فجرت جريدة الشروق بنشرها تصريحات د. مؤمنة كامل عضو مجلس الشعب ضد المستشار وليد الشافعي عضو اللجنة القضائية المشرفة علي انتخابات البدرشين جدلاً في الوسط الصحفي حول الجريدة ناقلة السب والقذف عن المصدر ومدي مسئوليتها القانونية والأخلاقية، فهل يستفيد القارئ من نشر ألفاظ جارحة نقلاً عن المصدر خاصة إن كانت لا تكشف اتهامًا موثقا لكشف فساد ومجرد سب وقذف أم أن من حق القارئ معرفة كل ما يقال بنصه حتي ولو حمل سبًا وقذفًا لما لذلك من مدلول يعكس ثقافة المصدر مطلق التصريحات وفكره؟
سألنا خبراء المهنة فاختلفت الآراء وإن كانت الأغلبية أكدت أن الصحفي صاحب رسالة وليس مهمته نقل كل ما يقال ولو كان سبًا وقذفًا بل عليه تحكيم ضميره المهني والفصل ما بين الاتهامات الموثقة والقابلة للتحقق والألفاظ الجارحة التي تحمل سبًا وقذفًا.
من جانبه رأي مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين أن الزميلين عمرو خفاجي رئيس تحرير الشروق وهشام المياني المحرر بالجريدة لم يوجها إساءة إلي هيئة القضاء والقاضي وليد الشافعي، وإنما نشروا أقوالاً وردت علي لسان د. مؤمنة كامل وهي عضو منتخب بمجلس الشعب تقدر مسئولية ما تقوله.
وأضاف النقيب: أقوال د. مؤمنة نشرت في حوار صحفي تضمن رأيها الخاص بعباراتها المسجلة وقدم التسجيل لوكيل النيابة واستمع إليها وواجه بها د. مؤمنة وأقرت بصحة التسجيل وجاء ذلك في إطار التزام الجريدة بعرض وجهات النظر حيث نشرت الجريدة مذكرة القاضي وليد الشافعي عضو لجنة الانتخابات بالبدرشين التي أبدي فيها عددًا من الوقائع التي شاهدها ونشرت الجريدة تصريحاته في حوار أجري معه ونشر أيضًا وما كان يمكن للجريدة إلا أن تسأل د. مؤمنة كامل عن رأيها فيما يخصها مما ورد علي لسان القاضي ولم يكن للجريدة أن تمتنع عن نشر تصريحاتها المسجلة فالجريدة ليست طرفًا وقد أرسل النقيب ذلك الرأي في خطاب للنائب العام د. مستشار عبدالمجيد محمود.
ويري د. فاروق أبو زيد رئيس لجنة الممارسة الصحفية بالمجلس الأعلي للصحافة وعميد كلية الإعلام بالجامعة الحديثة للعلوم والتكنولوجيا أن جريمة السب والقذف لا تقع إلا بنشرها ومن ثم فإن الصحفي والصحيفة تقع عليهما المسئولية، فليس من المهنية ولا الأخلاق أن ينشر الصحفي سبًا وقذفًا لمجرد امتلاكه لما يثبت ذلك من تسجيلات وإلا تحولت الميديا وصفحات الجرائد إلي ساحات للسب والقذف وتبادل الشتائم.
وقال أبو زيد: ليست المشكلة في إذا ما كان ما ينشر من سب وقذف حقيقيا وقيل أم لم يقله المصدر ولكن المهم ما هي الفائدة التي ستعود علي المجتمع موضحًا أن هناك فرقا بين السب والقذف والاتهام الموثق بالأدلة والمستندات فعندما يتهم مصدر شخصا بالفساد أو السرقة فعلي الصحفي أن يطالب المصدر بالمستندات الدالة علي ذلك وعندها يكون ما يقوله المصدر اتهاما موثقا وهذا ما يمكن أن يكون سبقا صحفي ليس نشر سباب وشتائم.
وقال لويس جريس، رئيس تحرير مجلة صباح الخير الأسبق: هناك فرق بين الألفاظ الخارجة والرأي، فالأول يترك لأنه سب وقذف والثاني ينشر فلا يجوز إيذاء الرأي العام بما لا يفيده.
وأضاف ما الفائدة التي عادت علي المجتمع من نشر سب وقذف لأحد أعضاء الهيئة القضائية وبالتأكيد السيدة صاحبة التصريحات لم تكن تعلم أن حديثها للنشر، رغم أن ذلك لا يعفيها من المسئولية وإذا ثبت أن المصدر لا يعلم بالتسجيل فيتحمل الصحفي مع المصدر العقاب، أما إذا كان يعلم فلا يحاسب الصحفي قانونا لأن ناقل الكفر ليس بكافر، إلا أن الصحفي يخالف ميثاق الشرف الصحفي.
وتابع لويس: الصحافة مهنة مبادئ وقيم ويجب علي الصحفي أن يتحري الدقة ويراجع الكلام الذي فيه إثارة مع المصدر ولا يستغل الصحفي انفعال المصدر في أخذ تصريحات مسيئة للآخرين وحتي في حالة اتهام مصدر لشخص بأنه مجنون وغيره من الألفاظ الخارجة يجب أن يسأل الصحفي المصدر علي دليله علي هذا الكلام.
ووافقه الرأي نبيل زكي، رئيس تحرير جريدة الأهالي السابق ، مؤكدا أنه ليس كل ما يقال ينشر وعلي الصحفي أن ينظر إلي ما سينشره ومدي فائدة المواطن والرأي العام فلا يجوز نشر شيء يحدث فتنة بين المسلمين والمسيحيين علي لسان أي شخص أو نشر سب وقذف لأنه لا يفيد الرأي العام ويضر شخصا ما.
وأضاف زكي: كنت التقي بعض المصادر وكانوا يقولون كلاما خارجا لو تم نشره كان من الممكن أن يحدث تأثيرا كبيرا في الشارع المصري، إلا أنني كنت أفضل ألا أنشر ما يضر المجتمع. وأضاف: إذا كان نشر تلك الألفاظ مرفوضا فإن التسجيل من غير معرفة المصدر مخالف للأعراف المهنية وميثاق الشرف الصحفي ويجب أن يدفع الصحفي إحساسه بالمسئولية وبمصلحة الوطن حتي لو كان ما ينشر يثير جدلا.
بينما يري الكاتب الصحفي سعد هجرس أن علي الصحفي إعلام المصدر أنه يقوم بالتسجيل له في حالة التصريحات الخاصة والحوارات وله الحق في نشر ما قيل حتي لو تضمن الكلام سبا وقذفا وهنا يتحمل المصدر مسئولية ما قاله دون أدني مسئولية علي الصحفي.
وأضاف هجرس: من حق الصحفي نشر ما يراه جاذبا طالما يقوله مصدر مسئول.. وتابع: الصحفي يكتب ما يشاء مع توثيقه ولرئيس التحرير الموازنة فيما يمكن نشره أولا مع أهمية التسجيل للمصدر لاستخدامه في حالة إنكاره وفي الصحافة نقل الكفر ليس بكافر وفي واقعة سب القاضي علي لسان مؤمنة كامل هي التي تتحمل المسئولية ولا يدان الصحفي ولا الجريدة.
وشدد الدكتور جابر نصار أستاذ القانون بجامعة القاهرة علي أن نشر الصحفي لتصريحات مسجلة تتضمن سبا وقذفا لا يترتب عليه إدانة للصحفي ولا الجريدة، طالما توافرت حسن النية ما ينفي وجود مصلحة للصحفي في توجيه إساءة لأحد.
وأضاف نصار: في واقعة د.مؤمنة كامل فهي شخصية مسئولة والأصل أنها مشرعة قانونا فكلامها تحاسب عليه ولا مصلحة للجريدة في الإساءة إلي القاضي وليد الشافعي.
وتابع: إذا كانت المعايير المهنية تقتضي أن يعلم المصدر أن الصحفي يسجل له ويكون هناك الرأي والرأي الآخر، إلا أن التسجيل سواء يعلم المصدر أو عدمه يعفي الصحفي من المسئولية لأن الأصل أن الصحفي يسجل للمصدر ما يقول.
وعلي المصدر تجنب التصريح بما يخشي نشره خاصة أن التسجيل يجعل من الصعب التنصل من تلك التصريحات ومحاولات تحميل مسئوليتها للصحفي.