أما برنامج الدردشة الجديد، الذي ابتكره الشاب المصري جاسر أبو بكر، بعنوان «On the Same Page – Chat»، فهو يهدف إلى خلق دردشة هادفة بين المستخدمين له، من خلال تبادل الخبرات والمعرفة بين المتخصصين والمحترفين من أصحاب المهن الواحدة وكذلك بين الطلاب والدارسين؛ حيث يسمح لهم بالتواصل مع بعضهم داخل مجموعات متخصصة لمناقشة أمور ومسائل مهنية أو علمية تشغل بالهم، مما يعمل على توفير الوقت لديهم وتبادل الاستفادة العلمية.
يعمل جاسر مهندسا للاتصالات، ويبلغ من العمر 33 عاما، وقاد فريقا يترأسه هو بمشاركة زميلين له إلى ابتكار ذلك البرنامج، الذي حصلوا من خلاله على المركز الثالث في المسابقة التي نظمتها مؤخرا «المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا» وحملت عنوان «الأعمال التكنولوجية العربية»، التي شارك بها 120 مخترعا من دول الوطن العربي بمشاريع غطت ميادين التكنولوجيا المختلفة.
يقول جاسر عن برنامجه لـ«الشرق الأوسط»: «الحاجة أم الاختراع، وهذا ما ينطبق على برنامج الدردشة الذي قمنا بتصميمه، فمن ناحية نحن نحتاج دائما إلى أن نسأل من حولنا سواء في الدراسة أو في العمل أيا ما كان طبيعته، عن مسألة ما تقف أمامنا أو مشكلة تواجهنا تؤثر على أدائنا لمهامنا، ما قد يأخذ وقتا طويلا في الوصول إلى حل لها، من ناحية أخرى وبحكم عملي وتخصصي الدراسي وجدت أن برامج الدردشة وأبرزها (ياهو وإم إس إن ماسنجر وفيس بوك وتويتر) تستخدم لأجل الدردشة الترفيهية فقط وتكوين الصداقات وتبادل الأخبار الشخصية وكتابة التعليقات الطريفة، مما يعمل على إضاعة الوقت من دون الاستفادة به. من هنا جاءت الفكرة في الربط بين الجانبين، بمعنى خلق مجتمع على الإنترنت هدفه تبادل الخبرات والمعرفة بين جمهور متخصص ومحترف في مجال وظيفي ما أو التشاور في أمور دراسية، مما يؤدي إلى توفير الوقت والجهد اللذين نبذلهما في الوصول إلى حلول، وبالتالي الاستفادة من هذا الوقت في أمور أخرى».
ويشير جاسر إلى أن الناس حول العالم يريدون من يقوم بتجميعهم، وهذا سر نجاح أكبر برامج الدردشة والتواصل الاجتماعي وعلى رأسها «فيس بوك» وبرامج الدردشة الأخرى، لكن لا تتميز هذه البرامج بميزة تبادل الخبرات العلمية بين مستخدميها، وهو ما يجعل برنامجه ذا هدف مختلف، وهو الجمع بين الأشخاص أصحاب الاهتمامات الوظيفية الواحدة لتبادل الأسئلة والإجابات والنقاشات والمعلومات خلال فترات العمل والمذاكرة، ويضرب مثالا على ذلك، قائلا: «لو افترضنا أن هناك طالبا يذاكر مادة الرياضيات وأمامه مسألة حسابية لا يستطيع حلها، فله أن يستفيد من البرنامج في طرحها على طلاب آخرين أو أساتذة يشتركون معه في المجموعة ذاتها التي ينضم إليها للتشاور وحل المسألة».
يستخدم برنامج «On the Same Page» (على نفس الصفحة أو الموضوع) في تبادل المعلومات لحظيا بين أي شخصين في أي مكان في العالم بشرط أن يكونا على اتصال بشبكة الإنترنت، وذلك بعد تحميله على الكومبيوتر، ويقترب من موقع «فيس بوك» في فكرة إنشاء المجموعات؛ حيث يقوم المستخدم بالانضمام إلى المجموعة التي تتوافق مع مهنته أو تخصصه أو يقوم هو بتأسيسها ومن ثم دعوة أفراد يشتركون معه في الخبرة المهنية أو الاهتمامات العلمية، كما يمكن أن يكون لكل مجال وظيفي أو علمي مجموعة أو مجموعات متعددة. كذلك يعمل البرنامج على إيصال المعلومات بين المستخدمين على أكمل وجه؛ لذا فهو يعتمد على تقنيات إرسال واستقبال الصوت والفيديو والصورة والخرائط بجودة فنية عالية.
ويقول جاسر إن البرنامج شاركه فيه زميله مجدي عطية، المتخصص في التسويق، وزميلته غادة عطية، المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات، مبينا أنهم بعد التوصل إلى فكرة البرنامج تقدموا للاشتراك في مسابقة «الأعمال التكنولوجية العربية» التي تنظمها سنويا «المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا»؛ حيث قامت المؤسسة بدعمهم وإفهامهم كيفية تسجيل الاختراع وعمل دراسة جدوى تفصيلية ودراسة للسوق، بما يجعل المشروع مفيدا للناس وللمجتمع إلى جانب الاستفادة المادية منه، من خلال عرضه على المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال بما يهدف إلى نزول المشروع على أرض الواقع.
استمرت مرحلة تنفيذ البرنامج شهرين، ومن بدء فعاليات المسابقة تخطى المشروع الأدوار الأولى ووصل إلى نهائياتها ليحصد في النهاية المركز الثالث، يقول جاسر: «قدمنا المشروع إلى مكتب براءة الاختراعات الأميركي باسم الفريق وتم تسجيله والحصول على حقوق الملكية الفكرية، وهو الآن في مرحلة الحصول على براءة اختراع دولية، إلى جانب تسجيله لدى مكتب براءة الاختراعات الدولية بأكاديمية البحث العلمي في مصر، وقد نال البرنامج اهتمام بعض المستثمرين، كما أعجب به مسؤولو شركة (إنتل) العالمية الذين وصفوه بأنه مشروع واعد، كما نال ثناء منظمة اليونيدو (الأمم المتحدة للتنمية الصناعية)».
يطير جاسر ببرنامجه إلى الولايات المتحدة الأميركية خلال الشهر الحالي للمشاركة في مسابقة النهائيات التكنولوجية العالمية التي تنظمها جامعة «بيركيلي» وشركة «إنتل» تحت مسمى «تحدي إنتل وجامعة يو سي بيركيلي» في ولاية كاليفورنيا الأميركية؛ حيث يمثل فريقه الوطن العربي في تلك المسابقة بجانب فريقين من السعودية والإمارات.
يتمنى جاسر الفوز بمركز متقدم في النهائيات التكنولوجية العالمية، لإظهار أن الشباب العربي يمتلك ملكات الإبداع والقدرة على الابتكار في الأعمال التكنولوجية، ولإبراز عدم تخلف المنطقة العربية عن الركب العالمي، كما يوجه شكره إلى «المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا» التي تحاول توفير المناخ المحفز للعقول العربية الشابة ودعم أعمالهم الريادية وتحويلها إلى مشاريع تكنولوجية واعدة.