ويتوقع حزب الله ان يوجه القرار الظني المرتقب صدوره عن المحكمة الخاصة بلبنان اصابع الاتهام الى مجموعة من عناصره.
وكان رئيس قلم المحكمة هرمان فون هايبل اعلن الخميس ان القرار الظني في اغتيال رفيق الحريري سيقدم الى قاضي الاجراءات التمهيدية "قريباً جداً جداً".
وأشارت المصادر الى ان خطط الحزب انقسمت الى مجموعتين وعلى جبهتين: قسم دفاعي وآخر هجومي، وجاءت في خطوطها العريضة على النحو الآتي:
اولاً: تقويم الموقف الاسرائيلي من المواجهة مع حزب الله. ففي تقدير الحزب ان اسرائيل تدرك ان الدخول في حرب مع الحزب لن يكون مضمون النتائج من جهة، وفي حال تَجنُّب المواجهة معه فإن قوته ستتعاظم، لذا فإن الحزب يعتقد ان اسرائيل امام خيارين لا تعلم ايهما الاسوأ وإلا لشنّت الحرب غداً.
وانطلاقاً من هذه الخلاصة يبدو الحزب على اقتناع بأن اسرائيل لن تدخل الحرب المقبلة وحيدة بل ان حلف شمال الاطلسي (الناتو) سيكون جزءاً من تلك الحرب بناء على القرار الاتهامي ورفضه من قبل حزب الله.
ورغم الحذر من بلوغ التطورات هذا المنحى الحربي، فإن المصادر القريبة من حزب الله تورد مجموعة من المعادلات التي توحي من خلالها بأن الحزب أعدّ نفسه لاحتمالات من هذا النوع.
وذكّرت المصادر بأن الطيران الاسرائيلي كان شنّ 14 ألف غارة خلال 33 يوماً ابان حرب تموز/يوليو 2006، وقالت ان اشتراك أسراب الاطلسي يمكن ان ترفع هذا العدد ألفين او أربعة، مما لا يشكل فارقاً بالحجم الذي يؤثر على طبيعة المواجهة.
ولفتت المصادر الى ان الجبهة الداخلية في اسرائيل ما زالت تتحضر وهي غير جاهزة، إضافة الى انه لن يكون في وسع قوات الاطلسي التي ستؤازر اسرائيل منع تغيير معالم تل ابيب، مشيرة في هذا السياق الى ان حزب الله أكمل استعداداته ونقل منظومته القتالية من فوق الارض الى باطنها، وأوجد دفاعاً متقابلاً، ووضع قوات في عرض المنطقة الدفاعية وعمقها على النحو الذي يصيب التفوق الجوي الاسرائيلي بالعجز عن امكان القضاء عليها، وخصوصاً ان القدرة القتالية للحزب بعد حرب الـ2006 اشتدت في شكل نوعي حتى اقتربت من فائض القوة، وهي انشأت "قوات نخبة" خاصة تستطيع التعامل مع القوات الاسرائيلية المهاجِمة، في الوقت عينه مع فتح جبهة داخلية ضد الحزب تحت غطاء القرار الاتهامي.
ثانياً: "غرفة الحرب" في "حزب الله" تضع سيناريو افتراضياً ازاء الداخل، يأخذ في الاعتبار الوضع الآتي: صدر القرار الاتهامي، بدأ الضغط السياسي على الحزب، اخذت القوى الداخلية المعادية للمقاومة تتناغم مع القوى الخارجية، تَحرك الاسطول الخامس الاميركي في اتجاه المياه الاقليمية للبنان، عُبئت الصفوف الداخلية من بعض القوى العربية، وجهزت المجموعات الانتحارية من الأصوليين نفسها وحددت أهدافها.
يستوجب هذا السيناريو، حسب المصادر عينها، مواجهة حقيقية وشاملة، تبدأ بتحرك سياسي اولاً، غايته إقناع الحكومة باتخاذ موقف جذري لرد القرار الاتهامي على أعقابه وسحب القضاة اللبنانيين من المحكمة الدولية وإعلان رئيس الحكومة سعد الحريري رفضه للفتنة الداخلية ومنع اي قوى خارجية من التدخل في الشأن اللبناني.
اذا لم يستجب رئيس الحكومة وفريقه السياسي -والكلام للمصادر القريبة من حزب الله- فمن غير المستبعد انسحاب وزراء 8 آذار من الحكومة ومعهم وزراء النائب وليد جنبلاط، والتوجّه نحو البرلمان لطرح الثقة بالحكومة حتى لو امتنع نواب 14 آذار عن التوجه الى البرلمان.
اما الخطوة التالية فستكون تشكيل حكومة جديدة يصار الى إبعاد تيار المستقبل عنها، وأولى خطواتها تغيير القادة الامنيين وبدء محاكمة شهود الزور من الامنيين والسياسيين، وتفعيل عملية نظر المجلس العدلي في قضية اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري.
وفي إشارة ذات دلالة، قالت هذه المصادر ان الحكومة الجديدة ستضع يدها على مشروع سوليدير (في وسط بيروت) لاعطاء كل ذي حق حقه، وستعيد تنظيم "فرع المعلومات" على النحو الذي يجعله تحت سلطة وزير الداخلية، لافتة الى ان حكومة ما بعد القرار الاتهامي ستعمل وفق برنامج محدد حتى لو لم تعترف بها الحكومات العربية والاجنبية.
وكشفت تلك المصادر انه في حال جرت تحرشات ميدانية بحزب الله، فإن الحكومة الجديدة ستعتمد في بيانها الوزاري "فقرة اصلية" تشير الى ان قوات المقاومة هي من الوحدات القتالية الوطنية وتتمتع بغطاء شرعي وقانوني للدفاع عن الوطن.
قوات المقاومة ستكون مولجة كـ"وحدات قتالية وطنيّة" بالدفاع عن الامن الوطني في حال تحركت قوات معادية، وسيكون هدفها وأد الفتنة في مهدها من دون زجّ الجيش اللبناني لأهمية بقائه على الحياد.
وتحدّثت هذه المصادر عن سيناريوهين وضعهما حزب الله للتعاطي مع قوات اليونيفيل في جنوب لبنان. الاول يأخذ في الاعتبار امكان سحب دول الناتو وحداتها المشاركة في اليونيفيل ليتاح لحكوماتها ممارسة الضغط المناسب وبحريّة على حزب الله. اما الثاني فينطلق من امكان تحول وحدات دول الناتو المشاركة في اليونيفيل من قوات حفظ سلام الى قوات محاربة تحت الفصل السابع.
وكشفت المصادر عينها عن وضع "خطة إطباق" على تلك القوات لشلّها وتشتيتها وإشعارها بأنها موجودة في "أرض معادية" لها، مشيرة الى ان تصرف حزب الله حيال قوات حفظ السلام سيكون متدحرجاً، يبدأ بإنذارها، ثم محاصرتها، فضرْبها، وربما التعامل معها كرهائن اذا لزم الامر. وخلصت المصادر الى القول ان وضع تلك السيناريوهات "الجزئية او الكلية" على الرفّ يتم في حالٍ واحدة تتمثل في رفض المحكمة وقرارها الاتهامي قبل صدوره، وخصوصاً أن تفاصيل هذا القرار اصبحت موجودة لدى الجميع.