مايحدث غدا الإثنين حدث نادر في التاريخ المصري .. تكرر ثلاث مرات علي إمتداد قرن ونصف القرن علي الأقل . وحدث بتفاصيل مغايرة في كل مرة ...
الحدث الأول وقع عام ١٨٦٦ ..
عقد البرلمان الأول . وكان البرلمان بالتعيين . ويضم عددا كبيرا من الأعيان وزعماء القبائل والعربان ..
جاء مندوب القصر ليتفقد المكان قبل تشريف الخديوي .
خاطب النواب قائلا : من يؤيد أفندينا يجلس الي اليمين . ومن لا يؤيد آفندينا يجلس الي اليسار ..
بسرعة البرق : تدافع الجميع للجلوس الي اليمين ، إنهم جميعا من إحسانات الخديوي ..
لكن مندوب القصر لم يعجبه الموقف .
قال لهم : أفندينا لا يريد هذا المشهد . إنه يريد شوية معارضين ، أمام قناصل الدول الأجنبية ، الذين يحضرون الجلسة الأولي . وربما جلسات أخري في المستقبل ..
هنا تلكأ بعض النواب . وتجمعوا علي الي المقاعد اليسارية ..
هذا المجلس ، إنقلب بعد عامين بالتمام والكمال علي الخديوي . وطالبوه بالفصل بين ثروة الخديوي وأموال الخزانة العامة . ثم حاسبوه حسابا عسيرا ، عما فعله بالأموال العامة ..
وكان ذلك أول ثورة برلمانية ضد الحاكم ..
الواقعة الثانية كانت أكثر عنفا ..
إنتخب الشعب برلمانه الأول عام في مارس ١٩٢٤ . وحصل الوفد علي أغلبية ساحقة . وبدأت النزاعات الساخنة علي الإختصاصات الدستورية بين الملك وزعيم الوفد سعد زغلول . لم يستمر النزاع طويلا ، فقد تواطئ الملك فؤاد مع الإنجليز . ووقعت حادثة إغتيال السير لي ستاك قائد الجيش البريطاني في مصر . وتم حل البرلمان .. وتخلص الملك من وزارة الشعب .
ثم أجريت الإنتخابات الثانية في يناير ١٩٢٥ ..
وتصور الملك والإنجليز ، أن حزب الوفد سوف يخسر المعركة ..
عندما أعلنت النتائج صدم الملك وصدم الإنجليز . فاز الوفد بأغبية ساحقة ..
لم يتمالك الملك أعصابه . وأصدرالملك قراره بحل المجلس في نفس الليلة ..
لم يعش هذا البرلمان أكثر من ٢٤ ساعة ..
غير أن النواب ، لم يعترفوا بحل البرلمان . وقرروا الإجتماع خارج المقر الرسمي . وممارسة المهام التشريعية .
وتجمع الأعضاء في الموعد الدستوري للبرلمان . وإتجهوا للإجتماع بصالة فندق الكونتنتال الذي مازال قائما في ميدان الأوبرا حتي الان . وإنتخبوا سعد زغلول رئيسا للوزراء ..
هذا المشهد قريب جدا مما سيحدث يوم الإثنين ١٣ ديسمبر ..
سوف يتوجه ١١٨ من أعضاء البرلمان السابق الي مجلس الدولة . هذا العدد من النواب سقط في الإنتخابات بفعل فاعل . وهم يعتبرون أنفسهم برلمانيون شرعيون . ولهم الولاية الشرعية .
من هذا المنظور شكلوا برلمانا بديلا ، يتولي مهامة الشرعية بعد أداء القسم أمام مجلس الدولة ..
إنه مشهد لن ينساه التاريخ أبدا ..
المشهد الأكثر عنفا حدث عام ١٩٥١ ..
فقد أصدر الملك في ٢٧ يناير قرارا بإقالة وزارة الوفد الذي يرأسها مصطفي النحاس . وقرر إعلان الأحكام العرفية . وتعطيل الحياة البرلمانية ..
وكان دستور ١٩٢٣ يقضي بألا تستمر الحياة البرلمانية معطلة أكثر من ٦٠ يوما ..
إنتهت المهلة الدستورية . وقرر النواب التوجه الي دار البرلمان ، وإقتحامه بالقوة . وعقد الدورة التشريعية الملزمة طبقا للدستور ..
وأصيبت الحكومة بالرعب .. حاصرت كل المنافذ المؤدية للبرلمان . وأغلقته بعشرة أقفال ضخمة .. وحذرت الجميع من المذبحة أذا وقعت الواقعة ..
هذا الموقف لن ينساه التاريخ أيضا