لاتصل الحقيقة إلى القاضي سهلة ميسورة، بل قد لاتصل إليه على الإطلاق، وقد يقيض لها من طلاب الزيف والبهتان أن يحجبوها حجبا كثيفا، وأن يطمسوا عليها ويطمسوا أدلتها، وقد يصطنعون أدلة كاذبة للإيحاء بغير الحقيقة، بينما القاضي على منصته العالية ـ مع تقيده بحدود الخصومة ـ غير متاح له أن يطلع على ماجرى ويجري وراء أستار الخفاء.
حجب الخفاء لطمس الحقيقة، وإدخال الزيف عليها ـ تصاحب الخصومة ربما من منبتها ـ فيحتال رجل الضبط لإهدار الشرعية الإجرائية، والافتئات بعير سند مشروع على حريات، ومستودعات أسرار الناس، وكثيرا ما يلازم ذلك قبض وتفتيش باطلان، أو انتزاع اعتراف بالقسر والضغط والتعذيب والإرغام، وهي وسائل من المحال معها أن تطمئن عدالة عادل إلى صدق الاعتراف ومطابقته للواقع، سيما وهو كريه إلى النفس لا تقبل عليه ـ إن أقبلت! ـ إلا مضطرة ، وتغدو صعوبة إثبات الإكراه للحمل على الاعتراف في أنه قد يقف عند حد الإكراه المعنوي ولايتعداه إلى إكراه مادي يمكن أن يترك علامات، وقد تعددت فنون الإكراه المادي ،وابتدعت فيه أساليب شيطانية، يأبى أن تترك أثرًا يدل عليها، فتبدو مهمة القاضي في جميع هذه الأحوال مهمة بالغة العسر، بل والاستحالة لأن التعذيب فضلا عن فنونه المستحدثة ـ يجرى على ملعب فاعليه محدودا بحدود يتحكمون فيها مكانا وزمانا وشهودا حتى لايكاد القاضي يحسه ويلمسه ولكنه لايمسك دليلا عليه!! هناك تبدو إبداعات المحاماة التي تستطيع أن تهدى إلى الحقيقة بجمع الأدلة من مظانها واستخراج الدلالات والقرائن واستنباط المجهول من واقع معلوم يدل عليه ـ على أن هذه المهمة التي يجاهد المحامي مجاهدة صعبة فيها محفوفة بأخطار الوقوع فيما قد يمسكه عليه رجل الضبط الذي من مصلحته أن يتصيد زلة لسان أو جموح عبارة أو سخونة وصف ـ ليدمغه بالسب والقذف أو البلاغ الكاذب!! ومن ثم يعرض المحامي الباذل في إخلاص لمغبة المساءلة الجنائية عما عساه يمسكه عليه في سعيه الدؤوب لكشف الحقيقة للقاضي!! وليس حال شهود الدعوى بأيسر حالا أو أهون مكابدة في المعالجة من إجراءات الضبط فليس كل الشهود على شاكلة واحدة، أو من معدن واحد، منهم الصادق ،والكاذب ،ومنهم المستقيم، والملتوي ومنهم المتجرذ والمغرض ومنهم المحايد والمنحاز ومنهم الأمين والخائن ومنهم البريء والخبيث، وهم على أشكال شتى، وأغراض شتى، ومعادن شتى، بل إن أكثر الناس للحق والإنصاف كارهون ،ولذلك وصفهم القرآن المجيد فقال: ( وأكثرهم للحق كارهون)، (المؤمنون ، 70).. (ولكن أكثرهم للحق كارهون)، (الزخرف 78) ومنهم كثمود يستحبون العمى على الهدى (فصلت 17) ومنهم من يجادل في الباطل ولا يستحي من الحق كالذين وصفهم القرآن الحكيم فقال: (يجادلونك في الحق بعد ماتبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون ) (الأنفال 6) ومنهم من لايريد إلا خداعا (البقرة 9 والأنفال 62) ومنهم من يتجرأون على الكذب والزور ولا يقولون إلا منكرا من القول وزورا (الحج 30،،و الفرقان 72، المجادلة .
2) فماذا يفعل القاضي إزاء هذه النوعيات بينما أوصاه القرآن ألا يقبل إلا شهادة ذوي العدل والصدق والاستقامة والأمانة فقال عز من قائل: (وأشهدوا ذوي عدل منكم) (الطلاق 2) على أن حرص القاضي على الاستشهاد بذوي العدل تقابله ظلال كثيفة على المحامي بحكم تخففه وتحليقه بعيدا عن القيود الشكلية أن يجليها وجلاؤها يمض ويوجع من يكشف الدفاع ستر كذبه أو خداعه أو ميله أو هواه أو بهتانه أو زيفه أو تزويره أو انحيازه أو حنثه بيمينه، وإزاحة الستار عن هذا وذاك محفوفة هي الأخرى بالمخاطر يغدو أمامها المحامي كالقافز فوق الأشواك سواء فيما يجب أن يستقصيه ويحصله ويفسره ويكيفه أم فيما يلقيه أمام النيابة أو القضاء من قول وحجة وبرهان لإثبات مايمسكه على الشاهد ويعريه به.. وهذا بدوره باب مليء بالمخاطر والألغام فلن يرضى الشاهد أن ينعته المحامي بما كشفه من ستره ولن يوافقه أن يفضح أمره ويعري كذبه وزوره ولأواءه وما أيسر أن ينازل المحامي أو ينازله دفاعه بالنيابة عنه بأنه وقع في وهدة السب أو القذف أو البلاغ الكاذب فيغدو سيف الخطر مشهرا عليه في جميع أحواله محققا أو مستقصيا أو باحثا أو مترافعا!!
بل إن خطاب المحامي للنيابة أو للمحكمة لايخلو من مخاطر زلل اللفظ أو تجاوز العبارة التي ربما عرضته للمسؤولية ـ لأنه وهو يسعى للاقناع بما اقتنع به ووقر في خلده لايتحدث حديث المحاضر الهادئ وإنما يتكلم بحماس وتأثر وانفعال المدافع المندمج في قضيته المتفاعل معها الشاعر بأوجاع موكله وبالمخاطر التي يمكن أن تحدق به والحانق أيضا على تراكمات الزيف والزور والحجب والطمس والالتواء التي يسلكها أعداء الحق الرامون لتزييف الحقيقة والافتئات على الأبرياء أو الكيل لهم بمكاييل بعيدة عن سنن العدل والإنصاف هذه المهمة الدقيقة لايؤديها المحامي ساكن النفس هادئ الخاطر أو متبلد الفؤاد وإنما هي شحنة من المشاعر تموج في صفحة وجدانه وتصاحبه فيما يقول ويومئ ويفعل وليس يدرك هذه المكابدة إلا من يعانيها وهي مكابدة تفتح على المحامي أبوابا هائلة من المحاذير والأخطار.
حجب الخفاء لطمس الحقيقة، وإدخال الزيف عليها ـ تصاحب الخصومة ربما من منبتها ـ فيحتال رجل الضبط لإهدار الشرعية الإجرائية، والافتئات بعير سند مشروع على حريات، ومستودعات أسرار الناس، وكثيرا ما يلازم ذلك قبض وتفتيش باطلان، أو انتزاع اعتراف بالقسر والضغط والتعذيب والإرغام، وهي وسائل من المحال معها أن تطمئن عدالة عادل إلى صدق الاعتراف ومطابقته للواقع، سيما وهو كريه إلى النفس لا تقبل عليه ـ إن أقبلت! ـ إلا مضطرة ، وتغدو صعوبة إثبات الإكراه للحمل على الاعتراف في أنه قد يقف عند حد الإكراه المعنوي ولايتعداه إلى إكراه مادي يمكن أن يترك علامات، وقد تعددت فنون الإكراه المادي ،وابتدعت فيه أساليب شيطانية، يأبى أن تترك أثرًا يدل عليها، فتبدو مهمة القاضي في جميع هذه الأحوال مهمة بالغة العسر، بل والاستحالة لأن التعذيب فضلا عن فنونه المستحدثة ـ يجرى على ملعب فاعليه محدودا بحدود يتحكمون فيها مكانا وزمانا وشهودا حتى لايكاد القاضي يحسه ويلمسه ولكنه لايمسك دليلا عليه!! هناك تبدو إبداعات المحاماة التي تستطيع أن تهدى إلى الحقيقة بجمع الأدلة من مظانها واستخراج الدلالات والقرائن واستنباط المجهول من واقع معلوم يدل عليه ـ على أن هذه المهمة التي يجاهد المحامي مجاهدة صعبة فيها محفوفة بأخطار الوقوع فيما قد يمسكه عليه رجل الضبط الذي من مصلحته أن يتصيد زلة لسان أو جموح عبارة أو سخونة وصف ـ ليدمغه بالسب والقذف أو البلاغ الكاذب!! ومن ثم يعرض المحامي الباذل في إخلاص لمغبة المساءلة الجنائية عما عساه يمسكه عليه في سعيه الدؤوب لكشف الحقيقة للقاضي!! وليس حال شهود الدعوى بأيسر حالا أو أهون مكابدة في المعالجة من إجراءات الضبط فليس كل الشهود على شاكلة واحدة، أو من معدن واحد، منهم الصادق ،والكاذب ،ومنهم المستقيم، والملتوي ومنهم المتجرذ والمغرض ومنهم المحايد والمنحاز ومنهم الأمين والخائن ومنهم البريء والخبيث، وهم على أشكال شتى، وأغراض شتى، ومعادن شتى، بل إن أكثر الناس للحق والإنصاف كارهون ،ولذلك وصفهم القرآن المجيد فقال: ( وأكثرهم للحق كارهون)، (المؤمنون ، 70).. (ولكن أكثرهم للحق كارهون)، (الزخرف 78) ومنهم كثمود يستحبون العمى على الهدى (فصلت 17) ومنهم من يجادل في الباطل ولا يستحي من الحق كالذين وصفهم القرآن الحكيم فقال: (يجادلونك في الحق بعد ماتبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون ) (الأنفال 6) ومنهم من لايريد إلا خداعا (البقرة 9 والأنفال 62) ومنهم من يتجرأون على الكذب والزور ولا يقولون إلا منكرا من القول وزورا (الحج 30،،و الفرقان 72، المجادلة .
2) فماذا يفعل القاضي إزاء هذه النوعيات بينما أوصاه القرآن ألا يقبل إلا شهادة ذوي العدل والصدق والاستقامة والأمانة فقال عز من قائل: (وأشهدوا ذوي عدل منكم) (الطلاق 2) على أن حرص القاضي على الاستشهاد بذوي العدل تقابله ظلال كثيفة على المحامي بحكم تخففه وتحليقه بعيدا عن القيود الشكلية أن يجليها وجلاؤها يمض ويوجع من يكشف الدفاع ستر كذبه أو خداعه أو ميله أو هواه أو بهتانه أو زيفه أو تزويره أو انحيازه أو حنثه بيمينه، وإزاحة الستار عن هذا وذاك محفوفة هي الأخرى بالمخاطر يغدو أمامها المحامي كالقافز فوق الأشواك سواء فيما يجب أن يستقصيه ويحصله ويفسره ويكيفه أم فيما يلقيه أمام النيابة أو القضاء من قول وحجة وبرهان لإثبات مايمسكه على الشاهد ويعريه به.. وهذا بدوره باب مليء بالمخاطر والألغام فلن يرضى الشاهد أن ينعته المحامي بما كشفه من ستره ولن يوافقه أن يفضح أمره ويعري كذبه وزوره ولأواءه وما أيسر أن ينازل المحامي أو ينازله دفاعه بالنيابة عنه بأنه وقع في وهدة السب أو القذف أو البلاغ الكاذب فيغدو سيف الخطر مشهرا عليه في جميع أحواله محققا أو مستقصيا أو باحثا أو مترافعا!!
بل إن خطاب المحامي للنيابة أو للمحكمة لايخلو من مخاطر زلل اللفظ أو تجاوز العبارة التي ربما عرضته للمسؤولية ـ لأنه وهو يسعى للاقناع بما اقتنع به ووقر في خلده لايتحدث حديث المحاضر الهادئ وإنما يتكلم بحماس وتأثر وانفعال المدافع المندمج في قضيته المتفاعل معها الشاعر بأوجاع موكله وبالمخاطر التي يمكن أن تحدق به والحانق أيضا على تراكمات الزيف والزور والحجب والطمس والالتواء التي يسلكها أعداء الحق الرامون لتزييف الحقيقة والافتئات على الأبرياء أو الكيل لهم بمكاييل بعيدة عن سنن العدل والإنصاف هذه المهمة الدقيقة لايؤديها المحامي ساكن النفس هادئ الخاطر أو متبلد الفؤاد وإنما هي شحنة من المشاعر تموج في صفحة وجدانه وتصاحبه فيما يقول ويومئ ويفعل وليس يدرك هذه المكابدة إلا من يعانيها وهي مكابدة تفتح على المحامي أبوابا هائلة من المحاذير والأخطار.