه وجزيل فضله وعطائه إن كان من الصابرين ؟ فالله الله بالصبر والمصابرة واستخدام الطرق الشرعية للعلاج كالرقية المتضمنة كلام الرب سبحانه ودعاءه وسؤاله .
وأخيراً إن للساحر أمارات يعرف بها ، منها : أنه يتمتم بكلام لا يُدري ما معناه ، أو يسأل أسئلة لا فائدة منها: كمثل قوله ما اسم أمك ؟ أو يطلب منك ذبح ديك أو غيره في أماكن الخلاء أو غيرها .
5- من الخطأ ضعف عقيدة الولاء والبراء التي ملخصها حب أهل الإيمان بقدر طاعتهم للرحمن وبغض الكفار مطلقاً أما أهل البدع والعصيان فعلى قدر بدعهم و معصيتهم ، هذه هي العقيدة التي كثر تقرير الله لها في كتابه والرسول صلى الله عليه وسلم في سنته القولية والفعلية فمن ذلكم قوله تعالى ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ( ، - فانظر يا رعاك الله- كيف أن إبراهيم عليه السلام تبرأ من قومه وعشيرته ومنهم أبوه ، ولم يقتصر على ذلك بل زاد وتبرأ من معبود اتهم ثم جعل الحد الذي تنتهي به هذه العداوة والبغضاء أن يؤمن قومه ومنهم أبوه بالله وحده فلا يشركون معه غيره سبحانه وتعالى ، ثم - أعد النظر- تجد أن الله جعل فعل إبراهيم هذا أسوة حسنه لمن بعده . ومن الآيات الآمرة بعداوة الكفار قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين ( فقد حرمت الشريعة الغراء موالاتهم لأمور كثيرة منها: أن موالاتهم سبب لأن يصير المسلم منهم فحفظاً لدينه أمر بمعاداتهم وعدم توليهم ، ومن أسباب تحريم موالاتهم أن الكفار حريصون على إضلالنا وجعلنا من أتباعهم على دينهم الباطل قال أصدق القائلين سبحانه (وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء ( فلما كانت هذه حالهم أمر بمعاداتهم المستلزمة للبعد عنهم حتى لا يتمكنوا من إضلالنا بجعلنا من أتباعهم على دينهم الفاسد دنيا و أخرى ، وقد قام رسولنا بهذا الأمر أشد القيام قولاً وفعلاً ، ولعلي أكتفي بثلاثة أمور :
الأول : ما رواه مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيقه " يعني لا تفسحوا لهم الطريق حتى يتجاوزوا فكيف إذاً بمن يصدّرهم في المجالس ويعزهم ويعظمهم ويهنئهم أيام أعيادهم .
الثاني : إطلاق الأخوة على الكافر المستأمن أو المعاهد ، واعتقاد أن عداوة الكفار خاصة بالحربي وهذا خطأ ، بل الكافر لكونه كافراً أياً كان مستأمناً أو معاهداً أو حربياً فكلهم أعداء لأهل الإسلام والمسلم عدو لهم كما قال تعالى ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ، وبهذا يتبين بجلاء بطلان الدعوة التي يدعيها بعضهم: من أن عداوتنا مع اليهود عداوة أرض ، فمتى أرجعوا أرضنا انتهت العداوة بيننا وبينهم ، بل عداوتنا معهم عداوة دين وملة ، فإذا اغتصبوا شيئاً من أرض المسلمين زادت عداوتنا لهم .
الثالث : ما ثبت عند الإمام أحمد وأبي داود عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من تشبه بقوم فهو منهم " وهذا التشبه المنهي عنه شامل للتشبه في كل ما هو خاص بهم من التكلم بلغتهم ، ولبس لباسهم وقص الشعر كقصهم ونحو ذلك مما هو منتشر بين المسلمين ، وقد قال عمر بن الخطاب: إياكم ورطانة الأعاجم ودخول كنائسهم أيام عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم . رواه البيهقي وصححه الإمام ابن تيمية - رحمه الله - ، ويا ليت الأمر على سوئه توقف عند هذا الحد ، بل ازداد وصار التشبه بهم في كلامهم وغير ذلك ممدحة يمتدح بها فإلى الله المشتكى و إنا لله و إنا إليه راجعون .
وما أحسن ما قال أبو الوفاء ابن عقيل: إذا أردت أن تعرف الإسلام من أهل زمان فلا تنظر إلى ازدحامهم عند أبواب المساجد ولا ارتفاع أصواتهم بلبيك ولكن انظر إلى مواطأتهم لأعداء الشريعة .
وبعد هذا كله لعله أتضح لك جلياً فساد الدعوة الشائعة باسم ( تقريب الأديان أو وحدة الأديان ) التي حقيقتها هدم الإسلام ، لأن القرآن الكريم بيّن بوضوح أن الأديان الأخرى كاليهودية والنصرانية بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم أديان منسوخة محرفة كفرية ، وذكر أن أهلها كفار كما قال أصدق القائلين ( وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء ( ، وقال ( لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ ( وقال ( لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ ( فبعد بيان القرآن أن الأديان الأخرى كفرية فليس بيننا وبينهم إلا العداوة والبغضاء مع دعوتهم إلى نبذ دينهم وتركه إلى الدين الإسلامي الحق .
ومع أهمية عقيدة الولاء والبراء إلا أنه لا يجوز الغلو فيها ومجاوزة الحد الذي حده الله ، ومن صور الغلو ما يلي:
1/ قتل المعاهد الكافر من المستأمن وأهل الهدنة والصلح لما ثبت في البخاري عن عبدالله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين سنة " وكل من دخل بلاداً من بلدان المسلمين دخولاً نظامياً يعتبر معاهداً .
2/ غدرهم وخيانتهم فإن الخيانة والغدر محرمان حتى مع الكفار ، عن حذيفة بن اليمان قال : ما منعني أن أشهد بدراً إلا أني خرجت أنا وأبي حسيل قال: فأخذنا كفار قريش قالوا: إنكم تريدون محمداً ؟ فقلنا: ما نريده ، ما نريد إلا المدينة . فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معه . فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه الخبر . فقال:" انصرفا ، نفي لهم بعهدهم ونستعين الله عليهم " وفي لفظ " تفيا لهم بعهدهم " ، فمن دخل بلادهم دخولاً نظامياً فقد عاهدهم فلا يجوز له غدرهم وخيانتهم ، وفرق بين الخداع والغدر فتنبه .
3/ اعتقاد أن دفع المال للكافر مطلقاً خارم لعقيدة الولاء والبراء ، وهذا خطأ ، بل هذا راجع للمصالح والمفاسد وفرق بين حالة القوة والضعف وحالة الاختيار والاضطرار ، علماً أن من أصناف الزكاة الثمانية ( المؤلفة قلوبهم) وهم كفار .
4/ اعتقاد جواز ظلمهم وأخذ أموالهم ، وهذا خطأ ، بل إن الكافر المظلوم تستجاب دعوته في حق ظالمه ، ولو كان مسلماً ، كما روى الشيخان عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب " .
تنبيه / إن من أسرع الناس إسلاماً هؤلاء النصارى لا سيما العجم ، فلو ضاعفنا الجهود في دعوتهم لحظينا بأجر هدايتهم . والأنفع في دعوتهم البداءة بعقيدتهم في التثليث ، فإنهم يدعون أنهم يعبدون إلهاً واحداً ، وفي الوقت نفسه يعترفون بعبادة ثلاثة الأب والابن وروح القدس ، وبعضهم يثلث بمريم . فزعمهم التوحيد وعبادة ثلاثة من الجمع بين الضدين اللذين لا يجتمعان ، وهذا ما لا جواب عندهم عليه . فجرب تجد فإن التجربة خير برهان .
6- ومن الأخطاء : ذلكم الداء العضال ألا وهو الرياء ، الذي معناه: العمل الصالح من أجل الناس . ومن شدة خطورته وخفائه خافه رسول الله صلى الله عليه وسلم على صحابته كما ثبت عند الإمام أحمد عن محمود بن لبيد قال:" أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ، فسئل عنه فقال: الرياء " .
أيها العقلاء إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخافه على الصحابة فكيف بنا نحن ؟ وإن من علامة الإيمان الخوف من الرياء وإخفاء العمل وعدم إظهاره ، وإياك أن يخدعك الشيطان ويدعوك للإكثار من إظهار العمل بحجة تنشيطك غيرك، وإني لأذكرك بما رواه مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرّفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها ؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت ، قال: كذبت ولكنّك قاتلت لأن يقال جريء فقد قيل ، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ، ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرّفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال تعلمت العلم وقرأت فيك القرآن . قال: كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم ، وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل ، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار . ورجل وسع الله عليه وأعطاه الله من أصناف المال كله فأتي به فعرّفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها . فال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك . قال: كذبت ، ولكنك فعلت ليقال هو جواد ، فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ".
7- من الأخطاء المنتشرة: ضعف عقيدة التوكل على الله . قال تعالى ( وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) ، قال الإمام ابن القيم: فظهر أن التوكل أصل لجميع مقامات الإيمان والإحسان ولجميع أعمال الإسلام ، وأن منزلته منها كمنزلة الجسد من الرأس ا.هـ
وإن لضعف عقيدة التوكل آثاراً خطيرة منها شدة التعلق بالأسباب المادية فالمريض يشتد تعلقه بالطبيب متغافلاً عن رب الطبيب ، ومحتاج المال يطلبه ولو كان محرماً كأن يسرق أو يعمل في البنوك الربوية وهكذا .. وأخيراً إياك أن تفهم أن ترك الأسباب من تحقيق التوحيد كما تظن ذلك طائفة غالطة . بل التوكل والتوحيد حقاً هو الجمع بين فعل الأسباب والاعتماد على رب الأسباب سبحانه وتعالى .
8- من الأخطاء الشائعة المنتشرة في بلدان المسلمين الغلو في القبور ، وهذا له صور شتى:
أ) إدخالها في المساجد واعتقاد البركة بوجودها فيه: وهذا من البدع التي ثبتت حرمتها بالشرع المطهر ، فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة – رضي الله عنها – أن أم سلمة ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها في الحبشة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك التماثيل ، أولئك شرار الخلق عند الله " وثبت في الصحيحين عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " .
ب) البناء على القبور وتجصيصها : ثبت في صحيح مسلم عن جابر بن عبدالله – رضي الله عنهما – قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه . فانظر – رحمك الله – إلى هذا النص الصحيح الصريح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحريم تجصيص القبور والبناء عليها ، وقارنه بواقع المسلمين – هداهم الله – في هذه الأزمان المتأخرة . واعلم – أخا التوحيد – أن الشريعة حرمت البناء على القبور وتجصيصها ؛ لكون هذه الفعال وسيلة من وسائل الشرك حماني الله وإياك من الشرك وكل وسيلة مؤدية إليه .
9- من الأخطاء الشائعة بين المسلمين : تلك الخرز والخيوط التي يعلقها بعضهم على رقبته أو يده أو بنيه زاعماً أنها ترد الشرّ عنهم وتجلب الخير لهم ، وسبب كونها من قوادح التوحيد أن الشريعة المحكمة المطهرة ذمتها وحذرت منها فمن ذلك ما رواه الإمام احمد بإسناد ثابت عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من تعلق تميمة فقد أشرك " وقال ابن مسعود في كلام له: إن التمائم والتوله شرك . رواه أبو عبيد القاسم بن سلام بإسناد صحيح . والتميمة هي كل ما يتخذ تتميماً للفائدة من خرز ونحوها وليست سببا في ذلك ، واعلم - أخا الإيمان –أن كثيراً من التمائم التي يزعم أهلها أنها من القرآن إذا كشفتها وجدتها ليست كذلك بل كلمات غير مفهومة المعنى وإن كنت في شك فجرب فالتجربة خير برهان . وأخيراً تذكر قول المولى سبحانه ( وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم (.
10- ومن الأخطاء الطّيرة :وهي ما أمضى أو ردّ وليس سبباً حقيقياً فيهما كمثل الذي يترك فتح متجره لأنه صبّح برؤية أعرج أو سماع صوت غراب ، ومن المعلوم أن رؤية الأعرج أو سماع صوت الغراب ليس سبباً لمنع الرزق، أو حصول مصيبة فبهذا يعلم أن هذا الفعل شرك بالله لما روى الشيخان عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل" . قالوا: وما الفأل ؟ قال:" الكلمة الطيبة " وما رواه الترمذي وصححه عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" الطيرة شرك " فيتبين بهذا خطأ قول بعض الناس: ( خير يا طير ) ، إذ مصدر هذه الكلمة من المتطيرين بالطيور .
11- ومن الأخطاء اعتقادأناللهفيكلمكان : وهذا بيّن المصادمة للكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة، فالنصوص متواترة على أن الله فوق السماء مستوٍ على عرشه استواءً يليق به سبحانه كما قال ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ( ، في سبع آيات وقال ( أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ( ، وما ثبت في صحيح مسلم من حديث معاوية بن الحكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للجارية: أين الله ؟ قالت: في السماء . ثم قال:" أعتقها فإنها مؤمنة " والدّاعي إذا أراد الدعاء رفع كفية إلى السماء لكونه مستقراً في نفسه أن مولاه سبحانه فوق السماء. وأيضاً إذا أراد الدعاء رفع كفيه إلى السماء ؛ لكونه مستقراً في نفسه أن مولاه فوق السماء سبحانه ، ومعنى أنه سبحانه فوق السماء أي أنه فوق جميع المخلوقات والعالمين .
أيها القراء الكرام: أيهما أعظم تنزيهاً للبارئ : القائل بأنه في كل مكان طاهراً كان أو نجساً ، أم القائل بأنه فوق العالمين أجمعين لا تحيط به شيء من مخلوقاته سبحانه وتعالى عما يقول الخاطئون .
12- من الأخطاء:الحلف بغير الله كالحلف بالأمانة أو النبي صلى الله عليه وسلم أو النعمة وهذا كله شرك لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت" .
فبعد أن تبين لك أن الحلف بغير الله شرك ، فالواجب عليك المبادرة بتركه وعدم التساهل في أمره فإن ما وصف بأنه شرك فهو من أعظم الكبائر .
13- من الأخطاء ترك الحكم بما أنزل الله وتغييره بالقوانين الوضعية سواء أكانت مقتبسه من بلاد الكفر أو غيره ، ومثل ذلك ما تفعله بعض القبائل من التحاكم إلى عاداتها ، وأمور اتفقوا عليها وكل هذا محرم كما قال تعالى (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) ، وسبب لضياع الأمن وتدهور الاقتصاد وهو دال على ضعف الدين والعقل . أما الدين فلأنه مخالفة له وعصيان للرب سبحانه وتعالى . وأما العقل فلأن رب البشر أعلم بما يصلح للبشر ، فوضع أحكاماً تناسبهم ، فكيف يتركون حكمه وينقادون لحكم بشر مثلهم؟ نسأل الله أن يهدي حكام المسلمين للقيام بشرع الله واتباع هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه عزهم دنيا وأخرى لو كانوا يعلمون .
14- من الأخطاء المنتشرةبينالمسلمين: ترك الصلاة مع كون تركها كفراً مخرجاً من الملة، كما أجمع على ذلك الصحابة – حكاه غير واحد عنهم - وقد روى جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:" بين الرجل والشرك أو الكفر ترك الصلاة " أخرجه مسلم . وإن مما ينبغي أن يكون معلوماً عند المسلمين أجمعين أن من مات تاركاً للصلاة فإنه لا يغسل ولا يكفن ولا يدفن في مقابر المسلمين ، ولا يورث ، بل ولا يترحم عليه ، فإن قدمه أولياؤه للمسلمين حتى يصلوا عليه فإنهم يعدون غاشين للمسلمين ، نسأل الله السلامة والعافية .
فإذا كانت هذه عقوبة ترك الصلاة فإلى متى لا يزال طائفة من الناس يصرون على تركها بحجة أننا إذا كَبِرت سنّنا سنصلي؟ أما يدري هؤلاء أن من مات بعد بلوغه فكل هذه الأحكام جارية عليه ، وهذه الحجة التي يحتجون بها لن تغني عنهم من الله شيئاً؟ قال تعالى ( وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُون( .
15- من الأخطاء: التسرّع في التكفير ، وتكفير المسلم المعين أمر خطير لا يصار إليه إلا ببرهان واضح كوضوح الشمس في رائعة النهار ، ويلزم فيه توافر الشروط وانتفاء الموانع وهي باختصار :
أ-العلم ، وذلك بأن يعلم الشخص أن هذا العمل كفر ويقابله من الموانع الجهل فمتى حلّ الجهل ارتفع التكفير قال سبحانه ( وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا (، فمن لم يتبيّن له الأمر فلا تنزل نصوص الوعيد عليه .
ب - قصد القول أو الفعل الكفري ، والمراد به تعمد القول أو الفعل ويقابله من الموانع الخطأ ، أي أن يقع القول أو الفعل دون قصد كسبق اللسان أو السهو ويدل له قوله تعالى ( رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا (، قال سبحانه في الحديث القدسي:" قد فعلت " رواه مسلم .
ج- الاختيار ويقابله من الموانع الإكراه قال تعالى ( مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ
وَقَلْبُه مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ ) .
د-التأويل غير السائغ : ويقابله من الموانع التأويل السائغ ، ويدلّ له اتفاق الصحابة على عدم تكفير الذين استحلوا الخمر لأنهم تأولوا قوله سبحانه (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُوا (، بجواز شرب الخمر مع التقوى والإيمان، رواه عبد الرزاق بإسناد صحيح. وإلا فإن شرب الخمر من الكبائر ، فلولا أن عند هؤلاء تأويلاً لكفروا ؛ لأنهم استحلوا شرب الخمر وهو من الكبائر .
وهذا كله لأن التكفير حق لله ومن لم يصب في إطلاقه فإنه يعود إليه كما روى البخاري عن ابن عمر – رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من قال لأخيه يا كافر إن كان كما قال وإلا حارت عليه " .
وتنبه – أخا الإيمان – أن كون الشيء كفراً لا يلزم منه تكفير فاعله إلا بتوافر الشروط وانتفاء الموانع كما سبق فلم التعجل ؟
16- من الأخطاء : تأويل أسماء الله وصفاته المذكورة في القرآن الكريم وصحيح السنة النبوية على خلاف ما ذكر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بحجة خشية تشبيه صفة الله بصفات المخلوقين ، فالله يقول عن نفسه ( بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ) ، والمؤولة يقولون ( اليدان ) بمعنى (القوتين ) لأنا إذا قلنا لله يدان شبهناها بصفة الخالق سبحانه وهكذا ... فبحجة خشية التشبيه يؤولون صفة الإتيان والرحمة وغيرها من صفات الله سبحانه . وهذا خطأ شنيع في المعتقد ؛ لأنه لا يلزم من إثبات الصفة لله على ما يليق به التشبيه ، بل تثبت هذه الصفة على ما يليق بالله من غير تشبيه . فقول القائل: للإنسان يدان وللحيوان يدان لا يلزم منه تشبيه يد الحيوان بيد الإنسان ، بل كلٌ يده بحسبه وهكذا – ولله المثل الأعلى – إذا قلنا على مقتضى ما أخبر الله عن نفسه: لله يدان ، فلا يلزم من هذا تشبيهه بالخلق ؛ لذا جمع الله بين إثبات صفتين له مع نفي التشبيه فقال ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) . ثم إنه يلزم على قول هؤلاء المؤولة المعطلة ألا تكون لله صفات ، فعلى هذا شبهوه بالمعدومات ، ففروا من شيء زعموه ووقعوا فيما هو أسوأ منه !
فإلى متى لا ينتهي أولئك المؤولة عما هم فيه من تحريف الكلم عن مواضعه والإلحاد في أسماء الله وصفاته ؟
17- من الأخطاء : ظن بعض المسلمين أنه لا يؤخذ بقول وفعل محرم بما أن قلبه وباطنه صالح – كما يزعم- ، وإذا أنكر عليه فعل محرم رد بأن أهم شيء ما في القلب ، وقلبه مؤمن ... ، وهذا الأعتقاد خطأ زينه الشيطان اللعين ليهون الذنوب والمعاصي في عيون عباد الله من أوجه:
1/ أن صلاح الظاهر والباطن متلازمان لا ينفكان ، فمتى كان الظاهر صالحاً كان الباطن كذلك ، والعكس بالعكس ؛ لذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب " متفق عليه من حديث النعمان بن بشير . فمن زعم صلاح باطنه مع تلبسه بالمعاصي ظاهراً فهو مخطئ لبس عليه الشيطان .
2/ ما أخرج مسلم عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا ينظر الله إلى صوركم ولا إلى أجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " فالنظر من الله إليهما لا إلى القلب وحده .
3/ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بإنكار المنكر عند رؤيته كما أخرج مسلم عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان " ، ولو كان فساد الظاهر ليس مهماً مع صلاح الباطن المزعوم لما أمر بالإنكار عند رؤية المخالفة الشرعية الظاهرة .
فائدة / يردد طائفة من الناس مقولة ( إن الإيمان في القلب فقط ) وهم في هذا مخطئون مخالفون صريح القرآن والسنة المتواترة ومعتقد سلف الأمة ، فإن الإيمان عند أهل السنة السائرين على هدي السلف الصالح قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، كما أخرج مسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان " ففي هذا الحديث – وغيره كثير – عدم حصر الإيمان في الاعتقاد ( القلب ) بل جعل الطاعات القولية كقول ( لا إله إلا الله ) ، والطاعات العملية (كإماطة الأذى عن الطريق ) من الإيمان ، بل والكفر الأكبر عند أهل السنة يكون بالقول كسب الدين ولعنه أو الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم ، وبالعمل كإهانة المصحف والسجود للصنم ، والاعتقاد كاعتقاد أن أحداً يتصرف في الكون بدون الله سبحانه وتعالى ، قال تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ، لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) ،بل حتى الهازل و المازح إذا ارتكب هذه المكفرات عامداً كفر – والعياذ بالله – كما كفر أولئك المستهزئون ، وهذا بإجماع أهل السنة .
18- من الأخطاء : ذكر ما شجر بين صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته ونشر ذلك في محاضرات عامة . وهذا خلاف معتقد السلف الصالح إذ عقيدتهم الإمساك عما شجر بينهم واعتقاد أنهم مجتهدون ، فمن أصاب منهم فله أجران ومن أخطأ فله أجر واحد وأن لهم حسنات عظاماً كفارة لسيئاتهم المتعمدة ، وقد أخرج الشيخان عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" لا تسبوا أصحابي فوا الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه " ، وإن نشر ما وقع بينهم ليوغر الصدور عليهم ، ويقلل محبتهم في القلوب، مع أن كثيراً منه لا يثبت عنهم ، بل هو كذب عليهم ، وما أحسن ما قال مؤرخ الإسلام الإمام الذهبي: تقرر الكف عن كثير مما شجر بين الصحابة وقتالهم – رضي الله عنهم أجمعين – وما زال يمر بنا ذلك في الدواوين والكتب والأجزاء ، ولكن أكثر ذلك منقطع وضعيف وبعضه كذب ، وهذا فيما بأيدينا وبين علمائنا ، فينبغي طيه وإخفاؤه ، بل إعدامه لتصفو القلوب وتتوفر على حب الصحابة والترضي عنهم ، وكتمان ذلك متعين عن العامة وآحاد العلماء ، وقد يرخص في مطالعة ذلك خلوة للعالم المنصف العري من الهوى ، بشرط أن يستغفر لهم كما علمنا الله تعالى حيث يقول ( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا)الحشر: من الآية10 ، فالقوم لهم سوابق وأعمال مكفرة لما وقع منهم ، وجهاد محاء وعبادة ممحصة ا.هـ و إن المتدبر لأحوال صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجدهم أبر الأمة قلوباً وأكثرهم فقهاً وعلماً فهم شاهدوا التنزيل وكان الوحي يتنزل بين أظهرهم ومبلغ الوحي رسول الله صلى الله عليه وسلم أمامهم ينظرون إليه ، لذا ذهب جمهور العلماء إلى أن قولهم حجة في الشريعة . نسأل الله أن يزيد حبهم في قلوبنا وأن يجمعنا بهم في دار كرامته فإن المرء مع من أحب .
تنبيه : زين الشيطان لبعض من لا علم له فألقى محاضرات مسجلة أمام الملأ عما شجر بين الصحابة الكرام من فتن ، وبيعت هذه المحاضرات المسجلة فتناقلها الصغير والكبير من العوام الجاهلين ، فكان من جراء هذه المحاضرات مفاسد لا يعلمها إلا الله ، فكم في هذه المحاضرات من قصص مكذوبة وضعيفة ، وكم فيها من تقول وافتراء على الصحابة الأبرياء ، وكم فيها من إفراح للفرقة الضالة المخذولة ألا وهم الشيعة الرافضة – رفضهم الله – إذ عقيدتهم مبنية على تكفير الصحابة والحط منهم ، ويكفي المسلم الغيور على دينه أن يعلم بأن هذه الفرقة ترمي أمنا أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – بالزنا ، وأنه سيقام عليها حد الزنا يوم القيامة !!! فإياك ثم إياك أن تغتر بما عندهم من تقية ونفاق ، فيظهرون المحبة وهم يبطنون البغضاء والعداوة ، وكن فطناً ذا دين رافعاً راية العداوة لهم غير مغتر بما يظهرون ويتصنعون – أعانك الله عليهم - .
19- من الأخطاء : الخروج على الحكام ؛ لما يترتب على ذلك من المفاسد العظمى على الدين والدماء، فلا يصح التفجير والقتل ولا القول المؤدي إلى ذلك حفظاً للدين ودماء المسلمين ، وإنما الدعوة بالأسلوب الأنفع فإن استجيب وإلا فقد قضى الإنسان ما عليه والحمد لله ، قال الأمام ابن تيمية في منهاج السنة (3/391(: ولهذا كان المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لا يرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف وإن كان فيهم ظلم كما دّلت على ذلك الأحاديث المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم - ثم قال - ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته أ.هـ وينبغي التنبه إلى أن كل خروج فعلي بالسلاح كان مبدأه الكلمة ، فكن على حذر، وحاول أن تجمع بين إنكار المنكر بالأسلوب الحسن مع عدم التعرض للحكام أمام الملأ ، والدعاء لهم بالصلاح والهداية ، فإن في صلاحهم صلاح العباد والبلاد – هدانا الله وإياهم لما فيه عز الإسلام والمسلمين - .
وليعلم كل مسلم متجرد من هواه أن للحكام علينا حقوقاً ألزمنا بها الذي ألزمنا بالصلاة والزكاة وعداوة الكفار ألا وهو ربنا سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ومن حقوقهم ما يلي:
1/ طاعتهم في غير معصية الله ، لما روى مسلم عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اسمع وأطع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع " و عن عوف بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئاً من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعنّ يداً من طاعة " رواه مسلم.
2/ النصح لهم من غير تشهير بأخطائهم ، ثبت عند ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: آمر إمامي بالمعروف ؟ قال ابن عباس: إن خشيت أن يقتلك فلا، فإن كنت فاعلاً ففيما بينك وبينه ، ولا تغتب إمامك".
تنبيه: الجهاد مطلب شرعي قد تواترت النصوص به والحث عليه ، إلا أنه ينبغي أن يعلم أن الجهاد وسيلة من وسائل إقامة الدين في الأرض ، فمتى كان أنفع اتخذ وسيلة – في هذه الواقعة لإعلاء كلمة الله – وإلا انتقل إلى غيره ، فهو إذاً من باب الوسائل لا من باب الغايات المرادة لذاتها ، ويوضح ذلك أنه يصح تركه مقابل أخذ الجزية ، ولو كان مراداً لذاته لما صح تركه مقابل أخذ الجزية ، فهو مشروع لإعلاء كلمة الله في الأرض ، فإن كان الجهاد أنفع وأنجع لإعلاء كلمة الله في الأرض اتخذ وسيلة ، وإن كان تركه إلى الدعوة والكلمة الطيبة أنفع ترك . وفي المسألة تفصيل لا يناسب ذكره في هذا المختصر .
20- من الأخطاء : انتشار البدع فإنها تهدم الدين هدماً ، ومن المحزن المؤسف انتشار كثير من البدع في العالم الإسلامي كمثل الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وحادثة الإسراء والمعراج وغيرها مما لم يحتفل به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا صحابته الكرام من بعده ، ومن البدع الدعاء الجماعي أدبار الصلوات وقراءة القرآن جماعياً وصلاة الظهر مع صلاة الجمعة بعده يوم الجمعة – كما في بعض البلدان- وهكذا كل محدثة في الدين ولم يتعبد بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا صحابته الأبرار مع وجود دافع يدفعهم للعمل ولا مانع يمنعهم ، فيا عجباً كيف تكون هذه الأعمال خيراً ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عنها معرضون ؟ أكانوا جاهلين بها أم مقصرين عنها ؟ كلا وحاشاهم وإنما تركوها لكونها من البدع غير المرضية لله سبحانه .
واعلموا يا إخواني أنه قد سرت بين المسلمين دعوات مضلة تدعوا إليها جماعات تسمى إسلامية وأفراد مفادها: التعاون وعدم العداء مع كل مخالف مهما كان خلافه بما أنه يعمل للدين . وهذا خطأ شنيع فيه لبس للحق بالباطل ، وذلك أن المسائل المختلف فيها نوعان: أحدها: يسوغ الخلاف فيها ، وتسمى اجتهادية . ومثلها يعذر المخالف ولا يغلظ عليه ، وأكثرها من المسائل الفقهية . ثانيها: لا يسوغ الخلاف فيها لأنها بدع وتسمى مسائل خلافية ، ومثلها يشنع على المخطئ ولا يتعاون معه ، بل يعادى حتى يدعها على تفصيل لا يناسب ذكره في مثل هذا المختصر ، لكن المهم كن حذراً من تلبيسهم وتذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذم الخوارج في نصوص كثيرة مع إرادتهم نصر الدين ،إلا لأن كونهم من أهل البدع استحقوا الذم والتنفير .
21- من الأخطاء : انتشار كلمات قادحة في التوحيد فأذكر – زيادة على ما سبق ذكره منثوراً – قول القائل " الله يظلمك " أو " الله يخونك" ، إذ الله سبحانه لا يظلم أحداً ولا يخون أحداً. وقول " انتقل فلان إلى مثواه الأخير " عند موته ، إذ مدلول هذه الكلمة إنكار البعث وأنه لا شيء بعد القبر، والقول " يا صديق" للكافر ، إذ الكفار أعداء لنا ولديننا فليسوا أصدقاء . وقول " فلان ما يستاهل " للرجل المصاب بمصيبة ، إذ هذا اعتراض على قضاء الله وقدره . وقول " تبارك علينا فلان " إذ لفظة تبارك خاصة لا تطلق إلا على الله وقول " العصمة لله " إذ ظاهر هذا أنّ أحداً يعصم الله ولا عاصم له ولا منه ، وقول بعض المؤذنين - خطأ – " الله أكبار " يمد الباء ، وهذا بمد الباء معناه – والعياذ بالله – الله طبل ، كما ذكر ذلك علماء الشرع واللغة ، ولعن الدين والذات الإلهية ، وهذا ردة وخروج من الملة – ثبتنا الله على دينه -.
ختاماً : إن المتأمل في هذه الأخطاء ليدرك يقيناً قول نبينا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم من حديث أبي هريرة:" بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء " فإن الدعاة لترك هذه المخالفات الموبقات يوصفون – كذباً وزوراً – بأنهم أهل بدعة وضلالة وبغض للأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين ، وكل هذا من الظلم والجور وتلبيس الشيطان ومكره ، وإلا فإن هؤلاء المنكرين لهذه المخالفات لم يزيدوا على طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فهل طاعة الله ورسوله بدعة وضلالة ؟ سبحانك هذا بهتان عظيم .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .