كتب أيمن غازي
العدد 1531 - الاثنين - 5 يوليو 2010
شدد المستشار مدحت المراغي رئيس مجلس القضاء الأعلي السابق علي ضرورة احترام أحكام القضاء.. وعدم الضغط من جانب المحامين علي الرأي العام بأن هناك تسرعا من جانب القضاة في إصدار حكم الحبس تجاه اثنين من المحامين.. تعدوا بالضرب علي مدير نيابة طنطا.. مشيرًا إلي أنه لا يليق أن يوجه للنائب العام ألفاظًا لا تليق.. وكذلك أعضاء المؤسسة القضائية.. ومؤكدًا في نفس السياق أن هناك مبادرة كان قد تقدم بها إلي نادي القضاة.. برئاسة المستشار أحمد الزند.. ونقابة المحامين من خلال نقيبها حمدي خليفة.. لاحتواء الأزمة.. ترتكز علي ضرورة احترام المحامين للمؤسسة القضائية.. وعدم إثارة أعضاء النقابة من خلال التصريحات الإعلامية.
واضاف المراغي لـ«روزاليوسف» علي خلفية انتهائه من اصدار موسوعة الوسيط القانونية التي استمر العمل في صياغتها وتنقيتها علي مدار عشر سنوات: بأنه يمتن شخصيا للرئيس مبارك بحياته.. عندما أصدر قرارًا بعلاجه علي نفقة الدولة لإجراء عملية جراحية طارئة له.
وأوضح: أن الرئيس خلال زياراته لمجلس القضاء الأعلي كان يستمع لهم.. ويطلب مناقشتهم في أمور الدولة تقديرًا للمؤسسة القضائية ولهم.
امتنان لمبارك
< توليتم رئاسة مجلس القضاء الأعلي والنقض.. لأطول فترة في تاريخ المجلس منذ عام 1993 حتي عام 1998 .. كم مرة زار فيها الرئيس المجلس؟
ثلاث مرات.. تقديرًا للقضاء والقضاة.. وكان يحرص خلال كل زيارة أن يعقد اجتماعًا مغلقًا مع أعضاء مجلس القضاء الأعلي.. يستمع إليهم.. ويناقشهم في أمورهم وأمور الدولة.. ويكفي أنه كان يناقشنا في القضايا التي تخص الوطن ويعرضها علينا باعتبارنا مواطنين وقضاة وأذكر هنا للتاريخ أنه كان يستمع لأدق التفاصيل دون أن يغضب.. بل كان صدره رحبًا بما نطرحه عليه من استفسارات.. وتساؤلات.. ونقاشات وكان يوضح لنا كثيرًا من المسائل المتداولة ولم نكن نعلم عن طبيعتها شيئًا.. وللتاريخ أيضًا.. كنت عقب كل زيارة أستمع من وزير العدل أنذاك المستشار فاروق سيف النصر.. أن الرئيس مبارك كان سعيدًا بما طرحتموه عليه.. وهذا ما يدعوني للقول بكل صراحة.. أنه ليس صحيحًا أن يقال إن الرئيس هو الذي يتكلم فقط.. ونحن نستمع ولا أحد يتحدث أمامه.. ومن يتحدث أمامه «مدته قصيرة» ولا يليق أن ينسب لي مثل هذا القول بعد هذا العمر لأن مواقفي صريحة ومعلنة.. ويكفي أنه كان يطلب منا أنه يندب رأينا بكل صراحة لأنه كما يقول دائمًا أنا أقدر القضاء والقضاة.. أذكر لك واقعة هنا.. أثناء تخرج إحدي دفعات إحدي الكليات العسكرية وجه إلينا الدعوة لحضور حفلة التخرج.. وكنا نجلس بعيدًا عنه.. فطلب الرئيس من سكرتيره الشخصي أن يكون القضاة الحاضرون بجواره شخصيا.. تقديرًا للقضاة.. ومن بعدها تغيرت بعض قواعد البرتوكول الرسمي.. بأن يجلس القضاة بجواره في الصفوف الأولي.. وهذا لم يحدث في أي عهد من العهود الرئاسية السابقة.
< هل تذكر لي واقعة شخصية لك مع الرئيس مبارك؟
- عام 1997 عندما كنت رئيسًا لمجلس القضاء الأعلي تعرضت لأزمة صحية طارئة.. كانت تستوجب سفري بشكل عاجل للخارج لإجراء عملية جراحية لزراعة «الكبد» وأصدر الرئيس قرارًا فوريا بسفري لأمريكا خلال أربع وعشرين ساعة.. وعقب إجرائي الجراحة اتصل بي للأطمئنان علي صحتي.. وعقب عودتي.. وحتي بعد تقاعدي من العمل القضائي.. دائم الاتصال.. ولذلك أمتن له شخصيا بحياتي.. وللعلم هذا لم يفعله الرئيس معي وحدي.. ولكن مع عدد من رجال القضاء.. ومنهم المستشار يحيي الرفاعي الذي قام بعلاجه علي نفقة الدولة بالرغم من التوجه الذي كان يأخذه الرفاعي.. ومؤخرًا مع المستشار جابر ريحان بعد تقاعده للمعاش أصدر له قرارًا بالعلاج علي نفقة الدولة في أمريكا.. نفس الأمر ينطبق علي عدد من رجال القضاء.. من خلال حرصه علي توفير العلاج لهم من خلال صندوق الرعاية الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية.. أضف لذلك أحوال وأوضاع المحاكم والاستراحات التي تطورت كثيرًا.. وكذلك أوضاع القضاة المالية.. والاجتماعية.. وأري أن وضعهم حاليا أفضل من عهود رئاسية سابقة. تحريف
< تتحدثون دائما عن تقدير الرئيس مبارك للقضاء.. والقضاة..وكذلك موقفكم المنادي دائما برفع سن التقاعد للاستعانة من الخبرات القضائية.. ولكن نسب إليكم.. أن من يتحدث في هذه الأمور «أجله قصير»؟!
هذه الواقعة تم تحريفها.. والنص الصحيح الذي قلته لصحيفة«الشروق».. أنني كنت حريصا علي رفع سن تقاعد القضاة.. وهذا الموضوع أثرته عندما كنت أمينا عاما لمجلس القضاء الأعلي عام 1985.. وكان وقتها المستشار محمود درويش رئيسا للمجلس ورئيسا لمحكمة النقض.. وأغلبية المجلس وقتذاك كانت سوف تتقاعد للمعاش.. ماعدا المستشار محمد عبدالعزيز الجندي نظرا لصغر سنه في هذا التوقيت.. وسبب هذا المطلب أنني وقتها كنت عائدا من زيارة لأمريكا وشاهدت هناك أن القضاة يستمرون في العمل حتي سن التسعين عاما.. وإذا أراد القاضي أن يتقاعد قبل هذا السن يقدم بنفسه طلباً يفيد عدم قدرته علي الاستمرار وعندما زار الرئيس مبارك مجلس القضاء الأعلي في زيارة خاص له.. كنت أن طلبت الكلمة.. بدون معرفة من وزير العدل أو حتي رئيس مجلس القضاء الأعلي.. وتحدثت أمام الرئيس بدون أن يعلم الاثنان ما أقوله.. وقلت وقتها للرئيس بضرورة رفع سن تقاعد القضاة.. وفقا لما شاهدته في فرنسا.. وأمريكا مؤخرا من أن القضاة يبلغون سن التقاعد عند سن متقدمة.. وأنا اشغل موقع أمين عام المجلس.. ورئيسا للمكتب الفني لمحكمة النقض وعندي احصائيات دقيقة عن بطء الفصل في القضايا.. وأن حل هذه الاشكالية يمكن من خلال رفع سن التقاعد.. وزيادة الدرجات القضائية.. واذكر هنا للتاريخ أن أعضاء المجلس فوجئوا باقتراحي هذا.. لأن مؤاده بقاءهم في الخدمة، ووقتها رد المستشار محمود درويش رئيس المجلس، بقوله «احنا مش بنطالب بحاجة يا سيادة الرئيس.. وقال للرئيس.. أنا لا أعلم شيئًا عما ذكره المستشار المراغي».. وهو قال هذا الرد حتي لا يفسر اقتراحه بأنه مطلب من أعضاء المجلس بالبقاء.
< وما موقف الرئيس من هذا وقتها؟
- الرئيس مبارك رد وقتها بأنه لا يمانع في كل ما يحقق المصلحة العامة.. وكذلك تحقيق العدالة.. وقال لنا عليكم دراسة هذا الموضوع للنظر فيه.. ثم توالت الأيام.. وعام 1993 عندما عينت رئيسا لمحكمة النقض ورئيسا لمجلس القضاء الأعلي وفقا للأقدمية.. ووفقا للتقاليد والأعراف المتداولة.. كان ذلك يستوجب علينا أن نذهب إلي أداء اليمين القانونينة أمام الرئيس وذهبت وقتها مع المستشار فاروق سيف النصر.. أثناءها قال لي «سيف النصر».. الأعراف والتقاليد تقول أن نجلس أمام الرئيس.. هو يتحدث أولا.. ونحن نستمع إليه ثم نناقش نحن معه فيما يخصنا من أمور.. وذهبنا واستمعنا للرئيس مبارك.. وعندما تحدث عن شئون القضاء وسير العدالة، وسرعة الفصل في القضايا، أنا ذكرت أمامه، أن تأخر الفصل في القضايا والطعون المتراكمة، يطول في بعض الأحيان، وأن محكمة النقض متخمة بعشرات الآلاف من الطعون التي تحتاج إلي زيادة أعداد رجال القضاء، فأثار الرئيس موضوع رفع سن تقاعد القضاة، لاتاحة الفرصة لزيادة أعداد القضاة، حتي يتم الفصل في الطعون المتراكمة، التي ستساهم بدورها في تحقيق العدالة، وفي هذه الفترة، فعلا، أمر الرئيس مبارك ببحث رفع سن تقاعد القضاة، وصدر قرار جمهوري بمشروع قانون قدم برفع سن تقاعد القضاة من ستين عاما إلي أربع وستين عاما، والاستفادة من خبرة القضاة الموجودين، وطبق نص القانون علي شخصي مع مجموعة الزملاء من القضاة في هذه الفترة.
زيادة الدرجات القضائية
< وما موقفكم من رد رئيس القضاء الأعلي مقترحكم؟
- أنا ذكرت أيضا أمام الرئيس.. بأنه لا أحد يعلم شيئا عما ذكرته.. وهو عبارة عن مقترح شخصي.. وأن اقتراحي هذا للمصلحة العامة، التي تستوجب رفع سن التقاعد حتي يتم الفصل في الطعون المتراكمة أمام المحاكم، وللعلم، عندما اقترحت هذا المطلب أمام الرئيس، وأعضاء مجلس القضاء الأعلي، كان سيؤدي إلي تأخير وصولي لرئاسة محكمة النقض، ورئاسة مجلس القضاء.
< قبل نهاية العام القضائي الحالي كانت هناك مطالب من جانب بعض رجال القضاء بعدم رفع سن التقاعد ثانية.. اتاحة للفرصة أمام عناصر الشباب من القضاة لتولي المواقع القيادية بالمحاكم؟
- أنا أول من نادي برفع سن التقاعد.. وظللت أنادي به أيضا حتي بلوغي سن التقاعد.. وبعده وحتي الآن لأنني أري أن رفع سن التقاعد للقضاة سوف يزيد من فرصة الاستفادة من خبرات الشيوخ في الفصل في القضايا، والطعون، وأن ذلك لا يترتب عليه أضرار لأنه ببساطة شديدة يمكن حلها من خلال زيادة الدرجات القضائية.
< بمعني؟
- يعني إنه علي سبيل المثال.. إذا كان هناك ثلاثون رئيس محكمة بدرجة رئيس محكمة استئناف سوف يبلغ سن التقاعد ويأتي مكانهم ثلاثون رئيس استئناف من التالين في الأقدمية.. فيمكن الابقاء عليهم مع إنشاء ثلاثين درجة جديدة للقضاة الذين سوف يتم ترقيتهم لهذه الدرجة.. ليتساووا معهم بنفس الدرجة.. وبذلك نحل الموضوع.. ليصبح العدد كله ستين رئيس استئناف.. وبذلك نكون حققنا الترقية للقضاة الذين عليهم الدور.. وأبقينا علي القضاة أصحاب الخبرة.. وأقول لك.. هذا الرأي لم يكن من طرحي له حتي بعد تقاعدي ومناداتي به أيضا.. لأية اعتبارات شخصية ولكن للمصلحة العامة.. لأنني عندما اقترحته أول مرة وكنت أمينًا عامًا لمجلس القضاء الأعلي كان سيؤثر علي وصولي إلي درجة رئيس النقض.. ورئيس لمجلس القضاء الأعلي.
< عقب انتهاء انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشوري.. طالب بعض من القضاة.. إما إشراف كامل.. أو لا اشراف؟
- رأيي المعلن دائمًا.. هو أن مكان القاضي منصته ونزوله للاشراف علي الانتخابات يعرضه للأقاويل التي تنال من هيبته.. ولكن بما أن هناك اشرافًا يتم حاليا من جانب اللجنة العليا للانتخابات.. فوجهة نظري بأنه من المطلوب ألا يكتفي باللجان العامة.. ولكن أيضا يشرف القضاة علي اللجان الفرعية.. وهذا قلته عندما تم تعديل قانون الانتخابات.. بأن هناك فارقًا بين قاض لكل صندوق.. وقاض للجنة العامة، واللجنة الفرعية.. وبذلك تحقق المعادلة.. بأن يكون هناك اشراف قضائي كامل علي اللجان الفرعية والعامة حتي نربأ بالانتخابات والقضاة عن أي شيء يمس نزاهتهما حفاظًا علي صورة مصر.. وحتي تتحقق الضمانة الكاملة. ويهمنا أن يقال أن في مصر انتخابات نزيهة.
وساطة
< علمت مؤخرًا.. أنكم تقدمت بمبادرة وساطة بين المستشار أحمد الزند.. وحمدي خليفة نقيب المحامين.. لاحتواء الأزمة التي نتجت عقب حبس اثنين من المحامين اعتديا بالضرب علي مدير نيابة طنطا؟
- هذا صحيح.. وعندما وجدت أن الأمور بدأت تتصاعد اتصلت بنقيب المحامين حمدي خليفة.. وعمر هريدي عضو مجلس النقابة.. وأحمد سيف الإسلام حسن البنا والمستشار أحمد الزند باعتباره أحد تلاميذي ورئيسًا لنادي القضاة.. وقلت لهم: أن العلاقة بين القضاة والمحامين تستوجب احترامًا متبادلاً بين الطرفين.. واقترحت عليهم أن يكون هناك لقاء ثلاثي يضم رئيس مجلس القضاء الأعلي.. ومجلس نقابة المحامين.. ومجلس إدارة نادي القضاة.. وألا يتم طرح مسألة الافراج عن المحاميين المحبوسين علي ذمة القضية.. لأن القضية أصبحت بيد القضاء ولا يمكن التدخل في أحكام القضاء حتي من القضاة أنفسهم.. وارتكزت المبادرة أيضًا علي ضرورة عدم الضغط من جانب المحامين إعلاميا علي مجلس القضاء الأعلي للتدخل.. أو حتي علي النائب العام المستشار العام.. وفق أنه لا يوجد أي شخص أيا كانت سلطاته أن يتدخل في الأحكام القضائية.. وعلي الطرفين.. أيضًا أن يلتزما الصمت أمام وسائل الإعلام.. لأن هناك تصريحات ممكن أن تشعل الأجواء بشكل أكثر.. اضافة إلي أن القضاء له قدسيته.. وعلي المحامين ألا يستمروا في الهتافات التحريضية.. أو الاساءة للقضاة لأن هذا به خطر علي القضاء.. لأنه الملاذ الأخير للجميع بما فيهم المحامون أنفسهم.. وأنا هنا نصحت وطلبت ألا يتم التجاوز بحق قدسية المؤسسة القضائية.. وطلبت من المستشار أحمد الزند نفسه أن يقبل اعتذار المحامين عن الإساءة التي وجهت إليه.. فرد قائلا: مما يخصني أنا أتجاوز عنه ولكن ما يخص المؤسسة القضائية لا يمكن لي أن أتجاوزه.. خاصة أن هناك قضية معروضة علي القضاء.. وعلينا جميعًا أن نحترم القانون وتطبيقه علي الجميع.. اضافة إلي ضرورة تمكين القضاة من واجبهم في نظر القضايا.. ولا يصح في ظل ثورة انفعال أن يقوم المحامون بالتحريض ضد القضاة وسبهم.. وهتافات لا تليق. وأذكر هنا أيضًا أنني أكدت للمحامين ونقيبهم أن النائب العام لم ينحاز لطرف علي حساب طرف آخر ولا يصح أن يقال أن هناك تحيزًا بهذا الشكل.
القضاء مقدس
< وماذا حدث بعدها؟
- الزند أكد كما قلت أن الأمر ليس متعلقًا به شخصيا.. لأن من يحق له التصالح هنا.. هو مدير النيابة الذي تم الاعتداء عليه.. ولا يصح أن تصدر من المحامين هتافات أو تصريحات علي القنوات الفضائية الخاصة ضد القضاة.. ونقيب المحامين مازال يسعي للتصالح.. ونحن من جانبنا أكدنا علي ضرورة احترام قدسية القضاء.. وهيبة القضاة أمام الرأي العام.. وضرورة توقف المحامين عن تعليق صور القضاة والإساءة إليهم أمام نقابتهم.
< قانون البلطجة هل يمثل حل جذري لوقف الاعتداء علي القضاة والمنصة.. ما رأيكم في ذلك؟
- المنصة لها قدسيتها.. ومواد قانون العقوبات الحالية كافية للتصدي للمتجاوزين.. وليس من مصلحة أحد المساس بالقضاء.. والمحامون أنفسهم يقدرون القضاة.. والقضاء.. ولا يتدخل أحد في أعماله وأذكر هنا للتاريخ.. أن الرئيس عبدالناصر تحدث خلال مؤتمر علني عن تورط أحد موظفي وزارة الخارجية في عهده بعلاقة مع إحدي الدول الأجنبية وأحاله للمحاكمة أمام القضاء بتهمة التخابر وعندما عرضت القضية علي محكمة الجنايات أصدر القاضي حكمًا بتبرئته.. لأن القاضي.. قاض لا يتأثر بأي شخص بخلاف الأوراق المعروضة عليه.. ومن يعترض أمامه الطرق القانونية المعروفة بالطعن علي الأحكام أمام المحاكم وأضيف هنا.. أن حماية القضاة.. والمنصة لن يأتي إلا من خلال إنشاء شرطة قضائية متخصصة.
< من خلال رئاستكم لمحكمة النقض.. كيف يتم الفصل في حكم يخالف مبدأ قانونيا أرسته إحدي دوائر النقض؟
- أولا: كل حكم يصدر عن دائرة بالنقض.. يصدر من خلال دائرة يتولاها خمسة مستشارين برئاسة رئيس محكمة النقض.. أو أحد نوابه.. إذا عرض علي الدائرة قضية وكان هناك مبدأ قانوني صادر عن دائرة أخري غيرها وتري ضرورة العدول عن هذا المبدأ يتم عرض الآخر علي الهيئة العامة لتوحيد المبادئ القانونية.. وهذه الهيئة تتكون من أحد عشر مستشارًا بالنقض.. برئاسة رئيس النقض نفسه وهناك هيئات.. هيئة عامة للمواد المدنية وهيئة عامة للمواد الجنائية.. والأهم أيضا من ذلك.. أنه في حال وجود تعارض بين الهيئتين في أحد المبادئ القانونية المشتركة بين الهيئتين.. يتم تشكيل هيئة عامة من الاثنين.. وتتكون من إحدي وعشرين مستشارا برئاسة رئيس محكمة النقض.
< وهل حدث هذا؟
- تم الاحتكام للهيئة العامة المشتركة.. عندما عرضت قضية متعلقة بتجريم واقعة شغل أكثر من مسكن.. إذ كانت تسير الدوائر المدنية علي مبدأ والدوائر الجنائية علي مبدأ آخر.. وكان الاختلاف علي كلمة مسكن بالقاهرة.. وتطلب هذا تفسيرا لكلمة القاهرة.. هل تعني القاهرة.. المدينة أم القاهرة الكبري.. وتم الفصل فيها باعتبارها قضية إيجارية.
< أثير مؤخرا حديث خافت حول طبيعة اختيار قضاة الاستئناف للعمل كمستشارين بمحكمة.. وأن الترشيح الذي يتم يستوجب معه إجراء التصويت العلني.. وليس السري للاختيار.. ما حقيقة هذا الأمر؟
- نظام الترشيح للعمل بمحكمة النقض.. من قضاة الاستئناف يتم من خلال الأقدمية.. والدور.. إضافة إلي تقارير المكتب الفني لمحكمة النقض نفسها.. والتي تستند إلي تقارير التفتيش القضائي علي من يقع عليه الدور منذ التحاقه بالنيابة العامة.. حتي توقيت ترشيحه والأمر هنا متروك لحرية اختيار الجمعية العمومية لمحكمة النقض.. خاصة أن قاضي النقض قاضي قانون وقاضي الاستئناف قاضي موضوع.. ويجب التدقيق في الاختيار هنا.
تعديل موسوعة السنهوري
< ماذا عن موسوعة الوسيط القانونية الخاصة بالفقيه القانوني الكبير عبدالرازق السنهوري.. والتي أعدتم تنقيحها.. وإضافة مواد جديدة عليها؟
- الموسوعة التي صدرت منذ أيام.. هي نتاج عمل استمر علي مدار عشر سنوات.. وموسوعة الوسيط التي أعدها السنهوري باشا من أفضل الموسوعات القانونية في القانون المدني علي مستوي العالم وتؤحل لأول قانون مدني صدر في مصر في الخامس عشر من أكتوبر من العام 1946 .. ولم يتناولها أي تعديل.. وتحتوي علي ألف ومائة وتسع وأربعبين مادة من القانون المدني.. وأنا قمت بإضافة بعض المواد الحديثة التي أصدرها المشروع المصري أهمها عدم جواز تملك الأملاك الخاصة بالدولة.. وسر عدم إضافة شيء علي هذه الموسوعة حتي الآن.. إنها مستمدة من الفقه الإسلامي.. وقدمت تنقيحًا لبعض المواد الحديثة مثل قانون الإثبات، التوقيع الإلكتروني والملكية الفكرية.. وكذلك الأحكام الصادرة من محكمة النقض المصرية، المحكمة الدستورية العليا، وأحكام القانون المدني الكويتي.. قانون المعاملات إماراتي وأحكام محاكم التميز بدبي.. وأبوظبي قطر البحرين وعمان.. بحيث أصبحت موسوعة عصرية شاملة.. وكذلك حكم مهم صادر من محكمة التميز في دبي خاص بتعريف الموت.. والذي انتهي إلي أن حياة الإنسان أو موته لا يثبت إلا باليقين.. وأن الموت الإكلينيكي يتوقف جزع المخ لا يعني موتًا.. لأن حياة الإنسان لا تتوقف إلا عندما تتوقف كل أعضائه دون استثناء.. وأن الموت يحدث عندما تتوقف جميع أجهزة الجسم عن العمل.
العدد 1531 - الاثنين - 5 يوليو 2010
شدد المستشار مدحت المراغي رئيس مجلس القضاء الأعلي السابق علي ضرورة احترام أحكام القضاء.. وعدم الضغط من جانب المحامين علي الرأي العام بأن هناك تسرعا من جانب القضاة في إصدار حكم الحبس تجاه اثنين من المحامين.. تعدوا بالضرب علي مدير نيابة طنطا.. مشيرًا إلي أنه لا يليق أن يوجه للنائب العام ألفاظًا لا تليق.. وكذلك أعضاء المؤسسة القضائية.. ومؤكدًا في نفس السياق أن هناك مبادرة كان قد تقدم بها إلي نادي القضاة.. برئاسة المستشار أحمد الزند.. ونقابة المحامين من خلال نقيبها حمدي خليفة.. لاحتواء الأزمة.. ترتكز علي ضرورة احترام المحامين للمؤسسة القضائية.. وعدم إثارة أعضاء النقابة من خلال التصريحات الإعلامية.
واضاف المراغي لـ«روزاليوسف» علي خلفية انتهائه من اصدار موسوعة الوسيط القانونية التي استمر العمل في صياغتها وتنقيتها علي مدار عشر سنوات: بأنه يمتن شخصيا للرئيس مبارك بحياته.. عندما أصدر قرارًا بعلاجه علي نفقة الدولة لإجراء عملية جراحية طارئة له.
وأوضح: أن الرئيس خلال زياراته لمجلس القضاء الأعلي كان يستمع لهم.. ويطلب مناقشتهم في أمور الدولة تقديرًا للمؤسسة القضائية ولهم.
امتنان لمبارك
< توليتم رئاسة مجلس القضاء الأعلي والنقض.. لأطول فترة في تاريخ المجلس منذ عام 1993 حتي عام 1998 .. كم مرة زار فيها الرئيس المجلس؟
ثلاث مرات.. تقديرًا للقضاء والقضاة.. وكان يحرص خلال كل زيارة أن يعقد اجتماعًا مغلقًا مع أعضاء مجلس القضاء الأعلي.. يستمع إليهم.. ويناقشهم في أمورهم وأمور الدولة.. ويكفي أنه كان يناقشنا في القضايا التي تخص الوطن ويعرضها علينا باعتبارنا مواطنين وقضاة وأذكر هنا للتاريخ أنه كان يستمع لأدق التفاصيل دون أن يغضب.. بل كان صدره رحبًا بما نطرحه عليه من استفسارات.. وتساؤلات.. ونقاشات وكان يوضح لنا كثيرًا من المسائل المتداولة ولم نكن نعلم عن طبيعتها شيئًا.. وللتاريخ أيضًا.. كنت عقب كل زيارة أستمع من وزير العدل أنذاك المستشار فاروق سيف النصر.. أن الرئيس مبارك كان سعيدًا بما طرحتموه عليه.. وهذا ما يدعوني للقول بكل صراحة.. أنه ليس صحيحًا أن يقال إن الرئيس هو الذي يتكلم فقط.. ونحن نستمع ولا أحد يتحدث أمامه.. ومن يتحدث أمامه «مدته قصيرة» ولا يليق أن ينسب لي مثل هذا القول بعد هذا العمر لأن مواقفي صريحة ومعلنة.. ويكفي أنه كان يطلب منا أنه يندب رأينا بكل صراحة لأنه كما يقول دائمًا أنا أقدر القضاء والقضاة.. أذكر لك واقعة هنا.. أثناء تخرج إحدي دفعات إحدي الكليات العسكرية وجه إلينا الدعوة لحضور حفلة التخرج.. وكنا نجلس بعيدًا عنه.. فطلب الرئيس من سكرتيره الشخصي أن يكون القضاة الحاضرون بجواره شخصيا.. تقديرًا للقضاة.. ومن بعدها تغيرت بعض قواعد البرتوكول الرسمي.. بأن يجلس القضاة بجواره في الصفوف الأولي.. وهذا لم يحدث في أي عهد من العهود الرئاسية السابقة.
< هل تذكر لي واقعة شخصية لك مع الرئيس مبارك؟
- عام 1997 عندما كنت رئيسًا لمجلس القضاء الأعلي تعرضت لأزمة صحية طارئة.. كانت تستوجب سفري بشكل عاجل للخارج لإجراء عملية جراحية لزراعة «الكبد» وأصدر الرئيس قرارًا فوريا بسفري لأمريكا خلال أربع وعشرين ساعة.. وعقب إجرائي الجراحة اتصل بي للأطمئنان علي صحتي.. وعقب عودتي.. وحتي بعد تقاعدي من العمل القضائي.. دائم الاتصال.. ولذلك أمتن له شخصيا بحياتي.. وللعلم هذا لم يفعله الرئيس معي وحدي.. ولكن مع عدد من رجال القضاء.. ومنهم المستشار يحيي الرفاعي الذي قام بعلاجه علي نفقة الدولة بالرغم من التوجه الذي كان يأخذه الرفاعي.. ومؤخرًا مع المستشار جابر ريحان بعد تقاعده للمعاش أصدر له قرارًا بالعلاج علي نفقة الدولة في أمريكا.. نفس الأمر ينطبق علي عدد من رجال القضاء.. من خلال حرصه علي توفير العلاج لهم من خلال صندوق الرعاية الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية.. أضف لذلك أحوال وأوضاع المحاكم والاستراحات التي تطورت كثيرًا.. وكذلك أوضاع القضاة المالية.. والاجتماعية.. وأري أن وضعهم حاليا أفضل من عهود رئاسية سابقة. تحريف
< تتحدثون دائما عن تقدير الرئيس مبارك للقضاء.. والقضاة..وكذلك موقفكم المنادي دائما برفع سن التقاعد للاستعانة من الخبرات القضائية.. ولكن نسب إليكم.. أن من يتحدث في هذه الأمور «أجله قصير»؟!
هذه الواقعة تم تحريفها.. والنص الصحيح الذي قلته لصحيفة«الشروق».. أنني كنت حريصا علي رفع سن تقاعد القضاة.. وهذا الموضوع أثرته عندما كنت أمينا عاما لمجلس القضاء الأعلي عام 1985.. وكان وقتها المستشار محمود درويش رئيسا للمجلس ورئيسا لمحكمة النقض.. وأغلبية المجلس وقتذاك كانت سوف تتقاعد للمعاش.. ماعدا المستشار محمد عبدالعزيز الجندي نظرا لصغر سنه في هذا التوقيت.. وسبب هذا المطلب أنني وقتها كنت عائدا من زيارة لأمريكا وشاهدت هناك أن القضاة يستمرون في العمل حتي سن التسعين عاما.. وإذا أراد القاضي أن يتقاعد قبل هذا السن يقدم بنفسه طلباً يفيد عدم قدرته علي الاستمرار وعندما زار الرئيس مبارك مجلس القضاء الأعلي في زيارة خاص له.. كنت أن طلبت الكلمة.. بدون معرفة من وزير العدل أو حتي رئيس مجلس القضاء الأعلي.. وتحدثت أمام الرئيس بدون أن يعلم الاثنان ما أقوله.. وقلت وقتها للرئيس بضرورة رفع سن تقاعد القضاة.. وفقا لما شاهدته في فرنسا.. وأمريكا مؤخرا من أن القضاة يبلغون سن التقاعد عند سن متقدمة.. وأنا اشغل موقع أمين عام المجلس.. ورئيسا للمكتب الفني لمحكمة النقض وعندي احصائيات دقيقة عن بطء الفصل في القضايا.. وأن حل هذه الاشكالية يمكن من خلال رفع سن التقاعد.. وزيادة الدرجات القضائية.. واذكر هنا للتاريخ أن أعضاء المجلس فوجئوا باقتراحي هذا.. لأن مؤاده بقاءهم في الخدمة، ووقتها رد المستشار محمود درويش رئيس المجلس، بقوله «احنا مش بنطالب بحاجة يا سيادة الرئيس.. وقال للرئيس.. أنا لا أعلم شيئًا عما ذكره المستشار المراغي».. وهو قال هذا الرد حتي لا يفسر اقتراحه بأنه مطلب من أعضاء المجلس بالبقاء.
< وما موقف الرئيس من هذا وقتها؟
- الرئيس مبارك رد وقتها بأنه لا يمانع في كل ما يحقق المصلحة العامة.. وكذلك تحقيق العدالة.. وقال لنا عليكم دراسة هذا الموضوع للنظر فيه.. ثم توالت الأيام.. وعام 1993 عندما عينت رئيسا لمحكمة النقض ورئيسا لمجلس القضاء الأعلي وفقا للأقدمية.. ووفقا للتقاليد والأعراف المتداولة.. كان ذلك يستوجب علينا أن نذهب إلي أداء اليمين القانونينة أمام الرئيس وذهبت وقتها مع المستشار فاروق سيف النصر.. أثناءها قال لي «سيف النصر».. الأعراف والتقاليد تقول أن نجلس أمام الرئيس.. هو يتحدث أولا.. ونحن نستمع إليه ثم نناقش نحن معه فيما يخصنا من أمور.. وذهبنا واستمعنا للرئيس مبارك.. وعندما تحدث عن شئون القضاء وسير العدالة، وسرعة الفصل في القضايا، أنا ذكرت أمامه، أن تأخر الفصل في القضايا والطعون المتراكمة، يطول في بعض الأحيان، وأن محكمة النقض متخمة بعشرات الآلاف من الطعون التي تحتاج إلي زيادة أعداد رجال القضاء، فأثار الرئيس موضوع رفع سن تقاعد القضاة، لاتاحة الفرصة لزيادة أعداد القضاة، حتي يتم الفصل في الطعون المتراكمة، التي ستساهم بدورها في تحقيق العدالة، وفي هذه الفترة، فعلا، أمر الرئيس مبارك ببحث رفع سن تقاعد القضاة، وصدر قرار جمهوري بمشروع قانون قدم برفع سن تقاعد القضاة من ستين عاما إلي أربع وستين عاما، والاستفادة من خبرة القضاة الموجودين، وطبق نص القانون علي شخصي مع مجموعة الزملاء من القضاة في هذه الفترة.
زيادة الدرجات القضائية
< وما موقفكم من رد رئيس القضاء الأعلي مقترحكم؟
- أنا ذكرت أيضا أمام الرئيس.. بأنه لا أحد يعلم شيئا عما ذكرته.. وهو عبارة عن مقترح شخصي.. وأن اقتراحي هذا للمصلحة العامة، التي تستوجب رفع سن التقاعد حتي يتم الفصل في الطعون المتراكمة أمام المحاكم، وللعلم، عندما اقترحت هذا المطلب أمام الرئيس، وأعضاء مجلس القضاء الأعلي، كان سيؤدي إلي تأخير وصولي لرئاسة محكمة النقض، ورئاسة مجلس القضاء.
< قبل نهاية العام القضائي الحالي كانت هناك مطالب من جانب بعض رجال القضاء بعدم رفع سن التقاعد ثانية.. اتاحة للفرصة أمام عناصر الشباب من القضاة لتولي المواقع القيادية بالمحاكم؟
- أنا أول من نادي برفع سن التقاعد.. وظللت أنادي به أيضا حتي بلوغي سن التقاعد.. وبعده وحتي الآن لأنني أري أن رفع سن التقاعد للقضاة سوف يزيد من فرصة الاستفادة من خبرات الشيوخ في الفصل في القضايا، والطعون، وأن ذلك لا يترتب عليه أضرار لأنه ببساطة شديدة يمكن حلها من خلال زيادة الدرجات القضائية.
< بمعني؟
- يعني إنه علي سبيل المثال.. إذا كان هناك ثلاثون رئيس محكمة بدرجة رئيس محكمة استئناف سوف يبلغ سن التقاعد ويأتي مكانهم ثلاثون رئيس استئناف من التالين في الأقدمية.. فيمكن الابقاء عليهم مع إنشاء ثلاثين درجة جديدة للقضاة الذين سوف يتم ترقيتهم لهذه الدرجة.. ليتساووا معهم بنفس الدرجة.. وبذلك نحل الموضوع.. ليصبح العدد كله ستين رئيس استئناف.. وبذلك نكون حققنا الترقية للقضاة الذين عليهم الدور.. وأبقينا علي القضاة أصحاب الخبرة.. وأقول لك.. هذا الرأي لم يكن من طرحي له حتي بعد تقاعدي ومناداتي به أيضا.. لأية اعتبارات شخصية ولكن للمصلحة العامة.. لأنني عندما اقترحته أول مرة وكنت أمينًا عامًا لمجلس القضاء الأعلي كان سيؤثر علي وصولي إلي درجة رئيس النقض.. ورئيس لمجلس القضاء الأعلي.
< عقب انتهاء انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشوري.. طالب بعض من القضاة.. إما إشراف كامل.. أو لا اشراف؟
- رأيي المعلن دائمًا.. هو أن مكان القاضي منصته ونزوله للاشراف علي الانتخابات يعرضه للأقاويل التي تنال من هيبته.. ولكن بما أن هناك اشرافًا يتم حاليا من جانب اللجنة العليا للانتخابات.. فوجهة نظري بأنه من المطلوب ألا يكتفي باللجان العامة.. ولكن أيضا يشرف القضاة علي اللجان الفرعية.. وهذا قلته عندما تم تعديل قانون الانتخابات.. بأن هناك فارقًا بين قاض لكل صندوق.. وقاض للجنة العامة، واللجنة الفرعية.. وبذلك تحقق المعادلة.. بأن يكون هناك اشراف قضائي كامل علي اللجان الفرعية والعامة حتي نربأ بالانتخابات والقضاة عن أي شيء يمس نزاهتهما حفاظًا علي صورة مصر.. وحتي تتحقق الضمانة الكاملة. ويهمنا أن يقال أن في مصر انتخابات نزيهة.
وساطة
< علمت مؤخرًا.. أنكم تقدمت بمبادرة وساطة بين المستشار أحمد الزند.. وحمدي خليفة نقيب المحامين.. لاحتواء الأزمة التي نتجت عقب حبس اثنين من المحامين اعتديا بالضرب علي مدير نيابة طنطا؟
- هذا صحيح.. وعندما وجدت أن الأمور بدأت تتصاعد اتصلت بنقيب المحامين حمدي خليفة.. وعمر هريدي عضو مجلس النقابة.. وأحمد سيف الإسلام حسن البنا والمستشار أحمد الزند باعتباره أحد تلاميذي ورئيسًا لنادي القضاة.. وقلت لهم: أن العلاقة بين القضاة والمحامين تستوجب احترامًا متبادلاً بين الطرفين.. واقترحت عليهم أن يكون هناك لقاء ثلاثي يضم رئيس مجلس القضاء الأعلي.. ومجلس نقابة المحامين.. ومجلس إدارة نادي القضاة.. وألا يتم طرح مسألة الافراج عن المحاميين المحبوسين علي ذمة القضية.. لأن القضية أصبحت بيد القضاء ولا يمكن التدخل في أحكام القضاء حتي من القضاة أنفسهم.. وارتكزت المبادرة أيضًا علي ضرورة عدم الضغط من جانب المحامين إعلاميا علي مجلس القضاء الأعلي للتدخل.. أو حتي علي النائب العام المستشار العام.. وفق أنه لا يوجد أي شخص أيا كانت سلطاته أن يتدخل في الأحكام القضائية.. وعلي الطرفين.. أيضًا أن يلتزما الصمت أمام وسائل الإعلام.. لأن هناك تصريحات ممكن أن تشعل الأجواء بشكل أكثر.. اضافة إلي أن القضاء له قدسيته.. وعلي المحامين ألا يستمروا في الهتافات التحريضية.. أو الاساءة للقضاة لأن هذا به خطر علي القضاء.. لأنه الملاذ الأخير للجميع بما فيهم المحامون أنفسهم.. وأنا هنا نصحت وطلبت ألا يتم التجاوز بحق قدسية المؤسسة القضائية.. وطلبت من المستشار أحمد الزند نفسه أن يقبل اعتذار المحامين عن الإساءة التي وجهت إليه.. فرد قائلا: مما يخصني أنا أتجاوز عنه ولكن ما يخص المؤسسة القضائية لا يمكن لي أن أتجاوزه.. خاصة أن هناك قضية معروضة علي القضاء.. وعلينا جميعًا أن نحترم القانون وتطبيقه علي الجميع.. اضافة إلي ضرورة تمكين القضاة من واجبهم في نظر القضايا.. ولا يصح في ظل ثورة انفعال أن يقوم المحامون بالتحريض ضد القضاة وسبهم.. وهتافات لا تليق. وأذكر هنا أيضًا أنني أكدت للمحامين ونقيبهم أن النائب العام لم ينحاز لطرف علي حساب طرف آخر ولا يصح أن يقال أن هناك تحيزًا بهذا الشكل.
القضاء مقدس
< وماذا حدث بعدها؟
- الزند أكد كما قلت أن الأمر ليس متعلقًا به شخصيا.. لأن من يحق له التصالح هنا.. هو مدير النيابة الذي تم الاعتداء عليه.. ولا يصح أن تصدر من المحامين هتافات أو تصريحات علي القنوات الفضائية الخاصة ضد القضاة.. ونقيب المحامين مازال يسعي للتصالح.. ونحن من جانبنا أكدنا علي ضرورة احترام قدسية القضاء.. وهيبة القضاة أمام الرأي العام.. وضرورة توقف المحامين عن تعليق صور القضاة والإساءة إليهم أمام نقابتهم.
< قانون البلطجة هل يمثل حل جذري لوقف الاعتداء علي القضاة والمنصة.. ما رأيكم في ذلك؟
- المنصة لها قدسيتها.. ومواد قانون العقوبات الحالية كافية للتصدي للمتجاوزين.. وليس من مصلحة أحد المساس بالقضاء.. والمحامون أنفسهم يقدرون القضاة.. والقضاء.. ولا يتدخل أحد في أعماله وأذكر هنا للتاريخ.. أن الرئيس عبدالناصر تحدث خلال مؤتمر علني عن تورط أحد موظفي وزارة الخارجية في عهده بعلاقة مع إحدي الدول الأجنبية وأحاله للمحاكمة أمام القضاء بتهمة التخابر وعندما عرضت القضية علي محكمة الجنايات أصدر القاضي حكمًا بتبرئته.. لأن القاضي.. قاض لا يتأثر بأي شخص بخلاف الأوراق المعروضة عليه.. ومن يعترض أمامه الطرق القانونية المعروفة بالطعن علي الأحكام أمام المحاكم وأضيف هنا.. أن حماية القضاة.. والمنصة لن يأتي إلا من خلال إنشاء شرطة قضائية متخصصة.
< من خلال رئاستكم لمحكمة النقض.. كيف يتم الفصل في حكم يخالف مبدأ قانونيا أرسته إحدي دوائر النقض؟
- أولا: كل حكم يصدر عن دائرة بالنقض.. يصدر من خلال دائرة يتولاها خمسة مستشارين برئاسة رئيس محكمة النقض.. أو أحد نوابه.. إذا عرض علي الدائرة قضية وكان هناك مبدأ قانوني صادر عن دائرة أخري غيرها وتري ضرورة العدول عن هذا المبدأ يتم عرض الآخر علي الهيئة العامة لتوحيد المبادئ القانونية.. وهذه الهيئة تتكون من أحد عشر مستشارًا بالنقض.. برئاسة رئيس النقض نفسه وهناك هيئات.. هيئة عامة للمواد المدنية وهيئة عامة للمواد الجنائية.. والأهم أيضا من ذلك.. أنه في حال وجود تعارض بين الهيئتين في أحد المبادئ القانونية المشتركة بين الهيئتين.. يتم تشكيل هيئة عامة من الاثنين.. وتتكون من إحدي وعشرين مستشارا برئاسة رئيس محكمة النقض.
< وهل حدث هذا؟
- تم الاحتكام للهيئة العامة المشتركة.. عندما عرضت قضية متعلقة بتجريم واقعة شغل أكثر من مسكن.. إذ كانت تسير الدوائر المدنية علي مبدأ والدوائر الجنائية علي مبدأ آخر.. وكان الاختلاف علي كلمة مسكن بالقاهرة.. وتطلب هذا تفسيرا لكلمة القاهرة.. هل تعني القاهرة.. المدينة أم القاهرة الكبري.. وتم الفصل فيها باعتبارها قضية إيجارية.
< أثير مؤخرا حديث خافت حول طبيعة اختيار قضاة الاستئناف للعمل كمستشارين بمحكمة.. وأن الترشيح الذي يتم يستوجب معه إجراء التصويت العلني.. وليس السري للاختيار.. ما حقيقة هذا الأمر؟
- نظام الترشيح للعمل بمحكمة النقض.. من قضاة الاستئناف يتم من خلال الأقدمية.. والدور.. إضافة إلي تقارير المكتب الفني لمحكمة النقض نفسها.. والتي تستند إلي تقارير التفتيش القضائي علي من يقع عليه الدور منذ التحاقه بالنيابة العامة.. حتي توقيت ترشيحه والأمر هنا متروك لحرية اختيار الجمعية العمومية لمحكمة النقض.. خاصة أن قاضي النقض قاضي قانون وقاضي الاستئناف قاضي موضوع.. ويجب التدقيق في الاختيار هنا.
تعديل موسوعة السنهوري
< ماذا عن موسوعة الوسيط القانونية الخاصة بالفقيه القانوني الكبير عبدالرازق السنهوري.. والتي أعدتم تنقيحها.. وإضافة مواد جديدة عليها؟
- الموسوعة التي صدرت منذ أيام.. هي نتاج عمل استمر علي مدار عشر سنوات.. وموسوعة الوسيط التي أعدها السنهوري باشا من أفضل الموسوعات القانونية في القانون المدني علي مستوي العالم وتؤحل لأول قانون مدني صدر في مصر في الخامس عشر من أكتوبر من العام 1946 .. ولم يتناولها أي تعديل.. وتحتوي علي ألف ومائة وتسع وأربعبين مادة من القانون المدني.. وأنا قمت بإضافة بعض المواد الحديثة التي أصدرها المشروع المصري أهمها عدم جواز تملك الأملاك الخاصة بالدولة.. وسر عدم إضافة شيء علي هذه الموسوعة حتي الآن.. إنها مستمدة من الفقه الإسلامي.. وقدمت تنقيحًا لبعض المواد الحديثة مثل قانون الإثبات، التوقيع الإلكتروني والملكية الفكرية.. وكذلك الأحكام الصادرة من محكمة النقض المصرية، المحكمة الدستورية العليا، وأحكام القانون المدني الكويتي.. قانون المعاملات إماراتي وأحكام محاكم التميز بدبي.. وأبوظبي قطر البحرين وعمان.. بحيث أصبحت موسوعة عصرية شاملة.. وكذلك حكم مهم صادر من محكمة التميز في دبي خاص بتعريف الموت.. والذي انتهي إلي أن حياة الإنسان أو موته لا يثبت إلا باليقين.. وأن الموت الإكلينيكي يتوقف جزع المخ لا يعني موتًا.. لأن حياة الإنسان لا تتوقف إلا عندما تتوقف كل أعضائه دون استثناء.. وأن الموت يحدث عندما تتوقف جميع أجهزة الجسم عن العمل.