صحيفة
الطعن بالنقض
المقدمه
من السيد الأستاذ الدكتور /
حسن بخيب منازع
المحامي بالنقض
مذكــرة بأسباب الطعن بالنقض
......... "طاعن"
ضـــــد
النيابة العامة "سلطة الاتهام"
فى الحكم الصادر بتاريخ 30/12/2010م فى القضية رقم .... لسنة 2005م جنايات السويس والمقيدة برقم ... لسنة 2005م كلى السويس
أولا: احالت النيابة العامة المتهم الطاعن الى محكمة جنايات السويس بوصف انه فى غضون الفترة من شهر مايو 2005م وحتى 20/6/2005م بدائرة قسم السويس محافظة السويس.
- صفته فى حكم الموظف العومى وكيل الدائنين فى القضية رقم ... لسنة 1997م افلاس جنوب سيناء....... طلب واخذ لنفسه عطية للاخلاء بواجبات وظيفته...... بأن طلب من/ ... مبلغ ثلاثمائة واربعين ألف جنية والإنتفاع بغرفة بقرية جولدن بالاس السياحية بشرم الشيخ لمدة عام أخذ منه مبلغ خمسة آلاف جنية على سبيل الرشوة مقابل إيداع تقرير لدى المحكمة المختصة سالفة البيان بالموافقة على طلبه إستأجار القرية المذكورة الداخلة ضمن اموال التفليسة بسعر أقل من السابق تحديدة بإيجار القرية على النحو المبين بالتحقيقات.
ثانيا: تضمنت أوراق محاضر الجلسات فى هذه القضية (حوالى 20 ورقة) وامتلأت زخما بدفاع ودفوع المتهم وما قدم من حوافظ مستندات وفقا للآتى:-
أ- دفع الدفاع بإنتفاء جريمة طلب الرشوة بكافة عناصرها وفقا للثابت بالصفحة الرابعة والخامسة من محاضر الجلسات.
ب-ودفع الدفاع ايضا بإنتفاء القصد الجنائى لدى المتهم وفقا لما حملته التسجيلات وأقوال المبلغ والراشى وفقا للثابت فى اخر الصفحة الخامسة من محاضر الجلسات.
جـ- كما دفع بخلو التسجيلات من طلب الرشوة صراحة أو بإصرار أو بصفة مستمرة (ص11) من محاضر الجلسات وهو ما أكده المبلغ وفق الثابت على لسانة فى ص16 من محاضر الجلسات من أن المتهم حتى لحظة التسجيل للمكالمة المؤرخة 14/6/2005م (حتى هذه اللحظة لم يطلب منى المتهم رشوة).
د- بطلان التحريات وانعدمها وفق الثابت فى محاضر الجلسات الأمر الذى يترتب عليه الدفع ببطلان اذن النيابة العامة وتفتيش المتهم والقبض عليه.
ثالثا: وما بين جلسة المحاكمة الأولى بتاريخ 28/4/2010م حتى تاريخ الحكم 30/12/2010م حجزت المحكمة الموقرة القضية للحكم، ثم اعادت فتح باب المرافعة لجلسة 25/5/2010م وكلفت النيابة العامة بإعلان عضو الراقابة الإدارية (ضابط الواقعة) لمناقشته....... ثم مثوله فى الجلسة المذكورة وتمت مناقشته وانتهى الدفاع من دفاعه وقررت المحكمة الحكم لجلسة 25/5/2010م ثم اعادت فتح باب المرافعة وطلبت من النيابة اعلان كل من:
1- ........ (المُبلغ والراشى).
2- ........ صاحب الشركة المقول بأنها أوكلت المُبلغ فى إستأجار القرية موضوع التفليسة لصالحها....... وسماع شرائط التسجيلات ومشاهدة شريط واقعة الضبط
وتم تنفيذ ذلك بالكامل عدا حضور جورج الضبع سوريال ومثل المُبلغ الراشى وحضر سماع الشرائط مع المحكمة مع المتهم ودفاعه وقرر بما لا يدع مجالا للشك فى رده على سؤال المحكمة اليه:-
(فى ص16 من محاضر الجلسات........ والمحكمة سألت الشاهد عن طبيعة هذا المبلغ الذى ضبط مؤخرا (مبلغ الرشوة) فقال فى أول الصفحة من محاضر الجلسات:-
[ إن هذا المبلغ كان خمسة الاف جنية من فئة المائة جنية وانه كان قد طلبها منه المتهم من قبل هذا اللقاء فى القاهرة لأنه كان يعزم السفر الى روسيا، وأنه اعتبره قرض حسن، وانه قدمه وفاء لوعده معه ] وفى منتصف ذات الصفحة سأل الدفاع هذا الشاهد السؤال التالى:
س/ هل كان حتى هذه اللحظة (لحظة القبض على المتهم) وما سبقها من احاديث هل كان المتهم قد طلب منه الرشوة صراحة؟
ج/ فقال ردا على السؤال: (انه حتى هذه اللحظة لم يطلب منه رشوة) وفى أخر الصفحة وجهت المحكمة الى الشاهد سؤالا عن طبيعة هذا المُبلغ (مبلغ الرشوة) الذى ضبط مؤخرا هل كان هو الذى اتى به لإقراضه المتهم فقال واجاب بالإيجاب.
ثم سألته المحكمة عن مصدر حصوله عن المبلغ فقال من الرقابة الإدارية.
وهو الأمر الذى يؤكد الدفع الأخير بالكيدية والتلفيق.
رابعا: وبجلسة 30/12/2010 فؤجئ المتهم بصدور حكم جاء منطوقه:-
(حكمت المحكمة حضوريا بمعاقبة مؤمن عبد السميع عبد المؤمن بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمة الفى جنيه والزمه المصروفات الجنائية).
أسباب الطعن
ولما كان الحكم الطعين قد جاء:
1-مخلا بحق الدفاع. 2- فاسدا فى استدلاله 3- قاصرا فى اسبابه.
4- وجاء فى الفاظ مبهمة ومعماه لا تستطيع محكمتنا العليا رقابتها.
5-وبإجمال جاء مخالفا لما اوجبته المادة 310 اجراءات جنائية بصدد تسبيب الاحكام
وذلك على التفصيل الآتى:-
السبب الأول:- الإخلال بحق الدفاع:
أ- الثابت فى الصفحة السادسة من محاضر الجلسات ان الدفاع قدم عدد خمسة حوافظ مستندات اشتملت على ما يناقض معظم ما ورد بالتحريات والبلاغ الأولى فضلا على اشتمالها على ما يؤيد دفاع ودفوع المتهم.
- غير ان الحكم الطعين لم يعر هذه المستندات ادنى اهتمام وقد جاء خاليا من ثمة إشارة إلى ان المحكمة قد ناظرتها او اطلعت عليها او إستبصرت فحوها أو على الأقل ألمت ولو فى صورة عابرة بما ورد على أوجه هذه الحوافظ الخمسة....... الأمر الذى يؤكد بدلالة قطعية ان الحكم الطعين قد ولد حاملا كفنه وقد انبثق من ظلام وفى ابهام وفى غموض اكتنف بغشاوة على ألفاظ الحكم الذى يورى من باكورة الإطلاع عليه أن المحكمة الموقرة مصدرة الحكم الطعين قد اعتنقت فكر الإدانه من قبل الحكم الأمر الذى تسرعت فيه بما لا تقف معه على حوافظ مستندات المتهم....... (ولم تلم إلماما شاملا بأدالة الدعوى بما يهيئ لها أن تمحصها التمحيص الكافى الذى يدل على انها قامت بما ينبغى عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة مما لا تجد معه محكمة النقض مجالا لتبيان صحة الحكم من فسادة فإن هذا الحكم يكون بذلك معيبا بما يستوجب نقضه)(طعن رقم 169 لسنة 25 ق جلسة 17/4/1956 س 7 ص 585)
اضف الى ما سبق انه كان من المحتمل ولو فى ادنى درجات الإحتمال ان يتغير وجه الفصل فى الدعوة ويتبدل وجه الرأى فيه إذا ما صحت المستندات المقدمة من المتهم ولو فى واحدة منها إذا كانت المحكمة مصدرة الحكم الطعين قد كلفت نفسها مجرد الإطلاع على حوافظ المستندات او إيراد مدلولها فى حكمها الطعين...... أما وأن المحكمة قد أغفلت المستندات إغفالا كاملا شاملا فإنها تكون بذلك لم تحط بكل ماديات وأدلة الدعوى والإتهام عن بصر وبصيرة الأمر الذى يصم حكمها بالعوار بل وبالإخلال بما أوجبته المادة 310 اجراءات جنائية بصدد تثبيب الأحكام وإيراد الأدلة وبيان مضمون كل دليل قإذا ما رأت المحكمة عدم الأخذ بالمستندات أو ما جاء فيها كان وجوبا عليها ان تورد الأسباب التى دعتها الى ذلك الإبعاد....... أما وأنها لم تفعل ذلك لا إيجابا ولا سلبا فقد جاء حكمها مستوجبا نقضة والإحالة.
وفى هذا جاءت أحكام النقض:-
"من المقرر أن الدفاع المكتوب – مذكرات كانت أو حوافظ مستندات – هو تتمة للدفاع الشفوي وتلتزم المحكمة بأن تعرض له إيراداً ورداً وإلا كان حكمها معيباً بالقصور والإخلال بحق الدفاع" [نقض 3/4/84 – س 35 – 82 – 378] [نقض 11/6/1978 – س 29 – 110 – 579]
[نقض 16/1/1977 – س 28 – 13 – 63] [نقض 26/1/1976 – س 27 – 24 – 113]
"من المقرر ان الدفاع المكتوب مذكرات كان او حوافظ مستندات هو متمم للدفاع الشفوي وتلتزم المحكمة بان تعرض له ايرادا وردا والا كان حكمها معيبا بالقصور والاخلال بحق الدفاع "
(نقض 19/1/91 س 42 – 24 – 191 طعن 313 لسنة 56 ) (نقض 3/4/84 س 35 – 82 – 378 (
وجــه آخر من أوجه الإخلال بحق الدفاع
الثابت فى محاضر الجلسات الصفحة الخامسة منها الدفع بإنتفاء القصد الجنائى لدى المتهم استنادا الى انعدام الطلب لدى المتهم سواء فى التسجيلات او فى تفريغاتها او فى الشرائط التى سجلت لحظة القبض وان هناك حديث مطول بين المبلغ والمتهم حول سفر المتهم الى روسيا وانه يطلب منه مبلغ على سبيل القرض من المبلغ وهو وما اكده المبلغ ذاته على لسانه مثبتا ذلك فى الصفحة السادسة عشر من محاضر الجلسات وهو ما يعد اقرارا قضائيا كامل البنيان من ان المبلغ الذى قدمه المُبلغ الى المتهم لم يكن على سبيل الرشوة وانما كان على سبيل القرض الحسن.
اما وان المُبلغ وفى خضم ما يحاول بموجبه ابعاد نفسه عن جريمة عرض رشوة او ما شابهها وكذلك بتخوفه من قوعه فى جريمة البلاغ الكاذب وما شاكلها راح يبرر انه اتى بالمبلغ موضوع الرشوة من الرقابة الإدارية فإن ذلك أمر لا يتعلق بالمتهم وليس له به أدنى صلة أو علم أو معرفة مما تتأكد معه على وجه القطع واليقين مسألة تلفيق الأتهام للمتهم سواء من المبلغ منفردا وهو ما لم يستطيع اكمال بنيانه او بالإتفاق بين المُبلغ وضابط الرقابة الإدارية استغالا منهما للظروف المالية التى يمر بها المتهم حال اصراره على السفر الى دوله روسيا.
وإلا فما قول الحكم الطعين فى المكالمة الثابتة بين المُبلغ وبين وكيل الدائنين السابق على المتهم أو زوج وكيله الدائنين السابقة على المتهم والتى جاء على لسانها ما يندى له الجبين من ألفاظ وأساليب يأبى الدفاع أن يلوث شرف سمع المحكمة بها وهى ثابتة كوضوح الشمس فى تفريغات تسجيلات هذه القضية.
اما وأن المحكمة الموقرة مصدرة الحكم الطعين قد استولدت حكمها الميت من رحم التعنت فى إصدار الحكم الأمر الذى دعها الى ان تتناسى عن سهو أو عن عمد الرد على الدفع بإنتفاء القصد الجنائى ولم تقسطه ادنى حق سواء بالإيراد أو حتى بمجرد أن تثبت سببا لعدم ردها على ذلك الدفع الأمر الذى يصم ذلك الحكم الطعين بالإخلال الفاضح بحق الدفاع ويتعين نقضه.
وجـه آخر للإخلال بحق الدفاع
لما كانت المحكمة الموقرة مصدرة الحكم الطعين قد ذهبت الى الإدانه متناسية الرد على التناقض الصارخ البين الواضح الذى يستعصى على الموائمة بين المبلغ وضابط الواقعة من ناحية وبين المبلغ وصاحب الشركة التى أوكلته فى اتخاذ الإجراءات من ناحية أخرى وجاء رد الحكم الطعين نصا:- (وأما عن قالة الدفاع بتناقض أقوال شاهد الإثبات الأول مع ما أسفرت عنه التسجيلات من محادثات دارت بينه وبين المتهم وكذا بتناقض أقواله مع من يدعى جورج الضبع سريال فمردود على ذلك بالآتى:-
1- إن ذلك التناقض على فرض حدوثه لا ينال من اطمئنان المحكمة لأقوال شاهد الإثبات على النحو الذى استخلصته المحكمة من شهادته.
2- إن المحكمة لن تعول فى قضائها بالإدانه على أقوال جورج الضبع سريال.
3- إن الدفاع وساق تلك القالة بصورة عقيمة ومجهلة إذ لم يبين ماهية ذلك التناقض ومواضعه بما يندحر معه نعى الدفاع ايضا فى هذا الصدد.
وهذا قول على غرار [ ولا تقربوا الصلاة ] ويدل دلالة واضحة على ان المحكمة الموقرة لن تفطن الى كنه مراد الدفاع فى دفاعه بل ويؤكد ما يذهب اليه الدفاع من أن المحكمة الموقرة وهى فى سبيل اعتناقها للإدانه تحاول لى زراع الأقوال والألفاظ لتستقيم وفق الإدانه وهيهات لها ذلك فإن الحق يأبى إلا أن يكون حقاً.
والرد على ما ورد ردا على المحكمة من التناقض فى ثلاثيتها السابقة:-
أولا: من المعلوم ان التناقض المستعصى على الموائمة يجبر الحكم الطعين لأن يكون مزعنا للأخذ به أو رفع ذلك التناقض وقد ورد على لسان جورج الضبع سريال فى التحقيقات عدم علمه لا بالقضية ولا بموضوعها ولا بما قام به المبلغ من إجراءات وانه لم يوكل اليه ذلك وانه لا علم له بمسألة استأجار القرية موضوع التفليسة.
بينما ورد على لسان المبلغ أنه إتخذ كافة الإجراءات لصالح الشركة المملوكة لجورج الضبع سوريال وأنه كان يرجع إليه فى كل صغيرة وكبيرة وأنه أوكله فى إتخاذ الإجراءات وأنه أوكله فى طلب إستئجار القرية.
فهل هذا يعد تناقضا يمكن أن تستخلص منه المحكمة مصدرة الحكم الطعين صحة أقوال المبلغ الذى تراجع وتناقض مع نفسه وقرر:-
1- أن المتهم حتى لحظة حتى لحظة القبض علية لم يطلب منه رشوة.
2- وأن مبلغ الرشوة المضبوط قدمه المبلغ للمتهم على سبيل القرض الحسن....... فأين يقع الطلب من ذلك؟! وهل يستقيم القصد الجنائى لدى المتهم بذلك؟! ثم هل يحق للحكم الطعين أن يقف على شهادة المبلغ ويستقى منها ما يستقيم وفق الإدانة.
ثم أليس الدفاع هو الذى ناقش المبلغ وإستخرج من باطنه ذلك التناقض وأليس ذلك التناقض ثابت فى محاضر الجلسات ، بعد ثبوته اليقينى فى التحقيقات، ثم أليس ثبوت هذا التناقض فى التحقيقات ومحاضر الجلسات وتصميم الدفاع عليه يكون موضحا لمواضعه وماهيته والمقصود من الدفع به.
ثانيا: يقرر الحكم الطعين (2- أن المحكمة لم تعول فى قضائها بالإدانة على أقوال .... ). وهذا يثبت قطعا أن الحكم الطعين لم يفطن إلى كنه الدفع ولم يستوعب المقصود منه........ إذ من ذا الذى قال بأن المقصود فى التناقض هو ... سواء يعتمد الحكم على شهادته أم يلفظها...... إنما المقصود هو تجريح بل وتمزيق دلالة شهادة شاهد الإثبات الأول وبيان أنها لا تصلح دليلا للإدانة وبيان أنها أقوال كاذبة ليس لها رصيد من الصحة سواء إذا ما ووجهت قبل ضابط الواقعة بتحرياته أو جورج الضبع سوريال بشركته وأمواله.
فضلا عن أنه لو صدق جورج الضبع سوريال فى أقواله من عدم علمه بالواقعة برمتها ألا يكون ذلك دليل قطعى لا يقبل الشك فى تلفيق الإتهام من المبلغ للمتهم والقول بغير ذلك يسقط فى بئر عميق فى الأجابة على السؤال الثانى: من الذى كان سيقوم بسداد قيمة الرشوة لو تم الإتفاق عليها فعلا؟! سواء 140 ألف جنيه أو 120 ألف جنيه هل كان سيقوم بسدادها المبلغ أم صاحب الشركة؟ وعلى ذلك فإن هذا الحكم قد جاء حاملا فى طياته الفساد فى الإستدلال وعدم التبصر بواقعات الإتهام أو بأقوال أطراف التداعى فى التحقيقات الأمر الذى يصمه أيضا بالغموض والإبهام.
السبب الثانى:- فساد الإستدلال وقصور التسبيب:
جاء رد الحكم الطعين على الدفع بإنتفاء ركن الطلب فى جريمة الرشوة فى عبارة معماة تقول:-
[ إن الطلب فى جريمة الرشوة ليس له شكل خاص فقد يكون كتابة وقد يكون شفاهة كما قد يكون بأى فعل يستشف منه طلب الوعد أو العطية طالما أن ذلك الطلب جدى وليس على سبيل العبث....... وإذا كان ذلك وكان الثابت من أقوال شاهد الإثبات الأول بتحقيقات النيابة العامة والتى تطمئن إليها المحكمة. أن المتهم قد طلب منه صراحة مبلغ مائة ألف جنيه..... وعلى ذلك يكون طلب الرشوة من جانب المتهم قد إستوفى شرائطه القانونية بما يندحر معه نعى الدفاع فى هذا الصدد ].
وهذه قالة توضح أجلى وأوضح صور فساد الإستدلال وقصور التسبيب للأوجه التالية:-
1- الحكم الطعين وهو يطمئن لأقوال شاهد الإثبات الأول فى هذا الصدد...... كان لزاما عليه أولا أن يرفع التناقض الوارد على لسان ذات الشاهد فى ص 16 من محاضر الجلسات من إقراره من أن المتهم لم يطلب منه رشوة حتى لحظة تاريخ القبض عليه وأن المبلغ الذى تم القبض على المتهم بموجبه إنما كان على سبيل القرض الحسن من المبلغ للمتهم، والحكم الطعين لم يفعل ذلك.
فكيف يتسنى له دون رفع هذا التناقض الذى يستعصى على العلم والمعرفة والعقل والإدراك والموائمة تحت أى ظرف وفى أى وقت أن يميل إلى أحد الوجهين المتناقضين لدى شاهد الإثبات الأول.
2- ألا يثور الشك فى أقوال شاهد الإثبات الاول إذا ما تردد وتناطحت شهادته بين التحقيقات وأمام المحكمة فى محاضر الجلسات....... فإن ثار ذلك الشك فإلى أيهما يجب أن تميل المحكمة مصدرة الحكم الطعين؟! (بصرف النظر عن رفع التناقض) فإن هى مالت إلى القول الذى يؤدى إلى الإدانة فما علتها وأسبابها السائغة فى عدم ميلها إلى أقوال المبلغ شاهد الإثبات الأول التى تؤدى إلى البراءة والعكس بالعكس صحيح.
3- يتحدث الحكم الطعين عن شكل طلب الرشوة وكأن الدفاع ينازع فى أن الطلب لم يتم بالطريقة التى حددها القانون وهذا مالم يقل به الدفاع، غير أن الدفاع نازع فى وجود الطلب أصلا ومن ثم فلا مجال للحديث عن شكل الطلب الغير موجود....... فهل يمكن أن نتحدث عن المولود التى لم تحمل به أمه ولم تلده....... وتنازع فى مسماه وهو مثال واضح وجلى على أن الحكم الطعين قد فسد فى إستدلاله وقصر فى تسبيبه وأجاب وتحدث على غير ماطلب ودفع الدفاع إذ أن الفارق شاسع بين الدفع بعدم وجود جريمة الطلب أصلا وبين أن الطلب تواجد أصلا ولكن بصورة لا تتفق والقانون.
والدفاع إذ تمسك بالأولى غير أن الحكم الطعين قد أجاب عن الثانية
4- فإذا اضيف إلى ما سبق أن الحكم الطعين والذى يقرر أنه يطمئن إلى شهادة شاهد الإثبات الأول (رغم ما سلف ذكره) لم يورد شهادة الشاهد التى إطمأن إليها هل هى الواردة بالتحقيقات أم الواردة فى محاضر الجلسات وإذا كان قد مال إلى أحدهما فلماذا لم يورد هذه الشهادة ويبين لنا الإستسقاء الذى إستسقاه من هذه الشهادة بما يؤدى إلى الإدانة بما تتمكن معه وبموجبه محكمتنا العليا من مراقبة سلامة ذلك الإستشهاد فيما كان قد أتى سائغا مع العقل والمنطق من عدمه.
الامر الذى يوضح أجلى صور القصور فى التسبيب بالمخالفة الواضحة الصريحة لما أوجبته المادة 310 إجراءات جنائية.
وفى ذلك قالت محكمتنا العليا الآتيه:
"من المقرر أنه إذا كانت شاهده الشهود تنصب على واقعه واحده ولا يوجد فيها خلاف بشأن تلك الواقعة فلا بأس على الحكم إن هو أطال فى بيان شهاده شاهد الى ما أورده من أقوال شاهد آخر تفادياً من التكرار الذى لا موجب له – أما إذا كان هناك خلاف فى أقوال الشهود فى الواقعه الواحدة أو كان كل منهم قد شهد على واقعه غير تلك التى شهد عليها غيره – فإنه يجب لسلامه الحكم بالإدانه إيراد شهادة كل شاهد على حده، وإلا كان الحكم فوق قصوره منطويا على الخطأ فى الاسناد بما يبطله ويوجب نقضه"
(نقض 4/6/1979 س 30 - 131 - 618 – طعن 1573 لسنه 48ق)
وقضت محكمة النقض بأنه:
"إذا كان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ قول الشاهد فتأخذ ببعض منه دون بعض فإن حد ذلك ومناطه ألا تمسخه او تبتر فحواه بما يحيله عن المعنى المفهوم من صريح عبارته وأن يكون واضحاً من الحكم الذى وقعت فيه تلك التجزئه أن المحكمه قد احاطت بالشهاده وما رست سلطتها فى تجزئها بغير بتر فحواها اذ ان وقوف المحكمة عند هذا الحد ينصرف الى انها لم تفطن الى مضمون الشهاده بأكملها مما يوصم إستدلالها بالفساد المبطل والموجب بالنقض". (نقض 25/11/1974 – س 25- 165 – 765- طعن 891/ 44 ق)
فضلا عما قضت به من أنه:
"لا يجوز للمحكمة أن تتدخل فى رواية الشاهد ذاتها وتأخذها على وجه خاص يخالف صريح عبارتها أو أن تقيم قضائها على فروض تناقض صريح روايته، بل كان ما لها أن تأخذ بها إذ هى إطمئنت إليها أو أن تطرحها إن لم تثق بها"
(نقض 21/6/1979 – س 30 – 152- 717) (نقض 7/5/1972 – س 23 – 141 – 649)
(نقض 30/4/1963 – س 14 – 76- 385)
فضلا عن قضائها بأنه:
"كما يدل ذلك على أن محكمة الموضوع التزمت بالأدلة التى اوردتها سلطة الاتهام بقائمة أدلة الثبوت المقدمه منها – مع أن المحكمة عليها أن تتصدى لكافه الأدلة المطروحة على بساط البحث امامها سواء كانت ضد المتهم أو لصالحه ولأن تلك القائمة لا تعبر إلا عن رأى السلطة المذكوره وحدها....... والقاضى الجنائى يفصل فى الدعوى بناء على رأيه الشخصى وعقيدته الخاصه – ولا يجوز له أن يقتصر فى حكمه على رأى آخر لسواه".
(نقض 18/3/1968 – س 19 – 62 – 334) (نقض 7/3/1966 – س 17 – 45 – 233)
فلهــــذه الأســـــباب
يلتمس الطاعن:-
أولا: قبول الطعن شكلاً.
ثانيا: أ- تحديد أقرب جلسة مستعجلة للنظر فى أمر حبسه والإفراج عنه لحين نظر الطعن موضوعا.
ب- نقض الحكم والإحاله.
والـلـه مـن وراء القصـد وهو يهـدى السبـيـل
وكيل الطـاعن
د/ حسن بخيت المنازع
المحامى بالنقض
الطعن بالنقض
المقدمه
من السيد الأستاذ الدكتور /
حسن بخيب منازع
المحامي بالنقض
مذكــرة بأسباب الطعن بالنقض
......... "طاعن"
ضـــــد
النيابة العامة "سلطة الاتهام"
فى الحكم الصادر بتاريخ 30/12/2010م فى القضية رقم .... لسنة 2005م جنايات السويس والمقيدة برقم ... لسنة 2005م كلى السويس
أولا: احالت النيابة العامة المتهم الطاعن الى محكمة جنايات السويس بوصف انه فى غضون الفترة من شهر مايو 2005م وحتى 20/6/2005م بدائرة قسم السويس محافظة السويس.
- صفته فى حكم الموظف العومى وكيل الدائنين فى القضية رقم ... لسنة 1997م افلاس جنوب سيناء....... طلب واخذ لنفسه عطية للاخلاء بواجبات وظيفته...... بأن طلب من/ ... مبلغ ثلاثمائة واربعين ألف جنية والإنتفاع بغرفة بقرية جولدن بالاس السياحية بشرم الشيخ لمدة عام أخذ منه مبلغ خمسة آلاف جنية على سبيل الرشوة مقابل إيداع تقرير لدى المحكمة المختصة سالفة البيان بالموافقة على طلبه إستأجار القرية المذكورة الداخلة ضمن اموال التفليسة بسعر أقل من السابق تحديدة بإيجار القرية على النحو المبين بالتحقيقات.
ثانيا: تضمنت أوراق محاضر الجلسات فى هذه القضية (حوالى 20 ورقة) وامتلأت زخما بدفاع ودفوع المتهم وما قدم من حوافظ مستندات وفقا للآتى:-
أ- دفع الدفاع بإنتفاء جريمة طلب الرشوة بكافة عناصرها وفقا للثابت بالصفحة الرابعة والخامسة من محاضر الجلسات.
ب-ودفع الدفاع ايضا بإنتفاء القصد الجنائى لدى المتهم وفقا لما حملته التسجيلات وأقوال المبلغ والراشى وفقا للثابت فى اخر الصفحة الخامسة من محاضر الجلسات.
جـ- كما دفع بخلو التسجيلات من طلب الرشوة صراحة أو بإصرار أو بصفة مستمرة (ص11) من محاضر الجلسات وهو ما أكده المبلغ وفق الثابت على لسانة فى ص16 من محاضر الجلسات من أن المتهم حتى لحظة التسجيل للمكالمة المؤرخة 14/6/2005م (حتى هذه اللحظة لم يطلب منى المتهم رشوة).
د- بطلان التحريات وانعدمها وفق الثابت فى محاضر الجلسات الأمر الذى يترتب عليه الدفع ببطلان اذن النيابة العامة وتفتيش المتهم والقبض عليه.
ثالثا: وما بين جلسة المحاكمة الأولى بتاريخ 28/4/2010م حتى تاريخ الحكم 30/12/2010م حجزت المحكمة الموقرة القضية للحكم، ثم اعادت فتح باب المرافعة لجلسة 25/5/2010م وكلفت النيابة العامة بإعلان عضو الراقابة الإدارية (ضابط الواقعة) لمناقشته....... ثم مثوله فى الجلسة المذكورة وتمت مناقشته وانتهى الدفاع من دفاعه وقررت المحكمة الحكم لجلسة 25/5/2010م ثم اعادت فتح باب المرافعة وطلبت من النيابة اعلان كل من:
1- ........ (المُبلغ والراشى).
2- ........ صاحب الشركة المقول بأنها أوكلت المُبلغ فى إستأجار القرية موضوع التفليسة لصالحها....... وسماع شرائط التسجيلات ومشاهدة شريط واقعة الضبط
وتم تنفيذ ذلك بالكامل عدا حضور جورج الضبع سوريال ومثل المُبلغ الراشى وحضر سماع الشرائط مع المحكمة مع المتهم ودفاعه وقرر بما لا يدع مجالا للشك فى رده على سؤال المحكمة اليه:-
(فى ص16 من محاضر الجلسات........ والمحكمة سألت الشاهد عن طبيعة هذا المبلغ الذى ضبط مؤخرا (مبلغ الرشوة) فقال فى أول الصفحة من محاضر الجلسات:-
[ إن هذا المبلغ كان خمسة الاف جنية من فئة المائة جنية وانه كان قد طلبها منه المتهم من قبل هذا اللقاء فى القاهرة لأنه كان يعزم السفر الى روسيا، وأنه اعتبره قرض حسن، وانه قدمه وفاء لوعده معه ] وفى منتصف ذات الصفحة سأل الدفاع هذا الشاهد السؤال التالى:
س/ هل كان حتى هذه اللحظة (لحظة القبض على المتهم) وما سبقها من احاديث هل كان المتهم قد طلب منه الرشوة صراحة؟
ج/ فقال ردا على السؤال: (انه حتى هذه اللحظة لم يطلب منه رشوة) وفى أخر الصفحة وجهت المحكمة الى الشاهد سؤالا عن طبيعة هذا المُبلغ (مبلغ الرشوة) الذى ضبط مؤخرا هل كان هو الذى اتى به لإقراضه المتهم فقال واجاب بالإيجاب.
ثم سألته المحكمة عن مصدر حصوله عن المبلغ فقال من الرقابة الإدارية.
وهو الأمر الذى يؤكد الدفع الأخير بالكيدية والتلفيق.
رابعا: وبجلسة 30/12/2010 فؤجئ المتهم بصدور حكم جاء منطوقه:-
(حكمت المحكمة حضوريا بمعاقبة مؤمن عبد السميع عبد المؤمن بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمة الفى جنيه والزمه المصروفات الجنائية).
أسباب الطعن
ولما كان الحكم الطعين قد جاء:
1-مخلا بحق الدفاع. 2- فاسدا فى استدلاله 3- قاصرا فى اسبابه.
4- وجاء فى الفاظ مبهمة ومعماه لا تستطيع محكمتنا العليا رقابتها.
5-وبإجمال جاء مخالفا لما اوجبته المادة 310 اجراءات جنائية بصدد تسبيب الاحكام
وذلك على التفصيل الآتى:-
السبب الأول:- الإخلال بحق الدفاع:
أ- الثابت فى الصفحة السادسة من محاضر الجلسات ان الدفاع قدم عدد خمسة حوافظ مستندات اشتملت على ما يناقض معظم ما ورد بالتحريات والبلاغ الأولى فضلا على اشتمالها على ما يؤيد دفاع ودفوع المتهم.
- غير ان الحكم الطعين لم يعر هذه المستندات ادنى اهتمام وقد جاء خاليا من ثمة إشارة إلى ان المحكمة قد ناظرتها او اطلعت عليها او إستبصرت فحوها أو على الأقل ألمت ولو فى صورة عابرة بما ورد على أوجه هذه الحوافظ الخمسة....... الأمر الذى يؤكد بدلالة قطعية ان الحكم الطعين قد ولد حاملا كفنه وقد انبثق من ظلام وفى ابهام وفى غموض اكتنف بغشاوة على ألفاظ الحكم الذى يورى من باكورة الإطلاع عليه أن المحكمة الموقرة مصدرة الحكم الطعين قد اعتنقت فكر الإدانه من قبل الحكم الأمر الذى تسرعت فيه بما لا تقف معه على حوافظ مستندات المتهم....... (ولم تلم إلماما شاملا بأدالة الدعوى بما يهيئ لها أن تمحصها التمحيص الكافى الذى يدل على انها قامت بما ينبغى عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة مما لا تجد معه محكمة النقض مجالا لتبيان صحة الحكم من فسادة فإن هذا الحكم يكون بذلك معيبا بما يستوجب نقضه)(طعن رقم 169 لسنة 25 ق جلسة 17/4/1956 س 7 ص 585)
اضف الى ما سبق انه كان من المحتمل ولو فى ادنى درجات الإحتمال ان يتغير وجه الفصل فى الدعوة ويتبدل وجه الرأى فيه إذا ما صحت المستندات المقدمة من المتهم ولو فى واحدة منها إذا كانت المحكمة مصدرة الحكم الطعين قد كلفت نفسها مجرد الإطلاع على حوافظ المستندات او إيراد مدلولها فى حكمها الطعين...... أما وأن المحكمة قد أغفلت المستندات إغفالا كاملا شاملا فإنها تكون بذلك لم تحط بكل ماديات وأدلة الدعوى والإتهام عن بصر وبصيرة الأمر الذى يصم حكمها بالعوار بل وبالإخلال بما أوجبته المادة 310 اجراءات جنائية بصدد تثبيب الأحكام وإيراد الأدلة وبيان مضمون كل دليل قإذا ما رأت المحكمة عدم الأخذ بالمستندات أو ما جاء فيها كان وجوبا عليها ان تورد الأسباب التى دعتها الى ذلك الإبعاد....... أما وأنها لم تفعل ذلك لا إيجابا ولا سلبا فقد جاء حكمها مستوجبا نقضة والإحالة.
وفى هذا جاءت أحكام النقض:-
"من المقرر أن الدفاع المكتوب – مذكرات كانت أو حوافظ مستندات – هو تتمة للدفاع الشفوي وتلتزم المحكمة بأن تعرض له إيراداً ورداً وإلا كان حكمها معيباً بالقصور والإخلال بحق الدفاع" [نقض 3/4/84 – س 35 – 82 – 378] [نقض 11/6/1978 – س 29 – 110 – 579]
[نقض 16/1/1977 – س 28 – 13 – 63] [نقض 26/1/1976 – س 27 – 24 – 113]
"من المقرر ان الدفاع المكتوب مذكرات كان او حوافظ مستندات هو متمم للدفاع الشفوي وتلتزم المحكمة بان تعرض له ايرادا وردا والا كان حكمها معيبا بالقصور والاخلال بحق الدفاع "
(نقض 19/1/91 س 42 – 24 – 191 طعن 313 لسنة 56 ) (نقض 3/4/84 س 35 – 82 – 378 (
وجــه آخر من أوجه الإخلال بحق الدفاع
الثابت فى محاضر الجلسات الصفحة الخامسة منها الدفع بإنتفاء القصد الجنائى لدى المتهم استنادا الى انعدام الطلب لدى المتهم سواء فى التسجيلات او فى تفريغاتها او فى الشرائط التى سجلت لحظة القبض وان هناك حديث مطول بين المبلغ والمتهم حول سفر المتهم الى روسيا وانه يطلب منه مبلغ على سبيل القرض من المبلغ وهو وما اكده المبلغ ذاته على لسانه مثبتا ذلك فى الصفحة السادسة عشر من محاضر الجلسات وهو ما يعد اقرارا قضائيا كامل البنيان من ان المبلغ الذى قدمه المُبلغ الى المتهم لم يكن على سبيل الرشوة وانما كان على سبيل القرض الحسن.
اما وان المُبلغ وفى خضم ما يحاول بموجبه ابعاد نفسه عن جريمة عرض رشوة او ما شابهها وكذلك بتخوفه من قوعه فى جريمة البلاغ الكاذب وما شاكلها راح يبرر انه اتى بالمبلغ موضوع الرشوة من الرقابة الإدارية فإن ذلك أمر لا يتعلق بالمتهم وليس له به أدنى صلة أو علم أو معرفة مما تتأكد معه على وجه القطع واليقين مسألة تلفيق الأتهام للمتهم سواء من المبلغ منفردا وهو ما لم يستطيع اكمال بنيانه او بالإتفاق بين المُبلغ وضابط الرقابة الإدارية استغالا منهما للظروف المالية التى يمر بها المتهم حال اصراره على السفر الى دوله روسيا.
وإلا فما قول الحكم الطعين فى المكالمة الثابتة بين المُبلغ وبين وكيل الدائنين السابق على المتهم أو زوج وكيله الدائنين السابقة على المتهم والتى جاء على لسانها ما يندى له الجبين من ألفاظ وأساليب يأبى الدفاع أن يلوث شرف سمع المحكمة بها وهى ثابتة كوضوح الشمس فى تفريغات تسجيلات هذه القضية.
اما وأن المحكمة الموقرة مصدرة الحكم الطعين قد استولدت حكمها الميت من رحم التعنت فى إصدار الحكم الأمر الذى دعها الى ان تتناسى عن سهو أو عن عمد الرد على الدفع بإنتفاء القصد الجنائى ولم تقسطه ادنى حق سواء بالإيراد أو حتى بمجرد أن تثبت سببا لعدم ردها على ذلك الدفع الأمر الذى يصم ذلك الحكم الطعين بالإخلال الفاضح بحق الدفاع ويتعين نقضه.
وجـه آخر للإخلال بحق الدفاع
لما كانت المحكمة الموقرة مصدرة الحكم الطعين قد ذهبت الى الإدانه متناسية الرد على التناقض الصارخ البين الواضح الذى يستعصى على الموائمة بين المبلغ وضابط الواقعة من ناحية وبين المبلغ وصاحب الشركة التى أوكلته فى اتخاذ الإجراءات من ناحية أخرى وجاء رد الحكم الطعين نصا:- (وأما عن قالة الدفاع بتناقض أقوال شاهد الإثبات الأول مع ما أسفرت عنه التسجيلات من محادثات دارت بينه وبين المتهم وكذا بتناقض أقواله مع من يدعى جورج الضبع سريال فمردود على ذلك بالآتى:-
1- إن ذلك التناقض على فرض حدوثه لا ينال من اطمئنان المحكمة لأقوال شاهد الإثبات على النحو الذى استخلصته المحكمة من شهادته.
2- إن المحكمة لن تعول فى قضائها بالإدانه على أقوال جورج الضبع سريال.
3- إن الدفاع وساق تلك القالة بصورة عقيمة ومجهلة إذ لم يبين ماهية ذلك التناقض ومواضعه بما يندحر معه نعى الدفاع ايضا فى هذا الصدد.
وهذا قول على غرار [ ولا تقربوا الصلاة ] ويدل دلالة واضحة على ان المحكمة الموقرة لن تفطن الى كنه مراد الدفاع فى دفاعه بل ويؤكد ما يذهب اليه الدفاع من أن المحكمة الموقرة وهى فى سبيل اعتناقها للإدانه تحاول لى زراع الأقوال والألفاظ لتستقيم وفق الإدانه وهيهات لها ذلك فإن الحق يأبى إلا أن يكون حقاً.
والرد على ما ورد ردا على المحكمة من التناقض فى ثلاثيتها السابقة:-
أولا: من المعلوم ان التناقض المستعصى على الموائمة يجبر الحكم الطعين لأن يكون مزعنا للأخذ به أو رفع ذلك التناقض وقد ورد على لسان جورج الضبع سريال فى التحقيقات عدم علمه لا بالقضية ولا بموضوعها ولا بما قام به المبلغ من إجراءات وانه لم يوكل اليه ذلك وانه لا علم له بمسألة استأجار القرية موضوع التفليسة.
بينما ورد على لسان المبلغ أنه إتخذ كافة الإجراءات لصالح الشركة المملوكة لجورج الضبع سوريال وأنه كان يرجع إليه فى كل صغيرة وكبيرة وأنه أوكله فى إتخاذ الإجراءات وأنه أوكله فى طلب إستئجار القرية.
فهل هذا يعد تناقضا يمكن أن تستخلص منه المحكمة مصدرة الحكم الطعين صحة أقوال المبلغ الذى تراجع وتناقض مع نفسه وقرر:-
1- أن المتهم حتى لحظة حتى لحظة القبض علية لم يطلب منه رشوة.
2- وأن مبلغ الرشوة المضبوط قدمه المبلغ للمتهم على سبيل القرض الحسن....... فأين يقع الطلب من ذلك؟! وهل يستقيم القصد الجنائى لدى المتهم بذلك؟! ثم هل يحق للحكم الطعين أن يقف على شهادة المبلغ ويستقى منها ما يستقيم وفق الإدانة.
ثم أليس الدفاع هو الذى ناقش المبلغ وإستخرج من باطنه ذلك التناقض وأليس ذلك التناقض ثابت فى محاضر الجلسات ، بعد ثبوته اليقينى فى التحقيقات، ثم أليس ثبوت هذا التناقض فى التحقيقات ومحاضر الجلسات وتصميم الدفاع عليه يكون موضحا لمواضعه وماهيته والمقصود من الدفع به.
ثانيا: يقرر الحكم الطعين (2- أن المحكمة لم تعول فى قضائها بالإدانة على أقوال .... ). وهذا يثبت قطعا أن الحكم الطعين لم يفطن إلى كنه الدفع ولم يستوعب المقصود منه........ إذ من ذا الذى قال بأن المقصود فى التناقض هو ... سواء يعتمد الحكم على شهادته أم يلفظها...... إنما المقصود هو تجريح بل وتمزيق دلالة شهادة شاهد الإثبات الأول وبيان أنها لا تصلح دليلا للإدانة وبيان أنها أقوال كاذبة ليس لها رصيد من الصحة سواء إذا ما ووجهت قبل ضابط الواقعة بتحرياته أو جورج الضبع سوريال بشركته وأمواله.
فضلا عن أنه لو صدق جورج الضبع سوريال فى أقواله من عدم علمه بالواقعة برمتها ألا يكون ذلك دليل قطعى لا يقبل الشك فى تلفيق الإتهام من المبلغ للمتهم والقول بغير ذلك يسقط فى بئر عميق فى الأجابة على السؤال الثانى: من الذى كان سيقوم بسداد قيمة الرشوة لو تم الإتفاق عليها فعلا؟! سواء 140 ألف جنيه أو 120 ألف جنيه هل كان سيقوم بسدادها المبلغ أم صاحب الشركة؟ وعلى ذلك فإن هذا الحكم قد جاء حاملا فى طياته الفساد فى الإستدلال وعدم التبصر بواقعات الإتهام أو بأقوال أطراف التداعى فى التحقيقات الأمر الذى يصمه أيضا بالغموض والإبهام.
السبب الثانى:- فساد الإستدلال وقصور التسبيب:
جاء رد الحكم الطعين على الدفع بإنتفاء ركن الطلب فى جريمة الرشوة فى عبارة معماة تقول:-
[ إن الطلب فى جريمة الرشوة ليس له شكل خاص فقد يكون كتابة وقد يكون شفاهة كما قد يكون بأى فعل يستشف منه طلب الوعد أو العطية طالما أن ذلك الطلب جدى وليس على سبيل العبث....... وإذا كان ذلك وكان الثابت من أقوال شاهد الإثبات الأول بتحقيقات النيابة العامة والتى تطمئن إليها المحكمة. أن المتهم قد طلب منه صراحة مبلغ مائة ألف جنيه..... وعلى ذلك يكون طلب الرشوة من جانب المتهم قد إستوفى شرائطه القانونية بما يندحر معه نعى الدفاع فى هذا الصدد ].
وهذه قالة توضح أجلى وأوضح صور فساد الإستدلال وقصور التسبيب للأوجه التالية:-
1- الحكم الطعين وهو يطمئن لأقوال شاهد الإثبات الأول فى هذا الصدد...... كان لزاما عليه أولا أن يرفع التناقض الوارد على لسان ذات الشاهد فى ص 16 من محاضر الجلسات من إقراره من أن المتهم لم يطلب منه رشوة حتى لحظة تاريخ القبض عليه وأن المبلغ الذى تم القبض على المتهم بموجبه إنما كان على سبيل القرض الحسن من المبلغ للمتهم، والحكم الطعين لم يفعل ذلك.
فكيف يتسنى له دون رفع هذا التناقض الذى يستعصى على العلم والمعرفة والعقل والإدراك والموائمة تحت أى ظرف وفى أى وقت أن يميل إلى أحد الوجهين المتناقضين لدى شاهد الإثبات الأول.
2- ألا يثور الشك فى أقوال شاهد الإثبات الاول إذا ما تردد وتناطحت شهادته بين التحقيقات وأمام المحكمة فى محاضر الجلسات....... فإن ثار ذلك الشك فإلى أيهما يجب أن تميل المحكمة مصدرة الحكم الطعين؟! (بصرف النظر عن رفع التناقض) فإن هى مالت إلى القول الذى يؤدى إلى الإدانة فما علتها وأسبابها السائغة فى عدم ميلها إلى أقوال المبلغ شاهد الإثبات الأول التى تؤدى إلى البراءة والعكس بالعكس صحيح.
3- يتحدث الحكم الطعين عن شكل طلب الرشوة وكأن الدفاع ينازع فى أن الطلب لم يتم بالطريقة التى حددها القانون وهذا مالم يقل به الدفاع، غير أن الدفاع نازع فى وجود الطلب أصلا ومن ثم فلا مجال للحديث عن شكل الطلب الغير موجود....... فهل يمكن أن نتحدث عن المولود التى لم تحمل به أمه ولم تلده....... وتنازع فى مسماه وهو مثال واضح وجلى على أن الحكم الطعين قد فسد فى إستدلاله وقصر فى تسبيبه وأجاب وتحدث على غير ماطلب ودفع الدفاع إذ أن الفارق شاسع بين الدفع بعدم وجود جريمة الطلب أصلا وبين أن الطلب تواجد أصلا ولكن بصورة لا تتفق والقانون.
والدفاع إذ تمسك بالأولى غير أن الحكم الطعين قد أجاب عن الثانية
4- فإذا اضيف إلى ما سبق أن الحكم الطعين والذى يقرر أنه يطمئن إلى شهادة شاهد الإثبات الأول (رغم ما سلف ذكره) لم يورد شهادة الشاهد التى إطمأن إليها هل هى الواردة بالتحقيقات أم الواردة فى محاضر الجلسات وإذا كان قد مال إلى أحدهما فلماذا لم يورد هذه الشهادة ويبين لنا الإستسقاء الذى إستسقاه من هذه الشهادة بما يؤدى إلى الإدانة بما تتمكن معه وبموجبه محكمتنا العليا من مراقبة سلامة ذلك الإستشهاد فيما كان قد أتى سائغا مع العقل والمنطق من عدمه.
الامر الذى يوضح أجلى صور القصور فى التسبيب بالمخالفة الواضحة الصريحة لما أوجبته المادة 310 إجراءات جنائية.
وفى ذلك قالت محكمتنا العليا الآتيه:
"من المقرر أنه إذا كانت شاهده الشهود تنصب على واقعه واحده ولا يوجد فيها خلاف بشأن تلك الواقعة فلا بأس على الحكم إن هو أطال فى بيان شهاده شاهد الى ما أورده من أقوال شاهد آخر تفادياً من التكرار الذى لا موجب له – أما إذا كان هناك خلاف فى أقوال الشهود فى الواقعه الواحدة أو كان كل منهم قد شهد على واقعه غير تلك التى شهد عليها غيره – فإنه يجب لسلامه الحكم بالإدانه إيراد شهادة كل شاهد على حده، وإلا كان الحكم فوق قصوره منطويا على الخطأ فى الاسناد بما يبطله ويوجب نقضه"
(نقض 4/6/1979 س 30 - 131 - 618 – طعن 1573 لسنه 48ق)
وقضت محكمة النقض بأنه:
"إذا كان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ قول الشاهد فتأخذ ببعض منه دون بعض فإن حد ذلك ومناطه ألا تمسخه او تبتر فحواه بما يحيله عن المعنى المفهوم من صريح عبارته وأن يكون واضحاً من الحكم الذى وقعت فيه تلك التجزئه أن المحكمه قد احاطت بالشهاده وما رست سلطتها فى تجزئها بغير بتر فحواها اذ ان وقوف المحكمة عند هذا الحد ينصرف الى انها لم تفطن الى مضمون الشهاده بأكملها مما يوصم إستدلالها بالفساد المبطل والموجب بالنقض". (نقض 25/11/1974 – س 25- 165 – 765- طعن 891/ 44 ق)
فضلا عما قضت به من أنه:
"لا يجوز للمحكمة أن تتدخل فى رواية الشاهد ذاتها وتأخذها على وجه خاص يخالف صريح عبارتها أو أن تقيم قضائها على فروض تناقض صريح روايته، بل كان ما لها أن تأخذ بها إذ هى إطمئنت إليها أو أن تطرحها إن لم تثق بها"
(نقض 21/6/1979 – س 30 – 152- 717) (نقض 7/5/1972 – س 23 – 141 – 649)
(نقض 30/4/1963 – س 14 – 76- 385)
فضلا عن قضائها بأنه:
"كما يدل ذلك على أن محكمة الموضوع التزمت بالأدلة التى اوردتها سلطة الاتهام بقائمة أدلة الثبوت المقدمه منها – مع أن المحكمة عليها أن تتصدى لكافه الأدلة المطروحة على بساط البحث امامها سواء كانت ضد المتهم أو لصالحه ولأن تلك القائمة لا تعبر إلا عن رأى السلطة المذكوره وحدها....... والقاضى الجنائى يفصل فى الدعوى بناء على رأيه الشخصى وعقيدته الخاصه – ولا يجوز له أن يقتصر فى حكمه على رأى آخر لسواه".
(نقض 18/3/1968 – س 19 – 62 – 334) (نقض 7/3/1966 – س 17 – 45 – 233)
فلهــــذه الأســـــباب
يلتمس الطاعن:-
أولا: قبول الطعن شكلاً.
ثانيا: أ- تحديد أقرب جلسة مستعجلة للنظر فى أمر حبسه والإفراج عنه لحين نظر الطعن موضوعا.
ب- نقض الحكم والإحاله.
والـلـه مـن وراء القصـد وهو يهـدى السبـيـل
وكيل الطـاعن
د/ حسن بخيت المنازع
المحامى بالنقض