1- هل تعتبر القيود الاجرائية الواردة على سلطة النيابة العامة فى تحريك الدعوى الجنائية قيودا جوهرية ؟
من المقرر انه لإجتهاد مع صراحة النص ، بمعنى انه اذا كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها ، فإنه يجب ان تعد تعبيراً صادقاً عن ارادة الشارع ، ولا يجوز الانحراف عن مرماها بإسم التفسير اياً كان الباعث ، ولما كانت الفقرة الثانية من المادة التاسعة من قانون الاجراءات الجنائية قد نصت على انه فى جميع الاحوال التى يشترط القانون فيها لرفع الدعوى الجنائية تقديم شكوى او الحصول على اذن او طلب من المجنى عليه او غيره ، فإنه لا يجوز اتخاذ اجراءات التحقيق فيها الا بعد تقديم شكوى او الحصول على اذن او الطلب ، فإن مفاد هذا النص فى واضح عبارته وصريح دلالته ، وعنوان الفصل الذى وضع فيه فى شان الجرائم التى يشترط القانون لرفع الدعوى الجنائية فيها تقديم الشكوى او الحصول على اذن او طلب المجنى عليه او غيره انه لا يجوز تحريك الدعوى الجنائية ، او مباشرة اى اجراء من اجراءات بدء تسييرها امام جهات التحقيق او الحكم قبل تقديم الشكوى او الحصول علي الاذن او الطلب من الجهة التى ناطها القانون به.
وبذلك نخلص الى ان هذه القيود هى قيود جوهرية
2- ما هى مشروعية التعليمات الشفوية فى الجهاز المصرفى وضوابطها وحدودها ؟
(ا) من حيث المشروعية :
ان التعليمات الشفوية ، انما هى جد خطيرة على الحياة المصرفية ، ومن ثم فإن القاعدة العامة فى شأنها تنحصر فى الحظر دون الاباحة ، ما لم تقضى الظروف الاستثنائية بعكس ذلك ، وقد استقر العرف المصرفى على عدم الاعتداد بها الا فى اضيق الحدود ، بما مؤداه ان الموافقات الكتابية هى الاصل الذى يلتزم به العاملون فى الجهاز المصرفى حتى لا تكون التعليمات الشفوية مجالا لالقاء المسئوليات بين المصرفيين بعضهم البعض.
(ب) من حيث ضوابط الموافقة الشفوية او التعليمات :
ان العرف المصرفى لا يجيز مثل هذا النوع من الموافقات الا فى اطار جملة ضوابط هى :
– ان تكون شرعية.
– ان تكون هناك ضرورة محلة.
– ان تكون مشفوعة بتعزيز كتابى فورى.
وخلاصة القول ... ان الاوامر والمستندات والاوراق البنكية لا تعرف الا الاوامر المكتوبة اياً كانت صورتها ، واذا كانت المستندات الادارية لا تعرف الا طريق الكتابة سبيلا لتنفيذها ، فإن هذه الكتابة تكون ذات طبيعة جوهرية فى شأن التعامل فى الاوراق والمستندات المالية ، وهو ما يعنى انه لا محل لغير الكتابة فى شتى المعاملات المصرفية ، والا كان الامر فوضى لا رابط له ولا ضابط ، واذا كان الامر الشفوى اياً كانت مرتبة او ترجة مصدره ، غير جائز فى الامور المالية او النقدية ، فإنه يكون كذلك من باب اولى اذا حمل فى طياته امراً يخالف القانون او تضمن ارتكاب جريمة.
3- هل يجوز ان يتضمن امر الاحالة الصادر من سلطة التحقيق اسناد جريمة الاضرار العمدى بعد سبق اسناد
واحدة من جرائم الاموال العامة الاخرى ، مثل الاستيلاء والتربح ؟
ان جريمة الاضرار العمدى ذات طبيعة احتياطية بحتة ، بحيث لا يجوز اللجوء اليها عند استحالة الوصول الى معاقبة الجانى وفقاً للنصوص الاخرى ، مثل الاختلاس والاستيلاء والتسهيل والتربح والغدر ، اما وان سلطة الاتهام قد اسند الى المتهم ارتكاب احدى او بعض جرائم الاموال العامة السابقة عليها فإن اقتران هذا الاتهام بجريمة الاضرار العمدى ، انما ينطوى على ازدواج فى التجريم ، وعلى معاقبة الشخص عن ذات الفعل مرتين ، وهو امر محظور دستورياً بطبيعة الحال.
ويشترط فى الضرر كركن لازم لقيام جريمة الاضرار العمد ان يكون محققاً اى حالا ، ومؤكداً لان الجريمة لا تقوم على احتمال تحقق احد اركانها ، والضرر الحال هو الضرر الحقيقى ، سواء كان حاضرا ام مستقبلا ، والضرر المؤكد هو الثابت على وجه اليقين.
الــــرد :
ان التهمة بكونها حائزة للمسكن وقول الحكم بأنها قد تكون مالكة لبعض المصروفات لا تتوافر معه الحيازة الكاملة ، بل حيازتها لها على سبيل اليد العارضة لا يتوافر معها ان تكون صاحبة حق مباشرة على الاشياء لا بوصفها مالكة لها ولا بوصفها صاحبة حق عينى او شخصى عليها وفى هذه الحالة لا تتوافر الحيازة سواء فى عنصرها المادى او المعنوى.
ان عبارة ان المتهمة قد تكون مالكة لبعض الاشياء المدعى بسرقتها يؤكد انها غير مالكة لباقى الاشياء المسروقة لاسيما وان التهمة لم تقدم سند ملكيتها للاشياء المسروقة على عكس المدعى المدنى الذى قدم سند ملكيته للمسروقات. ان اقامة المتهمة مع المجنى عليهم بذات المسكن لا يعنى ان تكون حيازتها للمسكن تتوافر معه حيازتها للاشياء المسروقة.
4- هل يكفى توافر القصد الجنائى العام للقول بتوافر الركن المعنوى فى جريمة القتل العمد ؟
من المستقر فقهاً و قضاء ان القصد الجنائى العام هو العلم بماديات السلوك الاجرامى واتجاه الارادة الى تحقيقها ، الا ان القاعدة فى جرائم القتل العمد انها تتميز قانونا بقصد خاص – فلا يكفى توافر القصد العام – هو انتواء ازهاق الروح. وفى مجال استظهار نية القتل (القصد الخاص) لا يكفى القول بإستعمال سلاح نارى قاتل بطبيعته او توجيه طلقات متعددة الى جسم المجنى عليه او استعمال اسلحة بيضاء فى توجيه الطعنات ، فكل ذلك لا يفيد الا اسناد الجريمة ماديا لفاعلها دون ان يكفى بذاته. كما أن الثأر او الانتقام لا يفيد فى كل الاحوال اتجاه نية الجانى الى ازهاق الروح ، اذا قد يتجه الى مجرد الرغبة فى الايذاء البدنى دون بلوغ هذا الحد من الجسامة.
5- هل تشترط الصفة الأثرية للمضبوطات فى جرائم الآثار ام يكفى الاعتقاد بكونها كذلك ؟
تعتبر الصفة الاثرية للمضبوطات ركناً مفترضاً يتعين توافره فى هذه الطائفة من الجرائم ، ولا يكفى فى القول بتوافرها الخبرة الشخصية والعملية للشخص ، وانما يتعين استظهارها فى ضوء معايير الصفة او انتقائها ، ويتفرع عن ذلك ان القصور فى اثبات هذه الصفة يعتبر قصورا في الاستدلال عن أول اركان الجريمة ، مما يؤدى لانتفائها .
6- هل تعتبر البيانات والمعلومات المعالجة الكترونياً محرراً فى جريمة التزوير ؟
المحرر هو موضوع التزوير الذى تنصب عليه الحماية الجنائية ، ذلك ان فحواه هو الحقيقة التى يريد المشرع اسباغ حمايته عليها ، فإذا انتفى المحرر التزوير. و من ثم يتضح ان العين هى وسيلة اكتشاف دلالة المحرر ورموزه وما تفصح عنه من معنى معين وعليه فإن الاسطوانة او شريط التسجيل لا يعتبران فى ذاتهما محرر .
اما البيانات والمعلومات المعالجة الكترونيا فلا تنطبق فى شأنها نصوص التزوير لسبب جوهرى هو عدم وجود المحرر : اى عدم وجود كيان مادى مسطور ملموس ، و يتفرع عن ذلك عدم جواز تطبيق النصوص المتعلقة بالتزوير على تغيير الحقيقة الذى يطرأ على المعلومات المبرمجة ، فهذه الاخيرة لا تعتبر محررا حتى يمكن مشاهدة المعلومات المسجلة كهرومغناطيسياً على ذاكرة الحاسب او برامجه او الاقراص الممغنطة او المدمجة .
7- متى يستطيع مأمور الضبط القضائى فى جرائم المخدرات تفتيش شخص ومسكن المتهم ؟
تخول المادة 34 من قانون الاجراءات الجنائية لمأمور الضبط القضائى الحق فى القبض على المتهم فى احوال معينة ، وما يستتبع ذلك وفقاً للمادة 46 من ذات القانون من تفتيش لشخصه ومسكنه ، وممارسة هذا الحق فى القبض يكون موكولاً الى سلطة التحقيق ، ويجب ان يتوافر فى هذا الشأن ما اسماه المشرع بالدلائل الكافية التى تسوغ فى نظر سلطة التحقيق اصدار اوامرها بالتعرض لحرية الناس . وفى مجال ضبط جرائم المخدرات او البحث عن مرتكبيها فإن مأمور الضبط القضائى لا يستطيع القبض على المتهم ، وما يعقب ذلك من تفتيش لشخصه ومسكنه الا بناءاً على اذن صادر من النيابة العامة بهذا المعنى ، ويجب ان يكون الاذن مستنداً الى دلائل كافية مستمدة مما سطره مأمور الضبط القضائى من معلومات استقاها بنفسه او غيره فى مدة كافية على ارتكاب جناية او جنحة ، ويخضع الاذن والمأذون له فى تقدير تلك الكفاية والجدية لرقابة محكمة الموضوع ، وفى النهاية لرقابة محكمة النقض ، فإن ثبت بعد فحص الاوراق ان هذا الاذن قد صدر غير مستند الى تلك الدلائل او كانت تفتقر الى شرطى الجدية والكفاية او الى احدهما كان باطلاً ، واستتبع بطلان ما اعقبه من اجراءات مستنده اليه.
8- ما هو مدلول الركن المعنوى لدى الشريك فى الجريمة ؟
يتخذ الركن المعنوى لجريمة الشريك صورة القصد الجنائى ، الذى ينهض على عنصرى العلم والارادة ، فإن انتفى كان غير قائم فى حقه ، ولو كانت افعاله قد ساهمت من الناحية المادية فى وقوعها.
وحيث ان للشريك جريمته وقوام هذه الجريمة النشاط الذى يأتيه ، والذى يتمثل فى احدى الوسائل التى حددها القانون ، ولهذا النشاط نتيجته التى تتمثل فى جريمة الفاعل بأعتباره قد ارتكبت بناء عليه ، وغنى عن البيان ان القصد الجنائى للشريك يتطلب علما محيطا بكل الماديات التى تقوم عليها جريمته. اما الارادة فيتعين ان تتجه الى الفعل الذى تقوم به وسيلة المساهمة ، والى نتيجته المتمثلة فى الجريمة التى يرتكبها الفاعل .
وبذلك نخلص الى ان الاشتراك لا يتحقق الا اذا ثبت ان الشريك قصد الاشتراك فى الجريمة وهو عالم بها بمعنى ان تكون لديه نية التداخل مع الفاعل تدخلاً مقصوداً يتجاوب صداه مع الفاعل.