سيعرف أن ما يحدث الآن هو أمر نموذجى لكل تصرفاتهم منذ عام 1928، موضحًا أن
هناك ثلاثة مستويات يجب الالتفات إليها، أولها أنه على المستوى الشخصى
سنجد فى الإخوان شخصيات جيدة جدًا، وعلى مستوى القضايا القومية فهم دائمًا
فى المقدمة وحاربوا فى فلسطين، أما على مستوى القضايا الداخلية فهم للأسف
يقدمون مصلحة الجماعة على مصلحة الشعب.
وأضاف الدكتور علاء الأسوانى، أن الإخوان منذ تأسيسهم وحتى اليوم لن نجد
استثناءً واحدًا إلا وفضلوا مصلحتهم وتحالفوا مع السلطة للحصول على وضع
مميز، فالسلطة تستعملهم، للقضاء على القوى الوطنية، ثم تصطدم بهم بعد ذلك،
وهذا ما حدث مع الملك فاروق وإسماعيل صدقى جلاد الشعب، فقد كانت القوى
الوطنية كلها ضده، إلا أن الإخوان كانوا معه، واستعملوا آيات من القرآن
للتأكيد على ذلك، وجمال عبد الناصر أيضًا، حينما أراد أن يلغى الأحزاب كلها
استثنى الإخوان ليستعملهم، وقبلوا ذلك ونادوا بنظرية "المستبد العادل"،
وقالوا إن الأحزاب ليست فى الإسلام، وبعدما انتهى عبد الناصر من الأحزاب،
خاصة الوفد نكل بالإخوان تنكيلاً مريعًا، وتكرر المسلسل مع أنور السادات
حينما أراد أن يقضى على اليسار القومى، وهناك تسجيلات للسادات مع عمر
التلمسانى وهو يقول له "عايزك تفرملى الشيوعيين"، وبعدما قام الإخوان
بدورهم أجهز السادات عليهم.
وأضاف الأسوانى خلال الندوة التى عقدت بمركز إعداد القادة، أن الإخوان
يقنعون ملايين الشباب أن الدولة عندما حكمت بالشريعة الإسلامية حكمت العالم
ووصلت لأعلى درجات الحضارة، ثم عندما سقطت الخلافة، وبدأنا فى تقليد الغرب
تدهور بنا الحال، مؤكدًا "هذا الكلام غير صحيح على الإطلاق، فالحكم بمبادئ
الإسلام الحقيقية كان فى ثلاثة خلفاء سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر بن الخطاب
وعمر بن عبد العزيز، وعندما نقرأ تاريخ الصراع على السلطة فى الدول
الإسلامية سنجده "تاريخاً مريعاً"، فالدولة الأموية حدثت فى عهدها حروب،
وصلت لدرجة أن الكعبة ضربت بالمنجانيق وحرقت، وتم استباحة مكة لثلاثة أيام،
ومنشئ الدولة العباسية "أبو العباس السفاح" نسب بالسفاح، لأنه قتل عددا لا
يمكن حصره، وجاء بأمراء بنى أمية وأمر بذبحهم وأمر وضع سجادة عليهم وأمر
بمجئ الطعام، وكان يأكل والأمراء تحت السجادة بــ"يفرفروا ويطلعوا فى
الروح"، وبعدما انتهى من طعامه، قال "والله ما أكلت أشهى من هذه الأكلة فى
حياتى"، هذا هو التاريخ الذى يتم تضليل الناس به.
وتابع الأسوانى، أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى حاليًا مبادئ الديمقراطية،
وبرأيى أن جوهر المبادئ الإسلامية هى الحل، فاجتماع السقيفة كان برلمانا
ديمقراطيا بامتياز، والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لم يفرض رأيه على
الناس، وما كان لأحد أن يخالف رأيه لو وضع أسماء الخلفاء للحكم من بعده،
ولكنه صلى الله عليه وسلم قال بإشارة خفيفة رقيقة جدًا للسيد عائشة "مرى
أبا بكر ليصلى بالناس"، ولكنه لم يعط لنفسه الحق أن يفرض رأيه على الناس،
ولما جاء أبو بكر رضى الله عنه ويقول "لقد وليت عليكم ولست بخيركم، أطيعونى
ما أطعت الله ورسوله، فإن أصبت فأعينونى وإن أخطأت فقومونى" أليس هذا
بدستور ديمقراطى؟.
وأوضح الأسوانى، أن الصراع الإسلامى على السلطة الدموى لم يؤثر على
الحضارة، مضيفًا ولكى نكون منصفين، فنحن لم نكن أسوأ من غيرنا، ففى أوروبا
كان الصراع على السلطة عنيفًا أيضًا، ولكن لا يمكن قبول المغالطات فى
التاريخ وأن الدولة الإسلامية كان فى أوج مجدها حينما كانت تحكم بالشريعة
الإسلامية، فليس من الشريعة أن تستبيح مكة وتضربها بالمنجانيق وأن تقتل
الناس بهذه الطريقة، أضف إلى هذا أن متبنى هذا الفكر يفخر بأننا كنا نحكم
العالم، وإذا كان هذا المجد فى العصر العباسى، فأنا أقول لمتبنى هذا الفكر
أنك لم تقرأ عن العصر العباسى الذى تفخر به، وكيف كانت بغداد، فبغداد التى
تفخر بها لا يمكن أن تجد ما كان فيها من تسامح فى أى بلد الآن، فكان هناك
أماكن لشرب الخمر والرقص وكانت هناك فرق موسيقية للخليفة بقيادة إسحاق
الموصلى، كما كان هناك زى خاص لشرب الخمر، وهناك دراسة بعنوان "آداب الشراب
فى العصر العباسى" للمستشرق الألمانى آدم ميتس، وكانت هناك قواعد للشرب،
ومنها ممنوع أن يجلس أكثر من خمسة للشرب معًا، ولا يشرب اثنان متخاصمان
معًا، فالخلفاء الإسلاميون باستثناء واحد أو اثنين منهم كانوا يشربون
الخمر، وأنا هنا لا أدعو لشرب الخمر، بل أدعو لقراءة التاريخ قراءة جيدة
قبل أن تضللنى وتستغل عواطفى الدينية لأساعدك فى الوصول إلى الحكم.
وقال الأسوانى، أنا فخور بالشعب المصرى منذ تنحى "مبارك" فقد انحصرت أعمال
الشغب فى البلطجية الذين خرجوا من السجون بمساعدة أعوان العادلى، ولم تتعرض
مصر حتى الآن إلى اضطرابات كباقى الدول، ولم يتعد الفقراء على الأغنياء
ويستولوا على ممتلكاتهم، وهو ما يدل على حضارة هذا الشعب العظيم.
وأضاف من الغريب أن الثورة برغم انتصارها إلا أنها لم تحكم، وهى حالة فريدة
من نوعها، ففى حين أن ميزة الثورة أنها لم يكن لها قائد، إلا أن هذه
الميزة تحولت إلى عيب بعد تنحى مبارك، لأن الثورة أعطت توكيلاً لمؤسسة
عريقة تنتمى إلى الشعب لتنفيذ مطالبها، إلا أن هذه المؤسسة العظيمة
بطبيعتها ليس ثورية، وبالتالى فإن حشد المليونيات فى التحرير واجب وطنى.
وشدد الأسوانى على أن الجهاز الشرطة بتكوينه الحالى هو قلب الثورة المضادة
بمعاونة أعضاء الحزب الوطنى، مضيفًا أكاد أرى بدايات الثورة المضادة تضغط
على الكتلة الساكنة فى الشعب المصرى لتصنع ثورة مضادة كبرى، وندخل فى صراع
بين المصريين لا ذنب لهم، ولهذا يجب أن يسمع صوت الثورة من جديد فى قلب
ميدان التحرير.
واستنكر الأسوانى بعض الأخبار التى تنشر وسائل الإعلام المختلفة، مؤكدًا
على أن غالبيتها لا يزال يتبع النظام القديم، ويساهم بشكل كبير فى نشر
الثورة المضادة، وذلك بالتركيز على أخبار "مبارك"، قائلاً "كل شوية نقرأ
خبر مبارك رفض ياخد الدوا.. ياروحى"، وأن النزول للميدان سوف يؤثر على
الاقتصاد وكأن اقتصاد مصر كان ينافس السويد، وأنه سيعطل المرور وهو عيب أوى
لأن المرور فى مصر دائمًا معطل، مؤكدًا على أن جميع مطالب الثورة المجيدة
تتركز فى "التطهير والأمن"، وأن كل من لعب دورًا سياسيًا مع النظام السابق
لابد تطهير منصبه.
وشدد الأسوانى على ضرورة حل المجالس المحلية، لأنها مازالت تشكل "أوكارًا"
لرجال الحزب الوطنى، وأن كل من لعب دورًا سياسيًا مع نظام مبارك أن يتم
منعه من الترشح فى الانتخابات، مضيفًا "دعوا مصر حتى تنظف وتخرج ما بها من
شوائب".
وحول واقعة منع الشباب من حضور الندوة التى عقدتها مكتبة الإسكندرية لمدير
الأمن بها، تساءل الأسوانى من الذى فوض إسماعيل سراج الدين للتفاوض مع
الأهالى والشرطة فى حين أنه حامل حقيبة سوزان مبارك؟!