روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    قراءه في تاريخ مصر وربط الماضي بالحاضر

    رمضان الغندور
    رمضان الغندور
    مؤسس ومصمم المنتدي والدعم الفني
    مؤسس ومصمم المنتدي والدعم الفني


    عدد المساهمات : 7758
    نقاط : 21567
    السٌّمعَة : 16
    تاريخ التسجيل : 31/05/2009
    العمر : 67
    العمل/الترفيه : محامي حر

    قراءه في تاريخ مصر وربط الماضي بالحاضر Empty قراءه في تاريخ مصر وربط الماضي بالحاضر

    مُساهمة من طرف رمضان الغندور الإثنين أغسطس 01, 2011 6:34 pm

    التاريخ ليس سردا للوقائع . أو كتابا للتسلية . أو رواية بغير دراما . أو
    ملحمة تنتهي بسقوط الآلهة . أو ملفا للنوادر والطرف . أو ديوان شعر لدغدغة
    العواطف .
    التاريخ مجلس للحكمة والمحاكمة . ذاكرة للبشر . لا تنسي ولا تتسامح . تصدر
    أحكاما غير قابلة للنقض . يهدي من يقرأه بعناية الي سواء السبيل .
    والتاريخ يعيد نفسه بأشكال وعناصر درامية مغايرة . تتغير أسماء النجوم
    والكومبارس . لكن تظل الأدوار والنتائج واحدة . كاشفة للمستقبل . ومنشأة
    للمستقبل ..
    من يقرأ التاريخ المصري قبل ثورة 52 ويتعرف علي همجية بعض العناصر
    الرأسمالية .. يدرك أننا نعيش مرحلة مماثلة . نفس الأزمات ونفس التناقضات
    الرئيسية والثانوية . ويدرك أن النتائج مماثلة مهما طال الزمن .
    ولنا في أحمد عبود باشا وأحمد عز باشا ( رجل النظام البائد ) حكمة ياأولي الألباب .
    عبود باشا إشتري الدولة : الملك والسرايا والحاشية والوزارة والأحزاب
    والصحف . أقام وزارات . وأقال وزارات . وملك الأرض ومن عليها ، في غيبة من
    الزمن . وقادته قوته الغاشمة الي معركة أتت عليه . وأتت علي النظام ذاته .
    قرر أحمد عبود باشا أن يرفع سعر السكر ( وهو أحد المكونات الغذائية للفقراء
    ) . وعندما رفضت حكومة أحمد نجيب الهلالي باشا القرار ، دفع رشوة كبيرة
    لجلالة الملك ، وشجعه علي إقالة الوزارة . فأقالها ... بعد ذلك بشهور قليلة
    سقط النظام الملكي بكل أطرافه . وسقط معه أحمد عبود باشا . وأسقطه التاريخ
    من سجلات الشرفاء .. وأضافة الي سجلات الهمج ..
    أحمد عز باشا لعب نفس الدور . أحتكر صناعة رئيسية . ويسيطر علي المدخلات
    والمخرجات والأسعار والفواتير وبقية المفردات . وفي غفلة من أولي الألباب ،
    قفز الي الصفوف الأولي من السلطة . يعز من يشاء . ويذل من يشاء .
    ولكن للتاريخ يقين آخر . فقد زالت دولة أحمد عز عندما إستمر في غيه . والله علي كل شئ قدير .
    ربما لا يعرف هذا الجيل من هو أحمد عبود باشا ..
    إنه صانع الملوك كما وصفته إحدي المجلات التاريخية . ونشرت عنه القصة التالية :
    ينتمي أحمد عبود باشا إلى جيل فرغلي باشا ذي الوردة الدائمة في عنق الجاكيت
    ( ملك القطن ) ، وسيد ياسين ( ملك الزجاج ) ، وإلياس أندراوس ( ملك
    البورصة ) وغيرهم ، غير أن أحمد عبود باشا ، يختلف عن أقرانه بأنه مليونير
    عصامي بدأ من القاع ، أو تحته قليلاً .
    ومن مجرد فتى يملك أبوه حماماً شعبياً في حي باب الشعرية ، أصبح رجل أعمال
    يملك إمبراطورية ضخمة من صناعة السكر والصناعات الكيميائية والورق والشحن
    والقطن ، تبلغ قيمته 100 مليون دولار .
    يا لها من رحلة جمعت بين الاستثمار والسياسة والفساد ، ظل أحمد عبود يساعد
    والده في إدارة الحمام الشعبي حتى تخرج في المهندسخانة ، وعمل بعد تخرجه
    بأجر شهري لا يتجاوز خمسة جنيهات في وابورات تفتيش الفيكونت الفرنسي هنري
    غابرييل الشهير بالكونت دي فونتارس بأرمنت ، وفُصِلَ منه بعد فترة ليعمل مع
    أحد مقاولي الطرق والكباري بفلسطين ، وكان ينفذ بعض العمليات للجيش
    الإنجليزي ، وفي تلك الفترة تعرف إلى مدير الأشغال العسكرية للجيش
    الإنجليزي ونشأت بين عبود وبين ابنة هذا الضابط الإنجليزي المهم قصة حب
    انتهت بالزواج ، وهنا جاء التحول الكبير في حياة هذا المهندس الشاب ، حيث
    ترك العمل لدى المقاول واشتغل بالمقاولات ، وبمساعدة حميه أسندت إليه معظم
    أشغال الجيش الإنجليزي في فلسطين ومدن القناة حتى تكون لديه رأسمال استطاع
    به أن يشتري معظم أسهم شركة ثورنيكروفت Thornycroft للنقل بالسيارات
    بالقاهرة ، ثم شركة بواخر البوستة الخديوية ، حتى ظهر اسمه في عام 1935 في
    ذيل قائمة أغنياء مصر أيامها .
    كان عبود أحد أولئك الذين استفادوا من ظروف الحرب العالمية الثانية ليحقق
    ثروة طائلة من أرباح أسطول السفن الذي كان يملكه ، في ظل ارتفاع أجور النقل
    ارتفاعاً خيالياً ، وهكذا اشترى معظم أسهم شركة السكر والتكرير المصرية
    التي كان يملكها رجل أعمال بلجيكي يدعى هنري نوس ، وعندما مات هنري نوس
    أسندت إدارة الشركة إلى ابنه هوغ ، لكن عبود العضو البارز في مجلس إدارة
    الشركة استغل هذه الفرصة وأوعز لأصدقائه الإنجليز ليقوموا بتجنيد الابن رغم
    أنفه ، وتم ذلك فعلاً ويذهب هوغ نوس ليشارك في الحرب ولا يعود منها ، فقد
    قتل في إحدى المعارك ، وخلا الجو لعبود لينفرد بإدارة شركة السكر رئيساً
    والعضو المنتدب لها ، وظل رئيساً لمجلس إدارتها حتى تم تأميمها في عام 1961.
    وكانت لأرمنت عند عبود هوى خاص ، حتى إنه اشترى تفتيش الكونت الفرنسي دي
    فونتارس ( 6000 فدان ) الذي كان يعمل أجيراً فيه - بعد هجرة الكونت إلى
    البرازيل ، واشترى أيضاً قصره بأرمنت ( سراي عبود ) ، وكان أحد قصور الخديو
    إسماعيل إذ بناه لاستضافة أوجيني إمبراطورة فرنسا أثناء زيارتها لافتتاح
    مصنعه بأرمنت الذي واكب افتتاحه افتتاح قناة السويس في نوفمبر تشرين ثانٍ
    عام 1869 .
    اشترى عبود المكان الذي بدأ فيه رحلته موظفاً صغيراً ، بكل ما فيه من منشآت
    ومنازل ومخازن وحظائر بمبلغ 60 ألف جنيه ، وسجل هذه الأملاك باسم ابنته
    الطفلة مونا .
    كان عبود أثناء زياراته السنوية القصيرة لأرمنت يقيم في القصر المذكور مع
    شقيقه مصطفى الذي بنى مسجد أرمنت العتيق ، وللاستمتاع بالأيام القلائل التي
    يقضيها مع زوجته وابنته ، بنى المليونير حماماً للسباحة وملاعب للغولف
    والبولو والإسكواش والتنس .
    وقد اشترت شركة السكر هذا القصر من الحراسة بعد التأميم ، وبعد إلغاء
    الحراسة اشترى القصر الاقتصادي المصري مصطفى الزناتي أحد أبناء قرية
    الضبعية إحدى قرى مركز أرمنت والتي ضُمت أخيراً إلى مركز الأقصر .
    امتدت إمبراطورية عبود باشا الذي أصبح أغنى أغنياء مصر إلى دائرة السياسة
    والرياضة والسياحة ، وكان يملك معظم أسهم شركة الفنادق المصرية ، إضافة إلى
    شركات الأسمدة في عتاقة والكراكات المصرية ، وغيرها من شركات الصناعات
    الكيميائية ، والتقطير ، والغزل والنسيج التي أنشأها قرب نهاية أربعينيات
    القرن العشرين .
    وفي تلك الفترة الزمنية ، كتب مقالاً صحفياً تحت عنوان ( كيف تصبح
    مليونيراً ) قدم فيه نصائحه وخلاصة تجربته ، وافتتح المقال بقوله : ( ليس
    النجاح من الأسرار ، ولكنه أولاً وقبل كل شيء توفيقٌ من الله ، فقد تجتمع
    في شخصٍ كل مؤهلات النجاح من شهاداتٍ وجاه وشخصية قوية ، لكن سوء الحظ
    يلازمه فلا ينجح في أي عملٍ يقوم به ، بينما ينجح من هو أقل منه في الكفاءة
    والجاه ، وأضعف منه شخصية ) .
    وبلغ من نفوذ عبود أنه أجبر طلعت حرب مؤسس بنك مصر وأشهر أعلام النهضة
    المصرية على الاستقالة من بنك مصر في 14 سبتمبر أيلول 1939 الذي أسسه بعرقه
    وجهده ، فقد اشترك عبود وفرغلي باشا ملك القطن في تنفيذ سياسة قوامها سحب
    ودائعهما من البنك بمعدل نصف مليون جنيه يومياً حتى بلغ السحب ثلاثة ملايين
    جنيه ، كما هددت الحكومة التي يترأسها حسين سري - صديق عبود باشا - بسحب
    ودائع الحكومة فاضطر طلعت حرب للاستقالة حتى لا يهتز مركز البنك وترك
    إدارته لحافظ عفيفي طبيب الأطفال ، وهو صديق أثير للإنجليز ولعبود .
    في 13 يناير كانون ثانٍ 1944 ، أقام النادي الأهلي بالجزيرة حفلة شاي
    تكريماً لكل من أحمد عبود باشا وعبد الحميد عبد الحق ، بمناسبة تبرع عبود
    باشا بثلاثة آلاف جنيه لإتمام إنشاء حمام السباحة بالنادي ، وتقديراً لما
    قدمه الثاني للنادي والهيئات الرياضية الآخرى ، ووقف رئيس النادي أحمد
    حسنين باشا - رئيس الديوان الملكي - وألقى كلمة استهلها بقوله : ( إني بعد
    أن حنيت رأسي للراحل الكريم جعفر ولي باشا ( رئيس النادي الأهلي سابقاً )
    أرفع رأسي بالشكر للرجلين الكريمين الأستاذ عبد الحميد عبد الحق وزير
    الشؤون الاجتماعية السابق وأحمد عبود باشا ) ، ثم أشار إلى ما كان من
    اعتماد الوزير عبد الحق ثلاثة آلاف جنيه مساهمة في إنشاء حمام السباحة في
    النادي الأهلي ، وإلى تبرع عبود باشا بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه أخرى للغرض
    نفسه .
    تولى أحمد عبود باشا رئاسة النادي الأهلي لمدة 15 عاماً ( 19 فبراير شباط
    1946-19 ديسمبر كانون أول 1961 ) فاز فيها دائماً بالرئاسة بالتزكية ،
    وكانت تلك الفترة من أزهى عصور النادى الأهلي ، حيث حصل خلالها على تسع
    بطولات متتالية للدوري من 1947 حتى 1956 ، كان عبود باشا ينفق على النادي
    من جيبه الخاص رافضاً أية إعانة من الحكومة ، وهو الذي بنى حمام السباحة من
    جيبه الخاص ، وهدم مدرج الدرجة الثالثة القديم وبنى المدرج الحالي ، ثم
    بنقوده ونفوذه اقتطع الجزء الكبير من نادي الفروسية ليطل النادي على كورنيش
    النيل .
    وقد أنشأ عبود باشا عام 1939 أكبر وأعلى عمارة في مصر كلها في ذاك الوقت ،
    وكانت تتكون من 13 طابقاً ، وكان الناس يزورونها ليروا هذا البناء الشامخ
    في شارع المدابغ الذي أصبح فيما بعد اسمه شارع شريف في وسط القاهرة ، وهي
    تقع على ناصية شارعي شريف وقصر النيل ، وأطلق عليها اسم عمارة الإيموبيليا.
    تدريجياً ، بدأ عبود باشا يشعر بالقلق على الاستقرار السياسي في مصر ، وهو
    ما يمس بالضرورة مصالحه المالية والاقتصادية ، ويقول محمد حسنين هيكل فى
    كتابه (ثورة يوليو خمسون عاما ) السؤال الأول ملك تحت الحصار!، مجلة وجهات
    نظر، عدد يوليو 2002 :
    ( ولم يكن الملك فاروق وحده المصاب بالقلق لما آلت إليه الأحوال - بل كان
    هناك غيره أصيبوا بالأرق إلى جانب القلق ، لأنهم أصحاب مصالح حقيقية في مصر
    يخشون عليها ويحرصون على ضمانها ، ولذلك كان اقترابهم من السياسة منطقياً ،
    وفي الظروف الطارئة فإنه أصبح حيوياً ، وكان أول هؤلاء هو المالي الكبير
    أحمد عبود ( باشا ) .
    كان عبود ( باشا ) رجلاً عالي الكفاءة في مجال الأعمال ، وكان يقول عن نفسه
    إنه ( يلمس التراب فيحيله ذهباً ) ، غير أنه كان يعرف أن تحويل التراب إلى
    ذهب يحتاج إلى حماية تسبق وتجاري وتلاحق حركة الذهب .
    وهنا كانت في حاجة إلى القرب من السلطة إلى أي درجة يستطيع بلوغها
    وقلت مرة لعبود ( باشا ) : ( إنه رجلٌ يستحيل عليه أن يكون ملكاً لأنه لا
    يحوز المواصفات اللازمة ) ، لكنه يحلم بمقدرة صنع الملوك لأنه يحوز المصالح
    المُلزمة ، وذلك وضعٌ شديد الخطر على البلد وعليه أيضا ، وقد سمعني الرجل
    مطرقاً برأسه متأملا ) .
    قامت ثورة 23 يوليو 1952 لتتغير بعدها الخريطة السياسية والاقتصاية في مصر ،
    وفي 15 أغسطس آب 1955 ، وقعت أول مواجهة بين الثورة المصرية والرأسماليين ،
    إذ جرى فرض الحراسة على شركة السكر ، التي يمتلكها أحمد عبود باشا .
    وبعد صدور قوانين يوليو الاشتراكية عام 1961 ، آثر عبود الهجرة إلى أوروبا
    لإدارة أعماله بجزء من أموال تمكن من تهريبها إلى هناك ، وكان قد علم أو
    أحس بأن الدولة مقبلة على التأميم ، وكانت بالصدفة المحضة كل بواخره في عرض
    البحر ما عدا باخرتين واحدة في ميناء السويس وأخرى بالإسكندرية ، فأصدر
    تعليماته بسفر باخرة إلى جدة وأخرى إلى بيروت في انتظار أوامر أخرى ، ثم
    اتصل لاسلكياً بباقي بواخره في عرض البحر بعدم العودة إلى الإسكندرية الآن ،
    ثم استطاع أن يحول أمواله السائلة بالبنوك إلى بنوك سويسرية بطريقة أو
    بأخرى ، ثم سافر إلى نابولي في إيطاليا ليستدعي بواخره واحدة بعد الأخرى
    ليبيعها هناك ، وأصبحت لديه أصولٌ سائلة تكفيه هو وابنته الوحيدة .
    مارس عبود باشا نشاطه التجاري في أوروبا ، وحقق نجاحاً كبيراً كتاجر
    ومستشار اقتصادي ، إلى أن وافاه الأجل المحتوم في لندن في مطلع يناير كانون
    ثانٍ 1964 بعد أن هزمته أمراض القلب والكُلى .
    اسم عبود باشا وثراؤه لم يشفعا لورثته ، أحمد عبود محمد علي ، ونادية محمد
    علي وأولاد ابنته الوحيدة مونا وابنة شقيقته زينب محمد شوقي ، الذين حصلوا
    على حكم نهائي في يناير كانون ثانٍ 2006 بعد رحلة تقاضٍ استمرت ٣٠ عاماً
    باسترداد عقارهم المهجور بجليم بالإسكندرية البالغة مساحته ٤٤٠٠ م٢ والذي
    يتجاوز ثمنه ٥٠ مليون جنيه ، الا ان العقار والذى تسيطر عليه رئاسة
    الجمهوريه لم يتم تسليمه الى الورثه حتى الان



      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 9:58 pm