ليس من المصادفة أن يتعانق الأدب بالمحاماة , فبينهما علاقة حميمة وتأثير متبادل يصل إلي حد الاندماج , كلاهما يأخذ من الآخر ويعطيه لذلك ظلت المحاماة علي صلة دائمة لم تنقطع أبداً بالأدب والفكر والثقافة .
وارتفع إلي قمة الأدب قمم في المحاماة , وسطر عمالقة في المحاماة صفحات رائعة في الآداب والفكر والثقافة , حتى بات عسيراً أن تفرق بينهما ، فقد عرف الأدب والفكر الدكتور محمد حسين هيكل وهو رجل من رجال القانون ومن مؤلفاته (فيلم زينب) أول رواية مصرية و (حياة محمد) و(الفاروق عمر) وكذلك الفيلسوف جان جاك روسو كان محامياً وأديباً ، وكذلك الأديب توفيق الحكيم الذي كانت أولي إلهاماته في عالم الأدب مستوحاة من تجربته في ساحة القضاء (صاحب رواية : يوميات نائب في الأرياف ) وعرفت الحياة الأدبية يحيي حقي خريج ذات دفعة توفيق الحكيم سنة 1925 بمدرسة الحقوق الملكية آنذاك , وقليلون من يعرفون أن الدكتور محمد مندور أستاذ النقد والنقاد وصاحب كتاب النقد المنهجي عند العرب وتصانيف نقد الشعر والمسرح والأدب, خريج حقوق القاهرة دفعة1930 وكذلك من مؤلفاته القانونية كتابة: في جرائم النشر , وقاسم أمين صاحب كتابي: تحرير المرأة والمرأة الجديدة: ومصطفي مرعي وغيرهم من حبات هذا العقد الذين ازدانت بهم صفحات الفكر والأدب مثلما ازدانت صفحات المحاماة.
يبدو أن فنون المرافعات, الشفوية والمكتوبة, هي التي أقامت صلة متينة بين الأدب والمحاماة فجوهر المحاماة أنها رسالة إقناع.. شحنة من الحجج والبراهين, يعرضها المحامي علي قضاته.. شفاهة في الأصل, وكتابة إذا لزم الأمر.. فدور المحامي فيها أشبه بدور الداعية, ولعله أصعب , فتراه مناوئ للنيابة العامة من ناحية, ولخصومة زميله المحامي من ناحية أخري.. وهو مطالب وسط هذه الظروف بالغة العسر أن يصل بحديثه وبيانه وحججه إلي وجدان وعقيدة المحكمة.. أن يشكل لديها رؤية قد تستلزم أن يزيل لديها رؤية سبقت.. وأداة المحامي في هذه الرسالة الرفيعة ـ فضلا عن علمه ودراسته ـ لغته وبيانه وحجته.. ولذلك لم تكن المصنفات الأدبية الصرفة هي المظهر الوحيد لالتحام أدب الكلمة بالمحاماة وإنما راجت أصداء هذا الالتحام في المرافعات والمذكرات والمقالات, مثلما راجت في خطب من اشتغل منهم ـ وهم كثر ـ بالعمل الوطني والسياسي.. فلا تزال خطب مصطفي كامل وسعد زغلول التي أيقظت وألهبت الشعور الوطني ـ قطعا أدبية تدرس للآن كنموذج للخطب الوطنية, ولا تزال أجيال إلي الآن تستشهد بكلمات مكرم عبيد وتشدو بقطع من مرافعاته البليغة, يذكرون فيما يذكرون له مقالته حين وقف يدافع عن حسن النحاس
وإن كانت الصحافة شكل من أشكال الأدب فإن المصاهرة موصولة بينها وبين المحاماة , فإلي جوار هيكل ولطفي السيد والحكيم وحقي ـ خاض غمار الصحافة محمد التابعي مؤسس الصحافة المصرية الحديثة , وفكري أباظة, وإحسان عبد القدوس الذي جمع في منظومة رائعة بين الكتابة الأدبية والروائية وبين الكتابة السياسية, وعبد القادر حمزة, وأحمد بهاء الدين, وثروت أباظة, وإبراهيم نافع, وأحمد رجب, فضلا عن الكاتب المؤرخ عبد الرحمن الرافعي الذي كان نقيبا للمحامين وجميعهم كانت بدايتهم رجالاً للقانون.
( جزء من مقال للمحامي / رجائي عطية )
وارتفع إلي قمة الأدب قمم في المحاماة , وسطر عمالقة في المحاماة صفحات رائعة في الآداب والفكر والثقافة , حتى بات عسيراً أن تفرق بينهما ، فقد عرف الأدب والفكر الدكتور محمد حسين هيكل وهو رجل من رجال القانون ومن مؤلفاته (فيلم زينب) أول رواية مصرية و (حياة محمد) و(الفاروق عمر) وكذلك الفيلسوف جان جاك روسو كان محامياً وأديباً ، وكذلك الأديب توفيق الحكيم الذي كانت أولي إلهاماته في عالم الأدب مستوحاة من تجربته في ساحة القضاء (صاحب رواية : يوميات نائب في الأرياف ) وعرفت الحياة الأدبية يحيي حقي خريج ذات دفعة توفيق الحكيم سنة 1925 بمدرسة الحقوق الملكية آنذاك , وقليلون من يعرفون أن الدكتور محمد مندور أستاذ النقد والنقاد وصاحب كتاب النقد المنهجي عند العرب وتصانيف نقد الشعر والمسرح والأدب, خريج حقوق القاهرة دفعة1930 وكذلك من مؤلفاته القانونية كتابة: في جرائم النشر , وقاسم أمين صاحب كتابي: تحرير المرأة والمرأة الجديدة: ومصطفي مرعي وغيرهم من حبات هذا العقد الذين ازدانت بهم صفحات الفكر والأدب مثلما ازدانت صفحات المحاماة.
يبدو أن فنون المرافعات, الشفوية والمكتوبة, هي التي أقامت صلة متينة بين الأدب والمحاماة فجوهر المحاماة أنها رسالة إقناع.. شحنة من الحجج والبراهين, يعرضها المحامي علي قضاته.. شفاهة في الأصل, وكتابة إذا لزم الأمر.. فدور المحامي فيها أشبه بدور الداعية, ولعله أصعب , فتراه مناوئ للنيابة العامة من ناحية, ولخصومة زميله المحامي من ناحية أخري.. وهو مطالب وسط هذه الظروف بالغة العسر أن يصل بحديثه وبيانه وحججه إلي وجدان وعقيدة المحكمة.. أن يشكل لديها رؤية قد تستلزم أن يزيل لديها رؤية سبقت.. وأداة المحامي في هذه الرسالة الرفيعة ـ فضلا عن علمه ودراسته ـ لغته وبيانه وحجته.. ولذلك لم تكن المصنفات الأدبية الصرفة هي المظهر الوحيد لالتحام أدب الكلمة بالمحاماة وإنما راجت أصداء هذا الالتحام في المرافعات والمذكرات والمقالات, مثلما راجت في خطب من اشتغل منهم ـ وهم كثر ـ بالعمل الوطني والسياسي.. فلا تزال خطب مصطفي كامل وسعد زغلول التي أيقظت وألهبت الشعور الوطني ـ قطعا أدبية تدرس للآن كنموذج للخطب الوطنية, ولا تزال أجيال إلي الآن تستشهد بكلمات مكرم عبيد وتشدو بقطع من مرافعاته البليغة, يذكرون فيما يذكرون له مقالته حين وقف يدافع عن حسن النحاس
وإن كانت الصحافة شكل من أشكال الأدب فإن المصاهرة موصولة بينها وبين المحاماة , فإلي جوار هيكل ولطفي السيد والحكيم وحقي ـ خاض غمار الصحافة محمد التابعي مؤسس الصحافة المصرية الحديثة , وفكري أباظة, وإحسان عبد القدوس الذي جمع في منظومة رائعة بين الكتابة الأدبية والروائية وبين الكتابة السياسية, وعبد القادر حمزة, وأحمد بهاء الدين, وثروت أباظة, وإبراهيم نافع, وأحمد رجب, فضلا عن الكاتب المؤرخ عبد الرحمن الرافعي الذي كان نقيبا للمحامين وجميعهم كانت بدايتهم رجالاً للقانون.
( جزء من مقال للمحامي / رجائي عطية )